المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل": فيما يشتمل على أحكام الجدل، وآدابه، وحده، وصفته - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٤

[ابن النجار الفتوحي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌باب القياس

- ‌فَصْلٌ""الْعِلَّةُ

- ‌فصل من شروط العلة

- ‌فَصْلٌ""لا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ بِحُكْمِ الأَصْلِ

- ‌فصل شروط الفرع

- ‌مَسَالِكُ الْعِلَّةِ

- ‌فَائِدَةٌ""أَعَمُّ الْجِنْسِيَّةِ فِي الْوَصْفِ:

- ‌فَوَائِدُ" تَتَعَلَّقُ بِتَفْسِيرِ بَعْضِ أَلْفَاظٍ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا أَهْلُ الأُصُولِ وَالْجَدَلِ

- ‌فصل: تقسيم القياس ياعتبار قوته وضعفه

- ‌فصل: قوادح العلة

- ‌فصل": فِيمَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامِ الْجَدَلِ، وَآدَابِهِ، وَحَدِّهِ، وَصِفَتِهِ

- ‌فصل في عدم الكلام في مجالس الخوف ونحوه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ فِي الْجَدَلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ الْخُصُومِ فِي الْجَدَلِ

- ‌بَابُ الاسْتِدْلالِ

- ‌فَصْلٌ الاسْتِحْسَانُ

- ‌فوائد في قواعد اللغة

- ‌فصل: تجزؤ الإجتهاد وخلاف العلماء فيه

- ‌فصل: لا ينقض حكم الحاكم في مسألة إجتهادية

- ‌فصل: التفويض لنبي أو مجتهد بالحكم

- ‌فَصْلٌ""نَافِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ

- ‌باب التقليد

- ‌فَصْلٌ""لا يُفْتِي إلَاّ مُجْتَهِدٌ

- ‌فصل: للمفتي رد الفتوى

- ‌بَابُ تَرْتِيبِ الأَدِلَّةِ، وَالتَّعَادُلِ، وَالتَّعَارُضِ، وَالتَّرْجِيحِ

- ‌خَاتِمَةٌ

الفصل: ‌فصل": فيما يشتمل على أحكام الجدل، وآدابه، وحده، وصفته

"‌

‌فصل": فِيمَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامِ الْجَدَلِ، وَآدَابِهِ، وَحَدِّهِ، وَصِفَتِهِ

.

ثُمَّ "الْجَدَلُ" فِي اللُّغَةِ: اللَّدَدُ فِي الْخُصُومَةِ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهَا - جَادَلَهُ، فَهُوَ جَدِلٌ - كَكَتِفٍ - وَمِجْدَلٌ - كَمِنْبَرٍ - وَمِجْدَالٌ - كَمِحْرَابٍ وَجَدَلْتُ الْحَبْلَ - أَجْدِلُهُ جَدْلاً: كَفَتَلْتُهُ1 أَفْتِلُهُ2 فَتْلاً، أَيْ فَتَلْتُهُ فَتْلاً3 مُحْكَمًا، وَالْجَدَالَةُ الأَرْضُ. يُقَالُ: طَعَنَهُ فَجَدَّلَهُ: أَيْ رَمَاهُ فِي الأَرْضِ4.

"وَهُوَ" أَيْ الْجَدَلُ فِي اصْطِلاحِ الْفُقَهَاءِ "فَتْلُ الْخَصْمِ" أَيْ رَدُّهُ بِالْكَلامِ "عَنْ قَصْدِهِ" أَيْ مَا يَقْصِدُهُ مِنْ نَفْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ مِنْ

1 في ش: فتلته.

2 في ش: أفلته.

3 ساقطة من ز.

4 قال الفيروز آبادي: "مِن جَدَلَه يَجْدُلُه ويَجْدِلُه: أحكم فتله، والمِجْدَل: القصر".

انظر القاموس المحيط 3/346، المصباح المنير 1/128، مختار الصحاح ص 96، مقاييس اللغة 1/433، أساس البلاغة ص 111.

ص: 359

غَيْرِهِ"1.

"مَأْمُورٌ بِهِ" خَبَرٌ لِلْمُبْتَدَإِ الَّذِي هُوَ الْجَدَلُ "عَلَى وَجْهِ الإِنْصَافِ، وَإِظْهَارِ الْحَقِّ"2.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الإِيضَاحِ: اعْلَمْ - وَفَّقَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ - أَنَّ مَعْرِفَةَ هَذَا الْعِلْمِ لا يَسْتَغْنِي عَنْهَا نَاظِرٌ3، وَلا يَتَمَشَّى بِدُونِهَا كَلامُ مُنَاظِرٍ؛ لأَنَّ بِهِ تَتَبَيَّنُ صِحَّةُ الدَّلِيلِ مِنْ فَسَادِهِ، تَحْرِيرًا وَتَقْرِيرًا. وَتَتَّضِحُ4 الأَسْئِلَةُ الْوَارِدَةُ مِنْ الْمَرْدُودَةِ إجْمَالاً وَتَفْصِيلاً، وَلَوْلاهُ لاشْتَبَهَ التَّحْقِيقُ فِي5 الْمُنَاظَرَةِ6 بِالْمُكَابَرَةِ، وَلَوْ خُلِّيَ كُلُّ

1 انظر تعريف الجدل في "العِدة 1/184، دستور العلماء 1/385، كشاف اصطلاحات الفنون 1/242، المصباح المنير 1/128، الكليات 2/172، التعريفات للجرجاني ص 41، الكافية في الجدل ص 20، الإحكام لابن حزم 1/41، الفقيه والمتفقه 1/229"، الجدل لابن عقيل ص 1، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 11".

2 وهذا مأمور به لأنه من الجدال المحمود، وهو كل ما أيد الحق، أو أفضى إليه بنية خالصة وطريق صحيح. انظر: مناهج الجدل ص 45، الكافية في الجدل ص 23، الفقيه والمتفقه 1/232، 2/25 وما بعدها، المنهاج في ترتيب الححاج للباجي ص 8.

3 ساقطة من ض.

4 في ش: وتصح.

5 في ض: من.

6 المناظرة والمجادلة والمحاورة والمناقشة والمباحثة ألفاظ مترادفة، وقد توجد بعض الفروق بينهما عند علماء البحث، فيرى بعضهم أن الجدل يراد منه إلزام الخصم ومغالبته، والمناظرة تردد الكلام بين شخصين، ويقصد كل منهما تصحيح =

ص: 360

مُدَّعٍ وَمُدَّعَى مَا يَرُومُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَخْتَارُ، وَلَوْ مُكِّنَ كُلُّ مَانِعٍ مِنْ مُمَانَعَةِ مَا يَسْمَعُهُ مَتَى شَاءَ: لأَدَّى إلَى الْخَبْطِ وَعَدَمِ الضَّبْطِ. وَإِنَّمَا الْمَرَاسِمُ الْجَدَلِيَّةُ تَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَتُبَيِّنُ1 الْمُسْتَقِيمَ مِنْ السَّقِيمِ فَمَنْ لَمْ يُحِطْ بِهَا عِلْمًا كَانَ فِي مُنَاظَرَاتِهِ كَحَاطِبِ لَيْلٍ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الاشْتِقَاقُ. فَإِنَّ الْجَدَلَ مِنْ قَوْلِك: جَدَلْتُ الْحَبْلَ أَجْدِلُهُ جَدْلاً إذَا فَتَلْته فَتْلاً مُحْكَمًا.

وَقَالَ أَيْضًا: أَوَّلُ مَا تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِهِ2: حُسْنُ الْقَصْدِ فِي إظْهَارِ الْحَقِّ طَلَبًا لِمَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ آنَسَ مِنْ نَفْسِهِ الْحَيْدَ عَنْ الْغَرَضِ الصَّحِيحِ فَلْيَكُفَّهَا بِجَهْدِهِ، فَإِنْ مَلَكَهَا، وَإِلَاّ فَلْيَتْرُكْ الْمُنَاظَرَةَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَلْيَتَّقِ السِّبَابَ وَالْمُنَافَرَةَ فَإِنَّهُمَا يَضَعَانِ الْقَدْرَ، وَيُكْسِبَانِ الْوِزْرَ، وَإِنْ زَلَّ خَصْمُهُ فَلْيُوقِفْهُ عَلَى زَلَلِهِ، غَيْرَ مُخْجِلٍ لَهُ بِالتَّشْنِيعِ عَلَيْهِ. فَإِنْ أَصَرَّ أَمْسَكَ، إلَاّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الزَّلَلُ مِمَّا يُحَاذِرُ اسْتِقْرَارَهُ عِنْدَ السَّامِعِينَ، فَيُنَبِّهُهُمْ3 عَلَى الصَّوَابِ فِيهِ بِأَلْطَفِ الْوُجُوهِ جَمْعًا بَيْنَ الْمَصْلَحَتَيْنِ. انتهى.

