الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب التقليد
…
"بَابٌ"
لَمَّا كَانَ التَّقْلِيدُ مُقَابِلاً لِلاجْتِهَادِ، وَانْتَهَى الْكَلامُ عَلَى أَحْكَامِ الاجْتِهَادِ شَرَعْنَا1 فِي الْكَلامِ عَلَى أَحْكَامِ التَّقْلِيدِ.
ثُمَّ "التَّقْلِيدُ لُغَةً: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي2 الْعُنُقِ" حَالَةَ3 كَوْنِهِ "مُحِيطًا بِهِ" أَيْ4: بِالْعُنُقِ، وَذَلِكَ الشَّيْءُ يُسَمَّى قِلادَةً. وَجَمْعُهَا قَلائِدُ5.
"وَ" التَّقْلِيدُ "عُرْفًا" أَيْ: فِي عُرْفِ الأُصُولِيِّينَ "أَخْذُ مَذْهَبِ الْغَيْرِ" أَيْ: اعْتِقَادُ صِحَّتِهِ وَاتِّبَاعُهُ عَلَيْهِ "بِلا" أَيْ: مِنْ غَيْرِ "مَعْرِفَةِ
1 في ض: شرع.
2 في ش: على.
3 في ش حالة.
4 ساقطة من ض.
5 وقال ابن فارس: ""قلّد: يدل على تعليق شيءعلى شيء وليّله به، والآخر على خطٍ ونصيب"""معجم مقاييس اللغة 5/19".
وانظر المصباح المنير 2/704، القاموس المحيط 1/329، مختار الصحاح ص 548، أساس البلاغة ص 785.
دَلِيلِهِ" أَيْ: دَلِيلِ مَذْهَبِ الْغَيْرِ الَّذِي اقْتَضَاهُ، وَأَوْجَبَ الْقَوْلَ بِهِ.
فَقَوْلُهُ: " أَخْذُ " جِنْسٌ. وَالْمُرَادُ بِهِ: اعْتِقَادُ ذَلِكَ، وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ لِفِسْقٍ أَوْ غَيْرِ فِسْقٍ.
وَقَوْلُهُ " مَذْهَبِ " يَشْمَلُ1 مَا كَانَ قَوْلاً لَهُ أَوْ فِعْلاً. وَنِسْبَةُ الْمَذْهَبِ إلَى الْغَيْرِ يَخْرُجُ بِهِ مَا كَانَ مَعْلُومًا بِالضَّرُورَةِ، وَلا يَخْتَصُّ بِهِ ذَلِكَ الْغَيْرُ إذَا كَانَ2 مِنْ أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ الَّتِي لَيْسَ3 لَهُ4 فِيهَا اجْتِهَادٌ، فَإِنَّهَا لا تُسَمَّى مَذْهَبَهُ.
وَقَوْلُهُ " بِلا مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ " يَشْمَلُ5 الْمُجْتَهِدَ إذَا لَمْ يَجْتَهِدْ وَلا6 عَرَفَ الدَّلِيلَ، وَجَوَّزْنَا لَهُ التَّقْلِيدَ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعَامِّيِّ فِي أَخْذِهِ بِقَوْلِ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ7.
فَيَخْرُجُ عَنْهُ الْمُجْتَهِدُ إذَا عَرَفَ الدَّلِيلَ، وَوَافَقَ اجْتِهَادُهُ اجْتِهَادَ مُجْتَهِدٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ لا يُسَمَّى تَقْلِيدًا. كَمَا يُقَالُ: أَخَذَ الشَّافِعِيُّ بِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي كَذَا. وَأَخَذَ أَحْمَدُ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي كَذَا.
1 في ض: ليشمل.
2 في ب: إذ كانت.
3 في ب: ليست.
4 ساقطة من ض.
5 في ش ز: ليشمل.
6 في ش: ولو.
7 مر الكلام على هذه المسألة قبل قليل ص 406.
وَإِنَّمَا خَرَجَ1 ذَلِكَ؛ لأَنَّهُ - وَإِنْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ بِقَوْلِ الْغَيْرِ - لَكِنَّهُ مَعَ مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ حَقَّ الْمَعْرِفَةِ فَمَا أُخِذَ حَقِيقَةً إلَاّ مِنْ الدَّلِيلِ2 لا مِنْ الْمُجْتَهِدِ، فَيَكُونُ إطْلاقُ الأَخْذِ بِمَذْهَبِهِ فِيهِ تَجَوُّزٌ.
