الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
بَابُ تَرْتِيبِ الأَدِلَّةِ، وَالتَّعَادُلِ، وَالتَّعَارُضِ، وَالتَّرْجِيحِ
"
اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا انْتَهَى الْكَلامُ فِي مَبَاحِثِ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَكَانَتْ الأَدِلَّةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا رُبَّمَا تَعَارَضَ مِنْهَا1 دَلِيلانِ بِاقْتِضَاءِ حُكْمَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ، وَكَانَ مِنْ مَوْضُوعِ2 نَظَرِ الْمُجْتَهِدِ وَضَرُورَاتِهِ: تَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا، اُحْتِيجَ إلَى ذِكْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ مَعْرِفَةُ التَّرْتِيبِ وَالتَّعَادُلِ وَالتَّعَارُضِ، 3وَالتَّرْجِيحِ، وَحُكْمُ كُلٍّ مِنْهَا4. وَذَلِكَ إنَّمَا يَقُومُ بِهِ مَنْ هُوَ أَهْلٌ لِذَلِكَ، وَهُوَ الْمُجْتَهِدُ، فَلِذَلِكَ قَدَّمَ الْمُوَفَّقُ وَالآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ5 وَابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُمْ بَابَ
1 في ش: فيها.
2 في ب: موضع.
3 في ش: فقد، وسقط الباقي.
4 في ش ع ض: منهما.
5 انظر: الروضة ص 352، 372، 386، الإحكام للآمدي 4/162، 239، مختصر ابن الحاجب 2/289، 309.
الاجْتِهَادِ عَلَى هَذَا الْبَابِ1.
وَإِنَّمَا جَازَ دُخُولُ التَّعَارُضِ فِي أَدِلَّةِ الْفِقْهِ لِكَوْنِهَا ظَنِّيَّةً.
إذَا2 تَقَرَّرَ هَذَا فَ "التَّرْتِيبُ" هُوَ "جَعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَيْئَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي رُتْبَتِهِ3 الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا" أَيْ يَسْتَحِقُّ جَعْلَهُ4 فِيهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ5.
وَأَدِلَّةُ الشَّرْعِ: الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ وَنَحْوُهُ.
"فَيُقَدَّمُ" مِنْ جَمِيعِ ذَلِكَ "إجْمَاعٌ" عَلَى بَاقِي الأَدِلَّةِ لِوَجْهَيْنِ. أَحَدُهُمَا: كَوْنُهُ قَاطِعًا مَعْصُومًا6 مِنْ الْخَطَإِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: كَوْنُهُ
1 قال ابن بدران: "اعلم أن هذا الباب من موضوع نظر المجتهد وضروراته" ثم قال: "فهذا الباب مما يتوقف عليه الاجتهاد توقف الشيء على جزئه وشرطه" نزهة الخاطر 2/456.
وإن عرض مباحث الترتيب والتعارض والترجيح بعد مبحث الاجتهاد هو مسلك جمهور الأصوليين من الشافعية والمالكية والحنابلة، لأنها من عمل المجتهد، بينما ذهب المؤلف وبعض الحنابلة والبيضاوي من الشافعية وجمهور الحنفية إلى عرضها بعد الأدلة لصلتها الوثقى بها.
"انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 196، مجموع الفتاوى 20/9، اللمع ص 70، تيسير التحرير 3/161، الوسيط ص 610".
2 في ض ع ز: فإذا.
3 في ض: مرتبته.
4 في ض: جعلها.
5 انظر تعريف الترتيب ومشروعيته في "التعريفات ص 30، مختصر الطوفي ص 186، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196، الإحكام للآمدي 4/240".
6 في ب: مقطوعاً.
آمِنًا مِنْ النَّسْخِ وَالتَّأْوِيلِ، بِخِلافِ بَاقِي الأَدِلَّةِ1.
وَهُوَ أَنْوَاعٌ. أَحَدُهَا: الإِجْمَاعُ النُّطْقِيُّ2 الْمُتَوَاتِرُ، وَهُوَ أَعْلاهَا، ثُمَّ يَلِيهِ الإِجْمَاعُ النُّطْقِيُّ الثَّابِتُ بِالآحَادِ، ثُمَّ يَلِيهِ الإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ الْمُتَوَاتِرُ، ثُمَّ يَلِيهِ الإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ الثَّابِتُ بِالآحَادِ، فَهَذِهِ الأَنْوَاعُ الأَرْبَعَةُ كُلُّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَاقِي الأَدِلَّةِ3.
ثُمَّ "سَابِقٌ" يَعْنِي أَنَّهُ4 إذَا نُقِلَ إجْمَاعَانِ مُتَضَادَّانِ، فَالْمَعْمُولُ بِهِ مِنْهُمَا: هُوَ السَّابِقُ مِنْ الإِجْمَاعَيْنِ. فَيُقَدَّمُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى إجْمَاعِ التَّابِعِينَ، وَإِجْمَاعُ التَّابِعِينَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ5، وَهَلُمَّ جَرَّا6؛ لأَنَّ السَّابِقَ دَائِمًا أَقْرَبُ إلَى
1 انظر: الروضة ص 386، مجموع الفتاوى 19/201، 267، 22/368، مختصر ابن الحاجب والتفتازاني عليه 2/312، 314، جمع الجوامع 2/372، الإحكام للآمدي 4/257، المستصفى 2/392، البرهان 2/1169، فواتح الرحموت 2/191، تيسير التحرير 3/161، اللمع ص 70، مختصر البعلي ص 186، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196، الفقيه والمتفقه 1/219.
2 في ض: القطعي النطعي، وفي ز: القطعي.
3 سبق بيان أنواع الإجماع في المجلد الثاني ص 210 وما بعدها، وانظر: مجموع الفتاوى 19/267، المحصول 2/2/602، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196.
4 ساقطة من ض.
5 انظر: جمع الجوامع 2/372، العضد والتفتازاتي على ابن الحاجب 2/314، الإحكام للآمدي 4/258.
6 قال ابن الأنباري: "معنى هلم جراً سيروا وتمهلوا في سيركم، مأخوذ من الجر، وهو ترك النعم في سيرها، ثم استعمل فيها حصل الدوام عليه من الأعمال" ثم قال: "فانتصب جراً على المصدر، أي جروا جراً، أو على الحال، أو على التمييز"=
زَمَنِ1 النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمَشْهُودِ لَهُ2 بِالْخَيْرِيَّةِ فِي قَوْلِهِ "خَيْرُ الْقُرُونِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ3، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ" 4 فَإِنْ فُرِضَ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ إجْمَاعَانِ، فَالثَّانِي بَاطِلٌ؛ لأَنَّ كُلَّ مَنْ اجْتَهَدَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ5 فَقَوْلُهُ بَاطِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ الإِجْمَاعَ السَّابِقَ.
فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الإِجْمَاعَيْنِ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَالآخَرُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، فَالْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ مُقَدَّمٌ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ الْخِلافُ فِي كَوْنِهِ إجْمَاعًا أَضْعَفَ. فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى مَا كَانَ الْخِلافُ فِي كَوْنِهِ إجْمَاعًا أَقْوَى، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ6 بِقَوْلِهِ "وَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْ7 أَقْوَى".
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَوْ ضَعُفَ الْخِلافُ فِيهِ أَوْلَى8. انْتَهَى.
= والمقصود أن يطلب الإنسان بقية الصور فننجر إليه جراً، مجازاً عن ورود أمثال المذكور، وكلمة "هلمّ" بمعنى الدّعاء إلى الشيء. "انظر: نهاية السول 2/274، المصباح المنير 2/880".
1 ساقطة من ع ز.
2 في ش ز: لهم.
3 ساقطة من ض ع ب ز.
4 هذا طرف من حديث صحيح، وسبق تخريجه 2/475.
5 في ش: عن المتأخر.
6 في ض ع: أشير إليه.
7 ساقطة من ب.
8 ساقطة من ش.
وانظر: جمع الجوامع 2/372، المحصول 2/2/603.
وَكَذَلِكَ إجْمَاعٌ لَمْ يَسْبِقْهُ اخْتِلافٌ مُقَدَّمٌ عَلَى إجْمَاعٍ سَبَقَ فِيهِ اخْتِلافٌ ثُمَّ وَقَعَ الإِجْمَاعُ. وَقِيلَ: عَكْسُهُ1.
"وَأَعْلاهُ" أَيْ2 الإِجْمَاعِ: إجْمَاعٌ "مُتَوَاتِرٌ نُطْقِيٌّ3، فَآحَادٌ" أَيْ فَالنُّطْقِيُّ4 الثَّابِتُ بِالآحَادِ "فَسُكُوتِيٌّ كَذَلِكَ" أَيْ: فَإِجْمَاعٌ سُكُوتِيٌّ مُتَوَاتِرٌ، فَسُكُوتِيٌّ ثَابِتٌ بِالآحَادِ. وَتَقَدَّمَ مَعْنَى ذَلِكَ قَرِيبًا فِي الشَّرْحِ.
"فَالْكِتَابُ وَمُتَوَاتِرُ السُّنَّةِ" يَعْنِي أَنَّهُ يَلِي الإِجْمَاعَ مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيمُ5: الْقُرْآنُ وَمُتَوَاتِرُ السُّنَّةِ لِقَطْعِيَّتِهِمَا6، فَيُقَدَّمَانِ عَلَى بَاقِي الأَدِلَّةِ؛ لأَنَّهُمَا قَاطِعَانِ مِنْ جِهَةِ الْمَتْنِ، وَلِهَذَا جَازَ نَسْخُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالآخَرِ7 عَلَى الأَصَحِّ؛ لأَنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا وَحْيٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ حَيْثُ إنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ لِلإِعْجَازِ، فَفِي الْحَقِيقَةِ هُمَا سَوَاءٌ 8.
1 انظر: الإحكام للآمدي 4/258، جمع الجوامع 2/372، المجلد الثاني من هذا الكتاب ص 272.
2 في ب: أي أعلى.
3 في ع ب ز: قطعي.
4 في ع: والقطعي.
5 في ش: التقدم.
6 في ض: كقطعيتهما.
7 في ض: الآخر.
8 وهذا ما صححه إمام الحرمين الجويني في "البرهان 2/1185".
وانظر: جمع الجوامع 2/372، المستصفى 2/392، المنخول ص 466، فواتح الرحموت 2/191، الروضة ص 387، مختصر الطوفي ص 186، الرد على من أخلد إلى الأرض ص 162، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196.
وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْكِتَابُ؛ لأَنَّهُ أَشْرَفُ1.
وَقِيلَ: السُّنَّةُ2 لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} 3.
أَمَّا الْمُتَوَاتِرَانِ مِنْ السُّنَّةِ: فَمُتَسَاوِيَانِ قَطْعًا4.
ثُمَّ يَلِي ذَلِكَ فِي التَّقْدِيمِ5 مِنْ بَاقِي الأَدِلَّةِ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ6 بِقَوْلِهِ "فَآحَادُهَا" أَيْ: آحَادِ السُّنَّةِ "عَلَى مَرَاتِبِهَا"7 أَيْ: مَرَاتِبِ الآحَادِ8، وَأَعْلاهَا: الصَّحِيحُ، فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ الْحَسَنُ، فَيُقَدَّمُ9 عَلَى غَيْرِهِ، ثُمَّ الضَّعِيفُ. وَهُوَ أَصْنَافٌ كَثِيرَةٌ. وَتَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُ كُلٍّ مِنْ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنِ، وَالضَّعِيفِ، فَيُقَدَّمُ مِنْ كُلٍّ مِنْ ذَلِكَ مَا كَانَ أَقْوَى.
1 انظر: جمع الجوامع 2/373، تيسير التحرير 3/162، البرهان 2/1185.
2 انظر: جمع الجوامع 2/373، البرهان 2/1185.
3 الآية 44 من النّحل.
4 انظر: المحلى على جمع الجوامع 2/373.
5 في ش: التقدم.
6 ساقطة من ش.
7 ساقطة من ش.
8 انظر: تيسير التحرير 3/162، مختصر الطوفي ص 186، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196.
9 في ب: ويقدم.
"فَقَوْلُ صَحَابِيٍّ" يَعْنِي أَنَّهُ يَلِي ضَعِيفَ1 آحَادِ السُّنَّةِ فِي التَّقْدِيمِ: قَوْلُ الصَّحَابِيِّ2.
"فَقِيَاسٌ" بَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ3.
"وَ" أَمَّا "التَّعَارُضُ" فَهُوَ "تَقَابُلُ دَلِيلَيْنِ وَلَوْ عَامَّيْنِ" فِي4 الأَصَحِّ "عَلَى سَبِيلِ الْمُمَانَعَةِ" وَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ: يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ، وَالدَّلِيلُ الآخَرُ: يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ. فَدَلِيلُ الْجَوَازِ: يَمْنَعُ التَّحْرِيمَ، وَدَلِيلُ التَّحْرِيمِ: يَمْنَعُ الْجَوَازَ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا مُقَابِلٌ لِلآخَرِ، وَمُعَارِضٌ لَهُ5، وَمَانِعٌ لَهُ6.
وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ قَوْمٍ: مَنْعَ تَعَارُضِ عُمُومَيْنِ بِلا مُرَجِّحٍ.
وَقَدْ خَصَّ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ نَهْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
1 ساقطة من ش.
2 قال ابن بدران في تقديم قول الصحابي على القياس: "وهو الحقّ""المدخل إلى مذهب أحمد ص 196".
وانظر: الروضة ص 248، تيسير التحرير 3/137.
3 انظر: المستصفى 2/392، مختصر الطوفي ص 186، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196، تيسير التحرير 3/137.
4 في ش: على.
5 ساقطة من ش.
6 انظر: المستصفى 2/395، الروضة ص 387، فواتح الرحموت 2/189، التلويح على التوضيح 2/38، الوسيط ص 612، أصول الفقه للخضري ص 394.
وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلاةِ بَعْدَ الصُّبْحِ1 وَالْعَصْرِ2 بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم "مَنْ نَامَ عَنْ صَلاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا".
وَذَكَرَ3 الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالْمُوَفَّقُ وَالشَّافِعِيَّةُ تَعَارُضَهُمَا؛ لأَنَّ كُلاًّ مِنْهُمَا عَامٌّ مِنْ وَجْهٍ وَخَاصٌّ مِنْ وَجْهٍ4.
"وَ" أَمَّا "التَّعَادُلُ" فَهُوَ "التَّسَاوِي5".
1 في ش: الفجر.
2 روى البخاري ومسلم وأحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس" وروى البخاريومسلم عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب" وروى مثل ذلك أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
"انظر: صحيح البخاري مع حاشية السندي 1/76، صحيح مسلم بشرح النووي 6/110 وما بعدها، مسند أحمد 1/18، 3/7، سنن أبي داود 2/294، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 1/540، سنن النسائي 1/222، سنن ابن ماجه 1/395، نيل الأوطار 3/99".
3 في ب: ذكر.
4 انظر: العدة 2/536، الروضة ص 251، المحصول 2/2/549، المستصفى 2/148.
5 فرق المؤلف هنا بين التعادل والتعارض جرياً على التفريق بينما في اللغة، فالتعادل لغة التساوي، وعِدْلُ الشيء – بالكسر- مثله من جنسه أو مقداره، ومنه قسمة التعديل في الفقه، وهي قسمة الشيء باعتبار القيمة والمنفعة لا المقدار، أمّا التعارض لغة فهو التمانع، ومنه تعارض البينات، لأن كل واحدة تعترض الأخرى وتمنع نفوذها. "انظر: المصباح المنير 2/542، 551، القاموس المحيط 2/334، 4/14، معجم مقاييس اللغة 4/247، 272". =
"لَكِنْ تَعَادُلُ" دَلِيلَيْنِ "قَطْعِيَّيْنِ مُحَالٌ" اتِّفَاقًا. سَوَاءٌ كَانَا1 عَقْلِيَّيْنِ أَوْ نَقْلِيَّيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَقْلِيًّا2، وَالآخَرُ نَقْلِيًّا. إذْ لَوْ فُرِضَ ذَلِكَ لَزِمَ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ أَوْ ارْتِفَاعُهُمَا. وَتَرْجِيحُ أَحَدِهِمَا عَلَى الآخَرِ مُحَالٌ، فَلا مَدْخَلَ لِلتَّرْجِيحِ فِي الأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ؛ لأَنَّ التَّرْجِيحَ فَرْعُ التَّعَارُضِ، وَلا تَعَارُضَ فِيهَا3، فَلا تَرْجِيحَ4.
"وَالْمُتَأَخِّرُ" مِنْهُمَا "نَاسِخٌ" لِلْمُتَقَدِّمِ إنْ عُلِمَ التَّارِيخُ5 بِالْقَطْعِ "وَلَوْ" كَانَ الدَّلِيلانِ "آحَادًا" عَلَى الأَصَحِّ؛ لأَنَّهُ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ:
= بينما ذهب جماهير علماء الأصول إلى استعمال التعادل في معنى التعارض، لأنه لا تعارض إلى بعد التعادل، وإذا تعارضت الأدلة، ولم يظهر –مبدئيا- لأحدها مزية على الآخر فقد حصل التعادل بينهما، أي التكافؤ والتساوي.
"انظر: المحصول 2/2/505، جمع الجوامع 2/357، نهاية السول 3/183، فواتح الرحموت 2/189، التلويح على التوضيح 3/38".
1 في ب: كان.
2 في ض: عقلا.
3 في ش: فيهما.
4 انظر: المسودة ص 448، الروضة ص 387، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197، المستصفى 2/137، 393، جمع الجوامع 2/357، 361، المنخول ص 427، الإحكام للآمدي 4/241، المحصول 2/2/532، 602، البرهان 2/1143، ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، شرح تنقيح الفصول ص 420، فواتح الرحموت 2/189، تيسير التحرير 3/136، فتح الغفار 3/52، كشف الأسرار 4/77، التلويح على التوضيح 3/39، إرشاد الفحول ص 274، اللمع ص 66، الفقيه والمتفقه 1/215، الكفاية ص 608.
5 في ض: التاخير.
أَنَّ الأَصْلَ فِيهِ الدَّوَامُ وَالاسْتِمْرَارُ1.
"وَمِثْلُهُ" أَيْ وَمِثْلُ الْقَطْعِيَّيْنِ فِي عَدَمِ التَّعَارُضِ "قَطْعِيٌّ، وَظَنِّيٌّ" لأَنَّهُ لا تَعَادُلَ بَيْنَهُمَا وَلا تَعَارُضَ، لانْتِفَاءِ الظَّنِّ؛ لأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ وُجُودُ ظَنٍّ فِي مُقَابَلَةِ يَقِينٍ، فَالْقَطْعِيُّ2 هُوَ3 الْمَعْمُولُ بِهِ، وَالظَّنُّ لَغْوٌ، وَلِذَلِكَ4 لا يَتَعَارَضُ حُكْمٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَعَ حُكْمٍ آخَرَ لَيْسَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ. "وَيُعْمَلُ بِالْقَطْعِيِّ" دُونَ الظَّنِّيِّ5.
"وَكَذَا" دَلِيلانِ "ظَنِّيَّانِ" فِي عَدَمِ التَّعَارُضِ6 عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ وَأَصْحَابِهِ وَأَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْكَرْخِيِّ وَالسَّرْخَسِيِّ وَحَكَاهُ الإسْفَرايِينِيّ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ الْفُقَهَاءِ7.
1 انظر: العدة 3/1040، جمع الجوامع 2/361، 362، المستصفى 2/393، المنخول ص 429، البرهان 2/1158، التوضيح على التنقيح 3/46، كشف الأسرار 4/77، فتح الغفار 3/52، فواتح الرحموت 2/189، تيسير التحرير 3/137، شرح تنقيح الفصول ص 421، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197.
2 في ش: فالقاطع.
3 ساقطة من ض.
4 في ش: وكذلك.
5 انظر: الروضة ص 387، ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، المحلي على جمع الجوامع 2/359، اللمع ص 66، المحصول 2/2/602، كشف الأسرار 4/77، إرشاد الفحول ص 275، الفقيه والمتفقه 1/215.
6 في ع ب ز: التعادل.
7 اتفق علماء الأصول على وقوع التعادل بين الظنين في نفس المجتهد، لكنهم اختلفوا في وقوعه بين الأمارتين أي الظنين في الواقع ونفس الأمر، فذهب فريق =
"فَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا" إنْ أَمْكَنَ بِأَنْ عُلِمَ التَّارِيخُ، وَ1كَانَ أَحَدُهُمَا عَامًّا، وَالآخَرُ خَاصًّا. أَوْ أَحَدُهُمَا مُطْلَقًا، وَالآخَرُ مُقَيَّدًا، وَنَحْوُ ذَلِكَ، حَتَّى لَوْ2 كَانَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ مِنْ السُّنَّةِ وَالآخَرُ مِنْ الْكِتَابِ عَلَى أَصَحِّ الأَقْوَالِ3.
= إلى امتناع ذلك، كما ذكره المؤلف، وصححه ابن السبكي، وذهب الجمهور إلى جواز التعادل بينهما كما حكاه الإمام الرازي والآمدي وابن الحاجب والبزدوي واختاروه، وفصل فريق ثالث.
انظر هذه الأقوال مع أدلتها ومناقشتها في "المسودة ص 448، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/359، مناهج العقول 3/181، مختصر ابن الحاجب 2/310، المستصفى 2/393، المحصول 2/2/506 وما بعدها، نهاية السول 3/183، تيسير التحرير 3/136، كشف الأسرار 4/77، فواتح الرحموت 2/189، التمهيد ص 154، إرشاد الفحول ص 275".
1 في ش: أو.
2 في ع ب ز: ولو.
3 اختلف علماء الفقه والأصول في حكم التعارض إذا تعادلت النصوص، فذهب المالكية والشافعية والحنابلة إلى الجمع بينهما، فغن لم يمكن فالترجيح لأحدهما، وإلاّ سقط الدليلان، وبحث العالم عن دليل آخر، وقال الحنفية نبدأ بالترجيح، فإن لم يمكن فالجمع بينهما، وإلا تساقط الدليلان المتعارضان، وقال فريق ثالث بالتوقف أو التخيير.
انظر هذه الأقوال مع أدلتها ومناقشتها في "العدة 3/1047، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/310، 361 وما بعدها، نهاية السول 3/191، المحصول 2/2/506، 542، المستصفى 2/395، مناهج العقول 3/190، شرح تنقيح الفصول ص 421، التلويحعلى التوضيح 2/40، 44، فواتح الرحموت 2/189، كشف الأسرار 4/76، الكفاية ص 608، تيسير التحرير 3/136، 137، التمهيد ص 155، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197، إرشاد الفحول ص 273، الوسيط ص 615".
وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْكِتَابُ عَلَى السُّنَّةِ؛ لِحَدِيثِ مُعَاذٍ الْمُشْتَمِلِ عَلَى أَنَّهُ يَقْضِي بِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَضِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَأَقَرَّهُ1 عَلَيْهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ2.
وَقِيلَ: تُقَدَّمُ السُّنَّةُ عَلَى الْكِتَابِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إلَيْهِمْ} 3.
وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَحْرِ "هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ4، مَعَ قَوْله تَعَالَى وَتَقَدَّسَ {قُلْ لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا 5عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ6 إلَاّ أَنْ
1 في ع: فأقره.
2 روى حديث معاذ رضي الله عنه في القضاء أبو داود والترمذي وأحمد والدارمي، ويشهد له ما أخرجه النسائي والدارمي بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "فإن سئل أحدكم عن شيء فلينظر في كتاب الله، فإن لم يجده في كتاب الله فلينظر في سنة رسول الله
…
" وروى الدارمي مثله من رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى شريح.
انظر: سنن أبي داود 2/272، جامع الترمذي مع حفة الأحوذي 4/556، مسند أحمد 5/236، 242، سنن النسائي 8/203، سنن الدارمي 1/60، نصب الراية 4/63، تلخيص الحبير 4/182، تخريج أحاديث البزدوي ص 155،251، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص 301.
3 الآية 44 من النحل.
4 انظر سنن أبي داود 1/19، والحديث رواه مالك والشافعي وأحمد وأصحاب السنن وغيرهم، وسبق تخريجه "3/175".
5 في ض ب ز: إلى قوله.
6 في ع: يطعمه، الآية.
يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} 1 فَكُلٌّ مِنْ الآيَةِ وَالْحَدِيثِ: يَتَنَاوَلُ خِنْزِيرَ الْبَحْرِ، فَيَتَعَارَضُ2 عُمُومُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةُ فِي خِنْزِيرِ الْبَحْرِ فَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ الْكِتَابَ فَحَرَّمَهُ، وَقَالَ بِهِ3 مِنْ أَصْحَابِنَا أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادِ4.
وَبَعْضُهُمْ قَدَّمَ السُّنَّةَ فَأَحَلَّهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ، وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ5.
"فَإِنْ تَعَذَّرَ" الْجَمْعُ6 بَيْنَهُمَا "وَعُلِمَ التَّارِيخُ" بِأَنْ عُلِمَ السَّابِقُ
1 الآية 145 من الأنعام.
2 في ض: فيعارض.
3 في ع ب ز: وقاله.
4 في ض: النجار.
انظر دليل هذا الرأي بتقديم الكتاب على السنة، مع مناقشته والرد عليه في "العدة 3/1041، المسودة ص311، مجموع الفتاوى 19/201، 202، المحلي على جمع الجوامع 2/362، البرهان 2/1185، إرشاد الفحول ص 273".
وسوف يعود المصنف إلى هذه المسألة وبيان الأقوال فيها ص 446.
5 ذكر إمام الحرمين الجويني قولاً ثالثاً ورجحه، وهو التعارض بين الكتاب والسنة، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يقول شيئاً من تلقاء نفسه، وكل ما كان يقوله فمستنده أمر الله تعالى، وأن حديث معاذ بتقديم الكتاب إنما هو فيما لا يخالفه خبر، وأن كون السنة مبينة فتكون مفسرة لما في الكتاب، ولا خلاف في قبوله.
انظر هذه الأقوال مع أدلتها ومناقشتها والرد عليها في "البرهان 2/1185،العدة 3/1041، 1048، المسودة ص 311، المحلي على جمع الجوامع 2/362، إرشاد الفحول ص 273".
6 في ش: الجميع.
مِنْهُمَا "فَالثَّانِي نَاسِخٌ" لِلأَوَّلِ "إنْ قَبِلَهُ" أَيْ قَبِلَ النَّسْخَ1.
"وَإِنْ اقْتَرَنَا خُيِّرَ" الْمُجْتَهِدُ فِي الْعَمَلِ، وَالإِفْتَاءِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ2.
"وَإِنْ جَهِلَ" التَّارِيخَ "وَقَبِلَهُ" أَيْ: قَبِلَ الدَّلِيلُ النَّسْخَ "رَجَعَ إلَى غَيْرِهِمَا" أَيْ: إلَى الْعَمَلِ بِغَيْرِهِمَا إنْ أَمْكَنَ3.
"وَإِلَاّ" أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ "اجْتَهَدَ فِي التَّرْجِيحِ".
"وَ" مَتَى لَمْ يُمْكِنْهُ، بِأَنْ اجْتَهَدَ فِي التَّرْجِيحِ، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ4 فِيهَا5 شَيْءٌ، فَإِنَّهُ "يَقِفُ" عَنْ الْعَمَلِ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا "إلَى أَنْ يَعْلَمَهُ"6.
1 انظر: المحصول 2/2/545، شرح تنقيح الفصول ص 421، نهاية السول 3/194، جمع الجوامع 2/362.
2 خالف الحنفية في ذلك، وقال بوجوب التحري والاجتهاد.
انظر: فواتح الرحموت 2/193، تيسير التحرير 3/137، المعتمد 2/853، التمهيد ص 154، شرح تنقيح الفصول ص 453، المحصول 2/2/507، 517، 546، جمع الجوامع 2/359، 362، الروضة ص 372.
انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/362، المحصول 2/2/547.
3 ساقطة من ش.
4 ساقطة من ش ض.
5 قال ابن قدامة عن الوقف: "وبه قال أكثر الحنفية وأكثر الشافعية""الروضة ص 372"، وأضاف الحنفية لذلك أنه يتحرى ويجتهد، وقال بعض الحنفية وبعض الشافعية يخير المجتهد في الأخذ بأيهما شاء، وقال بعض الفقهاء: يتساقطان، ويرجع المجتهد إلى البراءة الأصلية.
6 انظر هذه الآراء مع أدلتها ومناقشتها في "البرهان 2/1183، المسودة =
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إنْ عَجَزَ عَنْ التَّرْجِيحِ، أَوْ تَعَذَّرَ: قَلَّدَ عَالِمًا1.
وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى عَدَمِ التَّعَادُلِ فِي الظَّنِّيَّيْنِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ جَوَازُ تَعَادُلِهَا. وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَالأَكْثَرُ مِنْ غَيْرِ أَصْحَابِنَا: أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخَيَّرُ فِي الْعَمَلِ بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا2، كَتَخَيُّرِ3 أَحَدَ أَصْنَافِ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الإِخْرَاجِ4، وَمِنْ هُنَا جَازَ لِلْعَامِّيِّ أَنْ يَسْتَفْتِيَ مَنْ شَاءَ مِنْ الْمُفْتِينَ5، وَيَعْمَلَ بِقَوْلِهِ.
وَحَيْثُ قُلْنَا بِالتَّخْيِيرِ -عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّعَادُلِ أَوْ بِعَدَمِهِ- فَلا يُعْمَلُ وَلا يُفْتَى إلَاّ بِوَاحِدٍ فِي الأَصَحِّ 6.
= ص449، جمع الجوامع 2/359، نهاية السول 3/183، 194، المستصفى 2/393، فواتح الرحموت 2/189، 193، 195، تيسير التحرير 3/137، كشف الأسرار 4/76، شرح تنقيح الفصول ص 417، قواعد الأحكام 2/52، إرشاد الفحول ص 275".
1 انظر: المسودة ص 449.
2 انظر: الروضة ص 372 وما بعدها، المحصول 2/2/517، شرح تنقيح الفصول ص 417، 453، التمهيد ص 154، وسبقت الإشارة إلى التخيير ومراجعه قبل قليل.
3 في ش: كتخيره.
4 التخيير في كفارة اليمين ثابت بقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} المائدة/89.
5 في ض ب: المفيتين.
6 انظر: نهاية السول 3/184، المحصول 2/2/520، التمهيد ص 154.
قَالَ الْبَاقِلَاّنِيُّ: وَلَيْسَ لَهُ تَخْيِيرُ الْمُسْتَفْتِي وَالْخُصُومِ، وَلا الْحُكْمُ فِي وَقْتٍ بِحُكْمٍ، وَفِي وَقْتٍ بِحُكْمٍ آخَرَ، بَلْ يَلْزَمُ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ1. قَالَ: وَهَلْ يَتَعَيَّنُ أَحَدُ الأَقْوَالِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ كَالْكَفَّارَةِ، أَوْ بِالْتِزَامِهِ كَالنَّذْرِ؟ لَهُمْ فِيهِ قَوْلانِ. انْتَهَى.
وَاحْتَجَّ مَنْ مَنَعَ التَّعَادُلَ فِي الأَمَارَتَيْنِ فِي نَفْسِ الأَمْرِ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ لَوْ وَقَعَ، فَإِمَّا أَنْ يَعْمَلَ بِهِمَا، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْمُتَنَافِيَيْنِ، أَوْ لا يُعْمَلُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَيَكُونُ وَضْعُهُمَا عَبَثًا، وَهُوَ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ2 يُعْمَلُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى التَّعْيِينِ3، وَهُوَ تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، أَوْ لا عَلَى التَّعْيِينِ، بَلْ عَلَى التَّخْيِيرِ، وَالتَّخْيِيرُ بَيْنَ الْمُبَاحِ وَغَيْرِهِ: يَقْتَضِي تَرْجِيحَ أَمَارَةِ الإِبَاحَةِ بِعَيْنِهَا، لأَنَّهُ4 لَمَّا جَازَ لَهُ5 الْفِعْلُ، وَالتَّرْكُ
1 قال الرازي لا يجوز للمجتهد أن يعمل إلا بأحد القولين في حق نفسه ويتخير منهما، كما قال الباقلاني، ثم خالف الرازي الباقلاني في المفتي، فقال:"وإن وقع للمفتي كان حكمه أن يخير المستفتي في العمل بأيهما شاء، كما يلزمه ذلك في أمر نفسه""المحصول 2/2/520".
أما الحاكم فقد اختلف علماء الفقه والأصول فيما إذا حكم الحاكم بإحدى الأمارتين، فهل يجوز له الحكم بلأمارة الأخرى؟ فقال الرازي والبيضاوي والإسنوي كالباقلاني: لا يجوز له ذلك، وقال الأكثرون يجوز ذلك لقضاء عمر رضي الله عنه في المسألة المشتركة.
انظر: المحصول 2/2/520، نهاية السول 3/184، التمهيد ص 154.
2 في ع: و.
3 في ب: التعين.
4 في ش: لا.
5 في ش: به.
كَانَ1 هَذَا مَعْنَى الإِبَاحَةِ، فَيَكُونُ تَرْجِيحًا لإِحْدَى2 الأَمَارَتَيْنِ بِعَيْنِهَا3.
وَاحْتَجَّ مَنْ جَوَّزَ تَعَادُلَ الأَمَارَتَيْنِ فِي نَفْسِ الأَمْرِ بِالْقِيَاسِ عَلَى جَوَازِ تَعَادُلِهِمَا فِي الذِّهْنِ، وَبِأَنَّهُ لا يَلْزَمُ مِنْ فَرْضِهِ مُحَالٌ4.
وَقَالَ الْعِزُّ5 بْنُ عَبْدِ السَّلامِ فِي قَوَاعِدِهِ: لا يُتَصَوَّرُ فِي الظُّنُونِ تَعَارُضٌ، كَمَا لا يُتَصَوَّرُ فِي الْعُلُومِ. إنَّمَا يَقَعُ التَّعَارُضُ بَيْنَ أَسْبَابِ الظُّنُونِ، فَإِذَا تَعَارَضَتْ: فَإِنْ حَصَلَ الشَّكُّ لَمْ يُحْكَمْ بِشَيْءٍ، وَإِنْ وُجِدَ ظَنٌّ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ حَكَمْنَا بِهِ؛ لأَنَّ ذَهَابَ مُقَابِلِهِ6 يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ. وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُكَذِّبًا لِلآخَرِ تَسَاقَطَا7، وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبْ كُلُّ وَاحِدٍ8 مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عُمِلَ بِهِ حَسَبَ الإِمْكَانِ، كَدَابَّةٍ9 عَلَيْهَا رَاكِبَانِ: يُحْكَمُ لَهُمَا بِهَا10؛ لأَنَّ
1 في ش: فإن.
2 في ض: لأحد.
3 انظر: التمهيد ص 154، إرشاد الفحول ص 275، وسبقت الإشارة إلى المراجع الأخرى عند ذكر الأقوال في المسألة.
4 انظر: التمهيد ص 154، ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، والمراجع السابقة عند عرض الأقوال.
5 ساقطة من ض ع ب ز.
6 في ض: ما قابله.
7 في ش: لتساقطا.
8 ساقطة من ش.
9 في ب: كالدابة.
10 ساقطة من ش.
كُلاًّ مِنْ الْيَدَيْنِ لا تُكَذِّبُ الأُخْرَى1. انْتَهَى.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَهُوَ نَفِيسٌ2؛ لأَنَّ الظَّنَّ هُوَ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ، وَلَوْ عُورِضَ بِطَرَفٍ3 آخَرَ رَاجِحٍ4: لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَاجِحًا مَرْجُوحًا وَهُوَ مُحَالٌ.
"وَ" أَمَّا "التَّرْجِيحُ" فَهُوَ "تَقْوِيَةُ إحْدَى الأَمَارَتَيْنِ عَلَى الأُخْرَى لِدَلِيلٍ" وَلا يَكُونُ إلَاّ مَعَ وُجُودِ التَّعَارُضِ. فَحَيْثُ انْتَفَى التَّعَارُضُ انْتَفَى التَّرْجِيحُ؛ لأَنَّهُ فَرْعُهُ5، لا يَقَعُ إلَاّ مُرَتَّبًا عَلَى وُجُودِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: التَّرْجِيحُ هُوَ اقْتِرَانُ الأَمَارَةِ بِمَا تَقْوَى بِهِ عَلَى مُعَارِضِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْمُرَادُ بِوَصْفٍ، فَلا يُرَجَّحُ نَصٌّ، وَلا قِيَاسٌ بِمِثْلِهِ6. انْتَهَى.
1 قواعد الأحكام 2/52، بتصرف واختصار.
2 في ش: مقيس.
3 في ض ع: بطريق.
4 ساقطة من ش ض.
5 في ع: فرع.