= قوله. وإبطال قول صاحبه، مع رغبة كل منهما في ظهور الحق، والمحاورة هي المراجعة في الكلام، ومنه التحاور.

انظر: مناهج الجدل ص 25، الكافية في الجدل ص 19، مفتاح السعادة 1/304، 2/599، فواتح الرحموت 2/330.

1 في ب ز: وبين.

2 في ز: به البداءة

3 في ش: فينبه

ص: 361

وَيَدُلُّ عَلَى الأَمْرِ بِهِ الْقُرْآنُ قَالَ1 اللَّهُ تَعَالَى: {وَجَادِلْهُمْ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 2 وَقَالَ تَعَالَى3 {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلَاّ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} 4 وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} 5 "وَفَعَلَهُ الصَّحَابَةُ" رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، كَابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا جَادَلَ الْخَوَارِجَ وَالْحَرُورِيَّةَ، وَرَجَعَ مِنْهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ6 "وَ" فَعَلَهُ "السَّلَفُ" أَيْضًا كَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ7 رَضِيَ اللَّهُ

1 في ب ض: قول.

2 الآية 125 من النحل.

3 ساقطة من ش ب ز.

4 الآية 46 من العنكبوت.

5 الآية 111 من البقرة.

6 روى عبد الرزاق والحاكم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: "لما اعتزلت الحرورية وكانوا في دارٍ على حدتهم، قلت لعلي: يا أمير المؤمنين، أبرِد عن الصلاة لعَلِّي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم

ورجع منهم عشرون ألفاً، وبقي أربعة آلاف، فقاتلوا وقُتِلوا" وروى النسائي وغيره أن علياً بعث ابن عباس لمناظرة أهل النبي صلى الله عليه وسلم من الخوارج، وروى الإمام أحمد والخطيب البغدادي مناظرة عبد الله بن عباس للحرورية.

انظ: مسند أحمد 1/342، الفقيه والمتفقه 1/235، تيسير التحرير 4/219، فواتح الرحموت 2/388.

7 هو الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بن مروان، أبو حفص، خامس الخلفاء الراشدين، القرشي التابعي، ولي الخلافة بعد سليمان بن عبد الملك سنة 99 هـ، وكان خليفة عدلاً صالحاً عالماً زاهداً، أحد فقهاء المدينة، ولد سنة ستين من الهجرة، وأمه أم عاصم حفصة بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولد بحلوان مصر أيام كان أبوه والياً عليها، وهو الذي بدأ بعمارة حلوان، سمع عمر من أنس بن مالك وغيره من الصحابة وجماعات من التابعين، وروى عنه =

ص: 362

تَعَالَى عَنْهُ فَإِنَّهُ جَادَلَ الْخَوَارِجَ أَيْضًا. ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ1 فِي تَارِيخِهِ2.

= خلائق كثيرة، وأجمعوا على جلالته وفضله، ووفور علمه وصلاحه، وزهده وورعه، وعدله، وشفقته، وروى عنه الجماعة من علماء الحديث، وكان منعماً قبل الخلافة، ثم زهد في المال، وأبطل البدع، ورد المظالم، ومناقبه كثيرة، توفي سنة 101هـ، ودفن بدير سمعان، وهي قرية قريبة من المعرة بين حماة وحلب.

1 انظر ترجمته في "فوات الوفيات 2/206، تاريخ الخلفاء، السيوطي ص 228، البداية والنهاية 9/192، طبقات الفقهاء ص 64، تهذيب الأسماء 2/17، تذكرة الحفاظ 1/118، المعارف ص 362، الخلاصة 2/274، غاية النهاية 1/593".

هو إسماعيل بن عمر بن كثير، القرشي، عماد الدين، الحافظ، أبو الفداء، أصله من بصرى الشام، ثم انتقل إلى دمشق، ونشأ بها، وأخذ عن علمائها كابن عساكر والمزي وابن تيمية، وبرع في الفقه والتفسير والنحو والتاريخ والحديث والرجال، وصنف في هذه العلوم جيداً ومفيداً، وانتفع الناس بها، وانتشرت وشاعت، منها: كتاب "التفسير" و"البداية والنهاية" و"الباعث الحثيث إلى معرفة علوم الحديث" و"طبقات الشافعية"، وخرّج أحاديث "مختصر ابن الحاجب" في الأصول، وغيرها، وأضرّ في آخر عمره، وتوفي سنة 774هـ.

انظر ترجمته في "الدرر الكامنة 1/399، البدر الطالع 1/153، ذيل تذكرة الحفاظ ص 57، 361، الأعلام 1/317، شذرات الذهب 6/231، الرسالة المستطرفة ص 175".

2 البداية والنهاية 9/187.

وهذا هو الجدل المحمود الذي عرفه الخطيب البغدادي بقوله: "هو طلب الحق ونصره، وإظهار الباطل، وبيان فساده" ثم قال: "وإن الخصام بالباطل هو اللدد

" "الفقيه والمتفقه 1/235".

انظر مزيداً من أدلة جواز الجدال الممدوح، ومناقشة أدلة مانعي الجدل في "مناهج الجدل ص 45 وما بعدها، الفقيه والمتفقه 1/232 وما بعدها، الكافية في الجدل ص 23 وما بعدها، الإحكام لابن حزم 1/19 وما بعدها".

ص: 363

"فَأَمَّا" إذَا كَانَ1 الْجَدَلُ "عَلَى وَجْهِ الْغَلَبَةِ وَالْخُصُومَةِ وَالْغَضَبِ وَ" وَجْهِ "الْمِرَاءِ2 وَهُوَ" أَيْ الْمِرَاءُ "اسْتِخْرَاجُ غَضَبِ الْمُجَادَلِ: فَمُزِيلٌ عَنْ طَرِيقِ3 الْحَقِّ، وَإِلَيْهِ انْصَرَفَ النَّهْيُ عَنْ قِيلَ وَقَالَ4 وَفِيهِ" أَيْ فِي الْمِرَاءِ "غَلْقُ بَابِ الْفَائِدَةِ، وَفِي الْمُجَالَسَةِ5 لِلْمُنَاصَحَةِ فَتْحُهُ" أَيْ فَتْحُ بَابِ الْفَائِدَةِ.

قَالَ الْبَرْبَهَارِيُّ وَهُوَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ6 - فِي كِتَابِ شَرْحِ السُّنَّةِ لَهُ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي

1 في ض: فأما.

2 المراء واللدد وغيرهما من الجدل المذموم، وهو كل ما ناصر الباطل أو أفضى إلى باطل، وهذا هو الجدل المنهي عنه.

انظر: مناهج الجدل ص 54، 57، إحياء علوم الدين 9/1553 وما بعدها، الإحكام لابن حزم 1/19، 26، الكافية في الجدل ص 22، الفقيه والمتفقه 1/233.

3 في ض: في.

4 روى البخاري ومسلم ومالك وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال" ورواه أحمد والدارمي عن المغيرة مرفوعاً، وسوف يذكر المصنف نصه فيما بعد ص 373، 421.

انظر: صحيح البخاري مع حاشية السندي 2/40، 4/175، صحيح مسلم بشرح النووي 12/10، الموطأ ص 612، مسند أحمد 2/326، 4/264، 249، 250، 255، سنن الدارمي 2/310.

5 في ش: المجادلة.

6 سبقت ترجمته 1/81.

