الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: تجزؤ الإجتهاد وخلاف العلماء فيه
…
"فَصْلٌ"
"الاجْتِهَادُ يَتَجَزَّأُ1" عِنْدَ أَصْحَابِنَا2 وَالأَكْثَرِ، إذْ3 لَوْ لَمْ يَتَجَزَّأْ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمُجْتَهِدُ عَالِمًا بِجَمِيعِ الْجُزْئِيَّاتِ، وَهُوَ مُحَالٌ إذْ جَمِيعُهَا لا يُحِيطُ بِهِ بَشَرٌ، وَلا يَلْزَمُ مِنْ الْعِلْمِ بِجَمِيعِ الْمَآخِذِ: الْعِلْمُ4 بِجَمِيعِ الأَحْكَامِ5؛ لأَنَّ بَعْضَ الأَحْكَامِ قَدْ يُجْهَلُ بِتَعَارُضِ الأَدِلَّةِ فِيهِ، أَوْ بِالْعَجْزِ عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي النَّظَرِ، إمَّا6 لِمَانِعٍ
1 إن معنى تجزئة الاجتهاد هو جريانه في بعض المسائل دون بعض، بأن يحصل للمجتهد ما هو مناط الاجتهاد من الأدلة في بعض المسائل دون غيرها، وفيه عدة مذاهب كما سيذكرها المصنف.
انظر: إرشاد الفحول ص 254، الوسيط ص 518، أصول مذهب أحمد ص 629.
2 في ز: أكثر أصحابنا.
3 في ض: إذا.
4 ساقطة من ب.
5 يعني أنه يكفي أن يعرف المجتهد جميع مآخذ المسألة الواحدة من الكتاب والسنة ليجتهد بها، وهذا الاشتراط بالعلم بجميع المآخذ لا يلزم منه أن يعلم جميع الأحكام، لأن العلم بالأحكام يتوقف على الاجتهاد، ويكون بعده، وقد يصل إليها المجتهد، وقد لا يصل لتعارض الأدلة، أو عجز المجتهد، أو لمانع آخر، أو عذر معين، وفي هذه الحالة يتجزأ الاجتهاد عليه حكماً وبالقوة.
انظر: فواتح الرحموت 2/364، العضد على ابن الحاجب 2/290، تيسير التحرير 4/183.
6 في ش: أو.
مِنْ تَشْوِيشِ فِكْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ1.
وَقِيلَ2: لا يَتَجَزَّأُ وَقِيلَ3: يَتَجَزَّأُ فِي بَابٍ لا فِي مَسْأَلَةٍ4 وَقِيلَ: فِي الْفَرَائِضِ لا فِي غَيْرِهَا5.
"وَيَجُوزُ اجْتِهَادُهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، وَوَقَعَ" قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ إجْمَاعًا6.
1 القول بتجزأ الاجتهاد هو لأكثر المتكلمين المعتزلة وأكثر الفقهاء، وقال به الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وأيده الآمدي وابن الحاجب وابن دقيق العيد وابن السبكي والغزالي والكمال بن الهمام وغيرهم.
انظر: شرح تنقيح الفصول ص 438، فتح الغفار 3/37، كشف الأسرار 4/17، تيسير التحرير 4/182، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/290، الموافقات 4/68، إعلام الموقعين 4/275، مجموع الفتاوى 20/204، 212، مختصر البعلي ص 164، مختصر الطوفي ص 174، المحصول 2/3/37، المعتمد 2/932، الإحكام للآمدي 4/164، المستصفى 2/353، جمع الجوامع وحاشية البناني عليه 2/386، الروضة ص 353، نزهة الخاطر 2/406، المدخل إلى مذهب أحمد ص 183، إرشاد الفحول ص 254.
2 ساقطة من ض ب.
3 وهو قول طائفة من العلماء، وهو منقول عن الإمام أبي حنيفة، واختاره الشوكاني.
انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/290، المحلي على جمع الجوامع 2/386، المحصول 2/3/37، تيسير التحرير 4/182، فواتح الرحموت 2/364، إرشاد الفحول ص 255، شرح تنقيح الفصول ص 438.
4 انظر مختصر البعلي ص 164، والمراجع السابقة.
5 انظر: صفة الفتوى ص 24، إعلام الموقعين 4/275، الوسيط ص 518، والمراجع السابقة.
6 حكى هذا الإجماع سُليم الرازي وابن حزم وغيرهما.
انظر: الإحكام لابن حزم 2/703، إرشاد الفحول ص 255.
"وَ" يَجُوزُ اجْتِهَادُهُ أَيْضًا "فِي أَمْرِ الشَّرْعِ عَقْلاً وَشَرْعًا" عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَالأَكْثَرِ1، وَعَزَاهُ الْوَاحِدِيُّ إلَى سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ.
قَالَ: وَلا حُجَّةَ لِلْمَانِعِ فِي قَوْله تَعَالَى: {إنْ أَتَّبِعُ إلَاّ مَا يُوحَى إلَيَّ} 2 فَإِنَّ الْقِيَاسَ عَلَى الْمَنْصُوصِ بِالْوَحْيِ: اتِّبَاعٌ لِلْوَحْيِ3.
وَمَنَعَهُ الأَكْثَرُ مِنْ الأَشْعَرِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَةِ4، وَقَالَ الْقَاضِي: إنَّهُ
1 وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وأبي يوسف والقاضي عبد الجبار وأبي الحسين البصري، واختاره الغزالي والآمدي والرازي والبيضاوي وابن الحاجب، وابن السبكي، وهو مذهب الحنفية بشرط أن يكون الاجتهاد بعد انتظار الوحي واليأس من نزوله.
انظر: نهاية السول 3/237، البرهان 2/1356، المعتمد 2/762، التبصرة ص 521، المنخول ص 468، مناهج العقول 3/23، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/291، جمع الجوامع 2/386، الإحكام للآمدي 4/165، المستصفى 2/355، 366، المحصول 2/3/9، 18، الروضة ص 356، 357، المسودة ص 506، 507، 508، 510، مختصر البعلي ص 164، مختصر الطوفي ص 175، المدخل إلى مذهب أحمد ص 186، شرح تنقيح الفصول ص 63، أصول السرخسي 2/91، تيسير التحري 4/183، 18، فواتح الرحموت 2/366، إرشاد الفحول ص 256، التمهيد للأسنوي ص 159، الوسيط ص 500.
2 الآية 50 من الأنعام.
3 ساقطة من ض.
4 وهو قول أبي علي الجبائي وأبي هاشم الجبائي، وابن حزم، وكل من منع القياس أصلاً منع الاجتهاد على الرسول صلى الله عليه وسلم عقلاً وشرعاً.
انظر أدلتهم مع مناقشتها في "نزهة الخاطر 2/409، العضد على ابن الحاجب 2/291، التمهيد ص 159، الإحكام للآمدي 4/165، تيسير =
ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِهِ1 عَبْدِ اللَّهِ.
"وَوَقَعَ" عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا. قَالَ الْقَاضِي: أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ قَالَ ابْنُ بَطَّةَ: وَذُكِرَ عَنْ أَحْمَدَ نَحْوُهُ.
وَاخْتَارَهُ الآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَهُوَ مُقْتَضَى كَلامِ الرَّازِيِّ وَأَتْبَاعِهِ فِي الاسْتِدْلالِ2 بِالْوَقَائِعِ وَغَيْرِهِمْ3. وَقِيلَ: لَمْ يَقَعْ4.
وَقِيلَ: بِالْوَقْفِ، لِتَعَارُضِ الأَدِلَّةِ5.
= التحرير 4/185، 188، الإحكام لابن حزم 2/699، البرهان 2/1356، المعتمد 2/761، المنخول ص 468، التبصرة ص 521، شرح تنقيح الفصول ص 436، المحصول 2/3/9، 19، المستصفى 2/356، مختصر الطوفي ص 175، نهاية السول 3/237، إرشاد الفحول ص 255".
1 ساقطة من ض ب ز.
2 في ش: المستدل.
3 انظر: الإحكام للآمدي 4/165، مختصر ابن الحاجب 2/291، المحصول 2/3/9، اللمع ص 76، التبصرة ص 521، نهاية السول 3/237، نزهة الخاطر 2/411، مختصر الطوفي ص 175، جمع الجوامع 2/386، إرشاد الفحول ص 256، المسودة ص 506 وما بعدها، الروضة ص 357، تيسير التحرير 4/186، الوسيط ص 500.
4 قال بعدم وقوع الاجتهاد من النبي صلى الله عليه وسلم شرعاً أكثر المتكلمين وبعض الشافعية، انظر هذا القول مع أدلته ومناقشتها في الروضة ص 357، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/292، المحلي على جمع الجوامع 2/387، الإحكام للآمدي 4/165، 168، المحصول 2/3/9/14، اللمع ص 76، شرح تنقيح الفصول ص 436، نهاية السول 3/237".
5 وهناك قول رابع بالجواز والوقوع في الآراء والحروب، والمنع في غيرها جمعاً بين =
وَاسْتُدِلَّ لِلصَّحِيحِ -الَّذِي هُوَ الْجَوَازُ وَالْوُقُوعُ- بِأَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْهُ مُحَالٌ، وَبِأَنَّ الأَصْلَ مُشَارَكَتُهُ لأُمَّتِهِ، وَبِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى:{فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} 1 وقَوْله سبحانه وتعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} 2 وَطَرِيقُ الْمُشَاوَرَةِ3: الاجْتِهَادُ، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ نَّهُ اسْتَشَارَ فِي أَسْرَى4 بَدْرٍ فَأَشَارَ أَبُو بَكْرٍ بِالْفِدَاءِ وَعُمَرُ بِالْقَتْلِ، فَجَاءَ عُمَرُ مِنْ الْغَدِ، وَهُمَا يَبْكِيَانِ، وَقَالَ صلى الله عليه وسلم:"أَبْكِي لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُك مِنْ أَخْذِهِمْ الْفِدَاءَ5 " وَأَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ6 وَتَعَالَى: {مَا كَانَ
= الأدلة، وقال الرازي:"وتوقف أكثر المحققين في ذلك""المحصول 2/3/9، 14"، وهو ما صححه الغزالي في "المستصفى 2/355".
وانظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/387، شرح تنقيح الفصول ص 436، نهاية السول 3/237، تيسير التحرير 4/185، إرشاد الفحول ص 256.
1 الآية 2 من الحشر.
2 الآية 159 من آل عمران.
3 في ض: المشاركة.
4 في ب: أمر.
5 هذا جزء من حديث –مع الاختصار- رواه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه، ورواه أحمد عن أنس، ورواه أبو داود مختصراً، كما رواه الترمذي، وذكرته كتب التفسير والسيرة.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 12/86، تخريج أحاديث البزدوي ص 231، مسند أحمد 3/219، سنن أبي داود 2/56، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 5/372.
6 في ض: وأنزل الله، وفي ش: وقوله.
لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ} 1 وَأَيْضًا {عَفَا اللَّهُ عَنْك لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} 2.
قَالَ فِي الْفُنُونِ: هُوَ مِنْ أَعْظَمِ دَلِيلِ الرِّسَالَةِ3، إذْ لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِهِ لَسَتَرَ4 عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ صَوَّبَهُ5 لِمَصْلَحَةٍ يَدَّعِيهَا، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ "لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ" 6 وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ7 فِيمَا لَمْ يُوحَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ8 فِيهِ، وَبِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْزِلَ بِبَدْرٍ دُونَ الْمَاءِ، قَالَ لَهُ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ9 " إنْ كَانَ هَذَا بِوَحْيٍ فَنَعَمْ، وَإِنْ كَانَ
1 الآية 67 من الأنفال.
وانظر: تفسير الطبري 10/43، تفسير القرطبي 8/46، تفسير ابن كثير 2/325، فتح القدير 2/326.
2 الآية 43 من التوبة.
وانظر تفسير الطبري 10/142، تفسير القرطبي 8/154، تفسير ابن كثير 2/360، فتح القدير 2/365.
3 في ش ب: لرسالته.
4 في ش: لستره، وفي ز: ستر.
5 في د ض: صوبها.
6 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم والشافعي عن جابر مرفوعاً، ورواه أبو داود عن عائشة مرفوعاًن ورواه أحمد عن ابن عباس مرفوعاً.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 1/188، صحيح مسلم بشرح النووي 8/155، سنن أبي داود 1/414، بدائع المنن 1/310، مسند أحمد 1/259، التلخيص الحبير 2/231.
7 ساقطة من ض.
8 في ز: شيء.
9 هو الحباب بن المنذر بن الجموح، أبو عمر، الأنصاري الخزرجي الصحابي، شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً والمشاهد كلها، وكان يقال له: =
الرَّأْيُ وَالْمَكِيدَةُ، فَانْزِلْ بِالنَّاسِ عَلَى الْمَاءِ لِتَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَدُوِّ فَقَالَ: لَيْسَ بِوَحْيٍ، إنَّمَا هُوَ رَأْيٌ1 وَاجْتِهَادٌ رَأَيْتُهُ، وَرَجَعَ إلَى قَوْلِهِ"2 وَكَذَا إلَى قَوْلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ3، وَسَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ لَمَّا أَرَادَ صُلْحَ الأَحْزَابِ عَلَى4 شَطْرِ نَخْلِ الْمَدِينَةِ، وَقَدْ كَتَبَ بَعْضَ الْكِتَابِ بِذَلِكَ، وَقَالا لَهُ" إنْ كَانَ بِوَحْيٍ: فَسَمْعًا وَطَاعَةً، وَإِنْ كَانَ بِاجْتِهَادٍ: فَلَيْسَ هَذَا هُوَ الرَّأْيُ"5 وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِغَيْرِ مَا
= ذا الرأي، وحضر يوم سقيفة بني ساعدة عند بيعة أبي بكر، وكان خطيب الأنصار، توفي بالمدينة في خلافة عمر رضي الله عنه، وقد زاد عمره عن الخمسين.
انظر ترجمته في "الإصابة 1/316، أسد الغابة 1/436، مشاهير علماء الأمصار ص 25".
1 ساقطة من ز.
2 هذا الحديث رواه الحاكم في "المستدرك"، وقال الذهبي عنه: حديث منكر، وذكره ابن كثير في "البداية"، كما ذكره كتاب السيرة.
انظر: المستدرك 3/427، البداية والنهاية 3/167، زاد المعاد 3/175، السيرة النبوية لابن هشام 1/620.
3 هو سعد بن معاذ بن النعمان الأنصاري الأشهلي، الصحابي، سيد الأوس، أسلم على يد مصعب بن عمير قبل الهجرة، وأسلم معه جميع بني الأشهل، وشهد بدراً وأحداً والخندق وقريظة، ونزلوا على حكمه فيهم، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله تعالى، وتوفي شهيداً من جرح أصابه من قتال الخندق، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ"، ومناقبه كثيرة ومشهورة، ومنها كلامه وتأييده قبل معركة بدر.
انظر ترجمته في "الإصابة 3/87، أسد الغابة 2/373، تهذيب الأسماء 1/215، الخلاصة 1/371".
4 في ض: بـ.
5 هذا جزء من حديث طويل رواه البزار والطبراني في "الكبير" وذكرته كتب السيرة.
انظر: زاد المعاد 3/273، السيرة النبوية لابن هشام 2/223، تخريج أحاديث البزدوي ص 232، مجمع الزوائد 6/132.
ذُكِرَ، فَدَلَّ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى1 أَنَّهُ مُتَعَبَّدٌ بِالاجْتِهَادِ.
"وَ" عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ2 اجْتِهَادِهِ صلى الله عليه وسلم وَوُقُوعِهِ مِنْهُ "لا يُقَرُّ عَلَى خَطَإٍ" إجْمَاعًا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْخَطَإِ3، إلَاّ أَنَّهُ لا يُقَرُّ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَالآمِدِيُّ، وَنَقَلَهُ عَنْ أَكْثَرِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَالْحَنَابِلَةِ. وَأَصْحَابِ الْحَدِيثِ4.
وَمَنَعَ قَوْمٌ جَوَازَ الْخَطَإِ عَلَيْهِ5، لِعِصْمَةِ مَنْصِبِ النُّبُوَّةِ عَنْ الْخَطَإِ فِي الاجْتِهَادِ6.
1 ساقطة من ض.
2 في ز: يجوز.
3 في ش ب ز: الخطأ عليه.
4 انظر هذا القول مع أدلته في "الإحكام للآمدي 4/216، 217، المسودة ص 509، مختصر ابن الحاجب 2/303، المستصفى 2/355، المحصول 2/3/22، اللمع ص 76، التبصرة ص 524، نهاية السول 3/239، مناهج العقول 3/237، أصول السرخسي 2/91، 95، تيسير التحرير 4/190، الإحكام لابن حزم 2/705، فواتح الرحموت 2/373".
5 ساقطة من ز.
6 انظر القول بعدم وقوع الخطأ من الرسول صلى الله عليه وسلم في الاجتهاد لعِصمته، وهو اختيار السبكي والحليمي والرازي والبيضاوي والشيعة، وانظر أدلة هذا القول ومناقشتها في "المسودة ص 510، اللمع ص 76، مختصر =
"وَ" يَجُوزُ "اجْتِهَادُ مَنْ عَاصَرَهُ صلى الله عليه وسلم عَقْلاً" عِنْدَ الأَكْثَرِ "وَشَرْعًا وَوَقَعَ1".
ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي الْعُدَّةِ2 وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ وَغَيْرُهُمَا. وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَالرَّازِيُّ وَأَتْبَاعُهُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُمْ3.
وَقِيلَ: لا يَجُوزُ مُطْلَقًا4.
= ابن الحاجب والعضد عليه 2/303، جمع الجوامع 2/387، الإحكام للآمدي 4/216، تيسير التحرير 4/190، فواتح الرحموت 2/372، المستصفى 2/355، المحصول 2/3/22، التبصرة ص 524، نهاية السول مع منهاج الوصول 3/239، مناهج العقول 3/236، مختصر البعلي ص 164، الوسيط ص 505".
1 ساقطة من ض.
2 ساقطة من ب.
3 انظر القول بجواز اجتهاد من عاصره صلى الله عليه وسلم عقلاً وشرعاً ووقوعه مع أدلته في "المسودة ص 511، الروضة ص 354، مختصر ابن الحاجب 2/292، الإحكام لابن حزم 2/698، جمع الجوامع 2/387، المستصفى 2/354، المحصول 2/3/25، 27، اللمع ص 75، شرح تنقيح الفصول ص 436، التبصرة ص 519، مناهج العقول 3/239، البرهان 2/1355، المعتمد 2/765، الإحكام للآمدي 4/175، التمهيد للأسنوي ص 158، مختصر البعلي ص 164، مختصر الطوفي ص 175، فواتح الرحموت 2/374، تيسير التحرير 4/193، إرشاد الفحول ص 256، المدخل إلى مذهب أحمد ص 186، نهاية السول 3/240".
4 قال بمنع اجتهاد من عاصر النبي صلى الله عليه وسلم أبو الخطاب وأبو علي الجبائي وأبو هاشم وبعض الشافعية.
انظر: المسودة ص 511، الروضة ص 354، العضد على ابن الحاجب =
وَقِيلَ: إنْ وَرَدَ الإِذْنُ بِذَلِكَ مِنْ الشَّارِعِ جَازَ وَإِلَاّ فَلا.
وَقِيلَ: يَجُوزُ لِلْغَائِبِينَ عَنْهُ دُونَ الْحَاضِرِينَ، لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الْوُقُوفِ عَلَى النَّصِّ1.
وَقَدْ حَكَى الأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ: الإِجْمَاعَ عَلَى جَوَازِ الاجْتِهَادِ فِي عَصْرِهِ صلى الله عليه وسلم لِلْغَائِبِ عَنْهُ.
وَاسْتَدَلَّ لِلْجَوَازِ وَالْوُقُوعِ بِنُزُولِ بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
= 2/293، التمهيد ص 158، المحلي على جمع الجوامع 2/387، الإحكام للآمدي 4/175، 177، المستصفى 2/354، المحصول2/ 3/26، 27، اللمع ص 75، التبصرة ص 519، نهاية السول 3/240، البرهان 2/1356، المعتمد 2/765، تيسير التحرير 4/193، فواتح الرحموت 2/374، مختصر البعلي ص 164، مختصر الطوفي ص 175، إرشاد الفحول ص 256.
1 أيد هذا القول الغزالي في "المنخول ص 468" والجويني، وهناك قول رابع ذكره الرازي بقوله:"وتوقف فيه الأكثرون"، وهناك قول خامس بعد اشتراط الإذن، ويكفي السكوت من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد علمه بوقوعه، ولك قول دليله.
انظر: المسودة ص 511، الروضة ص 354، ابن الحاجب والعضد عليه 2/293، التمهيد ص 158، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/387، الإحكام للآمدي 4/175، مختصر الطوفي ص 175، المستصفى 2/354، المحصول 2/3/26، التبصرة ص 519، نهاية السول 3/240، البرهان 2/1356، المعتمد 2/765، تيسير التحرير 4/193، فواتح الرحموت 2/374، إرشاد الفحول ص 256.
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ1، فَجَاءَ2 فَقَالَ:"نَزَلَ هَؤُلاءِ عَلَى حُكْمِك قَالَ: فَإِنِّي أَحْكُمُ بِقَتْلِ مُقَاتِلَتِهِمْ3 وَسَبْيِ4 ذَرَارِيِّهِمْ، فَقَالَ: قَضَيْتَ فِيهِمْ5 بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ6.
وَجَاءَهُ7 صلى الله عليه وسلم رَجُلانِ فَقَالَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ8: "اقْضِ بَيْنَهُمَا" فَقَالَ: وَأَنْتَ هُنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:
1 في ش: للغائب عنه فجاء إليه.
2 ساقطة من ش
3 في ب ز: مقاتلهم.
4 في ب: وبسبي.
5 ساقطة من ض ب ز.
6 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم وأحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً، وذكرته كتب التفسير عند قوله تعالى: {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ
…
} الآية الأحزاب/26.
انظر: صحيح البخاري مع حاشية السندي 3/23، صحيح مسلم بشرح النووي 12/93، مجمع الزوائد 6/137، تفسير الطبري 21/152، تفسير ابن كثير 3/478، تفسير القرطبي 14/139، فتح القدير 4/274.
7 في ب: وجاء.
8 هو عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم، القرشي السهمي، الصحابي أبو عبد الله، وقيل أبو محمد، أسلم عام خيبر سنة سبع للهجرة مع خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على عُمان، ثم أرسله أبو بكر أميراً على الشام، فشهد فتوحها، وولي فلسطين لعمر بن الخطاب، ثم أرسله عمر في جيش إلى مصر ففتحها، ولم يزل والياً عليها، وأقره عثمان ثم عزله واستعمله معاوية على مصر، فبقي عليها حتى توفي، ودفن بها سنة 43هـ، وقيل غير ذلك، وكان من أبطال العرب ودهاتهم، وروى له عدة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وله مناقب كثيرة انظر ترجمته في "الإصابة 5/2، أسد الغابة 4/244، تهذيب الأسماء 2/30، مشاهير علماء الأمصار ص 55، الخلاصة 2/288، حسن المحاضرة 1/244، 578".
