الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الْعِلْمِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} [النِّسَاء: 113]، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} [الْأَنْعَام: 83]، قَالَ مَالِكٌ:«بِالْعِلْمِ» ، قِيلَ لَهُ: مَنْ حَدَّثَكَ؟ قَالَ: «زَعَمَ ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ» .
وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التَّوْبَة: 122]، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9].
127 -
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ هَوَازِنَ الْقُشَيْرِيُّ، أَنا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ الإِسْفَرَايِينِيُّ، أَنا أَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، نَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ الْعَامِرِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، نَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ
قَوْلُهُ: «نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ» أَيْ: فَرَّجَ عَنْهُ، يُقَالُ: نَفَّسَ يُنَفِّسُ تَنْفِيسًا وَنَفَسًا، كَمَا يُقَالُ: فَرَّح يُفَرِّح تَفْرِيحًا وَفَرَحًا.
قَوْلُهُ: «بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ» بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ، وَأَبْطَأَ بِمَعْنًى، وَهُوَ ضِدُّ الإِسْرَاعِ.
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَمْعَانَ، نَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، نَا حُمَيْدُ بْنُ زَنْجُوَيْهِ، نَا مُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، عَنِ الأَعْمَشِ رضي الله عنه، بِهَذَا الإِسْنَادِ مِثْلُ مَعْنَاهُ.
وَزَادَ: «وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» .
قَوْلُهُ: «حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلائِكَةُ» أَيْ: أَحَاطُوا بِهِمْ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:{وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ} [الزمر: 75] أَيْ: مُحْدِقِينَ بِهِ، وَقَوْلُهُ سبحانه وتعالى:{وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ} [الْكَهْف: 32] أَيْ: جَعَلْنَا النَّخْلَ مُطِيفًا بِهِمَا.
128 -
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ السَّرَّاجُ، أَنا الْحَسَنُ بْنُ يَعْقُوبَ الْعَدْلُ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْفَرَّاءُ، نَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِمَجْلِسَيْنِ فِي مَسْجِدِهِ، أَحَدُ الْمَجْلِسَيْنِ يَدْعُونَ اللَّهَ، وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ، وَالآخَرُ يَتَعَلَّمُونَ الْفِقْهَ، وَيُعَلِّمُونَهُ، قَالَ: «كِلا الْمَجْلِسَيْنِ عَلَى خَيْرٍ، وَأَحَدُهُمَا أَفْضَلُ مِنْ صَاحِبِهِ، أَمَّا هَؤُلاءِ، فَيَدْعُونَ اللَّهَ، وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ، وَأَمَّا هَؤُلاءِ، فَيَتَعَلَّمُونَ الْفِقْهَ، وَيُعَلِّمُونَ الْجَاهِلَ،
فَهَؤُلاءِ أَفْضَلُ، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ مُعَلِّمًا» ثُمَّ جَلَسَ فِيهِمْ ".
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي تَوْبَةَ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَارِثِ، أَنا أَبُو الْحَسَنِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكِسَائِيُّ، أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَحْمُودٍ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخَلالُ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمٍ بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ: " أَمَّا هَؤُلاءِ فَيَدْعُونَ اللَّهَ وَيَرْغَبُونَ إِلَيْهِ، فَإِنْ شَاءَ أَعْطَاهُمْ، وَإِنْ شَاءَ مَنَعَهُمْ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَافِعٍ التَّنُوخِيُّ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو، فِي حَدِيثِهِ بَعْضُ الْمَنَاكِيرِ.
129 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ حَامِدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْهَرَوِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ الْقُرَشِيُّ، نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ، نَا عَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ ابْنِ حَيْوَةَ، حَدَّثَنِي دَاوُدُ بْنُ جَمِيلٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: كُنْتُ مَعَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ، فَجَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، إِنِّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: مَا كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ غَيْرَهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: وَلا جِئْتَ لِتِجَارَةٍ؟
قَالَ: لَا، قَالَ: وَلا جِئْتَ إِلا فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، يَقُولُ:«مَنْ سَلَكَ طَرِيقَ عِلْمٍ سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَالْحُوتَ فِي الْمَاءِ لَتَدْعُو لَهُ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، الْعُلَمَاءُ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ، فَقَدْ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» .
هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، لَا يُعْرَفُ إِلا مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ رَجَاءِ ابْنِ حَيْوَةَ
وَأَبُو الدَّرْدَاءِ اسْمُهُ عُوَيْمِرُ بْنُ عَامِرٍ الأَنْصَارِيُّ، نَزَلَ الشَّامَ، وَيُقَالُ: اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ، وَعُوَيْمِرٌ لَقَبُهُ، وَيُقَالُ: عُوَيْمِرُ بْنُ زَيْدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ خَزْرَجٍ، تُوُفِّيَ قَبْلَ خِلافَةِ عُثْمَانَ
بِسَنَةٍ، يُقَالُ: سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاثِينَ، وَقِيلَ: تُوُفِّيَ فِي خِلافَةِ مُعَاوِيَةَ.
قَوْلُهُ: «وَإِنَّ الْمَلائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا» قِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّهَا تَتَوَاضَعُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ تَوْقِيرًا لِعِلْمِهِ، كَقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} [الْإِسْرَاء: 24]، وَقَالَ اللَّهُ عز وجل:{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشُّعَرَاء: 215] أَيْ: تَوَاضَعْ لَهُمْ.
