الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بن أبي ثابت الأنصاري) بالمثلثة ابن الفاكه بن ثعلبة
ذي الشهادتين وهو غير أبي خزيمة بالكنية الذي وجد معه آخر التوبة ({من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه})[الأحزاب: 23] فألحقناها في سورتها في (الصحف) بضم الصاد من غير ميم في الفرع والذي في اليونينية بالميم.
4 - باب كَاتِبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
-
(باب) ذكر (كاتب النبي صلى الله عليه وسلم) بإفراط لفظ كاتب.
4989 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ ابْنَ السَّبَّاقِ قَالَ: إِنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَيَّ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّكَ كُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاتَّبِعِ الْقُرْآنَ. فَتَتَبَّعْتُ حَتَّى وَجَدْتُ آخِرَ سُورَةِ التَّوْبَةِ آيَتَيْنِ مَعَ أَبِي خُزَيْمَةَ الأَنْصَارِيِّ لَمْ أَجِدْهُمَا مَعَ أَحَدٍ غَيْرَهُ {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ} [التوبة: 128] إِلَى آخِرِهِ.
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن بكير) بضم الموحدة قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد الزهري (أن ابن السباق) عبيدًا (قال: إن زيد بن ثابت قال: أرسل إليّ أبو بكر رضي الله عنه) في زمن خلافته (قال: إنك كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبع القرآن) بهمزة وصل وتشديد الفوقية وكسر الموحدة قال زيد: (فتتبعت) أي القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ما في الباب السابق، وفي رواية ابن عيينة عن ابن شهاب القصب أو العسب والكرانيف وجرائد النخل. وفي رواية شعيب من الرقاع وعند عمارة بن غزية وقطع الأديم (حتى وجدت سورة التوبة آيتين) منها (مع ابن خزيمة الأنصاري لم أجدهما) مكتوبتين (مع أحد غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} إلى آخرها) سقط لأبي ذر قوله عزيز الخ.
4990 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «ادْعُ لِي زَيْدًا وَلْيَجِيءْ بِاللَّوْحِ وَالدَّوَاةِ، وَالْكَتِفِ أَوِ الْكَتِفِ وَالدَّوَاةِ، ثُمَّ قَالَ: اكْتُبْ {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ} وَخَلْفَ ظَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَمْرُو بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَإِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ فَنَزَلَتْ مَكَانَهَا {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} [النساء: 95].
وبه قال: (حدّثنا عبيد الله) بضم العين (ابن موسى) بن باذام الكوفي (عن إسرائيل) بن يونس (عن) جده (أبي إسحاق) عمرو بن السبيعي (عن البراء) بن عازب رضي الله عنه أنه (قال لما نزلت {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله} قال) لي (النبي صلى الله عليه وسلم):
(ادع لي زيدًا وليجيء) بسكون اللام والجزم (باللوح والدواة) بفتح الدال بالإفراد، ولأبي ذر
عن الحموي والدوي بضم الدال وكسر الواو وتحتية مشدّدة (والكتف أو الكتف والدواة، ثم قال) له لما حضر: (اكتب {لا يستوي القاعدون} وخلف ظهر النبي صلى الله عليه وسلم عمرو ابن أم مكتوم) بفتح العين وسكون الميم (الأعمى قال) ولأبي ذر فقال (يا رسول الله فما تأمرني ففي رجل ضرير البصر) لا أستطيع الجهاد (فنزلت مكانها) مكان الآية في الحال قيل قبل أن يجف القلم ({لا يستوي القاعدون من المؤمنين في سبيل الله غير أولي الضرر}) ولأبي ذر: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله غير أولي الضرر. قال الحافظ أبو ذر نفسه وهذا على معنى التفسير لا على التلاوة، ومراد البخاري من الحديث الأول قوله: إنك كنت تكتب الوحي، وقوله في الآخر اكتب ولم يذكر من الكتاب سوى زيد بن ثابت وقد كتب الوحي غيره ولم يكتب زيد إلا بمكة لأنه إنما أسلم بعد الهجرة ولكثرة كتابته الوحي أطلق عليه الكاتب، وكان ربما غاب فكتب غيره وقد كتب الوحي قبله أُبيّ بن كعب، وهو أول من كتب الوحي بالمدينة وأوّل من كتبه بمكة من قريش عبد الله بن سعد بن أبي سرح لكنه ارتد ثم عاد إلى الإسلام يوم الفتح، وممن كتب له صلى الله عليه وسلم في الجملة الخلفاء الأربعة والزبير بن العوّام وخالد وأبان ابنا سعيد بن العاص بن أمية، وحنظلة بن الربيع الأسدي، ومعيقيب بن أبي فاطمة، وعبد الله بن الأرقم الزهري وشرحبيل ابن حسنة، وعبد الله بن رواحة في آخرين.