"نَعَمْ" 1 وَعَنْ عُقْبَةَ2 بْنِ عَامِرٍ3 مَرْفُوعًا بِمِثْلِهِ4 رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيُّ5 وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ [فَرَجِ 6] بْنِ فَضَالَةَ، وَضَعَّفَهُ الأَكْثَرُ7.
1 هذا الحديث رواه الحاكم عن عبد الله بن عمرو أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لعمرو:"اقضِ بينهما، فقال: أقضي بينهما وأنت حاضر يا رسول الله؟ قال نعم على أنك إن أصبت فلك عشرة أجور، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر" ورواه أحمد والدارقطني كذلك.
انظر: المستدرك 4/88، مسند أحمد 4/205، سنن الدارقطني 4/203، مجمع الزوائد 4/195.
2 في ب: عفينة.
3 ساقطة من ض ب.
4 رواه الإمام أحمد والدارقطني وغيرهما.
انظر: مسند أحمد 4/205، تخريج أحاديث البزدوي ص 279، ميزان الاعتدال 3/354، مجمع الزوائد 4/195، التلخيص الحبير 4/180.
5 سنن الدارقطني 4/203.
6 اللفظة من سنن الدارقطني، وفي جميع النسخ: نوح، وهو تصحيف.
7 هو فَرَج بن فضالة بن النعمان القضاعي، التنوخي، أبو فضالة الشامي الحمصي، كان على بيت مال بغداد، وتوفي بها سنة 176هـ في خلافة هارون الرشيد.
وثقة أحمد في الشاميين، وضعفه النسائي والدارقطني، وقال أبو حاتم: صدوق لا يحتج به، وقال ابن معين: صالح الحديث، وقال ابن سعد: كان ضعيفاً، وأخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه.
انظر ترجمته في "الخلاصة 2/333، ميزان الاعتدال 3/343، المغني في الضعفاء ص 509، طبقات ابن سعد 4/469، الوزراء والكتاب ص 112".
وَلأَحْمَدَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَعْقِلَ بْنَ يَسَارٍ1 أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَ قَوْمٍ2.
وَلأَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ أَنَّهُ بَعَثَ عَلِيًّا رضي الله عنه قَاضِيًا3.
"وَمَنْ جَهِلَ وُجُودَهُ تَعَالَى" جَلَّ وَعَزَّ "أَوْ عَلِمَهُ، وَفَعَلَ" مَا لا يَصْدُرُ إلَاّ مِنْ كَافِرٍ "أَوْ قَالَ مَا لا يَصْدُرُ إلَاّ مِنْ كَافِرٍ إجْمَاعًا فَـ" ـهُوَ
1 هو معقل بن يسار بن مُعَبَّر بن حُراق، أبو عبد الله، ويقال: أبو يسار وأبو علي، المزني البصري، الصحابي المشهور، شهد بيعة العقبة الرضوان، وقال –كما روى مسلم-:"لقد رأيتني يوم الشجرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع الناس، وأنا رافع غصناً من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشر مائة، ولم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على أن لا نفر"، ثم نزل بالبصرة، وله الخطة المعروفة به، وإليه ينسب نهر معقل بها، روى عدة أحاديث في الكتب الستة، توفي بالبصرة في آخر خلافة معاوية.
انظر ترجمته في "الإصابة 6/126، أسد الغابة 5/232، تهذيب الأسماء 2/106، الخلاصة 3/45، مشاهير علماء الأمصار ص 38".
2 قال معقل بن يسار رضي الله عنه: "أمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أقضي بين قوم، فقلتُ: ما أحسنُ ما أقضيَ يا رسول الله؟ قال: " اللهُ مع القاضي ما لم يَحِف عمْداً".
انظر مسند أحمد 5/26.
3 رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم عن علي رضي الله عنه وأوله: "في سنن أبي داود": "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضياً".
انظر: سنن أبي داود 2/270، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 4/561، سنن ابن ماجه 2/774، مسند أحمد 1/149، تخريج أحاديث البزدوي ص 155، المستدرك 4/88.
"كَافِرٌ" وَلَوْ كَانَ مُقِرًّا بِالإِسْلامِ1.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: تَبَعًا لِ " مُسْوَدَّةِ " بَنِي تَيْمِيَّةَ: مَنْ جَهِلَ وُجُودَ الرَّبِّ، أَوْ عَلِمَهُ وَفَعَلَ أَوْ قَالَ مَا أَجْمَعَتْ الأُمَّةُ أَنَّهُ لا يَصْدُرُ إلَاّ مِنْ كَافِرٍ2 فَكَافِرٌ. انْتَهَى.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي آخِرِ " الشِّفَاءِ ": وَكَذَا يَكْفُرُ3 بِكُلِّ فِعْلٍ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ لا يَصْدُرُ إلَاّ مِنْ كَافِرٍ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبُهُ مُصَرِّحًا بِالإِسْلامِ، مَعَ فِعْلِهِ ذَلِكَ الْفِعْلَ، كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ أَوْ4 لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالصَّلِيبِ وَالنَّارِ وَالسَّعْيِ إلَى الْكَنَائِسِ، وَالْبِيَعِ مَعَ أَهْلِهَا، [وَالتَّزَيِّي] 5 بِزِيِّهِمْ مِنْ شَدِّ6 الزُّنَّارِ وَنَحْوِهِ7 - فَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ هَذَا لا يُوجَدُ إلَاّ مِنْ كَافِرٍ وَأَنَّ هَذِهِ الأَفْعَالَ عَلامَةٌ عَلَى8 الْكُفْرِ، وَإِنْ صَرَّحَ فَاعِلُهَا بِالإِسْلامِ9. انْتَهَى.
1 انظر تيسير التحرير 4/195 وما بعدها، 212، فواتح الرحموت 2/377، 387، إرشاد الفحول ص 260، رسائل ابن عابدين 1/316.
2 ساقطة من ض.
3 في الشفاء: نكفر.
4 في الشفاء: و.
5 اللفظة من الشفاء.
6 في ب: مثل.
7 في الشفاء: الزنانير وفحص الرؤوس، أي حلق أوساطها وتركها كمفاحص القطا.
8 في ض: لـ.
9 الشفاء 2/611.
"وَلا يُكَفِّرُ مُبْتَدِعٌ غَيْرَهُ" أَيْ غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي رِوَايَةٍ اخْتَارَهَا الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَالْمُوَفَّقُ، وِفَاقًا لِلأَشْعَرِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَكَمُقَلِّدٍ فِي الأَصَحِّ فِيهِ عِنْدَ أَحْمَدَ 1وَأَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ2، وَهَلْ يَفْسُقُ أَمْ3 لا؟.
وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ فِي الدَّاعِيَةِ وَعَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ: أَنَّهُ يَكْفُرُ وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "إلَاّ الدَّاعِيَةَ فِي رِوَايَةٍ" وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ فِي الْمَذْهَبِ.
وَعَنْهُ لا يَكْفُرُ الدَّاعِيَةُ وَلا غَيْرُهُ وَعَنْهُ يَكْفُرَانِ.
"وَيَفْسُقُ مُقَلِّدٌ" فِي الْبِدَعِ "لا مُجْتَهِدٌ" فِيهَا، وَيَكُونُ فِسْقُ الْمُقَلِّدِ "بِمَا كَفَرَ بِهِ الدَّاعِيَةُ".
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ كَفَّرْنَا4 فِيهَا5 الدَّاعِيَةَ، فَإِنَّا6 نُفَسِّقُ الْمُقَلِّدَ فِيهَا.
قَالَ الْمَجْدُ: الصَّحِيحُ أَنَّ كُلَّ بِدْعَةٍ لا تُوجِبُ الْكُفْرَ: لا يَفْسُقُ الْمُقَلِّدُ فِيهَا لِخِفَّتِهَا.