وَعَبَّرَ الآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِمَا " بِغَيْرِ حُجَّةٍ "3 وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ أَخْذَ الْقَوْلِ مِمَّنْ قَوْلُهُ حُجَّةٌ لا يُسَمَّى تَقْلِيدًا وَمَثَّلا ذَلِكَ بِأَخْذِ الْعَامِّيِّ بِقَوْلِ مِثْلِهِ، وَأَخْذِ الْمُجْتَهِدِ بِقَوْلِ مِثْلِهِ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ4 وَحَيْثُ تَقَرَّرَ أَنَّ التَّقْلِيدَ أَخْذُ مَذْهَبِ الْغَيْرِ بِلا مَعْرِفَةِ دَلِيلِهِ "فَالرُّجُوعُ إلَى قَوْلِهِ5 صلى الله عليه وسلم وَإِلَى الْمُفْتِي، وَ" إلَى "الإِجْمَاعِ، وَ" رُجُوعُ "الْقَاضِي إلَى الْعُدُولِ: لَيْسَ بِتَقْلِيدٍ،
1 في ش: أخرج.
2 في ض: دليل.
3 انظر: مختصر ابن الحاجب 2/ 305، الإحكام للآمدي 4/221.
4 انظر تعريف التقليد في "التعريفات للجرجاني ص 34، الحدود للباجي ص 64، الإحكام لابن حزم 1/37، المجموع للنووي 1/89، مختصر البعلي ص 166، المستصفى 2/387، الروضة ص 382، مختصر الطوفي ص 183، المسودة ص 553، صفة الفتوى ص 51، المنخول ص 472، جمع الجوامع 2/392، اللمع ص 70، تيسير التحرير 4/241، البرهان 2/1357، فواتح الرّحموت 2/400، الرد على من أخلد إلى الأرض ص 120 وما بعدها، الفقيه والمتفقه 2/66، المدخل إلى مذهب أحمد ص 193، إرشاد الفحول ص 265، أصول مذهب أحمد ص 673"
5 في ز: قول النبي.
وَلَوْ سُمِّيَ تَقْلِيدًا لَسَاغَ1" ذَلِكَ2.
وَفِي الْمُقْنِعِ: الْمَشْهُورُ أَنَّ أَخْذَهُ بِقَوْلِ الْمُفْتِي تَقْلِيدٌ، وَهُوَ أَظْهَرُ، وَقَدَّمَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي3 فِي4 الإِجْمَاعِ أَيْضًا، وَقِيلَ: وَالْقَاضِي.
5وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْمُسَوَّدَةِ: وَالتَّقْلِيدُ قَبُولُ الْقَوْلِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ، فَلَيْسَ الْمَصِيرُ إلَى الإِجْمَاعِ تَقْلِيدًا؛ لأَنَّ الإِجْمَاعَ دَلِيلٌ وَكَذَلِكَ6 يُقْبَلُ7 قَوْلُ الرَّسُولِ8 صلى الله عليه وسلم،
1 في ش: ساغ.
2 وسماه الجويني في ""الورقات"" تقليداً، بينما قال في ""البرهان"":لا يسمى تقليداً، وجاء القولان عن غيره أيضاً، ولذلك قال الآمدي:"" وإن سمي ذلك تقليداً بعرف الاستعمال فلا مشاحة في اللفظ ""، وقال ابن الحاجب "" ولا مشاحة في التسمية "".
انظر: الورقات ص 250، البرهان 2/1357، 1358، الإحكام للآمدي 4/221، مختصر ابن الحاجب 2/305، المسودّة ص 553، الإحكام لابن حزم 1/37، 2/835، صفة الفتوى ص 51، 54، المنخول ص 472، تيسير التحرير 4/242، فواتح الرحموت 2/ 400، مجموع الفتاوى 20/17، إرشاد الفحول ص 265، مختصر الطوفي ص 183، المدخل إلى مذهب أحمد ص 194.
3 صفة الفتوى ص 54.
4 في ش: وفي.
5 ساقطة من ش ب ز.
6 من المسودة، وفي ش ب ض ز: ولذلك.
7 في ش: تقبل.
8 من المسودة، وفي ش ب ض ز: النبي.
وَلا يُقَالُ: تَقْلِيدًا1، بِخِلافِ فَتْوَى2 الْفَقِيهِ، وَذَكَرَ فِي ضِمْنِ مَسْأَلَةِ التَّقْلِيدِ: أَنَّ الرُّجُوعَ إلَى قَوْلِ الصَّحَابِيِّ لَيْسَ بِتَقْلِيدٍ؛ لأَنَّهُ حُجَّةٌ، وَقَالَ فِيهَا: لَمَّا جَازَ تَقْلِيدُ الصَّحَابَةِ3 لَزِمَهُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَجُزْ4 لَهُ مُخَالَفَتُهُ، بِخِلافِ الأَعْلَمِ، وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ5 " مَنْ قَلَّدَ فِي6 الْخَبَرِ: رَجَوْت أَنْ يَسْلَمَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " فَقَدْ أَطْلَقَ اسْمَ التَّقْلِيدِ عَلَى مَنْ صَارَ إلَى الْخَبَرِ، وَإِنْ كَانَ حُجَّةً فِي نَفْسِهِ7. انْتَهَى.
"وَيَحْرُمُ" التَّقْلِيدُ "فِي مَعْرِفَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، وَ" فِي "التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ" عِنْدَ أَحْمَدَ وَالأَكْثَرِ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ8 أَنَّهُ قَوْلُ الْجُمْهُورِ9.
1 في ش ض والمسودة: تقليد.
2 من المسودة، وفي ش ب ض ز: فتيا.
3 في د ض: الصحابي.
4 من المسودة، وفي ش ض: نجز، وفي ب ز: تجز.
5 وهو أحمد بن محمد، أبو الحارث الصائغ، وذكره أبو بكر الخلال فقال: كان أبو عبد الله يأنس به، وكان يقدمه ويكرمه، وكان عنده بموضع جليل، وروى عن الإمام أحمد مسائل كثيرة، وذكره العليمي فيمن لم تؤرخ وفاته.
انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 1/74، المنهج الأحمد 1/263، الإنصاف للمرداوي 12/280".
6 ساقطة من ب ز والمسودة.
7 المسودة ص 462.
8 في ش: أصحابه.
9 انظر: الروضة ص 382، المسودة ص 457، 460 وما بعدها، صفة الفتوى =
وَأَجَازَهُ جَمْعٌ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَوْ بِطَرِيقٍ فَاسِدٍ.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَأَجَازَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ لإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى قَبُولِ الشَّهَادَتَيْنِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يُقَالَ لِقَائِلِهِمَا: هَلْ نَظَرْت؟ وَسَمِعَهُ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ1 التَّبَّانِ2 الْمُعْتَزِلِيِّ، وَأَنَّهُ يَكْفِي بِطَرِيقٍ فَاسِدٍ.
قَالَ هَذَا الْمُعْتَزِلِيُّ: إذَا عَرَفَ اللَّهَ وَصَدَّقَ رُسُلَهُ3، وَسَكَنَ قَلْبُهُ إلَى ذَلِكَ وَاطْمَأَنَّ بِهِ: فَلا عَلَيْنَا مِنْ الطَّرِيقِ: تَقْلِيدًا كَانَ، أَوْ نَظَرًا، أَوْ اسْتِدْلالاً4.
= ص 51، شرح تنقيح الفصول 430، 444، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/305، المحلي على جمع الجوامع 2/402، الإحكام للآمدي 4/223، نهاية السول 3/264، غاية الوصول ص 152، المحصول 2/3/125، الفقيه والمتفقه 2/66، اللمع ص 70، الإحكام لابن حزم 2/861، مختصر البعلي ص 166، مختصر الطوفي ص 183، إرشاد الفحول ص 266، المدخل إلى مذهب أحمد ص 193، الوسيط ص 563، المعتمد 2/941، تيسير التحرير 4/243، فواتح الرحموت 2/401.
1 ساقطة من ض.
2 في ب: التيان، وفي المسودة: البقال.
3 في ب: رسولَه.
