الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابن أبي جميلة بفتح الجيم الأعرابي العبدي المصري قال: (حدّثنا أبو رجاء) عمران العطاردي قال: (حدّثنا سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا) في حكاية منامه الطويل:
(أتاني الليلة آتيان) بهمزة ممدودة ففوقية مكسورة فتحتية أي ملكان (فابتعثاني) من النوم (فانتهيا) وأنا معهما ولغير أبي ذر: فانتهينا (إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة) بكسر الموحدتين من لبن (فتلقانا رجال شطر) نصف (من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر) أي نصف (كأقبح ما أنت راء قالا) الملكان (لهم) للرجال (اذهبوا فقعوا في ذلك النهر) بفتح الهاء (فوقعوا فيه ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم فصاروا في أحسن صورة قالا) الملكان (لي: هذه جنة عدن وهذاك منزلك قالا: أما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح) قيل الصواب حسنًا
وقبيحًا لكن كان تامة وشطر مبتدأ وحسن خبره والجملة حال بدون الواو وهو فصيح كقوله اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ قاله الكرماني وغيره (فإنهم خلطوا عملاً صالحًا وآخر سيئًا تجاوز الله عنهم) كذا أورده مختصرًا هنا، ويأتي بتمامه إن شاء الله تعالى بعون الله وقوّته في التعبير.
16 - باب قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 112]
(باب قوله) تعالى ({ما كان}) أي ما ينبغي ({للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين})[التوبة: 112] لأن النبوّة والإيمان يمنعان من ذلك وسقط باب وتاليه لغير أبي ذر.
4675 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَنَزَلَتْ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} .
وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (إسحاق بن إبراهيم) بن نصر أبو إبراهيم السعدي المروزي وقيل البخاري قال: (حدّثنا) ولأبي ذر أخبرنا (عبد الرزاق) بن همام الصنعاني قال: (أخبرنا) ولأبي ذر حدّثنا (معمر) بسكون العين ابن رشاد البصري (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن سعيد بن المسيب) بفتح التحتية وقد تكسر (عن أبيه) المسيب بن خزن أنه (قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة) أي علاماتها (دخل النبي) ولغير أبي ذر دخل عليه النبي (صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل) عمرو بن هشام (وعبد الله بن أبي أمية) المخزومي أسلم عام الفتح (فقال النبي صلى الله عليه وسلم):
(أي عم) أي يا عمي وحذفت ياء الإضافة للتخفيف (قل لا إله إلا الله) وجواب الأمر قوله (أحاج) بضم الهمزة وتشديد الجيم آخره (لك بها عند الله فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب أترغب) بهمزة الاستفهام الإنكاري أي أتعرض (عن ملة عبد المطلب؟) أبيك (فقال النبي صلى الله عليه وسلم) لما أبى أن يقول كلمة الإخلاص (لأستغفرن لك) كما استغفر إبراهيم لأبيه (ما لم أُنه عنك) بضم الهمزة وسكون النون مبنيًا للمفعول (فنزلت) في أبي طالب آية: ({ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم}) لموتهم على الشرك.
وقيل: إن سبب نزولها ما في مسلم ومسند أحمد وسنن أبي داود والنسائي وابن ماجه عن
أبي هريرة رضي الله عنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي فزوروا القبور فإنها تذكر الآخرة" قال في الكشاف: وهذا أصح لأن موت أبي طالب وإن قبل الهجرة وهذا آخر ما نزل بالمدينة وتعقبه صاحب التقريب فيما حكاه الطيبي بأنه يجوز أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر لأبي طالب إلى حين نزولها والتشديد مع الكفار إنما ظهر في هذه السورة. قال في فتوح الغيب: وهذا هو الحق ورواية نزولها في أبي طالب هي الصحيحة وسقط قوله: ولو كانوا أولي قربى الخ لأبي ذر وقال بعد قوله للمشركين الآية.