ص: 364

السُّنَّةِ قِيَاسٌ وَلا يُضْرَبُ1 لَهَا2 الأَمْثَالُ، وَلا يُتَّبَعُ3 فِيهَا الأَهْوَاءُ4، بَلْ هُوَ التَّصْدِيقُ بِآثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِلا كَيْفَ وَلا شَرْحٍ، وَلا يُقَالُ: لِمَ؟ وَلا5 كَيْفَ؟ فَالْكَلامُ6 وَالْخُصُومَةُ وَالْجِدَالُ وَالْمِرَاءُ مُحْدَثٌ، يَقْدَحُ الشَّكَّ فِي الْقَلْبِ، وَإِنْ أَصَابَ صَاحِبُهُ السُّنَّةَ وَالْحَقَّ - إلَى أَنْ قَالَ - وَإِذَا سَأَلَك رَجُلٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي هَذَا الْبَابِ، وَهُوَ7 مُسْتَرْشِدٌ، فَكَلِّمْهُ وَأَرْشِدْهُ، وَإِنْ جَاءَك يُنَاظِرُك فَاحْذَرْهُ فَإِنَّ فِي8 الْمُنَاظَرَةِ الْمِرَاءَ وَالْجِدَالَ وَالْمُغَالَبَةَ9 وَالْخُصُومَةَ وَالْغَضَبَ، وَقَدْ نُهِيتَ عَنْ جَمِيعِ هَذَا10، وَهُوَ يُزِيلُ عَنْ طَرِيقِ الْحَقِّ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ فُقَهَائِنَا وَعُلَمَائِنَا أَنَّهُ جَادَلَ أَوْ نَاظَرَ أَوْ خَاصَمَ.

وَقَالَ أَيْضًا: الْمُجَالَسَةُ11 لِلْمُنَاصَحَةِ فَتْحُ بَابِ الْفَائِدَةِ،

1 في ش: تضرب.

2 في ب ض ز: له.

3 في ش: تتبع.

4 في ب ض: فيه.

5 ساقطة من ب ض ز.

6 في ب ز: الكلام.

7 في ض: وهو من.

8 ساقطة من ض.

9 ساقطة من ض.

10 في ز: ذلك.

11 في ش: المجادلة.

ص: 365

وَالْمُجَالَسَةُ1 لِلْمُنَاظَرَةِ غَلْقُ بَابِ الْفَائِدَةِ. انْتَهَى2.

"وَمَا يَقَعُ بَيْنَ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ: أَوْفَقُ مَا يُحْمَلُ الأَمْرُ فِيهِ: بِأَنْ يَخْرُجَ مَخْرَجَ الإِعَادَةِ وَالدَّرْسِ"

"وَأَمَّا اجْتِمَاعُ مُتَجَادِلَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمْ لا يَطْمَعُ أَنْ يَرْجِعَ إنْ ظَهَرَتْ حُجَّةٌ وَلا فِيهِ مُؤَانَسَةٌ، وَ" لا فِيهِ "مَوَدَّةُ وَتَوْطِئَةُ الْقُلُوبِ لِوَعْيِ حَقٍّ3: فَمُحْدَثٌ4 مَذْمُومٌ5".

قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: الْجَدَلُ الَّذِي يَقَعُ بَيْنَ أَرْبَابِ6 الْمَذَاهِبِ أَوْفَقُ مَا يُحْمَلُ الأَمْرُ فِيهِ: بِأَنْ يَخْرُجَ مَخْرَجَ الإِعَادَةِ وَالدَّرْسِ، فَأَمَّا اجْتِمَاعُ جَمْعٍ مُتَجَاذِبِينَ7 فِي مَسْأَلَةٍ، مَعَ أَنَّ كُلاًّ مِنْهُمْ لا يَطْمَعُ أَنْ يَرْجِعَ إنْ ظَهَرَتْ حُجَّةٌ، وَلا فِيهِ مُؤَانَسَةٌ وَمَوَدَّةٌ، وَتَوْطِئَةُ الْقُلُوبِ لِوَعْيِ حَقٍّ، بَلْ هُوَ8 عَلَى الضِّدِّ، فَتَكَلَّمَ فِيهِ الْعُلَمَاءُ - كَابْنِ بَطَّةَ - وَهُوَ مُحْدَثٌ.

1 في ش: المجادلة.

2 ساقطة من ض.

3 في ش: حق.

4 في ش: فحدث.

5 انظر تفصيبل الكلام عن الجدال الممدوح والجدال المذموم، والفرق بينهما في "مناهج الجدل ص 44، إحياء علوم الدين 9/1552، الكافي في الجدل ص 22، الإحكام لابن حزم 1/19، 23، الفقيه والمتفقه /230، 232 وما بعدها، 235".

6 ساقطة من ض ز.

7 في ش: متجادلين.

8 في ش ض: هي.

ص: 366

قَالَ1 ابْنُ مُفْلِحٍ: وَمَا قَالَهُ صَحِيحٌ، وَذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ الْعُلَمَاءِ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ2 عَنْ أَبِي غَالِبٍ3 -وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "مَا ضَلَّ قَوْمٌ بَعْدَ هُدًى كَانُوا عَلَيْهِ إلَاّ أُوتُوا الْجَدَلَ" ثُمَّ تَلا:{مَا ضَرَبُوهُ لَك إلَاّ جَدَلاً} 4.

وَلأَحْمَدَ عَنْ مَكْحُولٍ5 عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ مَرْفُوعًا- "لا يُؤْمِنُ الْعَبْدُ الإِيمَانَ كُلَّهُ حَتَّى يَتْرُكَ الْمِرَاءَ، وَإِنْ كَانَ

1 في ش: وقال.

2 رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد والخطيب البغدادي عن أبي أمامة مرفوعاً، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

انظر: جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 9/130، سنن ابن ماجة 1/19، مسند أحمد 5/252، 256، الفقيه والمتفقه 2/230.

3 اسمه حَزَوَّر، أبو غالب، صاحب أبي أمامة، وقيل: اسمه سعيد بن حَزَوَّر، وقيل: نافع، روى عن أنس بن مالك، وروى عنه مالك بن دينار وحماد بن سلمة وابن عيينة، وأخرج له أبو داود والترمذي.

واختلف في روايته، فصححها الترمذي، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن حبان: لا يحتج به.

انظر: ميزان الاعتدال 1/477، 4/560، المغني في الضعفاء 1/155، الخلاصة 3/237.

4 الآية 58 من الزخرف.

5 هو مكحول بن زيد، ويقال ابن أبي مسلم بن شاذل، التابعي، أبو عبد الله، الدمشقي، كان من سبي كابل فأعتق بمصر، ثم تحول إلى دمشق فسكنها إلى أن مات بها، وهو من فقهاء أهل الشام وصالحيهم، وجماعيهم للعلم، سمع عدداً من الصحابة والتابعين، وروى عنه الزهري والأوزاعي وخلائق لا يحصون، قال أبو حاتم: ما أعلم بالشام أفقه من مكحول، وكان يكثر من الأحاديث المرسلة، =

ص: 367

مُحِقًّا" 1.

وَلِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا "لا تُمَارِ أَخَاك"2.

وَلأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا "أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا"3.

وَلابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ - وَحَسَّنَهُ - عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَرْدَانَ4

= واتفقوا على توثيقه، وكان به عجمة في لسانه، توفي بالشام سنة 118 هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "تهذيب الأسماء 2/113، وفيات الأعيان 4/368، تذكرة الحفاظ 1/107، الخالصة 3/54، طبقات الحفاظ ص 43، شذرات الذهب 1/146، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/584، مشاهير علماء الأمصار ص 114، المعارف ص 452".

1 جاء لفظ هذا الحديث عند أحمد عن مكحول عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب من المزاحة، ويترك المراء، وإن كان صادقاً" وفي رواية أخرى عن مكحول عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاح والمراء وإن كان صادقاً".

انظر مسند أحمد 2/352، 364.

2 هذا طرف من حديث غريب، قال الترمذي: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وروى الدارمي عن مسلم بن يسار قال:"إياكم والمراء".

انظر جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 6/131، سنن الدارمي 1/109.

3 رَبَض الجنة: ما حولها خارجاً عنها.

وانظر: سنن أبي داود 2/553، النهاية في غريب الحديث 2/185.

4 هو سلمة بن وردان، الليثي مولاهم، أبو يعلى، المدني، التابعي، روى عن أنس ومالك بن أوس، ورأى جابراً، وروى عن ابن المبارك وأبو نُعيم وابن وهب =

ص: 368

-وَهُوَ ضَعِيفٌ- عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا "مَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَهُوَ مُحِقٌّ بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ1 فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ"2.