4 جاء في "فواتح الرحموت2/401" فيما يستفتى فيه، وهو:"" المسائل الشرعية والعقلية على المذهب الصحيح لصّحة إيمان المقلد عند الأئمة الأربعة
…
وكثير من المتكلمين، خلافاً للأشعري، وإن كان آثماً في ترك النظر والاستدلال"" وهذا ما أيده الشوكاني مبيناً صحة إيمان العوام مطلقاً، وقال عبيد الله بن الحسن العنبري وبعض الشافعيّة: يجوز التقليد في العقيدة وأصول الدّين، وهذا ما أيّده الطوفي الحنبلي فقال:"" وفي هذه المسألة إشكال، إذ العامي لا يستقل بدرك =
وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَغَيْرُهُ - يَعْنِي مِنْ أَصْحَابِنَا - مَنْعَ التَّقْلِيدِ فِي أُصُولِ الدِّينِ، وَقَالَهُ الْبَصْرِيُّ وَالْقَرَافِيُّ: فِي أُصُولِ الْفِقْهِ أَيْضًا1. انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ قَاضِي الْجَبَلِ فِي أُصُولِهِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْقِيَاسُ النَّقْلِيُّ حُجَّةٌ يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ، وَيَجِبُ النَّظَرُ وَالاسْتِدْلالُ بِهِ بَعْدَ وُرُودِ الشَّرْعِ. وَلا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ. وَقَدْ نُقِلَ عَنْ2 أَحْمَدَ الاحْتِجَاجُ بِدَلائِلِ الْعُقُولِ، وَبِهَذَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ3 الْفُقَهَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ مِنْ أَهْلِ الإِثْبَاتِ، وَذَهَبَتْ الْمُعْتَزِلَةُ إلَى وُجُوبِ النَّظَرِ، وَالاسْتِدْلالِ قَبْلَ الشَّرْعِ وَلَمَّا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ كَانَ تَوْكِيدًا4.
وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَأَهْلِ الظَّاهِرِ إلَى أَنَّ حُجَجَ
= الدليل العقلي
…
" ثم قال: "بل نحارير المتكلمين لا يستقلون بذلك، فإذا منع التقليد لزم أن لا يعتقد شيئاً" "مختصر الطوفي ص 184".
وانظر: المسودة ص 457، شرح تنقيح الفصول ص 420، مختصر ابن الحاجب 2/305ن المحلي على جمع الجوامع 2/402،نهاية السول 3/264، الفقيه والمتفقه 2/66، شرح الورقات ص 243، المحصول 2/3/125، الإحكام للآمدي 4/223، اللمع ص 70، تيسير التحرير 4/243، فواتح الرحموت 2/401، المعتمد 2/402، إرشاد الفحول ص 266، الوسيط ص 564.
1 انظر: مختصر البعلي ص 167.
2 ساقطة من ض.
3 ساقطة من ش ب ز.
4 انظر المعتمد 2/935.
الْعُقُولِ بَاطِلَةٌ، وَالنَّظَرُ حَرَامٌ، وَالتَّقْلِيدُ وَاجِبٌ1.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْقِيَاسُ الْعَقْلِيُّ وَالاسْتِدْلالُ: طَرِيقٌ لإِثْبَاتِ الأَحْكَامِ الْعَقْلِيَّةِ. نَصَّ عَلَيْهِ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَبِهِ قَالَ عَامَّةُ الْفُقَهَاءِ.
قُلْت: كَلامُ أَحْمَدَ فِي الاحْتِجَاجِ بِأَدِلَّةٍ عَقْلِيَّةٍ كَثِيرٌ، وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرًا فِي كِتَابِهِ " الرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ "2 فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ: الْقَوْلُ3 بِالْقِيَاسِ4 الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ. انْتَهَى كَلامُ ابْنِ قَاضِي الْجَبَلِ.
وَاسْتَدَلَّ لِتَحْرِيمِ التَّقْلِيدِ - الَّذِي هُوَ الصَّحِيحُ بِأَمْرِهِ سبحانه وتعالى بِالتَّدَبُّرِ وَالتَّفَكُّرِ وَالنَّظَرِ وَفِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ لَمَّا نَزَلَ فِي آلِ عِمْرَانَ: {إنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ 5
1 قال فريق من العلماء: إن النظرقد يؤدي إلى باطل في أمور العقيدة فيحرم، ويجب فيها التقليد، وهذا قول ضعيف ذكره علماء الأصول.
انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/400، الإحكام للآمدي 4/223، نهاية السول 3/284، مختصر ابن الحاجب 2/305، تيسير التحرير 4/243، 245، فواتح الرحموت 2/401، إرشاد الفحول ص 266.
