الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
فَصْلٌ"
"الْعِلَّةُ
" الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْقِيَاسِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ "مُجَرَّدُ أَمَارَةٍ وَعَلامَةٍ نَصَبَهَا1 الشَّارِعُ دَلِيلاً" يَسْتَدِلُّ بِهَا الْمُجْتَهِدُ "عَلَى" وِجْدَانِ "الْحُكْمِ" إذَا لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِهِ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَتَخَلَّفَ2، كَالْغَيْمِ هُوَ أَمَارَةٌ عَلَى الْمَطَرِ، وَقَدْ يَتَخَلَّفُ3 وَهَذَا لا يُخْرِجُ الأَمَارَةَ عَنْ كَوْنِهَا أَمَارَةً.
وَقِيلَ - وَهُوَ لِلْمُعْتَزِلَةِ - إنَّ الْعِلَّةَ مُؤْثَرَةٌ فِي الْحُكْمِ، بِنَاءً عَلَى قَاعِدَتِهِمْ فِي التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ الْعَقْلِيَّيْنِ.
ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهَا أَثَّرَتْ بِذَاتِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِصِفَةٍ4 ذَاتِيَّةٍ فِيهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بِوُجُوهٍ5 وَاعْتِبَارَاتٍ6.
1 في ش: ينصها.
2 في ش: تتخلف.
3 في ش: تتخلف. وفي ب: لا يتخلف.
4 في ش: إنها أثرت بصفة.
5 في ع ز: بوجوده.
6 في ز: باعتبارات.
وَلَيْسَ1 عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ شَيْءٌ مِنْ الْعَالَمِ مُؤَثِّرًا فِي شَيْءٍ، بَلْ كُلٌّ مَوْجُودٌ فِيهِ، فَهُوَ بِخَلْقِ2 اللَّهِ سُبْحَانَهُ، وَإِرَادَتِهِ.
وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ3.
"زِيدَ" أَيْ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي الْحَدِّ "مَعَ أَنَّهَا" أَيْ الْعِلَّةَ "مُوجِبَةٌ لِمَصَالِحَ دَافِعَةٌ لِمَفَاسِدَ" لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الأَمَارَةِ السَّاذَجَةِ، لَكِنْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهَا تَبْعَثُ الْمُكَلَّفَ عَلَى الامْتِثَالِ، لا أَنَّهَا4 بَاعِثَةٌ لِلشَّرْعِ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ، أَوْ أَنَّهُ عَلَى وَفْقِ مَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى مَصْلَحَةً لِلْعَبْدِ تَفَضُّلاً عَلَيْهِ، وَإِحْسَانًا لَهُ، لا وُجُوبًا عَلَى اللَّهِ تَعَالَى.
فَفِي ذَلِكَ5 بَيَانُ قَوْلِ الْفُقَهَاءِ: الْبَاعِثُ عَلَى الْحُكْمِ بِكَذَا هُوَ
1 في ض: وليس هذا.
2 في ع: خلق.
3 انظر تفسيرات الأصوليين للعلة في "المحصول 2/2/179، التلويح على التوضيح 2/551، الجدل لابن عقيل ص 9، 11، المعتمد 2/704، نشر البنود 2/129، الإحكام للآمدي 3/276، فتح الغفار 3/19، العدة 1/175، إرشاد الفحول ص 207، اللمع ص 58، المنهاج للباجي ص 14، الكافية للجويني ص 60، الحدود للباجي ص 72، نهاية السول 3/39، مناهج العقول 3/37، الإبهاج 3/28، فواتح الرحموت 2/260، روضة الناظر ص 276، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/231، الآيات البينات 4/33، مختصر الطوفي ص 152، المستصفى ص 385، أصول السرخسي 2/174، مختصر البعلي ص 143، الوصول إلى مسائل الأصول 2/267".
4 في ع: لأنها.
5 ساقطة من ض.
