الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالإفراد (الليث) بن سعد الإمام (قال: حدّثني) بالإفراد (عبد الرحمن بن خالد بن مسافر) الفهمي المصري (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (أن أبا هريرة) رضي الله عنه: (قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول):
(يقبض الله الأرض ويطوي السماوات) وفي نسخة السماء "بيمينه" يطلق الطيّ على الأدراج كطيّ القرطاس كما قال الله تعالى: {يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب} [الأنبياء: 104] وعلى الإفناء تقول العرب طويت فلانًا بسيفي أي أفنيته وقال القاضي عبر عن إفناء الله تعالى هذه المظلة والمقلة ورفعهما من البين إخراجهما من أن يكونا مأوى ومنزلًا لبني آدم بقدرته الباهرة التي تهون عليها الأفعال العظام التي تتضاءل دونها القوى والقدر وتتحير فيها الأفهام والفكر على طريقة التمثيل والتخييل (ثم يقول: أنا الملك أين ملوك الأرض).
ولمسلم من حديث ابن عمر مرفوعًا "يطوي الله السماوات يوم القيامة ثم يأخذهنّ بيده اليمنى ثم يقول أنا الملك أين الجبارون أين المتكبرون ثم يطوي الأرض بشماله ثم يقول أنا الملك"
الحديث فأضاف طيّ السماوات وقبضها إلى اليمين وطيّ الأرض إلى الشمال تنبيهًا وتخييلًا لما بين المقبوضين من التفاوت والتفاضل.
وحديث الباب أخرجه أيضًا في التوحيد.
4 - باب قَوْلِهِ: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَاّ مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ}
(باب قوله) تعالى: ({ونفخ في الصور}) النفخة الأولى وقرأ الحسن بفتح الواو وجمع صورة وفيه رد على ابن عطية حيث قال إن الصور هنا يتعين أن يكون القرن ولا يجوز أن يكون جمع صورة ({فصعق مَن في السماوات ومَن في الأرض}) خرّ ميتًا أو مغشيًّا عليه ({إلا مَن شاء الله}) متصل والمستثنى قيل جبريل وميكائيل وإسرافيل فإنهم يموتون بعد وقيل حملة العرش وقيل رضوان والحور والزبانية وقال الحسن: الباري تعالى فالاستثناء منقطع وفيه نظر من حيث قوله: {مَن في السماوات ومَن في الأرض} فإنه لا يتحيز ({ثم نفخ فيه أخرى}) هي القائمة مقام الفاعل وهي في الأصل صفة لمصدر محذوف أي نفخة أخرى أو القائم مقامه الجار ({فإذا هم قيام}) قائمون من قبورهم حال كونهم ({ينظرون})[الزمر: 68] البعث أو أمر الله فيهم واختلف في الصعقة فقيل إنها غير الموت لقوله تعالى في موسى: {وخرّ موسى صعقًا} [الأعراف: 143] وهو لم يمت فهذه النفخة تورث الفزع الشديد وحينئذٍ، فالمراد من نفخ الصعقة ونفخ الفزع واحد وهو المذكور في النمل في قوله تعالى:{ونفخ في الصور ففزع مَن في السماوات ومَن في الأرض} [النمل: 87] وعلى هذا فنفخ الصور مرتان فقط وقيل الصعقة الموت فالمراد بالفزع كيدودة الموت من الفزع وشدة الصوت فالنفخة ثلاث مرات نفخة الفزع المذكورة في النمل ونفخة الصعق ونفخة القيام وسقط باب لغير أبي ذر وله ثم نفخ فيه أخرى إلى آخره.
4813 -
حَدَّثَنِي الْحَسَنُ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ خَلِيلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إِنِّي أَوَّلُ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بَعْدَ النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى مُتَعَلِّقٌ بِالْعَرْشِ فَلَا أَدْرِي، أَكَذَلِكَ كَانَ أَمْ بَعْدَ النَّفْخَةِ» .
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر حدّثنا (الحسن) غير منسوب وقد جزم أبو حاتم سهل بن السري الحافظ فيما نقله الكلاباذي بأنه الحسن بن شجاع البلخي الحافظ قال: (حدّثنا إسماعيل بن خليل) الكوفي وهو من مشايخ المؤلّف قال: (أخبرنا عبد الرحيم) بن سليمان الرازي سكن الكوفة (عن زكريا بن أبي زائدة) بن ميمون الهمداني الأعمى الكوفي (عن عامر) هو ابن شراحيل الشعبي (عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(إني أوّل) ولأبي ذر من أوّل (مَن يرفع رأسه بعد النفخة الآخرة) بمد الهمزة (فإذا أنا بموسى) عليه السلام (متعلق بالعرش فلا أدري أكذلك كان) أي أنه لم يمت عند النفخة الأولى واكتفى بصعقة الطور (أم) أحيي (بعد النفخة) الثانية قبلي وتعلق بالعرش كذا قرره الكرماني وقال الداودي فيما حكاه السفاقسي قوله أكذلك الخ وهم لأن موسى مقبور ومبعوث بعد النفخة فكيف يكون ذلك قبلها اهـ.
