الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مشاهدًا بالبصر لا يحتاج إلى حساب ولا كتاب فالصلاة تتعلق بطلوع الفجر وطلوع الشمس وزوالها ومصير ظل كل شيء مثله بعد الذي زالت عليه الشمس وبغروب الشمس، والسنة القمرية أقل من الشمسية بمقدار معلوم وبسبب ذلك النقصان تنتقل المشهور القمرية من فصل إلى آخر فيقع الحج في الشتاء تارة وفي الصيف أخرى، وذكر الطبري أنهم كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرًا ومن وجه آخر يجعلونها اثني عشر شهرًا وخمسة وعشرين يومًا فتدور الأيام والشهور كذلك، وقول أن حجة الصديق رضي الله تعالى عنه سنة تسع كانت في ذي القعدة فيه نظر لأن الله تعالى قال:{وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر} الآية وإنما نودي بذلك في حجة أبي بكر فلو لم تكن في ذي الحجة لما قال تعالى: {يوم الحج أكبر} .
(منها أربعة حُرُم) لعظم حرمتها وعظم الذنب فيها أو لتحريم القتال فيها (ثلاث متواليات) أي متتابعات وهو تفسير للأربعة الحرم. قال ابن التين فيما نقله في الفتح: الصواب ثلاثة متوالية يعني لأن المميز الشهر قال ولعله أعاد على المعنى أي ثلاث مدد متواليات لكن إذا لم يذكر التمييز جاز التذكير والتأنيث، ولأبي ذر: ثلاثة متواليات (ذو القعدة وذو الحجة) بفتح القاف والحاء (والمحرم ورجب مضر) وهي القبيلة المشهورة وأضافه إليها لأنهم كانوا متمسكين بتعظيمه (الذي بين جمادى) الآخرة (وشعبان) وهذا تأكيد وتصحيح لقول مضر نافيًا به قول ربيعة أن رجبًا المحرم هو الشهر الذي بين شعبان وشوّال وهو رمضان اليوم، وإنما كانت الأشهر الأربعة ثلاثة سرد وواحد فرد لأجل أداء مناسك الحج والعمرة، فحرم قبل شهر الحج شهر ليسار فيه إلى الحج وهو ذو القعدة لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحرم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون
بأداء المناسك، وحرم بعده شهر آخر وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين وحرم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب فيزوره ثم يعود إلى وطنه آمنًا، وقد تمسك من قال بأنها من سنتين بقوله ثلاث متواليات من حيث كونها ثلاثًا تواليات وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم وواحد فرد وهو رجب، وقد روي من حديث ابن عمر مرفوعًا أوّلهن رجب لكن في إسناده ضعف، وعن أهل المدينة أنها من سنتين وأولها ذو القعدة ثم ذو الحجة ثم المحرم ثم رجب آخرها، وعن بعض أهل المدينة أيضًا أن أولها رجب ثم ذو القعدة ثم ذو الحجة ثم المحرم، وعن أهل الكوفة أنها من سنة واحدة أوّلها المحرم ثم رجب ثم ذو القعدة ثم ذو الحجة. واختلف أيها أفضل؟ فقال بعض الشافعية: رجب، وضعفه النووي وغيره وقيل: المحرم قاله الحسن، ورجحه النووي وقيل ذو الحجة.
وروي عن سعيد بن جبير وغيره قال بعضهم: إذا رأيت العرب السادات قد تركوا العادات وحرموا الغارات قالوا محرم، وإذا ضعفت أبدانهم واصفرت ألوانهم قالوا اصفر، إذا زهت البساتين وظهرت الرياحين قالوا ربيعان، وإذا قلت الثمار وجمد الماء قالوا جماديان، وإذا هاجت الرياح وجرت الأنهار وترجبت الأشجار قالوا رجب، وإذا بانت الفصائل وتشعبت القبائل قالوا شعبان، وإذا حمي الفضا وطغى جمر الغض قالوا رمضان، إذا قلّ السحاب وكثر الذباب وشالت الأذناب قالوا شوّال، وإذا تعد التجار عن الأسعار قالوا ذو القعدة، وإذا قصدوا الحج من كل فج وأظهروا العج والثج قالوا ذو الحجة.