"وَلَوْلا مَا يَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِ الْبَاطِلِ وَاسْتِنْقَاذِ الْهَالِكِ بِالاجْتِهَادِ3 فِي رَدِّهِ عَنْ ضَلالَتِهِ لَمَا حَسُنَ" أَيْ الْجِدَالُ4 "لِلإِيحَاشِ غَالِبًا، لَكِنْ فِيهِ أَعْظَمُ الْمَنْفَعَةِ مَعَ قَصْدِ نُصْرَةِ الْحَقِّ، أَوْ" قَصْدِ "التَّقَوِّي عَلَى الاجْتِهَادِ لا الْمُغَالَبَةِ، وَبَيَانِ الْفَرَاهَةِ5" نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْهُمَا6.

= والقعنبي وغيرهم، ضعفه أحمد وأبو داود وابن معين والدارقطني، وأخرج له الترمذي وابن ماجة، مات في خلافة المنصور.

انظر: ميزان الاعتدال 2/193، الخلاصة 1/405، المغني في الضعفاء 1/276، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/227.

1 ساقطة من ب ز.

2 قال الترمذي: هذا حديث حسن، لا نعرفه إلا من حديث مسلمة بن وردان عن أنس.

انظر: جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 6/126 وما بعدها، سنن ابن ماجة 1/19.

3 في ض: باجتهاد.

4 في ز: الجدل.

5 الفراهة: من فرِه من باب طرِب: أشِر وبطِِر، والفراهة والفراهية والفروهة: الحذق بالشيء والملاحة والحسن والصباحة، وجارية فرهاء أي حسناء، والفاره الحاذق بالشيء، وفارهين حاذقين، وفرهين أي أشرين بطرين.

انظر: المصباح المنير 2/664، المفردات في غريب القرآن ص 378، القاموس المحيط 4/289.

6 في ش ب: منها.

ص: 369

"فَإِنَّ طَلَبَ الرِّيَاسَةِ1 وَ" طَلَبَ "التَّقَدُّمِ بِالْعِلْمِ يُهْلِكُ.

وَالْمُعَوَّلُ فِيهِ: عَلَى إظْهَارِ الْحُجَّةِ، وَإِبْطَالِ الشُّبْهَةِ، فَيُرْشِدُ الْمُسْتَرْشِدَ، وَيُحَذِّرُ الْمَنَاظِرَ"2.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: وَكُلُّ جَدَلٍ لَمْ يَكُنْ الْغَرَضُ فِيهِ نُصْرَةَ الْحَقِّ فَإِنَّهُ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ، وَالْمَضَرَّةُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ؛ لأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تُوحِشُ، وَلَوْلا مَا يَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِ الْبَاطِلِ، وَاسْتِنْقَاذِ الْهَالِكِ بِالاجْتِهَادِ فِي رَدِّهِ عَنْ ضَلالَتِهِ، لَمَا حَسُنَتْ الْمُجَادَلَةُ لِلإِيحَاشِ فِيهَا غَالِبًا، وَلَكِنْ فِيهَا أَعْظَمُ الْمَنْفَعَةِ إذَا قَصَدَ بِهَا نُصْرَةَ الْحَقِّ، وَالتَّقَوِّي عَلَى الاجْتِهَادِ وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ قَصْدِ الْمُغَالَبَةِ، وَبَيَانِ الْفَرَاهَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْتَنِبَهُمَا3.

وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: طَلَبُ الرِّيَاسَةِ وَالتَّقَدُّمِ بِالْعِلْمِ يُهْلِكُ، ثُمَّ ذَكَرَ اشْتِغَالَ أَكْثَرِهِمْ فِي الْجَدَلِ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِهِمْ فِي الْمَسَاجِدِ، وَإِنَّمَا4 الْمَقْصُودُ الْغَلَبَةُ وَالرِّفْعَةُ، وَإِفْتَاءُ مَنْ لَيْسَ أَهْلاً وَقَالَ أَيْضًا فِي قَوْله تَعَالَى:{فَلا يُنَازِعُنَّك فِي الأَمْرِ5} :

1 في ز: في.

2 انظر: الفقيه والمتفقه 2/25 وما بعدها.

3 في ش: يجتنبه.

4 في ض: فإنما.

5 الآية 67 من الحج.

ص: 370

أَيْ فِي الذَّبَائِحِ. وَالْمَعْنَى: فَلا تُنَازِعُهُمْ1، وَلِهَذَا قَالَ:{وَإِنْ جَادَلُوك فَقُلْ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} 2 قَالَ3: وَهَذَا أَدَبٌ حَسَنٌ، عَلَّمَهُ اللَّهُ -تَعَالَى- عِبَادَهُ لِيَرُدُّوا بِهِ4 مَنْ جَادَلَهُمْ بِهِ5 تَعَنُّتًا وَلا يُجِيبُوهُ6.

"فَلَوْ""بَانَ لَهُ سُوءُ قَصْدِ خَصْمِهِ""تَوَجَّهَ تَحْرِيمُ مُجَادَلَتِهِ".

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: تَوَجَّهَ فِي تَحْرِيمِ مُجَادَلَتِهِ خِلافٌ، كَدُخُولِ مَنْ لا جُمُعَةَ عَلَيْهِ فِي الْبَيْعِ مَعَ مَنْ تَلْزَمُهُ لَنَا فِيهِ وَجْهَانِ.

قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: قُلْت: وَ7الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ التَّحْرِيمُ.

"وَيَبْدَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا" أَيْ مِنْ الْمُتَجَادِلَيْنِ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْجِدَالِ "بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ" أَيْ عَلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى8.

قَالَ فِي الْوَاضِحِ: وَمِنْ أَدَبِ الْجِدَالِ9: أَنْ يَجْعَلَ السَّائِلُ

1 زاد المسير 5/448-449.

2 الآية 68 من الحج.

3 ساقطة م ض، وفي ب: قالوا.

4 ساقطة من ش.

5 في ب ض ز: جادل.

6 زاد المسير 5/450.

7 ساقطة من ض ز.

8 انظر: الكافية في الجدل ص 529، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 9.

9 في ب ز: الجدل.

ص: 371

وَالْمَسْئُولُ مَبْدَأَ كَلامِهِمَا1 حَمْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالثَّنَاءَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ "كُلَّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَمْ يُبْدَأْ فِيهِ بِبَسْمِ اللَّهِ، فَهُوَ أَبْتَرُ" 2، وَيَجْعَلا3 قَصْدَهُمَا أَحَدَ أَمْرَيْنِ، وَيَجْتَهِدَا4 فِي اجْتِنَابِ الثَّالِثِ فَأَعْلَى الثَّلاثَةِ مِنْ الْمَقَاصِدِ: نُصْرَةُ الْحَقِّ5 بِبَيَانِ الْحُجَّةِ، وَدَحْضُ الْبَاطِلِ بِإِبْطَالِ الشُّبْهَةِ، لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا، وَالثَّانِي: الإِدْمَانُ لِلتَّقَوِّي عَلَى الاجْتِهَادِ مِنْ مَرَاتِبِ الدِّينِ الْمَحْمُودَةِ فَالأُولَى: كَالْجِهَادِ6، وَالثَّانِيَةُ: كَالْمُنَاضَلَةِ الَّتِي يُقْصَدُ بِهَا التَّقَوِّي عَلَى الْجِهَادِ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ الْمُغَالَبَةُ وَبَيَانُ الْفَرَاهَةِ عَلَى الْخَصْمِ، وَالتَّرْجِيحُ7 عَلَيْهِ فِي الطَّرِيقَةِ. انْتَهَى.

"وَلِلسَّائِلِ" وَهُوَ الْقَائِلُ: مَا حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ؟ "إلْجَاءُ مَسْئُولٍ" وَهُوَ الْمُتَصَدِّي لِلاسْتِدْلالِ "إلَى الْجَوَابِ، فَيُجِيبُ، أَوْ يُبَيِّنُ عَجْزَهُ وَلا يُجِيبُ" مَنْ سَأَلَهُ "مُنْصِحًا" بِالسُّؤَالِ "تَعْرِيضًا" بِالْجَوَابِ8.

1 في ب ض ز: كلامه.

2 هذا الحديث سبق تخريجه 1/22 ورواه أحمد عن أبي هريرة، "انظر: مسند أحمد 2/359".