وَقِيلَ: مَعْنَى وَضْعِ الْجَنَاحِ: هُوَ الْكَفُّ عَنِ الطَّيَرَانِ، وَالنُّزُولُ لِلذِّكْرِ، كَمَا ذَكَرَ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ:«إِلا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينَةُ، وَحَفَّتْ بِهِمُ الْمَلائِكَةُ» .
وَكَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ الْمَلائِكَةَ يَطُوفُونَ فِي الطَّرِيقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا: هَلُّمُوا إِلَى حَاجَتِكُمْ "، قَالَ:«فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» .
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: بَسْطُ الْجَنَاحِ، وَفَرْشُهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ لِتَحْمِلَهُ عَلَيْهَا، فَيُبَلِّغَهُ حَيْثُ يَقْصِدُهُ مِنَ الْبِلادِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: الْمَعُونَةُ، وَتَيْسِيرُ السَّعْيِ لَهُ فِي طَلَبِهِ.
قَوْلُهُ: «وَإِنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَالْحُوتَ فِي الْمَاءِ لَتَدْعُو لَهُ» .
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ: أَرَادَ أَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، كَقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يُوسُف: 82] أَيْ: أَهْلَ الْقَرْيَةِ.
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ، وَالْحِيتَانُ فِي جَوْفِ الْمَاءِ» .
وَقِيلَ: إِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى أَلْهَمَ الْحِيتَانَ وَغَيْرَهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ الاسْتِغْفَارَ لِلْعُلَمَاءِ، لأَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ بَيَّنُوا الْحُكْمَ فِيمَا يَحِلُّ مِنْهَا وَيَحْرُمُ لِلنَّاسِ، فَأَوْصَوْا بِالإِحْسَانِ إِلَيْهَا، وَنَفْيِ الضَّرَرِ عَنْهَا، مُجَازَاةً لَهُمْ عَلَى حُسْنِ صَنِيعِهِمْ.
قَالَ الشَّيْخُ الإِمَامُ: وَفَضْلُ الْعِلْمِ عَلَى الْعِبَادَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ نَفْعَ الْعِلْمِ يَتَعَدَّى إِلَى كَافَّةِ الْخَلْقِ، وَفِيهِ إِحْيَاءُ الدِّينِ، وَهُوَ تِلْوُ النُّبُوَّةِ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» .
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «فَقِيهٌ وَاحِدٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ» .
وَقَوْلُهُ: «فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» .
يَعْنِي: مِنْ مِيرَاثِ النُّبُوَّةِ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: «تَدَارُسُ الْعِلْمِ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ خَيْرٌ مِنْ إِحْيَائِهَا» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «تَذَاكُرُ الْعِلْمِ بَعْضَ لَيْلَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِحْيَائِهَا» .
وَقَالَ قَتَادَةُ: بَابٌ مِنَ الْعِلْمِ يَحْفَظُهُ الرَّجُلُ لِصَلاحِ نَفْسِهِ، وَصَلاحِ مَنْ بَعْدَهُ، أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ حَوْلٍ.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ عَمَلٌ بَعْدَ الْفَرَائِضِ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ.
وَعَنْهُ أَيْضًا: مَا أَعْلَمُ الْيَوْمَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ.
قِيلَ لَهُ: لَيْسَ لَهُمْ نِيَّةٌ؟ قَالَ: طَلَبُهُمْ لَهُ نِيَّةٌ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ يُرِيدُ بِهِ مَا عِنْدَ اللَّهِ، كَانَ خَيْرًا لَهُ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ.
وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: كُنْتُ عِنْدَ مَالِكٍ قَاعِدًا أَسْأَلُهُ، فَرَآنِي أَجْمَعُ كُتُبِي لأَقُومَ، قَالَ مَالِكٌ:«أَيْنَ تُرِيدُ؟» ، قَالَ: قُلْتُ: أُبَادِرُ إِلَى الصَّلاةِ، قَالَ:«لَيْسَ هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيهِ دُونَ مَا تَذْهَبُ إِلَيْهِ إِذَا صَحَّ فِيهِ النِّيَّةُ، أَوْ مَا أَشْبَهُ ذَلِكَ» .
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: مَا عُبِدَ اللَّهُ بِمِثْلِ الْفِقْهِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: مَا أَعْلَمُ عَمَلا أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْعِلْمِ، وَحِفْظِهِ لِمَنْ أَرَادَ اللَّهَ بِهِ.
وَقَالَ سُفْيَانُ فِي تَفْسِيرِ الْجَمَاعَةِ: لَوْ أَنَّ فَقِيهًا عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ لَكَانَ هُوَ الْجَمَاعَةَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: إِنَّ النَّاسَ يَحْتَاجُونَ إِلَى هَذَا فِي دِينِهِمْ، كَمَا يَحْتَاجُونَ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي دُنْيَاهُمْ.
قَالَ مُطَرِّفُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ: حَظٌّ مِنْ عِلْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ حَظٍّ مِنْ عِبَادَةٍ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: طَلَبُ الْعِلْمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلاةِ النَّافِلَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُ الرِّحْلَةِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَذَهَبَ مُوسَى صلى الله عليه وسلم إِلَى الْخَضِرِ، فَقَالَ:{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} [الْكَهْف: 66].
وَرَحَلَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، لِقَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ} [مُحَمَّد: 19] فَبَدَأَ بِالْعِلْمِ.
130 -
أَخْبَرَنَا الإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي، نَا أَبُو الْقَاسِمُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الشَّاهِ، نَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ حَفِيدُ الْعَبَّاسِ بْنِ حَمْزَةَ، نَا جَدِّي الْعَبَّاسُ بْنُ حَمْزَةَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، نَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ، قَالُوا: نَا الأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ» .