5 - باب أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ
هذا (باب) بالتنوين (أُنزل القرآن على سبعة أحرف).
4991 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما حَدَّثَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» .
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن عفير) بضم العين المهملة وفتح الفاء آخره راء نسبه إلى جده لشهرته به واسم أبيه كثير بالمثلثة وسعيد هذا من حفاظ المصريين وثقاتهم قال: (حدّثني) بالإفراد (الليث) بن سعد إمام المصريين قال: (حدّثني) بالإفراد أيضًا (عقيل) بضم العين المهملة ابن خالد وللأصيلي عن عقيل (عن ابن شهاب) الزهري أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود (أن ابن عباس) وللأصيلي أن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهما حدّثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(أقرأني جبريل) القرآن (على حرف) قال في الفتح: وهذا مما لم يصرّح ابن عباس بسماعه له منه صلى الله عليه وسلم وكأنه سمعه من أُبيّ بن كعب
فقد أخرج النسائي من طريق عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب نحوه (فراجعته) ولمسلم من حديث أُبيّ فرددت إليه أن هوّن على أمتي وفي رواية له إن أمتي لا تطيق ذلك (فلم أزل أستريده) أطلب منه أن يطلب من الله
الزيادة في الأحرف للتوسعة (ويزيدني) أي ويسأل جبريل ربه تعالى فيزيدني (حتى انتهى إلى سبعة أحرف) وفي حديث أُبيّ المذكور ثم أتاه الثانية فقال على حرفين ثم أتاه الثالثة فقال على ثلاثة أحرف ثم جاءه الرابعة فقال: إن الله يأمرك أن تقرأ على سبعة أحرف فأيما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا هـ.
وحديث الباب سبق في بدء الخلق.
4992 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَبْدٍ الْقَارِيَّ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَاسْتَمَعْتُ لِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا هُوَ يَقْرَأُ عَلَى حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ لَمْ يُقْرِئْنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَكِدْتُ أُسَاوِرُهُ فِي الصَّلَاةِ، فَتَصَبَّرْتُ حَتَّى سَلَّمَ، فَلَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ فَقُلْتُ: مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ السُّورَةَ الَّتِي سَمِعْتُكَ تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: كَذَبْتَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَقْرَأَنِيهَا عَلَى غَيْرِ مَا قَرَأْتَ. فَانْطَلَقْتُ بِهِ أَقُودُهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ بِسُورَةِ الْفُرْقَانِ عَلَى حُرُوفٍ لَمْ تُقْرِئْنِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَرْسِلْهُ، اقْرَأْ يَا هِشَامُ» . فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ» . ثُمَّ قَالَ: «اقْرَأْ يَا عُمَرُ» ، فَقَرَأْتُ الْقِرَاءَةَ الَّتِي أَقْرَأَنِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«كَذَلِكَ أُنْزِلَتْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ» .