6 الترجيح في اللغة جعل الشيء راجحاً، ويقال مجازاً لاعتقاد الرجحان، وفي الاصطلاح تعددت عبارات الفقهاء والأصوليين لتعريف الترجيح، وبعضها يعتمد على فعل المرجح الناظر في الأدلة، وبعضها يظهر معنى الرجحان الذي هو وصف قائم بالدليل أو مضاف إليه، فيكون الظن المستفاد منه أقوى من غيره، فانظر تعريفات الترجيح المختلفة في:
"التعريفات للجرجاني ص 31، نهاية السول 3/189، جمع الجوامع =
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لا تَعَارُضَ بِالْحَقِيقَةِ1 فِي حُجَجِ الشَّرْعِ، وَلِهَذَا2 أَخَّرَ مَا أَمْكَنَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَلَاّلُ مِنْ أَئِمَّةِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ: لا يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ فِي الشَّرْعِ خَبَرَانِ مُتَعَارِضَانِ لَيْسَ مَعَ أَحَدِهِمَا تَرْجِيحٌ يُقَدَّمُ بِهِ، فَأَحَدُ الْمُتَعَارِضَيْنِ بَاطِلٌ: إمَّا لِكَذِبِ النَّاقِلِ أَوْ خَطَئِهِ3 بِوَجْهٍ مَا4 مِنْ النَّقْلِيَّاتِ، أَوْ خَطَإِ النَّاظِرِ5 فِي النَّظَرِيَّاتِ، أَوْ لِبُطْلانِ حُكْمِهِ بِالنَّسْخِ6. انْتَهَى.
= والمحلي عليه 2/361، ابن الحاجب والعضد عليه 2/309، مختصر الطوفي ص 186، مختصر البعلي ص 168، المعتمد 2/844، البرهان 2/1142، الإحكام للآمدي 4/239، المحصول 2/2/529، فتح الغفار 3/52، تيسير التحرير 3/153، أصول السرخسي 2/249، كشف الأسرار 4/77 وما بعدها، التلويح على التوضيح 3/38، فواتح الرحموت 2/204، المنخول ص 426، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196، إرشاد الفحول ص 273، الوسيط ص 624".
1 في ش بالحقيقة
…
، ثم تكررت ثلاثة أسطر من نص العز بن عبد السلام في "قواعده".
2 في ش: وهذا.
3 في ع: لخطئه.
4 في ع: إما.
5 في ش: النظر.
6 انظر: مختصر البعلي ص 169، مختصر الطوفي ص 187، المسودة ص 306، الروضة ص 387، الموافقات 4/201، نهاية السول 3/189، فواتح الرحموت 2/189، المعتمد 2/845، الإحكام لابن حزم 1/151، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197، الفقيه والمتفقه 1/221ومابعدها، الكفاية للخطيب ص 607.
وَقَالَ إمَامُ الأَئِمَّةِ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ رحمه الله: لا أَعْرِفُ1 حَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ. فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْهُ2 فَلْيَأْتِنِي بِهِ لأُؤَلِّفَ بَيْنَهُمَا3، وَكَانَ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ كَلامًا فِي ذَلِكَ. نَقَلَهُ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ الأَلْفِيَّةِ فِي الْحَدِيثِ4.
فَالتَّرْجِيحُ: فِعْلُ الْمُرَجِّحِ النَّاظِرِ فِي الدَّلِيلِ، وَهُوَ تَقْدِيمُ إحْدَى5 الأَمَارَتَيْنِ الصَّالِحَتَيْنِ لِلإِفْضَاءِ إلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ، لاخْتِصَاصِ تِلْكَ الأَمَارَةِ بِقُوَّةٍ فِي الدَّلالَةِ، كَمَا لَوْ تَعَارَضَ الْكِتَابُ6 وَالإِجْمَاعُ فِي حُكْمٍ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا طَرِيقٌ يَصْلُحُ؛ لأَنْ يُعْرَفَ بِهِ الْحُكْمُ، لَكِنْ الإِجْمَاعُ اخْتَصَّ بِقُوَّةٍ عَلَى الْكِتَابِ مِنْ حَيْثُ الدَّلالَةُ.
وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ عَنْ قَوْمٍ: مَنْعَ التَّرْجِيحِ مُطْلَقًا. قَالَ الطُّوفِيُّ: الْتِزَامُهُ7 فِي الشَّهَادَةِ مُتَّجَهٌ ثُمَّ هِيَ آكَدُ8.
1 في ع: أعلم.
2 في ش: شيء من ذلك، وفي ض ع ز: منه شيء.
3 انظر: الكفاية للخطيب ص 606.
4 في ش: شرح ألفية الحديث.
5 في ب: أحد.
6 في ع: نص الكتاب.
7 في ع: إلزامه، وفي ب: في التزامه.
8 مختصر الطوفي ص 187 مع التصرف.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْعَمَلَ1 بِالرَّاجِحِ فِيمَا لَهُ مُرَجِّحٌ: هُوَ قَوْلُ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ2 سَوَاءٌ كَانَ الْمُرَجِّحُ مَعْلُومًا أَوْ مَظْنُونًا، حَتَّى إنَّ الْمُنْكِرِينَ لِلْقِيَاسِ عَمِلُوا بِالتَّرْجِيحِ فِي ظَوَاهِرِ الأَخْبَارِ3.
وَخَالَفَ أَبُو بَكْرِ بْنُ4 الْبَاقِلَاّنِيِّ فِي جَوَازِ الْعَمَلِ بِالْمُرَجَّحِ5 الْمَظْنُونِ6. وَقَالَ: إنَّمَا أَقْبَلُ التَّرْجِيحَ بِالْمَقْطُوعِ بِهِ. كَتَقْدِيمِ النَّصِّ عَلَى الْقِيَاسِ، لا بِالأَوْصَافِ، وَلا الأَحْوَالِ، وَلا كَثْرَةِ الأَدِلَّةِ وَنَحْوِهَا، فَلا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، فَإِنَّ الأَصْلَ امْتِنَاعُ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ7.
1 في ع: العلم.
2 صرح البيضاوي في تعريف الترجيح بهذا الهدف، وهو وجوب العمل بالراجح، فقال:"الترجيح تقوية إحدى الأمارتين على ألأخرى ليعمل بها""منهاج الوصول مع شرحه نهاية السول 3/187".
3 انظر: الكافية في الجدل ص 443، العدة 3/1019، المسودة ص 309، العضد على ابن الحاجب 2/309، جمع الجوامع 2/361، نهاية السول 3/189، الإحكام للآمدي 4/239، المحصول 2/2/529، المستصفى 2/394، المنخول ص 426، فواتح الرحموت 2/204، تيسير التحرير 2/153، فتح الغفار 3/51، البرهان 2/1142، شرح تنقيح الفصول ص 420، كشف الأسرار 4/76، مختصر الطوفي ص 186، إرشاد الفحول ص 273، 276، الوسيط ص 625.
4 ساقطة من ض ب ع.
5 في ض: بمرجح، وفي د: بمجرد.
6 في ب د: بالمظنون.
7 وقال أبو عبد الله البصري قولاً ثالثاً، وهو ثبوت التخيير في العمل عند الترجيح بالمظنون =
خَالَفْنَاهُ فِي1 الظُّنُونِ الْمُسْتَقِلَّةِ بِنَفْسِهَا2؛ لإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ. فَيَبْقَى التَّرْجِيحُ عَلَى أَصْلِ الامْتِنَاعِ، لأَنَّهُ عَمَلٌ بِظَنٍّ لا يَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهِ، وَرُدَّ قَوْلُهُ بِالإِجْمَاعِ عَلَى عَدَمِ3 الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُسْتَقِلِّ وَغَيْرِهِ.
وَقَدْ رَجَّحَتْ4 الصَّحَابَةُ قَوْلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5 عَلَى مَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " إنَّمَا الْمَاءُ مِنْ الْمَاءِ" 6 لِكَوْنِهَا أَعْرَفَ بِذَلِكَ مِنْهُمْ7.
=انظر قوله، وقول الباقلاني بإنكار الترجيح بالمرجح بالمظنون ووجب التوقف فيه، مع الأدلة والمناقشة والرد في " المحصول 2/2/531، نهاية السول 3/189، جمع الجوامع 2/361، المنخول ص 426، شرح تنقيح الفصول ص 420، مختصر البعلي ص 169، مختصر الطوفي ص 186، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197".
1 في ض د: بـ.
2 في ش ض: بأنفسها.
3 في ب: قدم.
4 في ش: رجح.
5 هذا الحديث رواه مالك والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها وسبق تخريجه في المجلد الثالث ص 221.
6 سبق تخريج هذا الحديث في المجلد الثالث ص 579 عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً.
7 نقل المؤلف سابقاً "المجلد الثالث ص 578" قول الصحابة بأن الحديث الثاني منسوخ بالحديث الأول، وانظر أقوال العلماء في "نيل الأوطار 1/259، صحيح البخاري 1/43، الإحكام لابن حزم 1/177".
قَالَ الطُّوفِيُّ: وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِشَيْءٍ؛ لأَنَّ الْعَمَلَ بِالأَرْجَحِ مُتَعَيِّنٌ عَقْلاً وَشَرْعًا، وَقَدْ عَمِلَتْ1 الصَّحَابَةُ بِالتَّرْجِيحِ مُجْمِعِينَ عَلَيْهِ، وَالتَّرْجِيحُ دَأْبُ الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ. حَيْثُ احْتَاجَا2 إلَيْهِ3.
"وَلا تَرْجِيحَ فِي الشَّهَادَةِ" لأَنَّ بَانَ الشَّهَادَةِ مَشُوبٌ بِالتَّعَبُّدِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الشَّاهِدَ لَوْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ " أَشْهَدُ " بِأَعْلَمُ، أَوْ أَتَيَقَّنُ، أَوْ أُخْبِرُ، أَوْ أُحَقِّقُ4: لَمْ يُقْبَلْ، وَلا تُقْبَلُ شَهَادَةُ جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ النِّسَاءِ عَلَى يَسِيرٍ مِنْ الْمَالِ، حَتَّى يَكُونَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ، مَعَ أَنَّ شَهَادَةَ الْجَمْعِ الْكَثِيرِ مِنْ النِّسَاءِ يَجُوزُ أَنْ يَحْصُلَ5 بِهِ الْعِلْمُ التَّوَاتُرِيُّ6، وَمَا ذَاكَ إلَاّ لِثُبُوتِ التَّعَبُّدِ7.
1 في ش: عمل.
2 في ع ب ز: احتاج.
3 مختصر الطوفي ص 186 مع الاختصار والتصرف.
وانظر: الإحكام للآمدي 4/239، المستصفى 2/394، كشف الأسرار 4/76، فواتح الرحموت 2/204، الوسيط ص 626.
4 في ع ز: أحقّ.
5 في ش: إن حصل.
6 في ش: المتواتر.
7 يشترط في الإثبات بالشهادة أن يكون بلفظة "أشهد" عند الأئمة الثلاثة خلافاً للمالكيّة، فلا يشترطون ذلك، وتصح الشهادة عندهم بكل صيغة تؤدي معناها.
انظر: العضد على ابن الحاجب 2/310، المستصفى 2/394، تيسير التحرير 3/153، وسائل الإثبات ص 107، 132 والمراجع المشار إليها.
"وَلا" تَرْجِيحَ1 أَيْضًا "فِي الْمَذَاهِبِ الْخَالِيَةِ عَنْ دَلِيلٍ"؛ لأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا هُوَ فِي الأَلْفَاظِ الْمَسْمُوعَةِ وَالْمَعَانِي الْمَعْقُولَةِ2.
وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الْقَاضِيَ عَبْدَ الْجَبَّارِ قَالَ: إنَّ التَّرْجِيحَ لَهُ مَدْخَلٌ فِي الْمَذَاهِبِ بِحَيْثُ يُقَالُ مَثَلاً: مَذْهَبُ3 الشَّافِعِيِّ أَرْجَحُ مِنْ مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَقَدْ خَالَفَ عَبْدُ الْجَبَّارِ غَيْرَهُ.
وَحُجَّةُ عَبْدِ الْجَبَّارِ: أَنَّ الْمَذَاهِبَ آرَاءٌ، وَاعْتِقَادَاتٌ مُسْتَنِدَةٌ إلَى الأَدِلَّةِ، وَهِيَ تَتَفَاوَتُ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ، فَجَازَ دُخُولُ التَّرْجِيحِ فِيهَا كَالأَدِلَّةِ4.
وَاحْتَجَّ الْمَانِعُونَ لِمَا قَالَهُ5 بِوُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَذَاهِبَ لِتَوَفُّرِ انْهِرَاعِ النَّاسِ إلَيْهَا6، وَتَعْوِيلِهِمْ عَلَيْهَا. صَارَتْ7 كَالشَّرَائِعِ وَالْمِلَلِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَلا
1 في ش: بنحو ترجيح.
2 انظر: المسودة ص 309، المنخول ص 427، البرهان 2/1145، مختصر الطوفي ص 187، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197.
3 في ض ع: في مذهب.
4 انظر آداب الترجيح بين المذاهب، والمحاذير التي يجب تجنبها، مع بيان قول القاضي عبد الجبار في "الموافقات 4/176 وما بعدها، البرهان 2/1156، والمراجع السابقة في الهامش 2".
5 في ش ز: قالوه.
6 ساقطة من ض ع ب ز.
7 ساقطة من ض.
تَرْجِيحَ فِي الشَّرَائِعِ.
وَقَدْ ضَعُفَ هَذَا الْوَجْهُ بِأَنَّ انْهِرَاعَ1 النَّاسِ إلَيْهَا لا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا ظَنِّيَّةً تَقْبَلُ التَّرْجِيحَ، وَلا نُسَلِّمُ أَنَّهَا تُشْبِهُ الشَّرَائِعَ، وَإِنْ سَلَّمْنَا2، فَلا3 نُسَلِّمُ أَنَّ الشَّرَائِعَ لا تَقْبَلُ التَّرْجِيحَ، بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمَصَالِحِ وَالْمَحَاسِنِ، وَإِنْ كَانَ طَرِيقُ جَمِيعِهَا قَاطِعًا.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِلتَّرْجِيحِ مَدْخَلٌ فِي الْمَذَاهِبِ لاضْطَرَبَ4 النَّاسُ، وَلَمْ5 يَسْتَقِرَّ أَحَدٌ عَلَى مَذْهَبٍ. فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّرْجِيحِ فِيهِ6 مَدْخَلٌ كَالْبَيِّنَاتِ.
وَهَذَا الْوَجْهُ أَيْضًا ضَعِيفٌ، وَاللَاّزِمُ مِنْهُ مُسْتَلْزَمٌ7، وَكُلُّ مَنْ ظَهَرَ8 لَهُ رُجْحَانُ مَذْهَبٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الدُّخُولُ فِيهِ. كَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ الأَخْذُ بِأَرْجَحِ9 الدَّلِيلَيْنِ10.
1 في ض: بانهراع.
2 في ض: سلم.
3 فيب ع ش: لكن لا.
4 في ض: لا ضطراب.
5 في ع: فلم.
6 ساقطة من ش.
7 في ب ع ش ز: ملتزم.
8 ساقطة من ش.
9 ساقطة من ش، وفي ز: بالأرجح من.
10 في ش: بالدليلين.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنَّ1 كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَذَاهِبِ لَيْسَ مُتَمَحِّضًا فِي الْخَطَإِ وَلا فِي الصَّوَابِ، بَلْ هُوَ مُصِيبٌ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، مُخْطِئٌ فِي بَعْضِهَا، وَعَلَى هَذَا: فَالْمَذْهَبَانِ لا يَقْبَلانِ التَّرْجِيحَ، لإِفْضَاءِ ذَلِكَ إلَى التَّرْجِيحِ بَيْنَ الْخَطَإِ وَالصَّوَابِ2 فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، أَوْ بَيْنَ خَطَأَيْنِ أَوْ3 صَوَابَيْنِ، وَالْخَطَأُ لا مَدْخَلَ لِلتَّرْجِيحِ فِيهِ4 اتِّفَاقًا.
وَهَذَا الْوَجْهُ يُشِيرُ قَائِلُهُ فِيهِ إلَى أَنَّ النِّزَاعَ لَفْظِيٌّ، وَهُوَ أَنَّ5 مَنْ نَفَى التَّرْجِيحَ فَإِنَّمَا أَرَادَ: لا يَصِحُّ تَرْجِيحُ مَجْمُوعِ6 مَذْهَبٍ عَلَى مَجْمُوعِ مَذْهَبٍ آخَرَ. لِمَا ذُكِرَ، وَمَنْ أَثْبَتَ7 التَّرْجِيحَ بَيْنَهُمَا8: أَثْبَتَهُ بِاعْتِبَارِ مَسَائِلِهِمَا9 الْجُزْئِيَّةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، إذْ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي رَفْعِ الْحَدَثِ طَهُورٌ أَرْجَحُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي أَنَّهُ غَيْرُ طَهُورٍ، وَكَذَا فِي غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ10.
1 في ش: من المذاهب أن.
2 في ض ش: خطأ وصواب.
3 في ش ب ز: و.
4 في ش: له في الترجيح.
5 في ض: فهو.
6 ساقطة من ض.
7 في ض: أثبته.
8 في ع ز: بينها.
9 في ض ع: مسائله، وفي ب ز: مسائلها.
10 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 197.
"وَلا" تَرْجِيحَ أَيْضًا "بَيْنَ عِلَّتَيْنِ"، "إلَاّ أَنْ تَكُونَ كُلُّ" وَاحِدَةٍ "مِنْهُمَا طَرِيقًا لِلْحُكْمِ1 مُنْفَرِدَةٍ" قَالَهُ2 فِي التَّمْهِيدِ وَغَيْرِهِ: وَذَلِكَ لأَنَّهُ لا يَصِحُّ تَرْجِيحُ طَرِيقٍ عَلَى مَا لَيْسَ بِطَرِيقٍ3.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَقَعُ4 التَّرْجِيحُ إنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ طَرِيقًا قَبْلَ ثُبُوتِهِ5.
"وَرُجْحَانُ الدَّلِيلِ: كَوْنُ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْهُ أَقْوَى" مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ غَيْرِهِ6. وَقَدْ7 تَقَدَّمَ أَنَّ التَّرْجِيحَ: فِعْلُ الْمُرَجَّحِ، وَأَمَّا رُجْحَانُ الدَّلِيلِ: فَهُوَ صِفَةٌ8 قَائِمَةٌ بِهِ9، أَوْ مُضَافَةٌ إلَيْهِ، وَيَظْهَرُ هَذَا فِي التَّصْرِيفِ، تَقُولُ: رَجَّحْت الدَّلِيلَ تَرْجِيحًا،
1 في ش ض: لحكم.
2 في ش: قال.
3 وهو قول أبي الخطاب وغيره "انظر: المسودة 383".
4 في ض: يتبع.
5 المسودة ص 383.
6 قال الطوفي: "والرجحان حقيقته في الأعيان الجوهرية، وهو في المعاني مستعار""مختصر الطوفي ص 186".
وانظر: نزهة الخاطر 2/458ظن تيسير التحرير 3/137، أصول السرخسي 2/249، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196.
7 في ب ش: قد، وفي د: و.
8 في ز: فصفة.
9 ساقطة من ع ب.
فَأَنَا مُرَجِّحٌ، وَالدَّلِيلُ مُرَجَّحٌ، وَتَقُولُ: رَجَحَ الدَّلِيلُ رُجْحَانًا، فَهُوَ رَاجِحٌ. فَأَسْنَدْت التَّرْجِيحَ إلَى نَفْسِك إسْنَادَ الْفِعْلِ إلَى الْفَاعِلِ، وَأَسْنَدْت الرُّجْحَانَ1 إلَى الدَّلِيلِ، فَلِذَلِكَ كَانَ التَّرْجِيحُ وَصْفَ الْمُسْتَدِلِّ. وَالرُّجْحَانُ وَصْفَ الدَّلِيلِ2.
وَلَمَّا أَهْمَلَ -أَوْ سَهَا- عَنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَهِمَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ دَلالَةِ اللَّفْظِ وَالدَّلالَةِ بِاللَّفْظِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ دَلالَةَ اللَّفْظِ صِفَةٌ لَهُ. وَهِيَ3 كَوْنُهُ بِحَيْثُ يُفِيدُ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ بِهِ، أَوْ4 إفَادَتُهُ مُرَادَ الْمُتَكَلِّمِ5. كَأَنْ تَقُولَ6: عَجِبْت مِنْ دَلالَةِ اللَّفْظِ، أَوْ7 مِنْ أَنْ دَلَّ اللَّفْظُ. فَإِذَا فَسَّرْتهَا بِأَنْ8 وَالْفِعْلِ الَّذِي يَنْحَلُّ إلَيْهِمَا: الْمَصْدَرُ. كَانَ الْفِعْلُ مُسْنَدًا إلَى اللَّفْظِ إسْنَادَ9 الْفَاعِلِيَّةِ. وَالدَّلالَةُ10 بِاللَّفْظِ صِفَةُ الْمُتَكَلِّمِ وَفِعْلُهُ، وَهِيَ إفَادَةُ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ اللَّفْظِ مَا أَرَادَ مِنْهُ؛ لأَنَّك تَقُولُ: عَجِبْت مِنْ دَلالَةِ فُلانٍ بِلَفْظِهِ،
1 في ش: الترجيح.
2 انظر الفرق بين الترجيح والرجحان في "نزهة الخاطر 2/457 وما بعدها، كشف الأسرار 4/77، معجم مقاييس اللغة 2/489".
3 في ض: وهو.
4 في ع: و.
5 في ش: المتكلم به.
6 في ض ب: يقول.
7 في ع: و.
8 في ض: فإن فسرتها بإذا.
9 في ش: إسناداً.
10 في ع: فالدلالة.
وَمِنْ أَنْ دَلَّ فُلانٌ بِلَفْظَةِ كَذَا، فَتَسْنُدُ ذَلِكَ إلَى فُلانٍ، وَهُوَ الْمُتَكَلِّمُ1، لا إلَى اللَّفْظِ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ مَا الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْهُ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ2: الظَّنُّ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قِيَاسِ الْعِلَّةِ، فَإِنَّهُ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ3 مِنْ قِيَاسِ الشَّبَهِ.
"وَيَجِبُ تَقْدِيمُ الرَّاجِحِ" مِنْ الأَدِلَّةِ عَلَى الْمَرْجُوحِ مِنْهَا.
"وَيَكُونُ" التَّرْجِيحُ "بَيْنَ" دَلِيلَيْنِ "مَنْقُولَيْنِ" كَنَصَّيْنِ "وَ" بَيْنَ "مَعْقُولَيْنِ" كَقِيَاسَيْنِ "وَ" بَيْنَ "مَنْقُولٍ وَمَعْقُولٍ" كَنَصٍّ، وَقِيَاسٍ، فَهَذِهِ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ.
وَمَحَلُّ ذَلِكَ: عِنْدَ مَشْرُوعِيَّةِ الاجْتِهَادِ فِي التَّرْجِيحِ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الدَّلِيلانِ ظَنِّيَّيْنِ، وَجُهِلَ أَسْبَقُهُمَا، وَتَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إلَى غَيْرِهِمَا. لأَنَّ تَرْجِيحَاتِ الأَدِلَّةِ الظَّنِّيَّةِ مُوصِلَةٌ إلَى التَّصْدِيقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ.
أَمَّا4 الْقِسْمُ "الأَوَّلُ" وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ مَنْقُولَيْنِ، فَيَكُونُ "فِي السَّنَدِ وَالْمَتْنِ، وَمَدْلُولِ اللَّفْظِ وَأَمْرٍ خَارِجٍ" عَمَّا ذُكِرَ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ.
1 في ش: فلان المتكلم.
2 ساقطة من ع، وفي ض: غير.
3 ساقطة من ش.
4 في ش: فأما.
أَمَّا وُقُوعُهُ فِي السَّنَدِ: فَلِكَوْنِهِ طَرِيقَ ثُبُوتِهِ، وَأَمَّا وُقُوعُهُ فِي الْمَتْنِ: فَبِاعْتِبَارِ مَرْتَبَةِ دَلالَتِهِ، وَأَمَّا وُقُوعُهُ فِي1 مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَأَمْرٍ خَارِجٍ فَلِمَا2 يَتَرَتَّبُ عَلَى اللَّفْظِ، وَمَا يَنْضَمُّ إلَيْهِ مِنْ أَمْرٍ خَارِجٍ مِنْ أَحَدِ الأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِهِ.
"فَالسَّنَدُ" وَهُوَ النَّوْعُ الأَوَّلُ، وَيَقَعُ التَّرْجِيحُ بِحَسَبِهِ فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ:
الشَّيْءُ الأَوَّلُ: الرَّاوِي، وَيَكُونُ فِي نَفْسِهِ وَفِي3 تَزْكِيَتِهِ.
فَبَدَأْنَا4 بِمَا فِي نَفْسِهِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الأَرْبَعَةُ وَالأَكْثَرُ: أَنَّ السَّنَدَ "يُرَجَّحُ بِالأَكْثَرِ رُوَاةً" وَهُوَ بِأَنْ تَكُونَ5 رُوَاتُهُ أَكْثَرَ مِنْ رُوَاةِ غَيْرِهِ؛ لأَنَّ الْعَدَدَ الْكَثِيرَ أَبْعَدُ عَنْ6 الْخَطَإِ مِنْ الْعَدَدِ الْقَلِيلِ؛ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَثِيرِ يُفِيدُ ظَنًّا. فَإِذَا انْضَمَّ إلَى غَيْرِهِ قَوِيَ، فَيَكُونُ مُقَدَّمًا لِقُوَّةِ
1 ساقطة من ش.
2 في ع: فيما.
3 في: ساقطة من ز.
4 في ش: فيبدأ.
5 في ض: يكون.
6 في ب ض: من.
الظَّنِّ1، وَقَدْ رَجَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَ ذِي الْيَدَيْنِ بِمُوَافَقَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لِمَا قَالَهُ2، وَعَمِلَ بِذَلِكَ الصَّحَابَةُ بَعْدَهُ.
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ: مَسْأَلَةُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي غَيْرِ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ عِنْدَ3 رُكُوعٍ وَرَفْعٍ مِنْهُ، فَرَوَى إبْرَاهِيمُ عَنْ عَلْقَمَةَ4 عَنْ ابْنِ
1 خالف في الترجيح بالأكثر رواة الإمام أبو حنيفة أبو يوسف وبعض المعتزلة، وقال الإمام محمد صاحب أبي حنيفة بقول الجمهور.
انظر: المسودة 305، الروضة ص 387، مختصر البعلي ص 169، العدة 3/1019، المستصفى 2/397، جمع الجوامع 2/361، ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، الإحكام للآمدي 4/242، المنخول ص 430، نهاية السول 3/202، المحصول 2/2/535، 553، البرهان 2/1162، 1184، مختصر الطوفي ص 187، إرشاد الفحول ص 276، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197، فواتح الرحموت 2/210، الكفاية ص 610، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 223.
2 حديث ذي اليدين صحيح، وسبق تخريجه "2/193".
3 في ع ب ز: من.
4 هو علقمة بن قيس بن عبد الله بن علقمة، أبو شبل النخعي، الكوفي، التابعي، أحد الأعلام، فقيه العراق، قال النووي:"أجمعوا على جلالته، وعظم محله، ووفور علمه، وجميل طريقته" وكان من أكبر أصحاب ابن مسعود، وأشبههم هدياً ودلالة، سمع عمر بن الخطاب وعثمان وعلياً وابن مسعود وسلمان وخباباً وحذيفة وأبا موسى الأشعري وعائشة وغيرهم، وأخذ عنه غبراهيم النخعي والشعبي وابن سيرين وغيرهم، وأخرج أحاديثه أصحاب الكتب الستة، توفي سنة 62هـ.
انظر ترجمته في "تهذيب الأسماء 2/342، الخلاصة 2/241، طبقات الفقهاء ص 79، تذكرة الحفاظ 1/48، شذرات الذهب 1/70، غاية النهاية 1/516، مشاهير علماء الأمصار ص 100".
مَسْعُودٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ 1عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ ثُمَّ لا يَعُودُ2، وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ، وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ3 وَرَوَاهُ4 ابْنُ5 عُمَرَ وَوَائِلُ6
1 ساقطة من ش ض.
2 هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد وأبو يعلى عن ابن مسعود مرفوعاً، وقال الترمذي:"حديث حسن"، ورواه أبو داود والدارقطني عن البراء بن عازب مرفوعاً، وقال أبو داود عن حديث البراء:"هذا حديث ليس بصحيح".
وقال سفيان بن عيينة كان زياد بن أبي زياد يروي هذا الحديث، ولا يذكر:"ثم لا يعود"، ثم دخلت البصرة فرأيت يزيد بن أبي زياد يرويه، وقد زاد فيه:"ثم لا يعود" وكان قد لقن فتلقن، وقد ضعفه أكثر علماء الرجال.
انظر: سنن أبي داود 1/173، تحفة الأحوذي 2/102، 104، سنن النسائي 2/142، مسند أحمد 1/388، 442، مجمع الزوائد 2/101، سنن الدارقطني 1/293، نصب الراية 1/394، المغني في الضعفاء 2/749، ميزان الاعتدال 4/423.
3 هذا حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي والدارقطني ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم عن ابن عمر وغيره.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 1/93، صحيح مسلم بشرح النووي 4/93 وما بعدها، سنن أبي داود 1/166، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 2/99، سنن النسائي 1/142، سنن ابن ماجه 1/279، سنن الدارمي 1/285، سنن الدارقطني 1/287، بدائع المنن 1/70، الموطأ ص 69، مسند أحمد 2/8.
4 في ع ب ز: وروى.
5 في ش: ابن.
6 في ش: ووائل.
ابْنُ حُجْرٍ1 وَأَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ2 فِي عَشَرَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ، مِنْهُمْ: أَبُو قَتَادَةَ وَأَبُو أُسَيْدٍ3، وَسَهْلُ بْنُ سَعْدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَأَنَسٌ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ
1 هو وائل بن حجر بن ربيعة بن يعمر الحضرمي، أبو هنيد، كان من ملوك حمير، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بشر أصحابه بقدومه قبل أن يصل بأيام، وعند وصوله رحب به وقربه ودعا له، وأقطعه أرضاً، ثم نزل الكوفة، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان على راية حضرموت، ثم قدم على معاوية في خلافته، فتلقاه وأكرمه، وروى عدة أحاديث في مسلم والسنن الأربعة، مات في آخر خلافة معاوية.
انظر ترجمته ي "الإصابة 6/312، أسد الغابة 5/435، تهذيب الأسماء 2/143، مشاهير علماء الأمصار ص 44، الخلاصة 3/127".
2 هو عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن مالك، أبو حميد الساعدي، الأنصاري الصحابي، وقيل في اسمه واسم أبيه غير ذلك، روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، أخرجها عنه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، وروى عنه بعض الصحابة، قيل: إنه شهد أحداً وما بعدها، توفي في آخر خلافة معاوية، أو أول خلافة يزيد.
انظر ترجمته في "الإصابة 7/46، أسد الغابة 6/78، تهذيب الأسماء 2/216، الخلاصة 3/213".
3 هو مالك بن ربيعة بن البَدَن، الخزرجي، أبو أسيد الساعدي، الأنصاري، الصحابي، مشهور بكنيته، شهد بدراً وأحداً وما بعدها، وكان معه راية بني ساعدة يوم الفتح، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث وروى عنه أولاده وبعض الصحابة، وأخرج أحاديثه البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، وأضر في آخر عمره، مات بالمدينة سنة 60 هـ، وهو آخر البدريين موتاً، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "الإصابة 6/23، أسد الغابة 5/23، الخلاصة 3/4، المعارف ص 272، نكت الهميان ص 233".
الزُّبَيْرِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ1 وَجَمْعٌ غَيْرُهُمْ، بَلَغُوا ثَلاثَةً وَثَلاثِينَ صَحَابِيًّا2.
وَقَدَّمَ ابْنُ بُرْهَانٍ الأَوْثَقَ عَلَى الأَكْثَرِ. قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ قِيَاسُ مَذْهَبِنَا3.
وَخَالَفَ الْكَرْخِيُّ وَغَيْرُهُ، فَقَالَ: لا يُرَجَّحُ بِالْكَثْرَةِ4.
1 ساقطة من ض، وذكر السيوطي أن الحديث مروي عن أبي هريرة.
2 حديث رفع اليدين قبل الركوع وبعده، رواه الترمذي عن عشرة من الصحابة، وقال:"هذا حديث حسن صحيح"، ونقل ابن حجر عن شيخه العراقي أنه تتبع رواة هذا الحديث من الصحابة فبلغوا خمسين رجلا، وقال السيوطي:"ربما تبلغ حدّ التواتر" وكتبت فيه رسائل، إحداها للإمام البخاري.
انظر: فتح الباري 1/182، 183، نصب الراية 1/392، التلخيص الحبير 1/218 وما بعدها، نيل الأوطار 2/197وما بعدها، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 2/100 وما بعدها، تخريج أحاديث البزدوي ص 194، الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة ص 16، تحفة الفقهاء 1/312 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/207، مجمع الزوائد 2/101.
3 المسودة ص 305، وهذا ما اختاره الغزالي في "المنخول ص 430"، وانظر: العدة 3/1023، 1029، إرشاد الفحول ص 276.
4 وهو مذهب أبو حنيفة وأبي يوسف وبعض المعتزلة في عدم الترجيح بالكثرة في الرواية والشهادة والفتوى، لكن عبيد الله بن مسعود وابن عبد الشكور والكمال والنسفي وابن جيم وغيرهم ذكروا ان الحنفية ترجح بالكثرة في بعض المواضع، كالترجيح بكثرة الأصول، ولا ترجح بالكثرة في مواضع أخرى كالأدلة، وبينوا المعيار في ذلك بأن الكثرة إن أدت إلى حصول هيئة اجتماعية هي وصف واحد قوي الأثر حصلت بالكثرة، كما في حمل الأثقال، بخلاف كثرة جزئيات، كما في المصارعة، إذ المقاوم واحد. =
وَذَكَرَهُ1 ابْنُ عَقِيلٍ عَنْ بَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، وَنَقَلَهُ صَاحِبُ الْمِيزَانِ2 مِنْ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَكْثَرِ الْحَنَفِيَّةِ: أَنَّهُ3 كَالشَّهَادَةِ وَالْفَتْوَى.
وَرُدَّ قِيَاسُهُمْ عَلَى الشَّهَادَةِ بِأَنَّ عِنْدَ مَالِكٍ: الْكَثْرَةُ فِي الشُّهُودِ تُقَدَّمُ، وَهُوَ قَوْلٌ لَنَا، ثُمَّ الشَّهَادَةُ تَعَبُّدٌ، وَحُجَّةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَمُقَدَّرَةٌ شَرْعًا بِعَدَدٍ، وَلَمْ تُرَجَّحْ4 الصَّحَابَةُ فِيهَا بِمِثْلِهِ5.
= انظر: فواتح الرحموت 2/210، فتح الغفار بشرح المنار 3/53، تيسير التحرير 3/169، التلويح على التوضيح 3/61، كشف الأسرار 4/79، مختصر البعلي ص 169، مختصر الطوفي ص 187، المحلي عل جمع الجوامع 2/361، نزهة الخاطر 2/458، الإحكام للآمدي 4/242، وسائل الإثبات ص 811.
1 في ض ش: وذكر.
2 الغالب أن محمد بن أحمد بن أبي أحمد، أبو بكر، وقيل أبو منصور، علاء الدين السمرقندي الحنفي، صاحب كتاب "تحفة الفقهاء"، وله كتاب "الميزان"، قال اللكنوي عنه:"شيخ كبير فاضل، جليل القدر، وكانت ابنته فقيهة علامة، وتزوجت علاء الدين أبي بكر الكاساني صاحب "البدائع" شرح "تحفة الفقهاء" في الفقه الحنفي، توفي السمرقندي حوالي 575هـ وقيل 540هـ.
انظر ترجمته في " الفوائد البهية ص 158، تاج التراجم ص 60، كشف الظنون 2/578، الأعلام 6/212، الجواهر المضيئة 2/6".
ولفظة "الميزان" ساقطة من ض.
3 ساقطة من ض ب ع ز.
4 في ش: يرجح.
5 يرد على قياس الرواية على الشهادة في عدم الترجيح بكثرة العدد أنه قياس مع الفارق، لأن جمهور الفقهاء لم يرجحوا الشهادة بكثرة عدد الشهود، لأنها مبنية على التعبد "كما سبق ص 429"، وبتحديد نصاب الشهادة بالنص، مع تحديد =
و1َقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: وَلَمْ يُرَجَّحْ فِيهَا بِالأَتْقَنِ الأَعْلَمِ.
وَرُدَّ قِيَاسُهُمْ عَلَى الْفَتْوَى: بِأَنَّهُ لا يَقَعُ الْعِلْمُ بِهَا فَلَيْسَ طَرِيقُهَا الْخَبَرَ. إنَّمَا نَقِفُ عَلَى عِلْمِ الْمُفْتِي2، وَقَدْ يَكُونُ الْوَاحِدُ أَعْلَمَ3.
4وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ "أَوْ أَكْثَرَ أَدِلَّةً" فَإِنَّ كَثْرَةَ الأَدِلَّةِ تُفِيدُ تَقْوِيَةِ الظَّنِّ؛ لأَنَّ الظَّنَّيْنِ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْوَاحِدِ، لِكَوْنِ5 الأَكْثَرِ أَدِلَّةً أَقْرَبَ إلَى الْقَطْعِ، فَيُرَجَّحُ بِذَلِكَ6،
= مراتبها، وإن ذهب المالكية بترجيح الشهادة بكثرة عدد الشهود، خلافاً لما جاء في "المدونة 5/188" عن الإمام مالك بعدم الترجيح بكثرة العدد في الشهادة، وقال بالترجيح بكثرة عدد الشهود الحنابلة في قول والحنفية في قول والشافعية في قول.
"انظر: العضد على ابن الحاجب 2/310، كشف الأسرار 4/79، شرح تنقيح الفصول ص 420، تيسير التحرير 3/153 وما بعدها، نهاية السول 3/199، المستصفى 2/394، مناهج العقول 3/200، المحصول 2/2/540، الإحكام للآمدي 4/241، البرهان 2/1143، 1162، الروضة ص 813، تخريج الفروع على الأصول ص 376، وسائل الإثبات ص 813 والمراجع الفقهية فيها".
1 ساقطة من ض ب ع ز.
2 ساقطة من ع.
3 انظر: العدة 3/1023.
4 ساقطة من ع.
5 في ع: ولكون.
6 ساقطة من ع، وفي ض ب: فترجح بذلك.
خِلافًا لِلْحَنَفِيَّةِ1.
"وَ" الثَّانِي مِنْ الْمُرَجِّحَاتِ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الرَّاوِيَيْنِ رَاجِحًا عَلَى الآخَرِ فِي وَصْفٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ فَيُرَجَّحُ "بِالأَزْيَدِ ثِقَةً. وَبِفَطِنَةٍ، وَوَرَعٍ، وَعِلْمٍ، وَضَبْطٍ، وَلُغَةٍ، وَنَحْوٍ" فَكُلُّ وَصْفٍ مِنْ هَذِهِ الأَوْصَافِ يُرَجَّحُ بِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ2.
"وَ" يُرَجَّحُ أَيْضًا "بِالأَشْهَرِ بِأَحَدِ" الأَوْصَافِ "السَّبْعَةِ" الْمَذْكُورَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ3 رُجْحَانُهُ4 فِيهَا، فَإِنَّ كَوْنَهُ أَشْهَرَ إنَّمَا
1 يقول القرافي: "فالترجيح بكثرة الأدلة كالترجيح بالعدالة، لا كالترجيح بالعدد""شرح تنقيح الفصولص 421".
وانظر: كشف الأسرار 4/78، 79، تخريج الفروع على الأصول ص 376، تيسير التحرير 3/154، 169، فتح الغفار 3/53، فواتح الرحموت 2/204، 210، 328، التوضيح على التنقيح 3/59، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/361، نهاية السول 3/198، المحصول 2/2/534، 591، شرح تنقيح الفصول ص 420، مختصر الطوفي ص 187، الوسيط ص 625.
2 انظر: المسودة ص 307، 308، الروضة ص 389، ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، المنخول ص 430، جمع الجوامع 2/363، المحصول 2/2/554 وما بعدها، 558 وما بعدها، الإحكام للآمدي 4/243، نهاية السول 3/202، 205، المستصفى 2/395، 396، البرهان 2/1166، 1184، شرح تنقيح الفصول ص 422، 423، أصول السرخسي 2/251، 253، التلويح على التوضيح 3/50، فواتح الرحموت 2/206، 207، تيسير التحرير 3/163، مختصر البعلي ص 169، مختصر الطوفي ص 188، المدخل إلى مذهب أحمد ص 198، إرشاد الفحول ص 277، الكفاية ص 609، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 222.
3 في ش: ويكون.
4 ساقطة من ض.
يَكُونُ فِي الْغَالِبِ لِرُجْحَانِهِ1.
"وَ" يَكُونُ التَّرْجِيحُ أَيْضًا "بِالأَحْسَنِ سِيَاقًا" لأَنَّ حُسْنَ السِّيَاقِ دَلِيلٌ عَلَى رُجْحَانِهِ2.
"وَ" يَكُونُ التَّرْجِيحُ أَيْضًا "بِاعْتِمَادِ" الرَّاوِي "عَلَى حِفْظِهِ" لِلْحَدِيثِ "أَوْ ذِكْرِهِ" لَهُ؛ لأَنَّ الْحِفْظَ، وَالذِّكْرَ لا يَحْتَمِلُ الاشْتِبَاهَ. بِخِلافِ اعْتِمَادِهِ عَلَى الْخَطِّ وَالنُّسْخَةِ، فَإِنَّهُمَا يَحْتَمِلانِ3 الاشْتِبَاهَ4.
"وَ" يُرَجَّحُ أَيْضًا "بِعَمَلِهِ بِرِوَايَتِهِ" أَيْ بِكَوْنِ5 الرَّاوِي عَلِمَ أَنَّهُ عَمِلَ بِرِوَايَةِ نَفْسِهِ؛ لأَنَّ مَنْ عَمِلَ بِمَا رَوَاهُ يَكُونُ6 أَبْعَدَ مِنْ الْكَذِبِ مِنْ خَبَرِ مَنْ لَمْ يُوَافِقْ عَمَلُهُ7 خَبَرَهُ8.
1 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، نهاية السول 3/205، الإحكام للآمدي 4/243، مختصر البعلي ص 169.
2 انظر: مختصر البعلي ص 169، المدخل إلى مذهب أحمد ص 198.
3 في ض: لا يحتملان.
4 انظر: الإحكام للآمدي 4/243، 244، المحصول 2/2/560، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/362، نهاية السول 3/204 وما بعدها، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، مختصر البعلي ص 169، فواتح الرحموت 2/207، تيسير التحرير 3/163.
5 في ب: أن يكون.
6 ساقطة من ض ع ب ز.
7 ساقطة من ش، وفي ض: علمه.
8 انظر: ألإحكام للآمدي 4/243، مختصر انب الحاجب والعضد عليه =
وَمَتَى وُجِدَ حَدِيثَانِ مُرْسَلانِ - وَكَانَ الرَّاوِي لأَحَدِهِمَا يُرْسِلُ عَنْ الْعَدْلِ وَعَنْ غَيْرِهِ، وَالرَّاوِي الآخَرُ لا يُرْسِلُ إلَاّ عَنْ عَدْلٍ - رُجِّحَ الَّذِي رَاوِيهِ لا يُرْسِلُ إلَاّ عَنْ عَدْلٍ، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "أَوْ لا يُرْسِلُ إلَاّ عَنْ عَدْلٍ 1".
وَكَذَا يُرَجَّحُ الْمُبَاشِرُ لِمَا رَوَاهُ مِنْ فِعْلٍ2، وَصَاحِبُ الْقِصَّةِ عَلَى غَيْرِهِمَا، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "أَوْ مُبَاشِرٍ أَوْ صَاحِبِ الْقِصَّةِ3".
= 2/310، المحصول 2/2/559، المستصفى 2/398، مختصرالبعلي ص 169، تيسير التحرير 3/163.
انظر: الإحكام للآمدي 4/243، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، مختصر البعلي ص 169، تيسير التحرير 3/163.
1 في ش: نقل.
2 ومنع الجرجاني الحنفي من الترجيح بكون أحد الراويين صاحب القصة، خلافاً لجمهور العلماء.
3 انظر: الروضة ص 389، العدة 3/1024، المسودة ص 306، نهاية السول 3/203، الإحكام للآمدي 4/243، المحصول 2/2/556، المستصفى 2/396، 397، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/365، الإحكام لابن حزم 1/170، شرح تنقيح الفصول ص 423، فواتح الرحموت 3/208، 209، مختصر البعلي ص 169، مختصر الطوفي ص 188، المدخل إلى مذهب أحمد ص 198، إرشاد الفحول ص 277، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/310، الكفاية ص 610، الجدل لابن عقيل ص 24، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 227.
فَمِثَالُ الْمُبَاشِرِ: رِوَايَةُ أَبِي رَافِعٍ1 تَزَوَّجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَيْمُونَةَ، وَهُوَ حَلالٌ، وَكُنْت السَّفِيرَ بَيْنَهُمَا2 فَإِنَّهَا رُجِّحَتْ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ مُحْرِمٌ3.
وَمِثَالُ رِوَايَةِ صَاحِبِ الْقِصَّةِ: رِوَايَةُ مَيْمُونَةَ نَفْسِهَا أَنَّهَا قَالَتْ تَزَوَّجَنِي النَّبِيُّ4 صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ
1 ايمه أسلم، وقيل إبراهيم، وقيل غير ذلك، كان مولى للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعتقه عليه الصلاة والسلام لما بشره بإسلام العباس، وأسلم أبو رافع قبل بدر، ولم يشهدها، ثم شهد أحد والخندق، والمشاهد بعدها، وشهد فتح مصر، وزوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاته سلمى، فولدت له عبيد الله، وروى عنه أولاده وغيرهم، توفي أبو رافع بالمدينة قبل قتل عثمان، وقيل بعده في أول خلافة علي رضي الله عنهم.
انظر ترجمته في "الإصابة 7/65، أسد الغابة 1/52، 93، 6/106، تهذيب الأسماء 2/230، مشاهير علماء الأمصار ص 29، تحفة الأحوذي 3/580".
2 هذا الحديث أخرجه الترمذي ومالك وأحمد وابن حبان والدارمي عن أبي رافعٍ مرفوعاً، ورواه أحمد عن ميمونة.
انظر: جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 3/580، المنتقى شرح الموطأ 2/238، مسند أحمد 6/323، 393، موارد الظمئان ص 310، سنن الدارمي 2/38، نصب الراية 3/172.
3 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي والشافعي والطحاوي عن ابن عباس مرفوعاً.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 1/216، صحيح مسلم بشرح النووي 9/196، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 3/581، سنن النسائي 5/150، سنن ابن ماجه 1/632، سنن الدارمي 2/37، بدائع المنن 2/19، شرح معاني الآثار 2/292.
4 في ض: رسول الله.
حَلالانِ1، فَإِنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَيْضًا2.
وَتُرَجَّحُ الرِّوَايَةُ أَيْضًا: بِكَوْنِ الرَّاوِي مُشَافِهًا3 بِالرِّوَايَةِ، وَبِكَوْنِهِ أَقْرَبَ عِنْدَ سَمَاعِهِ، وَإِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ "أَوْ مُشَافِهًا، أَوْ أَقْرَبَ عِنْدَ سَمَاعِهَا4".
فَمِثَالُ الْمُشَافَهَةِ: رِوَايَةُ الْقَاسِمِ5 عَنْ عَائِشَةَ
1 هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد والدارمي عن ميمونة.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 9/197، سنن أبي داود 1/427، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 3/581، سنن ابن ماجه 1/632، مسند أحمد 6/332، سنن الدارمي 2/38.
2 ساقطة من ش.
وقارن في ذلك رأي الحنفية في تقديم رواية ابن عباس في "فواتح الرحموت 2/201، تيسير التحرير 3/145، 167، التوضيح على التنقيح 3/50".
3 في ع: ساقها.
4 في ع ز: سماعه.
5 هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني، أبو محمد، التابعي الجليل، أحد فقهاء المدينة السبعة، روى عن الصحابة، قال ابن سعد: كان ثقة عالما فقيها إماماً كثير الحديث، وقال عنه الإمام مالك: القاسم من فقهاء الأمة، وكان كثير الورع والنسك والمواظبة على الفقه والأدب، صموتاً لا يتكلم إلا قليلاً، روى له أصحاب الكتب الستة، ومات بقديد بين مكة والمدينة سنة 102هـ وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "تهذيب الأسماء 2/55، وفيات الأعيان 2/224، تذكرة الحفاظ 1/96، الخلاصة 2/346، مشاهير علماء الأمصار ص 63، طبقات =
1رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -وَهِيَ1 عَمَّتُهُ- أَنَّ بَرِيرَةَ2 عَتَقَتْ وَزَوْجُهَا3 عَبْدٌ4.
= الفقهاء ص 59، المعارف ص 175، 588،نكت الهميان ص 230، حلية الأولياء 2/183".
1 ساقطة من ض ع، وفي ب ز: وهي.
2 هي بريرة بنت صفوان، مولاة عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، صحابية، ولها أحاديث، روى لها النسائي، وكانت تخدم عائشة قبل أن تشتريها، ثم اشترتها وأعتقتها، وكان زوجها مولى، فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت فراقه، وكان يحبها، ويمشي في المدينة يبكي عليها، قال ابن الأثير: الصحيح أنه كان عبداً.
انظر ترجمتها في "الإصابة 8/29، أسد الغابة 7/39، تهذيب الأسماء 2/332، الخلاصة 3/376".
3 زوج بريرة وهو مغيث، مولى أبي أحمد بن جحش، قال النووي:"والصحيح المشهور أن مغيث كان عبداً حال عتق بريرة، وثبت ذلك في الصحيح عن عائشة، وقيل: كان حراً، وجاء ذلك في رواية لمسلم، وروى البخاري في "صحيحه" عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبداً، يقال له: مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا تعجبون من حب مغيث بريرة، ومن بغض بريرة مغيثاً"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لو راجعتيه؟ " قالت: يا رسول الله، أتأمرني؟ قال: "إنما أنا أشفع"، قالت: "لا حاجة لي فيه".
انظر: الإصابة 6/130، أسد الغابة 5/243، تهذيب الأسماء 2/109.
4 هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي والدارمي والدارقطني وأحمد عن القاسم عن عائشة، كما رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والدارقطني عن عروة بن الزبير عن خالته عائشة.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 10/144، 146، سنن أبي داود 1/517، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 4/317، سنن النسائي 5/132، 134، سنن ابن ماجه 1/671، سنن الدارمي 1/169، سنن الدارقطني 3/289، 291، مسند أحمد 6/46، 269، تخريج أحاديث البزدوي ص 206.
فَإِنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ الأَسْوَدِ1 عَنْهَا أَنَّهُ كَانَ حُرًّا2 لأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ3.
وَمِثَالُ رِوَايَةِ الأَقْرَبِ عِنْدَ سَمَاعِهَا4: رِوَايَةُ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ
1 هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، أبو عمرو، وقيل: أبو عبد الرحمن، فقيه مخضرم، أدرك النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً ولم يره، روى عن عمر وابن مسعود وعائشة وأبي موسى وغيرهم من كبار الصحابة، كان عابداً تقياً زاهداً، وهو من فقهاء الكوفة وأعيانهم، وروى له أصحاب الكتب الستة، توفي سنة 75هـ.
انظر ترجمته في "الإصابة 1/108، أسد الغابة 1/107، مشاهير علماء الأمصار ص 100، تذكرة الحفاظ 1/50، شذرات الذهب 1/62، غاية النهاية 1/171".
2 هذا الحديث رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارمي والدارقطني وأحمد عن الأسود عن عائشة.
انظر: صحيح البخاري بشرح السندي 4/114، سنن أبي داود 1/518، تحفة الأحوذي 4/317 وما بعدها، سنن النسائي 5/133، سنن ابن ماجه 1/670، سنن الدارمي 2/169، سنن الدارقطني 3/290، مسند أحمد 6/42، تخريج أحاديث البزدوي ص 206.
3 قال ابن عيينة: كان أعلم الناس بحديث عائشة القاسم وعروة وعمرة، وقل القاسم عن عائشة: كنت ملازماً لها، لأنه نشأ في حجر عمته عائشة، وقال ابن معين: عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة مسبك الذّهب، ورجح البخاري وغيره رواية ابن عباس رضي الله عنه.
انظر: صحيح البخاري 4/114، تهذيب الأسماء 2/55، نكت الهميان ص 230، الإحكام لابن حزم 1/171، 182، تيسير التحرير 2/145، فواتح الرحموت 2/201، التوضيح على التنقيح 3/51.
4 في ض ع: سماعه.
اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدَ التَّلْبِيَةَ1 فَإِنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ ثَنَّى2 لأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ تَحْتَ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حِينَ لَبَّى3.
وَتُرَجَّحُ رِوَايَةُ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ - وَهُمْ رُؤَسَاؤُهُمْ - عَلَى غَيْرِهَا
1 هذا الحديث رواه مسلم وأحمد والترمذي والدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنه، ولفظه في مسلم:"أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفرداً" وفي رواية "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج مفرداً" وروى مسلم وأبو داود وابن ماجه عن جابر رضي الله عنه مثله، وروى الترمذي وابن ماجه والدارقطني مثله عن عائشة رضي الله عنها، وأن أبا بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف وعثمان وغيرهم أفردوا بالحج.
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 8/174، 216، مسند أحمد 2/97، سنن أبي داود 1/414، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 3/552، سنن ابن ماجه 2/988، 989، سنن الدارقطني 2/238، التلخيص الحبير 2/231.
2 حديث التثنية، وهو القران بالجمع بين الحج والعمرة، رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد عن أنس رضي الله عنه قال:"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعاً" وفي رواية: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لبيك عمرة وحجاً" وفي رواية: "أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما بين الحج والعمرة".
انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 8/216، سنن أبي داود 1/417، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 3/554، سنن ابن ماجه 2/989، مسند أحمد 3/99.
3 روى ذلك ابن عوانه، وذكر العلماء اختلاف الروايات في الإفراد والقرآن، وبينوا الجمع بينهما أو الترجيح لإحداها.
"انظر: نيل الأوطار 4/346، التلخيص الحبير 2/231، نصب الراية 3/599، زاد المعاد 2/107، المنتقى 2/211، بدائع المنن 1/302، تيسير التحرير 3/164".
عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ1، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "أَوْ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ، فَيُقَدَّمُ الْخُلَفَاءُ الأَرْبَعَةُ" أَيْ رِوَايَتُهُمْ عَلَى غَيْرِهَا2، وَذَلِكَ3 لِقُرْبِهِمْ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الأَقْرَبُ فَالأَقْرَبُ مِنْهُ4؛ لأَنَّ مَنْ قَرُبَ مِنْ إنْسَانٍ كَانَ أَعْلَمَ5 بِحَالِهِ مِنْ الْبَعِيدِ6؛ وَلأَنَّ الرَّئِيسَ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ أَشَدُّ تَصَوُّنًا وَصَوْنًا لِمَنْصِبِهِ مِنْ غَيْرِهِ.
1 ساقطة من ض د.
2 قال بتقديم رواية الخلفاء الأربعة وأكابر الصحابة وجمهور العلماء منهم الحنفية خلافاً للشيخين أبي حنيفة وأبي يوسف، وعند الحنابلة روايتان، والرجحة التقديم.
انظر: العدة 3/1026، المسودة ص 307، مختصر الطوفي ص 188، مختصر البعلي ص 169، ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، جمع الجوامع 2/364، الإحكام للآمدي 4/244، المحصول 2/2/561، فواتح الرحموت 2/207، تيسير التحرير 3/163، شرح تنقيح الفصول ص 198.
3 ساقطة من ض.
4 وذلك أن كبار الصحابة كانوا أقرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لما رواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي وأحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ليليني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
انظر صحيح مسلم بشرح النووي 4/154، سنن أبي داود 1/156، سنن النسائي 2/68، سنن ابن ماجة 1/312، سنن الدارمي 1/233، مسند أحمد 1/457.
5 في ض ب ع ز: أعرف.
6 في ع: من البعيد بحاله.
وَعِنْدَ1 ابْنِ الْحَاجِبِ2 وَابْنِ مُفْلِحٍ وَالْهِنْدِيِّ وَجَمْعٍ: تُقَدَّمُ رِوَايَةُ مُتَقَدِّمِ الإِسْلامِ عَلَى مُتَأَخِّرِهِ، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "أَوْ مُتَقَدِّمِ الإِسْلامِ"3.
وَعِنْدَ الْقَاضِي وَالْمَجْدِ وَالطُّوفِيِّ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ؛ لأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اخْتَصَّ بِصِفَةٍ. فَمُتَقَدِّمُ الإِسْلامِ: اخْتَصَّ4 بِأَصَالَتِهِ فِي الإِسْلامِ، وَمُتَأَخِّرُهُ: اخْتَصَّ بِأَنَّهُ5 لا يَرْوِي إلَاّ آخِرَ الأَمْرَيْنِ، فَكَانَا6 سَوَاءً7.
وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَالأَكْثَرُ: تُرَجَّحُ8 رِوَايَةُ مُتَأَخِّرِ الإِسْلامِ عَلَى مُتَقَدِّمِهِ؛ لأَنَّهُ يَحْفَظُ آخِرَ الأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
1 في ع: وعن.
2 في ض: حمدان.
3 انظر: الإحكام للآمدي 4/244، المحلي على جمع الجوامع 2/364، مختصر ابن الحاجب 2/310، المسودة ص 311، تيسير التحرير 3/164، المدخل إلى مذهب أحمد ص 198، إرشاد الفحول ص 277.
4 في ض: اختص متقدم الإسلام.
5 في ض ع: أنه.
6 في ع: فكانوا.
7 قال البعلي: "سيان عند الأكثر""مختصر البعلي ص 169".
وانظر: مختصر الطوفي ص 188، المسودة ص 311، المدخل إلى مذهب أحمد ص 198، الفقيه والمتفقه 2/47.
8 في ض: ترجيح.
وَسَلَّمَ1 وَلِهَذَا لَمَّا رَوَى جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ2: رَأَيْت3 رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَالَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ: كَانَ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ؛ لأَنَّ
1 فال بتقديم رواية المتأخر بعض الشافعية كأبي إسحاق الشيرازي، وابن برهان، والبيضاوي، وصوبه ابن بدران وابن الحاجب والقرافي، لحديث ابن عباس رضي الله عنه قال:"كنا نأخذ من أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم بالأحدث فالأحدث" ونص الإمام أحمد على هذا في رواية عبد الله، وأخذ به القاضي أبو يعلى.
انظر: العدة 3/1040، المسودة ص 311، نهاية السول 3/206، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، جمع الجوامع 2/364، الإحكام للآمدي 4/267، 4/267، شرح تنقيح الفصول ص 423، تيسير التحرير 3/164، فواتح الرحموت 2/208، المحصول 2/2/568، المدخل إلى مذهب أحمد ص 198، إرشاد الفحول ص 277.
2 هو الصحابي جرير بن عبد الله بن جابر البجلي، أبو عمرو، وقيل: أبو عبد الله، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة في رمضان، فأسلم وبايعه، وكان طويلاً يصل غلأى سنام البعير، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: جرير يوسف هذه الأمة، لحسنه، وفي صحيح البخاري ومسلم قال جرير:"ما حجبني رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت، ولا رآني إلا تبسم في وجهي" وقدمه عمر رضي الله عنه في حروب العراق على جميع بجيله، وكان لهم أمر عظيم في فتح القادسية، ثم سكن الكوفة، وروى مائة حديث، وله مناقب كثيرة، وعتزل علياً ومعاوية، وأقام بالجزيرة ونواحيها حتى توفي سنة 54هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "الإصابة 1/242، أسد الغابة 1/333، تهذيب الأسماء 1/147، الخلاصة 1/163، مشاهير علماء الأمصار ص 44".
3 في ب: رواية.
إسْلامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ سُورَةِ الْمَائِدَةِ"1 مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ2.
وَإِنَّمَا قَدَّمْنَا مَا عِنْدَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ وَافَقَهُ، مَعَ كَوْنِهِ خِلافَ رَأْيِ الْجُمْهُورِ: تَبَعًا لِتَقْدِيمِهِ لَهُ فِي التَّحْرِيرِ.
وَيُقَدَّمُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَأَبِي3 الْخَطَّابِ: رِوَايَةُ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ
1 المقصود من سورة المائدة قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} المائدة:6.
والحكمة من هذا التعليل أنه لو كان إسلام جرير متقدما على نزول المائدة لاحتمل كون حديثه في مسح الخف منسوخاً بآية المائدة في الوضوء، وبما أن إسلامه متأخر فهذا يدلّ على العمل بحديث المسح على الخفين، وأن المراد بالآية غير صاحب الخف، فتكون السنة مخصصة للآية، كما قال النووي رحمه الله.
انظر: تحفة الأحوذي 1/314، سنن النسائي مع زهر الربى 1/69، المجموع للنووي 1/514، نيل الأوطار 1/210.
2 حديث جرير رواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد، ورواه البخاري ومسلم ومالك وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن المغيرة بن شعبة مرفوعاً بروايات كثيرة، وأنه بعد غزوة تبوك، كما روي ذلك عن أنس وبلال وسعد بن أبي وقاص وغيرهم مرفوعاً حتى وصل حديث المسح على الخفين إلى سبعين صحابياً.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 1/34، 55، صحيح مسلم بشرح النووي 3/164، 168، سنن أبي داود 1/33، 34، سنن النسائي 1/69، 70، سنن ابن ماجه 1/181، الأزهار المتناثرة ص 9، المجموع للنووي 1/513، نيل الأوطار 1/209، مسند أحمد 4/358، نصب الراية 1/162.
3 في ع: وابن.
صُحْبَةً عَلَى غَيْرِهِ، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "أَوْ أَكْثَرَ صُحْبَةً" زَادَ أَبُو الْخَطَّابِ "أَوْ قَدُمَتْ هِجْرَتُهُ"1.
وَ2قَالَ الآمِدِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ "أَوْ مَشْهُورِ النَّسَبِ"3.
زَادَ الآمِدِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ: أَوْ غَيْرِ مُلْتَبِسٍ4 بِضَعِيفٍ5.
وَرُدَّ ذَلِكَ.
وَوَجْهُ التَّرْجِيحِ بِشُهْرَةِ النَّسَبِ: لِكَثْرَةِ تَحَرُّزِهِ عَمَّا يُنْقِصُ رُتْبَتَهُ.
وَيُقَدَّمُ مَنْ سَمِعَ بَالِغًا عَلَى مَنْ سَمِعَ صَغِيرًا، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "أَوْ سَمِعَ بَالِغًا" وَذَلِكَ لِقُوَّةِ ضَبْطِهِ، وَكَثْرَةِ احْتِيَاطِهِ. وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلافِ، فَيَكُونُ الظَّنُّ بِهِ أَقْوَى6.
1 انظر: المسودة ص 308، 311، مختصر البعلي ص 170.
2 ساقطة من ض ع.
3 انظر: جمع الجوامع 2/363، الإحكام للآمدي 4/244، المحصول 2/2/561، تيسير التحرير 2/165، مختصر البعلي ص 170.
4 في ش: متلبس.
5 اللفظة في "مختصر ابن الحاجب": بمضعف، وفي "الإحكام " للآمدي: بضعيف.
انظر: الإحكام للآمدي 4/244، مختصر ابن الحاجب 2/310، المحصول 2/2/562، مختصر البعلي ص 170.
6 انظر: جمع الجوامع 2/364، نهاية السول 3/206، الإحكام للآمدي 4/245، المحصول 2/2/562، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، فواتح الرحموت 2/208، تيسير التحرير 3/164، مختصر البعلي ص 170.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ تَرْجِيحَ الرَّاوِي يَكُونُ1 بِمَا فِي نَفْسِهِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلامُ عَلَيْهِ2.
"وَ" يَكُونُ بِتَزْكِيَتِهِ، فَيُرَجَّحُ بَعْضُ الرُّوَاةِ عَلَى بَعْضٍ "بِكَثْرَةِ مُزَكِّينَ3 وَ" إنْ اسْتَوَوْا فِي الْكَثْرَةِ رُجِّحَ "بأَعْدَلِيَّتِهمْ4""وَ" إنْ اسْتَوَوْا فِي الأَعْدَلِيَّةِ رُجِّحَ "بأوْثَقِيَّتِهمْ5.
وَ" الشَّيْءُ الثَّانِي فِي الرِّوَايَةِ6:
فَيُقَدَّمُ7 حَدِيثٌ "مُسْنَدٌ عَلَى" حَدِيثٍ "مُرْسَلٍ" عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ؛ لأَنَّ فِيهِ مَزِيَّةَ الإِسْنَادِ، فَيُقَدَّمُ بِهَا، وَ8لأَنَّ الْمُرْسَلَ قَدْ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَجْهُولٌ، وَلأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ
1 في ض: بكون.
2 صفحة 431 وما بعدها.
3 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، جمع الجوامع 2/363، الإحكام للآمدي 4/245، المحصول 2/2/558، نهاية السول 3/203 وما بعدها، شرح تنقيح الفصول ص 423، تيسير التحرير 3/166، إرشاد الفحول ص 277.
4 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، الإحكام للآمدي 4/245، المحصول 2/2/558.
5 انظر: مختصر ابن الحاجب، الصفحة السابقة، الإحكام للآمدي، الصفحة السابقة، نهاية السول 3/219، تيسير التحرير 3/166، إرشاد الفحول ص 277.
6 ساقطة من ش ع.
7 في ش ع ب ز: يقدم.
8 في ب: أو.
فِي كَوْنِهِ حُجَّةً1، وَالْمُسْنَدُ مُتَّفَقٌ عَلَى حُجِّيَّتِهِ2، وَكَذَا كُلُّ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ مَعَ كُلِّ3 مُخْتَلَفٍ فِيهِ مِنْ جِنْسِهِ.
"وَ" يُقَدَّمُ4 "مُرْسَلُ تَابِعِيٍّ عَلَى" مُرْسَلِ "غَيْرِهِ" لأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ رَوَاهُ عَنْ صَحَابِيٍّ5.
"وَ" يُرَجَّحُ أَحَدُ الْمُسْنَدَيْنِ6 "بِالأَعْلَى إسْنَادًا" مِنْهُمَا، وَالْمُرَادُ بِهِ: قِلَّةُ عَدَدِ الطَّبَقَاتِ إلَى مُنْتَهَاهُ. فَيُرَجَّحُ عَلَى مَا كَانَ أَكْثَرَ؛ لِقِلَّةِ احْتِمَالِ7 الْخَطَإِ بِقِلَّةِ8 الْوَسَائِطِ، وَلِهَذَا رَغَّبَ الْحُفَّاظُ فِي
1 تقدم الكلام على الاختلاف في حجية الحديث المرسل "2/574 وما بعدها".
2 قال الجرجاني الحنفي وعيسى بن أبان وبقية الحنفية وأبو الخطاب من الحنابلة: المرسل أولى، وقال القاضي عبد الجبار يستويان، وفي ض ب: حجته.
انظر: العدة 3/1032، المسودة ص 310، الروضة 390، مجموع الفتاوى 13/116، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، نهاية السول 3/218، الإحكام للآمدي 4/245 وما بعدها، المحصول 2/2/564 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/208، إرشاد الفحول ص 278، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197، الوسيط ص 629، مختصر الطوفي ص 187، مختصر البعلي ص 170.
3 ساقطة من ش.
4 في ش ب ع ز: والشيء الثاني في الرواية فيقدم.
5 انظر: الإحكام للآمدي 4/246، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، مختصر البعلي ص 170.
6 في ش: المرسلين.
7 ساقطة من ش.
8 في ب: لقلة.
عُلُوِّ السَّنَدِ. فَلَمْ يَزَالُوا يَتَفَاخَرُونَ بِهِ1.
"وَ" يُرَجَّحُ حَدِيثٌ "مُعَنْعَنٌ" أَيْ: مُتَّصِلٌ بِقَوْلِ الرَّاوِي " حَدَّثَنِي فُلانٌ عَنْ فُلانٍ عَنْ فُلانٍ2 " إلَى أَنْ يَبْلُغَ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم "عَلَى مَا" أَيْ: عَلَى حَدِيثٍ "أُسْنِدَ" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ "إلَى كِتَابِ مُحَدِّثٍ" مِنْ كُتُبِ الْمُحَدِّثِينَ3 "وَكِتَابِهِ4" أَيْ وَيُرَجَّحُ مَا بِكِتَابِ مُحَدِّثٍ مُسْنَدٍ "عَلَى" كِتَابٍ "مَشْهُورٍ بِلا نَكِيرٍ5" لَكِنَّهُ غَيْرُ مُسْنَدٍ6.
"وَ" يُرَجِّحُ "الشَّيْخَانِ" أَيْ: مَا اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى رِوَايَتِهِ فِي كِتَابَيْهِمَا7 "عَلَى" مَا فِي كُتُبِ8 "غَيْرِهِمَا" مِنْ
1 قال ابن عبد الشكور في "مسلم الثبوت" والكمال بن الهمام في "التحرير": خلافاً للحنفية، لكن شارح "مسلم الثبوت" قال عن الترجيح بعلو الإسناد:"وهو المذهب المنصور عندنا""فواتح الرحموت 2/207".
وانظر: تيسير التحرير 3/163، نهاية السول 3/202، الإحكام للآمدي 4/248، جمع الجوامع 2/363، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، المحصول 2/2/553، إرشاد الفحول ص 276.
2 ساقطة من ب، وفي ع ز: عن فلان.
3 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/247.
4 في ش ع: وكتاب.
5 في ع: بالنكير.
6 انظر: الإحكام للآمدي 4/247.
7 في ب: كتابهما.
8 ساقطة من ض.
الْمُحَدِّثِينَ؛ لأَنَّهُمَا أَصَحُّ الْكُتُبِ بَعْدَ الْقُرْآنِ، لاتِّفَاقِ الأُمَّةِ عَلَى تَلَقِّيهِمَا بِالْقَبُولِ حَتَّى قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ الصَّلاحِ، وَالأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ: إنَّ مَا فِيهِمَا مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ1.
وَخَالَفَ النَّوَوِيُّ؛ لِقَوْلِ الأَكْثَرِ: إنَّ خَبَرَ الآحَادِ لا يُفِيدُ إلَاّ الظَّنَّ، وَلا يَلْزَمُ مِنْ اتِّفَاقِ الأُمَّةِ عَلَى الْعَمَلِ بِهِمَا: إجْمَاعُهُمْ عَلَى أَنَّ مَا فِيهِمَا مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2.
"فَالْبُخَارِيُّ، فَمُسْلِمٌ" يَعْنِي ثُمَّ3 يُرَجَّحُ مَا انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ عَلَى مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ.
"فَمَا صُحِّحَ" ثُمَّ يُرَجَّحُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا صُحِّحَ مِنْ الأَحَادِيثِ عَلَى مَا لَمْ يُصَحَّحْ، وَتَخْتَلِفُ مَرَاتِبُ ذَلِكَ. فَيُرَجَّحُ مَا كَانَ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، ثُمَّ مَا عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، ثُمَّ مَا عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ. كَمَا
1 انظر: المسودة ص 310، مجموع الفتاوى 18/74، 20/320، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/365، نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/247، فواتح الرحموت 2/209، تيسير التحرير 3/166، إرشاد الفحول ص 278، المدخل إلى مذهب أحمد ص 199، مقدمة ابن الصلاح ص 14.
2 أيد الكمال ابن الهمام وابن عبد الشكور وصاحب "فواتح الرحموت" ما جاء عن النووي، وردوا كلام ابن الصلاح ومن معه.
انظر: فواتح الرحموت 2/209، تيسير التحرير 3/166، شرح النووي على صحيح مسلم 1/20 مع الاختصار والتصرف.
3 في ض: و.
فَصَّلَ ذَلِكَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ1، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا صُحِّحَ وَلَيْسَ عَلَى شَرْطٍ وَاحِدٍ مِنْ الشَّيْخَيْنِ.
"فَمَرْفُوعٌ، وَمُتَّصِلٌ عَلَى مَوْقُوفٍ، وَمُنْقَطِعٍ" يَعْنِي ثُمَّ يُقَدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ؛ لِمَزِيَّتِهِ بِرَفْعِهِ عَلَى الْحَدِيثِ الْمَوْقُوفِ، وَيُقَدَّمُ الْحَدِيثُ الْمُتَّصِلُ لِمَزِيَّتِهِ2 بِالاتِّصَالِ3 عَلَى الْحَدِيثِ الْمُنْقَطِعِ4.
"وَ" حَدِيثٌ "مُتَّفَقٌ عَلَى رَفْعِهِ، أَوْ" عَلَى "وَصْلِهِ: عَلَى" حَدِيثٍ "مُخْتَلَفٍ فِيهِ" أَيْ فِي رَفْعِهِ أَوْ فِي وَصْلِهِ5؛ لأَنَّ لِلْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مَزِيَّةً عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ6.
"وَ" تُقَدَّمُ7 "رِوَايَةٌ مُتَّفِقَةٌ" أَيْ8 لَمْ يَخْتَلِفْ لَفْظُهَا
1 المستدرك 1/3.
2 ساقطة من ش.
3 ساقطة من ش ض.
4 انظر: مختصر الطوفي ص 188، المدخل إلى مذهب أحمد ص 197، الكفاية ص 610.
5 انظر: المسودة ص 310، مختصر البعلي ص 170، مختصر الطوفي ص 188، الروضة ص 390، نهاية السول 3/208، الإحكام للآمدي 4/248، المحصول 2/2/563، المستصفى 2/396، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، شرح تنقيح الفصول ص 422، المدخل إلى مذهب أحمد ص 198، فواتح الرحموت 2/208.
6 ساقطة من ض.
7 في ب: ويقدم.
8 في ع ب: إذا.
وَلا مَعْنَاهَا وَلا مُضْطَرِبَةٌ "عَلَى" رِوَايَةٍ1 "مُخْتَلِفَةٍ أَوْ2 مُضْطَرِبَةٍ" مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ3.
"وَ" الشَّيْءُ الثَّالِثُ: فِي الْمَرْوِيِّ.
فَيُقَدَّمُ "مَا" أَيْ حَدِيثٌ "سُمِعَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى مُحْتَمَلٍ" أَيْ عَلَى مَا اُحْتُمِلَ سَمَاعُهُ وَعَدَمُ سَمَاعِهِ "وَ" كَذَا "عَلَى كِتَابِهِ" عِنْدَ الْجُرْجَانِيِّ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالْمَجْدِ وَالآمِدِيِّ4.
وَقَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: كِتَابُهُ وَمَا سُمِعَ مِنْهُ سَوَاءٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ فِي الْحُجَّةِ5 بِهَذَا وَبِهَذَا، وَيُحْتَمَلُ
1 في ب تكرار للسطرين السابقين "مختلف فيه
…
رواية".
2 ساقطة من ش ض.
3 انظر: المسودة ص 206، 308، جمع الجوامع 2/365، نهاية السول 3/208، 218، الإحكام للآمدي 4/248، المحصول 2/2/564، المستصفى 2/395، فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/166، الإحكام لابن حزم 1/173، مختصر الطوفي ص 188، الكفاية ص 609، الجدل لابن عقيل ص 25، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 224.