كَذَا، وَأَنَّهُمْ لا يُرِيدُونَ بَعْثَ الشَّارِعِ، بَلْ بَعْثَ الْمُكَلَّفِ عَلَى الامْتِثَالِ1، مِثْلُ: حِفْظُ النَّفْسِ بَاعِثٌ عَلَى تَعَاطِي فِعْلِ الْقِصَاصِ الَّذِي هُوَ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ أَمَّا حُكْمُ الشَّرْعِ: فَلا عِلَّةَ لَهُ2 وَلا بَاعِثَ عَلَيْهِ، فَإِذَا انْقَادَ الْمُكَلَّفُ لامْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي أَخْذِ الْقِصَاصِ مِنْهُ، وَكَوْنُهُ وَسِيلَةً لِحِفْظِ النُّفُوسِ كَانَ لَهُ أَجْرَانِ، أَجْرٌ عَلَى الانْقِيَادِ، وَأَجْرٌ عَلَى قَصْدِ حِفْظِ النَّفْسِ، وَكِلاهُمَا أَمْرُ اللَّهِ تَعَالَى3 قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِصَاصُ} 4 {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} 5
وَمِنْ أَجْلِ كَوْنِ الْعِلَّةِ لا بُدَّ مِنْ اشْتِمَالِهَا عَلَى حِكْمَةٍ تَدْعُو إلَى الامْتِثَالِ، كَانَ مَانِعُهَا وَصْفًا وُجُودِيًّا يُخِلُّ بِحِكْمَتِهَا، وَيُسَمَّى مَانِعَ السَّبَبِ6، فَإِنْ7 لَمْ يُخِلَّ بِحِكْمَتِهَا، بَلْ بِالْحُكْمِ فَقَطْ، وَالْحِكْمَةُ بَاقِيَةٌ، سُمِّيَ مَانِعَ الْحُكْمِ. مِثَالُ الْمَقْصُودِ هُنَا وَهُوَ مَانِعُ السَّبَبِ: الدَّيْنُ، إذَا قُلْنَا: إنَّهُ
1 انظر: المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/ 236، الآيات البينات 4/39.
2 ساقطة من ز ض ع ب.
3 الإبهاج للسبكي 3/29، نشر البنود 2/130.
4 الآية 178 من البقرة.
5 الآية 179 من البقرة.
6 انظر "المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/237، الآيات البينات 4/41، نشر البنود 2/135.
7 في ع ض ب: وإن.
مَانِعٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ؛ لأَنَّ حِكْمَةَ السَّبَبِ - وَهُوَ مِلْكُ النِّصَابِ - غِنَى مَالِكِهِ، فَإِذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ فَلا غِنَى، فَاخْتَلَّتْ1 حِكْمَةُ السَّبَبِ بِهَذَا الْمَانِعِ
وَبَنَى الأَصْحَابُ عَلَى كَوْنِ الْعِلَّةِ مُجَرَّدَ أَمَارَةٍ وَعَلامَةٍ صِحَّةَ التَّعْلِيلِ بِاللَّقَبِ نَصَّ 2 عَلَيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَقَالَهُ الأَكْثَرُ3.
فَلِهَذَا4 قُلْنَا "فَيَصِحُّ تَعْلِيلٌ بِلَقَبٍ، كَ" مَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ "بِمُشْتَقٍّ".
مِثَالُ التَّعْلِيلِ بِاللَّقَبِ: تَعْلِيلُ الرِّبَا فِي النَّقْدَيْنِ بِكَوْنِهِمَا ذَهَبًا وَفِضَّةً، وَتَعْلِيلُ مَا يُتَيَمَّمُ بِهِ بِكَوْنِهِ تُرَابًا، وَمَا يُتَوَضَّأُ بِهِ بِكَوْنِهِ مَاءً.
وَقِيلَ: لا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِاللَّقَبِ5.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَوَقَعَ فِي الْمَحْصُولِ حِكَايَةُ الاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّهُ لا يَجُوزُ التَّعْلِيلُ بِالاسْمِ، كَتَعْلِيلِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ بِأَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًاً6.
1 في ع: فاختلف.
2 في ع: ما نص.
3 انظر "الوصول إلى مسائل الأصول 2/271، نشر البنود 2/144، الآيات البينات 4/44، التبصرة للشيرازي ص 454، اللمع ص 64، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/243".
4 في ش: فهكذا.
5 انظر: التبصرة للشيرازي ص 454، نشر البنود 2/143.
6 انظر شرح تنقيح الفصول ص 410.
