الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا الحديث سبق تامًّا في كتاب التيمم.
(أولي الأمر) ولغير أبي ذر باب قوله تعالى: ({أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر} {منكم})[النساء: 59] أي (ذوي الأمر) وهم الخلفاء الراشدون ومن سلك طريقهم في رعاية العدل ويدرج فيهم القضاة وأمراء السرية أمر الله تعالى الناس بطاعتهم بعد ما أمرهم بالعدل تنبيهًا على أن وجوب طاعتهم ما داموا على الحق وقيل علماء الشرع لقوله تعالى: {ولو ردّوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذي يستنبطونه منهم} [النساء: 83].
4584 -
حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ، أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمْرِ مِنْكُمْ} قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ إِذْ بَعَثَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي سَرِيَّةٍ.
وبه قال: (حدّثنا صدقة بن الفضل) المروزي ولابن السكن فيما ذكره في الفتح حدّثنا سنيد بضم المهملة وفتح النون وبعد التحتية الساكنة دال مهملة بدل صدقة واسم والد سنيد داود المصيصي ضعف أبو حاتم سنيدًا قال: (أخبرنا حجاج بن محمد) المصيصي الأعور (عن ابن جريج) عبد الملك بن عبد العزيز (عن يعلى بن مسلم) بفتح التحتية وسكون العين وفتح اللام ومسلم بضم الميم وسكون السين المهملة ابن هرمز (عن سعيد بن جبير) الأسدي مولاهم الكوفي (عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما) في قوله تعالى: ({أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} قال: نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي) القرشي السهمي من قدماء المهاجرين توفي بمصر في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنهما (إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية) وكانت فيه دعابة أي لعب فنزلوا ببعض الطريق وأوقدوا نارًا يصطلون عليها فقال: عزمت عليكم إلا تواثبتم في هذه النار فلما همَّ بعضهم بذلك قال: أجلسوا إنما كنت أمزح فذكروا ذلك للنبي فقال: "من أمركم بمعصية فلا تطيعوه" رواه ابن سعد.
وبوّب عليه البخاري فقال: سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي ويقال إنها سرية الأنصاري ثم روي عن عليّ قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل رجلًا من الأنصار وأمرهم أن يطيعوه فغضب فقال: أليس قد أمركم النبي صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قالوا: بلى قال: فاجمعوا لي حطبًا فجمعوا فقال: أوقدوا نارًا فأوقدوها، فقال ادخلوا فهمّوا، وجعل بعضهم يمسك بعضًا ويقولون: فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار فما زالوا حتى خمدت النار فسكن غضبه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها إلى يوم القيامة الطاعة في المعروف واختلاف السياقين يدل على التعدد، لا سيما وعبد الله بن حذافة مهاجري قرشي والذي في حديث عليّ أنصاري، وقد اعترض الداودي على القول بأن الآية نزلت في عبد الله بن حذافة بأنه وهم من غير ابن عباس لأن الآية إن كانت نزلت قبل هذه القصة فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره، وإن كانت بعد فإنما قيل لهم إنما الطاعة في المعروف وما قيل لهم لم لم تطيعوه؟.
وأجاب في الفتح بأن المراد من قصة ابن حذافة قوله تعالى: {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول} [النساء: 59] لأن أهل السرية تنازعوا في امتثال ما أمرهم به فالذين هموا أن يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة والذين امتنعوا عارض عندهم الفرار من النار، فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله إلى رسوله.
11 - باب {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({فلا وربك}) أي فوربك ولا مزيدة لتأكيد القسم لا لتظاهر لا في قوله: ({لا يؤمنون}) لأنها تزاد أيضًا في الإثبات كقوله تعالى: {لا أقسم بهذا البلد} [البلد: 1] قاله في الأنوار كالكشاف وعبارته بعد ذكره نحو ما سبق.
فإن قلت: هلا زعمت أنها زيدت لتظاهر لا في لا يؤمنون قلت: يأبى ذلك استواء النفي والإثبات فيه وذلك قوله تعالى: {فلا أقسم بما تبصرون قومًا لا تبصرون إنه لقول رسول كريم} [الحاقة: 38 - 40] انتهى.
