الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من طريق ابن أبي نجيح عنه ({مشيد}) في قوله: {وبئر معطلة وقصر مشيد} [الحج: 45]. أي (بالقصة) بفتح القاف والصاد المهملة المشددة ولأبي ذر جص بكسر الجيم وتشديد الصاد المهملة والرفع أي هي جص وهذه ثابتة لأبي ذر والمشيد بكسر المعجمة الجص وهو الكلس وقيل المشيد المرفوع البنيان، والمعنى كم من قرية أهلكنا وكم بئر عطلنا عن سقاتها وقصر مشيد أخليناه عن ساكنيه وجعلنا ذلك عبرة لمن اعتبر، وقيل إن البئر المعطلة والقصر المشيد باليمن ولكل أهل فكفروا فأهلكهم الله وبقيا خاليين.
وذكر الإخباريون أن القصر من بناء شداد بن عاد فصار معطلًا لا يستطيع أحد أن يقرب منه على أميال مما يسمع فيه من أصوات الجن المنكرة.
(وقال غيره) أي غير مجاهد في قوله تعالى: {يكادون} ({يسطون}) أي (يفرطون) بفتح التحتية وسكون الفاء وضم الراء المهملة من باب نصر ينصر مشتق (من السطوة) وهي القهر والغلبة وقيل إظهار ما يهول للإخافة (ويقال) هو قول الفراء والزجاج (يسطون) أي (يبطشون) بكسر الطاء وضمها والأول لأبي ذر والمعنى أنهم يهمون بالبطش والوثوب تعظيمًا لإنكار ما خوطبوا به أي يكادون يبطشون بالذين يتلون عليهم آياتنا بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من شدّة الغيظ ويسطون ضمن معنى يبطشون فتعدى تعديته وإلاّ فهو متعد بعلى يقال سطا عليه.
({وهدوا إلى الطيب من القول})[الحج: 24] قال ابن عباس فيما أخرجه الطبري من طريق عليّ بن أبي طلحة أي (ألهموا) ولأبي ذر وهدوا إلى الطيب من القول أي ألهموا القرآن وفي رواية له أيضًا إلى القرآن ورواه ابن المنذر من طريق سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد. وقال ابن عباس: الطيب من القول شهادة أن لا إله إلا الله ويؤيده قوله: {مثل كلمة طيبة} [إبراهيم: 24] وقوله: {إليه يصعد الكلم الطيب} [فاطر: 10] وعنه في رواية عطاء هو قول أهل الجنة: {الحمد لله الذي صدقنا وعده} [الزمر: 74].
({وهدوا إلى صراط الحميد})[الحج: 24] هو (الإسلام) ولأبوي ذر والوقت الإسلام بالجرّ أي إلى الإسلام والحميد هو الله المحمود في أفعاله وهذا ثابت لأبي ذر عن الحموي ساقط لغيره.
(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن المنذر بمعناه ({بسبب}) في قوله: {فليمدد بسبب} [الحج: 15] أي (بحبل إلى سقف البيت) ولفظ ابن المنذر فليمدد بسبب إلى سماء بيته فليختنق به والمعنى من كان يظن أن لن ينصر الله نبيه صلى الله عليه وسلم في الدنيا بإعلاء كلمته وإظهار دينه وفي الآخرة بإعلاء درجته والانتقام من عدوّه فليشدد حبلًا في سقف بيته فليختنق به حتى يموت إن كان ذلك غائظه فإن الله ناصره لا محالة. قال الله تعالى: {إنّا لننصر رسلنا} [غافر: 51] الآية. وقال
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم {فليمدد بسبب إلى السماء} [الحج: 15] أي ليتوصل إلى بلوغ السماء فإن النصر إنما يأتي محمدًا صلى الله عليه وسلم من السماء ثم ليقطع ذلك عنه إن قدر عليه، وقوله ابن عباس أظهر في المعنى وأبلغ في التهكم، فعلى هذا القول الثاني فيه استعارة تمثيلية والأمر للتعجيز وعلى الأوّل كناية عن شدّة الغيظ والأمر للإهانة.
({تذهل}) في قوله: {يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت} [الحج: 2] أي (تشغل) بضم أوّله وفتح ثالثه لهول ما ترى عن أحب الناس إليها ويوم نصب بتذهل والضمير للزلزلة وتكون فيما قاله الحسن يوم القيامة أو عند طلوع الشمس من مغربها كما قاله علقمة والشعبي أو الضمير للساعة وعبر بمرضعة دون مرضع لأن المرضعة التي هي في حال الإرضاع ملقمة ثديها الصبي والمرضع التي من شأنها أن ترضع وإن لم تباشر الإرضاع في حال وصفها به فقيل مرضعة ليدل على أن ذلك الهول إذا فوجئت به هذه وقد ألقمت الرضيع ثديها نزعته من فيه لما يلحقها من الدهشة.
1 - باب {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى} [الحج: 2]
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({وترى الناس سكارى})[الحج: 2] بضم السين وسقط باب وتاليه لغير أبي ذر.
4741 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَقُولُ اللَّهُ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَا آدَمُ يَقُولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ فَيُنَادَي بِصَوْتٍ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ قَالَ: يَا رَبِّ وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ أُرَاهُ قَالَ: تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا وَيَشِيبُ الْوَلِيدُ {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}» فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ ثُمَّ أَنْتُمْ فِي النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَبْيَضِ -أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ- وَإِنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ: «ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ: «شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَكَبَّرْنَا. قَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ {تَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} وَقَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. وَقَالَ جَرِيرٌ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ: سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى.