قَالَ: فَإِنَّا1 نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّ [مُجَرَّدَ] 2 هَذَا اللَّفْظِ لا أَثَرَ لَهُ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ تَعْلِيلُ الْمُسَمَّى بِهَذَا3 الاسْمِ مِنْ كَوْنِهِ مُخَامِرًا لِلْعَقْلِ، فَذَلِكَ تَعْلِيلٌ بِالْوَصْفِ لا بِالاسْمِ4.
وَقَوْلُنَا "كَبِمُشْتَقٍّ 5، اتِّفَاقًا" حَكَاهُ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ6.
وَذَلِكَ كَاسْمِ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهُوَ جَائِزٌ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى الْمُشْتَقَّ ذَلِكَ مِنْهُ هُوَ7 عِلَّةُ الْحُكْمِ، نَحْوَ " {فَاقْتُلُوا8 الْمُشْرِكِينَ} 9 {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} 10، "مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ" 11 وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لا يَنْحَصِرُ 12.
"وَلا يُشْتَرَطُ اشْتِمَالُهَا عَلَى حِكْمَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلشَّارِعِ" فَإِنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لا يَبْعَثُهُ شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ.
1 في ش: قلنا.
2 زيادة من المحصول.
3 في ز: هذا.
4 المحصول 2/2/422.
5 في ع: بمشتق. وفي ض ب: كمشتق.
6 انظر: جمع الجوامع مع حاشية البناني 2/244، الآيات البينات 4/46.
7 في ز: وهو.
8 في سائر النسخ: اقتلوا.
9 الآية 5 من التوبة.
10 الآية 38 من المائدة.
11 سبق تخريجه 3/157.
12 انظر: نشر البنود 2/142، المسودة ص 388.
وَقِيلَ: بَلَى وَعَلَيْهِ الأَكْثَرُ1، بِمَعْنَى اشْتِمَالِ الْوَصْفِ عَلَى مَصْلَحَةٍ صَالِحَةٍ أَنْ تَكُونَ الْمَقْصُودَ لِلشَّارِعِ مِنْ شَرْعِ الْحُكْمِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ تَعْلِيلِ أَفْعَالِ الْبَارِي تَعَالَى بِالْغَرَضِ2.
"ثُمَّ قَدْ تَكُونُ" الْعِلَّةُ "رَافِعَةً أَوْ دَافِعَةً أَوْ فَاعِلَتُهُمَا، وَصْفًا حَقِيقِيًّا ظَاهِرًا مُنْضَبِطًا، أَوْ عُرْفِيًّا مُطَّرِدًا، أَوْ لُغَوِيًّا" فِي الأَصَحِّ، فَيَكُونُ الْوَصْفُ الْمَجْعُولُ عِلَّةً ثَلاثَةَ أَقْسَامٍ؛ فَإِنَّهُ تَارَةً يَكُونُ دَافِعًا لا رَافِعًا، 3وَيَكُونُ رَافِعًا لا دَافِعًا وَيَكُونُ دَافِعًا رَافِعًا، وَلَهُ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ4.
فَمِنْ الأَوَّلِ: الْعِدَّةُ، فَإِنَّهَا دَافِعَةٌ5 لِلنِّكَاحِ إذَا وُجِدَتْ فِي ابْتِدَائِهِ، لا رَافِعَةٌ6 لَهُ إذَا طَرَأَتْ فِي أَثْنَاءِ النِّكَاحِ فَإِنَّ الْمَوْطُوءَةَ بِشُبْهَةٍ تَعْتَدُّ وَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ.
1 انظر "المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/236، شرح العضد 2/213، الآيات البينات 4/41، الإحكام لللآمدي 3/289، نشر البنود 2/136، مختصر البعلي ص 143، تيسير التحرير 3/303 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/273".
2 أي المنفعة العائدة إلى العباد. "تيسير التحرير".
3 ساقطة من ع.
4 انظر "مناهج العقول 3/115، نهاية السول 3/116، نشر البنود 2/131، الإبهاج 3/98، الآيات البينات 4/37، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/233".
5 في ض: رافعة.
6 في ض: دافعة.
وَمِنْ1 الثَّانِي: الطَّلاقُ، فَإِنَّهُ يَرْفَعُ حِلَّ الاسْتِمْتَاعِ وَلا يَدْفَعُهُ؛ لأَنَّ الطَّلاقَ إلَى اسْتِمْرَارِهِ لا يَمْنَعُ وُقُوعَ نِكَاحٍ جَدِيدٍ بِشَرْطٍ.