وأجيب: بأن في حديث أبي هريرة السابق في الأشخاص فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق معهم فأكون أوّل مَن يفيق فإذا موسى باطش جانب العرش فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن
استثنى الله أي فلم يصعق والمراد بالصعق غشي يلحق من سمع صوتًا أو رأى شيئًا ففزع منه وقد وقع التصريح في هذه الرواية بالإفاقة بعد النفخة الثانية.
وأما ما وقع في حديث أبي سعيد فإن الناس يصعقون فأكون أول مَن تنشقّ عنه الأرض فيمكن الجمع بأن النفخة الأولى يعقبها الصعق من جميع الخلق أحيائهم وأمواتهم وهو الفزع ما وقع في النمل ففزع مَن في السماوات ومَن في الأرض، ثم يعقب ذلك الفزع للموتى زيادة فيما هم فيه وللأحياء موتًا، ثم ينفخ الثانية للبعث فيفيقون أجمعون فمن كان مقبورًا انشقت عنه الأرض فخرج من قبره ومن ليس بمقبور لا يحتاج إلى ذلك، وقد ثبت أن موسى ممن قبر في الحياة الدنيا كما في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مررت على موسى ليلة أُسرِيَ بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلّي في قبره". أخرجه عقب حديث أبي هريرة وأبي سعيد.
وقد استشكل كون جميع الخلق يصعقون مع أن الموتى لا إحساس لهم فقيل: المراد أن الذين يصعقون هم الأحياء، وأما الموتى فهم في الاستثناء في قوله: إلا مَن شاء الله أي إلا مَن سبق له الموت قبل ذلك فإنه لا يصعق وإلى هذا جنح القرطبي، ولا يعارضه ما ورد في الحديث أن موسى ممن استثنى الله لأن الأنبياء أحياء عند الله وإن كانوا في صورة الأموات بالنسبة إلى أهل الدنيا.
وقال عياض: يحتمل أن يكون المراد صعقة فزع بعد البعث حين تنشق السماء والأرض وتعقبه القرطبي بأنه صلى الله عليه وسلم صرح بأنه حين يخرج من قبره يلقى موسى وهو متعلق بالعرش، وهذا إنما هو عند نفخة البعث اهـ.
ويرده قوله صريحًا كما تقدم أن الناس يصعقون فأصعق معهم الخ قاله في الفتح.
4814 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا صَالِحٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ» ، قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا؟ قَالَ: أَبَيْتُ قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَبَيْتُ قَالَ: أَرْبَعُونَ شَهْرًا: قَالَ أَبَيْتُ، وَيَبْلَى كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الإِنْسَانِ إِلَاّ عَجْبَ ذَنَبِهِ فِيهِ يُرَكَّبُ الْخَلْقُ. [الحيث 4814 - طرفه في: 4935].
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (عمر بن حفص) بضم العين قال: (حدّثنا)
ولأبي ذر قال: قال (أبي) حفص بن غياث بن طلق النخعي الكوفي قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران (قال: سمعت أبا صالح) ذكوان السمان (قال سمعت أبا هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(بين النفختين) ولأبي ذر عن الكشميهني ما بين النفختين أي نفخة الإماتة ونفخة البعث (أربعون، قالوا) أي أصحاب أبي هريرة ولم يعرف الحافظ ابن حجر اسم أحد منهم (يا أبا هريرة أربعون يومًا؟ قال) أبو هريرة (أبيت) بموحدة أي امتنعت عن تعيين ذلك (قال) أي السائل (أربعون سنة؟ قال) أبو هريرة: (أبيت. قال) السائل: (أربعون شهرًا؟ قال) أبو هريرة (أبيت) أي امتنعت عن تعيين ذلك لأني لا أدري الأربعين الفاصلة بين النفختين أيام أم سنون أم شهور، وعند ابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن أبي هريرة قال بين النفختين أربعون قالوا أربعون ماذا؟ قال: هكذا سمعت وعنده أيضًا من وجه ضعيف عن ابن عباس قال بين النفختين أربعون سنة، وعند ابن المبارك عن الحسن مرفوعًا بين النفختين أربعون سنة يميت الله تعالى بها كل حيّ والأخرى يحيي الله تعالى بها كل ميت، وقال الحليمي: اتفقت الروايات على أن بين النفختين أربعين سنة، وفي جامع ابن وهب أربعين جمعة وسنده منقطع.
(ويبلى) بفتح أوّله أي يفنى (كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه) بفتح العين المهملة وسكون الجيم بعدها موحدة ويقال عجم بالميم أيضًا وهو عظيم لطيف في أصل الصلب وهو رأس العصعص بين الأليتين وعند أبي داود والحاكم وابن أبي الدنيا من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعًا أنه مثل حبة الخردل ولمسلم من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب (فيه يركب الخلق).
ولمسلم أيضًا من طريق همام عن أبي هريرة أن في الإنسان عظمًا لا تأكله الأرض أبدًا فيه يركب يوم القيامة. قال: أي عظم؟ قال: عجب الذنب وهو يرد على المزني حيث قال: إن إلاّ هنا بمعنى الواو أي وعجب الذنب أيضًا يبلى.
وقوله: يبلى كل شيء من الإنسان عامّ يخصّ منه الأنبياء لأن الأرض لا تأكل أجسادهم، وقد ألحق ابن عبد البر بهم الشهداء والقرطبي المؤذن المحتسب.