الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في رمضان ديمة لا ينقطع وفيه استعمال أفعل التفضيل في الإسناد الحقيقي والمجازي لأن الجود منه صلى الله عليه وسلم حقيقة ومن الريح مجاز.
فإن قلت: ما الحكمة في تخصيص الليل المذكور بمعارضة القرآن؟ أجيب: بأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم والليل مظنة ذلك بخلاف النهار فإن فيه الشواغل والعوارض على ما لا يخفى ولعله صلى الله عليه وسلم كان يقسم ما نزل من القرآن في كل سنة على ليالي رمضان أجزاء فيقرأ كل ليلة جزءًا في جزء من الليلة وبقية ليلته لما سوى ذلك من تهجد وراحة وتعهد أهله ويحتمل أنه
كان يعيد ذلك الجزء مرارًا بحسب تعدّد الحروف المنزل بها القرآن.
وهذا الحديث قد سبق أول الصحيح وفي كتاب الصوم.
4998 -
حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ يَعْرِضُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنَ كُلَّ عَامٍ مَرَّةً، فَعَرَضَ عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ، وَكَانَ يَعْتَكِفُ كُلَّ عَامٍ عَشْرًا، فَاعْتَكَفَ عِشْرِينَ فِي الْعَامِ الَّذِي قُبِضَ.
وبه قال: (حدّثنا خالد بن يزيد) الكاهلي قال: (حدّثنا أبو بكر) هو ابن عياش بالتحتية والمعجمة (عن أبي حصين) بفتح الحاء وكسر الصاد المهملتين عثمان بن عاصم (عن أبي صالح) ذكوان السمان (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه (قال: كان) أي جبريل (يعرض على النبي صلى الله عليه وسلم القرآن) وسقط لغير الكشميهني لفظ القرآن أي بعضه أو معظمه (كل عام مرة) ليالي رمضان من زمن البعثة أو من بعد فترة الوحي إلى رمضان الذي توفي بعده (فعرض عليه) القرآن (مرتين في العام الذي قبض) زاد الأصيلي فيه: واختلف هل كانت العرضة الأخيرة بجميع الأحرف السبعة أو بحرف واحد منها وعلى الثاني فهل هو الحرف الذي جمع عليه عثمان الناس أو غيره، فعند أحمد وغيره من طريق عبيدة السلماني أن الذي جمع عليه عثمان الناس يوافق العرضة الأخيرة ونحوه عند الحاكم من حديث سمرة وإسناده حسن وقد صححه هو، وأخرج أبو عبيد من طريق داود بن أبي هند قال قلت للشعبي قوله تعالى:{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن} [البقرة: 185] أما كان ينزل عليه في سائر السنة؟ قال: بلى، ولكن جبريل كان يعارض مع النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ما أنزل عليه فيحكم الله ما يشاء وينسخ ما يشاء فكأن السر في عرضه مرتين في سنة الوفاة استقراره على ما كتب في المصحف العثماني والاقتصار عليه وترك ما عداه، ويحتمل أن يكون لأن رمضان في السنة الأولى من نزول القرآن لم يقع فيه مدارسة لوقوع ابتداء النزول في رمضان ثم فتر الوحي فوقعت المدارسة في السنة الأخيرة من رمضان مرتين ليستوي عدد السنين والعرض.
(وكان) صلى الله عليه وسلم (يعتكف كل عام عشرًا) من رمضان (فاعتكف عشرين) يومًا من رمضان (في العام الذي قبض) زاد الأصيلي فيه مناسبة لعرض القرآن مرتين، وسبق في الاعتكاف مباحث الاعتكاف والله الموفق والمعين.
8 - باب الْقُرَّاءِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
هذا (باب) ذكر (القرّاء) الذين اشتهروا بحفظ القرآن والتصدي لتعليمه (من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) على عهده.
4999 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ مَسْرُوقٍ ذَكَرَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّهُ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«خُذُوا الْقُرْآنَ مِنْ أَرْبَعَةٍ، مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَسَالِمٍ وَمُعَاذٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ» .