وَمِنْ الثَّالِثِ: الرَّضَاعُ، فَإِنَّهُ2 يَمْنَعُ مِنْ ابْتِدَاءِ النِّكَاحِ، وَإِذَا طَرَأَ فِي أَثْنَاءِ الْعِصْمَةِ رَفَعَهَا، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا وَشَبَهُهُ مِنْ مَوَانِعِ النِّكَاحِ يَمْنَعُ مِنْ الابْتِدَاءِ وَالدَّوَامِ لِتَأَبُّدِهِ وَاعْتِضَادِهِ؛ لأَنَّ الأَصْلَ فِي الارْتِضَاعِ الْحُرْمَةُ3.
وَتَكُونُ الْعِلَّةُ أَيْضًا وَصْفًا حَقِيقِيًّا، وَهُوَ مَا يُعْقَلُ4 بِاعْتِبَارِ نَفْسِهِ، وَلا يَتَوَقَّفُ عَلَى وَضْعٍ، كَقَوْلِنَا: مَطْعُومٌ، فَيَكُونُ رِبَوِيًّا فَالطَّعْمُ مُدْرَكٌ بِالْحِسِّ، وَهُوَ أَمْرٌ حَقِيقِيٌّ، أَيْ لا تَتَوَقَّفُ5 مَعْقُولِيَّتُهُ عَلَى مَعْقُولِيَّةِ غَيْرِهِ.
وَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا لا خَفِيًّا.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُنْضَبِطًا، أَيْ مُتَمَيِّزًا6 عَنْ غَيْرِهِ.
1 في ش: ومثال.
2 ساقطة من ع ض ب.
3 في ش: الجزئية.
4 في ش: يعقل.
5 في ع ض ب: يتوقف.
6 في ش ز: يتميز.
وَلا خِلافَ فِي التَّعْلِيلِ بِهِ1
وَتَكُونُ الْعِلَّةُ أَيْضًا وَصْفًا عُرْفِيًّا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُطَّرِدًا لا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الأَوْقَاتِ، وَإِلَاّ لَجَازَ2 أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْعُرْفُ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دُونَ غَيْرِهِ فَلا يُعَلَّلُ بِهِ.
مِثَالُهُ: الشَّرَفُ وَالْخِسَّةُ فِي الْكَفَاءَةِ وَعَدَمِهَا فَإِنَّ الشَّرَفَ يُنَاسِبُ التَّعْظِيمَ وَالإِكْرَامَ، وَالْخِسَّةَ تُنَاسِبُ ضِدَّ ذَلِكَ فَيُعَلَّلُ بِهِ بِالشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ3.
وَتَكُونُ الْعِلَّةُ أَيْضًا وَصْفًا لُغَوِيًّا.
مِثَالُهُ: تَعْلِيلُ تَحْرِيمِ النَّبِيذِ لأَنَّهُ يُسَمَّى خَمْرًا. فَحُرِّمَ كَعَصِيرِ الْعِنَبِ.
وَفِي التَّعْلِيلِ بِهِ خِلافٌ وَالصَّحِيحُ: صِحَّةُ التَّعْلِيلِ بِهِ4.
1 انظر "المستصفى 2/336، المحصول 2/2/389، حاشية البناني 2/234، المسودة ص 423 وما بعدها، الآيات البينات 4/38، الإحكام للآمدي 3/288، إرشاد الفحول ص 207، نشر البنود 2/133، نهاية السول 3/103، مناهج العقول 3/102".
2 في ش ز: جاز.
3 انظر "المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/234، شرح تنقيح الفصول ص 408، المحصول 2/2/412 وما بعدها، المعتمد 2/774، الآيات البينات 4/38، الإحكام للآمدي 3/288، نشر البنود 2/134، نهاية السول 3/103".
4 انظر "مناهج العقول 3/102، الآيات البينات 4/38، نشر البنود 2/133، نهاية السول 3/103".
قَطَعَ بِهِ ابْنُ الْبَنَّاءِ فِي الْعُقُودِ وَالْخَصَائِلِ1 قَالَ: كَقَوْلِنَا فِي النَّبَّاشِ: هُوَ سَارِقٌ فَيُقْطَعُ، وَفِي النَّبِيذُ خَمْرٌ فَيَحْرُمُ وَصَحَّحَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ.
