الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْكَبَائِرِ
قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لُقْمَان: 13]، وَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ:{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا {88} لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا {89} } [مَرْيَم: 88 - 89]، أَيْ: مُنْكَرًا عَظِيمًا، وَالإِدَدُ: الدَّوَاهِي الْعِظَامُ، وَاحِدَتُهَا إِدَّةٌ.
وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} [الْأَنْعَام: 151] الآيَاتِ، وَقَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} [الْإِسْرَاء: 31] الآيَاتِ.
وَقَالَ اللَّهُ عز وجل: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النَّجْم: 32].
40 -
قَالَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُظَفَّرِيُّ السَّرَخْسِيُّ، بِهَا، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْفَقِيهُ، أَنا أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ الْخَاقَانِيُّ، نَا عَبَّاسٌ الدُّورِيُّ، نَا مُحَاضِرُ بْنُ الْمُوَرِّعِ، نَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الْأَنْعَام: 82] اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَقُلْنَا: أَيُّنَا لَا يَظْلِمُ نَفْسَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَلَمْ تَسْمَعُوا اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لُقْمَان: 13] "؟!، هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَاهُ جَمِيعًا عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الأَعْمَشِ
وَعَلْقَمَةُ هُوَ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيُّ أَبُو شِبْلٍ، كُوفِيٌّ، مَاتَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ، قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: هُوَ عَمُّ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، وَعَمُّ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ قَيْسٍ النَّخَعِيِّ.
وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ النَّخَعِيُّ، أَبُو عِمْرَانَ الْكُوفِيُّ، مَاتَ سَنَةَ سِتٍّ وَتِسْعِينَ.
وَسُمِّيَ الشِّرْكُ ظُلْمًا، لأَنَّ أَصْلَ الظُّلْمِ هُوَ وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ، وَمَنْ أَشْرَكَ، فَقَدْ وَضَعَ الرُّبُوبِيَّةَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا، وَهُوَ أَعْظَمُ الظُّلْمِ.
41 -
قَالَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ سَعِيدٍ الْمَنِيعِيُّ، أَنا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، نَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ اللَّهُ عز وجل: كَذَّبَنِي عَبْدِي، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، وَشَتَمَنِي عَبْدِي، وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ، أَمَّا تَكْذِيبُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: لَنْ يُعِيدَنَا كَمَا بَدَأَنَا، وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ أَنْ يَقُولَ: اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا، وَأَنَا الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
42 -
قَالَ الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّالِحِيُّ، أَنا أَبُو سَعِيدٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى بْنِ الْفَضْلِ الصَّيْرَفِيُّ، أَنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ الصَّفَّارُ، نَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى الْبِرْتِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَمَنْصُورٍ، وَوَاصِلٍ الأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ:«أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ» .
قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ خَشْيَةَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَكَ» .
قَالَ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: «أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ» ، فَأُنْزِلَ تَصْدِيقُ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الْفرْقَان: 68] ".
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، وَالأَعْمَشِ
وَعَمْرُو بْنُ شُرَحْبِيلَ أَبُو مَيْسَرَةَ كُوفِيٌّ هَمْدَانِيٌّ.
وَمَنْصُورٌ هُوَ مَنْصُورُ بْنُ مُعْتَمِرٍ أَبُو عَتَّابٍ السُّلَمِيُّ كُوفِيٌّ، مَاتَ بَعْدَ السُّودَانِ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ، وَيُقَالُ: ثَلاثٍ وَثَلاثِينَ وَمِائَةٍ.
وَوَاصِلٌ هُوَ ابْنُ حَيَّانَ الأَحْدَبُ الأَسَدِيُّ كُوفِيٌّ مَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ.