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بضم العين الحوضي النمري البصري قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عمرو) بفتح العين ابن مرة لا السبيعي ووهم الكرماني (عن إبراهيم) النخعي (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه قال: (ذكر عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن العاص (عبد الله بن مسعود فقال) أي ابن عمرو: (لا أزال أحبه) لأني (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول خذوا القرآن) أي تعلموه (من أربعة من عبد الله بن مسعود) سقط لفظ ابن مسعود للأصيلي وأبي الوقت (وسالم) أي ابن معقل بفتح الميم وسكون العين المهملة وكسر القاف مولى أبي حذيفة (ومعاذ) وللأصيلي زيادة ابن جبل (وأبي بن كعب) وفيه محبة من يكون ماهرًا في القرآن والأربعة المذكورون اثنان منهم من المهاجرين وهما المبدوء بهما والآخران من الأنصار.
وقد مرّ الحديث في الناقب.
5000 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: خَطَبَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَخَذْتُ مِنْ فِي رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعًا وَسَبْعِينَ سُورَةً، وَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنِّي مِنْ أَعْلَمِهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَمَا أَنَا بِخَيْرِهِمْ. قَالَ شَقِيقٌ فَجَلَسْتُ فِي الْحِلَقِ أَسْمَعُ مَا يَقُولُونَ فَمَا سَمِعْتُ رَادًّا يَقُولُ: غَيْرَ ذَلِكَ.
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا شقيق بن سلمة) أبو وائل (قال خطبنا عبد الله بن مسعود) ثبت ابن مسعود ولأبي ذر رضي الله عنه (فقال:
والله لقد أخذت من في) أي من فم (رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا) بكسر الموحدة وسكون المعجمة ما بين الثلث إلى التسع (وسبعين سورة) بالموحدة بعد السين وزاد عاصم عن زر عن عبد الله وأخذت بقية القرآن عن أصحابه ولم أقف على تعيين السور المذكورة، وإنما قال ابن مسعود ذلك لما أمر بالمصاحف أن تُغَيَّر وتُكتَب على المصحف العثماني وساءه ذلك وقال: أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وابن أبي داود من طريق الثوري وإسرائيل وغيرهما عن أبي إسحاق عن خمير بمعجمة مصغرًا ابن مالك (والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله) ووقع عند النساني من طريق عبدة وابن أبي داود من طريق أبي شهاب كلاهما عن الأعمش عن أبي وائل أني أعلمهم بإسقاط من (وما أنا بخيرهم) إذ لا يلزم من زيادة الفضل في صفة من صفاته الأفضلية المطلقة والأعلمية بكتاب الله لا تستلزم الأعلمية المطلقة ولا ريب أن العشرة المبشرة أفضل اتفاقًا.
(وقال شقيق) أبو وائل بالسند المذكور (فجلست في الحلق) بكسر الحاء المهملة وفتح اللام في الفرع وضبطه في الفتح بفتحهما (أسمع ما يقولون) في قول ابن مسعود هذا (فما سمعت
رادًّا) بتشديد الدال أي عالمًا (يقول غير ذلك) مما يخالف قول ابن مسعود، وأما قول الزهري فيما أخرجه ابن أبي داود فبلغني أن ذلك كرهه من قول ابن مسعود رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه محمول على أن الذين كرهوا ذلك من غير الصحابة الذين شاهدهم شقيق بالكوفة.