1 ساقطة من ش.
2 انظر: تيسير التحرير 4/218، فواتح الرحموت 2/387.
3 في ض ب ز: أو.
4 في ب: كفرناها.
5 ساقطة من ب.
6 في ض: فإنها.
"وَلا يَفْسُقُ مَنْ لَمْ يُكَفِّرْ مَنْ كَفَّرْنَاهُ" قَالَهُ الْمَجْدُ.
"وَ" الْمُجْتَهِدُ "الْمُصِيبُ فِي" الأُمُورِ "الْعَقْلِيَّاتِ وَاحِدٌ" إجْمَاعًا؛ لأَنَّهُ لا سَبِيلَ إلَى أَنَّ كُلاًّ1 مِنْ النَّقِيضَيْنِ أَوْ الضِّدَّيْنِ حَقٌّ، بَلْ أَحَدُهُمَا فَقَطْ، وَالآخَرُ بَاطِلٌ، وَمَنْ لا يُصَادِفُ ذَلِكَ الْوَاحِدَ فِي الْوَاقِعِ: فَهُوَ ضَالٌّ آثِمٌ، وَإِنْ بَالَغَ فِي النَّظَرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَدْرَكٌ ذَلِكَ عَقْلِيًّا2 مَحْضًا. كَحُدُوثِ3 الْعَالَمِ أَوْ4 وُجُودِ الصَّانِعِ أَوْ شَرْعِيًّا مُسْتَنِدًا إلَى ثُبُوتِ أَمْرٍ عَقْلِيٍّ، كَعَذَابِ الْقَبْرِ وَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ5.
"وَنَافِي الإِسْلام مُخْطِئٌ آثِمٌ كَافِرٌ مُطْلَقًا" يَعْنِي سَوَاءٌ قَالَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا أَوْ بِغَيْرِ اجْتِهَادٍ عِنْدَ أَئِمَّةِ الإِسْلامِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ هُنَا
1 في ش: كل.
2 في ض: عقلاً.
3 في ز: كحدث.
4 في ض ز: و.
5 انظر: المسودة ص 495، الروضة ص 395، مختصر ابن الحاجب 2/293، التمهيد ص 163، جمع الجوامع 2/388، الإحكام للآمدي 4/178، المستصفى 2/354، المحصول 2/3/41، اللمع ص 73، شرح تنقيح الفصول ص 438، 439، التبصرة ص 496، المنخول ص 451، نهاية السول 3/249، البرهان 2/1316، المعتمد 2/988، تيسير التحرير 4/195، فواتح الرحموت 2/376، إرشاد الفحول ص 259، مختصر البعلي ص 164، مختصر الطوفي ص 176، المدخل إلى مذهب أحمد ص 186، الوسيط ص 533، الملك والنحل 1/201، الشفاء 2/601.
أَقْوَالٌ تَنْفِرُ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَتَقْشَعِرُّ مِنْهَا الْجُلُودُ أَضْرَبْنَا عَنْهَا1.
"وَالْمَسْأَلَةُ الظَّنِّيَّةُ، الْحَقُّ فِيهَا: وَاحِدٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى. وَعَلَيْهِ دَلِيلٌ وَعَلَى الْمُجْتَهِدِ طَلَبُهُ، حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ وَصَلَهُ، فَمَنْ أَصَابَهُ فَمُصِيبٌ، وَإِلَاّ فَمُخْطِئٌ مُثَابٌ" عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ. وَقَالَهُ الأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ وَالْمُحَاسِبِيُّ وَابْنُ كُلَاّبٍ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي عَنْ مُعْظَمِ الْفُقَهَاءِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ بُرْهَانٍ عَنْ الأَشْعَرِيِّ نَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ مُفْلِحٍ2.
1 انظر تفصيل ذلك في "الشفاء 2/473 وما بعدها، 601، الملل والنحل 1/203، مختصر البعلي ص 164، كشف الأسرار 4/17، الروضة ص 362، المنخول ص 451، المسودة ص 446، 457، 495، 503، جمع الجوامع 2/388، إرشاد الفحول ص 259، مختصر ابن الحاجب 2/293، الإحكام للآمدي 4/178، المستصفى 2/354، 357، المحصول 2/3/42، اللمع ص 73، شرح تنقيح الفصول ص 439، فتح الغفار 3/31، فواتح الرحموت 2/376".
2 قال جمهور العلماء: المصيب في الفروع والظنيات واحد، وهو قول مالك وأبي حنيفة في قول والشافعية والحنابلة، وهو قول الأشعري والباقلاني والغزالي والمعتزلة، وقال الحنفية في القول الآخر: كل مجتهد مصيب، وهناك أقوال أخرى، ولكل قول دليله، وتسمى هذه المسألة: مسألة تصويب المجتهد، وذكرها العلماء بتوسع وأدلة ومناقشة.
انظر: مجموع الفتاوى 19/204، 20/19، المسودة ص 497، 501 وما بعدها، مختصر البعلي ص 165، مختصر الطوفي ص 176، الرسالة ص 489، 496 وما بعدها، نزهة الخاطر 2/414، 415، الروضة ص 360، 363، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/293، 194 وما بعدها، التمهيد ص 163، جمع الجوامع 2/389، الإحكام للآمدي 4/183 وما بعدها، =
قَالَ "وَثَوَابُهُ عَلَى قَصْدِهِ وَاجْتِهَادِهِ لا عَلَى الْخَطَإِ1" وَقَالَهُ2 ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: وَبَعْضُهُمْ عَلَى قَصْدِهِ3.
وَفِي الْعُدَّةِ وَغَيْرِهَا: مُخْطِئٌ عِنْدَ اللَّهِ وَحُكْمًا4.
"وَ" الْقَضِيَّةُ "الْجُزْئِيَّةُ الَّتِي فِيهَا نَصٌّ قَاطِعٌ: الْمُصِيبُ فِيهَا وَاحِدٌ بِالاتِّفَاقِ5" وَإِنْ دَقَّ مَسْلَكُ ذَلِكَ الْقَاطِعِ6.
= المستصفى 2/357، 363 وما بعدها، المحصول 2/3/47 وما بعدها، 88 وما بعدها، اللمع ص 73. شرح تنقيح الفصول ص 438، 439، التبصرة ص 496 وما بعدها، المنخول ص 453، نهاية السول 3/246، مناهج العقول 3/250 وما بعدها، البرهان 2/1319، المعتمد 2/949، 956، 964، التوضيح على التنقيح 3/64، 66، 68، فتح الغفار 3/35، كشف الأسرار 4/16، 18 25، تيسير التحرير 4/202، فواتح الرحموت 2/380، المدخل إلى مذهب أحمد ص 186.
1 ساقطة من ش.
2 في ش: وقال.
3 انظر: مختصر الطوفي ص 177، الإحكام لابن حزم 2/648، تيسير التحرير 4/202، شرح الورقات ص 281، 282، فواتح الرحموت 2/381.
4 انظر المسودة ص 498، 501.
5 في ض: باتفاق.
6 انظر: مجموع الفتاوى 19/205، الروضة ص 359، مختصر ابن الحاجب 2/294، جمع الجوامع 2/390، المستصفى 2/354، 375، مختصر الطوفي ص 176، 177، المدخل إلى مذهب أحمد ص 186، إرشاد الفحول ص 260، الوسيط ص 536.
"وَلا يَأْثَمُ مُجْتَهِدٌ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ اجْتِهَادِيٍّ، وَيُثَابُ" عِنْدَ الأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ، وَخَالَفَ الظَّاهِرِيَّةُ وَجَمْعٌ1.