3 في ش: ويجعلان.

4 في ش: ويجتهد.

5 في ب ض ز: الله تعالى.

6 في ض: كالاجتهاد.

7 في ش ز: والترجح.

8 قال الجويني عن الجدل: "وهو ينقسم إلى سؤال وجواب، ومنهم من قال: إلى =

ص: 372

"وَعَلَيْهِ" أَيْ وَ1عَلَى الْمُجِيبِ "أَنْ يُجِيبَهُ فِيمَا فِيهِ خِلافٌ بَيْنَهُمَا لِتَظْهَرَ حُجَّتُهُ".

وَالْكَلامُ فِي هَذَا الشَّأْنِ إنَّمَا يُعَوَّلُ فِيهِ عَلَى الْحُجَّةِ لِتَظْهَرَ، وَالشُّبْهَةِ لِتَبْطُلَ، وَإِلَاّ فَهَذْرٌ، وَهُوَ الَّذِي رُفِعَتْ لِشُؤْمِهِ2 لَيْلَةُ الْقَدْرِ3، وَإِلَيْهِ انْصَرَفَ النَّهْيُ عَنْ قِيلَ وَقَالَ.

وَمِنْ كَلامِ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: يَنْبَغِي لِلسَّائِلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْمَعْنَى الْمَطْلُوبِ فِي السُّؤَالِ، فَإِنْ عَدَلَ الْمُجِيبُ لَمْ يَرْضَ مِنْهُ إلَاّ بِالرُّجُوعِ إلَى جَوَابِ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ. مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ السَّائِلُ: هَلْ يَحْرُمُ النَّبِيذُ؟ فَيَقُولَ الْمُجِيبُ: قَدْ حَرَّمَهُ قَوْمٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ. هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْجَدَلِ لَيْسَ بِجَوَابٍ، وَلِلسَّائِلِ أَنْ يُضَايِقَهُ فِي ذَلِكَ، بِأَنْ يَقُولَ4: لَمْ أَسْأَلْك عَنْ هَذَا، وَلا بَانَ مِنْ سُؤَالِي إيَّاكَ جَهْلِي

= ثلاثة، فزاد الإلزام، وهو داخل في السؤال، لأنه طلب الانفصال" "الكافية في الجدل ص 72". وانظر العدة 1/184.

1 ساقطة من ض ز.

2 في ب ش: بشؤمه.

3 روى الإمام البخاري عن أنس عن عبادة بن الصامت "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يخبر بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: "إني خرجت لأخبركم بليلة القدر، وأنه تلاحى فلان وفلان فرُفعت، وعسى أن يكون خيراً لكم، التمسوها في السبع والتسع والخمس"، ورواه أحمد عن أنس عن عبادة، ورواه الدارمي عن أنس عن عبادة.

انظر صحيح البخاري بحاشية السندي 1/235، مسند أحمد 5/319، سنن الدارمي 1/27.

4 في ض: فيقول.

ص: 373

بِأَنَّ قَوْمًا حَرَّمُوهُ، وَلا سَأَلْتُك عَنْ مَذْهَبِ النَّاسِ فِيهِ، بَلْ سَأَلْتُكَ: أَحَرَامٌ هُوَ؟ فَجَوَابِي أَنْ تَقُولَ: حَرَامٌ1، أَوْ لَيْسَ بِحَرَامٍ، أَوْ لا2 أَعْلَمُ فَإِذَا ضَايَقَهُ أَلْجَأَهُ إلَى الْجَوَابِ، أَوْ بَانَ جَهْلُهُ بِتَحْقِيقِ الْجَوَابِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيبَ بِالتَّعْرِيضِ لِمَنْ سَأَلَهُ بِالإِفْصَاحِ، فَإِذَا سَأَلَهُ السَّائِلُ بِالإِفْصَاحِ لَمْ يَقْنَعْ3 بِالْجَوَابِ4 إلَاّ بِالإِفْصَاحِ5. انْتَهَى.

وَقَالَ أَيْضًا: وَلا يَصِحُّ الْجَدَلُ مَعَ الْمُوَافَقَةِ فِي الْمَذْهَبِ، إلَاّ أَنْ يَتَكَلَّمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُبَاحَثَةِ، فَيَتَقَدَّرُونَ6 الْخِلافَ لِتَصِحَّ الْمُطَالَبَةُ، وَيَتَمَكَّنَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْمَسْئُولِ أَنْ يُجِيبَ السَّائِلَ عَنْ كُلِّ مَا سَأَلَهُ عَنْهُ إنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِيهِ خِلافٌ، لِتَظْهَرَ حُجَّتُهُ فِيهِ وَسَلامَتُهُ عَنْ الْمَطَاعِنِ عَلَيْهِ، وَإِلَاّ خَرَجَ7 عَنْ حَدِّ السُّؤَالِ الْجَدَلِيِّ. انْتَهَى.

"وَلِلسَّائِلِ أَنْ يَقُولَ" لِلْمُجِيبِ إذَا أَجَابَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تَظْهَرْ لَهُ حِكْمَتُهُ "لِمَ ذَاكَ؟ فَإِنْ قَالَ" الْمُجِيبُ "لأَنَّهُ لا فَرْقَ قَالَ" السَّائِلُ:

1 في ش: حرام هو.

2 في ب ض ز: لم.

3 ساقطة من ش.

4 في ش: الجواب.

5 انظر ما يجب على المسؤول في الجدال في "الكافية في الجدل ص 99".

6 في ش: فيتقدرون.

7 في ب: والإخراج.

ص: 374

"دَعْوَاك لِعَدَمِ الْفَرْقِ كَدَعْوَاك لِلْجَمْعِ1، وَنُخَالِفُك فِيهِمَا، فَإِنْ قَالَ" الْمُجِيبُ "لا أَجِدُ فَرْقًا، قَالَ" السَّائِلُ "لَيْسَ كُلُّ مَا لَمْ تَجِدْهُ يَكُونُ بَاطِلاً" وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُجِيبُ: لَوْ جَازَ كَذَا لَجَازَ كَذَا2، فَهُوَ كَقَوْلِ السَّائِلِ: إذَا كَانَ كَذَا، فَلِمَ لا يَجُوزُ كَذَا؟ إلَاّ أَنَّهُ لا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْعِلَّةِ الْمُوَافِقَةِ بَيْنَهُمَا؛ لأَنَّهُ مِنْ فَرْضِ الْمُجِيبِ، وَيَلْزَمُ الْمُجِيبَ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ، فَلَوْ كَانَ لِلْمُجِيبِ أَنْ يَقُولَ لَهُ: وَمَنْ أَثْبَتَهَا؟ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَصِيرَ سَائِلاً، وَكَانَ عَلَى السَّائِلِ أَنْ يَصِيرَ مُجِيبًا، وَكَانَ لَهُ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ: وَلِمَ تُنْكِرُ3 تَشَابُهَهُمَا، وَالْمُجِيبُ مُدَّعِيهِ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ سُؤَالَ الْجَدَلِ4 عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ: سُؤَالٌ عَنْ الْمَذْهَبِ، وَسُؤَالٌ عَنْ الدَّلِيلِ، وَسُؤَالٌ عَنْ وَجْهِ الدَّلِيلِ، وَسُؤَالٌ عَنْ تَصْحِيحِ الدَّعْوَى فِي الدَّلِيلِ، وَسُؤَالٌ عَنْ الإِلْزَامِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ5.

1 في ش: للجميع.

2 ساقطة من ش.

3 في ش ب ض: ينكر.

4 في ش ز: الجدل.

5 قال الجويني: "والحروف التي يقع بها السؤال تسمى أدوات السؤال

، فالذي عليه جمهور أهل النحو أنها عشرة: هل، والألف، وأم، وما، ومن، وأي، ومتى، وكيف، وأين، وكم، وبعض الفقهاء زاد عليها ثلاثة: لم، وعمَّ، وبم، ومنهم من زاد اثنتين: أما، وألا، حتى صارت خمسة عشر" "الكافية في الجدل ص 73". =

ص: 375

وَتَحْسِينُ الْجَوَابِ وَتَحْرِيرُهُ1 يَقْوَى بِهِ الْعِلْمُ وَالْعَمَلُ2، فَأَوَّلُ ضُرُوبِ الْجَوَابِ: الإِخْبَارُ عَنْ مَاهِيَّةِ الْمَذْهَبِ، ثُمَّ الإِخْبَارُ عَنْ مَاهِيَّةِ بُرْهَانِهِ، ثُمَّ وَجْهُ دَلالَةِ الْبُرْهَانِ عَلَيْهِ، ثُمَّ إجْرَاءُ الْعِلَّةِ فِي الْمَعْلُولِ، وَحِيَاطَتُهُ مِنْ3 الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالنُّقْصَانِ مِنْهُ، لِئَلَاّ يَلْحَقَ بِهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَيَخْرُجَ عَنْهُ مَا هُوَ مِنْهُ.