4 انظر: العدة 3/1029، المسودة ص 309، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، الإحكام للآمدي 4/248، المستصفى 2/395، شرح تنقيح الفصول ص 422، تيسير التحرير 3/165، التلويح على التوضيح 3/52، إرشاد الفحول ص 277، الوسيط ص 630، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 224.
5 في ب: الحجية.
أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ: أَنَّهُ لا تَرْجِيحَ بَيْنَهُمَا1.
وَقَالَ الْقَاضِي، وَتَبِعَهُ ابْنُ الْبَنَّاءِ: إنَّهُمَا سَوَاءٌ2، وَتَعَلَّقَ الْقَاضِي بِخَبَرِ ابْنِ عُكَيْمٍ3 فِي الدَّبَّاغِ4، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَأَنَّهُ ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: عَمِلَ بِهِ أَحْمَدُ5
1 انظر: العدة 3/1029، إرشاد الفحول ص 277.
ونقل الشوكاني قولاً بترجيح رواية من اعتمد على الكتابة على رواية من اعتمد الحفظ. "انظر: إرشاد الفحول ص 277".
2 العدة 3/1028، وانظر: المسودة ص 309.
3 في ض ب: حكيم.
وهو عبد الله بن عكيم، أبو معبد الكوفي الجهني، مخضرم، قال البخاري: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف له سماع صحيح، روى عن أبي بكر وعمر، وكان ثقة، وروى عنه ابن أبي ليلى وغيره، مات في إمارة الحج.
انظر: الإصابة 4/106، أسد الغابة 3/339، الخلاصة 2/80.
4 حديث عبد الله بن عكيم هو أنه قال: قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن بأرض جهينة "أن لا تستمتعوا من الميتة بشيء من إهاب ولا عصب"، وفي رواية:"جاءنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر: "أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب"، وسبق ذكره في الهامش "2/510" فيما يبلغه الرسول صلى الله عليه وسلم بالكتابة إلى الغائب، وذه االحديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان والقاضي عياض والرامهرمزي.
انظر: مسند أحمد 4/310، سنن أبي داود 2/387، تحفة الأحوذي 5/402، سنن النسائي 7/155، سنن ابن ماجه 2/1194، المحدث الفاصل ص 453، الإلماع ص 88، نصب الراية 1/120، التلخيص الحبير 1/46، تخريج أحاديث البزدوي ص 183.
5 في ع ز: أحمد بن حنبل.
لِتَأَخُّرِهِ، فَلا مُعَارَضَةَ1.
"وَ" يُقَدَّمُ مَا سُمِعَ2 مِنْهُ أَيْضًا "عَلَى مَا سَكَتَ عَنْهُ مَعَ3 حُضُورِهِ" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ حَدِيثٌ سُمِعَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى حَدِيثٍ ذُكِرَ أَنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ مَعَ حُضُورِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ؛ لأَنَّ الْمَسْمُوعَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَعْلَى مِمَّا اُسْتُفِيدَ حُكْمُهُ مِنْ تَقْرِيرِهِ لِغَيْرِهِ عَلَى قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ4.
"ثُمَّ ذَا" أَيْ: ثُمَّ يُقَدَّمُ ذَا وَهُوَ مَا سَكَتَ عَنْهُ "مَعَ حُضُورِهِ عَلَى" مَا سَكَتَ عَنْهُ "مَعَ غَيْبَتِهِ" وَعَلِمَ بِهِ5 "إلَاّ مَا" أَيْ إلَاّ شَيْئًا وَقَعَ فِي غَيْبَتِهِ وَعَلِمَ بِهِ، وَكَانَ "خَطَرُ السُّكُوتِ عَنْهُ أَعْظَمَ".
قَالَ الْقُطْبُ الشِّيرَازِيُّ6:
1 انظر: المسودة ص 309.
2 في ض: سمعه.
3 في ش: على "10/2" في ز: من.
4 انظر: الإحكام للآمدي 4/248، المحصول 2/2/563، المستصفى 2/396، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311.
5 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/311، فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/160.
6 هو محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي، قطب الدين الشيرازي، الشافعي، كان أبوه طبيباً بشيراز، وقرأ الطب والعقليات، ودرس الفقه والتفسير والنحو وغيرها، وزار الشام، ثم سكن تبريز، وتولى قضاء سيواس وملطية، وكان بحراً في العلوم، طريفاً في التدريس، ذا مروءة وأخلاق، كثير التأليف في العقليات والتفسير والطب، منها "فتح المنان في تفسير القرآن" و "حكمة الإشراق" و "شرح كليات القانون في الطب لابن سينا" و "مفتاح المفتاح" في =
يُرَجَّحُ بِسُكُوتِهِ1 صلى الله عليه وسلم عَمَّا جَرَى فِي مَجْلِسِهِ عَلَى سُكُوتِهِ عَمَّا جَرَى فِي غَيْبَتِهِ، وَسَمِعَ بِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ. اللَّهُمَّ إلَاّ إذَا كَانَ خَطَرُ مَا جَرَى فِي غَيْبَتِهِ2 آكَدَ وَآثَمَ مِنْ خَطَرِ مَا جَرَى فِي مَجْلِسِهِ، بِحَيْثُ تَكُونُ الْغَفْلَةُ عَنْهُ لِشِدَّةِ خَطَرِهِ أَبْعَدَ. فَإِنَّهُ يَكُونُ أَوْلَى. انْتَهَى.
"وَ" يُقَدَّمُ "قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى فِعْلِهِ" صلى الله عليه وسلم وَذَلِكَ لِصَرَاحَةِ الْقَوْلِ: وَلِهَذَا3 اتَّفَقَ عَلَى دَلالَةِ الْقَوْلِ، بِخِلافِ دَلالَةِ الْفِعْلِ؛ لاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُخْتَصًّا بِهِ، وَلأَنَّ لِلْقَوْلِ صِيغَةَ دَلالَةٍ، بِخِلافِ الْفِعْلِ4.
وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ5، وَقِيلَ: الْفِعْلُ أَوْلَى.
"وَهُوَ" أَيْ و6َفِعْلُهُ صلى الله عليه وسلم مُقَدَّمٌ "عَلَى تَقْرِيرِهِ"
= البلاغة، وغيرها، توفي بتبريز سنة 710 هـ.
انظر ترجمته في "الدرر الكامنة 5/108، الأعلام 6/46، مفتاح السعادة 1/164، الفتح المبين 2/109".
1 في ز: سكوته.
2 في ض ع ب ز: زمانه.
3 في ش: ولهذا القول.
4 انظر: جمع الجوامع 2/365، نهاية السول 3/218، الإحكام للآمدي 4/256، إرشاد الفحول ص 279، المدخل إلى مذهب أحمد ص 199، فواتح الرحموت 2/202، تيسير التحرير 3/148، المعتمد 1/390.
5 وهو رأي ابن حزم الظاهري، "انظر: الإحكام، له 1/171، 432".
6 ساقطة من ض.
يَعْنِي أَنَّ فِعْلَهُ صلى الله عليه وسلم مُقَدَّمٌ عَلَى تَقْرِيرِهِ1، وَهُوَ مَا رَآهُ صلى الله عليه وسلم وَسَكَتَ عَنْهُ؛ لأَنَّ التَّقْرِيرَ يَطْرُقُهُ2 مِنْ الاحْتِمَالِ مَا لَيْسَ فِي الْفِعْلِ الْوُجُودِيِّ. وَلِذَلِكَ كَانَ فِي دَلالَةِ التَّقْرِيرِ عَلَى التَّشْرِيعِ اخْتِلافٌ.
"وَ" يُقَدَّمُ "مَا لا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى فِي الآحَادِ" يَعْنِي أَنَّ الْوَاحِدَ إذَا انْفَرَدَ بِحَدِيثٍ لا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَانْفَرَدَ آخَرُ بِحَدِيثٍ تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى؛ لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، فَإِنَّ مَا لا3 تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى يُقَدَّمُ "عَلَى مَا تَعُمُّ بِهِ" الْبَلْوَى4؛ لأَنَّ مَا لَمْ5 تَعُمَّ بِهِ الْبَلْوَى أَبْعَدُ مِنْ الْكَذِبِ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى؛ لأَنَّ تَفَرُّدَ الْوَاحِدِ بِنَقْلِ مَا تَتَوَفَّرُ6 الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ يُوهِمُ الْكَذِبَ7.
"وَ" الشَّيْءُ الرَّابِعُ فِي الْمَرْوِيِّ عَنْهُ. فَيُقَدَّمُ "مَا" أَيْ حَدِيثٌ "لَمْ يُنْكِرْهُ الْمَرْوِيُّ عَنْهُ" عَلَى مَا أَنْكَرَهُ
1 انظر: جمع الجوامع 2/365.
2 في ش: يتطرق إليه.
3 ساقطة من ض.
4 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/312، الإحكام للآمدي 4/249، 264، المحصول 2/2/592، شرح تنقيح الفصول ص 425، إرشاد الفحول ص 279، فواتح الرحموت 2/206.
5 في ض: لا.
6 في ب: يتوفر.
7 ساقطة من ض.
مُطْلَقًا1.
"وَ" يُقَدَّمُ "مَا أَنْكَرَهُ" الْمَرْوِيُّ عَنْهُ2 حَالَ كَوْنِ إنْكَارِهِ "نِسْيَانًا" عَلَى مَا قَالَ عَنْهُ: إنَّهُ مُتَحَقِّقٌ أَنَّهُ لَمْ يَرْوِهِ3، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "عَلَى ضِدِّهِمَا".
قَالَ الْعَضُدُ: التَّرْجِيحُ بِحَسَبِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ: هُوَ أَنْ لا يَثْبُتَ إنْكَارُهُ4 لِرِوَايَتِهِ5، 6عَلَى مَا ثَبَتَ إنْكَارُهُ7 لِرِوَايَتِهِ وَهَذَا8 يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ مَا لَمْ يَقَعْ لِرَاوِيهِ9 إنْكَارٌ لَهُ، وَمَا لَمْ يَقَعْ لِلنَّاسِي10 إنْكَارٌ لِرِوَايَتِهِ11، وَاللَّفْظُ مُحْتَمَلٌ. وَالْوَجْهَانِ مَذْكُورَانِ فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ، لَكِنْ الْمُصَرَّحُ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى هُوَ
1 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/312، جمع الجوامع 2/365، الإحكام للآمدي 4/249، المحصول 2/2/564، فواتح الرحموت 2/206، تيسير التحرير 3/161، 165، التلويح على التوضيح 3/53، إرشاد الفحول ص 278، الوسيط ص 631.
2 ساقطة من ض.
3 انظر: الإحكام للآمدي 4/249.
4 في ش ض ب: انكاراً.
5 في مختصر ابن الحاجب: لرواته.
6 ساقطة من ش.
7 في ز: إنكار.
8 في ش: وهو.
9 في ز والعضد على ابن الحاجب: لرواته، وفي ض: لرواية.
10 في ش: للناسي، وفي ع: إنكار للناس.
11 في ع والعضد عل ابن الحاجب: لرواته.
الأَوَّلُ1. انْتَهَى.
النَّوْعُ الثَّانِي مِمَّا يَقَعُ فِيهِ التَّرْجِيحُ بَيْنَ مَنْقُولَيْنِ "الْمَتْنُ".
وَ "يُرَجَّحُ" مِنْهُ "نَهْيٌ" عَلَى "أَمْرٍ" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْخَبَرُ الَّذِي فِيهِ النَّهْيُ2 عَلَى الْخَبَرِ الَّذِي فِيهِ الأَمْرُ لِشِدَّةِ الطَّلَبِ فِيهِ؛ لاقْتِضَائِهِ لِلدَّوَامِ3، حَتَّى قَالَ كَثِيرٌ مِمَّنْ4 قَالَ: الأَمْرُ لا يُفِيدُ التَّكْرَارَ، قَالَ5: النَّهْيُ يُفِيدُ التَّكْرَارَ؛ وَلأَنَّ دَفْعَ الْمَفْسَدَةِ أَهَمُّ مِنْ جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ.
"وَأَمْرٌ عَلَى مُبِيحٍ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ خَبَرٌ فِيهِ أَمْرٌ عَلَى خَبَرٍ فِيهِ مُبِيحٌ، لاحْتِمَالِ الضَّرَرِ بِتَقْدِيمِ الْمُبِيحِ بِلا عَكْسٍ، وَهَذَا اخْتِيَارُ الأَكْثَرِ6.
وَقَالَ الآمِدِيُّ وَابْنُ حَمْدَانَ وَالْهِنْدِيُّ: يُرَجَّحُ الْمُبِيحُ عَلَى الأَمْرِ؛
1 العضد على ابن الحاجب 2/312.
2 في ب: المنهي.
3 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/312، جمع الجوامع 2/368، الإحكام للآمدي 4/250.
4 ساقطة من ش.
5 في ش: وقال.
6 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/312، جمع الجوامع 2/368، الإحكام للآمدي 4/250، مختصر البعلي ص 170.
لاتِّحَادِ مَدْلُولِهِ وَلِعَدَمِ1 تَعْطِيلِهِ، وَإِمْكَانِ تَأْوِيلِ الأَمْرِ2.
فَعَلَى الأَوَّلِ -وَهُوَ تَقْدِيمُ3 الأَمْرِ عَلَى الْمُبِيحِ- يُقَدَّمُ النَّهْيُ عَلَى الْمُبِيحِ، وَعَلَى قَوْلِ الآمِدِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُ: عَكْسُهُ، وَهُوَ تَرْجِيحُ4 الْمُبِيحِ عَلَى النَّهْيِ5.
"وَ" يُرَجَّحُ "خَبَرٌ" مَحْضٌ "عَلَى الثَّلاثَةِ" أَيْ عَلَى النَّهْيِ، وَالأَمْرِ، وَالإِبَاحَةِ؛ لأَنَّ دَلالَةَ الْخَبَرِ عَلَى الثُّبُوتِ أَقْوَى مِنْ دَلالَةِ غَيْرِهِ مِنْ الثَّلاثَةِ عَلَيْهِ؛ وَلأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ بِهِ لَزِمَ الْخُلْفُ فِي خَبَرِ الصَّادِقِ6.
"وَ" يُرَجَّحُ لَفْظٌ "مُتَوَاطِئٌ عَلَى" لَفْظٍ "مُشْتَرَكٍ" قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرِهِمَا7.
"وَ" يُرَجَّحُ "مُشْتَرَكٌ قَلَّ مَدْلُولُهُ عَلَى مَا" أَيْ عَلَى مُشْتَرَكٍ "كَثُرَ" مَدْلُولُهُ، فَيَرْجِعُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ عَلَى مُشْتَرَكٍ بَيْنَ ثَلاثِ مَعَانٍ8.
1 في ش: وانعدام.
2 الإحكام للآمدي 4/250، وانظر: حاشية التفتازاني والعضد على ابن الحاجب 2/312.
3 في ض ب: تقدم.
4 في ب: يرجح.
5 انظر: الإحكام للآمدي 4/251.
6 انظر: جمع الجوامع 2/368، الإحكام للآمدي 4/250، 251.
7 انظر: الإحكام للآمدي 4/251.
8 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/313، الإحكام للآمدي 4/251، تيسير التحرير 3/157.
"وَ" يُرَجَّحُ مَا1 فِيهِ "مَعْنًى ظَهَرَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى عَكْسِهِ" أَيْ عَلَى2 مَا فِيهِ مَعْنًى لَمْ يَظْهَرْ اسْتِعْمَالُهُ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ وَابْنُ الْبَنَّاءِ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَعْنَيَيْنِ أَظْهَرَ فِي الاسْتِعْمَالِ، كَمَا ذَكَرْنَا3 فِي " الْحُمْرَةِ " وَأَنَّهَا أَظْهَرُ فِي الشَّفَقِ. انْتَهَى.
"وَ" يُرَجَّحُ مَا4 فِيهِ "اشْتِرَاكٌ بَيْنَ عَلَمَيْنِ عَلَى" مَا فِيهِ اشْتِرَاكٌ بَيْنَ "عَلَمٍ وَمَعْنًى، وَ" مَا فِيهِ اشْتِرَاكٌ "بَيْنَ عَلَمٍ وَمَعْنًى عَلَى5" مَا فِيهِ اشْتِرَاكٌ بَيْنَ "مَعْنَيَيْنِ".
قَالَ الإِسْنَوِيُّ فِي شَرْحِ الْبَيْضَاوِيِّ: الاشْتِرَاكُ بَيْنَ عَلَمَيْنِ خَيْرٌ مِنْ الاشْتِرَاكِ بَيْنَ عَلَمٍ وَمَعْنَى، لأَنَّ الْعَلَمَ يُطْلَقُ عَلَى شَخْصٍ مَخْصُوصٍ. فَإِنَّ الْمُرَادَ عَلَمُ الشَّخْصِ لا عَلَمُ الْجِنْسِ6، وَالْمَعْنَى يَصْدُقُ عَلَى أَشْخَاصٍ كَثِيرَةٍ، فَكَانَ اخْتِلالُ الْفَهْمِ بِجَعْلِهِ
1 ساقطة من ش.
2 ساقطة من ب.
3 في ض: ذكر.
4 ساقطة من ب.
5 ساقطة من ب.
6 عبارة الإسنوي: فإن المراد إنما هو العلم الشخصي لا الجنس.
مُشْتَرَكًا بَيْنَ عَلَمَيْنِ أَقَلَّ1، فَكَانَ أَوْلَى. مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ [شَخْصٌ] 2: رَأَيْت أَسْوَدَيْنِ3، فَحَمَلَهُ عَلَى شَخْصَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا [اسْمُهُ] 4 أَسْوَدُ5: أَوْلَى مِنْ [حَمْلِهِ عَلَى] 6 شَخْصٍ اسْمُهُ أَسْوَدُ7، وَالآخَرُ8 لَوْنُهُ أَسْوَدُ، وَالاشْتِرَاكُ بَيْنَ9 عَلَمٍ، وَمَعْنَى خَيْرٌ مِنْ الاشْتِرَاكِ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ لِقِلَّةِ الإِخْلالِ10 فِيهِ. مِثَالُهُ11: رَأَيْت12 الأَسْوَدَيْنِ أَيْضًا، فَحَمْلُهُ عَلَى الْعَلَمِ وَالْمَعْنَى: أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى شَخْصَيْنِ لَوْنُهُمَا أَسْوَدُ 13.
"وَ" يُرَجَّحُ "مَجَازٌ عَلَى مَجَازٍ" آخَرَ بِأَسْبَابٍ:
1 في ض د: خير من الاشتراك بين علم ومعنى، لأن العلم يطلق على شخص مخصوص.
2 زيادة من الإسنوي.
3 في الإسنوي: الأسودين.
4 زيادة من الإسنوي.
5 في الإسنوي: الأسود.
6 زيادة من الإسنوي.
7 في الإسنوي: الأسود.
8 في الإسنوي: وآخر.
9 في ب: من.
10 في ض: الاختلال، وفي الإسنوي: الاشتراك.
11 في الإسنوي: ومثاله.
12 ساقطة من ض.
13 نهاية السول للإسنوي، شرح منهاج الوصول للبيضاوي 1/369.
مِنْهَا: التَّرْجِيحُ "بِشُهْرَةِ عَلاقَتِهِ" وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْعَلاقَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَقِيقَةِ أَشْهَر مِنْ الْعَلاقَةِ بَيْنَ الْمَجَازِ الآخَرِ وَالْحَقِيقَةِ1. مِثْلُ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَابِ الْمُشَابَهَةِ، وَالآخَرُ مِنْ بَابِ2 اسْمِ الْمُتَعَلِّقِ.
"وَ" مِنْهَا التَّرْجِيحُ "بِقُوَّتِهَا" أَيْ قُوَّةِ الْعَلاقَةِ، بِأَنْ يَكُونَ مُصَحِّحُ أَحَدِ الْمَجَازَيْنِ أَقْوَى مِنْ مُصَحِّحِ الآخَرِ3. كَإِطْلاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ، وَبِالْعَكْسِ، فَإِنَّ الْعَلاقَةَ الْمُصَحَّحَةَ فِي الأَوَّلِ: أَقْوَى مِنْ الْعَلاقَةِ الْمُصَحَّحَةِ فِي الثَّانِي.
4"وَ" مِنْهَا التَّرْجِيحُ "بِقُرْبِ جِهَتِهِ" أَيْ جِهَةِ أَحَدِ الْمَجَازَيْنِ إلَى الْحَقِيقَةِ. كَحَمْلِ نَفْيِ الذَّاتِ عَلَى نَفْيِ الصِّحَّةِ. فَإِنَّهُ أَقْرَبُ إلَيْهِ مِنْ نَفْيِ الْكَمَالِ5.
"وَ" مِنْهَا التَّرْجِيحُ "بِرُجْحَانٍ عَلَى دَلِيلِهِ6" أَيْ بِأَنْ يَكُونَ دَلِيلُ أَحَدِ الْمَجَازَيْنِ رَاجِحًا عَلَى دَلِيلِ الْمَجَازِ الآخَرِ. وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ
1 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/313، المحصول 2/2/575، فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/157.
2 ساقطة من ض.
3 انظر: الإحكام للآمدي 4/251، فواتح الرحموت 2/205.
4 ساقطة من ب.
5 انظر: فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/157.
6 في ش: على دليله.
الْقَرِينَةُ الصَّارِفَةُ1 فِي أَحَدِهِمَا قَطْعِيَّةً، وَفِي الآخَرِ غَيْرَ قَطْعِيَّةٍ2.
"وَ" مِنْهَا التَّرْجِيحُ "بِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهِ" وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ أَحَدُ الْمَجَازَيْنِ مَشْهُورَ الاسْتِعْمَالِ3، فَيُقَدَّمُ عَلَى الْمَجَازِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَشْهُورِ الاسْتِعْمَالِ4.
"وَ" يُرَجَّحُ "مَجَازٌ عَلَى مُشْتَرَكٌ" يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وَرَدَ اسْمٌ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ وَ5عَلَى أَنَّهُ مُشْتَرَكٌ: كَانَ حَمْلُهُ عَلَى الْمَجَازِ أَرْجَحَ6، صَحَّحَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ؛ لأَنَّ الاشْتِرَاكَ يُخِلُّ بِالتَّفَاهُمِ، وَلِحَاجَةِ الْمُشْتَرَكِ إلَى قَرِينَتَيْنِ بِحَسَبِ مَعْنَيَيْهِ، عَلَى مَعْنَى أَنَّ اسْتِعْمَالَهُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ مَعْنَيَيْهِ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ مُخَصِّصَةٍ لَهُ7، إذْ لا تَرْجِيحَ لِوَاحِدٍ مِنْ مَعْنَيَيْهِ عَلَى الآخَرِ حِينَئِذٍ8، كَالْعَيْنِ، فَإِنَّهَا9 تَحْتَاجُ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْبَاصِرَةِ إلَى قَرِينَةٍ
1 في ب ز: الصادقة.
2 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/313.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/313، الإحكام للآمدي 4/251، فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/157.
4 ساقطة من ض.
5 ساقطة من ش.
6 انظر: جمع الجوامع 2/379، العضد على ابن الحاجب 2/313، الإحكام للآمدي 4/251.
7 ساقطة من ض.
8 ساقطة من ش.
9 في ض ع: فإنها حينئذ.
تُخَصِّصُهَا، وَكَذَلِكَ1 اسْتِعْمَالُهَا فِي الْجَارِيَةِ، بِخِلافِ الْمَجَازِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ وَاحِدَةٍ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ، وَلا يَحْتَاجُ إلَى قَرِينَةٍ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ كَالأَسَدِ، فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْقَرِينَةِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ فِي الرَّجُلِ الشُّجَاعِ، وَلا يَحْتَاجُ إلَيْهَا عِنْدَ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْحَيَوَانِ الْمُفْتَرِسِ2، وَالْمَجَازُ أَغْلَبُ وُقُوعًا. قَالَ3 ابْنُ جِنِّي: أَكْثَرُ اللُّغَةِ مَجَازٌ، وَأَيْضًا: فَهُوَ مِنْ حَيْثِيَّةِ الْبَلاغَةِ4 وَمَا يَتْبَعُهَا أَبْلَغُ5، نَحْوَ زَيْدٌ أَسَدٌ6، زَيْدٌ بَحْرٌ، وَأَوْفَقُ7 حِينَئِذٍ8 لِلطِّبَاعِ9 وَأَوْجَزُ إذْ ذَاكَ10.
"وَ" يُرَجَّحُ "تَخْصِيصٌ عَلَى مَجَازٍ" يَعْنِي أَنَّهُ إذَا احْتَمَلَ الْكَلامُ أَنْ11 يَكُونَ فِيهِ12 تَخْصِيصٌ وَمَجَازٌ، فَحَمْلُهُ عَلَى التَّخْصِيصِ أَرْجَحُ. قَطَعَ بِهِ ابْنُ مُفْلِحٍ؛ لِتَعَيُّنِ الْبَاقِي مِنْ الْعَامِّ بَعْدَ
1 في ش: وكذا، وفي ز: ولذلك.
2 في ع: الفريس.
3 في ز: وقال.
4 في ع ب ز: فن البلاغة.
5 في ض ش: أغلب.
6 ساقطة من ب.
7 في ع: ووافق.
8 ساقطة من ب ش ز.
9 في ع: الطباع.
10 ساقطة من ب ش ز.
11 في ع: بأن.
12 ساقطة من ب.
التَّخْصِيصِ، بِخِلافِ الْمَجَازِ. فَإِنَّهُ قَدْ لا يَتَعَيَّنُ، بِأَنْ يَتَعَدَّدَ وَلا قَرِينَةَ تُعَيِّنُهُ1.
مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} 2 فَقَالَ الْحَنَفِيُّ: أَيْ مِمَّا لَمْ يَتَلَفَّظْ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْدَ ذَبْحِهِ، وَخُصَّ مِنْهُ النَّاسِي لَهَا، فَتَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ. وَقَالَ غَيْرُهُ3: أَيْ مِمَّا لَمْ يُذْبَحْ، تَعْبِيرًا عَنْ الذَّبْحِ بِمَا يُقَارِنُهُ غَالِبًا مِنْ التَّسْمِيَةِ، فَلا تَحِلُّ ذَبِيحَةُ الْمُتَعَمِّدِ تَرْكُهَا عَلَى الأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي. قَالَهُ الْمَحَلِّيُّ انْتَهَى4.
"وَهُمَا" أَيْ وَيُرَجَّحُ5 التَّخْصِيصُ وَالْمَجَازُ "عَلَى إضْمَارٍ" لِقِلَّةِ الإِضْمَارِ6.
وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الإِضْمَارُ عَلَيْهِمَا7، وَقِيلَ: الْمَجَازُ وَالإِضْمَارُ8 سَوَاءٌ.
1 في ض ب: تعين، وفي ع: تعين ذاك.
2 الآية 121 من الأنعام.
3 ساقطة من ب.
4 ساقطة من ش ب.
5 في ض: وترجيح.
6 انظر: المحصول 2/2/574، إرشاد الفحول ص 278.
7 في ض: عليه.
8 في ض ع ز: الاضمار والمجاز.
"وَالثَّلاثَةُ" أَيْ: وَتُرَجَّحُ1 الثَّلاثَةُ، وَهِيَ2 التَّخْصِيصُ وَالْمَجَازُ وَالإِضْمَارُ "عَلَى نَقْلٍ" لأَنَّهُ إبْطَالٌ كَالنَّسْخِ.
وَالْمُرَادُ بِالنَّقْلِ: الْمَنْقُولُ مِنْ اللُّغَةِ إلَى الشَّرْعِ، وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْمَعْنَى الْمَنْقُولِ إلَيْهِ، مَعَ مُنَاسَبَتِهِ3 بَيْنَ الْمَعْنَى الْمَنْقُولِ عَنْهُ، وَالْمَعْنَى الْمَنْقُولِ إلَيْهِ.
"وَهُوَ عَلَى مُشْتَرَكٍ" يَعْنِي أَنَّ النَّقْلَ الْمَذْكُورَ يُقَدَّمُ عَلَى الاسْمِ الْمُشْتَرَكِ؛ لإِفْرَادِهِ فِي الْحَالَيْنِ كَزَكَاةٍ.
"وَ" تُرَجَّحُ4 "حَقِيقَةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا، وَالأَشْهَرُ مِنْهَا وَمِنْ مَجَازٍ، عَلَى عَكْسِهِنَّ" يَعْنِي أَنَّ الْحَقِيقَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا تُقَدَّمُ عَلَى عَكْسِهَا، وَهِيَ الْحَقِيقَةُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا، وَالأَشْهَرُ مِنْ الْحَقِيقَةِ يُقَدَّمُ عَلَى عَكْسِهِ5، وَهُوَ غَيْرُ الأَشْهَرِ مِنْهَا6، وَالأَشْهَرُ مِنْ الْمَجَازِ يُقَدَّمُ عَلَى عَكْسِهِ7، وَهُوَ غَيْرُ الأَشْهَرِ مِنْهُ8 سَوَاءٌ كَانَتْ الشُّهْرَةُ فِي اللُّغَةِ أَوْ الشَّرْعِ أَوْ الْعُرْفِ.
1 في ب: وترجيح.
2 في ش: وهو.
3 في ش ض ع: مناسبة.
4 في ب: ويرجح.
5 انظر: الإحكام للآمدي 4/251، المحصول 2/2/373.
6 في ب: منه.
7 ساقطة من ش.
8 ساقطة من ش ب ض.
"وَ" يُرَجَّحُ اسْمٌ "لُغَوِيٌّ مُسْتَعْمَلٌ شَرْعًا فِي" مَعْنًى "لُغَوِيٍّ عَلَى مَنْقُولٍ شَرْعِيٍّ" يَعْنِي أَنَّ اللَّفْظَ اللُّغَوِيَّ الْمُسْتَعْمَلَ شَرْعًا فِي مَعْنَاه اللُّغَوِيِّ يُرَجَّحُ1 عَلَى الْمَنْقُولِ الشَّرْعِيِّ؛ لأَنَّ الأَصْلَ مُوَافَقَةُ الشَّرْعِ لِلُّغَةِ 2.
"وَيُرَجَّحُ مُنْفَرِدًا3" يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اسْتَعْمَلَ الشَّارِعُ لَفْظًا لُغَوِيًّا فِي مَعْنًى شَرْعِيٍّ4 فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى اللَّفْظِ الْمُسْتَعْمَلِ فِي اللُّغَةِ لِمَعْنًى5.
قَالَ6 فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِنَا: وَيُرَجَّحُ مُنْفَرِدًا7، فَإِنَّ الْمَعْهُودَ مِنْ الشَّارِعِ: إطْلاقُ اللَّفْظِ فِي مَعْنَاهُ الشَّرْعِيِّ، وَلِذَلِكَ قُدِّمَ.
1 في ش ز: مرجح.
2 في ع ب ز: اللغة.
وانظر: العدة 1/189، العضد على ابن الحاجب 2/313، الإحكام للآمدي 4/252، المحصول 2/2/574، تيسير التحرير 3/157، إرشاد الفحول ص 178.
3 في ش ض ز: منفرد.
4 في ش ض ع: معناه الشرعي.
5 انظر: نهاية السول 3/213، الإحكام للآمدي 4/252، المحصول 2/2/574.
6 في ض: وقال.
7 في ش ض ز: منفرد.
"وَ" يُرَجَّحُ "مَا قَلَّ مَجَازُهُ" عَلَى مَا كَثُرَ مَجَازُهُ، لأَنَّهُ بِكَثْرَةِ1 الْمَجَازِ يَضْعُفُ، فَلِذَلِكَ قُدِّمَ مَا قَلَّ مَجَازُهُ2، وَهَذِهِ الصُّورَةُ ذَكَرَهَا ابْنُ مُفْلِحٍ.
"أَوْ" عُطِفَ عَلَى " مَا " 3يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ مَا "تَعَدَّدَتْ جِهَةُ دَلالَتِهِ، أَوْ تَأَكَّدَتْ" بِأَنْ كَانَتْ4 أَقْوَى عَلَى مَا اتَّحَدَتْ جِهَةُ5 دَلالَتِهِ، أَوْ كَانَتْ أَضْعَفَ6.
"أَوْ كَانَتْ" دَلالَتُهُ "مُطَابِقَةً" عَلَى مَا كَانَتْ دَلالَتُهُ دَلالَةَ الْتِزَامٍ7. قَالَهُ الْعَضُدُ8.
قَالَ الأَصْفَهَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ: وَيُرَجَّحُ أَحَدُ الْمُتَعَارِضَيْنِ خَاصًّا عُطِفَ عَلَى عَامٍّ تَنَاوَلَهُ، وَالْمُعَارِضُ9 الآخَرُ
1 في ع: الكثرة.
2 انظر: الإحكام للآمدي 4/252.
3 في ب: معنى.
4 في ش: كان.
5 في ب: جهته.
6 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/313، الإحكام للآمدي 4/252، إرشاد الفحول ص 278.
7 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/314، الإحكام للآمدي 4/252، تيسير التحرير 3/158.
8 في ش: قال.
9 في ع: فالمعارض من.
خَاصًّا لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ1 الْخَاصَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى الْعَامِّ آكَدُ لِدَلالَتِهِ2 بِدَلالَةِ الْعَامِّ عَلَيْهِ، مِثْلَ قَوْله تَعَالَى:{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} 3. انْتَهَى.
"وَ" يُرَجَّحُ "فِي اقْتِضَاءٍ بِضَرُورَةِ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ضَرُورَةُ صِدْقِ الْمُتَكَلِّمِ. مِثْلَ "رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ "4 "عَلَى" مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ 5وُقُوعُهُ الشَّرْعِيُّ وَالْعَقْلِيُّ، نَظَرًا إلَى بُعْدِ6 الْكَذِبِ فِي كَلامِ الشَّارِعِ7.
وَيُرَجَّحُ فِي اقْتِضَاءِ "ضَرُورَةُ وُقُوعِهِ" شَرْعًا أَوْ عَقْلاً. مِثْلَ: أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي، أَوْ مِثْلَ: صَعِدْت السَّطْحَ؛ لأَنَّ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِدْقُ الْمُتَكَلِّمِ أَوْلَى مِمَّا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ وُقُوعُهُ الشَّرْعِيُّ وَالْعَقْلِيُّ، نَظَرًا
1 في ب: قال.
2 في ش ب: دلالة، وفي ض ع ز: دلالته.
3 الآية 238 من البقرةن وفي ش تتمة الآية: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} .
4 سبق تخريج هذا الحديث "1/436هـ، 512، 2/31هـ، 60، 3/198، 202، 424".
5 ساقطة من ش ب ز، وفي د ض: وقوع الشرع والعقل....
6 في ع ب: أبعد.
7 عبر العضد عن ذلك فقال: "إذا تعارض نصاص يدلان بالاقتضاء، فأحدهما لضرورة الصدق، والآخر لضرورة وقوعه شرعياً، قدم الأول، لأن الصدق أتم من وقوعه شرعاً""العضد على ابن الحاجب 2/314".
وانظر: الإحكام للآمدي 4/252، فواتح الرحموت 2/205.
إلَى بُعْدِ1 الْكَذِبِ فِي كَلامِ الشَّرْعِ2.
"وَ" يُرَجَّحُ فِي اقْتِضَاءٍ "بِضَرُورَةِ وُقُوعِهِ عَقْلاً عَلَيْهَا" أَيْ عَلَى ضَرُورَةِ وُقُوعِهِ "شَرْعًا" قَالَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ وَغَيْرُهُ.
"وَ" يُرَجَّحُ "فِي إيمَاءٍ بِمَا" أَيْ بِلَفْظٍ "لَوْلاهُ لَكَانَ فِي الْكَلامِ عَبَثٌ أَوْ حَشْوٌ عَلَى غَيْرِهِ" مِنْ أَقْسَامِ الإِيمَاءِ3. مِثْلُ: أَنْ يَذْكُرَ الشَّارِعُ مَعَ الْحُكْمِ4 وَصْفًا، لَوْ5 لَمْ يُعَلِّلْ الْحُكْمَ6 بِهِ لَكَانَ ذِكْرُهُ عَبَثًا أَوْ حَشْوًا، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الإِيمَاءِ بِمَا رُتِّبَ فِيهِ الْحُكْمُ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ؛ لأَنَّ نَفْيَ الْعَبَثِ و7َالْحَشْوِ مِنْ كَلامِ الشَّارِعِ أَوْلَى8.
"وَ" يُرَجَّحُ "مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ عَلَى" مَفْهُومِ "مُخَالَفَةٍ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَا دَلَّ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ عَلَى مَا دَلَّ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ9؛ لأَنَّ
1 في ع ب ز: أبعد.
2 في ض ز: الشارع، وانظر: الإحكام للآمدي 4/253.
3 انظر: الإحكام للآمدي 4/253.
4 في ش: وصف الحكم.
5 في ع ب: ولو.
6 ساقطة من ش.
7 في ز: أو.
8 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/314.
9 انظر: جمع الجوامع 2/368، نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/253، تيسير التحرير 3/156، العضد على ابن الحاجب 2/314، إرشاد الفحول ص 279.
الْمُوَافَقَةَ بِاتِّفَاقٍ فِي دَلالَتِهَا عَلَى الْمَسْكُوتِ، وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي جِهَتِهِ1: هَلْ هُوَ بِالْمَفْهُومِ، أَوْ بِالْقِيَاسِ، أَوْ مَجَازٌ بِالْقَرِينَةِ، أَوْ مَنْقُولٌ عُرْفِيٌّ؟.