وَاسْتَدَلَّ لِلأَوَّلِ - وَهُوَ الصَّحِيحُ - بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ وَتَكَرَّرَ وَشَاعَ، مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ وَلا تَأْثِيمٍ، مَعَ الْقَطْعِ بِأَنَّهُ لَوْ خَالَفَ أَحَدٌ فِي أَحَدِ أَرْكَانِ
1 قال بعض المتكلمين وبشر المريسي وأبو بكر الأصم وابن عُليّة: إن المصيب واحد، والحق في جهة واحدة، والمخطئ آثم مطلقاً، سواء بذل جهده في الاجتهاد أم لا، وقالت الظاهرية: إن المصيب واحد، ولا إثم على المخطئ المعذور الذي بذل جهده، وقال عبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة والجاحظ: لا يأثم المجتهد المخطئ سواء كان في أصول الدين والعقيدة أم في الفروع متى جد في طلبه، حتى ولو وصل إلى ما يخالف الإسلام، وقيل إن العنبري رجع عن هذا الرأي.
انظر هذه الآراء مع أدلتها ومناقشتها في "مجموع الفتاوى 19/124، 203 وما بعدها، 206، القواعد النورانية ص 128، المسودة ص 495، 497، 503، الروضة ص 362، 368 وما بعدها، مختصر ابن الحاجب 2/294 وما بعدها، التمهيد للأسنوي ص 164، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/388، 389، الإحكام للآمدي 4/178، 182، 183، المستصفى 2/354، 360 وما بعدها، المحصول 2/3/41، 46، 50 وما بعدها، الاعتصام 1/167، اللمع ص 73، شرح تنقيح الفصول ص 438 وما بعدها، التبصرة ص 496، المنخول ص 454، الإحكام لابن حزم 2/647، 658، 1159، البرهان 2/1316، 1320، المعتمد 2/949، 988، كشف الأسرار 4/17، تيسير التحرير 4/197 وما بعدها، فواتح 2/377، إرشاد الفحول ص 259، 261، الفقيه والمتفقه 2/60 وما بعدها، مختصر الطوفي ص 177، 178، 184".
الإِسْلامِ الْخَمْسِ لأَنْكَرُوا1 كَمَانِعِي2 الزَّكَاةِ وَالْخَوَارِجِ.
"وَلا" يَأْثَمُ أَيْضًا "مَنْ بَذَلَ وُسْعَهُ، وَ3لَوْ خَالَفَ" دَلِيلاً "قَاطِعًا وَإِلَاّ أَثِمَ لِتَقْصِيرِهِ".
أَمَّا عَدَمُ إثْمِهِ إذَا بَذَلَ وُسْعَهُ: فَلأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَلا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَاّ وُسْعَهَا، وَقَدْ أَتَى بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا إذَا لَمْ يَبْذُلْ وُسْعَهُ: فَإِنَّهُ يَأْثَمُ؛ لِكَوْنِهِ قَصَّرَ فِي بَذْلِ الْوُسْعِ4.
وَلِلْمُجْتَهِدِ أَنْ يَقُولَ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ "فِي وَقْتَيْنِ لا" فِي وَقْتٍ "وَاحِدٍ قَوْلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ".
أَمَّا كَوْنُ الْمُجْتَهِدِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِي مَسْأَلَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ قَوْلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ: فَلأَنَّ اعْتِقَادَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْوَاحِدِ مُحَالٌ، وَلأَنَّهُ لا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَا5 فَاسِدَيْنِ وَعُلِمَ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ بِهِمَا
1 في ض ب: أنكروا.
2 في ض: كمانع.
3 ساقطة من ب.
4 انظر: المسودة 498، 501، 360، الروضة ص 375 وما بعدها، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/394، 395 وما بعدها، جمع الجوامع 2/390، 391، الإحكام للآمدي 4/184، المستصفى 2/364، المحصول 2/3/51، التلويح على التوضيح 3/69، تيسير التحرير 4/232، المدخل إلى مذهب أحمد ص 187.
5 في ب: يكون.
حَرَامٌ فَلا قَوْلَ أَصْلاً، أَوْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا فَاسِدًا، فَكَذَلِكَ فَلا وُجُودَ لِلْقَوْلَيْنِ، أَوْ يَكُونَا صَحِيحَيْنِ فَإِذًا الْقَوْلُ بِهِمَا مُحَالٌ، لاسْتِلْزَامِهِمَا التَّضَادَّ1 الْكُلِّيَّ و2َالْجُزْئِيَّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْفَاسِدَ مِنْهُمَا: فَلَيْسَ عَالِمًا بِحُكْمِ الْمَسْأَلَةِ فَلا قَوْلَ لَهُ3 فِيهَا فَيَلْزَمُهُ التَّوَقُّفُ أَوْ التَّخْيِيرُ، وَهُوَ قَوْلٌ وَاحِدٌ لا قَوْلانِ4.
وَرُوِيَ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو حَامِدٍ: لَيْسَ لِلشَّافِعِيِّ مِثْلُ ذَلِكَ إلَاّ فِي بِضْعَةَ عَشَرَ مَوْضِعًا: سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى عُلُوِّ شَأْنِهِ.
وَفَائِدَةُ ذِكْرِ5 الْقَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ: التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّ مَا سِوَاهُمَا لا يُؤْخَذُ بِهِ، وَأَنَّ الْجَوَابَ مُنْحَصِرٌ فِيمَا ذُكِرَ فَيُطْلَبُ التَّرْجِيحُ فِيهِ6.
1 في ش: الجزئي والكلي، وفي ز: كالكلي والجزئي
2 في ب ز: أو.
3 في ض: فليس له قول.
4 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد 2/299، الإحكام للآمدي 4/201، فتح الغفار 3/37، نهاية السول 3/184، المعتمد 2/860، شرح تنقيح الفصول ص 419، رسائل ابن عابدين 1/23، تيسير التحرير 4/232، المعتمد 2/860، مختصر البعلي ص 165، مختصر الطوفي 179، المدخل إلى مذهب أحمد ص 187، فتح الغفار 3/37، القواعد النورانية ص 127، 129.
5 في ض: ذلك.
6انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/359، المحصول 2/3/523 وما بعدها، الإحكام للآمدي 4/201 وما بعدها، اللمع ص 74، 75، التبصرة ص 511 =
قَالَ الطُّوفِيُّ: وَأَحْسَنُ مَا يُعْتَذَرُ بِهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ: أَنَّهُ تَعَارَضَ عِنْدَهُ الدَّلِيلانِ فَقَالَ بِمُقْتَضَاهُمَا عَلَى شَرِيطَةِ التَّرْجِيحِ1 انْتَهَى.
وَأَمَّا كَوْنُ الْمُجْتَهِدِ لَهُ أَنْ يَقُولَ فِي الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ فِي وَقْتَيْنِ: فَلأَنَّ اعْتِقَادَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتَيْنِ لَيْسَ بِمُحَالٍ.
ثُمَّ لا يَخْلُو: إمَّا2 أَنْ يُعْلَمَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمَا، أَوْ لا "فَإِنْ عُلِمَ أَسْبَقُهُمَا" أَيْ أَسْبَقُ الْقَوْلَيْنِ "فَالثَّانِي مَذْهَبُهُ" أَيْ مَذْهَبُ3 الْمُجْتَهِدِ الْقَائِلِ بِالْقَوْلَيْنِ "وَهُوَ نَاسِخٌ" لِقَوْلِهِ الأَوَّلِ عِنْدَ الأَكْثَرِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْهُ4.
= وما بعدها، نهاية السول 3/185، البرهان 2/1363، تيسير التحرير 4/233، فواتح الرحموت 2/395، الوسيط ص 553، المعتمد 2/861، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/299، 300، الروضة ص 376، مختصر البعلي ص 165، مختصر الطوفي ص 179، المدخل إلى مذهب أحمد ص 187.
1 مختصر الطوفي ص 180.
2 ساقطة من ض ب ز.