وهذا الحديث ذكره في بدء الخلق.
9 - باب قَوْلِهِ: {ثَانِىَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} نَاصِرُنَا السَّكِينَةُ: فَعِيلَةٌ مِنَ السُّكُونِ
(باب قوله) تعالى وسقط من اليونينية لغير أبي ذر ({ثاني اثنين}) نصب على الحال من مفعول أخرجه وهو مثل خامس خمسة أي أحد اثنين ({إذ هما في الغار}). أي حصلا فيه والغار ثقب في الجبل يجمع على غيران ({إذ يقول}) صلى الله عليه وسلم ({لصاحبه}) وهو أبو بكر الصديق فيه دليل على أن من أنكر كون أبي بكر من الصحابة كفر لتكذيبه القرآن. فإن قلت: لا دلالة في اللفظ على خصوصه. أجيب: بأن الإجماع على أنه لم يكن غيره ({لا تحزن إن الله
معنا}) [التوبة: 40] أي (ناصرنا) وسقط لغير أبي ذر {إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا} وقال معنا ناصرنا.
(السكينة: فعيلة من السكون) يريد تفسير قوله تعالى: {فأنزل الله سكينته عليه} أي على الصديق أي ما ألقى في قلبه من الأمنة التي سكن عندها وعلم أنهم لا يصلون إليه وقيل الضمير عائد على النبي صلى الله عليه وسلم في قال بعضهم وهذا أقوى والسكينة هي ما ينزله الله على أنبيائه من الحياطة والخصائص التي لا تصلح إلا لهم كقوله تعالى: {فيه سكينة من ربكم} [البقرة: 248].
4663 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا أَنَسٌ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَارِ فَرَأَيْتُ آثَارَ الْمُشْرِكِينَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ رَفَعَ قَدَمَهُ رَآنَا قَالَ: «مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) الجعفي المسندي قال: (حدّثنا حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة ابن هلال الباهلي قال: (حدّثنا همام) بفتح الهاء وتشديد الميم ابن يحيى بن دينار العوذي بفتح المهملة وسكون الواو وكسر المعجمة البصري قال: (حدّثنا ثابت) هو ابن أسلم البناني قال: (حدّثنا أنس) هو ابن مالك (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو بكر) الصديق (رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار) بثور أطحل خلف مكة من طريق اليمن (فرأيت آثار المشركين) لما طلعوا فوق الغار وفي رواية: فرفعت رأسي فإذا أنا بأقدام القوم (قلت: يا رسول الله لو أن أحدهم رفع قدمه) بالإفراد (رآنا: قال) عليه الصلاة والسلام: يا أبا بكر (ما ظنك باثنين) يريد نفسه الشريفة وأبا بكر (الله ثالثهما) بالنصر والمعونة.