وَقَالَ الآمِدِيُّ: وَقَدْ يُمْكِنُ تَرْجِيحُ الْمُخَالَفَةِ لِفَائِدَةِ التَّأْسِيسِ2.
وَاخْتَارَهُ الْهِنْدِيُّ3.
"وَ" يُرَجَّحُ "اقْتِضَاءٌ عَلَى إشَارَةٍ وَإِيمَاءٍ وَمَفْهُومٍ"4.
"وَ" يُرَجَّحُ "إيمَاءٌ عَلَى مَفْهُومٍ".
قَالَ الأَصْفَهَانِيُّ: أَمَّا تَقْدِيمُهُ - أَيْ: الاقْتِضَاءِ - عَلَى الإِشَارَةِ؛ فَلأَنَّ الاقْتِضَاءَ مَقْصُودٌ بِإِيرَادِ اللَّفْظِ صِدْقًا أَوْ حُصُولاً5. وَيَتَوَقَّفُ الأَصْلُ عَلَيْهِ، بِخِلافِ الإِشَارَةِ، فَإِنَّهَا لَمْ6 تُقْصَدْ بِإِيرَادِ اللَّفْظِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الأَصْلُ عَلَيْهَا. وَأَمَّا تَرْجِيحُهُ عَلَى الإِيمَاءِ: فَلأَنَّ الإِيمَاءَ،
1 في ض: جهة.
2 الإحكام للآمدي 4/253 مع الاختصار.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/314، جمع الجوامع 2/368، نهاية السول 3/219، إرشاد الفحول ص 279.
4 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/314، جمع الجوامع 2/367، الإحكام للآمدي 4/254.
5 في ش: عموماً أو حصولاً.
6 ساقطة من ش.
وَإِنْ كَانَ مَقْصُودًا بِإِفْرَادِ اللَّفْظِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَتَوَقَّفْ الأَصْلُ عَلَيْهِ، 1وَأَمَّا تَرْجِيحُهُ عَلَى الْمَفْهُومِ: فَلأَنَّ الاقْتِضَاءَ مَقْطُوعٌ بِثُبُوتِهِ، وَالْمَفْهُومُ مَظْنُونٌ ثُبُوتُهُ2، وَلِذَلِكَ3 لَمْ يَقُلْ بِالْمَفْهُومِ بَعْضُ مَنْ قَالَ بِالاقْتِضَاءِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا كَوْنُ الإِيمَاءِ مُقَدَّمًا عَلَى الْمَفْهُومِ فَلِقِلَّةِ مُبْطِلاتِهِ. قَالَهُ الآمِدِيُّ4.
"وَتَنْبِيهٌ كَنَصٍّ" أَوْ أَقْوَى "فِي قَوْلِ" الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَإِنَّهُ قَالَ عَنْ تَقْدِيمِ أَبِي الْخَطَّابِ النَّصَّ عَلَى التَّنْبِيهِ: لَيْسَ بِجَيِّدٍ؛ لأَنَّهُ مِثْلُهُ أَوْ أَقْوَى5. وَقَالَ أَيْضًا فِي أَثْنَاءِ مَسْأَلَةٍ فِي الْوَقْفِ: فَإِنْ نَقَلَ نَصِيبَ الْمَيِّتِ إلَى ذَوِي طَبَقَتِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ6 دُونَ سَائِرِ أَهْلِ الْوَقْفِ: تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ يُنْقَلُ7 إلَى وَلَدِهِ إنْ كَانَ حِينَئِذٍ8 لَهُ وَلَدٌ، فَالتَّنْبِيهُ9 حِينَئِذٍ10: دَلِيلٌ أَقْوَى مِنْ
1 ساقطة من ش.
2 في ز: بثبوته.
3 في ب: وكذلك.
4 أنظر: الإحكام للآمدي 4/254، جمع الجوامع 2/268.
5 المسودة ص 383.
6 في ش: والد.
7 في ز: بنقله.
8 ساقطة من ش ب ز، ومشطوب عليها في ع.
9 في ب ز: والتنبيه، وفي ش: التنبيه.
10 ساقطة من ش.
النَّصِّ، حَتَّى فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ انْتَهَى1.
"وَ" يُرَجَّحُ "تَخْصِيصُ عَامٍّ عَلَى تَأْوِيلِ خَاصٍّ، وَخَاصٍّ وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ عَلَى عَامٍّ، وَعَامٍّ لَمْ يُخَصَّصْ أَوْ قَلَّ تَخْصِيصُهُ عَلَى عَكْسِهِ".
أَمَّا2 تَرْجِيحُ تَخْصِيصِ الْعَامِّ عَلَى تَأْوِيلِ الْخَاصِّ3: فَلأَنَّ4 تَخْصِيصَ الْعَامِّ كَثِيرٌ5، وَتَأْوِيل الْخَاصِّ لَيْسَ بِكَثِيرٍ. وَلأَنَّ الدَّلِيلَ لَمَّا دَلَّ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَعْضِ تَعَيَّنَ كَوْنُ الْبَاقِي مُرَادًا، وَإِذَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الظَّاهِرَ الْخَاصَّ أَقْوَى غَيْرُ مُرَادٍ لَمْ يَتَعَيَّنْ لِهَذَا6 التَّأْوِيلِ7.
وَأَمَّا كَوْنُ الْخَاصِّ - وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ - يُقَدَّمُ8 عَلَى الْعَامِّ مُطْلَقًا؛ فَلأَنَّ9 الْخَاصَّ أَقْوَى دَلالَةً مِنْ الْعَامِّ10. وَكَذَا11 كُلُّ
1 ساقطة من ش ض.
2 في ض: فأما.
3 في ب: التأويل.
4 في ض ع ب ز: لأن.
5 في ش: كثيراً.
6 في ع ب ز: هذا.
7 أنظر: العضد على ابن الحاجب 2/314، نهاية السول 3/219، فواتح الرحموت 2/206، تيسير التحرير 3/159، إرشاد الفحول ص 279.
8 في ض: يقوم.
9 في ض ع ب ز: لأن.
10 في ش: العام مطلقاً.
11 في ش ز: فكذا، وفي ع: وكذلك
مَا هُوَ أَقْرَبُ1.
وَأَمَّا كَوْنُ الْعَامِّ الَّذِي لَمْ يُخَصَّصْ مُقَدَّمٌ عَلَى الْعَامِّ الَّذِي خُصِّصَ: فَلأَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِهِ حُجَّةً، بِخِلافِ الْعَامِّ الْبَاقِي عَلَى عُمُومِهِ2.
"وَمُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ: كَعَامٍّ وَخَاصٍّ" يَعْنِي: أَنَّ حُكْمَ الْمُطْلَقِ مَعَ الْمُقَيَّدِ فِي التَّرْجِيحِ: كَحُكْمِ الْعَامِّ مَعَ الْخَاصِّ، فَيُقَدَّمُ الْمُقَيَّدُ -وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ- عَلَى الْمُطْلَقِ. وَيُقَدَّمُ الْمُطْلَقُ الَّذِي لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ
1 إن تقديم الخاص على العام هو من باب الجمع بينهما، المعروف بالتخصيص، وهو بأن يعمل بالخاص فيما تناوله، ويعمل بالعام فيما بقي، ومع ذلك تناول كثير من علماء الأصول هذا الموضوع في باب الترجيح، وقالوا بترجيح الخاص على العام.
أنظر: العضد على ابن الحاجب 2/314، نهاية السول 3/212، الإحكام للآمدي 4/254. المحصول 2/2/551، 572، المستصفى 2/296، البرهان 2/1190، شرح تنقيح الفصول ص 421، تيسير التحرير 3/158، 159، إرشاد الفحول ص 278.
2 نقل إمام الحرمين الجويني ترجيح العام الذي لم يخصص على العام الذي خصص عن المحققين، وجزم به سليم الرازي، وهو قول جمهور العلماء، لكن ابن السبكي قال:"وعندي عكسه" أي بترجيح العام اذلي خصص، وهو قول الهندي أيضاً.
أنظر: العدة 3/1035، العضد على ابن الحاجب 2/314، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/367، نهاية السول 3/212، الإحكام للآمدي 4/255، المحصول 2/2/575، فواتح الرحموت 2/204، تيسير التحرير 3/159، البرهان 2/1198، إرشاد الفحول ص 278.
مُقَيَّدٌ عَلَى مَا خَرَجَ1 مِنْهُ. قَالَهُ الْعَضُدُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى2.
"وَ" يُرَجَّحُ أَيْضًا3 "عَامٌّ شَرْطِيٌّ كَمَنْ وَمَا" الشَّرْطِيَّتَيْنِ "وَأَيُّ4 عَلَى غَيْرِهِ" مِنْ الْعَامِّ غَيْرِ الشَّرْطِيِّ5. يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَتْ صِيَغُ الْعُمُومِ فَصِيغَةُ الشَّرْطِ الصَّرِيحِ -كَمَنْ، وَمَا، وَأَيُّ- تَقَدَّمَ6 عَلَى صِيغَةِ النَّكِرَةِ الْوَاقِعَةِ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَغَيْرِهَا. كَالْجَمْعِ الْمُحَلَّى بِالأَلِفِ وَاللَاّمِ7 وَالْمُضَافِ وَنَحْوِهِمَا، لِدَلالَةِ الأَوْلَى8 عَلَى كَوْنِ ذَلِكَ عِلَّةً لِلْحُكْمِ، وَهُوَ حِينَئِذٍ9 أَدَلُّ عَلَى الْمَقْصُودِ مِمَّا10 لا عِلَّةَ فِيهِ. إذْ لَوْ أَلْغَيْنَا11 الْعَامَّ الشَّرْطِيَّ كَانَ إلْغَاءً لِلْعِلَّةِ، بِخِلافِ الْعَامِّ غَيْرِ12 الشَّرْطِيِّ، فَإِنَّهُ لا
1 في ض ش: أخرج.
2 العضد على ابن الحاجب 2/314.
3 ساقطة من ش ب ز.
4 ساقطة من ض ب ع ز.
5 أنظر: العضد على ابن الحاجب 2/314، جمع الجوامع 2/367، نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/255، فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/158، إرشاد الفحول ص 279.
وفي ع: بالشرط.
6 في ب: يقدم.
7 في ز: المعرف.
8 في ع ز: الأول.
9 ساقطة من ش ب ز.
10 في ز: فيما.
11 في ض ع: قلنا بإلغاء.
12 في ض: على غير.
يَلْزَمُ مِنْهُ إلْغَاءُ الْعِلَّةِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْمَحْصُولِ مِنْ أَنَّ عُمُومَ الأَوَّلِ بِالْوَضْعِ، وَالثَّانِي بِالْقَرِينَةِ1.
"وَ" يُرَجَّحُ أَيْضًا2 "جَمْعٌ وَاسْمُهُ" أَيْ: اسْمُ3 الْجَمْعِ حَالَ كَوْنِهِمَا "مُعَرَّفَيْنِ بِاللَاّمِ، وَمَنْ وَمَا عَلَى الْجِنْسِ بِاللَاّمِ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْجَمْعُ وَاسْمُ الْجَمْعِ الْمُعَرَّفَانِ بِاللَاّمِ وَمَنْ وَمَا عَلَى اسْمِ الْجِنْسِ الْمُعَرَّفِ بِاللَاّمِ4؛ لأَنَّ الْجِنْسَ الْمُحَلَّى بِاللَاّمِ اخْتَلَفَ الْمُحَقِّقُونَ فِي عُمُومِهِ، بِخِلافِ الْجَمْعِ، وَاسْمِهِ الْمُعَرَّفِ5 بِاللَاّمِ وَمَنْ وَمَا؛ وَلأَنَّ الْجَمْعَ، وَاسْمَهُ لا يَحْتَمِلُ الْعَهْدَ، أَوْ يَحْتَمِلُهُ عَلَى بُعْدٍ، بِخِلافِ اسْمِ الْجِنْسِ الْمُحَلَّى بِاللَاّمِ، فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ6 لِلْعَهْدِ احْتِمَالاً قَرِيبًا.
"وَ" يُرَجَّحُ مَتْنُ7 "فَصِيحٌ عَلَى غَيْرِهِ" أَيْ: عَلَى مَتْنٍ لَمْ
1 أنظر: المحصول 1/2/525 وما بعدها.
وهنا قول ثان بترجيح العام بصيغة النكرة النفية على العام الشرطي، لبعد التخصيص في الأول بقوة عمومها دون الثاني.
أنظر: المحلي على جمع الجوامع 2/366، الإحكام للآمدي 4/255.
2 ساقطة من ب ش ز.
3 في ع ب ز: واسم.
4 أنظر: العضد على ابن الحاجب 2/314، الإحكام للآمدي 4/256، فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/158، إرشاد الفحول ص 279.
5 في ز: المعرفان.
6 في ض ز: يحتمل.
7 ساقطة من ش.
يَسْتَكْمِلْ شُرُوطَ الْفَصَاحَةِ1، وَهِيَ - كَمَا ذَكَرَ الْبَيَانِيُّونَ -: سَلامَةُ الْمُفْرَدِ مِنْ تَنَافُرِ الْحُرُوفِ، وَالْغَرَابَةِ، وَمُخَالَفَةِ الْقِيَاسِ. وَفِي الْمُرَكَّبِ: سَلامَتُهُ مِنْ ضَعْفِ التَّأْلِيفِ، وَتَنَافُرِ الْكَلِمَاتِ، وَالتَّعْقِيدِ، مَعَ فَصَاحَتِهَا. وَمَحَلُّ ذَلِكَ عِلْمُ الْبَيَانِ انْتَهَى2.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا كَانَ فِي اللَّفْظِ الْمَرْوِيِّ رَكَاكَةٌ لا يُقْبَلُ. وَالْحَقُّ أَنَّهُ يُقْبَلُ إذَا صَحَّ السَّنَدُ. وَيُحْمَلُ3 عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ رَوَاهُ بِلَفْظِ نَفْسِهِ4.
وَعُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ: أَنَّهُ لا يُرَجَّحُ الأَفْصَحُ عَلَى الْفَصِيحِ، وَذَلِكَ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْطِقُ بِالأَفْصَحِ وَبِالْفَصِيحِ، فَلا فَرْقَ بَيْنَ ثُبُوتِهِمَا5 عَنْهُ. وَالْكَلامُ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ، لا سِيَّمَا إذَا خَاطَبَ مَنْ لا يَعْرِفُ تِلْكَ اللُّغَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَفْصَحَ لِقَصْدِ إفْهَامِهِ6.
1 أنظر: جمع الجوامع 2/366، نهاية السول 3/212، المحصول 2/2/572، شرح تنقيح الفصول ص 424.
2 ساقطة من ش ب ز.
3 في ز: يحتمل.
4 أنظر: نهاية السول 3/212.
5 في ض: ثبوتها.
6 قال الإسنوي: "خلافاً لبعضهم" وأيد الشوكاني الترجيح بالأفصح على الفصيح.
أنظر: نهاية السول 3/212، إرشاد الفحول ص 278، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/366، المحصول 2/2/572.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: مِمَّا يَقَعُ فِيهِ التَّرْجِيحُ بَيْنَ مَنْقُولَيْنِ "الْمَدْلُولُ" أَيْ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ مِنْ الأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ الَّتِي هِيَ: الإِبَاحَةُ وَالْكَرَاهَةُ، وَالْحَظْرُ وَالنَّدْبُ وَالْوُجُوبُ.
إذَا عَلِمْت ذَلِكَ. فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ1 "يُرَجَّحُ عَلَى إبَاحَةٍ وَكَرَاهَةٍ وَنَدْبٍ: حَظْرٌ" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ مَا مَدْلُولُهُ الْحَظْرُ عَلَى مَا مَدْلُولُهُ 2 الإِبَاحَةُ؛ لأَنَّ فِعْلَ الْحَظْرِ يَسْتَلْزِمُ مَفْسَدَةً، بِخِلافِ الإِبَاحَةِ، لأَنَّهُ لا يَتَعَلَّقُ بِفِعْلِهَا، وَلا تَرْكِهَا مَصْلَحَةٌ، وَلا مَفْسَدَةٌ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، وَعَلَيْهِ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُهُ وَالْكَرْخِيُّ وَالرَّازِيُّ3، وَذَكَرَهُ4 الآمِدِيُّ عَنْ5 الأَكْثَرِ: لأَنَّهُ6 أَحْوَطُ7، وَاسْتَدَلَّ بِتَحْرِيمِ مُتَوَلِّدٍ
1 ساقطة من ش ب.
2 ساقطة من ش.
3 أنظر: الكافية في الجدل ص 442، العدة 3/1041، المسودة ص 312، الروضة ص 391، مجموع الفتاوى 20/262، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/315، المعتمد 2/848، نهاية السول 3/216، الإحكام للآمدي 4/259، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 234، المحصول 2/2/587، جمع الجوامع 2/367، 369، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 106، التلويح على التوضيح 3/46، 52، فواتح الرحموت 2/206، تيسير التحرير 3/144، 159، مختصر البعلي ص 170، مختصر الطوفي ص 188، إرشاد الفحول ص 279، 283، المدخل إلى مذهب أحمد ص 199، شرح تنقيح الفصول ص 418.
4 في ش: وذكر.
5 في ض: عند.
6 في ش ض: أنه.
7 في ع: الأحوط.
بَيْنَ مَأْكُولٍ وَغَيْرِهِ1.
وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ وَجَمْعٌ2: تُرَجَّحُ الإِبَاحَةُ عَلَى الْحَظْرِ3.
وَقِيلَ: يَسْتَوِيَانِ. وَيَسْقُطَانِ4.
وَيُرَجَّحُ5 أَيْضًا6 مَا مَدْلُولُهُ الْحَظْرُ عَلَى مَا مَدْلُولُهُ الْكَرَاهَةُ7؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا اجْتَمَعَ الْحَلالُ وَالْحَرَامُ إلَاّ غَلَبَ الْحَرَامُ" 8 لأَنَّهُ أَحْوَطُ.
1 أنظر: الإحكام للآمدي 4/259.
2 في ع: وغيره.
3 حكى هذا القول ابن الحاجب، ونسبه في "فواتح الرحموت" للشيخ محيي الدين بن عربي.
أنظر: العضد على ابن الحاجب 2/315، المحلي على جمع الجوامع 2/369، نهاية السول 3/216، الإحكام للآمدي 4/259، فواتح الرحموت 2/206، شرح تنقيح الفصول ص 417، 418.
4 ساقطة من ش.
وهذا قول عيسى بن أبان الحنفي وأبي هاشم المعتزلي وبعض الشافعية كالغزالي والشيرازي وبعض المالكية.
أنظر: العدة 3/1042، المسودة ص 312، نزهة الخاطر 2/463، مختصر البعلي ص 170، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/369، نهاية السول 3/216، الإحكام للآمدي 4/259، المحصول 2/2/587، فواتح الرحموت 2/206، المستصفى 2/398، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 234.
5 في ش: ويقدمان.
6 ساقطة من ش.
7 أنظر: العضد عل ابن الحاجب 2/315، الإحكام للآمدي 4/260، تيسير التحرير 3/159.
8 قال الحافظ الزين العراقي عن هذا الحديث: "لم أجد له أصلاً" ونقل ابن =
وَيُرَجَّحُ أَيْضًا مَا مَدْلُولُهُ الْحَظْرُ عَلَى مَا مَدْلُولُهُ النَّدْبُ؛ لأَنَّ النَّدْبَ لِتَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ1 وَالْحَظْرَ2 لِدَفْعِ الْمَفْسَدَةِ، وَدَفْعُ الْمَفْسَدَةِ أَهَمُّ مِنْ تَحْصِيلِ الْمَصْلَحَةِ فِي نَظَرِ الْعُقَلاءِ3.
وَيُرَجَّحُ أَيْضًا: الْحَظْرُ عَلَى الْوُجُوبِ4.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ لأَنَّ إفْضَاءَ، الْحُرْمَةِ إلَى مَقْصُودِهَا أَتَمُّ، لِحُصُولِهِ بِالتَّرْكِ. فَصَدُّهُ5 أَوْلَى6، بِخِلافِ الْوَاجِبِ.
"وَعَلَى إبَاحَةِ7 نَدْبٍ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ مَا مَدْلُولُهُ النَّدْبُ عَلَى
= السبكي عن البيهقي أنه قال: رواه جابر الجعفي عن ابن مسعود، وفيه ضعف وانقطاع " وذكره الأكثرون مما لا أصل له.
أنظر: تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص 307، كشف الخفا 2/254، أسنى المطالب ص 189.
1 في ش: المصلحة في نظر العقلاء، ويرجح أيضاً.
2 في ش: الخطر.
3 أنظر: مختصر البعلي ص 171، العضد على ابن الحاجب 2/315، الإحكام للآمدي 4/260، تيسير التحرير 3/159.
4 قال الرازي والإسنوي يتعارض الحظر والوجوب، ولا يعمل بأحدهما إلا بمرجح، وجزم الآمدي وابن الحاجب بترجيح الحظر للاعتناء بدفع المفاسد.
أنظر: التمهيد للإسنوي ص 156، الإحكام للآمدي 4/260، العضد على ابن الحاجب 2/315، فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/159، إرشاد الفحول ص 279.
5 في ش ب ع ض: قصده.
6 في ش ع ب: أولا.
7 في ش: الإباحة.
مَا مَدْلُولُهُ الإِبَاحَةُ عِنْدَ الأَكْثَرِ1.
"وَعَلَيْهِ وُجُوبٌ، وَكَرَاهَةٌ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ مَا مَدْلُولُهُ وُجُوبٌ أَوْ كَرَاهَةٌ عَلَى مَا مَدْلُولُهُ النَّدْبُ؛ لأَنَّ تَرْجِيحَهُمَا عَلَيْهِ أَحْوَطُ فِي الْعَمَلِ2.
"وَعَلَى نَفْيٍ: إثْبَاتٌ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَا مَدْلُولُهُ الإِثْبَاتُ عَلَى مَا مَدْلُولُهُ النَّفْيُ عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا3.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: يُرَجَّحُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ. كَدُخُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
1 وهناك قول آخر بتقديم الإباحة على الندب، لموافقة المباح للأصل.
أنظر: المسودة ص 384، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/369، تيسير التحرير 3/159.
2 أنظر: مختصر البعلي ص 171، المسودة ص 384، العضد على ابن الحاجب 2/315، جمع الجوامع 2/369، تيسير التحرير 3/159.
3 إذا تعارض النفي مع الإثبات ففيه أربعة أقوال، الأول: ترجيح الإثبات على النفي، والثاني: عكسه، وهو تقديم النفي على الإثبات لاعتضاد النفي بالأصل، وأيده الآمدي، والثالث: أنهما سواء، التساوي مرجحيهما، وهو قول القاضي عبد الجبار وعيسى بن أبان والغزالي في "المستصفى" والرابع: التفصيل، وهو ترجيح المثبت إلا في الطلاق والعتاق، فيرجح النفي، كما سيذكره المصنف.
أنظر: العدة 3/1036، المسودة ص 310، الروضة ص 390، نزهة الخاطر 2/362، العضد على ابن الحاجب 2/315، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/368، المستصفى 2/398، المنخول ص 434، المعتمد 2/848، الإحكام للآمدي 4/261، المحصول 2/2/583، وما بعدها، البرهان 2/1200، فواتح الرحموت 2/200، 206، تيسير التحرير 3/144، 161، التوضيح على التنقيح 3/50، إرشاد الفحول ص 279، مختصر البعلي ص 171، مختصر الطوفي ص 188، المدخل إلى مذهب أحمد ص 198.
وَسَلَّمَ الْبَيْتَ1. قَالَ بِلالٌ2 " صَلَّى فِيهِ "3 وَقَالَ أُسَامَةُ " لَمْ يُصَلِّ "4 وَكَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ5، فَأُخِذَ بِقَوْلِ بِلالٍ،
1 في ش: البيت الحرام.
2 هو بلال بن رباح الحبشي، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، ومؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو عبد الله وقيل غير ذلك، أسلم في أول الدّعوة، وأظهر إسلامه، وكان سيده أمية بن خلف يعذبه كثيراً على إسلامه، فيصبر على العذاب، فاشتراه منه أبو بكر، وأعتقه في سبيل الله، وهاجر إلى المدينة وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي عبيدة، شهد بدراً والمشاهد كلّها، وهو أول من أذّن في الإسلام، وكان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم سفراً وحضراً، ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الشام للجهاد، فأقام بها إلى أن توفي بها سنة 20هـ، وقيل غير ذلك، روى عنه جماعات من الصحابة والتابعين، وفضائله كثيرة مشهورة، وأخرج أحاديثه أصحاب الكتب الستة.
أنظر ترجمته في "الإصابة 1/170، أسد الغابة 1/243، تهذيب الأسماء 1/136، الخلاصة 1/140، مشاهير علماء الأمصار ص 50، حلية الأولياء 1/147".
3 حديث بلال في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم داخل الكعبة رواه مفصلاً البخاري ومسلم ومالك والنسائي وابن ماجه والبغوي والدارمي وابن حبان والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أنه سأل بلالاً.. وسبق تخريجه "3/213".
وانظر: سنن أبي داود 1/467، موارد الظمئان ص 252، سنن الدارمي 2/53، السنن الكبرى للبيهقي 2/326، نصب الراية 2/319.
4 حديث أسامة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها، ولم يصل فيه حتى خرج، فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين"، رواه مسلم بهذا اللفظ، وروى الإمام أحمد عن أسامة "أنه صلى فيه".
أنظر: صحيح مسلم بشرح النووي 9/87، مسند أحمد 5/204، 207، نصب الراية 2/320.
5 حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل =
وَتُسَنُّ1 الصَّلاةُ فِي الْبَيْتِ الْمُشَرَّفِ.
"وَإِنْ اسْتَنَدَ النَّفْيُ إلَى عَلَمٍ بِالْعَدَمِ" لِعِلْمِهِ بِجِهَاتِ إثْبَاتِهِ "فَسَوَاءٌ" أَيْ: فَيَكُونُ الإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ2 فِي هَذِهِ الصُّورَةِ سَوَاءً. قَالَهُ الْفَخْرُ إسْمَاعِيلُ، وَتَبِعَهُ الطُّوفِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: إنَّهُ الْمُرَادُ3.
وَمَعْنَى اسْتِنَادِ4 النَّفْيِ إلَى عَلَمٍ بِالْعَدَمِ5 أَنْ يَقُولَ6 الرَّاوِي " أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ فِي الْبَيْتِ، لأَنِّي كُنْت مَعَهُ فِيهِ. وَلَمْ يَغِبْ عَنْ نَظَرِي طَرْفَةَ عَيْنٍ فِيهِ. وَلَمْ أَرَهُ صَلَّى فِيهِ " انْتَهَى7 أَوْ قَالَ " أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ " أَوْ قَالَ إنْسَانٌ: أَعْلَمُ أَنَّ فُلانًا لَمْ
= البيت ولم يصل" رواه البخاي ومسلم وأبو داود والبيهقي.
أنظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 1/54، صحيح مسلم بشرح النووي 9/87، سنن أبي داود 1/466، سنن البيهقي 2/320، نصب الراية 2/320، فتح الباري 1/420.
1 في ب ض ز غ: سن.
2 في ض ع: النفي والإثبات.
3 أنظر: مختصر الطوفي ص 188، المسودة ص 311، مختصر البعلي ص 171، المدخل إلى مذهب أحمد ص 199.
4 في ش ض ز: اسناد.
5 في ض: بالعدل.
6 في ش: بقول.
7 ساقطة من ش ض ب ز.
يَقْتُلْ زَيْدًا؛ لأَنِّي رَأَيْت زَيْدًا1 حَيًّا بَعْدَ مَوْتِ فُلانٍ، فَمِثْلُ هَذَا يُقْبَلُ فِيهِ النَّفْيُ، لاسْتِنَادِهِ2 إلَى مَدْرَكٍ عَلَمِي، فَيَسْتَوِي هُوَ، وَإِثْبَاتُ الْمُثْبِتِ، فَيَتَعَارَضَانِ وَيُطْلَبُ الْمُرَجِّحُ مِنْ خَارِجٍ.
وَكَذَا حُكْمُ3: كُلِّ شَهَادَةٍ نَافِيَةٍ اسْتَنَدَتْ4 إلَى عَلَمٍ بِالنَّفْيِ، فَإِنَّهَا تُعَارِضُ الْمُثْبَتَةَ. لأَنَّهُمَا فِي الْحَقِيقَةِ مُثْبِتَتَانِ5؛ لأَنَّ إحْدَاهُمَا تُثْبِتُ الْمَشْهُودَ بِهِ وَالأُخْرَى: تُثْبِتُ الْعِلْمَ بِعَدَمِهِ.
وَكَذَا كُلُّ6 حُكْمٍ لِلشَّهَادَةِ7 مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ: تُقْبَلُ فِي النَّفْيِ إذَا كَانَ النَّفْيُ مَحْصُورًا.
فَقَوْلُهُمْ: لا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالنَّفْيِ مُرَادُهُمْ: إذَا لَمْ تَكُنْ مَحْصُورَةً، فَإِنْ كَانَتْ مَحْصُورَةً قُبِلَتْ، قَالَهُ الأَصْحَابُ8 وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ الأَصْحَابُ فِي الشَّهَادَةِ فِي الإِعْسَارِ، وَفِي حَصْرِ9 الإِرْثِ فِي فُلانٍ.
1 في ض: فلأنا.
2 في ش: لإسناده.
3 في ش: قول حكم.
4 في ض: أسندت.
5 في ض: مثبتان.
6 ساقطة من ش ب.
7 في ش ب: الشهادة.
8 ساقطة من ش، وفي ع: قاله الآمدي.
9 في ع: حصول.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلافِ، وَأَبُو الْخَطَّابِ فِي الانْتِصَارِ، فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ لَيْلَةَ الْجِنِّ1: النَّفْيُ أَوْلَى، وَاخْتَارَهُ الآمِدِيُّ2.
"وَكَذَا" أَيْ: وَ3كَالنَّفْيِ مَعَ الإِثْبَاتِ فِي الْمَدْلُولَيْنِ "الْعِلَّتَانِ"4 يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ مُثْبِتَةً. وَالأُخْرَى نَافِيَةً: قُدِّمَتْ الْمُثْبِتَةُ5.
1 المقصود هو حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي شهد فيه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن، والاجتماع بهم، وتبليغهم الإسلام، وتلاوة القرآن عليهم، والحديث رواه مسلم بطوله، ورواه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد مختصراً.
أنظر: صحيح مسلم بشرح النووي 4/169، صحيح البخاري بحاشية السندي 2/209، سنن أبي داود 1/20، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 1/91، سنن ابن ماجه 1/135، مسند أحمد 1/398، 402.
2 أنظر: الإحكام للآمدي 4/262.
وانظر حكم الشهادة بالنفي، والضوابط في قبولها أو رفضها وأقوال العلماء فيها وأدلتهم في "وسائل الإثبات ص 78".
3 في ش: أو.
4 في ض ع: لعلتين.
5 وهناك قول ثان بعدم تقديم العلة المثبتة على النافية، وسوف يذكرها المصنف مرة ثانية "ص454".
أنظر: الروضة ص 393، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/318، البرهان 2/1289، اللمع ص 67، إرشاد الفحول ص 283، الجدل لابن عقيل ص 22.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلافِ عَنْ1 نَفْيِ صَلاتِهِ عَلَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ2: الزِّيَادَةُ مَعَهُ3 هُنَا؛ لأَنَّ الأَصْلَ غُسْلُ الْمَيِّتِ وَالصَّلاةُ عَلَيْهِ، ثَمَّ سَوَاءٌ.
"وَ" يُرَجَّحُ "عَلَى مُقَرِّرٍ" لِلْحُكْمِ الأَصْلِيِّ4 "نَاقِلٌ"5 عَنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ؛ لأَنَّهُ يُفِيدُ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الآخَرِ6؛
1 في ش: في.
2 روى البخاري عن جابر بن عبد الله قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد..، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسلوا، ولم يصل عليهم " ورواه الترمذي عن جابر، وقال:"حديث حسن صحيح"، ورواه النسائي وابن ماجه، وروى الترمذي وأحمد وأبو داود عن أنس أن شهداء أحد لم يغسلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم" وروى مالك بلاغاً "أن الشهداء في سبيل الله لا يغسلون ولا يصلى على أحد منهم".
أنظر: صحيح البخاري 1/160،جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 4/126-127، سنن أبي داود 2/174، سنن النسائي 4/50، سنن ابن ماجه 1/485، مسند أحمد 3/128، الموطأ ص 287.
3 في ض ع: وضعفه.
4 في ش: لحكم الأصل.
5 في د: نافل.
6 أنظر: العدة 3/1033، المسودة ص 314، 384، الروضة ص 390، نزهة الخاطر 2/461، جمع الجوامع 2/368، التبصرة ص 483، المنخول ص 448، اللمع ص 67، نهاية السول 3/216،المحصول 2/2/579، البرهان 2/1289، شرح تنقيح الفصول ص 425، مختصر البعلي ص 171، مختصر الطوفي ص 189، إرشاد الفحول ص 279، المدخل إلى مذهب أحمد ص 199.
كَحَدِيثِ1 " مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ" 2 مَعَ حَدِيثِ "هَلْ هُوَ3 إلَاّ بُضْعَةٌ مِنْك؟ "4.
وَقَالَ الرَّازِيّ وَالْبَيْضَاوِيُّ وَالطُّوفِيُّ5: يُرَجَّحُ الْمُقَرِّرُ؛ لأَنَّ الْحَمْلَ عَلَى مَا لا يُسْتَفَادُ إلَاّ مِنْ الشَّرْعِ، أَوْلَى مِمَّا يُسْتَفَادُ6 مِنْ الْعَقْلِ، وَلأَنَّ الْمُقَرِّرَ مُعْتَضِدٌ بِدَلِيلِ الأَصْلِ7.
1 في ب ز ش ع: لحديث.
2 هذا الحديث رواه أصحاب السنن ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم عن أبي هريرة وجابر وأبي أيوب وأم حبيبة وبسرة، وسبق تخريجه "2/367".
3 ساقطة من ض.
4 هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وأحمد والبيهقي والطحاوي والدارقطني وابن حبان عن طلق بن علي مرفوعاً، واختلف العلماء في سنده.
أنظر: سنن أبي داود 1/41، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 1/274، سنن النسائي 1/84، سنن ابن ماجه 1/163، مسند أحمد 4/22، 23، السنن الكبرى للبيهقي 1/134، شرح معاني الآثار 1/75، سنن الدارقطني 1/149، موارد الظمئان ص 77، نصب الراية 1/60 وما بعدها، التلخيص الحبير 1/125 وما بعدها، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ ص 41، الفقيه والمتفقه 2/47.
5 ذكر الطوفي في "مختصره" الترجيح بالناقل عن حكم الأصلى على غيره، ثماقتصر على قوله:"وفيهما خلاف" ولعل ذكر ذلك في "شرح المختصر".
أنظر: مختصر الطوفي ص 189، المحصول للرازي 2/2/279، منهاج الوصول مع شرحه نهاية السول 3/216.
6 ساقطة من ش.
7 وهذا قول أبي الحسن بن القصار المالكي وأبي إسحاق الشيرازي، وقال الباقلاني والقاضي أبو جعفر السمناني: هما سواء.
أنظر: التبصرة ص 483، المنخول 448، نهاية السول 3/216، =
قِيلَ1: وَالتَّحْقِيقُ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ، وَهُوَ أَنْ يُرَجَّحَ الْمُقَرِّرُ فِيمَا إذَا تَقَرَّرَ حُكْمُ النَّاقِلِ مُدَّةً فِي الشَّرْعِ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ، وَعُمِلَ بِمُوجِبِهِ. ثُمَّ نُقِلَ لَهُ2 الْمُقَرِّرُ وَجُهِلَ التَّارِيخُ؛ لأَنَّهُ حِينَئِذٍ عَمِلَ بِالْخَبَرَيْنِ3، النَّاقِلُ فِي زَمَانٍ وَالْمُقَرِّرُ بَعْدَهُ، فَأَمَّا إنْ كَانَ الثَّابِتُ بِمُقْتَضَى الْبَرَاءَةِ الأَصْلِيَّةِ وَنُقِلَ الْخَبَرَانِ. فَإِنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ هُنَا، وَيَرْجِعُ إلَى الْبَرَاءَةِ الأَصْلِيَّةِ4.
"وَ" يُرَجَّحُ "عَلَى مُثْبِتِ حَدٍّ: دَارِئُهُ" عِنْدَ الأَكْثَرِ؛ لأَنَّ الْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. رُوِيَ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَفِيهِ أَخْبَارٌ ضَعِيفَةٌ5،
= المحصول 2/2/279، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/367، إرشاد الفحول ص 279، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 232.
1 في ش: قبل، وفي د ض: قبيل.
2 في ش: نقله.
3 في ب: بالخبر من.
4 ساقطة من ش.
5 روى الترمذي عن عائشة رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ادروُوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو، خير من أن يخطئ في العقوبة" أخرجه الترمذي موصولاً ورواه موقوفاً، وقال:"الموقوف أصح". "جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 4/688 وما بعدها ".
وهذا الحديث رواه الحاكم، ثم قال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: قال النسائي: يزيد بن زياد شامي متروك، وقال الترمذي: يزيد بن زياد الدمشقي ضعيف الحديث.