5001 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنَّا بِحِمْصَ فَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ سُورَةَ يُوسُفَ فَقَالَ رَجُلٌ: مَا هَكَذَا أُنْزِلَتْ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَحْسَنْتَ". وَوَجَدَ مِنْهُ رِيحَ الْخَمْرِ، فَقَالَ:"أَتَجْمَعُ أَنْ تُكَذِّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ وَتَشْرَبَ الْخَمْرَ". فَضَرَبَهُ الْحَدَّ.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (محمد بن كثير) أبو عبد الله العبدي البصري قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان الكوفي (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس النخعي أنه (قال: كنا بحمص) بلدة من بلاد الشام مشهورة (فقرأ ابن مسعود) عبد الله (سورة يوسف فقال رجل) لم يعرف الحافظ ابن حجر اسمه نعم قال: قيل إنه نهيك بن سنان (ما هكذا أنزلت قال) أي ابن مسعود ولأبي ذر فقال: (قرأت) كذا (على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنت ووجد) ابن مسعود (منه) من الرجل (ريح الخمر فقال) له: (أتجمع أن تكذب بكتاب الله وتشرب الخمر، فضربه الحدّ) أي رفعه إلى الولاية فضربه وأسند الضرب إليه مجازًا لكونه كان سببًا فيه والمنقول عنه أنه كان يرى وجوب الحد بمجرد وجود الرائحة أو أن الرجل اعترف بشربها بلا عذر، لكن وقع عند الإسماعيلي أثر هذا الحديث النقل عن علي أنه أنكر على ابن مسعود جلده الرجل بالرائحة وحدها إذ لم يقرّ أو لم يشهد له.
ومبحث ذلك يأتي إن شاء الله تعالى في كتاب الحدود بعون الله وفضله وإنما أنكر الرجل كيفية الإنزال جهلًا منه لا أصل النزول وإلاّ لكفر إذ الإجماع قائم على أن من جحد حرفًا مجمعًا عليه فهو كافر.
5002 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَاّ أَنَا أَعْلَمُ أَيْنَ أُنْزِلَتْ، وَلَا أُنْزِلَتْ آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَاّ أَنَا أَعْلَمُ فِيمَ أُنْزِلَتْ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنِّي بِكِتَابِ اللَّهِ تُبَلِّغُهُ الإِبِلُ لَرَكِبْتُ إِلَيْهِ.
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان قال: (حدّثنا مسلم) أبو الضحى بن صبيح لا غيره (عن مسروق) هو ابن الأجدع أنه (قال: قال عبد الله) بن مسعود رضي الله عنه: والله الذي لا إله غيره) وسقطت الجلالة لأبي ذر (ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا أنا أعلم أين أنزلت) بمكة أو بالمدينة أو غيرهما (ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا أنا أعلم فيمَ أنزلت) بغير ألف بعد الميم ولأبي ذر عن الكشميهني
فيما بإثبات الألف وله عن الحموي والمستملي فيمن بالنون بدل الألف (ولو أعلم أحدًا أعلم مني بكتاب الله تبلغه) بسكون الموحدة وضم اللام والذي في اليونينية فتح الموحدة وتشديد اللام مكسورة ولأبي ذر عن الكشميهني والحموي تبلغنيه بفتح الموحدة وكسر اللام مشدّدة وزيادة نون بعد الغين فتحتية ساكنة (الإبل لركبت إليه) للأخذ عنه ولأبي عبيد من طريق ابن سيرين نُبِّئت أن ابن مسعود قال: لو علمت أحدًا تبلغنيه الإبل أحدث عهدًا بالعرضة
الأخيرة مني لأتيته ولعله احترز عن سكان السماء كما قاله في الكواكب واستنبط جواز ذكر الإنسان ما فيه من الفضيلة بقدر الحاجة.
5003 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه: مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنَ الأَنْصَارِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ. تَابَعَهُ الْفَضْلُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ.
وبه قال: (حدّثنا حفص بن عمر) بن غياث قال: (حدّثنا همام) هو ابن يحيى العوذي بفتح العين المهملة وسكون الواو وكسر الذال المعجمة البصري الحافظ قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة السدوسي (قال: سألت أنس بن مالك رضي الله عنه من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال): جمعه (أربعة كلهم من الأنصار أُبيّ بن كعب) من بني النجار (ومعاذ بن جبل) من بني الخزرج (وزيد بن ثابت) من بني النجار (وأبو زيد) سعد بن عبيد بن النعمان بن قيس من الأوس، وقيل اسمه معبد أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن على عهده صلى الله عليه وسلم ومات ولا عقب له، واستبعد ابن الأثير أن يكون هذا ممن جمع القرآن. قال: لأن الحديث يرويه أنس بن مالك وذكرهم وقال أحد عمومتي أبو زيد وأنس من بني عدي بن النجار وهو خزرجي فكيف يكون هذا وهو أوسي اهـ.