وَالْحُجَّةُ فِي تَرْتِيبِ الْجَوَابِ كَالْحُجَّةِ فِي تَرْتِيبِ السُّؤَالِ؛ لأَنَّ كُلَّ ضَرْبٍ مِنْ ضُرُوبِ الْجَوَابِ مُقَابَلٌ بِضَرْبٍ4 مِنْ ضُرُوبِ السُّؤَالِ5.

"وَيُشْتَرَطُ انْتِمَاءُ سَائِلٍ إلَى مَذْهَبِ ذِي مَذْهَبٍ لِلضَّبْطِ" قَالَهُ الْجَوْزِيُّ وَالْفَخْرُ، وَزَادَ: وَإِنْ كَانَ الأَلْيَقُ بِحَالِهِ التَّجَرُّدَ عَنْ الْمَذَاهِبِ "وَأَنْ لا6 يَسْأَلَ عَنْ أَمْرٍ جَلِيٍّ، فَيَكُونَ7 مُعَانِدًا".

= وانظر: الفقيه والمتفقه 2/40 وما بعدها، الجدل لابن عقيل ص 42، المنهاد في ترتيب الحجاج ص 34.

1 في ش ز: وتحديده.

2 في ب ض: العمل بالعلم.

3 في ش: في.

4 في ز: لضرب.

5 انظر أقسام السؤال الجدلي والجواب عنه في "الكافية في الجدل ص 77، فواتح الرحموت 2/331، الفقيه والمتفقه 2/40 وما بعدها، المسودة ص 552، الجدل لابن عقيل ص 42، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 34".

6 ساقطة من ش.

7 في ش: وإلا فيكون.

ص: 376

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ فِي الإِيضَاحِ: وَيَلْزَمُهُ الانْتِمَاءُ إلَى مَذْهَبِ ذِي مَذْهَبٍ صِيَانَةً لِلْكَلامِ عَنْ النَّشْرِ الَّذِي لا يُجْدِي، فَإِنَّ الْمُسْتَدِلَّ إذَا ذَكَرَ مَثَلاً الإِجْمَاعَ دَلِيلاً فَلا فَائِدَةَ مِنْ1 تَمْكِينِ السَّائِلِ مِنْ مُمَانَعَةِ كَوْنِهِ حُجَّةً، بَعْدَمَا اتَّفَقَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهِ الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ وَغَيْرُهُمْ، وَيَتَعَيَّنُ قَصْدُ الاسْتِفْهَامِ وَتَرْكُ التَّعَنُّتِ2، وَلا يُمَكَّنُ الْمُدَاخِلُ مِنْ إيرَادِ3 أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ الدَّلِيلِ، بِمَا النَّظَرُ فِيهِ4 يُفْسِدُ الدَّلِيلَ، كَالْقَلْبِ وَالْمُعَارَضَةِ؛ لأَنَّ ذَلِكَ وَظِيفَةُ الْمُعْتَرِضِ.

"وَيُكْرَهُ اصْطِلاحًا تَأْخِيرُ الْجَوَابِ" وَهُوَ الْحُكْمُ الْمُفْتَى بِهِ، تَأْخِيرًا "كَثِيرًا".

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي الدَّلِيلِ عَقِبَ السُّؤَالِ عَنْهُ، وَإِنْ أَخَّرَهُ لَمْ يَكُنْ مُنْقَطِعًا إلَاّ إنْ عَجَزَ عَنْهُ مُطْلَقًا.

"وَلا يَكْفِي عَزْوُ حَدِيثٍ إلَى غَيْرِ أَهْلِهِ" أَيْ أَهْلِ الْحَدِيثِ؛ لأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ مَا يُحْتَجُّ بِهِ مِنْ الأَحَادِيثِ، بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ صَحَّحَهُ أَوْ حَسَّنَهُ.

1 في ز: في.

2 في ب ز: العنت.

3 ساقطة من ش.

4 في: ما النظر فيه، وفي ب ض ز: بالنظر إليه.

ص: 377

"وَيَنْقَطِعُ السَّائِلُ بِعَجْزِهِ عَنْ بَيَانِ السُّؤَالِ، وَ" بَيَانِ "طَلَبِ الدَّلِيلِ، وَ" طَلَبِ "وَجْهِهِ" أَيْ وَجْهِ الدَّلِيلِ "وَطَعْنِهِ فِي دَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ وَمُعَارَضَتِهِ" لِدَلِيلِ الْمُسْتَدِلِّ "وَانْتِقَالِ" السَّائِلِ "إلَى دَلِيلٍ آخَرَ، أَوْ" إلَى "مَسْأَلَةٍ أُخْرَى قَبْلَ تَمَامِ" الْمَسْأَلَةِ "الأُولَى"1.

قَالَ فِي الْوَاضِحِ: اعْلَمْ أَنَّ الانْقِطَاعَ هُوَ الْعَجْزُ عَنْ إقَامَةِ الْحُجَّةِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ابْتَدَأَ مِنْهُ2 الْمَقَالَةَ.

وَالانْقِطَاعُ فِي الأَصْلِ: هُوَ الانْتِفَاءُ لِلشَّيْءِ عَنْ الشَّيْءِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ3 لا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ انْقِطَاعُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ، وَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ. أَحَدُهُمَا: تَبَاعُدُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ، كَانْقِطَاعِ طَرَفِ الْحَبْلِ عَنْ جُمْلَتِهِ، وَانْقِطَاعِ الْمَاءِ عَنْ مَجْرَاهُ، وَالآخَرُ: عَدَمُ شَيْءٍ عَنْ شَيْءٍ كَانْقِطَاعِ ثَانِي الْكَلامِ عَنْ مَاضِيهِ، وَتَقْدِيرُ الانْقِطَاعِ فِي الْجَدَلِ عَلَى أَنَّهُ انْقِطَاعُ الْقُوَّةِ4 عَنْ النُّصْرَةِ لِلْمَذْهَبِ الَّذِي شَرَعَ فِي نُصْرَتِهِ5.

1 انظر أوجه العجز والانقطاع عند السائل والمسؤول في "الكافية في الجدل ص 90 وما بعدها، 551 وما بعدها556، الفقيه والمتفقه 2/57، الجدل لابن عقيل ص 71".

2 ساقطة من ب ض ز.

3 في ض: لأنه

4 ساقطة من ش.

5 انظر معنى الانقطاع في الجدل في "الكافية في الجدل ص 556، كشاف اصطلاحات الفنون 5/1202".

ص: 378

قَالَ صَاحِبُ الْوَاضِحِ أَيْضًا: "وَمِنْ الانْتِقَالِ مَا لَيْسَ انْقِطَاعًا، كَمَنْ سُئِلَ عَنْ رَدِّ الْيَمِينِ فَبَنَاهُ عَلَى الْحُكْمِ بِالنُّكُولِ1، أَوْ" سُئِلَ عَنْ "قَضَاءِ صَوْمِ نَفْلٍ فَبَنَاهُ عَلَى لُزُومِ إتْمَامِهِ"2.

"وَإِنْ طَالَبَهُ السَّائِلُ بِدَلِيلٍ عَلَى مَا سَأَلَهُ فَانْقِطَاعٌ مِنْهُ" أَيْ مِنْ السَّائِلِ "لِبِنَاءِ بَعْضِ الأُصُولِ عَلَى بَعْضٍ".

"وَلَيْسَ لِكُلِّهَا" أَيْ كُلِّ3 الأُصُولِ "دَلِيلٌ يَخُصُّهُ".