ورواه البيهقي والدارقطني عن عائشة، وعن علي، ورواه الإمام أبو حنيفة عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورواه ابن ماجه وأبو يعلى من حديث أبي هريرة، =
وَلِقِلَّةِ مُبْطِلاتِ نَفْيِهِ؛ وَلأَنَّ إثْبَاتَهُ خِلافُ دَلِيلِ نَفْيِهِ1.
قَالَ الآمِدِيُّ: وَلأَنَّ الْخَطَأَ فِي نَفْيِ الْعُقُوبَةِ أَوْلَى مِنْ الْخَطَإِ فِي تَحْقِيقِهَا2، عَلَى مَا قَالَهُ3 عليه الصلاة والسلام:"لأَنْ تُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ"4.
وَقِيلَ5 وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى، وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ، وَالْمُوَفَّقُ وَالْغَزَالِيُّ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ؛ لأَنَّ الشُّبْهَةَ لا تُؤَثِّرُ فِي ثُبُوتِ
وروى الدارقطني معناه عن عبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وعقبة بن عامر الجهني.
انظر: المستدرك 4/384، السنن الكبرى 8/238، سنن الدارقطني 3/84، 4/56، نصب الراية 3/309، ميزان الاعتدال 4/325، سنن ابن ماجه 2/850، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص 308.
1 إذا تعارض دليلان أحدهما يوجب الحد، والثاني يسقطه فقد اختلف العلماء فيه على ثلاثة أقوال، الأول: ترجيح إسقاط الحد، وجزم به البيضاوي وابن الحاجب والآمدي وغيرهم، والثاني: ترجيح إثبات الحد، والثالث: أنهما سواء، كما سيذكره المصنف.
انظر: المسودة ص 378، اللمع ص 67، الروضة ص 391، جمع الجوامع 2/369، الإحكام للآمدي 4/263، التبصرة ص 485، نهاية السول 3/217، المحصول 2/2/590، 621، المستصفى 2/398، فواتح الرحموت 2/206، تيسير التحرير 3/161، مخصر البعلي ص 171، إرشاد الفحول ص 279، 283.
2 الإحكام للآمدي: قال.
3 في ألإحكام للآمدي: قال.
4 هذا جزء من الحديث السابق الذي رواه الترمذي موصولاً وموقوفاً.
5 ساقطة من ش.
مَشْرُوعِيَّتِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَثْبُتُ1 بِخَبَرِ الْوَاحِدِ2.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَمَوْضُوعُ3 هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَكُونَ الإِثْبَاتُ وَالنَّفْيُ شَرْعِيَّيْنِ، فَأَمَّا إنْ كَانَ النَّفْيُ بِاعْتِبَارِ الأَصْلِ، فَهُوَ مَسْأَلَةُ النَّاقِلِ وَالْمُقَرِّرُ السَّابِقَةُ.
"وَ" يُرَجَّحُ "عَلَى 4نَافِي عِتْقٍ وَ" عَلَى5 نَافِي "طَلاقٍ: مُوجِبُهُمَا" أَيْ: مَا يُوجِبُهُمَا6.
وَقِيلَ: يُقَدَّمُ نَافِيهُمَا7، وَظَاهِرُ الرَّوْضَةِ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ كَعَبْدِ
1 في ع: ثبت.
2 انظر: العدة 3/1044، المسودة ص 312، الروضة ص 391، ابن الحاجب والعضد عليه 2/315، التبصرة ص 485، المستصفى 2/398، فواتح الرحموت 2/206.
3 في ش ع: وموضع.
4 ساقطة من ض.
5 ساقطة من ع.
6 وهذا ما أكده ابن الحاجب والبيضاوي وغيرهما، خلافاً لابن السبكي.
انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/315، اللمع ص 68، منهاج الوصول مع شرحه نهاية السول 3/217، جمع الجوامع 2/368، الإحكام للآمدي 4/263، المحصول 2/2/589، تيسير التحرير 3/161، المعتمد 2/848.
7 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/368، نهاة السول 3/217، الإحكام للآمدي 4/263، تيسير التحرير 3/161.
وسوف يكرر المصنف هذه المسألة: في العلة الموجبة للحرية ص 455.
الْجَبَّارِ، لأَنَّهُمَا حُكْمَانِ1.
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ: أَنَّ تَقْدِيمَ2 مُوجَبِ الْعِتْقِ قَوْلُ الْعُلَمَاءِ غَيْرِ عَبْدِ الْجَبَّارِ3، وَقَالَهُ الْحَنَفِيَّةُ وَالْكَرْخِيُّ مِنْهُمْ. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، 4لِقِلَّةِ سَبَبِ مُبْطِلِ5 الْحُرِّيَّةِ، وَلا تَبْطُلُ بَعْدَ ثُبُوتِهَا، وَلِمُوَافَقَةِ النَّفْيِ الأَصْلِيِّ. قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَمِثْلُهُ الطَّلاقُ.
"وَ" يُرَجَّحُ "عَلَى أَثْقَلَ: أَخَفُّ" يَعْنِي أَنَّ التَّكْلِيفَ الأَخَفَّ يُرَجَّحُ عَلَى الأَثْقَلِ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ6 لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ} 7 وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم "لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ فِي الإِسْلامِ".
وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الأَثْقَلُ، لأَنَّهُ أَكْثَرُ ثَوَابًا8.
1 انظر: المسودة ص 314، الروضة ص 391، المحصول 2/2/589، المستصفى 2/398.
2 في ش: دليل.
3 انظر: المسودة ص 314.
4 ساقطة من ض.
5 في ع: يبطل.
6 انظر: الروضة ص 386، 392، العضد على ابن الحاجب 2/316، نهاية السول 3/210، 219، الإحكام للآمدي 4/263، المحصول 2/2/571، المستصفى 2/406، إرشاد الفحول ص 279.
7 الآية 185 من البقرة.
8 جزم بهذا الرأي الآمدي وتبعه ابن الحاجب، وسوف يذكر المصنف الترجيح =
"وَ" حُكْمٌ "تَكْلِيفِيٌّ وَ" حُكْمٌ "وَضْعِيٌّ: سَوَاءٌ فِي ظَاهِرِ كَلامِهِمْ" أَيْ: كَلامِ أَصْحَابِنَا1.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَلَمْ يَذْكُرْ2 أَصْحَابُنَا تَرْجِيحَ حُكْمٍ تَكْلِيفِيٍّ عَلَى وَضْعِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ3، فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ. انتهى.
وَقَدْ ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ4 غَيْرُ الأَصْحَابِ5، وَذَكَرُوا فِيهَا6 خِلافًا وَالصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ7: تَقْدِيمُ الْحُكْمِ التَّكْلِيفِيِّ، كَالاقْتِضَاءِ وَنَحْوِهِ عَلَى الْوَضْعِيِّ8، كَالصِّحَّةِ وَنَحْوِهَا؛ لأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لِلثَّوَابِ؛ لأَنَّهُ مَقْصُودٌ9 بِالذَّاتِ وَأَكْثَرُ فِي الأَحْكَامِ،
= بالتشديد ص 449.
وأنظر: الروضة ص 389، 392، العضد على ابن الحاجب 2/316، نهاية السول 3/210، الإحكام للآمدي 4/263، 268، المحصول 2/2/571، المستصفى 2/406.
1 في ض ع: الأصحاب.
2 في ش: وقدّم.
3 مختصر ابن الحاجب 2/315.
4 في ز: في المسألة.
5 في ش: الأصحاب، ونحوه كالوضعي.
6 في ش: فيه.
7 في ض: عنهم.
8 في ب: الوضع.
9 في ض: معقود.
فَكَانَ أَوْلَى1.
وَقِيلَ: بَلْ2 يُقَدَّمُ الْوَضْعِيُّ3. لأَنَّهُ لا يَتَوَقَّفُ عَلَى فَهْمِ الْمُكَلَّفِ لِلْخِطَابِ، وَلا عَلَى4 تَمَكُّنِهِ مِنْ الْفِعْلِ، بِخِلافِ التَّكْلِيفِيِّ. فَإِنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى ذَلِكَ، وَهَذَا الَّذِي قَدَّمَهُ الْبِرْمَاوِيُّ5، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
وَحَيْثُ انْتَهَى الْكَلامُ عَلَى التَّرْجِيحِ فِي الأَنْوَاعِ الأَرْبَعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلامِ عَلَى التَّرْجِيحِ بِمَا يَنْضَمُّ إلَى اللَّفْظِ مِنْ أَمْرٍ خَارِجٍ عَمَّا تَقَدَّمَ. فَقَالَ:
"الْخَارِجُ" يَعْنِي: الَّذِي6 يُرَجَّحُ بِهِ غَيْرُهُ، فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ "يُرَجَّحُ" الدَّلِيلُ "بِمُوَافَقَةِ دَلِيلٍ آخَرَ" لَهُ عَلَى دَلِيلٍ لَمْ يُوَافِقْهُ دَلِيلٌ آخَرُ؛ لأَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْحَاصِلِ
1 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/315، المحلي على جمع الجوامع 2/370، الإحكام للآمدي 4/263، نهاية السول 3/219، فواتح الرحموت 2/205، تيسير التحرير 3/161، إرشاد الفحول ص 279، الوسيط ص 637.
2 ساقطة من ض.
3 في ض ب: الوضع.
4 ساقطة من ض ع ب ز.
5 قال ابن السبكي بتقديم الحكم الوضعي على الحكم التكليفي في الأصح، وهو ما رجحه الآمدي والشوكاني وغيرهما.
أنظر: العضد على ابن الحاجب 2/315، جمع الجوامع2/369، الإحكام للآمدي 4/263، تيسير التحرير 3/161، إرشاد الفحول ص 279.
6 في ض: أي الذي.
مِنْ دَلِيلٍ وَاحِدٍ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّلِيلُ الْمُوَافِقُ لِسُنَّةٍ1 مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ قِيَاسٍ2، لأَنَّ تَقْدِيمَ3 مَا لَمْ يُوَافِقْ تَرْكٌ لِشَيْئَيْنِ4، وَهُمَا الدَّلِيلُ مَا عَضَّدَهُ، وَتَقْدِيمُ الْمُوَافِقِ5 تَرْكٌ لِشَيْءٍ6 وَاحِدٍ7، وَلِهَذَا قَدَّمْنَا حَدِيثَ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي صَلاةِ الْفَجْرِ بِغَلَسٍ8 عَلَى حَدِيثِ
1 ساقطة من ش ع ب ز.
2 في ض نقص وتقديم وتأخير: أو قياس أو إجماع.
3 في ض ع: تقدم.
4 في ع: السببين.
5 في ض: الموافقة.
6 في ع: لشيئين أو لشيء.
7 أنظر: العدة 3/1046، المسودة ص 311، الروضة ص 390، البرهان 2/1178 وما بعدها، جمع الجوامع 2/370، المنخول ص 431 وما بعدها، 448، المستصفى 2/396، الإحكام للآمدي 4/264، ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، نهاية السول 3/212، تيسير التحرير 3/166، فتح الغفار 3/52، أصول السرخسي 2/250، مختصر البعلي ص 171، المدخل إلى مذهب أحمد ص 199، إرشاد الفحول ص 279 الوسيط ص 633.
8 حديث عائشة في "صلاة الفجر بغلس" رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والشافعي والدارمي والطحاوي عن عائشة ولفظه في البخاري: "كان نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفعات بمروطهن، ثم ينقلبن إلى بيوتهن حين يقضين الصلاة، لا يعرفهن أحد من الغلس " والغلس ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح، وهذا يعني التبكير بصلاة الصبح.
انظر: صحيح البخاري 1/75، سنن أبي داود 1/100، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 1/473، سنن النسائي 1/217، سنن ابن ماجه 1/220، بدائع المنن 1/50، سنن الدارمي 1/277، شرح معاني الآثار 1/176، النهاية 3/377.
رَافِعٍ1 فِي " الإِسْفَارِ "2 لِمُوَافَقَتِهِ قَوْله تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} 3 لأَنَّ مِنْ الْمُحَافَظَةِ الإِتْيَانَ بِالْمُحَافَظِ عَلَيْهِ الْمُؤَقَّتِ أَوَّلَ وَقْتِهِ4.
وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ حُكْمٌ ثَبَتَ بِالْقِيَاسِ، وَوَافَقَهُ قِيَاسٌ آخَرُ، وَعَارَضَهُمَا خَبَرٌ. فَإِنَّ مَا ثَبَتَ بِالْخَبَرِ مُقَدَّمٌ. وَإِلَى5 ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "إلَاّ فِي أَقْيِسَةٍ تَعَدَّدَ أَصْلُهَا مَعَ خَبَرٍ، فَيُقَدَّمُ" الْخَبَرُ "عَلَيْهَا" أَيْ: عَلَى الأَقْيِسَةِ الْمُتَعَدِّدِ أَصْلُهَا.
1 في ش ز: نافع، وهو تصحيف عن رافع، وهو رافع بن خديج، وسبقت ترجمته "2/374".
2 حديث "الإسفار بصلاة الفجر" رواه أبو داود والترمذي والنسائي والشافعي والدارمي والطحاوي، ومعناه عند ابن ماجه وأحمد، عن رافع بن خديج مرفوعاً، ولفظه عند الترمذي:"أسفروا بالفجر، فإنه أعظم للآجر" وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وذكره السيوطي في الأحاديث المتواترة، والإسفار أن ينكشف النهار ويضيء.
أنظر: سنن أبي داود 1/100، جامع الترمذي 1/478، سنن النسائي 1/218، سنن ابن ماجه 1/221، شرح معاني الآثار 1/178، بدائع المنن 1/51، سنن الدارمي 1/277، مسند أحمد 3/465، نيل الأوطار 2/22، الأزهار المتناثرة ص 14، النهاية 2/372.
3 الآية 238 من البقرة، وفي ض ع تتمة:{وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} .
4 انظر: الروضة ص 390، العدة 3/1046.
5 في ز: فإلى.
1وَقِيلَ: الأَقْيِسَةُ الْمُتَعَدِّدُ أَصْلُهَا1.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: قِيلَ: يُقَدَّمُ الْخَبَرُ عَلَى الأَقْيِسَةِ2، وَقِيلَ: بِالْمَنْعِ إنْ تَعَدَّدَ أَصْلُهَا3.
"فَإِنْ تَعَارَضَ ظَاهِرُ قُرْآنٍ وَسُنَّةٍ وَأَمْكَنَ بِنَاءُ كُلٍّ وَاحِدٍ4 مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ، أَوْ خَبَرَانِ، مَعَ5 أَحَدُهُمَا ظَاهِرُ قُرْآنٍ، وَ" مَعَ "الآخَرَ ظَاهِرُ سُنَّةٍ: قُدِّمَ ظَاهِرُهَا" أَيْ: ظَاهِرُ السُّنَّةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ6.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: فَإِنْ تَعَارَضَ قُرْآنٌ وَسُنَّةٌ، وَأَمْكَنَ بِنَاءُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى الآخَرِ، كَخِنْزِيرِ الْمَاءِ. فَقَالَ7 الْقَاضِي: ظَاهِرُ8 كَلامِ أَحْمَدَ: يُقَدَّمُ ظَاهِرُ السُّنَّةِ؛ لِقَوْلِهِ: "السُّنَّةُ تُفَسِّرُ9 الْقُرْآنَ، وَتُبَيِّنُهُ10" قَالَ: وَيُحْتَمَلُ عَكْسُهُ لِلْقَطْعِ بِهِ11.
1 ساقطة من ب.
2 ساقطة من ز.
3 انظر: مناهج العقول 3/198، المحصول 2/2/541، أصول السرخسي 2/264، نهاية السول 3/199.
4 ساقطة من ش ع ب والمختصر.
5 في ش: مع أن.
6 انظر: العدة 3/1048، المسودة ص 311.
7 في ض ع ب: قال.
8 في ع: وظاهر.
9 في ض: تفسير.
10 في ض: وتبيينه.
11 انظر: العدة 3/1041، 1048.
وَذَكَرَ أَبُو الطَّيِّبِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَيْنِ، وَبَنَى1 الْقَاضِي عَلَيْهِمَا2 خَبَرَيْنِ3 مَعَ أَحَدِهِمَا ظَاهِرُ قُرْآنٍ، وَمَعَ4 الآخَرِ ظَاهِرُ سُنَّةٍ، ثُمَّ ذَكَرَ نَصَّ أَحْمَدَ تَقْدِيمَ الْخَبَرَيْنِ5.
وَذَكَرَ الْفَخْرُ إسْمَاعِيلُ: أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ6 عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَكَذَا ابْنُ عَقِيلٍ، وَبَنَى الأُولَى عَلَيْهَا.
وَقَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ: إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ سُنَّةً، وَالآخَرُ كِتَابًا، فَإِنْ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِهِمَا عُمِلَ، وَإِلَاّ قِيلَ: يُقَدَّمُ الْكِتَابُ، لأَنَّهُ7 أَرْجَحُ، وَقِيلَ: تُقَدَّمُ السُّنَّةُ؛ لأَنَّهَا بَيَانٌ لَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ كَمَا تَقَدَّمَ.
مِثَالُهُ: قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الْبَحْرِ " الْحِلُّ مَيْتَتُهُ" 8 فَإِنَّهُ عَامٌّ فِي مَيْتَةِ الْبَحْرِ حَتَّى خِنْزِيرِهِ، مَعَ قَوْله سبحانه
1 في ض ز: وبين.
2 في ع: عليها.
3 في ش: خبران.
4 في ض ع ب: و.
5 انظر: العدة 3/1041، 1048، المسودة ص 311.
6 في ش ز: فإنه.
7 هذا جزء من حديث صحيح، رواه الإمام مالك والشافعي وأحمد وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن الجارود والبيهقي وابن أبي شيبة والدارقطني وابن حبان والحاكم والدارمي، قال البغوي: وهذا الحديث صحيح متفق على صحته " وسبق تخريجه "3/175".
8 وفي ع: "هو الطهور مأوه، الحلل ميتته".
وتَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلَاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} 1 فَإِنَّهُ يَتَنَاوَلُ خِنْزِيرَ الْبَحْرِ فَيَتَعَارَضُ عُمُومُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي خِنْزِيرِ الْبَحْرِ، فَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ الْكِتَابَ فَحَرَّمَهُ، وَقَالَ بِهِ2 مِنْ أَصْحَابِنَا: أَبُو عَلِيٍّ النَّجَّادُ3، وَبَعْضُهُمْ: السُّنَّةَ فَأَحَلَّهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ أَصْحَابِهِ4.
"وَ" يُرَجِّحُ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ "بِعَمَلٍ5" أَيْ: بِمُوَافَقَةِ عَمَلِ "أَهْلِ الْمَدِينَةِ" وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حُجَّةً، لَكِنَّهُ يَقْوَى بِهِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَبِي الْخَطَّابِ وَالشَّافِعِيَّةِ6.
1 الآية 145 من الأنعام.
2 في ب ع ز: وقاله.
3 في ش ض: ابن النجاد.
وأبو علي النجاد هو الحسين بن عبد الله، أخذ العلم عن شيوخ المذهب الحنبلي كأبي الحسن بن بشار، وأبي محمد البربهاري، وصحب جماعة من الحنابلة، وجاء في "طبقات الحنابلة":"كان فقيها معظماً، إماماً في أصول الدين وفروعه" توفي سنة 360 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 2/140، المنهج لأحمد 2/55، شذرات الذهب 3/36".
4 تقدمت هذه المسألة ص 426، 427.
5 في ش: عمل.
6 انظر: مختصر البعلي ص 171، المسودة ص 313، مجموع الفتاوى 19/269، ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، جمع الجوامع 2/370، المنخول ص 341، نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/264، المستصفى 2/396، فواتح الرحموت 2/206، إرشاد الفحول ص 280، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 266.
قَالَ أَحْمَدُ: مَا رَوَوْهُ1 وَعَمِلُوا بِهِ أَصَحُّ مَا يَكُونُ2؛ وَلأَنَّ الظَّاهِرَ بَقَاؤُهُمْ عَلَى مَا أَسْلَمُوا عَلَيْهِ وَأَنَّهُ نَاسِخٌ، لِمَوْتِهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمْ3.
وَخَالَفَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَأَبُو مُحَمَّدٍ الْبَغْدَادِيُّ وَالطُّوفِيُّ4.
وَرَجَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْكُوفَةِ إلَى زَمَنِ أَبِي حَنِيفَةَ5.
"أَوْ" بِعَمَلِ "الْخُلَفَاءِ الأَرْبَعَةِ" عِنْدَ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ وَجَمْعٍ، لِوُرُودِ النَّصِّ بِاتِّبَاعِهِمْ6 حَيْثُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
1 في ش: رأوه.
2 في ع: يكون وظاهر.
3 في ض ع: بينهم صلى الله عليه وسلم.
4 وأيد ذلك المجد ابن تيمية وابن حزم الظاهري.
أنظر: المسودة ص 313، الإحكام لابن حزم 1/175، 214، العدة 3/1052، مختصر البعلي ص 171، مختصر الطوفي ص 189
5 انظر: العدة 3/1053، مختصر البعلي ص 171، المسودة ص 313، مختصر الطوفي ص 189.
6 وفي رواية ثانية عن أحمد بعدم الترجيح بعمل الخلفاء الراشدين.
أنظر: القولين مع الأدلة والمناقشة في "العدة 3/1050، المسودة ص 314، الروضة ص 390، ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/264، فواتح الرحموت 2/206، تيسير التحرير 3/162، البرهان 2/1176، مختصر البعلي ص 171، مختصر الطوفي ص 189، المدخل إلى مذهب أحمد ص 199، إرشاد الفحول ص 280".
وَسَلَّمَ: "عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ1" وَلأَنَّ الظَّاهِرَ: أَنَّهُمْ لَمْ يَتْرُكُوا النَّصَّ الآخَرَ إلَاّ لِحُجَّةٍ عِنْدَهُمْ، فَلِذَلِكَ قُدِّمَ.
قَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ2.
وَقِيلَ: يُرَجَّحُ أَيْضًا بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ3؛ 4لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ5 "اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ".
1 هذا جزء من حديث رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه وابن حبان والدارمي والحاكم عن العرباض بن سارية مرفوعاً.
انظر: مسند أحمد 4/126، سنن أبي داود 2/506، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 7/439، سنن ابن ماجه 1/15، سنن الدارمي 1/44، المستدرك 1/95، موارد الظمآن ص 56، جامع الأصول 1/188، تخريج أحاديث البزدوي ص 238، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص 299.
2 العدة 3/1050.
3 انظر: العدة 3/1052، المسودة ص 384، جمع الجوامع 2/270، البرهان 2/1176.
4 ساقطة من ع.
5 هذا الحديث رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد وابن حبان والحاكم عن حذيفة مرفوعاً، وقال الترمذي حسن صحيح، ورواه الترمذي أيضاً عن ابن مسعود مرفوعاً.
انظر: جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 10/147، 149، سنن ابن ماجه 1/37، مسند أحمد 5/382، موارد الظمآن ص 539 تخريج أحاديث البزدوي ص 237، المستدرك 3/75، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص 299، جامع الأصول 9/420.
قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: "إذَا بَلَغَك اخْتِلافٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ1 فَوَجَدْت فِي ذَلِكَ2 أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، فَشُدَّ يَدَك3، فَإِنَّهُ الْحَقُّ وَهُوَ السُّنَّةُ "4. انْتَهَى5.
"أَوْ" بِعَمَلِ "أَعْلَمَ" قَطَعَ بِهِ الأَكْثَرُ6؛ لأَنَّ7 لَهُ مَزِيَّةً لِكَوْنِهِ أَحْفَظَ لِمَوَاقِعِ الْخَلَلِ، وَأَعْرَفَ بِدَقَائِقِ الأَدِلَّةِ8.
"أَوْ" بِعَمَلِ9 "أَكْثَرِ" الأُمَّةِ10، لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لا يَكُونَ الْمُعَارِضُ لَهُ يَخْفَى مِثْلُهُ عَلَيْهِمْ.
وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْمُوَافِقُ لِلأَكْثَرِ: لأَنَّ الأَكْثَرَ مُوَافِقٌ لِلصَّوَابِ الَّذِي لَمْ يُوَفَّقْ11 لَهُ الأَقَلُّ12، هَذَا13 قَوْلُ الأَكْثَرِينَ14.
1 ساقطة من ض.
2 في المسودة: ذلك الاختلاف.
3 في المسودة: يدك به.
4 انظر: المسودة ص 314.
5 ساقطة من ع.
6 في ب: الأكثرون، وفي ز: عند الأكثر.
7 في ب: لأنه.
8 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316.
9 في ز: لعمل.
10 في ش: الأدلة.
11 في ش: يوافق.
12 في ش: الأول.
13 في ش: هو، وفي ب: من، وفي ز: هذا هو.
14 ذكر الغزالي أن الترجيح يكون بعمل جميع الأمة، لا بعضها، قال ابن حزم: =
وَمَنَعَ جَمْعٌ التَّرْجِيحَ بِذَلِكَ. قَالَ لِعَدَمِ الْحُجَّةِ1 فِي قَوْلِ الأَكْثَرِ، وَلَوْ سَاغَ التَّرْجِيحُ بِقَوْلِ بَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ لانْسَدَّ بَابُ الاجْتِهَادِ عَلَى الْبَعْضِ الآخَرِ2.
"وَيُقَدَّمُ" مِنْ حُكْمَيْنِ فَأَكْثَرَ "مَا عِلَلَ" أَيْ: مَا تَعَرَّضَ الشَّارِعُ لِعِلَّتِهِ عَلَى مَا لَمْ يَتَعَرَّضْ لِعِلَّتِهِ؛ لأَنَّ الْحُكْمَ الَّذِي تَعَرَّضَ الشَّارِعُ3 لِعِلَّتِهِ4: أَفْضَى إلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ الشَّارِعِ؛ لأَنَّ النَّفْسَ لَهُ أَقْبَلُ بِسَبَبِ تَعَقُّلِ الْمَعْنَى5.
"أَوْ رُجِّحَتْ عِلَّتُهُ" يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ عُلِّلَ حُكْمَانِ، وَكَانَتْ عِلَّةُ أَحَدِهِمَا أَرْجَحَ، رُجِّحَ بِأَرْجَحِيَّةِ6 عِلَّتِهِ7.
= هذا لا معنى له، وذكر الآمدي الترجيح بعمل بعض الأمة، وقال الشوكاني عن الترجيح بعمل أكثر الأمة: وفيه نظر.
انظر: المستصفى 2/396، 398، الإحكام لابن حزم 1/179، الإحكام للآمدي 4/264، جمع الجوامع 2/370، المحصول 2/2/592، إرشاد الفحول ص 279، نهاية السول 3/218، الكفاية ص 610.
1 في ش ع ب ز: الحجية.
2 انظر: المحلي على جمع الجوامع 2/370، نهاية السول 3/218، المحصول 2/2/592، الإحكام لابن حزم 1/179.
3 ساقطة من ض ع: وسقط من ز: الشارع.
4 ساقطة من ض، وفي ز: لعليته.
5 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، جمع الجوامع 2/366، الإحكام للآمدي 4/265، فواتح الرحموت 2/206، تيسير التحرير 3/162، البرهان 2/1195.
6 في ض: أرجحية.
7 انظر: الإحكام للآمدي 4/265.
"وَ" يُرَجَّحُ مِنْ دَلِيلَيْنِ "مُؤَوَّلَيْنِ1 مَا دَلِيلُ تَأْوِيلِهِ أَرْجَحُ" مِنْ دَلِيلِ تَأْوِيلِ الآخَرِ؛ لأَنَّ لَهُ مَزِيَّةً بِذَلِكَ2.
"وَ" يُقَدَّمُ "عَامٌّ وَرَدَ مُشَافَهَةً، أَوْ" وَرَدَ "عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ فِي مُشَافَهَةٍ بِهِ، وَسَبَبٍ" عَلَى عَامٍّ لَمْ يَكُنْ بِطَرِيقِ الْمُشَافَهَةِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ3.
قَالَ الْعَضُدُ: إذَا4 وَرَدَ عَامٌّ هُوَ خِطَابُ شِفَاهٍ لِبَعْضِ مَنْ تَنَاوَلَهُ، وَعَامٌّ آخَرُ لَيْسَ هُوَ5 كَذَلِكَ، فَهُوَ كَالْعَامَّيْنِ وَرَدَ أَحَدُهُمَا عَلَى سَبَبٍ دُونَ الآخَر، فَيُقَدَّمُ عَامُّ الْمُشَافَهَةِ فِيمَنْ شُوفِهُوا بِهِ، وَفِي غَيْرِهِمْ الآخَرُ، وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ6. انْتَهَى.
"وَ" يُرَجَّحُ الْعَامُّ "الْمُطْلَقُ عَلَيْهِ" أَيْ: عَلَى الْعَامِّ الْوَارِدِ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ 7.
1 ساقطة من ش.
2 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، الإحكام للآمدي 4/265.
3 انظر: المنهاج في ترتيب الحجاج ص 230.
4 في ش: أو.
5 زيادة على نص العضد.
6 العضد على ابن الحاجب 2/316.
وانظر: نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/266.
7 يرى ابن الحاجب وابن السبكي وغيرهما أنّ العام الوارد على سبب يقدم على العام المطلق في موضوع السبب، ولكل قوله دليله.
انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، جمع الجوامع 2/367، =
"وَ1فِي غَيْرِهِ" أَيْ: فِي حُكْمِ2 غَيْرِ السَّبَبِ؛ لأَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي عُمُومِ الْعَامِّ3 الْوَارِدِ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ، وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي عُمُومِ الْعَامِّ الْمُطْلَقِ4.
"وَ" يُرَجَّحُ "عَامٌّ عُمِلَ بِهِ" وَلَوْ فِي صُورَةٍ5 عَلَى عَامٍّ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ فِي صُورَةٍ مِنْ الصُّوَرِ. قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ وَجَمْعٌ6.
وَعَكَسَ الآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَجَمْعٌ، فَقَالُوا7: يُقَدَّمُ مَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ لِيُعْمَلَ بِهِ، فَيَكُونُ قَدْ عُمِلَ بِهِمَا8.
وَوَجْهُ الأَوَّلِ: أَنَّ الْعَامَّ9 لِمَا10 عُمِلَ بِهِ مُشَاهِدٌ لَهُ11 بِالاعْتِبَارِ لِقُوَّتِهِ12 بِالْعَمَلِ.
= العدة 3/1035، المسودة ص 313، المنخول ص 435، الإحكام للآمدي 4/265، المحصول 2/2/571، البرهان 2/1194، شرح تنقيح الفصول ص 424، المدخل إلى مذهب أحمد ص 199، إرشاد الفحول ص 278.
1 ساقطة من ع ب، وفي ش: ولم يختلف في عموم المطلق.
2 ساقطة من ش.
3 في ش: السبب العام.
4 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/316، جمع الجوامع 2/367، الإحكام للآمدي 4/265.
5 في ز: صورته.
6 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/316، جمع الجوامع 2/367، الإحكام للآمدي 4/266.
7 في ش ع ض: فقال.
8 مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316.
9 في ش ع ب ز: العمل.
10 في ش: بما.
11 ساقطة من ش.
12 في ب: لقوله.
"أَوْ أَمَسَّ بِمَقْصُودٍ1" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ عَامٌّ أَمَسَّ بِمَقْصُودٍ2 أَوْ3 أَقْرَبُ إلَيْهِ عَلَى مَا لَمْ يَكُنْ أَمَسَّ بِالْمَقْصُودِ4. مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى: {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} 5 فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي وَطْءِ النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِهِ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} 6 فَإِنَّهُ أَمَسُّ بِمَسْأَلَةِ الْجَمْعِ، لأَنَّ الآيَةَ الأُولَى قُصِدَ بِهَا بَيَانُ7 تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِنِكَاحٍ، وَمِلْكِ يَمِينٍ. وَالثَّانِيَةُ لَمْ يُقْصَدْ بِهَا بَيَانُ حُرْمَةِ الْجَمْعِ8.
"وَ" يُرَجَّحُ "مَا لا يَقْبَلُ نَسْخًا" لأَنَّهُ أَقْوَى عَلَى مَا يَقْبَلُهُ.
"أَوْ أَقْرَبُ إلَى احْتِيَاطٍ9" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ
1 في ز: بمقصوده.
2 في ز: بمقصوده.
3 في ش ض ز: و.
4 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/316. نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/266، المحصول 2/2/576، الإحكام لابن حزم 1/176.
5 الآية 23 من النساء.
6 الآية 3 من النساء.
7 ساقطة من ش.
8 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/316.
9 في ز: الاحتياط.
1مَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى2 الاحْتِيَاطِ عَلَى3 غَيْرِهِ4.
ذَكَرَهُ وَاَلَّذِي قَبِلَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ.
"أَوْ لا يَسْتَلْزِمُ نَقْضَ5 صَحَابِيٍّ خَبَرًا" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ مِنْ حَدِيثَيْنِ: الَّذِي لا6 يَسْتَلْزِمُ نَقْضَ صَحَابِيٍّ خَبَرًا - كَقَهْقَهَةٍ فِي صَلاةٍ7 - عَلَى مَا يَسْتَلْزِمُهُ8.
"أَوْ تَضَمَّنَ إصَابَتَهُ صلى الله عليه وسلم ظَاهِرًا وَبَاطِنًا" يَعْنِي: أَنَّهُ يُقَدَّمُ مِنْ حَدِيثَيْنِ مَا تَضَمَّنَ إصَابَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ظَاهِرًا وَبَاطِنًا عَلَى مَا تَضَمَّنَ9 إصَابَتَهُ ظَاهِرًا فَقَطْ10.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْبَنَّاءِ وَغَيْرُهُمَا: يُقَدَّمُ مَا لا يُوجِبُ تَخْطِئَةَ
1 ساقطة من ض.
2 في ش: على.
3 في ش: إلى.
4 انظر: العدة 3/1040، المسودة ص 383، المنخول ص 434، 448، اللمع ص 67، الإحكام للآمدي 4/267، البرهان 2/1199، إرشاد الفحول ص 279.
5 في الإحكام للآمدي: نقص، وفي العدة: نقض الصحاح.
6 ساقطة من ش ب.
7 حديث القهقهة في الصلاة ونقض الوضوء منها رواه الطبراني عن أبي موسى الأشعري، ورواه ابن أبي شيبة عن حميد بن هلال، وأخرجه الدارقطني عن عددٍ من الصحابة، وفي جميع طرقه مقال يقدح في صحته.
انظر: سنن الدارقطني 1/160 وما بعدها، نصب الراية 1/47 وما بعدها، مجمع الزوائد 1/246، تخريج أحاديث البزدوي ص 197، تحفة الفقهاء 1/36.
8 انظر: العدة 3/1045، الإحكام للآمدي 4/267، المستصفى 2/397، المنهاج في ترتيب الحجاج ص 232.
9 في ض: يتضمن.
10 انظر: العدة 1/142، 3/1036.
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ عَلَى مَا يَتَضَمَّنُ1 إصَابَتَهُ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ، فَالأَوَّلُ مُقَدَّمٌ وَمُرَجَّحٌ؛ لأَنَّهُ بَعِيدٌ عَنْ الْخَطَإِ حِينَئِذٍ2، وَهُوَ الأَلْيَقُ بِهِ وَبِحَالِهِ صلى الله عليه وسلم، كَمَا وَرَدَ فِي ضَمَانِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: دَيْنَ الْمَيِّتِ وَقَالَ عَلِيٌّ3 " هُمَا عَلَيَّ "4 وَأَنَّهُ ابْتِدَاءُ ضَمَانٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم امْتَنَعَ مِنْ الصَّلاةِ5 عَلَى الْمَيِّتِ6، وَكَانَ وَقْتَ الصَّلاةِ7 مُصِيبًا فِي امْتِنَاعِهِ، وَكَانَ مُقَدَّمًا عَلَى حَمْلِهِ8 عَلَى9 الإِخْبَارِ عَنْ ضَمَانٍ سَابِقٍ، يَكْشِفُ عَنْ أَنَّهُ كَانَ10 امْتَنَعَ عَنْ11 الصَّلاةِ فِي غَيْرِ
1 في ز: تضمن.
2 ساقطة من ش ب ز.
3 في ض: وقال، وفي ش: وقوله، وفي ب: وقول علي.
4 ساقطة من ب.
5 هذا الحديث رواه البيهقي والدارقطني عن أبي سعيد الخدري، وله أسانيد كثيرة، قال ابن حجر عنها: كلها ضعيفة.
انظر: التلخيص الحبير 3/47.
وروى البخاري عن سلمة بن الأكوع حديث امتناع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة على الميت إذا كان عليه دين، ولم يترك شيئاً، وأن أبا قتادة ضمن الدين على ميت، فصلى عليه الرسول صلى الله عليه وسلم.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 2/26.
6 ساقطة من ض ع ب ز.
7 في ش: الامتناع.
8 في ش: حملها.
9 ساقطة من ز.
10 في ش: إن.
11 في ض ب ز: من.
مَوْضِعِهِ بَاطِنًا، هَذَا لَفْظُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ.
"أَوْ فَسَّرَهُ رَاوٍ بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ1" يَعْنِي2: أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ خَبَرَانِ وَفَسَّرَ أَحَدَهُمَا رَاوِيه3ِ بِفِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ: قُدِّمَ عَلَى مَا لَمْ يُفَسِّرْهُ رَاوِيهِ4؛ لأَنَّ مَا فَسَّرَهُ رَاوِيهِ يَكُونُ الظَّنُّ بِهِ أَوْثَقَ5؛ لأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَا رَوَاهُ، كَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي خِيَارِ الْمَجْلِسِ6، وَأَنَّ الْمُرَادَ7 بِالتَّفَرُّقِ8 " تَفَرُّقُ9 الأَبْدَانِ10؛ لأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ، لأَنَّهُ اشْتَمَلَ عَلَى فَائِدَةٍ زَائِدَةٍ.
1 في ز: بقولٍ أو فعلٍ.
2 في ض: أي.
3 في ض: رواته.
4 انظر: العدة 3/1053، المسودة ص 307، ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، نهاية السول 3/219، الإحكام للآمدي 4/267، إرشاد الفحول ص 280.
5 في ش: وثق.
6 هذا معنى حديث صحيحي، ولفظه:"المتبايعان بالخيار مالم يتفرقا" وسبق تخريجه "2/558".
7 ساقطة من ش ع ب.
8 في ش ع ب: التفرق.
9 ساقطة من ب.
10 قال الترمذي: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق
…
، وقد قال بعض أهل العلم....: الفرقة بالكلام، والقول الأول أصح، لأنّ ابن عمر وهو الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أعلم بمعنى ما روى، وروي عنه أنه كان إذا أراد أن يوجب البيع مشى ليجب له، وهكذا روي عن أبي برزة"، "جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 4/450".
"أَوْ1 ذَكَرَ سَبَبَهُ" يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ خَبَرَانِ، وَذَكَرَ رَاوِي أَحَدِهِمَا سَبَبَ الْخَبَرِ2، دُونَ رَاوِي الآخَرِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ مَا ذَكَرَ رَاوِيهِ سَبَبَهُ عَلَى مَا لَمْ يَذْكُرْ رَاوِيهِ سَبَبَهُ؛ لأَنَّ مَا ذَكَرَ رَاوِيهِ سَبَبُهُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ اهْتِمَامِ الرَّاوِي بِرِوَايَتِهِ3.
"أَوْ سِيَاقُهُ أَحْسَنُ4" يَعْنِي أَنَّهُ يُقَدَّمُ مِنْ خَبَرَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ: مَا كَانَ سِيَاقُهُ أَحْسَنَ؛ لأَنَّ مَزِيَّتَهُ بِحُسْنِ السِّيَاقِ: تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ5.
"أَوْ مُؤَرَّخٌ بِ" تَارِيخٍ "مُضَيَّقٍ" كَأَوَّلِ شَهْرِ كَذَا مِنْ6 سَنَةِ كَذَا. يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ خَبَرَانِ أَحَدُهُمَا مُؤَرَّخٌ بِتَارِيخٍ مُضَيَّقٍ - كَمَا ذَكَرَ -، وَالآخَرُ مُؤَرَّخٌ بِتَارِيخٍ مُوَسَّعٍ. كَقَوْلِهِ: فِي سَنَةِ كَذَا؛ لأَنَّهُ يَحْتَمِلُ كَوْنَهُ قَبْلَ الشَّهْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُضَيَّقِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ
1 في ش: و.
2 في ش: الآخر، وفي ب: خبر.
3 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، جمع الجوامع 2/363، نهاية السول 3/208، الإحكام للآمدي 4/267، المحصول 2/2/563، فواتح الرحموت 2/206، تيسير التحرير 3/160، إرشاد الفحول ص 278.
4 ساقطة من ش.
5 انظر: المسودة ص 308، مختصر البعلي ص 169.
6 في ش: في.
ذُو التَّارِيخِ الْمُضَيَّقِ؛ لأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ اهْتِمَامِ رَاوِيهِ1 بِهِ2.
"أَوْ دَلَّ عَلَى تَأَخُّرِهِ قَرِينَةٌ" يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ خَبَرَانِ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى تَأَخُّرِ أَحَدِهِمَا: تَرَجَّحَ3 بِذَلِكَ4.
وَكَذَا إذَا5 كَانَ فِي أَحَدِهِمَا تَشْدِيدٌ دُونَ الآخَرِ. فَإِنَّهُ يُرَجَّحُ بِذَلِكَ، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ لِقَوْلِهِ "أَوْ6 بِتَشْدِيدِهِ" لأَنَّ التَّشْدِيدَاتِ إنَّمَا جَاءَتْ حِينَ ظَهَرَ الإِسْلامُ وَكَثُرَ وَعَلَتْ شَوْكَتُهُ. وَالتَّخْفِيفُ كَانَ فِي أَوَّلِ الإِسْلامِ، وَكَذَا حُكْمُ7 كُلُّ مَا يُشْعِرُ بِشَوْكَةِ الإِسْلامِ. قَالَهُ الْعَضُدُ وَغَيْرُهُ8.
وَحَيْثُ انْتَهَى الْكَلامُ عَلَى تَرْجِيحِ الدَّلِيلَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ شَرَعَ فِي
1 ساقطة من ش.
2 ساقطة من ش د.
وقال الآمدي والرازي وغيرهما تقدم على المؤرخة بتاريخ مضيق عليها.
انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، نهاية السول 3/211، الإحكام للآمدي 4/268، المحصول 2/2/569 وما بعدها.
3 في ز: يرجح.
4 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/316، الإحكام للآمدي 4/267، المحصول 2/2/568.
5 في ب ز: إن.
6 في ش ز: و.
7 ساقطة من ش، وفي ز: في حكم.
8 انظر: العضد عل ابن الحاجب 2/316، نهاية السول 3/210، الإحكام للآمدي 4/263، 268، المحصول 2/2/568، سبق تقديم الأخف ص 445.
تَرْجِيحِ الدَّلِيلَيْنِ الْمَعْقُولَيْنِ بِأَنْوَاعِهِ1، وَهُوَ الْغَرَضُ الأَعْظَمُ مِنْ بَابِ التَّرَاجِيحِ2، وَفِيهِ اتِّسَاعُ مَجَالِ الاجْتِهَادِ، وَبَدَأَ بِتَعْرِيفِهِمَا3، فَقَالَ:
"الْمَعْقُولانِ" أَيْ: الدَّلِيلانِ الْمَعْقُولانِ "قِيَاسَانِ، أَوْ اسْتِدْلالانِ.
فَالأَوَّلُ4" الَّذِي هُوَ الْقِيَاسَانِ5 "يَعُودُ" التَّرْجِيحُ فِيهِ "إلَى أَصْلِهِ" أَيْ: الأَصْلِ6 الْمَقِيسِ عَلَيْهِ "وَفَرْعِهِ" أَيْ: الْفَرْعِ الْمَقِيسِ "وَ7" يَكُونُ فِي8 "مَدْلُولِهِ9 وَأَمْرٍ خَارِجٍ" كَمَا تَقَدَّمَ10 فِي الْمَنْقُولَيْنِ.
"فَيُرَجَّحُ الأَصْلُ" فِي صُوَرٍ:
1 في ش: بأنواعهما.
2 في ض ز: الترجيح، والتراجيح جمع الترجيح، لأنه يشتمل على أنواع. "انظر: البناني على جمع الجوامع 2/386".
3 في ش: ترجيحهما بتعريفهما، وانظر: البرهان 2/1202.
4 في ض: فمن الأول، وفي ز: الأول.
5 في ش: القياس.
6 في ش: أصل.
7 ساقطة من ش.
8 في ش: فيه.
9 في ش: ومدلوله.
10 ساقطة من ش.
الأُولَى: أَنْ يُرَجَّحَ "بِقَطْعِ حُكْمِهِ" أَيْ1: بِأَنْ يَكُونَ حُكْمُ الأَصْلِ قَطْعِيًّا، فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا كَانَ دَلِيلُ أَصْلِهِ ظَنِّيًّا2، كَقَوْلِنَا فِي لِعَانِ الأَخْرَسِ: أَنَّ3 مَا صَحَّ مِنْ النَّاطِقِ صَحَّ مِنْ الأَخْرَسِ كَالْيَمِينِ، فَإِنَّهُ أَرْجَحُ مِنْ قِيَاسِهِمْ عَلَى شَهَادَتِهِ، تَعْلِيلاً4 بِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ5؛ لأَنَّ الْيَمِينَ تَصِحُّ مِنْ الأَخْرَسِ بِالإِجْمَاعِ، وَالإِجْمَاعُ قَطْعِيٌّ، وَأَمَّا جَوَازُ شَهَادَتِهِ: فَفِيهِ خِلافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ6.
"وَ" الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُرَجَّحَ "بِقُوَّةِ دَلِيلِهِ" أَيْ7: بِأَنْ يَكُونَ دَلِيلُ أَحَدِ الأَصْلَيْنِ أَقْوَى، فَتَكُونُ صِحَّتُهُ أَغْلَبَ فِي الظَّنِّ8.
1 ساقطة من ض.
2 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/373، الإحكام للآمدي 4/268، المحصول 2/2/617، المستصفى 2/399، المعتمد 2/847، تيسير التحرير 4/90، مختصر البعلي ص 172، مختصر الطوفي ص 189، المدخل إلى مذهب أحمد ص 200، إرشاد الفحول ص 282، الوسيط ص 640، المنخول ص 442.
3 ساقطة من ش.
4 ساقطة من ض.
5 في ش: الشهادة، ففيه خلاف بين.
6 انظر حكم شهادة الأخرس، وأنها جائزة عند المالكية، وممنوعة عند الجمهور، في "المغني 10/171، وسائل الإثبات ص 130".
7 ساقطة من ع.
8 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، الإحكام للآمدي 4/268، تيسير التحرير 4/90، إرشاد الفحول ص 282.
"وَ" الثَّالِثَةُ: التَّرْجِيحُ1 "بِأَنَّهُ" أَيْ: بِأَنْ2 يَكُونَ دَلِيلُ3 أَصْلِهِ "لَمْ يُنْسَخْ" بِالاتِّفَاقِ4 فَإِنَّ مَا قِيلَ بِأَنَّهُ5 مَنْسُوخٌ - وَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ بِهِ ضَعِيفًا - لَيْسَ كَالْمُتَّفَقِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُنْسَخْ6.
"وَ" الرَّابِعَةُ: التَّرْجِيحُ بِكَوْنِ حُكْمِ أَصْلِهِ جَارِيًا7 "عَلَى سُنَنِ الْقِيَاسِ" بِالاتِّفَاقِ، فَإِنَّهُ أَرْجَحُ مِمَّا كَانَ عَلَى سُنَنِ الْقِيَاسِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ؛ لأَنَّ مَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ الْخَلَلِ8.
وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْمُرَادُ بِذَلِكَ هُنَا أَنْ يَكُونَ فَرْعُهُ9 مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الطَّيِّبِ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَأَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَغَيْرُهُمْ، وَذَلِكَ كَقِيَاسِ مَا دُونَ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ فِي تَحَمُّلِ الْعَاقِلَةِ إيَّاهُ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِمْ ذَلِكَ عَلَى غَرَامَاتِ الأَمْوَالِ فِي أُصُولِ10 إسْقَاطِ التَّحَمُّلِ11؛ لأَنَّ
1 في ش: أن يكون أحد الأصلين الترجيح.
2 ساقطة من ش ب ز.
3 في ب ز: بكون.
4 في ض ب ع ز: باتفاق.
5 في سن: على أن ما قيل دليل إنه.
6 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، الإحكام للآمدي 4/268، المستصفى 2/399، إرشاد الفحول ص 282.
7 في ش: خارجاً.
8 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/372، الإحكام للآمدي 4/268، إرشاد الفحول ص 282، الوسيط ص 640.
9 في ش: أصله.
10 ساقطة من ش ع ب ز.
11 في ش: الحمل.
الْمُوضِحَةَ مِنْ جِنْسِ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَكَانَ عَلَى سُنَنِهِ، إذْ1 الْجِنْسُ بِالْجِنْسِ أَشْبَهُ2. كَمَا يُقَالُ: قِيَاسُ الطَّهَارَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى سَتْرِ الْعَوْرَةِ.
"وَ" الْخَامِسَةُ: التَّرْجِيحُ "بِدَلِيلٍ خَاصٍّ بِتَعْلِيلِهِ" أَيْ: بِقِيَامِ3 دَلِيلٍ خَاصٍّ عَلَى تَعْلِيلِهِ، وَجَوَازِ الْقِيَاسِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ أَبْعَدُ مِنْ التَّعَبُّدِ4 وَالْقُصُورِ وَالْخِلافِ5.
وَيُرَجَّحُ مَا ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ6 بِالنَّصِّ عَلَى مَا ثَبَتَتْ عِلَّتُهُ7 بِالإِجْمَاعِ8. قَدَّمَهُ الأُرْمَوِيُّ وَالْبَيْضَاوِيُّ9، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "وَفِي قَوْلٍ: نَصٌّ، فَإِجْمَاعٌ10".
1 في ب: الذي.
2 انظر جمع الجوامع 2/372.
3 في ش: بالقياس.
4 في ض ع: البعيد، وفي ب: التبعد.
5 انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، الإحكام للآمدي 4/269، المحصول 2/2/575.
6 في ض: علته.
7 ساقطة من ش ب ز.
8 في ع ب ز: فالإجماع.
9 انظر: نهاية السول 3/230، الإحكام للآمدي 4/271، جمع الجوامع 2/375، البرهان 2/1285.
10 في ب: في إجماع.
وَقَالَ فِي الْمَحْصُولِ: وَيُرَجَّحُ مَا ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ بِالإِجْمَاعِ عَلَى مَا ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ بِالنَّصِّ؛ لِقَبُولِ النَّصِّ لِلتَّأْوِيلِ، بِخِلافِ الإِجْمَاعِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُمْكِنُ تَقْدِيمُ النَّصِّ؛ لأَنَّ الإِجْمَاعَ فَرْعُهُ1.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: نَعَمْ إذَا اسْتَوَى2 النَّصُّ وَالإِجْمَاعُ فِي الْقَطْعِ مَتْنًا وَدَلالَةً: كَانَ مَا دَلِيلُهُ الإِجْمَاعُ رَاجِحًا و3َدُونَهُمَا، إذَا كَانَا ظَنِّيَّيْنِ. بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا نَصًّا4 ظَنِّيًّا، وَالآخَرُ إجْمَاعًا ظَنِّيًّا5 رُجِّحَ أَيْضًا مَا كَانَ دَلِيلُهُ الإِجْمَاعَ، لِمَا سَبَقَ مِنْ قَبُولِ النَّصِّ النَّسْخَ وَالتَّخْصِيصَ.
قَالَ الْهِنْدِيُّ: هَذَا صَحِيحٌ بِشَرْطِ التَّسَاوِي فِي الدَّلالَةِ، فَإِنْ اخْتَلَفَا فَالْحَقُّ أَنَّهُ6 يُتْبَعُ فِيهِ الاجْتِهَادُ فَمَا تَكُونُ فَائِدَتُهُ لِلظَّنِّ أَكْثَرَ: فَهُوَ أَوْلَى فَإِنَّ الإِجْمَاعَ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ النَّسْخَ وَالتَّخْصِيصَ، لَكِنْ قَدْ تَضْعُفُ7 دَلالَتُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الدَّلالَةِ الْقَطْعِيَّةِ، فَقَدْ يَنْجَبِرُ
1 المحصول 2/2/617-618 بتصرف.
وانظر: المحصول 2/2/193، مختصر البعلي ص 171، مختصر الطوفي ص 189، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/375، تيسير التحرير 4/87، إرشاد الفحول ص 282، البرهان 2/1285.
2 في ش: إذ استوى، وفي ض: إذا اجتمع.
3 ساقطة من ش.
4 ساقطة من ب.
5 ساقطة من ز.
6 ساقطة من ش.
7 في ش: ذلك يضعف.
النَّقْصُ1 بِالزِّيَادَةِ، وَقَدْ لا يَنْجَبِرُ، فَيَقَعُ فِيهِ الاجْتِهَادُ. انْتَهَى.
"وَ" يُرَجَّحُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ عَلَى الآخَرِ "بِقَطْعٍ عِلَّتِهِ" لأَنَّ الْمَقْطُوعَ بِعِلَّتِهِ رَاجِحٌ2 عَلَى مَا عِلَّتُهُ مَظْنُونَةٌ.
"أَوْ" الْقَطْعُ "بِدَلِيلِهَا أَوْ ظَنٍّ3 غَالِبٍ فِيهِمَا" أَيْ: فِي الْعِلَّةِ، أَوْ فِي الدَّلِيلِ، فَشَمِلَ ذَلِكَ أَرْبَعَ صُوَرٍ:
الأُولَى: الْقَطْعُ بِالْعِلَّةِ يُرَجَّحُ عَلَى الظَّنِّ بِهَا4.
الثَّانِيَةُ: الظَّنُّ الْغَالِبُ فِي الْعِلَّةِ يُرَجَّحُ عَلَى الظَّنِّ غَيْرِ الْغَالِبِ5.
الثَّالِثَةُ: الْقَطْعُ بِدَلِيلِ الْعِلَّةِ6.
1 في ش ب: النص
2 في ز: أرجح.
3 في ب ز: بظن.
4 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/373، نهاية السول 3/226، الإحكام للآمدي 4/280، المستصفى 2/400، شرح تنقيح الفصول ص 425، اللمع ص 67 فواتح الرحموت 2/324، تيسير التحرير 4/87، فتح الغفار 3/54، مختصر البعلي ص 172، مختصر الطوفي 190، إرشاد الفحول ص 282، المدخل إلى مذهب أحمد ص 200، الفقيه والمتفقه 1/215.
5 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/373،نهاية السول 3/227، المعتمد 2/845، تيسير التحرير 4/87.
6انظر: الإحكام للآمدي 4/271، ابن الحاجب والعضد عليه 2/317.
الرَّابِعَةُ: الظَّنُّ الْغَالِبُ فِي دَلِيلِ الْعِلَّةِ1.
فَيُرَجَّحُ الْقِيَاسُ الَّذِي يَكُونُ2 مَسْلَكُ عِلَّتِهِ قَطْعِيًّا عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي لا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَيُرَجَّحُ الْقِيَاسُ الَّذِي يَكُونُ مَسْلَكُ عِلَّتِهِ مَظْنُونًا بِالظَّنِّ الأَغْلَبِ عَلَى مَا لا3 يَكُونُ كَذَلِكَ4.
"وَ" يُرَجَّحُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ بِ "سَبْرٍ5، فَمُنَاسَبَةٌ6" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْقِيَاسُ الَّذِي اُسْتُنْبِطَتْ عِلَّةُ7 وَصْفِهِ8 بِالسَّبْرِ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي اُسْتُنْبِطَتْ عِلَّةُ وَصْفِهِ9 بِالْمُنَاسَبَةِ لِتَضَمُّنِ السَّبْرِ انْتِفَاءَ الْمُعَارِضِ فِي الأَصْلِ، بِخِلافِ الْمُنَاسَبَةِ 10"فَشَبَهٌ" يَعْنِي أَنَّهُ
1 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317.
2 في ش: قد يكون.
3 ساقطة من ز.
4 انظر: جمع الجوامع 2/373.
5 في ب ز: بسبره.
6 في ب: فبمناسبته.
7 في ع: علته.
8 ساقطة من ع.
9 ساقطة من ش.
10 ذكر الشوكاني قولاً آخر بترجيح العلة الثابتة بالمناسبة على العلة الثابتة بالسبر، ورجح هذا القول ثم ذكر قولاًُ بالتفصيل بأن يقدم السبر المقطوع به، ثم المناسبة، ثم السبر المظنون.
انظر: إشاد الفحول ص 282، ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/375، الإحكام للآمدي 4/272، المحصول 2/2/610، تيسير التحرير 4/88.
يُرَجَّحُ قِيَاسٌ ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ1 بِالْمُنَاسَبَةِ عَلَى قِيَاسٍ ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ2 بِالشَّبَهِ، لِزِيَادَةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ3 بِغَلَبَةِ الْوَصْفِ الْمُنَاسِبِ4.
قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: وَأَدْنَى5 الْمَعَانِي فِي الْمُنَاسَبَةِ يُرَجَّحُ عَلَى أَعْلَى الأَشْبَاهِ6.
"فَدَوَرَانٌ" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ قِيَاسٌ ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ7 بِالشَّبَهِ، عَلَى قِيَاسٍ ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُهُ8 بِالدَّوَرَانِ. قَطَعَ بِهِ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ9 وَغَيْرِهِ.
1 في ض: علته.
2 في ض: علته.
3 ساقطة من ب.
4 انظر: المسودة ص 378، ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/375، المحصول 2/2/607، 611، فواتح الرحموت 2/325، تيسير التحرير 4/88، شرح تنقيح الفصول ص 427، مختصر البعلي ص 172، مختصر الطوفي ص 190، إرشاد الفحول ص 282، المدخل إلى مذهب أحمد ص 200-201.
5 في ش: وبأدنى، وفي البرهان: وأدنى مأخذ.
6 في ض ش: الاشتباه، والأعلى موافق لنص إمام الحرمين. "انظر: البرهان 2/1259، 1264".
7 في ض: علته.
8 في ض علته.
9 انظر جمع الجوامع 2/275، 288، نهاية السول 3/227.
وقال الشوكاني: "تقدم العلة الثابتة عليتها بالدوران على الثابتة عليها بالسبره وما بعده، وقيل بالعكس". "إرشاد الفحول ص 282".
وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: مَا ثَبَتَ1 بِالطَّرْدِ، وَالْعَكْسِ مُقَدَّمٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الأَشْبَاهِ، لِجَرَيَانِهِ مَجْرَى الأَلْفَاظِ2. انتهى.
وَقِيلَ: غَيْرُ مَا فِي الْمَتْنِ3.
"وَ4" يُرَجَّحُ قِيَاسٌ5 "بِقَطْعٍ" فِيهِ "بِنَفْيِ الْفَارِقِ" بَيْنَ الأَصْلِ وَالْفَرْعِ عَلَى قِيَاسٍ يَكُونُ نَفْيُ الْفَارِقِ فِيهِ مَظْنُونًا "أَوْ ظَنٍّ غَالِبٍ" يَعْنِي أَنَّهُ يُرَجَّحُ قِيَاسُ نَفْيِ الْفَارِقِ فِيهِ بَيْنَ الأَصْلِ، وَالْفَرْعِ مَظْنُونٌ بِالظَّنِّ الأَغْلَبِ عَلَى قِيَاسٍ يَكُونُ نَفْيُ الْفَارِقِ فِيهِ6 بِالظَّنِّ غَيْرِ الأَغْلَبِ7.
"وَوَصْفٍ حَقِيقِيٍّ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ قِيَاسٌ ذُو وَصْفٍ حَقِيقِيٍّ عَلَى ذِي وَصْفٍ غَيْرِ حَقِيقِيٍّ8.
قَالَ الْعَضُدُ: يُقَدَّمُ مَا الْعِلَّةُ فِيهِ وَصْفٌ حَقِيقِيٌّ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّا
1 في ض ع: ثبتت.
2 انظر: البرهان 2/1261، 840.
3 انظر: جمع الجوامع 2/375، شرح تنقيح الفصول ص 427.
4 في ض: فدوران و.
5 في ش: قياس نفي الفارق فيه بين الأصل قياس.
6 في ش: فيه الفارق.
7 ساقطة من ش، وانظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317.
8 انظر: الروضة ص 392، ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/374، 376، نهاية السول 3/221 المحصول 2/2/495، شرح تنقيح الفصول ص 426، إرشاد الفحول ص 281.
الْعِلَّةُ فِيهِ وَصْفٌ اعْتِبَارِيٌّ، أَوْ حِكْمَةٌ مُجَرَّدَةٌ1. انْتَهَى.
"وَ" وَصْفٍ "ثُبُوتِيٍّ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ قِيَاسٌ الْعِلَّةُ فِيهِ وَصْفٌ ثُبُوتِيٌّ عَلَى قِيَاسٍ الْعِلَّةُ فِيهِ وَصْفٌ عَدَمِيٌّ2.
"وَبَاعِثٍ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ قِيَاسٌ الْعِلَّةُ فِيهِ وَصْفٌ بَاعِثٌ عَلَى قِيَاسٍ الْعِلَّةُ فِيهِ مُجَرَّدُ أَمَارَةٍ3، لِظُهُورِ مُنَاسَبَةِ الْبَاعِثِ4.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَيُرَجَّحُ بِالْقَطْعِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ، أَوْ ظَنٍّ غَالِبٍ، وَالْوَصْفُ الْحَقِيقِيُّ أَوْ الثُّبُوتِيُّ أَوْ الْبَاعِثُ عَلَى غَيْرِهَا5، لِلاتِّفَاقِ6 عَلَيْهَا؛ وَلأَنَّ الْحِسِّيَّةَ كَالْعَقْلِيَّةِ وَهِيَ مُوجَبَةٌ، وَلا تَفْتَقِرُ فِي ثُبُوتِهَا إلَى غَيْرِهَا. انْتَهَى.
"وَ" تُقَدَّمُ عِلَّةٌ "ظَاهِرَةٌ" عَلَى الْعِلَّةِ الْخَفِيَّةِ7.
1 العضد على ابن الحاجب 2/317.
وانظر: الإحكام للآمدي 4/273.
2 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع، نهاية السول 3/221، الإحكام للآمدي 4/273، المحصول 2/2/595، فواتح الرحموت 2/325، شرح تنقيح الفصول ص 426، تيسير التحرير 4/88، إرشاد الفحول ص 281.
3 في ع: أما.
4 أنظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع 2/376، الإحكام للآمدي 4/273.
5 في ز: غيرهما. في ض ب: الباعثة.
6 في ع: لاتفاق.
7 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، الإحكام للآمدي 4/273.
"وَ" عِلَّةٌ "مُنْضَبِطَةٌ" عَلَى الْعِلَّةِ الْمُضْطَرِبَةِ؛ لأَجْلِ الْخِلافِ فِي مُقَابَلَةِ الظَّاهِرَةِ وَالْمُنْضَبِطَةِ1.
"وَ" تُقَدَّمُ عِلَّةٌ "مُطَّرِدَةٌ" عَلَى الْعِلَّةِ الْمَنْقُوضَةِ؛ 2لأَنَّ شَرْطَ الْعِلَّةِ اطِّرَادُهَا3؛ وَلأَنَّ الْمُطَّرِدَةَ أَغْلَبُ4 عَلَى الظَّنِّ؛ وَلِضَعْفِ الْمَنْقُوضَةِ بِالْخِلافِ فِيهَا5.
"وَ" تُقَدَّمُ عِلَّةٌ "مُنْعَكِسَةٌ" عَلَى الْعِلَّةِ6 غَيْرِ الْمُنْعَكِسَةِ؛ لأَنَّ الانْعِكَاسَ وَإِنْ لَمْ يُفِدْ الْغَلَبَةَ7، لَكِنَّهُ8 يُقَوِّيهَا9.
1 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، الإحكام للآمدي 4/273.
2 ساقطة من ش.
3 في ع: اضطرادها.
4 في ض: ما غلب.
5 وهذا على القول بصحة غير المطردة، وهي المنتقضة بصورة فأكثر، فإن قيل بعدم صحتها فلا تعارض أصلاً.
أنظر: المسودة ص 378، جمع الجوامع 2/376، نهاية السول 3/231، الإحكام للآمدي 4/274، فتح الغفار 3/55، ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، مختصر البعلي ص 172، مختصر الطوفي ص 190، المدخل إلى مذهب أحمد ص 201، نزهة الخاطر 2/468.
6 ساقطة من ض.
7 في ض ع ز: العلة.
8 في ض: لكن.
9 انظر: المسودة ص 378، 384، الروضة ص 392، المنخول ص 445، الإحكام للآمدي 4/274، المستصفى 2/402، البرهان 2/1260، مختصر البعلي ص 172، مختصر الطوفي ص 190، أصول السرخسي 2/261، المدخل إلى مذهب أحمد ص 201.
"وَ" تُقَدَّمُ عِلَّةٌ "مُتَعَدِّيَةٌ" عَلَى الْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ عَلَى الأَصَحِّ. لِكَثْرَةِ فَوَائِدِ الْمُتَعَدِّيَةِ1. كَالتَّعْلِيلِ فِي2 الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِالْوَزْنِ، فَيَتَعَدَّى الْحُكْمُ إلَى3 كُلِّ مَوْزُونٍ، كَالْحَدِيدِ، وَالنُّحَاسِ، وَالصُّفْرِ وَنَحْوِهَا، بِخِلافِ التَّعْلِيلِ بِالثَّمَنِيَّةِ أَوْ النَّقْدِيَّةِ، فَإِنَّهُ لا يَتَعَدَّاهُمَا، فَكَانَ التَّعْلِيلُ بِالْوَزْنِ الَّذِي هُوَ وَصْفٌ مُتَعَدٍّ لِمَحَلِّ النَّقْدَيْنِ إلَى غَيْرِهِمَا أَكْثَرَ فَائِدَةً مِنْ " الثَّمَنِيَّةِ " الْقَاصِرَةِ عَلَيْهِمَا.
"وَ" عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ هَذَا: فَتَكُونُ الْعِلَّةُ الَّتِي هِيَ4 "أَكْثَرُ
1 في ز: التعدية.
اختلف علماء الأصول في تقديم العلة المتعدية على القاصرة على ثلاثة أقوال، الأول: تقديم المتعدية، وهو قول القاضي أبي يعلى وأبي الخطاب وغيرهما، لأنها أفيد بالإلحاق بها، والثاني: تقديم القاصرة، عند القائلين بأنها علة صحيحة، كما هو مقرر في القياس، فتقدم القاصرة على المتعدية، لأنها أوفق للنص، والخطأ فيها قليل، وهو قول الأستاذ أبي إسحاق الاسفراييني وغيره من الشافعية ورجحه الغزالي في "المستصفى"، والثالث: التسوية بينهما، وهو اختيار الفخر إسماعيل والغزالي في "المنخول" وغيرهما، لتساويهما فيما ينفردان به.
انظر: المسودة ص 378، الروضة ص 392، نزهة الخاطر 2/468، ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/377، المنخول ص 445، شفاء الغليل ص 537، المستصفى 2/403، 404، البرهان 2/1265 وما بعدها، اللمع ص 67، نهاية السول 3/231، المحصول 2/2/625، أصول السرخسي 2/265، شرح تنقيح الفصول ص 426، كشف الأسرار 4/102، إرشاد الفحول ص 281.
2 في ض: بـ.
3 في ز: على.
4 في ع: هي من ذلك.
تَعْدِيَةً وَأَعَمُّ" مُقَدَّمَةً "عَلَى غَيْرِهَا" مِمَّا هُوَ أَقَلُّ تَعْدِيَةً وَأَخَصُّ1.
مِثَالُهُ: لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ أَكْثَرَ عِلَلَنَا فِي الرِّبَا "الْكَيْلُ" لأَنَّ2 عِلَّةَ الْكَيْلِ حِينَئِذٍ تَكُونُ أَكْثَرَ فُرُوعًا، وَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ الْمَطْعُومَاتِ أَكْثَرُ عِلَلِنَا فِيهِ بِالطُّعْمِ؛ لأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ أَكْثَرَ فُرُوعًا، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ3 الأَقَلُّ فُرُوعًا بِإِضَافَتِهِ إلَى الأَكْثَرِ فُرُوعًا كَالْقَاصِرَةِ بِالنِّسْبَةِ4 إلَى الْمُتَعَدِّيَةِ.
"وَإِنْ تَقَابَلَتْ عِلَّتَانِ فِي أَصْلٍ فَقَلِيلَةُ أَوْصَافٍ أَوْلَى".
قَالَ الْمَجْدُ فِي الْمُسَوَّدَةِ: إذَا كَانَتْ إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ أَكْثَرَ أَوْصَافًا مِنْ الأُخْرَى، فَالْقَلِيلَةُ الأَوْصَافِ أَوْلَى5. انْتَهَى.
وَإِنَّمَا كَانَتْ أَوْلَى: لأَنَّ الْوَصْفَ الزَّائِدَ، لا أَثَرَ لَهُ فِي الْحُكْمِ، وَصَحَّ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ مَعَ عَدَمِهِ؛ وَلأَنَّ الْكَثِيرَةَ الأَوْصَافِ يَقِلُّ فِيهَا إلْحَاقُ الْفَرْعِ6. فَكَانَ كَاجْتِمَاعِ الْمُتَعَدِّيَةِ وَالْقَاصِرَةِ 7.
1 انظر: جمع الجوامع 2/375، الإحكام للآمدي 4/273، فواتح الرحموت 2/329، فتح الغفار 3/57، كشف الأسرار 4/102، شرح تنقيح الفصول ص 426.
2 في ش: لأنه.
3 ساقطة من ب.
4 في ع ب ض ش: بالاضافة.
5 المسودة ص 378، 379.
6 في ش ع ب ز: الفروع.
7 وقال الحنفية هما سواء.
انظر: الروضة ص 392، جمع الجوامع 2/374، التبصرة ص 489، اللمع ص 67، المستصفى 2/402، كشف الأسرار 4/102، 103، أصول السرخسي 2/265، شرح تنقيح الفصول ص 426، إرشاد الفحول ص 281، الجدل لابن عقيل ص 24.
قَالَ الْمَجْدُ: وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَالْفَخْرُ1 إسْمَاعِيلُ: هُمَا سَوَاءٌ. هَذَا نَقْلُ2 الْحَلْوَانِيِّ وَأَبِي الْخَطَّابِ3. انْتَهَى.
وَإِنَّمَا قُلْت " فِي أَصْلٍ " لِمَا سَيَأْتِي مِنْ نَصِّهِ عَلَى مَا إذَا كَانَتَا4 مِنْ أَصْلَيْنِ فَأَكْثَرَ.
"وَ" إنْ كَانَتْ الْعِلَّتَانِ "مِنْ أَصْلَيْنِ" فَأَكْثَرَ "فَكَثِيرَتُهَا5" أَيْ: كَثِيرَةُ6 الأَوْصَافِ "أَوْلَى إذَا كَانَتْ أَوْصَافُ كُلٍّ مِنْهُمَا" أَيْ: مِنْ7 الْعِلَّتَيْنِ "مَوْجُودَةً فِي الْفَرْعِ"8.
1 ساقطة من ب ش ز والمسودة.
2 في ش: نقل هذا.
3 المسودة ص 378، 379.
وهناك قول ثالث، وهو ترجيح العلة الأكثر أوصافاً، لأنها أكثر مشابهة للأصل، وأشار إليه المجد فيما بعد.
انظر: التبصرة ص 489، اللمع ص 67، نهاية السول 3/222، المستصفى 2/200، البرهان 2/1286، المسودة 381.
4 في ش ض: كانت.
5 في ض: فكثرتها.
6 في ض: فكثرة.
7 ساقطة من ش.
8 انظر مختصر البعلي ص 172، المسودة ص 379، 381، مختصر الطوفي ص 190.
قَالَ الْمَجْدُ فِي الْمُسَوَّدَةِ: وَإِنْ كَانَتَا1 مِنْ أَصْلَيْنِ فَأَكْثَرُهُمَا أَوْصَافًا أَوْلَى، إذَا كَانَتْ أَوْصَافُ كُلِّ وَاحِدَةٍ2 مِنْهُمَا مَوْجُودَةً فِي الْفَرْعِ لِقُوَّةِ شَبَهِهِ بِالأَكْثَرِ. قَالَ: وَفَارِقُ قِيَاسِ عِلَّةِ3 الشَّبَهِ4 فِي رِوَايَةٍ؛ لأَنَّ أَوْصَافَ الأَصْلِ هُنَاكَ5 لَمْ تُوجَدْ بِكَمَالِهَا فِي الْفَرْعِ.
قَالَ6 ابْنُ بُرْهَانٍ: تُقَدَّمُ7 الْعِلَّةُ ذَاتُ الْوَصْفِ الْوَاحِدِ عَلَى ذَاتِ الأَوْصَافِ. وَلَمْ يُفَصِّلْ، وَضَرَبَ لَهُ مِثَالاً بِالْعِلَّتَيْنِ مِنْ أَصْلَيْنِ8. انْتَهَى9.
"وَ" تُقَدَّمُ عِلَّةٌ "مُطَّرِدَةٌ فَقَطْ عَلَى" عِلَّةٍ "مُنْعَكِسَةٍ فَقَطْ"؛ لأَنَّ اعْتِبَارَ الاطِّرَادِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَضَعْفُ الثَّانِيَةِ بِعَدَمِ الاطِّرَادِ أَشَدُّ مِنْ ضَعْفِ10 الأُولَى بِعَدَمِ11 الانْعِكَاسِ12.
1 في ش: كانت.
2 في ب ز: واحد.
3 في ع: علته، وفي ب ز: علية.
4 في ش: الشبهة.
5 في ض ع: الأوصاف للأصل.
6 في المسودة: وقال.
7 في ع: فقدم.
8 ساقطة من ض.
9 المسودة ص 381.
10 ساقطة من ض ع.
11 في ب: بعد.
12 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، فتح الغفار 3/55.
"وَ" تُقَدَّمُ "الْمَقَاصِدُ الضَّرُورِيَّةُ" الْخَمْسَةُ "عَلَى غَيْرِهَا" مِنْ الْمَقَاصِدِ1.
"وَمُكَمِّلُهَا" أَيْ مُكَمِّلُ الْخَمْسَةِ الضَّرُورِيَّةِ "عَلَى الْحَاجِيَّةِ2".
"وَهِيَ" أَيْ: وَتُقَدَّمُ الْمَصْلَحَةُ3 الْحَاجِيَّةُ "عَلَى التَّحْسِينِيَّةِ4.
وَ" يُقَدَّمُ "حِفْظُ الدِّينِ عَلَى بَاقِي الضَّرُورِيَّةِ5".
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَإِذَا تَعَارَضَتْ بَعْضُ الْخَمْسِ الضَّرُورِيَّةِ: قُدِّمَتْ الدِّينِيَّةُ عَلَى الأَرْبَعِ الأُخَرِ، لأَنَّهَا الْمَقْصُودُ الأَعْظَمُ. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى6: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ
1 ساقطة من ب.
وانظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، نهاية السول 3/227، الإحكام للآمدي 4/274، فواتح الرحموت 2/326، تيسير التحرير 4/89، المحصول 2/2/626.
2 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، نهاية السول 3/227، الإحكام للآمدي 4/275، فواتح الرحموت 2/326.
3 في ش: تقدم والمصلحة.
4 انظر: الإحكام للآمدي 4/274، المحصول 2/2/612، فواتح الرحموت 2/326.
5 في ش: الضرورات، وفي د: الضروريات.
وانظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، التمهيد ص 158، نهاية السول 3/227، الإحكام للآمدي 4/275، فواتح الرحموت 2/326، تيسير التحرير 4/88، إرشاد الفحول ص 282.
6 في ز ض: تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي} يوسف/53.
إلَاّ لِيَعْبُدُونِ} 1 وَلأَنَّ ثَمَرَتَهُ نَيْلُ السَّعَادَةِ الأُخْرَوِيَّةِ؛ لأَنَّهَا أَكْمَلُ2 الثَّمَرَاتِ.
وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الأَرْبَعُ الأُخَرُ عَلَى الدِّينِيَّةِ؛ لأَنَّهَا حَقٌّ آدَمِيٌّ، وَهُوَ يَتَضَرَّرُ. وَالدِّينِيَّةُ حَقٌّ لِلَّهِ سبحانه وتعالى، وَهُوَ لا يَتَضَرَّرُ بِهِ3، وَلِذَلِكَ قُدِّمَ قَتْلُ الْقِصَاصِ عَلَى قَتْلِ الرِّدَّةِ عِنْدَ الاجْتِمَاعِ، وَمَصْلَحَةُ النَّفْسِ فِي تَخْفِيفِ الصَّلاةِ عَنْ مَرِيضٍ، وَمُسَافِرٍ، وَأَدَاءِ صَوْمٍ4، وَإِنْجَاءِ غَرِيقٍ، وَحِفْظِ الْمَالِ بِتَرْكِ جُمُعَةٍ، وَبَقَاءِ الذِّمِّيِّ مَعَ كُفْرِهِ5.
وَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَتْلَ إنَّمَا قُدِّمَ: لأَنَّ فِيهِ حَقَّيْنِ. وَلا يَفُوتُ حَقُّ اللَّهِ سبحانه وتعالى بِالْعُقُوبَةِ الْبَدَنِيَّةِ فِي الآخِرَةِ، وَفِي6 التَّخْفِيفِ عَنْهُمَا، تَقْدِيمٌ7 عَلَى فُرُوعِ الدِّينِ8 لا أُصُولِهِ، ثُمَّ هُوَ قَائِمٌ
1 الآية 56 من الذاريات.
2 في ز: آكد.
3 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، التمهيد ص 158، نهاية السول 3/227، الإحكام للآمدي 4/275، فواتح الرحموت 2/326.
4 في ض: الصوم.
5 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/317، التمهيد 158، الإحكام للآمدي 4/275، فواتح الرحموت 2/326، تيسير التحرير 4/89.
6 في ب: في، وفي ش: وهو.
7 في ش: فقدم.
8 في ش: فروعه.
مَقَامَهُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَقْصُودُ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا. وَبَقَاءُ الذِّمِّيِّ مِنْ مَصْلَحَةِ الدِّينِ لاطِّلاعِهِ عَلَى مَحَاسِنِ الشَّرِيعَةِ. فَيَسْهُلُ انْقِيَادُهُ. كَمَا فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَتَسْمِيَتِهِ فَتْحًا مُبِينًا1.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ قُلْت: وَنَظِيرُ الْقَتْلِ بِالْقَوَدِ أَوْ2 الرِّدَّةِ إذَا مَاتَ مَنْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَدَيْنٌ لآدَمِيٍّ، فَقِيلَ: تُقَدَّمُ الزَّكَاةُ؛ لأَنَّهَا3 حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى اخْتَارَهُ4 الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ وَصَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ وَعَنْهُ يُقَدَّمُ5 دَيْنُ الآدَمِيِّ. وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَ بِالْحِصَصِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَكَذَا لَوْ مَاتَ، وَعَلَيْهِ حَجٌّ، وَدَيْنٌ، وَضَاقَ مَالُهُ عَنْهُمَا. أُخِذَ لِلدَّيْنِ بِحِصَّتِهِ وَحَجُّ بِهِ مِنْ حَيْثُ يَبْلُغُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ6، وَعَلَيْهِ الأَصْحَابُ، وَعَنْهُ7 يُقَدَّمُ الدَّيْنُ لِتَأَكُّدِهِ، وَلَمْ يَحْكُوا هُنَا فِي الأُصُولِ: الْقَوْلَ8 بِالتَّسَاوِي، وَلَعَلَّهُمْ حَكَوْهُ وَلَمْ نَرَهُ. انْتَهَى.
1 وذلك في قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً} الفتح:1.
وانظر: الإحكام للآمدي 4/275 وما بعدها، فواتح الرحموت 2/326، تيسير التحرير 4/90.
2 ساقطة من ش.
3 في ش ع ب: لأنه.
4 في ش: واختاره.
5 في ع: وتقدم.
6 ساقطة من ض.
7 في ش: وقد.
8 ساقطة من ب.
"وَ" يُقَدَّمُ مِنْ قِيَاسٍ "مَا مُوجِبُ1 نَقْضِ عِلَّتِهِ مَانِعٌ، أَوْ فَوَاتُ شَرْطٍ، أَوْ مُحَقَّقٌ2 عَلَى مَا3" أَيْ عَلَى قِيَاسِ "مُوجِبِهِ ضَعِيفٌ، أَوْ مُحْتَمَلٌ"4.
أَمَّا كَوْنُ الْقِيَاسِ الَّذِي مُوجِبُ نَقْضِ عِلَّتِهِ قَوِيٌّ5، كَالْمَانِعِ وَفَوَاتِ الشَّرْطِ، مُقَدَّمًا عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي مُوجِبُ نَقْضِ عِلَّتِهِ ضَعِيفٌ: فَلأَنَّ قُوَّةَ مُوجِبِ النَّقْضِ دَلِيلٌ عَلَى قُوَّةِ الْعِلَّةِ الْمَنْقُوضَةِ6.
قَالَ الْعَضُدُ: إذَا انْتَقَضَ الْعِلَّتَانِ، وَ7كَانَ مُوجِبُ التَّخَلُّفِ فِي إحْدَاهُمَا8 فِي صُورَةِ النَّقْضِ قَوِيًّا9، وَفِي الآخَرِ10 ضَعِيفًا11: قُدِّمَ الأَوَّلُ12. انْتَهَى.
1 في ب: يوجب.
2 في ز: متحقق.
3 ساقطة من ع.
4 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/318.
5 في ض د: قوياً.
6 في ش: الناقصة.
7 في ش: أو.
8 في ع ب ز: أحدهما.
9 في ش ع ب ز: قوي.
10 في ز: الأخرى.
11 في ش ع ب ز: ضعيف، وفي العضد: ضعيفاً أو محتملاً.
12 العضد على ابن الحاجب 2/318.
وَأَمَّا كَوْنُ الْقِيَاسِ الَّذِي مُوجِبُ نَقْضِ عِلَّتِهِ مُحَقَّقًا1 مُقَدَّمًا2 عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي مُوجِبُ نَقْضِ عِلَّتِهِ مُحْتَمِلاً: فَلأَنَّ الْمُحَقَّقَ أَقْوَى مِنْ الْمُحْتَمَلِ3.
"وَبِانْتِفَاءِ مُزَاحِمِهَا فِي4 أَصْلِهَا" يَعْنِي: أَنَّ الْقِيَاسَ الَّذِي قَدْ انْتَفَى مُزَاحِمُ عِلَّتِهِ فِي الأَصْلِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا لَمْ يَنْتِفْ مُزَاحِمُ عِلَّتِهِ فِي الأَصْلِ5؛ لأَنَّ انْتِفَاءَ6 مُزَاحِمِ الْعِلَّةِ7 يُفِيدُ غَلَبَةَ الظَّنِّ بِالْعِلَّةِ8.
قَالَ الْعَضُدُ: تُرَجَّحُ الْعِلَّةُ بِانْتِفَاءِ الْمُزَاحِمِ لَهَا فِي الأَصْلِ، بِأَنْ لا تَكُونَ مُعَارَضَةً، وَالأُخْرَى مُعَارَضَةً9. انْتَهَى.
"وَبِرُجْحَانِهَا10 عَلَيْهِ" أَيْ: بِرُجْحَانِ11 الْعِلَّةِ عَلَى مُزَاحِمِهَا،
1 في ز: محقق.
2 في ز: متقدماً.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/318.
4 ساقطة من ب.
5 في ش ز: أصلها.
6 ساقطة من ض.
7 في ع: علة الأصل.
8 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/318، نهاية السول 3/232، الإحكام للآمدي 4/277.
9 العضد على ابن الحاجب 2/318.
10 في ش: ويرجحانها.
11 في ش: يرجحان، وفي ع ز: رجحان.
يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْقِيَاسُ الَّذِي تَكُونُ عِلَّتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مُزَاحِمِهَا فِي الأَصْلِ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي لا تَكُونُ عِلَّتُهُ رَاجِحَةً عَلَى مُزَاحِمِهَا؛ لِقُوَّتِهِ بِرُجْحَانِ عِلَّتِهِ1.
"وَبِقُوَّةِ مُنَاسَبَةٍ" يَعْنِي: أَنَّ أَحَدَ الْقِيَاسَيْنِ يُرَجَّحُ عَلَى الآخَرِ بِقُوَّةِ مُنَاسَبَةِ عِلَّتِهِ؛ لأَنَّ قُوَّةَ الْمُنَاسَبَةِ تُفِيدُ قُوَّةَ ظَنِّ الْعِلِّيَّةِ2.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَبِقُوَّةِ3 الْمُنَاسَبَةِ، بِأَنْ تَكُونَ4 أَفْضَى إلَى مَقْصُودِهَا، أَوْ لا تُنَاسِبُ5 نَقِيضَهُ6.
"وَمُقْتَضِيَةٍ لِثُبُوتٍ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ أَحَدُ الْقِيَاسَيْنِ عَلَى الآخَرِ لِكَوْنِ عِلَّتِهِ مُقْتَضِيَةً لِلثُّبُوتِ7 عِنْدَ الْقَاضِي وَأَصْحَابِهِ وَالْمُوَفَّقِ وَجَمْعٍ8، لأَنَّ الْعِلَّةَ الْمُقْتَضِيَةَ لِلثُّبُوتِ تُفِيدُ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمْ9 يُعْلَمْ بِالْبَرَاءَةِ الأَصْلِيَّةِ بِخِلافِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلنَّفْيِ، فَإِنَّهَا تُفِيدُ مَا عُلِمَ
1 انظر: نهاية السول 3/232.
2 انظر: المسودة ص 378، المدخل إلى مذهب أحمد ص 200.
3 في د ع ض: وتقوية.
4 في ب: يكون.
5 في ض: يناسب، وفي ب: مناسبة.
6 في ش: نقيضاً.
7 في ب: المثبوت.
8 قال الغزالي: وهو غير صحيح، وتقدمت هذه المسألة ص 444.
وانظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/318، الروضة ص 393، المستصفى 2/415، المنخول ص 449، الإحكام للآمدي 4/278.
9 في ش: لما لم.
بِالْبَرَاءَةِ الأَصْلِيَّةِ، وَمَا فَائِدَتُهُ شَرْعِيَّةٌ رَاجِحٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَقَاسَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَلَى الْخَبَرَيْنِ.
وَعِنْدَ الآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَجَمْعٍ: تُرَجَّحُ1 النَّافِيَةُ؛ لأَنَّ الْمُقْتَضِيَةَ لِلنَّفْيِ مُتَأَيِّدَةٌ بِالنَّفْيِ2.
"وعَامَّةٌ لِلْمُكَلَّفِينَ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ الْقِيَاسُ الَّذِي تَكُونُ3 عِلَّتُهُ عَامَّةً فِي الْمُكَلَّفِينَ -أَيْ: مُتَضَمِّنَةً لِمَصْلَحَةِ عُمُومِ الْمُكَلَّفِينَ- عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي تَكُونُ عِلَّتُهُ خَاصَّةً4 لِبَعْضِ5 الْمُكَلَّفِينَ، لأَنَّ مَا تَكُونُ6 فَائِدَتُهُ أَكْثَرَ: أَوْلَى7.
وَقَدَّمَ الْكَرْخِيُّ وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ الْخَاصَّةَ لِتَصْرِيحِهَا بِالْحُكْمِ.
وَكَذَا مَا أَصْلُهَا8 مِنْ جِنْسِ فَرْعِهَا، كَإِلْحَاقِ بَيْعِ الْغَائِبِ9 بِالسَّلَمِ بِلا صِفَةٍ، وَبِقَوْلِهِ: بِعْتُك عَبْدًا.
1 في ز: يرجح.
2 انظر: الإحكام للآمدي 4/278، ابن الحاجب والعضد عليه 2/318، المنخول ص 449، المتصفى 2/405، نهاية السول 3/232، البرهان 2/1289.
3 في ض: يكون.
4 في ض ع ب: جامعة.
5 في ش: بعض.
6 في ض: يكون.
7 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/318.
8 في ش: أصله.
9 في ش: المكاتب.
"وَ" تُقَدَّمُ عِلَّةٌ "مُوجِبَةٌ لِحُرِّيَّةٍ" عَلَى عِلَّةٍ مُقْتَضِيَةٍ لِرِقٍّ1. قَدَّمَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ، وَقَالَ:2 قَالَهُ الْقَاضِي وَبَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَقِيلَ: تُقَدَّمُ الْمُقْتَضِيَةُ لِلرِّقِّ. وَاخْتَارَهُ3 أَبُو الْخَطَّابِ4 5وَاخْتَارَ أَيْضًا أَنَّهُمَا6 سَوَاءٌ.
"وَ" تُقَدَّمُ عِلَّةٌ "حَاظِرَةٌ7" - أَيْ8: مُوجِبَةٌ لِلْحَظْرِ عِنْدَ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ وَالْكَرْخِيِّ9 عَلَى عِلَّةٍ مُوجِبَةٍ لِلإِبَاحَةِ؛ لأَنَّ تَقْدِيمَ الْحَاظِرَةِ أَوْلَى، وَأَحْوَطُ10.
1 انظر: المسودة ص 377، التبصرة 487، اللمع ص 68، المحصول 2/2/620، مختصر البعلي ص 172. وتقدمت هذه المسألة ص 444.
2 ساقطة من ز.
3 في ب: واختار.
4 في ش: أبو الخطاب وابن عقيل والكرخي.
5 ساقطة من ش، وفي ب: أنهما سواء. واختار ابن عقيل أنهما سواء.
وانظر: المسودة ص 377، الروضة ص 391، التبصرة ص 487، اللمع ص 68، الجدل لابن عقيل ص 26.
6 في ع: أنها.
7 في ش: موجبة للحظر، وفي د: حاضرة.
8 في ش: يعني وتقدم علة.
9 ساقطة من ش.
10 انظر: المسودة ص 378، الروضة ص 391، التبصرة ص 484، اللمع ص 68، البرهان 2/1290، مختصر البعلي ص 172، الجدل لابن عقيل ص 26.
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ احْتِمَالاً بِأَنَّهُمَا1 سَوَاءٌ2.
"وَ" تُقَدَّمُ "عِلَّةٌ لَمْ يُخَصَّ3 أَصْلُهَا" وَهِيَ عَامَّةُ الأَصْلِ، بِأَنْ تُوجَدَ فِي جَمِيعِ جُزْئِيَّاتِهِ، ذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ، كَالطُّعْمِ عَلَى الْكَيْلِ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ التَّفَاضُلَ فِي الْقَلِيلِ4؛ لأَنَّهَا أَكْثَرُ فَائِدَةً مِمَّا لا يَعُمُّ؛ كَالطُّعْمِ فِيمَنْ يُعَلِّلُ بِهِ فِي بَابِ الرِّبَا، فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ فِي الْبُرِّ مَثَلاً: قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، بِخِلافِ " الْقُوتِ " الْعِلَّةُ5 عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَلا يُوجَدُ6 فِي قَلِيلِهِ، فَجَوَّزُوا بَيْعَ الْحَفْنَةِ مِنْهُ7 بِالْحَفْنَتَيْنِ.
"أَوْ لَمْ يَسْبِقْهَا حُكْمُهَا" يَعْنِي: أَنَّهُ تُقَدَّمُ8 عِلَّةٌ وُجِدَ حُكْمُهَا مَعَهَا عَلَى عِلَّةٍ9 حُكْمُهَا مَوْجُودٌ قَبْلَهَا؛ لأَنَّ الْمَوْجُودَ حُكْمُهَا مَعَهَا
1 في ع ب: أنهما.
2 وهو قول بعض الشافعية بأن العلة الحاظرة والعلة المبيحة سواء، وتقدم ترجيح الحظر على الإباحة والأقوال فيها ص 442.
وانظر: المسودة ص 378، الروضة ص 392، التبصرة ص 484، اللمع ص 67.
3 في ض: يخصص.
4 ساقطة من ض د.
5 في ز: للعلة.
6 في ش: توجد.
7 ساقطة من ض ز.
8 في ب: يقدم.
9 في ض ب ز: من، وفي ع: ما.
يَدُلُّ عَلَى تَأْثِيرِهَا فِي الْحُكْمِ. كَتَعْلِيلِ1 أَصْحَابِنَا فِي الْبَائِنِ: أَنَّهَا لا نَفَقَةَ لَهَا وَلا سُكْنَى: بِأَنَّهَا2 أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ، فَأَشْبَهَتْ الْمُنْقَضِيَةَ3 الْعِدَّةِ. وَتَعْلِيلُ الْخَصْمِ: بِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْ طَلاقٍ4، أَشْبَهَتْ الرَّجْعِيَّةَ، فَعِلَّتُنَا أَوْلَى؛ لأَنَّ الْحُكْمَ - وَهُوَ سُقُوطُ النَّفَقَةِ - وُجِدَ بِوُجُودِهَا، وَقَبْلَ أَنْ تَصِيرَ أَجْنَبِيَّةً كَانَتْ النَّفَقَةُ وَاجِبَةً، وَعِلَّتُهُمْ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ؛ لأَنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى تَجِبُ5 لِلزَّوْجَةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ مُعْتَدَّةً مِنْ6 طَلاقٍ فَوَجَبَ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى.
"أَوْ وُصِفَتْ بِمَوْجُودٍ فِي الْحَالِ" يَعْنِي: أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَوْصُوفَةَ فِي الْحَالِ، أَيْ7 بِمَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْحَالِ تُقَدَّمُ عَلَى الْعِلَّةِ الْمَوْصُوفَةِ بِمَا يَجُوزُ8 وُجُودُهُ فِي ثَانِي الْحَالِ9؛ كَتَعْلِيلِ10 أَصْحَابِنَا فِي رَهْنِ الْمُشَاعِ11: أَنَّهُ عَيْنٌ يَصِحُّ بَيْعُهَا، فَصَحَّ رَهْنُهَا كَالْمُفْرَدِ، وَتَعْلِيلُ
1 في ب: لتعليل.
2 في ض ب ع ز: لأنها.
3 في ض: المقتضية.
4 في ز: طلاقٍ بائن.
5 في ش: يجب.
6 في ض ع ب ز: عن.
7 ساقطة من ش ز.
8 ساقطة من ش.
9 انظر: المسودة ص 382.
10 في ش: لتعليل.
11 في ش: المتاع.
الْخَصْمِ بِأَنَّهُ قَارَنَ الْعَقْدَ: مَعْنًى يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ رَفْعِ يَدِهِ فِي الثَّانِي. فَعِلَّتُنَا مُحَقَّقَةُ الْوُجُودِ، وَمَا ذَكَرُوهُ1 يَجُوزُ أَنْ يُوجَدَ، وَيَجُوزُ أَنْ لا يُوجَدَ فَكَانَتْ عِلَّتُنَا أَوْلَى2.
"أَوْ عَمَّتْ مَعْلُولَهَا" يَعْنِي: أَنَّهُ تُقَدَّمُ الْعِلَّةُ الَّتِي تَسْتَوْعِبُ مَعْلُولَهَا عَلَى مَا لَمْ تَسْتَوْعِبْهُ3، كَقِيَاسِنَا فِي جَرَيَانِ الْقِيَاسِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فِي الأَطْرَافِ بِأَنَّ مَنْ أَجْرَى الْقِيَاسَ بَيْنَهُمَا4 فِي النَّفْسِ5 أَجْرَاهُ بَيْنَهُمَا فِي الأَطْرَافِ كَالْحُرَّيْنِ. فَإِنَّهُ أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِمْ بِأَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي بَدَلِ النَّفْسِ، فَلا يَجْرِي الْقِيَاسُ بَيْنَهُمَا فِي الأَطْرَافِ. كَالْمُسْلِمِ مَعَ الْمُسْتَأْمَنِ؛ لأَنَّهُ لا تَأْثِيرَ لِقَوْلِهِمْ. فَإِنَّ الْعَبْدَيْنِ وَلَوْ تَسَاوَيَا فِي الْقِيمَةِ لا يَجْرِي الْقِيَاسُ بَيْنَهُمَا فِي الأَطْرَافِ عِنْدَهُمْ.
"وَمُفَسَّرَةٌ" يَعْنِي: أَنَّ الْعِلَّةَ الْمُفَسَّرَةَ -بِفَتْحِ السِّينِ- وَمَا قَبْلَهَا مِمَّا ذُكِرَ يُقَدَّمْنَ "عَلَى ضِدِّهِنَّ".
فَإِذَا وُجِدَتْ عِلَّةٌ مُفَسَّرَةٌ، وَعِلَّةٌ مُجْمَلَةٌ قُدِّمَتْ الْمُفَسَّرَةُ6.
قَالَ7 فِي التَّمْهِيدِ: وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ8 إحْدَاهُمَا مُفَسَّرَةً،
1 في ش: ذكره.
2 انظر: المسودة ص 382.
3 انظر: المسودة ص 379، 380.
4 في ض: عنهما، وفي ع: فيهما.
5 في ب: النفس أو.
6 انظر: المسودة ص 382.
7 في ب: وقال.
8 في ع: يكون، وفي ز: لا تكون.
وَالأُخْرَى مُجْمَلَةً، كَقِيَاسِنَا فِي الأَكْلِ فِي رَمَضَانَ، أَنَّهُ لا كَفَّارَةَ فِيهِ؛ لأَنَّهُ إفْطَارٌ1 بِغَيْرِ مُبَاشَرَةٍ 2، فَأَشْبَهَ مَا3 لَوْ ابْتَلَعَ حَصَاةً: أَوْلَى مِنْ قِيَاسِهِمْ أَفْطَرَ بِمُسَوَّغِ جِنْسِهِ؛ لأَنَّ الْمُفَسَّرَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مُقَدَّمٌ4 عَلَى الْمُجْمَلِ. وَكَذَا فِي الْمُسْتَنْبَطِ. انْتَهَى.
وَحَيْثُ انْتَهَى الْكَلامُ عَلَى تَرْجِيحِ الأَصْلِ5 فِي الدَّلِيلَيْنِ الْمَعْقُولَيْنِ شَرَعَ فِي الْكَلامِ عَلَى تَرْجِيحِ الْفَرْعِ6. فَقَالَ:
"الْفَرْعُ" يَعْنِي: أَنَّهُ يَكُونُ فِيهِ التَّرْجِيحُ وَيُرَجَّحُ7 بِمَا يَقْوَى بِهِ الظَّنُّ.
"وَيَقْوَى ظَنٌّ بِمُشَارَكَةِ" الْفَرْعِ الأَصْلَ "فِي أَخَصَّ" وَيُرَجَّحُ عَلَى مَا هُوَ مُشَارِكٌ فِي أَعَمَّ8 مِنْ ذَلِكَ الأَخَصِّ.
"وَ" يُرَجَّحُ أَيْضًا الْفَرْعُ بِ9 "بُعْدِهِ عَنْ الْخِلافِ".
إذَا عَلِمْت10 ذَلِكَ "فَيُقَدَّمُ" فَرْعٌ "مُشَارِكٌ" لِلأَصْلِ "فِي عَيْنِ
1 في ض: أفطر.
2 في ع: المباشرة.
3 ساقطة من ض ب ع ز.
4 في ش: يقدم.
5 ساقطة من ع د ض.
6 في ش: بالفرع.
7 في ش: فيرجح.
8 ساقطة من ش.
9 في ب ز: به.
10 في ض ع: علمنا.
الْحُكْمِ وَ" عَيْنِ "الْعِلَّةِ" عَلَى فَرْعٍ مُشَارِكٍ لأَصْلِهِ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، وَجِنْسِ الْعِلَّةِ، وَعَلَى مُشَارِكٍ فِي جِنْسِ الْحُكْمِ، وَعَيْنِ الْعِلَّةِ، وَعَلَى مُشَارِكٍ فِي عَيْنِ1 الْحُكْمِ، وَجِنْسِ الْعِلَّةِ2.
وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ؛ لأَنَّ التَّعَدِّيَةَ بِاعْتِبَارِ الاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى الأَخَصِّ تَكُونُ أَغْلَبَ عَلَى الظَّنِّ مِنْ الاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى الأَعَمِّ.
"فَفِي عَيْنِهَا وَجِنْسِهِ" يَعْنِي ثُمَّ يَلِي مَا تَقَدَّمَ، الْفَرْعُ الْمُشَارِكُ لِلأَصْلِ فِي عَيْنِ الْعِلَّةِ وَجِنْسِ الْحُكْمِ3؛ لأَنَّ الْعِلَّةَ أَصْلُ الْحُكْمِ الْمُتَعَدِّي، بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي خُصُوصِ الْعِلَّةِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ مَا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي خُصُوصِ الْحُكْمِ.
"فَفِي عَيْنِهِ وَجِنْسِهَا" يَعْنِي: ثُمَّ يَلِي مَا تَقَدَّمَ: الْفَرْعُ الْمُشَارِكُ لِلأَصْلِ فِي عَيْنِ الْحُكْمِ، وَجِنْسِ الْعِلَّةِ؛ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ4 عَلَى الْفَرْعِ الْمُشَارِكِ فِي جِنْسِ الْعِلَّةِ، وَجِنْسِ الْحُكْمِ5؛ لأَنَّ الْمُشَارِكَ فِي عَيْنِ
1 في ش: جنس.
2 انظر العضد على ابن الحاجب 2/318، الإحكام للآمدي 4/279، المحصول 2/2/613، فواتح الرحموت 2/325، تيسير التحرير 4/87، فتح الغفار 3/54، التلويح على التوضيح 3/17، إرشاد الفحول ص 283، الوسيط ص 641.
3 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/318، الإحكام للآمدي 4/279، تيسير التحرير 4/87، إرشاد الفحول ص 283.
4 في ب: مقدم.
5 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/318، الإحكام للآمدي 4/279، فواتح الرحموت 2/325، تيسير التحرير 4/87، إرشاد الفحول ص 283.
أَحَدِهِمَا أَوْلَى؛ لأَنَّهُ أَخَصُّ1.
"فَفِي جِنْسِهِمَا". يَعْنِي2 ثُمَّ يَلِي مَا تَقَدَّمَ: الْفَرْعُ الْمُشَارِكُ لِلأَصْلِ فِي جِنْسِ الْعِلَّةِ وَجِنْسِ الْحُكْمِ.
"وَبِقَطْعِ عِلَّةٍ فِي3 فَرْعٍ" يَعْنِي: أَنَّهُ يُرَجَّحُ4 الْقِيَاسُ الَّذِي الْعِلَّةُ فِي فَرْعِهِ مَقْطُوعٌ بِهَا، عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي الْعِلَّةُ فِي فَرْعِهِ5 مَظْنُونَةٌ6.
"وَبِتَأَخُّرِهِ"7 أَيْ: تَأَخُّرِ الْفَرْعِ، يَعْنِي أَنَّ الْفَرْعَ يُرَجَّحُ بِتَأَخُّرِهِ عَنْ الأَصْلِ فِي الرُّتْبَةِ، عَلَى فَرْعٍ يُسَاوِي8 الأَصْلَ فِي الرُّتْبَةِ9؛ لأَنَّ الْفَرْعَ وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْ زَمَنِ الأَصْلِ لا تَمْتَنِعُ مُسَاوَاتُهُ لَهُ فِي الرُّتْبَةِ، وَالْوَاجِبُ بِفَرْعِيَّةِ الْفَرْعِ إنَّمَا هُوَ التَّأَخُّرُ عَنْهُ بِاعْتِبَارِ الرُّتْبَةِ،
1 في ش: أخص في جنس العلة.
2 ساقطة من ش.
3 في ش: في علة.
4 ساقطة من ب.
5 ساقطة من ش ض.
6 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/381، الإحكام للآمدي 4/280، إرشاد الفحول ص 283.
7 ساقطة من ش، وفي هامشها:"بياض بالأصل هكذا قدر خمس كلمات"، وفي ب: أي تأخر الفرع، وسقط الباقي.
8 في ض: ليساوي.
9 انظر: الإحكام للآمدي 4/279.
لا مُطْلَقًا، بَلْ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ الَّذِي أُرِيدَ تَعْدِيَتُهُ إلَيْهِ.
"وَبِثُبُوتِهِ بِنَصٍّ" يَعْنِي أَنَّ الْقِيَاسَ الَّذِي ثَبَتَ1 حُكْمُ الْفَرْعِ2 فِيهِ بِالنَّصِّ يُرَجَّحُ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ حُكْمُ الْفَرْعِ فِيهِ بِالنَّصِّ3.
وَقَوْلُنَا "جُمْلَةً" لأَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ حُكْمُ الْفَرْعِ بِالنَّصِّ4 عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ: لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا بِالْقِيَاسِ، وَحِينَئِذٍ5 لَمْ يَكُنْ فَرْعًا، لأَنَّ الثَّابِتَ بِالنَّصِّ6 عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ لا يُقَاسُ حِينَئِذٍ7 عَلَى شَيْءٍ8.
وَحَيْثُ انْتَهَى الْكَلامُ عَلَى مَا يَتَرَجَّحُ بِهِ الْفَرْعُ شَرَعَ فِي الْكَلامِ عَلَى التَّرْجِيحِ فِيمَا دَلَّ عَلَيْهِ اللَّفْظُ وَالأَمْرُ الْخَارِجُ فَقَالَ:
"الْمَدْلُولُ وَأَمْرٌ خَارِجٌ9" يَعْنِي أَنَّهُ10 يَكُونُ التَّرْجِيحُ فِيهِمَا
1 ساقطة من ش.
2 في ع: السماع.
3 انظر: الإحكام للآمدي 4/280.
4 في ش: بالأصل.
5 ساقطة من ش ب.
6 في ع: بالنص حينئذ.
7 ساقطة من ش.
8 انظر: ابن الحاجب والعضد عليه 2/318.
9 في ش: خارجي.
10 في ش: أن.
"كَمَا مَرَّ فِي" الدَّلِيلَيْنِ "الْمَنْقُولَيْنِ" عَلَى حُكْمِ التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِيهِمَا1.
"وَتُرَجَّحُ عِلَّةٌ وَافَقَهَا خَبَرٌ ضَعِيفٌ، أَوْ" وَافَقَهَا "قَوْلُ صَحَابِيٍّ2، أَوْ" وَافَقَهَا "مُرْسَلُ3 غَيْرِهِ" أَيْ: غَيْرِ صَحَابِيٍّ4.
نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ حَدِيثَ الرَّجُلِ الضَّعِيفِ، كَابْنِ لَهِيعَةَ، وَجَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ5 أَبِي مَرْيَمَ، فَيُقَالُ6 لَهُ فِي ذَلِكَ، فَيَقُولُ7: أَعْرِفُهُ أَعْتَبِرُ بِهِ، كَأَنِّي أَسْتَدِلُّ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ، وَيَقُولُ8: يُقَوِّي بَعْضُهَا بَعْضًا9.
1 ذكر العضد أن ترجيح القياس بحسب الخارج لم يتعرض له ابن الحاجب، لأنه يعلم مما ذكر، كما لم يتعرض ابن الحاجب للصنف الثاني من الدليلين المعقولين، وهو "الاستدلالان" للسبب السابق.
انظر: العضد على ابن الحاجب 2/318-319، الإحكام للآمدي 4/280.
2 انظر: نهاية السول 3/231، المنخول ص 450، اللمع ص 68، المستصفى 2/400، الوسيط ص 646، الفقيه والمتفقه 2/216.
3 ساقطة من ب.
4 انظر: المستصفى 2/400، الفقيه والمتفقه 2/216.
5 في ض: وابن.
6 في ش: فقيل.
7 في ش: فقال.
8 في ز: فيقول.
9 سبق للمؤلف نقل هذا القول عن الإمام أحمد مع توجيهه، والاستدلال به على العمل بالحديث الضعيف في الفضل "2/571 وما بعدها".
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: قَوْلُ1 أَحْمَدَ " أَسْتَدِلُّ بِهِ مَعَ غَيْرِهِ " يَعْنِي يَصِيرُ حُجَّةً بِالانْضِمَامِ لا مُفْرَدًا، وَكَذَا حُكْمُ الْمُرْسَلِ، وَكَذَا حُكْمُ قَوْلِ2 الصَّحَابِيِّ، كَالْخَبَرِ الضَّعِيفِ يَقْوَى بِهِ، وَيُرَجَّحُ بِهِ.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَقَالَ أَيْضًا: الصَّحِيحُ أَنَّ الْعِلَّةَ تُرَجَّحُ إذَا وَافَقَهَا قَوْلُ صَحَابِيٍّ، وَإِنْ لَمْ تَجْعَلْهُ3 حُجَّةً.
وَالصَّحِيحُ أَيْضًا: أَنَّ الْمُرْسَلَ يُرَجَّحُ بِهِ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ فَكَذَلِكَ فِي الْعِلَّةِ.
وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي الْعُدَّةِ: لا يُرَجَّحُ بِمَا لا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ، فَلا يُرَجَّحُ بِمُرْسَلٍ4، وَلا بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ، إذَا لَمْ يَثْبُتْ بِذَلِكَ حُكْمٌ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي فُرُوعِهِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَقَالَ أَيْضًا: وَأَطْلَقَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ التَّرْجِيحَ بِهِ.
1 في ع ز: وقول.
2 في ض ب ع ز: وقول.
3 في ش ض ز: يجعله.
4 ذكر القاضي أبو يعلى في كتابه "العدة 3/1050" الترجيح بالمرسل فقال: "الرابع: أن يكون مع أحدهما حديث مرسل، لأنّ مجيئه من طريق مسند ومرسل أقوى له".
وَحَيْثُ انْتَهَى الْكَلامُ عَلَى الدَّلِيلَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ وَالْمَعْقُولَيْنِ شَرَعَ فِي ذِكْرِ التَّرْجِيحِ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُ الدَّلِيلَيْنِ مَنْقُولاً وَالآخَرُ مَعْقُولاً، فَقَالَ "الْمَنْقُولُ وَالْقِيَاسُ".
فَإِذَا وُجِدَ تَعَارُضٌ بَيْنَ الْمَنْقُولِ وَالْقِيَاسِ1 - وَالْمُرَادُ بِالْمَنْقُولِ: الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ. فَإِنَّهُ "يُرَجَّحُ" مَنْقُولٌ "خَاصٌّ دَلَّ" عَلَى الْمَطْلُوبِ "بِنُطْقِهِ" لأَنَّ الْمَنْقُولَ أَصْلٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقِيَاسِ؛ وَلأَنَّ مُقَدَّمَاتِهِ أَقَلُّ مِنْ مُقَدَّمَاتِ الْقِيَاسِ. فَيَكُونُ أَقَلَّ خَلَلاً2.
"وَإِلَاّ" أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ بِنُطْقِهِ، مَعَ كَوْنِ الْمَنْقُولِ خَاصًّا، فَلَهُ دَرَجَاتٌ، لأَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ مِنْ الْمَنْقُولِ الَّذِي دَلَّ عَلَى3 الْمَطْلُوبِ لا بِمَنْطُوقِهِ: قَدْ يَكُونُ أَقْوَى مِنْ الظَّنِّ الْحَاصِلِ مِنْ الْقِيَاسِ، وَقَدْ يَكُونُ مُسَاوِيًا لَهُ، وَقَدْ يَكُونُ أَضْعَفَ مِنْهُ، وَإِلَى ذَلِكَ أُشِيرَ بِقَوْلِهِ "فَمِنْهُ ضَعِيفٌ، وَقَوِيٌّ، وَمُتَوَسِّطٌ، فَ4" يَكُونُ "التَّرْجِيحُ فِيهِ بِحَسَبِ مَا يَقَعُ لِلنَّاظِرِ" فَيُعْتَبَرُ الظَّنُّ الْحَاصِلُ مِنْ الْمَنْقُولِ، وَالظَّنُّ الْحَاصِلُ مِنْ الْقِيَاسِ، وَيُؤْخَذُ بِأَقْوَى الظَّنَّيْنِ5.
1 في ض: بالقياس.
2 انظر: الإحكام للآمدي 4/280.
3 في ش: عليه.
4 في ش: و.
5 انظر: الإحكام للآمدي 4/280.