الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ربي الفواحش}) ما تزايد قبحه وقيل ما يتعلق بالفروج وقيل الكبائر وقيل الطواف بالبيت عراة وهو قول ابن عباس ويؤيده السياق فإن قوله: {ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما} يدل على وجه التشبيه في قوله: {لا يفتننكم الشيطان} أي لا تتصفوا بصفة يوقعكم الشيطان بسببها في الفتنة وهي العري في الطواف فتحرموا دخول الجنة كما حرمها على أبويكم حين أخرجهما من الجنة وقد يقال الحمل على الأعم من جميعها أولى محافظة على الحصر المستفاد من إنما لكن إن فسر الإثم بكل الذنوب كما قيل لم يحتج إليه وقيل الخمر وعورض بأن تحريمها بالمدينة وهذه مكية ({ما ظهر منها وما بطن})[الأعراف: 33] جهرها وسرها وعن ابن عباس فيما رواه ابن جرير قال: كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسًا في السر ويستقبحونه في العلانية فحرم الله الزنا في السر والعلانية.
4637 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ: قُلْتُ أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: نَعَمْ، وَرَفَعَهُ قَالَ: لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ فَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا أَحَدَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ فَلِذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ».
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عمرو بن مرة) بفتح العين الأعمى الكوفي (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة (عن عبد الله) بن مسعود (رضي الله عنه قال) عمرو بن مرة: (قلت) لأبي وائل (أنت سمعت هذا) الحديث (من عبد الله) يعني ابن مسعود (قال) أبو وائل (نعم) سمعته منه (ورفعه) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال: لا أحد) بالنصب من غير تنوين على أن لا نافية للجنس و (أغير من الله) خبرها ولأبي ذر لا أحد بالرفع منوّنًا (فلذلك حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن)، قال قتادة فيما ذكره ابن جرير المراد سر الفواحش وقال سعيد بن جبير ومجاهد: ما ظهر نكاح الأمهات وما بطن الزنا والحمل على العموم أولى كما مرّ آنفًا (ولا أحد) ولأبي ذر أحد بالرفع (أحب إليه المدحة) بكسر الميم آخره تاء تأنيث (من الله فلذلك) أي فلأجل حبه المدحة من خلقه ليثيبهم عليها (مدح نفسه) المقدسة.
2 - باب {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {أَرِنِي} أَعْطِنِي
.
({ولما جاء موسى}) ولأبي ذر باب بالتنوين في قوله جل ذكره: ولما جاء موسى أي حضر ({لميقاتنا}) للوقت الذي عيناه له واللام للاختصاص كهي في قوله أتيته لعشر خلون من رمضان وليست بمعنى عند قيل لا بدّ هنا من تقدير مضاف أي لآخر ميقاتنا ولا لانقضاء ميقاتنا ({وكلمه ربه}) من غير واسطة على جبل الطور كلامًا مغايرًا لهذه الحروف والأصوات قديمًا قائمًا بذاته تعالى وخلق فيه إدراكًا سمعه به، وكما ثبتت رؤية ذاته جل وعلا مع أنه ليس بجسم ولا عرض فكذلك كلامه وإن لم يكن صوتًا ولا حرفًا صح أن يسمع. وروي أن موسى عليه السلام كان يسمع كلام الله من كل جهة وفيه إشارة إلى أن سماع كلامه القديم ليس من جنس كلام المحدثين وجواب لما قوله ({قال}) أي لما كلمه وخصه بهذه المرتبة طمحت همته إلى رقبة الرؤية وتشوّق إلى ذلك فسأل ربه أن يريه ذاته المقدسة فقال ({رب أرني أنظر إليك}) أي أرني نفسك أنظر إليك فثاني مفعولي أرى محذوف والرؤية عين النظر، لكن المعنى اجعلني متمكنًا من رؤيتك بأن تتجلى لي فانظر إليك وأراك، والآية تدل على جواز رؤية الله تعالى لأن موسى عليه الصلاة والسلام سألها وكان عارفًا بالجائز والممتنع، فلو كانت محالًا لما طلبها. ولذلك ({قال}) الله تعالى جوابًا له ({لن تراني}) ولم يقل لن أرى ولن أريك ولن تنظر إليّ كأنه قال: إن المانع ليس إلا من جانبك وإني غير محجوب بل محتجب بحجاب منك وهو كونك فان في فان وأنا باق ووصفي باق فإذا جاوزت قنطرة الفناء ووصلت إلى دار البقاء فزت بمطلوبك ولا يلزم من نفي لمن التأبيد، إذ لو قلنا به لقضينا أن موسى لا يراه أبدًا ولا في الآخرة، وكيف وقد ثبت في الحديث المتواتر أن المؤمنين يرون الله تعالى في القيامة فموسى عليه السلام أحرى بذلك، وما قيل إنه سأل عن لسان قوم فمردود بأن القوم إن كانوا كفاهم منع موسى وإلاّ لم يفدهم ذلك كإنكارهم أنه قول الله. وروى محيي السنة عن الحسن قال: هاج بموسى الشوق فسأل الرؤية فقال: إلهي قد سمعت كلامك فاشتقت إلى النظر إليك فأرني أنظر إليك فلأن أنظر إليك ثم أموت