3 ساقطة من ش.
4 انظر المسودة ص 526، 527، الروضة ص 376، 380، مختصر البعلي ص 165، مختصر الطوفي ص 182، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/299، الإحكام للآمدي 4/201، اللمع ص 75، التبصرة ص 514، فتح الغفار 3/37، تيسير التحرير 4/232، نهاية السول 3/185 وما بعدها، المحصول 2/3/522، الفروع 1/64، صفة الفتوى ص 33، 39، المدخل إلى مذهب أحمد ص 187، 190، إرشاد الفحول ص 263.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: إذَا رَأَيْتُ مَا هُوَ أَقْوَى أَخَذْتُ بِهِ، وَتَرَكْتُ الْقَوْلَ الأَوَّلَ1.
وَقِيلَ: يَكُونُ الأَوَّلُ مَذْهَبَهُ أَيْضًا مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالرُّجُوعِ عَنْ الأَوَّلِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، كَمَنْ صَلَّى صَلاتَيْنِ بِاجْتِهَادَيْنِ إلَى جِهَتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَخْطَأَ؛ وَلأَنَّ الاجْتِهَادَ لا يُنْقَضُ بِالاجْتِهَادِ2.
"وَإِلَاّ" أَيْ وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ الأَسْبَقُ مِنْهُمَا "فَمَذْهَبُهُ" أَيْ فَمَذْهَبُ3 ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ "أَقْرَبُهُمَا" أَيْ أَقْرَبُ الْقَوْلَيْنِ "مِنْ الأَدِلَّةِ، أَوْ" مِنْ "قَوَاعِدِهِ" أَيْ قَوَاعِدِ مَذْهَبِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ4. قَدَّمَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي فُرُوعِهِ وَغَيْرِهِ5.
قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ وَغَيْرُهُ: يُجْتَهَدُ فِي الأَشْبَهِ بِأُصُولِهِ، الأَقْوَى فِي الْحُجَّةِ: فَيَجْعَلَهُ مَذْهَبَهُ.
1 في ش: الآخر.
2 انظر: المسودة ص 527ن الروضة ص 380 وما بعدها، مختصر البعلي ص 165، مختصر الطوفي ص 182، الفروع وتصحيحه 1/64، المدخل إلى مذهب أحمد ص 190.
3 في ض ب ز: مذهب.
4 انظر: المسودة ص 526، 528، الروضة ص 380، التبصرة ص 514، تيسير التحرير 4/232، روضة الطالبين 11/111، مختصر البعلي ص 165، مختصر الطوفي ص 182، المدخل إلى مذهب أحمد ص 187، 190.
5 الفروع لابن مفلح 1/65، صفة الفتوى ص 40، 87، 89، الروضة ص 380.
"وَمَذْهَبُ أَحْمَدَ وَنَحْوِهِ" مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ عَلَى الإِطْلاقِ الَّذِينَ لَمْ يُؤَلِّفُوا كُتُبًا مُسْتَقِلَّةً فِي الْفِقْهِ - كَاللَّيْثِ وَالسُّفْيَانَيْنِ وَنَحْوِهِمْ - فَإِنَّمَا1 أَخَذَ أَصْحَابُهُ مَذْهَبَهُ مِنْ بَعْضِ تَآلِيفِهِ غَيْرِ الْمُسْتَقِلَّةِ بِالْفِقْهِ، وَمِنْ أَقْوَالِهِ فِي فَتَاوِيهِ، وَغَيْرِهَا. وَ2مِنْ أَفْعَالِهِ "مَا قَالَهُ" صَرِيحًا فِي الْحُكْمِ بِلَفْظٍ لا يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ، أَوْ بِلَفْظٍ ظَاهِرٍ فِي الْحُكْمِ مَعَ احْتِمَالِ غَيْرِهِ "أَوْ جَرَى مَجْرَاهُ" أَيْ جَرَى3 مَجْرَى مَا قَالَهُ "مِنْ تَنْبِيهٍ وَغَيْرِهِ" كَقَوْلِهِمْ: أَوْمَأَ إلَيْهِ، أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ، أَوْ دَلَّ كَلامُهُ عَلَيْهِ4، أَوْ تَوَقَّفَ فِيهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَدْ قَسَّمَ أَصْحَابُهُ دَلالَةَ أَلْفَاظِهِ إلَى أَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ5 "وَكَذَا فِعْلُهُ" يَعْنِي أَنَّهُ6 إذَا فَعَلَ فِعْلاً قُلْنَا: مَذْهَبُهُ جَوَازُ مِثْلِ ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ، وَإِلَاّ لَمَا كَانَ الإِمَامُ7 فَعَلَهُ8.
1 في ض ب: وإنما.
2 ساقطة من ب.
3 ساقطة من ض.
4 في ض: لكلامه.
5 انظر: مجموع الفتاوى 19/152، 20/217، مختصر البعلي ص 166، مختصر الطوفي ص 181، المسودة ص 524، 529 وما بعدها، 532، 533، نزهة الخاطر 2/364، التبصرة ص 515 وما بعدها، صفة الفتوى ص 85، 113.
6 ساقطة من ض.
7 ساقطة من ش ز.
8 اختلف العلماء في أخذ مذهب الإمام من فعله على قولين، فمنهم من أجازه وهو الراجح، ومنهم من منعه.
انظر: مجموع الفتاوى 19/152 وما بعدها، صفة الفتوى ص 103.
"وَ" كَذَا "مَفْهُومُ كَلامِهِ" يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِكَلامِهِ مَفْهُومٌ، فَإِنَّا نَحْكُمُ عَلَى ذَلِكَ الْمَفْهُومِ بِمَا يُخَالِفُ الْمَنْطُوقَ، إنْ كَانَ مَفْهُومَ مُخَالَفَةٍ، أَوْ بِمَا يُوَافِقُهُ، إنْ كَانَ مَفْهُومَ مُوَافَقَةٍ.
وَفِي1 فِعْلِهِ. وَ2مَفْهُومُ كَلامِهِ وَجْهَانِ لِلأَصْحَابِ3 أَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلاًّ مِنْ فِعْلِهِ وَمَفْهُومِ كَلامِهِ: مَذْهَبٌ لَهُ.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ.
قَالَ ابْنُ حَامِدٍ فِي تَهْذِيبِ الأَجْوِبَةِ: عَامَّةُ أَصْحَابِنَا يَقُولُونَ: إنَّ فِعْلَهُ مَذْهَبٌ لَهُ وَقَدَّمَهُ، وَرَدَّ4 غَيْرُهُ.
وَقَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: اخْتَارَ الْخِرَقِيُّ5 وَابْنُ حَامِدٍ
1 في ش: وقد.
2 في ش: وفي.
3 ساقطة من ب.
4 في ش: وردَّه.
5 هو عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد، أبو القاسم الخرقي، أخذ العلم عن أصحاب الإمام أحمد، كان عالماً بارعاً في مذهب الإمام أحمد، وأحد أئمة المذهب، وكان ذا ورع ودين، كثيرة العبادة والفضائل، وله مصنفات كثيرة، وتخريجات على المذهب لم ينتشر منها إلا "المختصر في الفقه" الذي شرحه الموفق ابن قدامة في "المغني"، كان الخرقي في بغداد فخرج منها، وتوفي بدمشق سنة 334هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 1/75، المنهج الأحمد 2/51، المنتظم 6/346، شذرات الذهب 2/336، البداية والنهاية 11/214، وفيات الأعيان 3/115، طبقات الفقهاء ص 172، المدخل إلى مذهب أحمد ص 209".
وَإِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: أَنَّ مَفْهُومَ كَلامِهِ مَذْهَبُهُ وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ1: أَنَّهُ لا يَكُونُ مَذْهَبًا لَهُ2. انْتَهَى3.