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن عفير) المصري قال: (حدّثني) بالإفراد (الليث) بن سعد الإمام المصري قال: (حدّثني) بالإفراد أيضًا (عقيل) بضم العين ابن خالد (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري أنه (قال: حدّثني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (أن المسور بن مخرمة) بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة ابن نوفل الزهري (وعبد الرحمن بن عبد) بتنوين عبد من غير إضافة إلى شيء (القاري) بتشديد التحتية نسبة إلى القارة بطن من خزيمة بن مدركة والقارة لقبه واسمه أثيع بالمثلثة مصغرًا (حدّثناه أنهما سمعا عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (يقول: سمعت هشام بن حكيم) ولأبي ذر والأصيلي زيادة ابن حزام وهو أسديّ على الصحيح (يقرأ سورة الفرقان) لا سورة الأحزاب إذ هو غلط (في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت لقراءته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره) بهمزة مضمومة وسين مهملة أي آخذ برأسه أو أواثبه (في الصلاة فتصبرت) أي تكلفت الصبر (حتى سلم) أي فرغ من صلاته (فلببته) بفتح اللام وتشديد الموحدة الأولى في الفرع وأصله، وقال عياض التخفيف أعرف (بردائه) أي جمعته عليه عند لبته لئلا ينفلت مني وهذا من عمر على عادته في الشدّة بالأمر بالمعروف (فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ) ها؟ بحذف الضمير (قال): وللأصيلي فقال هشام: (أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال عمر رضي الله عنه (فقلت) له: (كذبت فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أقرأنيها على غير ما قرأتـ) ـها
فيه إطلاق التكذيب على غلبة الظن فإنه إنما فعل ذلك عن اجتهاد منه لظنه أن هشامًا خالف الصواب وساغ له ذلك لرسوخ قدمه في الإسلام وسابقته بخلاف هشام فإنه من مسلمة الفتح فخشي أن لا يكون أتقن القراءة، ولعل عمر لم يكن سمع حديث: أنزل القرآن على سبعة أحرف قبل ذلك (فانطلقت به أقوده) أجرّه بردائه (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت) يا رسول الله (إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان) بباء الجر وللأربعة سورة الفرقان (على حروف لم تقرئنيها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(أرسله) بهمزة قطع أي أطلقه ثم قال له عليه الصلاة والسلام (اقرأ يا هشام، فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ بها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أنزلت، ثم قال) عليه الصلاة والسلام: (اقرأ يا عمر فقرأت القراءة التي أقرأني) بها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذلك أُنزلت) ولم يقف الحافظ ابن حجر على تعيين الأحرف التي اختلف فيها عمر وهشام من سورة الفرقان، نعم جمع ما اختلف فيه من المتواتر والشاذ من هذه السورة وسبقه إلى ذلك ابن عبد البر مع فوت ثم قال: والله أعلم بما أنكر منها عمر على هشام وما قرأ به عمر. ثم قال: عليه الصلاة والسلام تطييبًا لقلب عمر لئلا ينكر تصويب الشيئين المختلفين: (إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف) جمع حرف مثل فلس وأفلس أي لغات أو قرأت فعلى الأول يكون المعنى على أوجه من اللغات لأن أحد معاني الحرف في اللغة الوجه. قال تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11] وعلى الثاني يكون من إطلاق الحرف على الكلمة مجازًا لكونه بعضها. (فاقرؤوا ما تيسر منه) أي من الأحرف المنزل بها، فالمراد بالتيسر في الآية غير المراد به
في الحديث لأن الذي في الآية المراد به القلة والكثرة، والذي في الحديث ما يستحضره القارئ من القراءات فالأول من الكمية والثاني من الكيفية.
وقد وقع لجماعة من الصحابة نظير ما وقع لعمر مع هشام. منها لأُبي بن كعب مع ابن مسعود في سورة النحل، وعمرو بن العاص مع رجل في آية من القرآن رواه أحمد. وابن مسعود مع رجل في سورة من آل حم رواه ابن حبان والحاكم، وأما ما رواه الحاكم عن سمرة رفعه: أُنزل القرآن على ثلاثة أحرف فقال أبو عبد الله: تواترت الأخبار بالسبعة إلا في هذا الحديث.