قَالَ الْمَحَلِّيُّ: بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ اللُّغَةِ2 بِالْقِيَاسِ وَمُقَابِلُ الأَصَحِّ قَوْلٌ3: بِأَنَّهُ لا يُعَلَّلُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ بِالأَمْرِ اللُّغَوِيِّ4.
"فَلا5 يُعَلَّلُ" الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ "بِحِكْمَةٍ مُجَرَّدَةٍ عَنْ وَصْفٍ ضَابِطٍ لَهَا" عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ6.
وَقِيلَ: يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِمُجَرَّدِ الْحِكْمَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ ظَاهِرَةً أَوْ خَفِيَّةً، مُنْضَبِطَةً أَوْ غَيْرَ مُنْضَبِطَةٍ7
وَقِيلَ: إنْ كَانَتْ الْحِكْمَةُ الْمُجَرَّدَةُ ظَاهِرَةً مُنْضَبِطَةً صَحَّ التَّعْلِيلُ
1 في ز ش ع: الخصال.
2 في ع: الغلة.
3 في ش وشرح المحلي: يقول.
4 شرح المحلي على جمع الجوامع مع حاشية البناني عليه 2/234.
5 في ش: ولا.
6 انظر "نهاية السول 3/106، الإبهاج 3/91، تيسير التحرير 4/2، فواتح الرحموت 2/274، مناهج العقول 3/105، الإحكام للآمدي 3/290، مفتاح الوصول ص 140، 141، إرشاد الفحول ص 207، نشر البنود 2/132، مختصر البعلي ص 144، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/238، شرح تنقيح الفصول ص 406، شرح العضد 2/213، الآيات البينات 4/41".
7 انظر "نهاية السول 3/106، الإبهاج 3/91، نشر البنود 2/133، الآيات البينات 4/42، شرح تنقيح الفصول ص 406، حاشية البناني 2/238".
بِهَا1، وَإِلَاّ 2فَلا.
وَجْهُ الأَوَّلِ - وَهُوَ كَوْنُ التَّعْلِيلِ لا يَصِحُّ بِالْحِكْمَةِ الْمُجَرَّدَةِ مُطْلَقًا - لِخَفَائِهَا، كَالرِّضَا فِي الْبَيْعِ وَلِذَلِكَ أُنِيطَتْ صِحَّةُ الْبَيْعِ بِالصِّيَغِ الدَّالَّةِ عَلَيْهِ3 أَوْ4 لِعَدَمِ5 انْضِبَاطِهَا كَالْمَشَقَّةِ فَلِذَلِكَ أُنِيطَتْ بِالسَّفَرِ6.
قَالَ الآمِدِيُّ: مَنَعَهُ الأَكْثَرُ7.
"وَيُعَلَّلُ ثُبُوتِيٌّ بِعَدَمٍ" يَعْنِي: أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُعَلَّلَ الْحُكْمُ8 الثُّبُوتِيُّ بِالْعَدَمِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا9 وَالرَّازِيِّ10 وَأَتْبَاعِهِ11، وَذَكَرَهُ
1 انظر "الإحكام للآمدي 3/290، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/238، الآيات البينات 4/42، الإبهاج 3/91".
2 في ع: فالوجه. وفي زض: فالأوجه.
3 في ش: عليها.
4 في سائر النسخ: و.
5 في د: وكعدم.
6 ولأنه لا يُعلم الحاصل من المصلحة المترتب عليها الحكم في الأصل، هل وجد في الفرع أم لا!! فلا يصح إثبات الحكم في الفرع، ولا يمكن التعليل بها، لأن القياس فرع ثبوت ما في الأصل من المعنى في الفرع. "الإبهاج 3/91، مناهج العقول 3/105".
7 الإحكام في أصول الأحكام 3/290.
8 ساقطة من ع ض.
9 المسودة ص 418، روضة الناظر ص 332، الجدل لابن عقيل ص 17، مختصر البعلي ص 144.
10 المحصول 2/2/400.
11 انظر "شرح تنقيح الفصول ص 411، نشر البنود 2/135، نهاية السول 3/109، الإبهاج 3/92".
ابْنُ بُرْهَانٍ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ 1.