4664 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ قُلْتُ: أَبُوهُ الزُّبَيْرُ، وَأُمُّهُ أَسْمَاءُ، وَخَالَتُهُ عَائِشَةُ، وَجَدُّهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَدَّتُهُ صَفِيَّةُ فَقُلْتُ لِسُفْيَانَ: إِسْنَادُهُ فَقَالَ: حَدَّثَنَا فَشَغَلَهُ إِنْسَانٌ وَلَمْ يَقُلِ ابْنُ جُرَيْجٍ. [الحديث 4664 - طرفاه في: 4665، 4666].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) الجعفي المسندي قال: (حدثنا ابن عيينة) سفيان (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (عن ابن أبي مليكة) عبد الله بن عبد الرحمن (عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال حين وقع بينه) أي بين ابن عباس (وبين ابن الزبير) عبد الله بسبب البيعة، وذلك أن ابن الزبير امتنع من مبايعة يزيد بن معاوية لما مات أبوه وأصر على ذلك حتى مات يزيد ثم دعا ابن الزبير إلى نفسه بالخلافة فبويع بها وأطاعه أهل الحجاز ومصر والعراق وخراسان وكثير من أهل الشام ثم غلب مروان على الشام وقتل الضحاك بن قيس الأمير من قبل ابن الزبير، ثم توفي مروان سنة خمس وستين وقام عبد الملك ابنه مقامه وغلب المختار بن أبي عبيد على الكوفة ففر منه من كان من قبل ابن الزبير، وكان محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس مقيمين بمكة مدة قتل الحسين فدعاهما ابن الزبير إلى البيعة له فامتنعا وقالا: لا نبايع حتى يجتمع الناس على خليفة وتبعهما على ذلك جماعة فشدد ابن الزبير عليهم وحصرهم فبلغ ذلك المختار فجهز إليهم جيشًا فأخرجوهما واستأذنوهما في قتال ابن الزبير فامتنعا وخرجا إلى الطائف قال ابن أبي مليكة:
(قلت) أي لابن عباس كالمنكر عليه امتناعه من مبايعة ابن الزبير معددًا شرفه واستحقاقه للخلافة: (أبوه الزبير) بن العوّام أحد العشرة المبشرة بالجنة (وأمه أسماء) بنت أبي بكر الصديق
(وخالته عائشة) أم المؤمنين (وجدّه أبو بكر) صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الغار (وجدته) أم أبيه الزبير (صفية) بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم قال: عبد الله بن محمد المسندي شيخ المؤلّف (فقلت لسفيان) بن عيينة: (إسناده). أي هذا الحديث ما هو إسناده؟ ويجوز النصب على تقدير: اذكر إسناده أي هل العنعنة بواسطة أو بدونها (فقال) أي سفيان: (حدّثنا فشغله إنسان) بكلام أو نحوه (ولم يقل ابن جريج) بالرفع أي لم يقل حدّثنا ابن جريج فاحتمل أن يكون أراد أن يدخل بينهما واسطة، واحتمل أن لا يدخلها، ولذلك استظهر البخاري فأخرج الحديث من وجه آخر عن ابن جريج ثم من وجه آخر عن شيخه.
4665 -
حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ: وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَيْءٌ فَغَدَوْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: أَتُرِيدُ أَنْ تُقَاتِلَ ابْنَ الزُّبَيْرِ فَتُحِلُّ حَرَمَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ ابْنَ الزُّبَيْرِ وَبَنِي أُمَيَّةَ مُحِلِّينَ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُحِلُّهُ أَبَدًا قَالَ: قَالَ النَّاسُ بَايِعْ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ فَقُلْتُ: وَأَيْنَ بِهَذَا الأَمْرِ عَنْهُ أَمَّا أَبُوهُ فَحَوَارِيُّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يُرِيدُ الزُّبَيْرَ. وَأَمَّا جَدُّهُ فَصَاحِبُ الْغَارِ، يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ. وَأُمُّهُ فَذَاتُ النِّطَاقِ يُرِيدُ أَسْمَاءَ وَأَمَّا خَالَتُهُ فَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ يُرِيدُ عَائِشَةَ، وَأَمَّا عَمَّتُهُ فَزَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ خَدِيجَةَ، وَأَمَّا عَمَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَدَّتُهُ، يُرِيدُ صَفِيَّةَ، ثُمَّ عَفِيفٌ فِي الإِسْلَامِ قَارِئٌ لِلْقُرْآنِ وَاللَّهِ إِنْ وَصَلُونِي وَصَلُونِي مِنْ قَرِيبٍ وَإِنْ رَبُّونِي رَبَّنِي أَكْفَاءٌ كِرَامٌ فَآثَرَ التُّوَيْتَاتِ وَالأُسَامَاتِ وَالْحُمَيْدَاتِ يُرِيدُ أَبْطُنًا مِنْ بَنِي أَسَدٍ بَنِي تُوَيْتٍ وَبَنِي أُسَامَةَ وَبَنِي أَسَدٍ إِنَّ ابْنَ أَبِي الْعَاصِ بَرَزَ يَمْشِى الْقُدَمِيَّةَ يَعْنِي عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ وَإِنَّهُ لَوَّى ذَنَبَهُ يَعْنِي ابْنَ الزُّبَيْرِ.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) هو المسندي السابق (قال: حدثني) بالإفراد (يحيى بن معين) بفتح الميم البغدادي الحافظ المشهور إمام الجرح والتعديل المتوفى سنة ثلاث وثلاثين ومائتين بالمدينة النبوية وله بضع وسبعون سنة قال: (حدّثنا حجاج) هو ابن محمد المصيصي (قال ابن جريج) عبد الملك (قال ابن أبي مليكة) عبد الله (وكان بينهما) أي بين ابن الزبير وابن عباس (شيء) مما
يصدر بين المتخاصمين وقيل كان اختلافًا في بعض قراءات القرآن (فغدوت على ابن عباس فقلت) له: (أتريد أن تقاتل ابن الزبير) بهمزة الاستفهام الإنكاري (فتحل) بالنصب وفي اليونينية فتحل بالرفع (حرم الله)؟ وفي نسخة ما حرم الله أي من القتال في الحرم (فقال) أي ابن عباس (معاذ الله) أي أتعوّذ بالله عن إحلال ما حرم الله (إن الله كتب) أي قدر (ابن الزبير وبني أمية محلين) مبيحين القتال في الحرم. قال في فتح الباري: وإنما نسب ابن الزبير لذلك وإن كان بنو أمية هم الذين ابتدؤوه بالقتال وحصروه، وإنما بدا منه أولاً دفعهم عن نفسه لأنه بعد أن ردهم الله عنه حصر بني هاشم ليبايعوه فشرع فيما يؤذن بإباحة القتال في المحرم (إني) أي قال ابن عباس وإني (والله لا أحله) أي القتال فيه (أبدًا) وإن قوتلت فيه.
قال ابن أبي مليكة بالإسناد السابق: (قال) ابن عباس (قال الناس) الذين من جهة ابن الزبير (بايع) بكسر التحتية والجزم على الأمر (لابن الزبير) بالخلافة. قال ابن عباس (فقلت) لهم: (وأين بهذا الأمر عنه؟) أي الخلافة يريد أنها ليست بعيدة عنه لما له من الشرف بأسلافه الذين ذكرهم بقوله (أما أبوه فحواري النبي صلى الله عليه وسلم) بالحاء المهملة أي ناصره (يريد) بذلك ابن عباس (الزبير وأما جده فصاحب الغار يريد) بذلك ابن عباس (أبا بكر) الصديق رضي الله عنه (وأما أمه فذات النطاق) بالإفراد لأنها شقت نطاقها لسفرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسقائه عند الهجرة (يريد) ابن عباس بذلك (أسماء) بنت أبي بكر (وأما خالته فأم المؤمنين يريد) ابن عباس (عائشة) رضي الله عنها (وأما عمته فزوج النبي صلى الله عليه وسلم بريد) ابن عباس (خديجة) وأطلق عليها عمته تجوّزًا وإنما هي عمة أبيه لأنها خديجة بنت خويلد بن أسد والزبير هو ابن العوّام بن خويلد بن أسد (وأما عمة النبي صلى الله عليه وسلم فجدته) أم أبيه (يريد) ابن عباس (صفية) بنت عبد المطلب ثم ذكر شرفه بصفته الذاتية الحميدة بقوله: (ثم عفيف في الإسلام) نزيه عما يشين من الرذائل (قارئ للقرآن) زاد ابن أبي خيثمة في تاريخه هنا وتركت بني عمي أي أذعنت لابن الزبير وتركت بني عمي بني أمية (والله إن وصلوني) أي بنو أمية (وصلوني من قريب) أي بسبب القرابة، وذلك لأن عباسًا هو ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف وأمية بن عبد شمس بن عبد مناف، فعبد المطلب ابن عم أمية جد مروان بن الحكم بن أبي العاص، وهذا شكر من ابن عباس لبني أمية وعتب على ابن الزبير (وإن ربوني) أي كانوا عليّ أمراء (ربوني) بفتح الراء وضم الموحدة المشددة فيهما وهو في الثاني من باب أكلوني البراغيث، وللكشميهني ربوني ربني (أكفاء) بالإفراد على الأصل ورفع أكفاء بسابقه أي أمثال واحدها كفء (كرام) في أحسابهم.