2 انظر: الرد على الجهمية والزنادقة للإمام أحمد بن حنبل ص 102، 105، 138، 148 وغيرها.
3 ساقطة من ش.
4 في ش: القياس.
5 في ز: والأرض. الآيات
وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} - الآيَاتُ1 قَالَ2: "وَيْلٌ لِمَنْ قَرَأَهُنَّ وَلَمْ يَتَدَبَّرْهُنَّ، وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ"3 وَبِالإِجْمَاعِ4 عَلَى وُجُوبِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ سبحانه وتعالى وَلا تَحْصُلُ بِتَقْلِيدٍ، لِجَوَازِ كَذِبِ الْمُخْبِرِ، وَاسْتِحَالَةِ حُصُولِهِ. كَمَنْ قَلَّدَ فِي حُدُوثِ5 الْعَالَمِ، وَكَمَنْ قَلَّدَ فِي قِدَمِهِ؛ وَلأَنَّ التَّقْلِيدَ لَوْ أَفَادَ عِلْمًا6: فَإِمَّا بِالضَّرُورَةِ وَهُوَ بَاطِلٌ. وَإِمَّا بِالنَّظَرِ فَيَسْتَلْزِمُ الدَّلِيلُ وَالأَصْلُ عَدَمَهُ7، وَالْعِلْمُ يَحْصُلُ بِالنَّظَرِ، وَاحْتِمَالُ الْخَطَإِ لِعَدَمِ تَمَامِ مُرَاعَاةِ الْقَانُونِ الصَّحِيحِ، وَ8لأَنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى ذَمَّ التَّقْلِيدَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{إنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} 9 وَهِيَ فِيمَا يُطْلَبُ الْعِلْمُ بِهِ فَلا يَلْزَمُ الْفُرُوعَ، وَلأَنَّهُ10 يَلْزَمُ الشَّارِعَ؛ لِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:{فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إلَهَ إلَاّ اللَّهُ} 11 فَيَلْزَمُنَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
1 الآيات 190-196 من آل عمران.
2 ساقطة من ض.
3 هذا الحديث رواه عبد بن حميد في "تفسيره"أحمد ورواه الطبراني وابن مردويه، وتذكره كتب التفسير.
انظر: تفسير ابن كثير 4/440، الكشاف 1/487.
4 في ب ز: والإجماع.
5 في ب: حديث
6 في ب: عالما.
7 ساقطة من ش.
8 ساقطة من ب.
9 الآية 22، والآية23 من الزخرف.
10 في ش: ولا.
11 الآية 19 من سورة محمد.
{وَاتَّبِعُوهُ} 1.
"وَ" يَحْرُمُ التَّقْلِيدُ أَيْضًا2 فِي "أَرْكَانِ الإِسْلامِ الْخَمْسِ، وَنَحْوِهَا مِمَّا تَوَاتَرَ وَاشْتَهَرَ"3.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: لا يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ التَّقْلِيدُ فِي أَرْكَانِ الإِسْلامِ وَنَحْوِهَا مِمَّا تَوَاتَرَ وَاشْتَهَرَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ إجْمَاعًا؛ لِتَسَاوِي النَّاسِ فِي طَرِيقِهَا، وَإِلَاّ لَزِمَهُ مَا4 سَاغَ فِيهِ اجْتِهَادٌ أَوْ لا، عِنْدَنَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالأَكْثَرِ.
وَمَنَعَهُ قَوْمٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ5، مَا لَمْ تَتَبَيَّنْ لَهُ صِحَّةُ اجْتِهَادِهِ بِدَلِيلِهِ. وَذَكَرَهُ ابْنُ بُرْهَانٍ عَنْ الْجُبَّائِيِّ وَعَنْهُ كَقَوْلِنَا.
وَمَنَعَهُ أَبُو عَلِيٍّ الشَّافِعِيُّ6 فِيمَا لا يَسُوغُ فِيهِ اجْتِهَادٌ وَبَعْضُهُمْ فِي الْمَسَائِلِ الظَّاهِرَةِ.
1 الآية 158من الأعراف.
2 في ز: أيضاً التقليد.