قال في الانتصاف: أراد الزمخشري أنها لما زيدت حيث لا يكون القسم نفيًا دلت على أنها إنما تزاد لتأكيد القسم فجعلت كذلك في النفي والظاهر عندي أنها هنا لتوطئة القسم وهو لم يذكر مانعًا منه إنما ذكر محملًا لغير هذا وذلك لا يأبى مجيئها في النفي على الوجه الآخر
من التوطئة على أن دخولها على المثبت فيه نظر فلم تأت في الكتاب العزيز إلا مع القسم بالفعل {لا أقسم بهذا البلد} [البلد: 1]{لا أقسم بيوم القيامة} [القيامة: 1]{فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة: 75]{فلا أقسم بما تبصرون} [الحاقة: 38] ولم يأت إلا في القسم بغير الله وله سرّ يأبى أن يكون هاهنا لتأكيد القسم، وذلك أن المراد بها تعظيم المقسم به في الآيات المذكورة فكأنه بدخولها يقول إعظامي لهذه الأشياء المقسم بها كلا إعظام إذ هي تستوجب فوق ذلك وإنما يذكر هذا لتوهم وقوع عدم تعظيمها فيؤكد بذلك وبفعل القسم
ظاهرًا، وفي القسم بالله الوهم زائل فلا يحتاج إلى تأكيد فتعين حملها على التوطئة ولا تكاد تجدها في غير الكتاب العزيز داخلة على قسم مثبت أما في النفي فكثير اهـ.
وقيل: إن لا الثانية زائدة والقسم معترض بين حرف النفي والمنفي، وكان التقدير فلا يؤمنون وربك ({حتى يحكموك فيما شجر بينهم}) [النساء: 65] أي فيما اختلف بينهم واختلط وحتى غاية متعلقة بقوله لا يؤمنون أي ينتفي عنهم الإيمان إلى هذه الغاية وهي تحكيمك وعدم وجدانهم الحرج وتسليمهم لأمرك.
4585 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: خَاصَمَ الزُّبَيْرُ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ فِي شَرِيجٍ مِنَ الْحَرَّةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ» فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ: «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ» وَاسْتَوْعَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِي صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِيُّ كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ قَالَ الزُّبَيْرُ: فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إِلَاّ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} .
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) هو غندر قال: (أخبرنا معمر) بميمين مفتوحتين بينهما عين مهملة ساكنة ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب (عن عروة) بن الزبير أنه (قال: خاصم الزبير) بن العوّام (رجلًا من الأنصار) هو ثابت بن قيس بن شماس وقيل حميد وقيل حاطب بن أبي بلتعة (في شريج) بفتح الشين المعجمة وكسر الراء آخره جيم مسيل الماء يكون فى الجبل وينزل إلى السهل (من الحرة) بفتح الحاء وتشديد الراء المهملتين خارج المدينة زاد في باب سكر الأنهار من الشرب، فقال الأنصاري سرّح الماء فأبى عليه فاختصما عند النبي صلى الله عليه وسلم (فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اسق يا زبير ثم أرسل الماء) بهمزة قطع مفتوحة في أرسل (إلى جارك) الأنصاري (فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان) بفتح الهمزة أي حكمت له بالتقديم والترجيح لأن كان (ابن عمتك) صفية بنت عبد المطلب، ولأبي ذر عن الكشميهني: آن كان بهمزة مفتوحة ممدودة استفهام إنكاري وله عن الحموي والمستملي وأن كان بواو وفتح الهمزة، ووقع عند الطبري فقال: اعدل يا رسول الله وأن كان ابن عمتك أي من أجل هذا حكمت له عليّ (فتلون وجهه) عليه الصلاة والسلام أي تغيّر من الغضب لانتهاك حرمة النبوّة، ولأبوي ذر والوقت: فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثم قال: اسق يا زيير ثم احبس الماء) بهمزة وصل فيهما (حتى يرجع) يصير الماء (إلى الجدر) بفتح الجيم وسكون المهملة ما وضع بين شربات النخل كالجدار والمراد به جدران الشربات وهي الحفر التي تحفر في أصول النخل (ثم أرسل الماء إلى جارك) بهمزة قطع في أرسل (واستوعى النبي صلى الله عليه وسلم للزبير حقه) أي استوفاه كله كاملًا حتى كأنه
جمعه في وعاء بحيث لم يترك منه شيئًا (في صريح الحكم حين أحفظه) بالحاء المهملة والفاء والظاء المعجمة أي أغضبه (الأنصاري وكان) صلى الله عليه وسلم (أشار عليهما) في أوّل الأمر (بأمر لهما) ولأبي ذر عن الكشميهني له أي للأنصاري (فيه سعة) وهو الصلح على ترك بعض حق الزبير، فلما لم يرض الأنصاري استقصى عليه الصلاة والسلام للزبير حقه وحكم له به على الأنصاري.
(قال الزبير: فما أحسب هله الآيات إلا نزلت) وفي باب شرب الأعلى من الأسفل من كتاب الشرب فقال الزبير: والله إن هذه الآية أنزلت (في ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}) قيل: وكان هذا الرجل يهوديًّا. وعورض بأنه وصف بكونه أنصاريًّا ولو كان يهوديًا لم يوصف بذلك إذ هو وصف مدح ولا يبعد أن يبتلي غير المعصوم بمثل ذلك عند الغضب مما هو من الصفات البشرية.
وفي المفاتح كالبغوي في معالم التنزيل، وروي أنه لما خرجا مرّا على المقداد فقال: لمن كان القضاء؟ قال الأنصاري لابن عمته ولوى شدقيه ففطن له