"وَ" يَنْقَطِعُ "الْمَسْئُولُ4 بِعَجْزِهِ عَنْ الْجَوَابِ، وَ" عَنْ "إقَامَةِ الدَّلِيلِ5، وَ" عَنْ "تَقْوِيَةِ وَجْهِهِ" أَيْ وَجْهِ الدَّلِيلِ "وَ" عَنْ "دَفْعِ6 الاعْتِرَاضِ" الْوَارِدِ عَلَيْهِ.

"وَكِلاهُمَا" أَيْ وَيَنْقَطِعُ كُلٌّ مِنْ السَّائِلِ وَالْمَسْئُولِ "بِجَحْدِ" أَيْ إنْكَارِ "مَا عُرِفَ مِنْ7 مَذْهَبِهِ أَوْ ثَبَتَ بِنَصٍّ وَ" الْحَالُ أَنْ "لَيْسَ مَذْهَبُهُ خِلافَهُ أَوْ" ثَبَتَ "بِإِجْمَاعٍ".

1 في ض: المشكوك.

2 انظر صور الانتقال وأنواعه في "الجدل لابن عقيل ص 72، الكافية في الجدل ص 551، فواتح الرحموت 2/336، المسودة ص 443".

3 في ض: لكل.

4 في ض: السؤال.

5 ساقطة من ض.

6 في ش: وجه.

7 في ش: بـ.

ص: 379

"وَ" يَنْقَطِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْضًا "بِعَجْزِهِ عَنْ إتْمَامِ مَا شَرَعَ فِيهِ، وَخَلْطِ كَلامِهِ عَلَى وَجْهٍ لا يُفْهَمُ، وَسُكُوتِهِ" حَالَ كَوْنِ سُكُوتِهِ "حِيرَةً بِلا عُذْرٍ، وَتَشَاغُلِهِ بِمَا لا يَتَعَلَّقُ بِالنَّظَرِ" أَيْ بِالتَّأَمُّلِ فِيمَا هُمْ فِيهِ "وَغَضَبِهِ أَوْ قِيَامِهِ عَنْ1 مَكَانِهِ" الأَوَّلِ "وَسَفَهِهِ عَلَى خَصْمِهِ" ذَكَرَ ذَلِكَ الأَصْحَابُ2.

قَالَ صَاحِبُ3 الْوَاضِحِ: وَذَلِكَ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَكُونُ مَرَاتِبُهَا خَمْسَةً. فَيَكُونُ مَعَ الْمُجَادِلِ4 قُوَّةٌ عَلَى الْمَرْتَبَةِ الأُولَى وَالثَّانِيَةِ، ثُمَّ يَنْقَطِعُ، فَلا تَكُونُ5 لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْمَرَاتِبِ، وَانْقِطَاعُ الْقُوَّةِ عَنْ الثَّالِثَةِ عَجْزٌ عَنْ الثَّانِيَةِ. فَلِذَلِكَ قُلْنَا: الانْقِطَاعُ فِي الْجَدَلِ عَجْزٌ عَنْهُ، وَكُلُّ انْقِطَاعٍ فِي الْجَدَلِ عَجْزٌ عَنْهُ. وَلَيْسَ كُلُّ عَجْزٍ6 عَنْهُ انْقِطَاعًا فِيهِ، وَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ جِدًّا.

ثُمَّ ذَكَرَ الانْقِطَاعَ بِالْمُكَابَرَةِ، ثُمَّ بِالْمُنَاقَضَةِ، ثُمَّ بِالانْتِقَالِ، ثُمَّ بِالْمُشَاغَبَةِ، ثُمَّ بِالاسْتِفْسَارِ، ثُمَّ بِالرُّجُوعِ إلَى التَّسْلِيمِ، ثُمَّ بِجَحْدِ

1 في ب ض ز: في غير.

2 انظر: كشاف اصطلاحات الفنون 5/1095 وما بعدها.

3 في ب ض ز: في.

4 في ض: الجدل.

5 في ض ز: يكون.

6 ساقطة من ش.

ص: 380

الْمَذْهَبِ، ثُمَّ بِالْمُسَابَّةِ1.

"وَ" يَنْقَطِعُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَيْضًا "بِالشَّغَبِ2 بِالإِبْهَامِ3 بِلا شُبْهَةٍ".

قَالَ فِي الْوَاضِحِ: اعْلَمْ أَنَّ الانْقِطَاعَ بِالْمُشَاغَبَةِ عَجْزٌ عَنْ الاسْتِفْهَامِ4 لِمَا تَضَمَّنَ مِنْ نُصْرَةِ الْمَقَالِ5 إلَى الْمُمَانَعَةِ بِالإِبْهَامِ مِنْ غَيْرِ حُجَّةٍ وَلا شُبْهَةٍ. وَحَقُّ مِثْلِ هَذَا إذَا وَقَعَ: أَنْ يُفْصِحَ فِيهِ بِأَنَّهُ شَغَبٌ6، وَأَنَّ الْمِشْغَبَ7 لا يَسْتَحِقُّ زِيَادَة.

فَإِنْ كَانَ الْمِشْغَبُ مَسْئُولاً قِيلَ لَهُ: إنْ أَجَبْت عَنْ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَاّ زِدْنَا عَلَيْك، وَإِنْ لَمْ تُجِبْ عَنْهَا8 أَمْسَكْنَا عَنْك.

1 انظر: الكافية في الجدل ص 551 وما بعدها، 556 وما بعدها.

2 في ب: بالشغب ثم.

3 في المختصر: بالايهام.

4 في ش: الاستتمام.

5 في ز: المقالة.

6 في ض: مشغب.

والشعب هو المغالطة في الجدل بترك المشبهات بالمشهورات، وقال ابن حزم:"الشغب تمويه بحجة باطل بقضية أو قضايا فاسدة تقود إلى الباطل، وهي السفسطة""الإحكام لابن حزم 1/37". وانظر: كشاف اصطلاحات الفنون 5/1097.

7 المِشغَب لغة من شَغَب وشَغِب شَغْباً وشَغَباً القوم: هيج الشر عليهم، فهو شَغِبُ، وشِغَب وشغَّاب، ومِشْغَب كمنبر، ومُشاغب، وذو مَشاغب.

"انظر: القاموس المحيط 1/89، المصباح المنير 1/430".

8 في ض: فيها، وفي ز: عنها وإلا.

ص: 381

وَإِنْ كَانَ سَائِلاً قِيلَ لَهُ: إنْ حَصَّلْتَ1 سُؤَالاً سَمِعْتَ جَوَابًا وَإِلَاّ فَلا2 فَإِنَّ الْمِشْغَبَ لا يَسْتَحِقُّ جَوَابًا.

فَإِنْ لَجَّ وَتَمَادَى فِي غَيِّهِ أَعْرَضَ عَنْهُ؛ لأَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ إنَّمَا يَتَكَلَّمُونَ عَلَى مَا فِيهِ حُجَّةٌ أَوْ شُبْهَةٌ فَإِذَا عَرِيَ الْجَدَلُ3 عَنْ الأَمْرَيْنِ إلَى الشَّغَبِ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَائِدَةٌ، وَكَانَ الأَوْلَى بِذِي الرَّأْيِ الأَصِيلِ وَالْعَقْلِ الرَّصِينِ: أَنْ يَصُونَ نَفْسَهُ، وَيَرْغَبَ بِوَقْتِهِ عَنْ التَّضْيِيعِ مَعَهُ، وَلا سِيَّمَا إذَا كَانَ الاشْتِغَالُ بِهِ مِمَّا يُوهِمُ الْحَاضِرِينَ أَنَّ صَاحِبَهُ سَالِكٌ لِطَرِيقِ الْحُجَّةِ، فَإِنَّهُ4 رُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ5 بِمَا يُرَى6 مِنْهُ مِنْ حُسْنِ الْعِبَارَةِ. وَالاغْتِرَارِ7 بِإِقْبَالِ8 خَصْمِهِ عَلَيْهِ بِالْمُنَاظَرَةِ فَحَقُّ مِثْلِ هَذَا: أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ9: أَنَّهُ عَلَى جِهَةِ الْمُشَاغَبَةِ دُونَ10 طَرِيقِ الْحُجَّةِ أَوْ الشُّبْهَةِ11.

1 في ب: جعلت.

2 ساقطة من ب ض ز.

3 في ض: الجدال.

4 في ش: و.

5 في ب ض ز: في ذلك.

6 في ض: رأي.

7 في ض ز: واغترار.