3 انظر: المسودة ص 458، 459، 460، وما بعدها، صفة الفتوى ص 53، الإحكام لابن حزم 2/861، شرح تنقيح الفصول ص 442، 443، اللمع ص 71، مختصر البعلي ص 166، مختصر الطوفي ص 183، المدخل إلى مذهب أحمد ص 193.
4 ساقطة من ش ز.
5 ساقطة من ض.
6 هذا القول نقله الشيرازي عن أبي علي الجبائي المعتزلي. "انظر: اللمع ص 71" ومرت ترجمته "1/219"، وإذا أطلق أبو علي الشافعي، فهو أبو علي السنجي، =
وَاخْتَارَ الآمِدِيُّ لُزُومَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَذَكَرَهُ عَنْ مُحَقِّقِي الأُصُولِيِّينَ1. انْتَهَى2.
"وَيَلْزَمُ" التَّقْلِيدُ "غَيْرَ3 مُجْتَهِدٍ4 فِي غَيْرِ ذَلِكَ" أَيْ: غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ.
قَالَ الْمُوَفَّقُ فِي الرَّوْضَةِ: وَأَمَّا التَّقْلِيدُ فِي الْفُرُوعِ: فَهُوَ جَائِزٌ إجْمَاعًا، وَذَهَبَ بَعْضُ الْقَدَرِيَّةِ إلَى أَنَّ الْعَامَّةَ يَلْزَمُهُمْ النَّظَرُ فِي الدَّلِيلِ5.
وَاسْتَدَلَّ لِجَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ: بِقَوْلِهِ سبحانه وتعالى:
= وهو الحسين بن شعيب بن محمد، الشيخ أبو علي السنجي، الإمام الجليل، الفقيه الكبير، أول من جمع بين طريقتي العراق وخراسان، بعد أن تفقه على شيخي الطريقتين الإمام أبي حامد الإسفراييني شيخ العراقيين، وأبي بكر القفال المرزوي شيخ خراسان، فجمع الشيخ أبو علي بين الطريقتين بالنظر الدّقيق، والتحقيق الأنيق، وصنف عدة كتب، منها:"شرح المختصر" الذي يسميه إمام الحرمين بالمذهب الكبير، وشرح "تلخيص ابن القاص"، وشرح "فروع ابن الحداد" توفي سنة 430هـ بمرو.
انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 4/344، تهيب الأسماء 2/261، وفيات الأعيان 1/401، طبقات الفقهاء ص 132، البداية والنهاية 12/57".
1 في ب ز: الأصول.
2 الإحكام للآمدي 4/223، 228، وانظر: المسودة ص 459-460.
3 في ب ز: في غير ذلك.
4 في ز: المجتهد.
5 الروضة ص 383.
{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 1 وَهُوَ عَامٌّ؛ لِتَكَرُّرِهِ بِتَكَرُّرِ2 الشَّرْطِ، وَعِلَّةُ الأَمْرِ بِالسُّؤَالِ: الْجَهْلُ وَأَيْضًا الإِجْمَاعُ، فَإِنَّ الْعَوَامَّ يُقَلِّدُونَ الْعُلَمَاءَ مِنْ غَيْرِ إبْدَاءِ مُسْتَنَدٍ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، وَأَيْضًا يُؤَدِّي إلَى خَرَابِ الدُّنْيَا بِتَرْكِ الْمَعَائِشِ وَالصَّنَائِعِ. وَلا يَلْزَمُ فِي3 التَّوْحِيدِ وَالرِّسَالَةِ لِيُسْرِهِ4 وَقِلَّتِهِ، وَدَلِيلُهُ الْعَقْلُ.
قَالَ الْمُخَالِفُ: وَرَدَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ"5.
رُدَّ لَمْ يَصِحَّ6، ثُمَّ الْمُرَادُ طَلَبُهُ الشَّرْعِيُّ، فَتَقْلِيدُ الْعَامِّيِّ الْمُفْتِيَ
1 الآية 7 من الأنبياء.
2 في ب: بتكرار.
3 ساقطة من ب ز.
4 في ض: لتيسره.
5 رواه ابن عدي في "الكامل"، والبيهقي ف "شعب الإيمان" عن أنس بن مالك، ورواه الطبراني في "الصغير"، والخطيب في "التاريخ" عن الحسين بن علي، ورواه الطبراني في "الأوسط" أيضاً عن ابن عباس، ورواه تمام في "فوائده" عن ابن عمر، والطبراني في " الكبير" عن ابن مسعود، والخطيب في "التاريخ" عن علي، والطرباني في "الأوسط" والبيهقي في "شعب الإيمان" عن أبي سعيد، وهو طرف من حديث رواه ابن ماجه عن أنس مرفوعاً.