وَإِذَا صَحَّ كَوْنُ مَفْهُومِ كَلامِهِ مَذْهَبًا لَهُ "فَلَوْ قَالَ فِي مَسْأَلَةٍ بِخِلافِهِ" أَيْ بِخِلافِ مَفْهُومِ كَلامِهِ "بَطَلَ" كَوْنُ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ الَّذِي صَرَّحَ بِخِلافِهِ مَذْهَبًا لَهُ4.
"فَإِنْ5 عَلَّلَهُ6" أَيْ عَلَّلَ مَا ذُكِرَ مِنْ حُكْمٍ "بِعِلَّةٍ؛ فَقَوْلُهُ" هُوَ7 "مَا وُجِدَتْ فِيهِ" تِلْكَ الْعِلَّةُ "وَلَوْ قُلْنَا: بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ" عَلَى الأَصَحِّ.
قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: سَوَاءٌ قُلْنَا: بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ أَوْ لا. وَقَطَعَ بِذَلِكَ فِي الرَّوْضَةِ8 وَمُخْتَصَرِ الطُّوفِيِّ9 وَغَيْرِهِمَا؛ إذْ الْحُكْمُ
1 هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد، أبو بكر غلام الخلال، كما نص عليه ابن حمدان يف "صفة الفتوى ص 103، وهو المقصود في المذهب إذا أطلق، وسبقت ترجمته "1/192".
2 ساقطة من ض.
3 صفة الفتوى ص 102 مع التصرف، وانظر: المسودة ص 532.
4 انظر: المسودة ص 532، صفة الفتوى ص 103.
5 في ش: فلو.
6 في ش: علل.
7 ساقطة من ض ب ز.
8 الروضة ص 379، وانظر: الفروع 1/70، المسودة ص 525.
9 مختصر الطوفي ص 181.
يَتْبَعُ الْعِلَّةَ1.
وَقِيلَ: لا يَكُونُ ذَلِكَ مَذْهَبَهُ2.
"وَكَذَا الْمَقِيسُ عَلَى كَلامِهِ" يَعْنِي أَنَّهُ مَذْهَبُهُ عَلَى الأَصَحِّ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: مَذْهَبُهُ فِي الأَشْهَرِ3 وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَالْحَاوِي وَغَيْرِهِمَا4، وَهُوَ مَذْهَبُ الأَثْرَمِ وَالْخِرَقِيِّ وَغَيْرِهِمَا قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ5 فِي تَهْذِيبِ الأَجْوِبَةِ.
وَقِيلَ: لا يَكُونُ مَذْهَبَهُ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ6.
قَالَ ابْنُ حَامِدٍ: وَالأَجْوَدُ أَنْ يُفَصَّلَ فَمَا كَانَ مِنْ جَوَابٍ لَهُ مِنْ7 أَصْلٍ 8يَحْتَوِي عَلَى9 مَسَائِلَ خَرَجَ جَوَابُهُ عَلَى بَعْضِهَا، فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُنْسَبَ إلَيْهِ بَقِيَّةُ مَسَائِلِ ذَلِكَ الأَصْلِ مِنْ حَيْثُ الْقِيَاسُ10.
1 انظر: المسودة ص 525، المدخل إلى مذهب أحمد ص 189.
2 انظر: المسودة ص 525.
3 الفروع 1/65، وانظر: صفة الفتوى ص 88.
4 في ب ز: وغيرهم.
5 في ش: أبو حامد، وفي ض: ابن حمدان.
6 وقال بهذا الشيرازي الشافعي في "اللمع ص 75"، وانظر: تصحيح الفروع 1/66.
7 في ض ب ز: في.
8 ساقطة من ض.
9 ساقطة من ب ز.
10 انظر: المسودة ص 532، اللمع ص 75.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا1 "فَلَوْ أَفْتَى فِي مَسْأَلَتَيْنِ مُتَشَابِهَتَيْنِ بِحُكْمَيْنِ مُخْتَلِفِينَ فِي وَقْتٍ لَمْ يَجُزْ نَقْلُهُ" أَيْ نَقْلُ الْحُكْمِ "مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا" أَيْ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ "إلَى الأُخْرَى عَلَى الأَصَحِّ" كَقَوْلِ الشَّارِعِ ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي التَّمْهِيدِ وَغَيْرِهِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمَجْدُ2 وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ3، كَمَا لَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، أَوْ مَنَعَ النَّقْلَ وَالتَّخْرِيجَ4.
قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَآدَابِ5 الْمُفْتِي: أَوْ قَرُبَ6 الزَّمَنُ بِحَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ ذَاكِرٌ حُكْمَ7 الأَدِلَّةِ حِينَ أَفْتَى بِالثَّانِيَةِ8.
1 ساقطة من ش.
2 انظر: المسودة ص 525، 532، 533، 534.
3 انظر: الروضة ص 380.
4 قال ابن بدران: "النقل يكون من نص الإمام بأن ينقل عن محلٍ إلى غيره بالجامع المشترك، والتخريج يكون من قواعده الكلية، فهو أعم من النقل
…
، وأما النقل والتخريج معاً فهو مختص بنصوص الإمام" "المدخل إلى مذهب أحمد ص 190".
وانظر: صفة الفتوى ص 20 وما بعدها، القواعد النورانية ص 258 نزهة الخاطر 2/445، اللمع ص 75، التبصرة ص 517، المعتمد 2/866.
5 في ض: أدب.
6 في ش: أقرب.
7 في ش: حكماً.
8 قال ابن بدران: "والأولى جواز ذلك بعد الجد والبحث فيه من أهله، إذ خفاء الفرق مع ذلك، وإن دق، ممتنع، وقد وقع النقل والتخريج في مذهبنا" وذكر أمثلة عن "المحرر""انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 189".
"وَلَوْ نَصَّ" الإِمَامُ "عَلَى حُكْمِ مَسْأَلَةٍ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ قَالَ قَائِلٌ بِكَذَا، أَوْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَيْهِ". لَكَانَ1 مَذْهَبًا لَهُ2: "لَمْ يَكُنْ" ذَلِكَ "مَذْهَبًا لَهُ" أَيْ لِلإِمَامِ كَمَا لَوْ قَالَ: وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ إلَى كَذَا قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَمَنْ بَعْدَهُ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ وَآدَابِ الْمُفْتِي وَغَيْرِهِمْ3.
"وَالْوَقْفُ مَذْهَبٌ" يَعْنِي أَنَّ الإِمَامَ إذَا سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ وَتَوَقَّفَ فِيهَا، فَيَكُونُ مَذْهَبُهُ فِيهَا الْوَقْفَ4، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ5.
= ونقل ابن مفلح وجهين في ذلك، ونقل النووي عن الشيرازي عدم جواز النقل أيضاً.
انظر المسودة ص 525 وما بعدها، 527، 548، صفة الفتوى ص 21، 88، الروضة ص 380، الفروع 1/65، الإحكام للآمدي 4/202، روضة الطالبين 11/102، التبصرة ص 516 وما بعدها، نزهة الخاطر 2/443، مختصر الطوفي ص 181، اللمع ص 75، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/360.
1 في ش: كان.
2 ساقطة من ش ز.
3 انظر: صفة الفتوى ص 102، الفروع 1/70، المسودة ص 524، اللمع ص 75، التبصرة ص 518.
4 خالف في ذلك ابن حمدان وابن مفلح، فقال ابن حمدان:"فإن توقف في مسألة، جاز إلحاقها بما يشبهها، إن كان حكمه أرجح من غيره، وإن أشبهت مسألتين أو أكثر، أحكامها مختلفة بالخفة والثقل، فهل يلحق بالأخف، أو الأثقل، أو يخير المقلد بينهماِ؟ يحتمل أوجهاً، الأظهر عنه التخيير""صفة الفتوى ص 102" وقال ابن مفلح مثل ذلك في الفروع 1/7".
5 ساقطة من ض ب ز.