وَحُكِيَ الْمَنْعُ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ2 وَاخْتَارَهُ الآمِدِيُّ3 وَابْنُ الْحَاجِبِ4 وَغَيْرُهُمَا5
وَاسْتَثْنَى6 بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ مِثْلَ قَوْلِ7 مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فِي وَلَدِ الْمَغْصُوبِ8: لَمْ يُغْصَبْ.
وَاسْتَدَلَّ لِلأَوَّلِ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - بِأَنَّهُ كَنَصِّ الشَّارِعِ عَلَيْهِ9، وَكَالأَحْكَامِ تَكُونُ نَفْيًا، وَكَالْعِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ، مَعَ أَنَّهَا مُوجِبَةٌ،
1 التبصرة ص 456، اللمع ص 60، الوصول إلى مسائل الأصول 2/272.
2 انظر "تيسير التحرير 4/2، فواتح الرحموت 2/274، فتح الغفار 3/23".
3 الإحكام في أصول الأحكام 3/295.
4 مختصر ابن الحاجب مع شرحه للعضد 2/214.
5 انظر "المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/239، شرح العضد 2/214، الآيات البينات 4/42، مفتاح الوصول ص 138، إرشاد الفحول ص 207".
6 في ش: وصحح واستثنى.
7 في ش: أبي الحسين.
8 أي الذي مات عند الغاصب، فلا يضمن. والشاهد في هذا المثال أن الإمام محمد بن الحسن الشيباني علل بالعدم عندما قال بعدم إيجاب ضمان ولد المغصوب الذي مات عند الغاصب، لعدم كونه مغصوباً. وقد أجاب صاحب فواتح الرحموت على هذا الاستدلال بأن قول الإمام محمد رحمه الله ليس فيه تعليل بالعدمي، ولكنه استدلال على عدم وجوب الضمان بعدم علته، فبقيت الذمة غير مشغولة كما كانت.
"فواتح الرحموت 2/274، وانظر فتح الغفار 3/24".
9 ساقطة من ض.
وَكَتَعْلِيلِ الْعَدَمِ بِهِ ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ اتِّفَاقًا، نَحْوَ: لَمْ أَفْعَلْ هَذَا لِعَدَمِ1 الدَّاعِي إلَيْهِ، وَلَمْ أُسَلِّمْ عَلَى فُلانٍ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ؛ لأَنَّ نَفْيَ الْحُكْمِ لِنَفْيِ مُقْتَضِيهِ أَكْثَرُ مِنْ نَفْيِهِ لِوُجُودِ مُنَافِيهِ؛ وَلأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيلُ ضَرْبِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ بِعَدَمِ امْتِثَالِهِ؛ وَلأَنَّ الْعِلَّةَ أَمَارَةٌ تُعَرِّفُ الْحُكْمَ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ عَدَمِيَّةً، كَمَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ وُجُودِيَّةً.
وَيَدْخُلُ فِي الْخِلافِ مَا إذَا كَانَ الْعَدَمُ لَيْسَ تَمَامَ الْعِلَّةِ، بَلْ جُزْءًا2 مِنْهَا، فَإِنَّ الْعَدَمِيَّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ كُلاًّ أَوْ بَعْضًا3.
وَمِنْ جُمْلَةِ الْعَدَمِيِّ أَيْضًا: إذَا كَانَ الْوَصْفُ إضَافِيًّا، وَهُوَ مَا تَعَلَّقَ4 بِاعْتِبَارِ غَيْرِهِ، كَالْبُنُوَّةِ وَالأُبُوَّةِ، وَالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ، وَالْمَعِيَّةِ5 وَالْقَبْلِيَّةِ وَالْبَعْدِيَّةِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إنَّهُ عَدَمِيٌّ؛ لأَنَّ وُجُودَهُ إنَّمَا هُوَ فِي الأَذْهَانِ، لا فِي الْخَارِجِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عَدَمِيٌّ6.
1 في ض: العدم.
2 في ع ز ض: جزء.
3 مفتاح الوصول للتلمساني ص 139.
4 في ش: تعلق.
5 في ش: والعلية.
6 المحصول 2/2/405، الآيات البينات 4/42، نشر البنود 2/136، شرح تنقيح الفصول ص 408، المحلي على جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/240.