وعند أبي مخنف الأخباري من طريق أخرى أن ابن عباس لما حضرته الوفاة بالطائف جمع بنيه فقال: يا بني إن ابن الزبير لما خرج بمكة شددت أزره ودعوت الناس إلى بيعته وتركت بني عمنا من بني أمية الذين إن قتلونا أكفاء وإن ربونا ربونا كرامًا، فلما أصاب ما أصاب جفاني فهذا صريح أن مراد ابن عباس بنو أمية لا بنو أسد رهط ابن الزبير، وقال الأزرقي: كان ابن الزبير إذا دعا الناس في الإذن بدأ ببني أسد على بني هاشم وبني عبد المطلب وغيرهم، فلذا قال ابن عباس:(فآثر) بالمد والمثلثة أي اختار ابن الزبير بعد أن أذعنت له وتركت بني عمي على (التويتات) جمع تويت مصغر توت بمثناتين وواو (والأسامات) بضم الهمزة جمع أسامة (والحميدات) بضم الحاء المهملة مصغر حمد (يريد) ابن عباس (أبطنًا) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وضم الطاء المهملة جمع بطن وهو ما دون القبيلة وفوق الفخذ وقال: أبطنًا ولم يقل بطونًا لأن الأول جمع قلة فعبّر به تحقيرًا لهم (من بني أسد بني تويت) كذا في غير ما فرع من الفروع المقابلة على أصل اليونيني وكذا رأيتها فيه بني تويت. وقال الحافظ ابن حجر:
قوله ابن تويت كذا وقع أي في روايات البخاري وصوابه بني تويت فبه عليه عياض وهو في مستخرج أبي نعيم بني على الصواب اهـ.
وهذا عجيب فإن خط الحافظ ابن حجر على كثير من الفروع المقابلة على اليونينية بالقراءة والسماع، وتويت هو ابن الحارث بن عبد العزى بن قصي (و) من (بني أسامة) بن أسد بن عبد العزى (وبني أسد) ولأبي ذر من أسد. وأما الحميدات: فنسبه إلى بني حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى وتجتمع هذه الابطن مع خويلد بن أسد جد الزبير (أن ابن أبي العاص) بكسر الهمزة (برز) أي ظهر (يمشي القدمية) بضم القاف وفتح الدال المهملة وكسر الميم وتشديد التحتية مشية التبختر وهو مثل يريد أنه ركب معالي الأمور وتقدم في الشرف والفضل على أصحابه (يعني) ابن عباس (عبد الملك بن مروان) بن الحكم بن أبي العاص (وإنه) بكسر الهمزة (لوى ذنبه) بتشديد الواو وتخفف (يعني ابن الزبير) يعني تخلف عن معالي الأمور أو كناية عن الجبن كما تفعل السباع إذا أراد النوم أو وقف فلم يتقدم ولم يتأخر ولا وضع الأشياء مواضعها فأدنى الناصح وأقصى الكاشح وهذا قاله الداودي. وفي رواية أبي مخنف وأن ابن الزبير يمشي القهقرى. قال في فتح الباري: وهو المناسب لقوله في عبد الملك يمشي القدمية، وكان الأمر كما قال ابن عباس فإن عبد الملك لم يزل في تقدم من أمره حتى استنقذ العراق من ابن الزبير وقتل أخاه مصعبًا ثم جهز العساكر إلى ابن الزبير بمكة فكان من الأمر ما كان، ولم يزل أمر ابن الزبير في تأخير إلى أن قتل رحمه الله ورضي عنه.