8 في ش: باتكال.

9 ساقطة من ب ض ز.

10 في ش: على.

11 انظر: الكافية في الجدل ص 557 وما بعدها.

ص: 382

"وَلا يَنْقَطِعُ مَسْئُولٌ بِتَرْكِ الدَّلِيلِ لِعَجْزِ فَهْمِ السَّامِعِ" الَّذِي هُوَ السَّائِلُ "أَوْ1 انْتِقَالِهِ" أَيْ الْمَسْئُولِ "إلَى" دَلِيلٍ "أَوْضَحَ مِنْهُ" أَيْ مِنْ الدَّلِيلِ الأَوَّلِ "لِقِصَّةِ إبْرَاهِيمَ عليه الصلاة والسلام" مَعَ نُمْرُوذَ2.

قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ3: لَمَّا قَابَلَ نُمْرُوذُ4 قَوْلَ إبْرَاهِيمَ5 فِي الْحَيَاةِ الْحَقِيقِيَّةِ بِالْحَيَاةِ الْمَجَازِيَّةِ، انْتَقَلَ الْخَلِيلُ6 إلَى دَلِيلٍ لا يُمْكِنُهُ مُقَابَلَةُ7 الْحَقِيقَةِ فِيهِ بِالْمَجَازِ.

وَمَنْ انْتَقَلَ مِنْ دَلِيلٍ غَامِضٍ إلَى دَلِيلٍ وَاضِحٍ: فَذَلِكَ طَلَبٌ لِلْبَيَانِ، وَلَيْسَ انْقِطَاعًا.

قَالَ فِي الْوَاضِحِ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ8 انْتَقَلَ إبْرَاهِيمُ عليه الصلاة والسلام مِنْ عِلَّةٍ إلَى غَيْرِهَا، وَكَانَ فِي مَقَامِ الْمُحَاجَّةِ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ سبحانه وتعالى عَنْهُ9،

ص: 383

وَبِهَذَا تَعَلَّقَ مَنْ رَأَى أَنَّ1 الانْتِقَالَ مِنْ دَلِيلٍ إلَى غَيْرِهِ لَيْسَ بِانْقِطَاعٍ، وَلا خُرُوجٍ عَنْ مُقْتَضَى الْجِدَالِ وَالْحِجَاجِ2. قِيلَ: لَمْ يَكُنْ انْتِقَالُهُ لِلْعَجْزِ؛ لأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَقْدِرُ3 أَنْ يُحَقِّقَ مَعَ نُمْرُوذَ حَقِيقَةَ الإِحْيَاءِ الَّذِي أَرَادَهُ، وَهُوَ إعَادَةُ الرُّوحِ إلَى جَسَدِ4 الْمَيِّتِ، أَوْ إنْشَاءُ حَيٍّ مِنْ الأَمْوَاتِ وَأَنَّ5 الإِمَاتَةَ الَّتِي أَرَادَهَا: هِيَ إزْهَاقُ النَّفْسِ مِنْ غَيْرِ مُمَارَسَةٍ6 بِآلَةٍ وَلا مُبَاشَرَةٍ. وَيُقَالُ7 لَهُ: إذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ كُنْتَ مُحْيِيًا مُمِيتًا8، أَوْ فَافْعَلْ ذَلِكَ إنْ كُنْتَ صَادِقًا. وَمَعَاذَ اللَّهِ أَنْ يَظُنَّ ذَلِكَ بِذَلِكَ النَّبِيِّ9 الْكَرِيمِ. وَمَا عَدَلَ عَمَّا ابْتَدَأَ بِهِ إلَى غَيْرِهِ عَجْزًا عَنْ اسْتِتْمَامِ النُّصْرَةِ، لَكِنَّهُ لَمَّا رَأَى نُمْرُوذَ غَبِيًّا أَوْ10 مُتَغَابِيًا بِمَا كَشَفَهُ عَنْ نَفْسِهِ مِنْ دَعْوَى11

1 ساقطة من ب ض ز.

2 ساقطة من ض.

3 في ش: كان ينتقل مقدراً.

4 في ز: الجسد.

5 في ب: أو أن.

6 في ش: مماسة.

7 في ش: وقال.

8 في ز: ومميتاً.

9 ساقطة من ب ض ز.

10 ساقطة من ض.

11 ساقطة من ب ض ز.

ص: 384

الإِحْيَاءِ، وَهُوَ الْعَفْوُ عَنْ مُسْتَحِقِّ الْقَتْلِ، وَالإِمَاتَةِ، وَهِيَ الْقَتْلُ الَّذِي يُسَاوِي بِهِ1 كُلَّ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ وَأَصَاغِرِ رَعِيَّتِهِ انْتَقَلَ إلَى الدَّلِيلِ الأَوْضَحِ فِي بَابِ تَعْجِيزِهِ عَنْ دَعْوَاهُ فِيهِ الْمُشَارَكَةَ2 لِبَارِئِهِ سُبْحَانَهُ3، بِحُكْمِ مَا رَأَى مِنْ الْحَالِ فَلَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ الْعَجْزُ عَنْ إتْمَامِ مَا بَدَأَ بِهِ، بِخِلافِ مَا نَحْنُ فِيهِ4 اهـ.

"وَمِنْ أَدَبِهِ" أَيْ أَدَبِ الْجَدَلِ "وَتَرْكُهُ" أَيْ تَرْكُ أَدَبِ الْجَدَلِ "شَيْنٌ5 إجْمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا" أَيْ مِنْ الْمُتَجَادِلَيْنِ6 "خِطَابَهُ مَعَ الآخَرِ وَإِقْبَالُهُ عَلَيْهِ، وَتَأَمُّلُهُ لِمَا يَأْتِي بِهِ7، وَتَرْكُ قَطْعِ كَلامِهِ، وَالصِّيَاحِ فِي وَجْهِهِ وَالْحِدَّةِ" عَلَيْهِ8 "وَالْفَخْرُ9 عَلَيْهِ وَالإِخْرَاجُ لَهُ عَمَّا عَلَيْهِ، وَاسْتِصْغَارُهُ. وَمَقَامُ التَّعْلِيمِ10 تَارَةً بِالْعُنْفِ وَتَارَةً بِاللُّطْفِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لا يَغْتَرَّ بِخَطَإِ الْخَصْمِ، وَأَنْ يَحْتَرِزَ مِنْ

1 في ش: فيه.

2 في ش: المشاركة فيه.

3 ساقطة من ب ض ز.

4 انظر: الكافية في الجدل ص 552.

5 في د ب ض: شيئين.

6 في ش: المتجادلين "وتأمله لما يأتي به".

7 في د: به خطابه.

8 ساقطة من د.

9 في ش: والضجر.

10 في ب ض: التعليم.

ص: 385

حِيلَتِهِ1، وَأَنْ لا يَعْتَادَ الْخَوْضَ فِي الشَّغَبِ فَيُحْرَمَ الإِصَابَةَ، وَيَسْتَرْوِحُ إلَيْهِ، مَعَ أَنَّهُ لا يَسْلَمُ مِنْ الانْقِطَاعِ إلَاّ مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَيْسَ حَدُّ الْعَالِمِ كَوْنَهُ حَاذِقًا فِي الْجَدَلِ، فَإِنَّهُ صِنَاعَةٌ، وَالْعِلْمُ مَادَّتُهُ2 فَالْمُجَادِلُ يَحْتَاجُ إلَى الْعَالِمِ، وَلا عَكْسَ" أَيْ3 لا4 يَحْتَاجُ الْعَالِمُ إلَى الْمُجَادِلِ5.

"وَ" يَنْبَغِي "أَنْ لا يَتَكَلَّمَ فِي الْمَجَالِسِ الَّتِي لا إنْصَافَ فِيهَا"6.

قَالَ فِي الْوَاضِحِ:

1 انظر بيان الحيل بين المتجادلين، وكيفية ردها في "الكافية في الجدل ص 542".

2 في ش: مأدبة، وفي ض: ما دونه.

3 في ش: و، وساقطة من ز.

4 في ب ض ز: ولا.

5 انظر في آداب الجدل "الكافية في الجدل ص 529 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/330، الفقيه والمتفقه 2/25، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 9".

6 انظر: الفقيه والمتفقه 2/27 وما بعدها، الجدل لابن عقيل ص 2.

ص: 386