أحبّ إليّ من أن أعيش ولا أراك ({ولكن انظر إلى الجبل}) زبير الذي هو أشد منك خلقًا ({فإن استقر}) ثبت ({مكانه فسوف تراني}) إشارة إلى عدم قدرته على الرؤية على وجه الاستدراك، وفي تعليق الرؤية على استقرار الجبل دليل للجواز ضرورة أن المعلق على الممكن ممكن ({فلما تجلّى ربه للجبل}) أي ظهرت عظمته له وقدرته وأمره، وحمل اللفظ على المعهود والأكمل أولى فيجوز أن يخلق الله له حياة وسمعًا وبصرًا كما جعله محلاًّ لخطابه بقوله:{يا جبالُ أوّبي معه} [سبأ: 10] وكما جعل الشجرة محلًا لكلامه وكل هذا لا يحيله من يؤمن بأن الله على كل شيء قدير ({جعله دكًّا})
مدكوكًا مفتتًا. وعن ابن عباس صار ترابًا. وعند ابن مردويه أنه ساخ في الأرض فهو يهوي فيها إلى يوم القيامة، وعند ابن أبي حاتم من حديث أنس بن مالك مرفوعًا: لما تجلى ربه للجبل طارت لعظمته ستة أجبل فوقعت ثلاثة بالمدينة وثلاثة بمكة. بالمدينة أُحد وورقان ورضوى، وبمكة حراء وثبير وثور. قال ابن كثير: وهو حديث غريب بل منكر ({وخرّ موسى صعقًا}) مغشيًا عليه من شدة هول ما رأى ({فلما أفاق}) أي من الغشي ({قال: سبحانك تبت إليك}) أي أنزهك وأتوب إليك عن أن أطلب الرؤية في الدنيا أو بغير إذنك وحسنات الأبرار سيئات المقربين فكانت التوبة لذلك فإن التوبة في حق الأنبياء لا تكون عن ذنب لأن منزلتهم العلية تصان عن كل ما يحط عن مرتبة الكمال ({وأنا أوّل المؤمنين})[الأعراف: 143] بأنها لا تطلب في الدنيا أو بغير الإذن، وسقط لأبي ذر: قال لن تراني الخ، وقال بعد قوله:{أرني أنظر إليك} الآية.
(قال ابن عباس) رضي الله عنهما: فيما وصله ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه في تفسير قوله: (أرني) أنظر إليك أي (أعطني).
4638 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ لُطِمَ وَجْهُهُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِكَ مِنَ الأَنْصَارِ لَطَمَ وَجْهِي قَالَ: «ادْعُوهُ» فَدَعَوْهُ قَالَ: «لِمَ لَطَمْتَ وَجْهَهُ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِالْيَهُودِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: وَالَّذِي اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْبَشَرِ. فَقُلْتُ: وَعَلَى مُحَمَّدٍ؟! وَأَخَذَتْنِي غَضْبَةٌ فَلَطَمْتُهُ قَالَ: «لَا تُخَيِّرُونِي مِنْ بَيْنِ الأَنْبِيَاءِ فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى آخِذٌ بِقَائِمَةٍ مِنْ قَوَائِمِ الْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي أَفَاقَ قَبْلِي أَمْ جُزِيَ بِصَعْقَةِ الطُّورِ» . المَنَّ والسَّلْوَى.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) هو ابن عيينة (عن عمرو بن يحيى) بفتح العين (المازني) بالزاي والنون الأنصاري المدني (عن أبيه) يحيى بن عمارة (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) أنه (قال: جاء رجل من اليهود) قيل اسمه فنحاص بكسر الفاء وسكون النون وبعد الحاء المهملة ألف فصاد مهملة، وعزاه ابن بشكوال لابن إسحاق وفيه نظر سبق في الأشخاص (إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه) بضم اللام وكسر الطاء المهملة مبنيًّا للمفعول ووجهه رفع مفعول نائب عن الفاعل (وقال: يا محمد إن رجلًا من أصحابك من الأنصار لطم في وجهي) وهذا يضعف قول الحافظ أبي بكر بن أبي الدنيا أن الذي لطم اليهودي في هذه القصة هو أبو بكر الصديق لأن ما في الصحيح أصح وأصرح (قال) عليه الصلاة والسلام: (ادعوه فدعوه) فلما حضر (قال) عليه الصلاة والسلام مستفهمًا منه (لم لطمت وجهه؟ قال) الأنصاري: (يا رسول الله إني مررت باليهود) الذي هذا كان فيهم (فسمعته يقول): أي في حلفه (والذي اصطفى موسى على البشر فقلت): ولأبي ذر عن الكشميهني قلت (وعلى محمد) زاد أبو ذر عن
الحموي والمستملي قال: فقلت وعلى محمد (وأخذتني غضبة) من ذلك (فلطمته قال) عليه الصلاة والسلام، ولأبي ذر فقال على طريق التواضع أو قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم (لا تخيروني من بين الأنبياء) أو تخييرًا يؤدّي إلى تنقيص أو لا تقدموا على ذلك بأهوائكم وآرائكم بل بما آتاكم الله من البيان أو بالنظر إلى النبوّة والرسالة فإن شأنهما لا يختلف باختلاف الأشخاص بل كلهم في ذلك سواء وإن اختلفت مراتبهم (فإن الناس يصعقون يوم القيامة).
قال الحافظ ابن كثير: الظاهر أن هذا الصعق يكون في عرصات القامة يحصل أمر يصعقون منه الله أعلم به وقد يكون ذلك إذا جاء الرب لفصل القضاء وتجلى للخلائق الملك الديان كما صعق موسى من تجلي الرب عز وجل، ولذا قال نبينا صلى الله عليه وسلم:"فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور" اهـ.
لكن في رواية عبد الله بن الفضل ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أوّل من بعث