43 -
قَالَ الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى الْجُوزَجَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْخُزَاعِيُّ، أَنا أَبُو سَعِيدٍ الْهَيْثَمُ بْنُ كُلَيْبٍ الشَّاشِيُّ، أَنا أَبُو عِيسَى مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى بْنِ سَوْرَةَ التِّرْمِذِيُّ، نَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، نَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَلا أُحَدِّثُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ؟» قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:«الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ» ، قَالَ: وَجَلَسَ وَكَانَ مُتَّكِئًا، قَالَ: «وَشَهَادَةُ
الزُّورِ، أَوْ قَوْلُ الزُّورِ»، قَالَ: فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْنَا: لَيْتَهُ سَكَتَ "، قَالَ الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَ مَعْنَاهُ، وَقَالَ:«وَقَوْلُ الزُّورِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ النَّاقِدِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ عُلَيَّةَ، عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ
وَأَبُو بَكْرَةَ اسْمُهُ نُفَيْعُ بْنُ الْحَارِثِ الثَّقَفِيُّ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ، مَاتَ هُوَ وَالْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فِي سَنَةٍ، وَيُقَالُ: سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، بَعْدَ الْحَسَنِ.
44 -
قَالَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَنا النَّضْرُ، أَنا شُعْبَةُ، نَا فِرَاسٌ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو،
عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:" الْكَبَائِرُ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ
الْيَمِينُ الْغَمُوسُ هِيَ الْيَمِينُ الْكَاذِبَةُ يَقْتَطِعُ الرَّجُلُ بِهَا مَالَ غَيْرِهِ، سُمِّيَتْ غَمُوسًا لأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الإِثْمِ، ثُمَّ فِي النَّارِ.
وَفِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ: «الْيَمِينُ الْغَمُوسُ تَدَعُ الدِّيَارَ بَلاقِعَ» ، مَعْنَاهُ: أَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى يُفَرِّقُ شَمْلَ الْحَالِفِ، وَيُغَيِّرُ عَلَيْهِ مَا أَوْلاهُ مِنْ نِعَمِهِ، وَقِيلَ: يَفْتَقِرُ وَيَذْهَبُ مَا فِي بَيْتِهِ مِنَ الْمَالِ.
45 -
قَالَ الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ، أَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعَيْمِيُّ، أَنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، نَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ:«الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلاتِ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ هَارُونَ بْنِ سَعِيدٍ الأَيْلِيِّ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلالٍ
وَأَبُو الْغَيْثِ اسْمُهُ سَالِمٌ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعِ بْنِ الأَسْوَدِ، قُرَشِيٌّ، مَدَنِيٌّ، وَرَوَى عَنْهُ ثَوْرُ بْنُ الدِّيلِيِّ الْمَدَنِيُّ.
وَيُرْوَى فِي الْكَبَائِرِ «الإِلْحَادُ بِالْبَلَدِ الْحَرَامِ» .
وَقَوْلُهُ: «مِنَ الْمُوبِقَاتِ» ، أَيِ: الْمُهْلِكَاتِ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَالْقُنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ.
وَقَالَ عُبَيْدَةُ: مَا عُصِيَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ كَبِيرَةٌ.
وَقَالَ طَاوُسٌ: قِيلَ لابْنِ عَبَّاسٍ: الْكَبَائِرُ سَبْعٌ؟ قَالَ: هِيَ إِلَى السَّبْعِينَ أَقْرَبُ.
46 -
قَالَ الإِمَامُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ: أَخْبَرَنَا أَبُو صَالِحٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُؤَذِّنُ، قَالَ: قُرِئَ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْحَسَنِ الأَزْهَرِيِّ، وَأَنَا حَاضِرٌ أَسْمَعُ، أَخْبَرَكُمْ أَبُو عَوَانَةَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ مَزْيَدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي، قَالا: حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، وَابْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:«لَا يَزْنِي الزَّانِي، وَهُوَ حِينَ يَزْنِي مُؤْمِنٌ، وَلا يَسْرِقُ السَّارِقُ، وَهُوَ حِينَ يَسْرِقُ مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْخَمْرَ، وَهُوَ حِينِ يَشْرَبُهَا مُؤْمِنٌ، وَلا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ الْمُؤْمِنُونَ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ، وَهُوَ حِينَ يَنْتَهِبُهَا مُؤْمِنٌ» .
هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُفَيْرٍ، وَيَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ اللَّيْثِ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مِهْرَانَ الرَّازِيِّ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ هَؤُلاءِ الثَّلاثَةِ
وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُوَ ابْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ.
47 -
قَالَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ، رحمه الله: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَسَّانُ بْنُ الْمَنِيعِيِّ، أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمِشٍ الزِّيَادِيُّ، أَنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، نَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، نَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، نَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، نَا أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَسْرِقُ سَارِقٌ، وَهُوَ حِينَ يَسْرِقُ مُؤْمِنٌ، وَلا يَزْنِي زَانٍ، وَهُوَ حِينَ يَزْنِي مُؤْمِنٌ، وَلا يَشْرَبُ الْحُدُودَ أَحَدُكُمْ يَعْنِي: الْخَمْرَ، وَهُوَ حِينَ يَشْرَبُهَا مُؤْمِنٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنْتَهِبُ أَحَدُكُمْ نُهْبَةً ذَاتَ شَرَفٍ يَرْفَعُ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ أَعْيُنَهُمْ فِيهَا، وَهُوَ حِينَ يَنْتَهِبُهَا مُؤْمِنٌ، وَلا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ حِينَ يَغُلُّ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، فَإِيَّاكُمْ ".
هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ
قَالَ الشَّيْخُ رحمه الله: قَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ،
فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهُ النَّهْيَ، وَإِنْ وَرَدَ عَلَى صِيغَةِ الْخَبَرِ، مَعْنَاهُ لَا يَزْنِي الزَّانِي وَلا يَسْرِقُ إِذْ هُوَ مُؤْمِنٌ، وَلا يَلِيقُ مِثْلُ هَذِهِ الأَفْعَالِ بِأَهْلِ الإِيمَانِ.
وَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ الزَّجْرُ وَالْوَعِيدُ دُونَ حَقِيقَةِ الْخُرُوجِ عَنِ الإِيمَانِ، أَوِ الإِنْذَارُ وَالتَّحْذِيرُ بِسُوءِ الْعَاقِبَةِ، أَيْ: إِذَا اعْتَادَ هَذِهِ الأُمُورَ لَمْ يُؤْمَنْ أَنْ يَقَعَ فِي ضِدِّ الإِيمَانِ وَهُوَ الْكُفْرُ، كَمَا قَالَ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُوَاقِعَهُ» .
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نُقْصَانُ الإِيمَانِ، يُرِيدُ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلُ الإِيمَانِ، بَلْ هُوَ قَبْلَ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى الْفُجُورِ، وَبَعْدَ مَا نَزَعَ مِنْهُ وَتَابَ أَكْمَلُ إِيمَانًا مِنْهُ حَالَةَ اشْتِغَالِهِ بِالْفُجُورِ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ:«لَا إِيمَانَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ لَهُ» ، يُرِيدُ: لَا إِيمَانَ لَهُ كَامِلا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ وَرَدَ مَعْنًى آخَرَ فِي تَأْوِيلِهِ مَرْفُوعًا، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا زَنَى أَحَدُكُمْ خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ، وَكَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ، فَإِذَا انْقَلَعَ، رَجَعَ إِلَيْهِ الإِيمَانُ» .
قَالَ الشَّيْخُ الْحُسَيْنُ بْنُ مَسْعُودٍ رحمه الله: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ عز وجل.
وَرَوَى عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: كَيْفَ يُنْزَعُ الإِيمَانُ مِنْهُ؟ قَالَ: هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهَا، فَإِنْ تَابَ عَادَ إِلَيْهِ هَكَذَا، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.