وليس في هذا الحديث ما ينفي جمعه عن غير المذكورين (تابعه) أي تابع حفص بن عمر في رواية هذا الحديث (الفضل) بن موسى الشيباني (عن حسين بن واقد) بالقاف (عن ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم ابن عبد الله قاضي البصرة (عن) جده (أنس) أي ابن مالك وهذه المتابعة وصلها إسحاق بن راهويه في مسنده.
5004 -
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِي ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ وَثُمَامَةُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَاتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَجْمَعِ الْقُرْآنَ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ: أَبُو الدَّرْدَاءِ، وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ. قَالَ: وَنَحْنُ وَرِثْنَاهُ.
وبه قال: (حدّثنا معلى بن أسد) بضم الميم وفتح العين المهملة واللام المشددة العمي أبو الهيثم أخو بهز بن أسد البصري قال: (حدّثنا عبد الله بن المثنى) بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري أبو المثنى البصري صدوق إلا أنه كثير الغلط قال: (حدّثني) بالإفراد (ثابت البناني) بضم
الموحدة وتخفيف النون واسم أبيه أسلم أبو محمد البصري (وثمامة) بضم المثلثة ابن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري البصري) كلاهما (عن أنس) وللأصيلي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه (قال: مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن) على جميع وجوهه وقراءاته أو لم يجمعه كله تلقيًا من فِيَّ النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة أو لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته وما لم ينسخ أو مع أحكامه والتفقه فيه أو كتابته وحفظه (غير أربعة أبو الدرداء) عويمر بن مالك وقيل ابن عامر وقيل ابن ثعلبة الخزرجي (ومعاذ بن جبل) السلمي بالفتح (وزيد بن ثابت) النجاري (وأبو زيد) سعد بن عبيد الأوسي والحصر لعله باعتبار ما ذكر قال المازري لا يلزم من قول أنس لم يجمعه غيرهم أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك لأن التقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه وإلاّ فكيف الإحاطة بذلك مع كثرة الصحابة وتفرّقهم في البلاد وهذا لا يتم إلا إن كان لقي كل واحد منهم على انفراده وأخبره عن نفسه أنه لم يكمل له جمع القرآن في عهده صلى الله عليه وسلم وهذا في غاية البعد في العادة اهـ.
وقد وقع في رواية الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في أوّل الحديث افتخر الحيان الأوس والخزرج فقال الأوس: منا أربعة مَن اهتز له عرش الرحمن سعد بن معاذ، ومن عدلت شهادته شهادة رجلين خزيمة بن ثابت، ومَن غسلته الملائكة حنظلة بن أبي عامر، ومَن حمته الدبر عاصم بن ثابت. فقال الخزرج: منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه غيرهم فذكرهم، فلعل مراد أنس بقوله لم يجمع القرآن غيرهم أي من الأوس بقرينة المفاخرة المذكورة لا النفي عن المهاجرين.
وقال ابن كثير: أنا لا أشك أن الصدّيق رضي الله عنه قرأ القرآن وقد نص عليه الأشعري مستدلاًّ بأنه صحّ أنه صلى الله عليه وسلم قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وأكثرهم قرآنًا" وتواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قدّمه للإمامة ولم يكن صلى الله عليه وسلم يأمر بأمر ثم يخالفه بلا سبب فلولا أن أبا بكر كان متّصفًا بما يقدمه في الإمامة على سائر الصحابة وهو القراءة لما قدّمه فلا يسوغ نفي حفظ القرآن عنه بغير دليل، وقد صح في البخاري أنه بنى مسجدًا بفناء داره فكان يقرأ القرآن أي ما نزل