4666 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَلَا تَعْجَبُونَ لاِبْنِ الزُّبَيْرِ قَامَ فِي أَمْرِهِ هَذَا؟ فَقُلْتُ: لأُحَاسِبَنَّ نَفْسِي لَهُ مَا حَاسَبْتُهَا لأَبِي بَكْرٍ وَلَا لِعُمَرَ وَلَهُمَا كَانَا أَوْلَى بِكُلِّ خَيْرٍ مِنْهُ وَقُلْتُ ابْنُ عَمَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَابْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ، وَابْنُ أُخْتِ عَائِشَةَ فَإِذَا هُوَ يَتَعَلَّى عَنِّي وَلَا يُرِيدُ ذَلِكَ فَقُلْتُ: مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنِّي أَعْرِضُ هَذَا مِنْ نَفْسِى فَيَدَعُهُ وَمَا أُرَاهُ يُرِيدُ خَيْرًا وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ لأَنْ يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي غَيْرُهُمْ.
وبه قال: (حدثنا محمد بن عبيد بن ميمون) بضم العين مصغرًا من غير إضافة لابن ميمون المدني قال: (حدّثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق الهمداني الكوفي (عن عمر بن سعيد) بضم العين في الأول وكسرها في الثاني ابن أبي حسين النوفلي القرشي المكي أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (ابن أبي مليكة) عبد الله قال: (دخلنا على ابن عباس) رضي الله عنهما (فقال: ألا) بالتخفيف (تعجبون لابن الزبير قام في أمره هذا؟) يعني الخلافة (فقلت: لأحاسبن نفسي له ما حاسبتها لأبي بكر ولا لعمر) أي لأناقش نفسي لابن الزبير في معونته ولأستقصين عليها في النصح له والذب عنه ما ناقشتها للعمرين، وما نافية، وقال الداودي أي لأذكرن في مناقبه ما لم أذكر في مناقبهما، وإنما صنع ابن عباس ذلك لاشتراك الناس في معرفة مناقب أبي بكر وعمر بخلاف ابن الزبير، فما كانت مناقبه في الشهرة كمناقبهما، فأظهر ذلك ابن عباس وبينه للناس إنصافًا منه له (ولهما) بلام الابتداء والضمير للعمرين وفي نسخة، فإنهما (كانا أولى بكل خير منه) أي من ابن الزبير
(وقلت) وفي نسخة: فقلت هو (ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم) صفية بنت عبد المطلب (وابن الزبير) حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم (وابن أبي بكر) الصديق رضي الله عنه (وابن أبي خديجة) أم المؤمنين رضي الله عنها (وابن أخت عائشة) أسماء وإنما هو ابن ابن أخي خديجة العوام وابن ابنة أبي بكر أسماء وابن ابن صفية فهي جدته لأبيه وعبر بذلك على سبيل المجاز (فإذا هو) أي ابن الزبير (يتعلّى) بتشديد اللام يترفع معرضًا أو متنحيًا (عني ولا يريد ذلك) قال العيني كابن حجر أي لا يريد أن أكون من خاصته. وقال البرماوي كالكرماني: ولا يريد ذلك القول إذا عاتبته. قال ابن عباس (فقلت: ما كنت أظن أني أعرض) أي أظهر (هذا) الخضوع (من نفسي) له (فيدعيه) أي يتركه ولا يرضى به مني (وما أراه) بضم الهمزة أي وما أظنه (يريد) بي (خيرًا) في الرغبة عني، وللكشميهني وإنما أراه بدل ما وهو تصحيف كما لا يخفى (وإن كان لا بد) أي الذي صدر منه لا فراق له منه (لأن) كذا في اليونينية والذي في الفرع التنكزي أن (يريني) بفتح الموحدة (بنو عمي) بنو أمية أي يكونوا عليّ أمراء (أحبّ إلىّ من أن يربني غيرهم) إذ هم أقرب إليّ من بني أسد كما مرّ، ومن زائدة