قال أبو شامة: يحتمل أن يكون بعضه أنزل على ثلاثة أحرف كجذوة والراهب أو أراد أنزل ابتداء على ثلاثة أحرف ثم زيد إلى سبعة توسعة على العباد والأكثر أنها محصورة في السبعة وهل هي باقية إلى الآن يقرأ بها أم كان ذلك ثم استقر الأمر على بعضها وإلى الثاني ذهب الأكثر كسفيان بن عيينة وابن وهب والطبري والطحاوي، وهل استقر ذلك في الزمن النبوي أم بعده؟ والأكثر على الأول واختاره القاضي أبو بكر بن الطيب وابن عبد البر وابن العربي وغيرهم لأن ضرورة اختلاف اللغات ومشقة نطقهم بغير لغتهم اقتضت التوسعة عليهم في أول الأمر فأذن لكلٍّ أن يقرأ على حرفه أي طريقته في اللغة إلى أن انضبط الأمر وتدربت الألسن وتمكن الناس من
الاقتصار على الطريقة الواحدة، فعارض جبريل عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مرتين في السنة الأخيرة واستقر على ما هو عليه الآن فنسخ الله تعالى تلك القراءة المأذون فيها بما أوجبه من الاقتصار على هذه القراءة التي تلقاها الناس.
ويشهد له ما عند الترمذي عن أُبيّ أنه صلى الله عليه وسلم قال لجبريل: "إني بعثت إلى أمة أميّة فيهم الشيخ الفاني والعجوز الكبير والغلام" قال: فمرهم أن يقرؤوا على سبعة أحرف وفي بعضها كقوله: هلم وتعال وأقبل وأسرع واذهب واعجل لكن الإباحة المذكورة لم تقع بالتشهي أي أن كل أحد يغير الكلمة بمرادفها في لغته بل ذلك مقصور على السماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يشير إليه قول كلٍّ من عمر وهشام أقرأني النبي صلى الله عليه وسلم.
ولئن سلمنا إطلاق الإباحة بقراءة المرادف ولو لم يسمع لكن الإجماع من الصحابة في زمن عثمان الموافق للعرضة الأخيرة يمنع ذلك كما مرّ، واختلف في المراد بالسبعة، قال ابن العربي: لم يأتِ في ذلك نص ولا أثر، وقال ابن حبان: إنه اختلف فيها على خمسة وثلاثين قولًا. قال المنذري: إن أكثرها غير مختار، وقال أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي هذا من المشكل الذي لا يُدرى معناه لأن الحرف يأتي لمعانٍ، وعن الخليل بن أحمد: سبع قراءات وهذا أضعف الوجوه فقد بيّن الطبري وغيره أن اختلاف القراء إنما هو حرف واحد من الأحرف السبعة وقيل سبعة أنواع كل نوع منها جزء من أجزاء القرآن فبعضها أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال، وفيه حديث ضعيف من طريق ابن مسعود، ورواه البيهقي بسند مرسل وهو قول فاسد وقيل سبع لغات لسبع قبائل من العرب متفرقة في القرآن فبعضه بلغة تميم وبعضه بلغة أزد وربيعة وبعضه بلغة هوازن وبكر وكذلك سائر اللغات ومعانيها واحدة، وإلى هذا ذهب أبو عبيد وثعلب وحكاه ابن دريد عن أبي حاتم، وبعضهم عن القاضي أبي بكر وقال الأزهري: وابن حبان: إنه المختار وصححه البيهقي في الشعب، واستنكره ابن قتيبة واحتج بقوله تعالى:{وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه} [إبراهيم: 4].
وأجيب: بأنه لا يلزم من هذه الآية أن يكون أرسل بلسان قريش فقط لكونهم قومه بل أرسل بلسان جميع العرب ولا يرد عليه كونه بعث إلى الناس كافّة عربًا وعجمًا لأن القرآن أنزل باللغة العربية وهو بلغه إلى طوائف العرب وهم يترجمونه لغير العرب بألسنتهم.
وقال ابن الجزري: تتبعت القراءات صحيحها وشاذها وضعيفها ومنكرها فإذا هي ترجع إلى سبعة أوجه من الاختلاف لا تخرج عن ذلك وذلك إما في الحركات بلا تغير في المعنى