17 - باب قَوْلِهِ: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 117]
(باب قوله) سبحانه وتعالى: ({لقد تاب الله على النبي}) من إذنه للمنافقين في التخلف في غزوة تبوك والأحسن أن يكون من قبيلاً {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} وقيل هو بعث على التوبة على سبيل التعريض لأنه صلى الله عليه وسلم ممن يستغني عن التوبة فوصف بها ليكون بعثًا للمؤمنين على التوبة على
سبيل التعريض وإبانة لفضلها ({والمهاجرين والأنصار}) أي وتاب عليهم حقيقة لأنه لا ينفك الإنسان عن الزلات أو كانوا يتوبون على وساوس تقع في قلوبهم ({الذين اتبعوه}) حقيقة بأن خرج أوّلاً وتبعوه أو مجازًا عن اتباعهم أمره ونهيه ({في ساعة العسرة}) في وقت الشدة الحاصلة لهم في غزوة تبوك أي من عسرة الزاد والماء والظهر والقيظ وبعد الشقة إذ السفرة كلها تبع لتلك الساعة وبها يقع الأجر على الله تعالى وإن كان عرف الساعة لما قل من الزمن كالقطعة من النهار كساعات الرواح إلى الجمعة، فالمراد بها هنا من وقت الخروج إلى العود روي أنه لما نفد زادهم كان النفر منهم يمصون التمرة تداولاً بينهم وإنهم عطشوا حتى نحروا بعض إبلهم فشربوا عصارة ما في كروشها حتى استسقى لهم صلى الله عليه وسلم فأمطرت عليهم سحابة لم تتجاوزهم وكان الرجلان والثلاثة يتعقبون البعير الواحد ({من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم}) عن الثبات على الإيمان أو اتباع الرسول ما نالهم من المشقة والشدة ({ثم تاب عليهم}) تكرير للتوكيد من حيث المعنى فيكون الضمير للنبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ويجوز أن يكون الضمير للفريق المذكور في قوله كاد تزيغ قلوب فريق منهم لصدور الكيدودة منهم ({إنه بهم رؤوف رحيم}) [التوبة: 117] حتى تاب عليهم وسقط قوله في ساعة العسرة الخ لأبي ذر وقال: بعد قوله {اتبعوه} الآية.
4676 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ.
قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ، حَدَّثَنَا يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
كَعْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ حِينَ عَمِيَ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا قَالَ فِي آخِرِ حَدِيثِهِ: إِنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمْسِكْ بَعْضَ مَالِكَ فَهْوَ خَيْرٌ لَكَ» .
وبه قال: (حدّثنا أحمد بن صالح) أبو جعفر بن الطبري المصري (قال: حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (ابن وهب) عبد الله المصري (قال: أخبرني) بالإفراد (يونس) بن يزيد الأيلي (قال أحمد): هو ابن صالح شيخ المؤلّف المذكور (وحدّثنا) أيضًا (عنبسة) بفتح العين المهملة وسكون النون وفتح الموحدة والسين المهملة ابن خالد بن يزيد الأيلي ابن أخي يونس قال: (حدّثنا) عمي (يونس) الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عبد الرحمن بن كعب) نسبه لجده واسم أبيه عبد الله ولأبي ذر زيادة ابن مالك (قال: أخبرني) بالإفراد أيضًا أبي (عبد الله بن كعب) الأنصاري المدني الشاعر.
قال في فتح الباري: والحاصل أن أحمد بن صالح روى هذا الحديث عن شيخين عن يونس لكن فرقهما لاختلاف الصيغة، ثم ظاهره أن السند بينهما متحد وليس كذلك لأن في رواية ابن وهب أن شيخ ابن شهاب هنا هو عبد الرحمن بن كعب كما في رواية عنبسة وليس كذلك بل هو في رواية عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب كذلك أخرجه النسائي عن سليمان بن مهران عن ابن وهب، ولعل البخاري بناه على أن عبد الرحمن نسب لجده فتتحد الروايتان على ذلك الحافظ أبو علي الصدفي فيما قرأته بخطه بهامش نسخته وقد أفرد البخاري رواية ابن وهب بهذا الإسناد في النذر فوقع في رواية أبي ذر عبد الرحمن بن كعب، وإنما أخرج النسائي بعض الحديث وقد وجدت بعض الحديث أيضًا في سنن أبي داود عن سليمان بن داود شيخ البخاري فيه كما في النسائي، وعن أبي الطاهر بن السراج عن ابن وهب كذلك.
وقد تعقبه تلميذه شيخنا الحافظ أبو الخير السخاوي -رحمه الله تعالى- فيما وجد بخطه في حاشية نسخته من فتح الباري بأن البخاري قد أخرج حديث عنبسة في وفود الأنصار فيما مضى ووقع هناك عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، وأخرج حديث ابن وهب في النذر فيما سيأتي، ووقع أيضًا فيه كذلك وحينئذٍ فسندهما متحد وكذا رأيت الدمياطي ألحق هنا في نسخته مما صحح عليه عبد الله في نسب عبد الرحمن وكذا ثبت عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب في سنن أبي داود حسبما ثبت في رواية اللؤلؤي وابن داسة عنه عن شيخه ابن السراج وسليمان بن داود المهري كلاهما عن ابن وهب. نعم قيل إن الذي في رواية ابن داسة عبد الله بن عبد الله بن كعب وهو وهم لأن عبد الله الأول إنما هو عبد الرحمن وأما روايته فهي كما مر في روايتي ابن السني وابن الأحمر عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك