الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوائد في قواعد اللغة
…
"فَوَائِد"
1تَشْتَمِلُ عَلَى جُمْلَةٍ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ تُشْبِهُ الأَدِلَّةَ وَلَيْسَتْ بِأَدِلَّةٍ، لَكِنْ ثَبَتَ مَضْمُونُهَا بِالدَّلِيلِ، وَصَارَتْ يُقْضَى بِهَا فِي جُزْئِيَّاتِهَا، كَأَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ الْجُزْئِيِّ، فَلَمَّا كَانَتْ كَذَلِكَ نَاسَبَ ذِكْرُهَا فِي بَابِ الاسْتِدْلالِ.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ1 "مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ: أَنْ لا يُرْفَعَ يَقِينٌ بِشَكٍّ2".
وَمَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ الإِنْسَانَ مَتَى3 تَحَقَّقَ شَيْئًا، ثُمَّ شَكَّ: هَلْ زَالَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُتَحَقِّقُ4 أَمْ لا؟ الأَصْلُ بَقَاءُ5 الْمُتَحَقِّقِ6،
1 ساقطة من ض.
2 نصت المادة 4 من مجلة الأحكام العدلية: "اليقين لا يزول بالشك".
وانظر: الأشباه والنظائر للسيوطي ص 50، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 56، المدخل الفقهي العام 2/961، المدخل إلى مذهب أحمد ص 139، جمع الجوامع 2/356، أصول السرخسي 2/116، 117، تأسيس النظر ص 145.
3 في ش ز: إذا.
4 في ض ب ز: المحقق.
5 في ب: بقي.
6 في ز: المحقق.
فَيَبْقَى الأَمْرُ عَلَى مَا كَانَ مُتَحَقِّقًا؛ لِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَازِنِيِّ1 "شُكِيَ2 إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إلَيْهِ: أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلاةِ؟ قَالَ3: "لا يَنْصَرِفُ، حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا" مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ4.
وَلِمُسْلِمٍ "إذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ فِي بَطْنِهِ شَيْئًا فَأَشْكَلَ عَلَيْهِ: أَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أَمْ لا؟ فَلا يَخْرُجَنَّ5 مِنْ الْمَسْجِدِ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا"6.
1 في ض ب ز: عبد الله بن زيد المازني.
وهو الصحابي عبد الله بن بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه، الأنصاري الخزرجي الحارثي، أبو محمد، وقيل ليس في آبائه ثعلبة، شهد العقبة وبدراً والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي أري الأذان في النوم، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يؤذن على ما رآه عبد الله، وذلك سنة إحدى بعد الهجرة، له عدة أحاديث، روى عنه ابن المسيب وغيره، توفي سنة 32 هـ وصلى عليه عثمان رضي الله عنهما.
انظر ترجمته في "الإصابة 4/72، أسد الغابة 3/247، الخلاصة 2/58، مشاهير علماء الأمصار ص 19".
2 في ب: يشكى.
3 في ض: وكذلك.
4 هذا لفظ مسلم، والحديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد عن عبد الله بن زيد مرفوعاً.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 1/27، صحيح مسلم بشرح النووي 4/49، اللؤلؤ والمرجان 1/74، سنن أبي داود 1/40، سنن النسائي 1/83، سنن ابن ماجة 1/171، مسند أحمد 4/39، 40.
5 في ش: يخرج.
6 هذا الحديث رواه مسلم وأبو داود والترمذي وأحمد عن أبي هريرة مرفوعاً. انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 4/51، مختصر صحيح مسلم 1/48، سنن أبي داود 1/39، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 1/284، مسند أحمد 2/330، 414.
فَلَوْ شَكَّ فِي امْرَأَةٍ هَلْ تَزَوَّجَهَا أَمْ لا؟ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطْؤُهَا، اسْتِصْحَابًا لِحُكْمِ التَّحْرِيمِ إلَى أَنْ يَتَحَقَّقَ تَزَوُّجَهُ1 بِهَا اتِّفَاقًا.
وَكَذَا لَوْ2 شَكَّ: هَلْ3 طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَمْ لا؟ لَمْ تَطْلُقْ زَوْجَتُهُ4 وَلَهُ أَنْ يَطَأَهَا5 حَتَّى يَتَحَقَّقَ الطَّلاقَ اسْتِصْحَابًا لِلنِّكَاحِ.
وَكَذَا لَوْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ وَاحِدَةً أَمْ6 ثَلاثًا؟ الأَصْلُ الْحِلُّ.
وَكَذَا لَوْ تَحَقَّقَ الطَّهَارَةَ، ثُمَّ شَكَّ فِي زَوَالِهَا أَوْ عَكْسُهُ، لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى الشَّكِّ فِيهِمَا، وَفَعَلَ فِيهِمَا مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا.
وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي طَهَارَةِ الْمَاءِ أَوْ نَجَاسَتِهِ، أَوْ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ أَوْ مُحْدِثٌ، أَوْ شَكَّ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ أَوْ الطَّوَافِ أَوْ7 غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لا يُحْصَرُ.
1 في ض: تزويجه.
2 في ض: وكذلك.
3 ساقطة من ض.
4 ساقطة من ض.
5 في ض ب: يطأ.
6 في ش: أو.
7 في ض ب ز: و.
وَلا تَخْتَصُّ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بِالْفِقْهِ، بَلْ الأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ عَدَمُهُ، حَتَّى يَتَحَقَّقَ كَمَا نَقُولُ1: الأَصْلُ انْتِفَاءُ الأَحْكَامِ عَنْ الْمُكَلَّفِينَ، حَتَّى يَأْتِيَ مَا يَدُلُّ عَلَى خِلافِ ذَلِكَ، وَالأَصْلُ فِي الأَلْفَاظِ: أَنَّهَا لِلْحَقِيقَةِ وَفِي الأَوَامِرِ: أَنَّهَا لِلْوُجُوبِ وَفِي النَّوَاهِي: أَنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ، وَالأَصْلُ: بَقَاءُ الْعُمُومِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ وُرُودُ الْمُخَصِّصِ. وَالأَصْلُ: بَقَاءُ حُكْمِ النَّصِّ حَتَّى يَرِدَ النَّاسِخُ.
وَلأَجْلِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: كَانَ الاسْتِصْحَابُ حُجَّةً.
وَمِمَّا يَنْبَنِي عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: أَنْ2 لا يُطَالَبَ بِالدَّلِيلِ؛ لأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ عَلَى الاسْتِصْحَابِ3، كَمَا أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي بَابِ الدَّعَاوَى لا4 يُطَالَبُ بِحُجَّةٍ عَلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ، بَلْ الْقَوْلُ فِي الإِنْكَارِ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ5.
"وَ" مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ أَيْضًا "زَوَالُ الضَّرَرِ بِلا ضَرَرٍ6" يَعْنِي
1 في ض: تقول.
2 ساقطة من ب ز.
3 في: الأصحاب، وفي ب ض: للاستصحاب، وفي ز: إلى الاستصحاب.
4 في ب: ولم.
5 يعبر بعض علماء الأصول عن ذلك بقولهم: "نافي الحكم عليه الدليل"، وفي قول:"النافي لا يطالب بالدليل"، ويعتبرونه من أوجه الاستدلال، وفصل فريق ثالث بين العقليات والشرعيات، كما سيبينه المصنف فيما بعد صفحة 408.
6 انظر المادة 4 من المجلة، ونصها:"الضرر يزال" ويتفرع عنها المادة 19 من المجلة، ونصها:"لا ضرر ولا ضرار" والمادة 25 من المجلة ونصها: "الضرر =
أَنَّهُ1 يَجِبُ2 إزَالَةُ الضَّرَرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْحَقَ بِإِزَالَتِهِ ضَرَرٌ.
وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ3 صلى الله عليه وسلم "لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ" 4 وَفِي رِوَايَةٍ "وَلا إضْرَارٍ" 5 بِزِيَادَةِ هَمْزَةٍ فِي أَوَّلِهِ، وَأَلِفٍ بَيْنَ الرَّاءَيْنِ6.
وَقَدْ عَلَّلَ أَصْحَابُنَا بِذَلِكَ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ.
وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِيهَا مِنْ الْفِقْهِ مَا لا حَصْرَ لَهُ وَلَعَلَّهَا تَتَضَمَّنُ
= لا يزال بمثله" والمادة 31 من المجلة ونصها: "الضرر يدفع بقدر الإمكان".
وانظر الأشباه والنظائر للسيوطي ص 84، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 85، المدخل الفقهي العام 2/971، جمع الجوامع 2/356، المحصول 2/3/146، 242.
1 ساقطة من ض.
2 في ش ض ز: تجب.
3 في ز: قوله.
4 هذا الحديث رواه ابن ماجة عن ابن عباس وعبادة بن الصامت، ورواه أحمد عن عبادة، ورواه الحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري، وقال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط مسلم، ورواه الدارقطني عن عائشة وابن عباس، ورواه أبو داود في المراسيل عن واسع بن حبان بزيادة "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" ووصله الطبراني في "الأوسط" عن جابر، ورواه الإمام مالك في الموطأ مرسلاً، وقال النووي: حديث حسن، وله طرق يقوى بعضها ببعض.
انظر: سنن ابن ماجة 2/784، الموطأ ص 464، مسند أحمد 5/327، سنن الدارقطني 4/227-228، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص 305، شرح الأربعين النووية ص 74، جامع العلوم والحكم ص 265.
5 هذه الرواية عند أحمد عن ابن عباس مرفوعاً. "انظر: مسند أحمد 1/313".
6 في ض: راءتين.
نِصْفَهُ. فَإِنَّ الأَحْكَامَ إمَّا لِجَلْبِ الْمَنَافِعِ، أَوْ لِدَفْعِ الْمَضَارِّ، فَيَدْخُلُ فِيهَا دَفْعُ الضَّرُورِيَّاتِ الْخَمْسِ الَّتِي هِيَ حِفْظُ الدِّينِ، وَالنَّفْسِ وَالنَّسَبِ، وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ.
وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ تَرْجِعُ إلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ وَتَقْرِيرِهَا1 بِدَفْعِ الْمَفَاسِدِ أَوْ تَخْفِيفِهَا2.
وَمِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذِهِ الْقَاعِدَةِ " الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ3 " وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَإِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ" يَعْنِي أَنَّ وُجُودَ الضَّرَرِ يُبِيحُ ارْتِكَابَ الْمَحْظُورِ، أَيْ الْمُحَرَّمِ، بِشَرْطِ كَوْنِ ارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ أَخَفَّ مِنْ وُجُودِ الضَّرَرِ، وَمِنْ ثَمَّ جَازَ - بَلْ وَجَبَ - أَكْلُ الْمَيْتَةِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ وَكَذَلِكَ إسَاغَةُ اللُّقْمَةِ بِالْخَمْرِ وَبِالْبَوْلِ4. وَقَتْلُ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ إذَا صَالَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لا يَضْمَنُ. وَمِنْهَا5 الْعَفْوُ عَنْ أَثَرِ الاسْتِجْمَارِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا لا حَصْرَ لَهُ.
1 في ش: وتقديرها.
2 انظر بحثاً مستفيضاً عن تحقيق مقاصد الشريعة في جلب المنافع ودفع المضار في "المحصول 2/3/133، نهاية السول 3/152، الموافقات للشاطبي 2/3، قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام 1/5، ضوابط المصلحة ص 73 وما بعدها 77".
في ب: تحقيقها.
3 المادة 21 من المجلة، وانظر: نظرية الضرورة الشرعية ص 65.
4 في ض: والبول.
5 في ض: ومنه.
"وَ" مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ أَيْضًا: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ "الْمَشَقَّةُ تَجْلِبُ التَّيْسِيرَ1" وَدَلِيلُ ذَلِكَ: قَوْلُهُ سبحانه وتعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ 2} إشَارَةً إلَى مَا خَفَّفَ3 عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ مِنْ التَّشْدِيدِ عَلَى غَيْرِهِمْ، مِنْ الإِصْرِ وَنَحْوِهِ، وَمَا لَهُمْ مِنْ تَخْفِيفَاتٍ أُخَرَ، دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} 4 وَكَذَا تَخْفِيفُ الْخَمْسِينَ صَلاةً فِي لَيْلَةِ5 الإِسْرَاءِ إلَى خَمْسِ صَلَوَاتٍ6 وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَ7قَدْ قَالَ اللَّهُ سبحانه وتعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ} 8 {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
1 المادة 18 من المجلة.
وانظر: "جمع الجوامع 2/356، مرآة المجلة 1/15، المدخل الفقهي العام 2/988، أصول الفقه الإسلامي ص 363، 373.
2 الآية 78 من الحج.
3 في ش: رفع.
4 الآية 66 من الأنفال.
5 ساقطة من ب ض ز.
6 هذا الحديث رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد عن أنس بن مالك، ورواه الطبراني عن أبي أمامة الباهلي مرفوعاً.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 1/391، صحيح مسلم بشرح النووي 2/222، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 1/626، سنن النسائي 1/1880 وما بعدها، سنن ابن ماجة 1/448، مسند أحمد 3/149، 5/144، تخريج أحاديث البزدوي ص 221.
7 في ب: إلى.
8 الآية 185 من البقرة، وفي ز تكملة الآية:{وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} .
يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} 1 وَقَالَ فِي صِفَةِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ2 صلى الله عليه وسلم {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} 3 وَقَالَ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَاّ وُسْعَهَا} 4 وَقَالَ صلى الله عليه وسلم "بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ5 السَّمْحَةِ6".
وَيَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ: أَنْوَاعٌ مِنْ الْفِقْهِ مِنْهَا فِي الْعِبَادَاتِ: التَّيَمُّمُ عِنْدَ مَشَقَّةِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ عَلَى حَسَبِ تَفَاصِيلِهِ
1 الآية 28 من النساء.
2 غير موجودة في ب ز.
3 الآية 157 من الأعراف.
4 الآية 286 من البقرة.
5 في ض ب: الحنفية.
6 هذا جزء من حديث رواه أحمد عن أبي أمامة مرفوعاً، وأوله: "إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية، ولكني بعثت بالحنيفية السمحة
…
" "مسند أحمد 5/266"، ورواه أحمد عن عائشة مرفوعاً بلفظ: "لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة" "مسند أحمد 6/116، 233"، ورواه الخطيب في "التاريخ" بسند ضعيف عن جابر، وتتمته: "ومن خالف سنتي فليس مني"، ورواه البخاري في "صحيحه" معلقاً، وفي "الأدب المفرد" موصولاً، ورواه أحمد عن ابن عباس بلفظ: "أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة".
والمراد بالحنيفية: دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالتوحيد، قال ابن القيم: وجمع بين كونها حنيفية، وكونها سمحاء، فهي حنيفية في التوحيد، سمحة في العمل، وضد الأمرين الشرك وتحريم الحلال".
انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري 1/86، 87، مسند أحمد 1/236، فيض القدير 3/203، كشف الخفا 1/251، 340.
فِي الْفِقْهِ، وَالْقُعُودُ فِي الصَّلاةِ عِنْدَ مَشَقَّةِ الْقِيَامِ، وَفِي النَّافِلَةِ مُطْلَقًا، وَقَصْرُ الصَّلاةِ فِي السَّفَرِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الصَّلاتَيْنِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَمِنْ ذَلِكَ: رُخَصُ السَّفَرِ وَغَيْرُهَا.
وَمِنْ التَّخْفِيفَاتِ أَيْضًا: أَعْذَارُ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَتَعْجِيلُ الزَّكَاةِ، وَالتَّخْفِيفَاتُ1 فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلاتِ وَالْمُنَاكَحَاتِ وَالْجِنَايَاتِ.
وَمِنْ التَّخْفِيفَاتِ الْمُطْلَقَةِ: فُرُوضُ الْكِفَايَةِ2 وَسُنَنُهَا، وَالْعَمَلُ بِالظُّنُونِ لِمَشَقَّةِ الاطِّلاعِ عَلَى الْيَقِينِ.
"وَ" مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ أَيْضًا: قَوْلُ الْفُقَهَاءِ "دَرْءُ الْمَفَاسِدِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ3، وَدَفْعُ أَعْلاهَا" أَيْ أَعْلَى الْمَفَاسِدِ "بِأَدْنَاهَا4" يَعْنِي أَنَّ الأَمْرَ إذَا دَارَ بَيْنَ دَرْءِ مَفْسَدَةٍ وَجَلْبِ مَصْلَحَةٍ، كَانَ دَرْءُ الْمَفْسَدَةِ أَوْلَى مِنْ جَلْبِ الْمَصْلَحَةِ، وَإِذَا دَارَ الأَمْرُ أَيْضًا5 بَيْنَ دَرْءِ إحْدَى مَفْسَدَتَيْنِ، وَكَانَتْ إحْدَاهُمَا أَكْثَرَ
1 في ز: والتخفيف.
2 في ب ز: الكفايات.
3 المادة 30 من المجلة.
4 انظر: المادة 28 من المجلة، ونصها:"إذا تعارض مفسدتان، روعي أعظمهما ضرراً بارتكاب أخفهما".
5 ساقطة من ض، وفي ز: سقطت: أيضاً.
فَسَادًا مِنْ الأُخْرَى، فَدَرْءُ الْعُلْيَا مِنْهُمَا أَوْلَى مِنْ دَرْءِ1 غَيْرِهَا، وَهَذَا وَاضِحٌ2 يَقْبَلُهُ كُلُّ عَاقِلٍ، وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أُولُو الْعِلْمِ.
"وَ" مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ أَيْضًا "تَحْكِيمُ الْعَادَةِ" وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ "إنَّ الْعَادَةَ مُحَكَّمَةٌ"3 أَيْ مَعْمُولٌ بِهَا شَرْعًا؛ لِحَدِيثٍ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ4 وَهُوَ "مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ"5 وَلِقَوْلِ6 ابْنِ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى:{خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} 7: إنَّ مَعْنَى الْعُرْفِ: كُلُّ مَا عَرَفَتْهُ النُّفُوسُ مِمَّا لا تَرُدُّهُ الشَّرِيعَةُ8.
1 ساقطة من ض.
2 في ب: أوضح.
3 المادة 36 من المجلة.
وانظر: الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 93، جمع الجوامع 2/356، رسائل ابن عابدين 1/44، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 89.
4 ساقطة من ش ض.
5 حديث ابن مسعود سبق تخريجه "2/223".
6 في ش: وقول.
7 الآية 199 من الأعراف.
8 انظر تعريف العرف وأقوال العلماء فيه مع الأدلة والأمثلة في "رسائل ابن عابدين 2/114، الموافقات 2/220، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 93، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 89، البناني على جمع الجوامع 2/353، إعلام الموقعين 2/448، المسودة ص 123 وما بعدها، شرح تنقيح الفصول ص 448، المدخل الفقهي العام 2/838، أصول مذهب أحمد ص 523، العرف والعادة ص 10 وما بعدها، أثر الأدلة المختلف فيها ص 242".
قَالَ ابْنُ ظَفَرٍ1 فِي الْيَنْبُوعِ " الْعُرْفُ " مَا عَرِفَهُ الْعُقَلاءُ2 بِأَنَّهُ حَسَنٌ، وَأَقَرَّهُمْ الشَّارِعُ عَلَيْهِ.
وَكُلُّ مَا تَكَرَّرَ مِنْ لَفْظِ "الْمَعْرُوفِ" فِي الْقُرْآنِ نَحْوُ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} 3 فَالْمُرَادُ بِهِ مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ4 مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ الأَمْرِ وَمِنْ ذَلِكَ: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَاَلَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاَللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ 5} 6،
1 هو محمد بن أبي محمد بن محمد بن ظفر، الصقلي، أبو عبد الله، الملقب بالحجة أو حجة الدين، مكي الأصل، مغربي المنشأ، دخل صقلية وألف فيها كتابه "سُلوان المطاع في عدوان الأتباع" ثم سكن بالشام في آخر عمره، وأقام بحماة، وأمَّه الطلاب، وصنف التصانيف الجميلة في الآداب، وفسر القرآن الكريم تفسيراً جميلاً، وكان شاعراً أديباً عالماً بالنحو واللغة، وكان فقيراً، مات بحماة سنة 565 هـ، وقيل سنة 567 هـ، وقيل غير ذلك.
انظر ترجمته في "وفيات الأعيان 4/29، إنباء الرواة 3/74، معجم الأدباء 19/48".
2 في ش: العلماء.
3 الآية 19 من النساء.
4 ساقطة من ش ب ز.
5 في ض ب ز: الآية.
6 الآية 58 من النور.
فَأَمَرَ1 بِالاسْتِئْذَانِ فِي الأَوْقَاتِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهَا بِالابْتِذَالِ2 وَوَضْعِ الثِّيَابِ3، فَابْتَنَى الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ عَلَى4 مَا كَانُوا يَعْتَادُونَهُ. وَمِنْهَا5 قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِهِنْدٍ6 "خُذِي مَا يَكْفِيك وَوَلَدِك بِالْمَعْرُوفِ" 7 وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِحَمْنَةَ بِنْتِ
1 في ش: فالأمر.
2 في ض: بالاستئذان.
3 ساقطة من ب.
4 ساقطة من ض.
5 في ض: ومنه.
6 هي هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، القرشية العبشمية، الصحابية، أم معاوية بن أبي سفيان، أسلمت في الفتح بعد إسلام زوجها أبي سفيان، وكانت ذات عقل ورأي وأنفة، شهدت أحداً مع الكفار، وفعلت الأعاجيب، وحرضت المشركين على محاربة الإسلام والمسلمين والرسول، ثم حسن إسلامها، وناقشت رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيعة، وشهدت اليرموك مع زوجها، وتوفيت في اليوم الذي مات فيه والد أبي بكر الصديق في أول خلافة عمر رضي الله عنهم.
انظر ترجمتها في "الإصابة 8/206، أسد الغابة 7/292، وتهذيب الأسماء 2/357".
7 هذا جزء من حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن عائشة مرفوعاً، والأعلى لفظ النسائي.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 4/160، صحيح مسلم بشرح النووي 12/7، سنن أبي داود 2/260، سنن النسائي 8/216، سنن ابن ماجة 2/769، السنن الكبرى للبيهقي 10/142.
جَحْشٍ1 "تَحِيضِي فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى سِتًّا أَوْ سَبْعًا، كَمَا تَحِيضُ2 النِّسَاءُ وَكَمَا يَطْهُرْنَ لِمِيقَاتِ حَيْضِهِنَّ وَطُهْرِهِنَّ" رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ3 وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ4، وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدَّمَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنْ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا ذَلِكَ فَلْتَتْرُكْ الصَّلاةَ" رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا5.
1 هي حمنة بنت جحش الأسدية، أخت أم المؤمنين زينب، وأمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت حمنة زوجة مصعب بن عمير رضي الله عنه، فقتل عنها يوم أحد، فتزوجها طلحة بن عبيد الله، فولدت له محمداً وعمران ابني طلحة، وكانت حمنة من المهاجرات والمبايعات، وشهدت أحداً، وكانت تسقي العطشى، وتحمل الجرحى وتداويهم، روت عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها عمران، وأخرج عنها البخاري في "الأدب" وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
انظر ترجمتها في "الإصابة 8/53، أسد الغابة 7/69، تهذيب الأسماء 2/339، الخلاصة 3/379".
2 في ش: يحيض.
3 قال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح"، "جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 395، 399".
4 المستدرك 1/172.
5 وهذا جزء من حديث طويل، رواه أيضاً أبو داود والدارقطني، وسبق تخريجه "1/166".
انظر سنن أبي داود 1/62، سنن النسائي 1/99.
وَمِنْ ذَلِكَ: حَدِيثُ حَرَامِ بْنِ مُحَيِّصَةَ الأَنْصَارِيِّ1، عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ نَاقَةَ الْبَرَاءِ دَخَلَتْ حَائِطًا فَأَفْسَدَتْ فِيهِ، فَقَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَهْلِ الْحِيطَانِ2 حِفْظُهَا بِالنَّهَارِ، وَعَلَى أَهْلِ الْمَوَاشِي حِفْظُهَا بِاللَّيْلِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ جَمَاعَةٌ3. وَهُوَ أَدَلُّ شَيْءٍ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَادَةِ فِي الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ؛ إذْ بَنَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم التَّضْمِينَ4 عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.
وَضَابِطُهُ5 كُلُّ فِعْلٍ6 رُتِّبَ عَلَيْهِ الْحُكْمُ، وَلا ضَابِطَ لَهُ فِي الشَّرْعِ وَلا فِي اللُّغَةِ، كَإِحْيَاءِ الْمَوَاتِ، وَالْحِرْزِ فِي السَّرِقَةِ، وَالأَكْلِ
1 هو حرام بن سعد بن مُحيِّصة بن مسعود، الأنصاري الحارثي المدني التابعي، أبو سعد، وقيل أبو سعيد، ويقال حرام بن ساعدة، وحرام بن مُحيِّصة ينسب إلى جده، كان ثقة من المتقنين، وكان قليل الحديث، روى عنه الزهري، وأخرج له أصحاب السنن الأربعة، مات سنة 113هـ.
انظر ترجمته في "الخلاصة 1/202، تهذيب الأسماء 1/155، مشاهير علماء الأمصار ص 77".
2 في ش ض ب ز: الحائط.
3 رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد وآخرين عن حرام عن البراء متصلاً، ورواه الإمام مالك مرسلاً.
انظر: سنن أبي داود 2/267، سنن ابن ماجة 2/781، مسند أحمد 5/435، الموطأ ص 466، تهذيب الأسماء 1/155.
4 ساقطة من ب.
5 في ش ب ز: وضابط.
6 في ش: حكم.
مِنْ بَيْتِ الصَّدِيقِ. وَمَا يُعَدُّ قَبْضًا وَإِيدَاعًا وَإِعْطَاءً وَهَدِيَّةً وَغَصْبًا، وَالْمَعْرُوفُ فِي الْمُعَاشَرَةِ وَانْتِفَاعُ الْمُسْتَأْجِرِ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ. وَ1أَمْثَالُ هَذِهِ كَثِيرَةٌ لا تَنْحَصِرُ2.
وَمَأْخَذُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ وَمَوْضِعُهَا مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ فِي3 قَوْلِهِمْ "الْوَصْفُ الْمُعَلَّلُ بِهِ4 قَدْ يَكُونُ عُرْفِيًّا" أَيْ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعُرْفِ5 وَفِي بَابِ التَّخْصِيصِ فِي6 تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْعَادَةِ7.
"وَ" مِنْ أَدِلَّةِ الْفِقْهِ أَيْضًا8 "جَعْلُ الْمَعْدُومِ كَالْمَوْجُودِ احْتِيَاطًا" كَالْمَقْتُولِ تُورَثُ عَنْهُ الدِّيَةُ. وَإِنَّمَا تَجِبُ بِمَوْتِهِ وَلا تُورَثُ عَنْهُ9 إلَاّ إذَا دَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ، فَيُقَدَّرُ دُخُولُهَا قَبْلَ مَوْتِهِ.
1 في ب: في.
2 في ض: تحصر.
3 في ش: من.
4 ساقطة من ض.
5 مر سابقاً "القسم الأول ج 4".
6 في ش: وفي.
7 قال الحنابلة والشافعية العادة تخصص العموم خلافاً للحنفية والمالكية، وسبق تفصيل ذلك في المجلد الثالث ص 387 وما بعدها.
وانظر: أصول مذهب أحمد ص 537.
8 ساقطة من ش.
9 ساقطة من ش.
وَيَلْتَحِقُ بِمَا تَقَدَّمَ: قَاعِدَةٌ نَقَلَهَا1 الْعَلائِيُّ2 عَنْ بَعْضِ الْفُضَلاءِ. وَهِيَ أَنَّ "إدَارَةَ3 الأُمُورِ فِي الأَحْكَامِ عَلَى قَصْدِهَا4" وَدَلِيلُهَا حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ "إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ" وَرُبَّمَا أُخِذَتْ مِنْ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إلَاّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ5} ؛ لأَنَّ أَفْعَالَ الْعُقَلاءِ إذَا كَانَتْ مُعْتَبَرَةً، فَإِنَّمَا تَكُونُ عَنْ قَصْدٍ.
وَأَيْضًا: فَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ أَوَّلَ الْوَاجِبَاتِ عَلَى
1 في ب: نقله.
2 هو خليل بن كيكلدي بن عبد الله، الحافظ العلائي، أبو سعيد، صلاح الدين الدمشقي، قال ابن السبكي: "كان حافظاً ثبتاً ثقةً، عارفاً بأسماء الرجال والعلل والمتون، فقيهاً متكلماً، أديباً شاعراً، ناظماً ناثراً
…
، درس بدمشق، ثم ولي تدريس المدرسة الصلاحية بالقدس، فأقام بها إلى أن توفي، يصنف ويفيد وينشر العلم ويحيي السنة"، له مصنفات كثيرة، منها كتاب في الأشباه والنظائر في الفقه، وكتاب في المراسيل، وكتاب في المدلسين، وله كتاب: "تحقيق المراد بأن النهي يقتضي الفساد" في الأصول، توفي بالقدس سنة 761 هـ.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 10/35، الدرر الكامنة 2/179، ذيل تذكرة الحفاظ ص 43، البدر الطالع 1/245، البداية والنهاية 14/267، شذرات الذهب 6/190، الفتح المبين 2/175، طبقات الشافعية للأسنوي 2/239".
3 في ش ع: إرادة.
4 انظر: المادة 2 من المجلة ونصها: "الأمور بمقاصدها"، وانظر: الأشباه والنظائر، لابن نجيم ص 37، الأشباه والنظائر للسيوطي ص 8، المدخل الفقهي العام 2/959.
5 الآية 5 من البينة.
الْمُكَلَّفِ: الْقَصْدُ إلَى النَّظَرِ الْمُوصِلِ إلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى. فَالْقَصْدُ سَابِقٌ دَائِمًا1.
وَسَوَاءٌ فِي اعْتِبَارِ التَّصْدِيقِ2 فِي الأَفْعَالِ: الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، إلَاّ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَخْتَصُّ3 بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ4 إلَى اللَّهِ سبحانه وتعالى فَلا تَصِحُّ هَذِهِ النِّيَّةُ مِنْ كَافِرٍ، بِخِلافِ نِيَّةِ الاسْتِثْنَاءِ، وَالنِّيَّةِ فِي الْكِنَايَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ الْحَافِظُ الْعَلَاّمَةُ ابْنُ رَجَبٍ وَغَيْرُهُ عَلَى حَدِيثِ عُمَرَ كَلامًا شَافِيًا5 مِنْهُ: أَنَّ الْعُلَمَاءَ قَدْ6 اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيرِ7 مَعْنَاهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّهُ مِنْ دَلالَةِ الْمُقْتَضَى، وَأَنَّهُ لا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرٍ لِصِحَّةِ هَذَا الْكَلامِ، وَأَرْبَابُ هَذَا الْقَوْلِ اخْتَلَفُوا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَدَّرُ "صِحَّةُ" الأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ أَوْ "اعْتِبَارُهَا" أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَقِيلَ: يُقَدَّرُ "كَمَالُ" الأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ. وَقَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ8: إنَّهُ لَيْسَ مِنْ دَلالَةِ الْمُقْتَضَى، وَإِنَّهُ لا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِ شَيْءٍ أَصْلاً؛ لأَنَّ
1 سبق هذا مع مراجعه في المجلد الأول ص 308.
2 في ش ض ز: القصد.
3 في ب: لا يختص.
4 ساقطة من ب.
5 انظر: جامع العلوم والحكم ص 5 وما بعدها، شرح النووي على صحيح مسلم 13/53.
6 ساقطة من ش ز، وفي ب: إن.
7 في ض: تقرير.
8 في ش ز: كثير من.
الْحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ تَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ رُكْنِهَا أَوْ شَرْطِهَا. فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْعَمَلُ بِنِيَّةٍ فَهُوَ صُورَةُ عَمَلٍ لا عَمَلٌ شَرْعِيٌّ. فَصَحَّ النَّفْيُ، فَلا حَاجَةَ لِتَقْدِيرٍ.
وَبِالْجُمْلَةِ: فَمِمَّا1 تَدْخُلُ فِيهِ النِّيَّةُ الْعِبَادَاتُ جَمِيعُهَا. وَمِنْهَا: الْوُضُوءُ وَالتَّيَمُّمُ وَالْغُسْلُ عِنْدَنَا وَالصَّلاةُ فَرْضُهَا وَنَفْلُهَا، عَيْنُهَا وَكِفَايَتُهَا، وَالزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ2 وَالاعْتِكَافُ، وَالْحَجُّ فَرْضُ الْكُلِّ وَنَفْلُهُ وَالأُضْحِيَّةُ وَالْهَدْيُ، وَالنُّذُورُ وَالْكَفَّارَاتُ، وَالْجِهَادُ وَالْعِتْقُ، وَالتَّدْبِيرُ وَالْكِتَابَةُ، بِمَعْنَى أَنَّ حُصُولَ الثَّوَابِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ3 الأَرْبَعَةِ: يَتَوَقَّفُ عَلَى قَصْدِ التَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى.
وَيُقَالُ4 بَلْ يَسْرِي هَذَا إلَى سَائِرِ الْمُبَاحَاتِ إذَا قُصِدَ بِهَا التَّقَوِّي5 عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، أَوْ التَّوَصُّلِ إلَيْهَا كَالأَكْلِ وَالنَّوْمِ، وَاكْتِسَابِ الْمَالِ، وَالنِّكَاحِ وَالْوَطْءِ فِيهِ، وَفِي الأَمَةِ إذَا قَصَدَ بِهَا الإِعْفَافَ، أَوْ تَحْصِيلَ الْوَلَدِ الصَّالِحِ، أَوْ تَكْثِيرَ الأُمَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 في ب: فما.
2 في ض: والصوم.
3 ساقطة من ض ب ز.
4 ساقطة من ش ب ز.
5 في ش: التقوى.
"بَابٌ"
فِي1 بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسْتَدِلِّ 2، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ بَيَانِ الاجْتِهَادِ وَالْمُجْتَهِدِ وَالتَّقْلِيدِ، وَالْمُقَلِّدِ، وَمَسَائِلِ ذَلِكَ فَنَقُولُ "الاجْتِهَادُ" افْتِعَالٌ3 مِنْ الْجُهْدِ -بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ- وَهُوَ الطَّاقَةُ وَالاجْتِهَادُ "لُغَةً" أَيْ فِي اللُّغَةِ "اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ" أَيْ غَايَةُ مَا يَقْدِرُ عَلَى اسْتِفْرَاغِهِ "لِتَحْصِيلِ أَمْرٍ شَاقٍّ"4.
1 في ب: الاجتهاد في.
2 عرف القاضي أبو يعلى المستدل بأنه: "هو الطالب للدليل" ثم قال: "فإذا طالب السائل المسؤول بالدليل فهو مستدل لأن السائل يطلبه من المسؤول، والمسؤول يطلبه من الأصول""العدة 1/132".
وقال الباجي: "وقد سمى الفقهاء المحتج بالدليل مستدلاً، ولعلهم أرادوا بذلك أنه محتج به الآن، وقد تقد استدلاله به على الحكم الذي توصل إليه، ويحتج الآن به على ثبوته""الحدود ص 40".
3 في ب: انفعال.
4 انظر: المصباح المنير 1/155، القاموس المحيط 1/286، أساس البلاغة ص 144، معجم مقاييس اللغة 1/487.
"وَ" مَعْنَاهُ "اصْطِلاحًا: اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ" أَيْ ذُو الْفِقْهِ وَتَقَدَّمَ حَدُّ1 الْفَقِيهِ2، وَهُوَ قَيْدٌ مُخْرِجٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لأَنَّهُ لا يُسَمَّى فِي الْعُرْفِ فَقِيهًا، وَلِلْمُقَلِّدِ "وُسْعَهُ" بِحَيْثُ تَحُسُّ النَّفْسُ بِالْعَجْزِ عَنْ زِيَادَةِ اسْتِفْرَاغِهِ "لِدَرْكِ حُكْمٍ" يَسُوغُ فِيهِ الاجْتِهَادُ وَهُوَ الظَّنِّيُّ "شَرْعِيٍّ" لِيَخْرُجَ الْعَقْلِيُّ وَالْحِسِّيُّ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ جَمَاعَةٌ بِذَلِكَ لِلاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِذِكْرِ الْفَقِيهِ؛ لأَنَّ الْفَقِيهَ لا يَتَكَلَّمُ إلَاّ فِي الشَّرْعِيِّ3.
1 ساقطة من ض.
2 المجلد الأول ص 42.
والمراد بالفقيه عند الأصوليين: المجتهد، وإما إطلاقه على من يحفظ الفروع الفقهية فهو اصطلاح عند غيرهم.
انظر: مناهج العقول 3/233، جمع الجوامع 2/382، تيسير التحرير 4/179، فواتح الرحموت 2/362، صفة الفتوى ص 14، إرشاد الفحول ص 250، أصول مذهب أحمد ص 626.
3 انظر تعريف الاجتهاد عند الأصوليين مع اختلاف العبارات فيه، وما يدخل فيه وما يخرج منه في "المستصفى 2/350، الإحكام للآمدي 4/62، 1/164، جمع الجوامع 2/289، المحصول 2/3/7، 39، الحدود للباجي ص 64، التعريفات ص 8، شرح تنقيح الفصول ص 429، مجموع الفتاوى 20/202، الروضة ص 352، فتح الغفار 3/34، مختصر البعلي ص 163، مختصر الطوفي ص 173، كشف الأسرار 4/14، نهاية السول 3/233، التلويح على التوضيح 3/62، فواتح الرحموت 2/362، مختصر ابن الحاجب 2/289، إرشاد الفحول ص 250، تيسير التحرير 4/179، الإحكام لابن حزم 1/41، 2/1155، أصول مذهب أحمد ص 625، المدخل إلى مذهب أحمد ص 179.
وَقَالَ الآمِدِيُّ: هُوَ اسْتِفْرَاغُ الْوُسْعِ فِي طَلَبِ الظَّنِّ بِشَيْءٍ مِنْ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى وَجْهٍ يُحَسُّ مِنْ النَّفْسِ بِالْعَجْزِ1 عَنْ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ2 3.
"وَشَرْطُ مُجْتَهِدٍ: كَوْنُهُ فَقِيهًا4، وَهُوَ" أَيْ الْفَقِيهُ فِي الاصْطِلاحِ "الْعَالِمُ بِأُصُولِ الْفِقْهِ" أَيْ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى اسْتِخْرَاجِ أَحْكَامِ الْفِقْهِ مِنْ أَدِلَّتِهَا "وَمَا يُسْتَمَدُّ مِنْهُ" أَيْ5 مِنْ6 أُصُولِ الْفِقْهِ7.
1 في ض والآمدي: العجز.
2 في الآمدي: فيه
3 الإحكام للآمدي 4/162.
4 انظر في شروط المجتهد "الروضة ص 352، الرسالة ص 509 وما بعدها، حاشية السعد على ابن الحاجب 2/290، جمع الجوامع 2/382، الإحكام للآمدي 4/162، المستصفى 2/250 وما بعدها، المحصول 2/3/30، شرح تنقيح الفصول ص 437، نهاية السول 3/244، فتح الغفار 3/34، كشف الأسرار 4/15، تيسير التحرير 4/180، فواتح الرحموت 2/363، الموافقات 4/67، الرد إلى من أخلد إلى الأرض ص 113، المقنع 4/247، مختصر مذهب أحمد ص 180، إرشاد الفحول ص 250، الوسيط ص 486".
5 ساقطة من ض ب ز.
6 ساقطة من ز.
7 يقول الإمام الغزالي عن العلوم التي يستفاد منها منصب الاجتهاد بأنه: "يشتمل عليه ثلاثة فنون: علم الحديث وعلم اللغة وعلم أصول الفقه" المستصفى 2/353".
وانظر: الفروع لابن مفلح 6/425، صفة الفتوى ص 14، البرهان 2/1332.
وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ: أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ سَجِيَّةٌ وَقُوَّةٌ يَقْتَدِرُ1 بِهَا عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ وَالتَّرْتِيبِ، وَالتَّصْحِيحِ وَالإِفْسَادِ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِلاكُ صِنَاعَةِ الْفِقْهِ.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: إذَا لَمْ يَتَكَلَّمْ الْفَقِيهُ فِي مَسْأَلَةٍ لَمْ يَسْمَعْهَا، كَكَلامِهِ فِي مَسْأَلَةٍ سَمِعَهَا، فَلَيْسَ بِفَقِيهٍ.
وَاَلَّذِي يُسْتَمَدُّ مِنْهُ أُصُولُ الْفِقْهِ: هُوَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَمَا تَفَرَّعَ عَنْهُمَا2.
"وَ" أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِ "الأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ مُفَصَّلَةً، وَاخْتِلافِ مَرَاتِبِهَا" وَلَيْسَ الْمُرَادُ: أَنْ يَعْرِفَ سَائِرَ آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَجَمِيعَ أَحَادِيثِ السُّنَّةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ: مَا يَحْتَاجُ إلَى مَعْرِفَتِهِ.
"فَمِنْ الْكِتَابِ3 وَ4السُّنَّةِ: مَا يَتَعَلَّقُ بِالأَحْكَامِ" وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ الآيَاتِ خَمْسُمِائَةِ آيَةٍ، وَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا مَا هُوَ مَقْصُودٌ بِهِ5 الأَحْكَامُ بِدَلالَةِ الْمُطَابَقَةِ أَمَّا بِدَلالَةِ الالْتِزَامِ: فَغَالِبُ الْقُرْآنِ، بَلْ كُلُّهُ؛ لأَنَّهُ لا يَخْلُو شَيْءٌ مِنْهُ عَنْ حُكْمٍ يُسْتَنْبَطُ مِنْهُ.
1 في ض: يقدر.
2 في ض: منهما.
3 ساقطة من ض.
4 ساقطة من ض.
5 ساقطة من ب.
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعِلْمِهِ بِذَلِكَ حِفْظَهُ، بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ "بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ اسْتِحْضَارُهُ لِلاحْتِجَاجِ بِهِ، لا حِفْظُهُ" يَعْنِي أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ حِفْظُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ، حَيْثُ أَمْكَنَهُ اسْتِحْضَارُ ذَلِكَ عِنْدَ إرَادَةِ الاحْتِجَاجِ بِهِ1.
"وَ" يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِ "النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ مِنْهُمَا" أَيْ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، مِمَّا2 يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى تِلْكَ الْوَاقِعَةِ الَّتِي يُفْتِي فِيهَا مِنْ آيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ، حَتَّى لا يَسْتَدِلَّ بِهِ إنْ كَانَ مَنْسُوخًا، وَلا يُشْتَرَطُ أَنْ يَعْرِفَ جَمِيعَ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ فِي جَمِيعِ الْمَوَاضِعِ3.
"وَ" يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِ "صِحَّةِ الْحَدِيثِ وَضَعْفِهِ" سَنَدًا وَمَتْنًا، لِيَطْرَحَ الضَّعِيفَ حَيْثُ لا يَكُونُ فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ، وَيَطْرَحَ الْمَوْضُوعَ مُطْلَقًا، وَأَنْ يَكُونَ عَالِمًا
1 انظر: الروضة ص 352، مختصر البعلي ص 163، مختصر الطوفي ص 174، نزهة الخاطر 2/402، الإحكام للآمدي 2/163، المستصفى 2/351، المحصول 2/3/33، شرح تنقيح الفصول ص 437، مناهج العقول 3/243، التلويح على التوضيح 3/62، كشف الأسرار 4/15، تيسير التحرير 4/181، إرشاد الفحول ص 250، المدخل إلى مذهب أحمد ص 180.
2 في ز: مما كان.
3 انظر: جمع الجوامع 2/384، الإحكام للآمدي 4/163، المستصفى 2/352، المحصول 2/3/35، نهاية السول 3/245، نزهة الخاطر 2/403، تيسير التحرير 4/182، إرشاد الفحول ص 252، المدخل إلى مذهب أحمد ص 181.
بِحَالِ الرُّوَاةِ فِي الْقُوَّةِ وَالضَّعْفِ1، لِيَعْلَمَ مَا يَنْجَبِرُ مِنْ الضَّعْفِ2 بِطَرِيقٍ آخَرَ "وَلَوْ" كَانَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ "تَقْلِيدًا كَنَقْلِهِ" ذَلِكَ3 "مِنْ كِتَابٍ صَحِيحٍ" مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمَنْسُوبَةِ لأَئِمَّتِهِ كَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَالتِّرْمِذِيِّ وَالْحَاكِمِ وَغَيْرِهِمْ4؛ لأَنَّهُمْ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ، فَجَازَ الأَخْذُ بِقَوْلِهِمْ، كَمَا يُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْمُقَوِّمِينَ فِي الْقِيَمِ5.
"وَ" يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ فِي عِلْمِهِ "مِنْ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ مَا يَكْفِيهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا" أَيْ بِالنَّحْوِ وَاللُّغَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم6َ "مِنْ نَصٍّ، وَ" مِنْ
1 في ب: والضعيف.
2 في ز: الضعيف.
3 في ض: لذلك.
4 في ش ب: ونحوهم.
5 انظر: مختصر البعلي ص 163، مختصر الطوفي ص 174، نزهة الخاطر 2/404، جمع الجوامع 2/384، الإحكام للآمدي 4/163، المستصفى 2/351، 35 وما بعدها، المحصول 2/3/33، 35، شرح تنقيح الفصول ص 437، 438، نهاية السول 3/244، 245، التلويح على التوضيح 3/63، كشف الأسرار 4/15، تيسير التحرير 4/182، إرشاد الفحول ص 251، المدخل إلى مذهب أحمد ص 180، 181.
6 انظر: نزهة الخاطر 2/405، مختصر البعلي ص 164، مختصر الطوفي ص 174، الإحكام للآمدي 4/163، المستصفى 2/352، المحصول 2/3/35، شرح تنقيح الفصول ص 437، نهاية السول 3/245، إرشاد الفحول ص 251.
"ظَاهِرٍ، وَ" مِنْ "مُجْمَلٍ، وَمُبَيِّنٍ، وَ" مِنْ "حَقِيقَةٍ وَمَجَازٍ، وَ" مِنْ "أَمْرٍ، وَنَهْيٍ، وَ" مِنْ "عَامٍّ، وَخَاصٍّ، وَ" مِنْ "مُسْتَثْنًى وَمُسْتَثْنًى مِنْهُ، وَ" مِنْ "مُطْلَقٍ، وَمُقَيَّدٍ1، وَ" مِنْ "دَلِيلِ الْخِطَابِ وَنَحْوِهِ" كَفَحْوَى الْخِطَابِ وَلَحْنِهِ وَمَفْهُومِهِ؛ لأَنَّ بَعْضَ الأَحْكَامِ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، وَوَقَفَ عَلَيْهِ تَوَقُّفًا ضَرُورِيًّا، لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} 2؛ لأَنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ بِرَفْعِ " الْجُرُوحِ " وَنَصْبِهَا3، وَلأَنَّ مَنْ لا4 يَعْرِفُ ذَلِكَ لا5 يَتَمَكَّنُ مِنْ اسْتِنْبَاطِ الأَحْكَامِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لأَنَّهُمَا فِي الذُّرْوَةِ الْعُلْيَا مِنْ مَرَاتِبِ الإِعْجَازِ. فَلا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِه6ِ أَوْضَاعَ الْعَرَبِ، بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ
1 ساقطة من ب.
2 الآية 45 من المائدة.
3 قرأ نافع وعاصم والأعمش وحمزة بالنصب "والجروحَ قصاص"، وقرأها ابن كثير وعامر وأبو عمرو وأبو جعفر بالرفع، استئنافاً عما قبلها، كما قرأها الكسائي وأبو عبيد بالرفع وعطف الجمل في الآية:"وكتبنا عليهم فيها: أن النفسُ بالنفس، وَالْعَيْنُ بِالْعَيْنِ، والْأَنْفُ بِالْأَنْفِ، والأُذنُ بِالأُذنِ، والسنُ بالسن، والجَرُوْحُ قصاص"، ويختلف المعنى بحسب كل قراءة، قال ابن المنذر:"ومن قرأ بالرفع جعل ذلك ابتداء كلام يتضمن بيان الحكم للمسلمين" أي وليس مكتوباً في التوراة، ويلتزم به المسلمون جميعاً، ويكون أول الآية من شرع من قبلنا، وفيه اختلاف بين الأئمة والعلماء.
انظر: فتح القدير للشوكاني 2/46، تفسير القرطبي 6/193، أحكام القرآن لابن العربي 2/624، زاد المسير 2/367.
4 في ش: لم
5 في ب ز: لم.
6 في ض: معرفة
حَمْلِ كِتَابِ1 اللَّهِ سبحانه وتعالى وَكَلامِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ أَسَالِيبِ الْعَرَبِ وَمَوَاقِعِ كَلامِهَا، وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ مِنْ الْمَرْجُوحِ جَائِزًا فِي كَلامِهِمْ.
"وَ" يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِ "الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ" حَتَّى لا يُفْتِيَ بِخِلافِ مَا أُجْمِعَ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ قَدْ خَرَقَ الإِجْمَاعَ2.
"وَ" بِ "أَسْبَابِ النُّزُولِ" قَالَهُ ابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فِي الآيَاتِ، وَأَسْبَابِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَحَادِيثِ؛ لِيَعْرِفَ الْمُرَادَ مِنْ ذَلِكَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَعْمِيمٍ3.
"وَ" أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِ "مَعْرِفَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِصِفَاتِهِ الْوَاجِبَةِ وَمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ" سبحانه وتعالى "وَ" مَا "يَمْتَنِعُ" عَلَيْهِ4 بِأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ
1 في ز: كلام.
2 انظر: المحصول 2/3/34، جمع الجوامع 2/384، نهاية السول 3/244، ص 182، مختصر الطوفي ص 174، نزهة الخاطر 2/405، إرشاد الفحول ص 251.
3 انظر: جمع الجوامع 2/384، الإحكام للآمدي 4/164، نهاية السول 3/245.
4 في ش: عنه
اللَّهَ سبحانه وتعالى حَكِيمٌ، عَلِيمٌ1، غَنِيٌّ2 قَادِرٌ، وَأَنَّ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم مَعْصُومٌ عَنْ الْخَطَإِ فِيمَا شَرَعَهُ، وَأَنَّ إجْمَاعَ الأُمَّةِ مَعْصُومٌ.
وَلا تَصِحُّ مَعْرِفَتُهُ بِذَلِكَ مِنْ حَالِ الْبَارِي سبحانه وتعالى إلَاّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ.
وَلا تَصِحُّ مَعْرِفَتُهُ بِعِصْمَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إلَاّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِكَوْنِهِ نَبِيًّا.
وَلا تَصِحُّ مَعْرِفَتُهُ بِعِصْمَةِ الأُمَّةِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ3 اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى خَطَإٍ4.
قَالَ فِي الْوَاضِحِ فِي صِفَةِ الْمُفْتِي: وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ بِالأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ النَّظَرِيَّةِ حُدُوثَ5 الْعَالَمِ، وَأَنَّ لَهُ صَانِعًا6، وَأَنَّهُ وَاحِدٌ، وَأَنَّهُ عَلَى صِفَاتٍ وَاجِبَةٍ لَهُ، وَأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ صِفَاتِ الْمُحْدَثِينَ7، وَأَنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ إرْسَالُ الرُّسُلِ، وَأَنَّهُ قَدْ أَرْسَلَ رُسُلاً بِأَحْكَامٍ
1 في ش ب ز: عالم.
2 في ش: حي.
3 في ض ز: مستحيل.
4 انظر: الإحكام للآمدي 4/162، المستصفى 2/352، مناهج العقول 3/244، إرشاد الفحول ص 252.
5 في ض ب ز: حدث.
6 في ش: إلهاً.
7 في ز: المخلوقين.
شَرَعَهَا، وَأَنَّ1 صِدْقَهُمْ بِمَا2 جَاءُوا بِهِ ثَبَتَ بِمَا أَظْهَرَهُ عَلَى أَيْدِيهِمْ مِنْ الْمُعْجِزَاتِ. انْتَهَى.
"وَ" لا يُشْتَرَطُ فِي الْمُجْتَهِدِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِ "تَفَارِيعِ3 الْفِقْهِ"؛ لأَنَّ الْمُجْتَهِدَ هُوَ الَّذِي يُوَلِّدُهَا وَيَتَصَرَّفُ فِيهَا، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ شَرْطًا فِيهَا4 لَلَزِمَ الدَّوْرُ؛ لأَنَّهَا نَتِيجَةُ الاجْتِهَادِ فَلا يَكُونُ الاجْتِهَادُ نَتِيجَتَهَا.
"وَ" لا "عِلْمُ الْكَلامِ" أَيْ عِلْمُ أُصُولِ الدِّينِ، قَالَهُ الأُصُولِيُّونَ5، لَكِنَّ الرَّافِعِيَّ قَالَ: إنَّ الأَصْحَابَ عَدُّوا مِنْ شُرُوطِ الاجْتِهَادِ مَعْرِفَةَ أُصُولِ الْعَقَائِدِ.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْكَلامَيْنِ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْغَزَالِيُّ
1 في ض: وأنه.
2 في ز: فيما.
3 التفاريع جمع تفريع، من فرّع يفرّع تفريعاً، أما فرَع يَفْرَع فالمصدر فرعاً، والجمع فروع، والفرع ما بني على غيره، وقيس عليه، ويقابل الأصل، يقال فرّع المسائل من هذا الأصل جعلها فروعَه واستخرجها منه، وفرّعت من هذا الأصل مسائل فتفرعت أي استخرجتها فخرجت، قال الزمخشري:"وهو حسن التفريع للمسائل".
انظر: أساس البلاغة ص 711، المصباح المنير 2/642، القاموس المحيط 3/61".
4 في ش ض: فيها.
5 اتفق العلماء على أنه لا يشترط في المجتهد أن يكون عالماً بفروع الفقه، ولا بعلم الكلام، لكن قال الغزالي:"إنما يحصل منصب الاجتهاد في زمانه بممارسته فهو طريق تحصيل الدربة في هذا الزمان""المستصفى 2/353".
وانظر: الإحكام للآمدي 2/163، المستصفى 2/352، المحصول =
حَيْثُ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّهُ يَكْفِي اعْتِقَادٌ جَازِمٌ، وَلا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُتَكَلِّمِينَ بِأَدِلَّتِهِمْ1 الَّتِي يُحَرِّرُونَهَا2. انْتَهَى.
"وَلا" يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا3 "مَعْرِفَةُ أَكْثَرِ الْفِقْهِ".
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَاعْتَبَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: مَعْرِفَةَ أَكْثَرِ الْفِقْهِ وَالأَشْهَرُ: لا؛ لأَنَّهُ نَتِيجَتُهُ. انْتَهَى.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَمَا4 سَبَقَ مِنْ الشُّرُوطِ: فَفِي الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ5 الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الشَّرْعِ6 بِمَا يُؤَدِّيهِ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ.
"وَ" أَمَّا "الْمُجْتَهِدُ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ" فَهُوَ "الْعَارِفُ بِمَدَارِكِهِ" أَيْ مَدَارِكِ مَذْهَبِ إمَامِهِ 7"الْقَادِرُ عَلَى تَقْرِيرِ قَوَاعِدِهِ، وَ" عَلَى "الْجَمْعِ وَالْفَرْقِ" بَيْنَ مَسَائِلِهِ8.
قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ: وَأَمَّا الْمُجْتَهِدُ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ7:
= 2/3/36، نهاية السول 3/245، صفة الفتوى ص 16، الروضة ص 353، جمع الجوامع 2/384، 385، التلويح على التوضيح 3/63، كشف الأسرار ص 174، إرشاد الفحول ص 252، المدخل إلى مذهب أحمد ص 182.
1 في ض: بأداتهم.
2 انظر المستصفى 2/352 مع التصرف بالعبارة.
3 في ش ض: أيضاً فيه.
4 في ض: فيما.
5 في ش: المفتي.
6 ساقطة من ب.
7 ساقطة من ب.
8 في ض: المسائل.
فَنَظَرُهُ1 فِي بَعْضِ نُصُوصِ إمَامِهِ وَتَقْرِيرِهَا، وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا، كَاجْتِهَادِ إمَامِهِ فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ2. انْتَهَى.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ لَهُ أَرْبَعَ حَالاتٍ3:
الأُولَى: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُقَلِّدٍ لإِمَامِهِ فِي الْحُكْمِ وَالدَّلِيلِ، لَكِنْ4 سَلَكَ طَرِيقَهُ5 فِي الاجْتِهَادِ وَالْفَتْوَى. وَدَعَا إلَى مَذْهَبِهِ6، وَقَرَأَ كَثِيرًا7 مِنْهُ عَلَى أَهْلِهِ، فَوَجَدَهُ صَوَابًا، وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، وَأَشَدَّ مُوَافَقَةً فِيهِ وَفِي طَرِيقِهِ8.
الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، مُسْتَقِلاًّ بِتَقْرِيرِهِ
1 في ب: فتنظره.
2 وهذا ما قاله أبو عمرو ابن الصلاح وغيره، "انظر: صفة الفتوى ص 20، المسودة 544".
3 انظر أصناف المجتهدين في المذهب وحالاتهم في "المجموع للنووي 1/71 وما بعدها، الأنوار 2/395، روضة الطالبين 11/101، المسودة ص 547 وما بعدها، رسائل ابن عابدين 1/11، صفة الفتوى ص 17 وما بعدها، جمع الجوامع 2/385، مناهج العقول 3/245، إعلام الموقعين 4/270 وما بعدها، الرد على من أخلد إلى الأرض ص 113 وما بعدها، الوسيط ص 522، المدخل إلى مذهب أحمد ص 184.
4 في ز: ولكن.
5 في ض: طريقته.
6 في ض ب ز: مذهب.
7 في ض: أكثر.
8 صفة الفتوى ص 17، وانظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 184.
بِالدَّلِيلِ، لَكِنْ لا يَتَعَدَّى أُصُولَهُ وَقَوَاعِدَهُ مَعَ إتْقَانِهِ لِلْفِقْهِ وَأُصُولِهِ، وَأَدِلَّةِ مَسَائِلِ الْفِقْهِ، عَارِفًا بِالْقِيَاسِ وَنَحْوِهِ، تَامَّ الرِّيَاضَةِ، قَادِرًا عَلَى التَّخْرِيجِ وَالاسْتِنْبَاطِ، وَإِلْحَاقِ الْفُرُوعِ وَالأُصُولِ1 وَالْقَوَاعِدِ2 الَّتِي لإِمَامِهِ3.
الْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ لا يَبْلُغَ رُتْبَةَ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ4 أَصْحَابِ الْوُجُوهِ وَالطُّرُقِ، غَيْرَ أَنَّهُ فَقِيهُ النَّفْسِ، حَافِظٌ لِمَذْهَبِ إمَامِهِ، عَارِفٌ بِأَدِلَّتِهِ5، قَائِمٌ بِتَقْرِيرِهِ وَنُصْرَتِهِ، يُصَوِّرُ وَيُحَرِّرُ6 وَيُمَهِّدُ وَيُقَرِّرُ، وَيُزَيِّفُ وَيُرَجِّحُ لَكِنَّهُ قَصُرَ عَنْ دَرَجَةِ أُولَئِكَ، إمَّا لِكَوْنِهِ لا7 يَبْلُغُ فِي حِفْظِ8 الْمَذْهَبِ مَبْلَغَهُمْ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَبَحِّرٍ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ وَنَحْوِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لا يَخْلُو9 مِثْلُهُ10 فِي ضِمْنِ مَا يَحْفَظُهُ11 مِنْ الْفِقْهِ وَيَعْرِفُهُ12 مِنْ أَدِلَّتِهِ13 عَنْ أَطْرَافٍ مِنْ
1 في ش: والأصول.
2 ساقطة من ش.
3 صفة الفتوى ص 18، وانظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 185.
4 اللفظة من صفة الفتوى، وفي جميع النسخ: المذهب.
5 في ز: لأدلته.
6 في صفة الفتوى: يجوز، وكذا في ز.
7 في ش ب ض: لا.
8 ساقطة من ز.
9 في ش: تخلو.
10 في ش: مسألة، وفي ض أمثلة.
11 في ز ض ش: يحفظ.
12 في ض: يعرف.
13 في ب: أدلة.
قَوَاعِدِ أُصُولِ الْفِقْهِ وَنَحْوِهِ، وَإِمَّا لِكَوْنِهِ مُقَصِّرًا فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعُلُومِ الَّتِي هِيَ أَدَوَاتُ الاجْتِهَادِ، الْحَاصِلِ1 لأَصْحَابِ الْوُجُوهِ وَالطُّرُقِ2.
الْحَالَةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَقُومَ بِحِفْظِ الْمَذْهَبِ وَنَقْلِهِ وَفَهْمِهِ، فَهَذَا يُعْتَمَدُ نَقْلُهُ وَفَتْوَاهُ بِهِ فِيمَا يَحْكِيهِ مِنْ مَسْطُورَاتِ مَذْهَبِهِ وَ3مِنْ مَنْصُوصَاتِ إمَامِهِ4، أَوْ تَفْرِيعَاتِ أَصْحَابِهِ الْمُجْتَهِدِينَ فِي مَذْهَبِهِ وَتَخْرِيجَاتِهِمْ5.
وَمَا6 لَمْ7 يَجِدْهُ مَنْقُولاً فِي مَذْهَبِهِ: فَإِنْ وَجَدَ فِي الْمَنْقُولِ مَا هُوَ8 فِي مَعْنَاهُ، بِحَيْثُ يُدْرَكُ مِنْ غَيْرِ9 فَضْلِ فِكْرٍ وَتَأَمُّلٍ: أَنَّهُ لا فَارِقَ بَيْنَهُمَا، كَمَا فِي الأَمَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَبْدِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ فِي إعْتَاقِ الشَّرِيكِ: جَازَ لَهُ إلْحَاقُهُ بِهِ وَالْفَتْوَى بِهِ، وَكَذَا مَا يُعْلَمُ انْدِرَاجُهُ تَحْتَ ضَابِطٍ مَنْقُولٍ10 مُمَهَّدٍ فِي الْمَذْهَبِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ
1 في ب ش: والحاصل.
2 انظر: صفة الفتوى ص 22، المدخل إلى مذهب أحمد ص 185.
3 ساقطة من ب ز.
4 ساقطة من ب.
5 صفة الفتوى ص 23، وانظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 185.
6 في ش ض ز: وأما، وساقطة من ب.
7 في ش ض ز: ما.
8 في ب ز وصفة الفتوى: هذا.
9 في ش: حيث.
10 في ش ض ب ز وصفة الفتوى: ومنقول.
كَذَلِكَ، فَعَلَيْهِ الإِمْسَاكُ عَنْ الْفُتْيَا بِهِ، وَيَكْفِي أَنْ يَسْتَحْضِرَ أَكْثَرَ الْمَذْهَبِ، مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مُطَالَعَةِ1 بَقِيَّتِهِ.
انْتَهَتْ الْحَالاتُ مُلَخَّصَةً، مِنْ كِتَابِ " آدَابِ2 الْمُفْتِي " لابْنِ حَمْدَانَ3.
1 في ش: مطالبة.
2 في ز: أدب.
3 طبع هذا الكتاب باسم: صفة الفتوى والمفتي والمستفتي ص 16-23.