وبه قال: (حدّثنا عمر بن حفص) قال: (حدّثنا أبي) حفص بن غياث بن طلق الكوفي قال: (حدّثنا الأعمش) سليمان بن مهران قال: (حدّثنا أبو صالح) ذكوان السمان (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه أنه (قال: قال النبي
-صلى الله عليه وسلم):
(يقول الله عز وجل يوم القيامة: يا آدم فيقول: لبيك) يا (ربنا وسعديك فينادي) بفتح الدال (بصوت إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار) بفتح الموحدة وسكون العين المهملة أي مبعوثًا أي نصيبًا والبعث الجيش والجمع أي أخرج من ذريتك الناس الذين هم أهل النار وابعثهم إليها (قال: يا رب وما بعث النار) أي وما مقدار مبعوث النار (قال من كل ألف أراه) بضم الهمزة أي أظنه (قال تسعمائة وتسعة وتسعين).
وفي حديث أبي هريرة عند المؤلّف في باب كيف الحشر من كتاب الرقاق فيقول: أخرج من كل مائة تسعة وتسعين وهو يدل على أن نصيب أهل الجنة من الألف عشرة، وحديث الباب على أنه واحد والحكم للزائد أو يحمل حديث الباب على جميع ذرية آدم فيكون من كل ألف واحد وحديث أبي هريرة على من عدا يأجوج ومأجوج فيكون من كل ألف عشرة.
(فحينئذٍِ تضع الحامل حملها) أي جنينها (ويشيب الوليد) من شدة هول ذلك وهذا على سبيل الفرض أو التمثيل وأصله أن الهموم تضعف القوى وتسرع بالشيب أو يحمل على الحقيقة لأن كل أحد يبعث على ما مات عليه فتبعث الحامل حاملًا والمرضع مرضعة والطفل طفلًا فإذا وقعت زلزلة الساعة، وقيل ذلك لآدم عليه الصلاة والسلام وسمعوا ما قيل له وقع بهم من الوجل ما تسقط معه الحامل ويشيب له الطفل وتذهل المرضعة قاله الحافظ أبو الفضل بن حجر وسبقه إليه القفال (وترى الناس سكارى) أي كأنهم سكارى من شدّة الأمر الذي أصابهم قد دهشت عقولهم وغابت أذهانهم فمن رآهم حسب أنهم سكارى (وما هم بسكارى) على الحقيقة (ولكن عذاب الله شديد) تعليل لإثبات السكر المجازي لما نفي عنهم السكر الحقيقي (فشق ذلك على الناس) الحاضرين (حتى تغيرت وجوههم) من الخوف (فقال النبي صلى الله عليه وسلم من يأجوج ومأجوج) وممن كان على الشرك مثلهم (تسعمائة وتسعة وتسعين) بنصب تسع على التمييز ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف (و) المخرج (منكم) أيها المسلمون وممن كان مثلكم (واحد ثم أنتم في الناس) في المحشر (كالشعرة السوداء) بفتح العين وبسكونها فقط في اليونينية (في جنب الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود) أو للتنويع أو شك الراوي. قال السفاقسي أطلق الشعرة وليس المراد حقيقة الواحدة لأنه لا يكون ثور ليس في جلده غير شعرة واحدة من غير لونه (إني) بالواو وسقطت لأبي ذر (لأرجو أن تكونوا) يريد أمته المؤمنين به (ربع أهل الجنة فكبّرنا) أي قلنا الله أكبر سرورًا بهذه البشارة (ثم قال) عليها السلام (ثلث أهل الجنة فكبرنا) سرورًا (ثم قال) عليه السلام:(شطر أهل الجنة) نصفها وثلث وشطر نصب خبر تكون (فكبرنا) سرورًا واستعظامًا في الثلاثة لهذه النعمة العظمى والمنحة الكبرى، فهذا الاستعظام بعد الاستعظام الأوّل إشارة إلى فوزهم بالبغية.
وعند عبد الله ابن الإمام أحمد في زياداته والطبراني من حديث أبي هريرة زيادة أنتم ثلثا أهل الجنة. وفي الترمذي وصححه من حديث بريدة رفعه أهل الجنة عشرون ومائة صف أمتي منها ثمانون والظاهر أنه صلوات الله وسلامه عليه لما رجا من رحمة الله أن تكون أمته نصف أهل الجنة أعطاه ما رجاه وزاده.
(وقال أبو أسامة) حماد بن أسامة مما وصله في أحاديث الأنبياء وسقطت واو وقال لغير أبي ذر (عن الأعمش) سليمان عن أبي صالح عن أبي سعيد (ترى الناس سكارى) وسقط هذا لأبي ذر (وما هم بسكارى) على وزن كسالى (قال): ولأبي ذر قال: (من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) فوافق حفص بن غياث في روايته عن الأعمش.
(وقال جرير) هو ابن عبد الحميد فيما وصله المؤلّف في الرقاق (وعيسى بن يونس) مما وصله إسحاق بن راهويه في مسنده عنه (وأبو معاوية) محمد بن خازم بالخاء والزاي المعجمتين مما وصله مسلم (سكرى وما هم بسكرى) بفتح السين