انظر: فيض القدير 4/267، سنن ابن ماجة 1/81، راموز الأحاديث ص 312، مجمع الزوائد 1/119، كشف الخفا 2/56.
6 اختلف العلماء في درجة هذا الحديث، فقال النووي: ضعيف وإن كان معناه صحيحاً، وقال ابن القطان: لا يصح فيه شيء، وأحسن ما فيه ضعيف، وسكت عنه مغلطاي، وقال السيوطي: جمعت له خمسين طريقاً، وحكمت بصحته لغيره، ولم أصحح حديثاً لم أسبق لتصحيحه سواه، وقال السخاوي: له شاهد عند ابن شاهين بسند رجاله ثقات عن أنس، ورواه عنه نحو عشرين تابعياً، وجاء في زوائد ابن ماجه؛ إسناده ضعيف.
انظر: فيض القدير 4/267، سنن ابن ماجه 1/81.
مِنْهُ فَإِنَّ الْعِلْمَ لَمْ1 يَجِبْ عِنْدَ أَحَدٍ، بَلْ النَّظَرُ2.
"وَلَهُ" أَيْ: لِلْعَامِّيِّ "اسْتِفْتَاءُ مَنْ عَرَفَهُ عَالِمًا عَدْلاً، وَلَوْ" كَانَ الَّذِي عَرَفَهُ بِالْعِلْمِ وَالْعَدَالَةِ "عَبْدًا، وَأُنْثَى، وَأَخْرَسَ" وَتُعْلَمُ فُتْيَاهُ "بِإِشَارَةٍ مَفْهُومَةٍ وَكِتَابَةٍ"؛ لأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الاسْتِفْتَاءِ: سُؤَالُ الْعَالِمِ الْعَدْلِ. وَهَذَا كَذَلِكَ3.
1 في ز: لا.
2 ذكر جماهير علماء الأصول لزوم التقليد على العامي في الفروع، ونقل الشوكاني عن جمهور علماء الأصول عدم جواز التقليد مطلقاً، ونقل كلام ابن حزم في ذلك.
فانظر حكم التقليد وآراء العلماء فيه مع أدلتهم ومناقشتها في "مجموع الفتاوى 20/15، 203، المحصول 2/3/101، الإحكام للآمدي 4/229، جامع بيان العلم وفضله 2/133، أعلام الموقعين 2/268، 178، جمع الجوامع 2/393، التمهيد ص 161، نهاية السول 3/264، مختصر ابن الحاجب 2/306، المستصفى 2/389، تيسير التحرير 4/246، مختصر البعلي ص 166، المعتمد 2/934، الفقيه والمتفقه 2/68، الإحكام لابن حزم 2/393، 838، المسودة ص 431، اللمع ص 71، شرح الورقات ص 241، القواعد للعز بن عبد السلام 2/158، مختصر الطوفي ص 180، 183، إرشاد الفحول ص 267، المدخل إلى مذهب أحمد ص 193، أصول مذهب أحمد ص 675".
3 انظر: روضة الطالبين 11/109، المجموع للنووي 1/69، الفروع 6/428، المستصفى 2/390، مختصر ابن الحاجب 2/307، صفة الفتوى ص 13، 69، الإحكام للآمدي 4/232، مجموع الفتاوى 20/208، مختصر البعلي =
"أَوْ رَآهُ" يَعْنِي أَنَّ1 لِلْعَامِّيِّ أَيْضًا: اسْتِفْتَاءَ مَنْ رَآهُ "مُنْتَصِبًا" لِلإِفْتَاءِ وَالتَّدْرِيسِ "مُعَظَّمًا" عِنْدَ النَّاسِ، فَإِنَّ كَوْنَهُ كَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى عِلْمِهِ، وَأَنَّهُ أَهْلٌ2 لِلإِفْتَاءِ3، وَلا يَجُوزُ الاسْتِفْتَاءُ فِي ضِدِّ ذَلِكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، 4وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ اتِّفَاقًا5، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى نَفْسِهِ.
وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الإِخْبَارِ: فَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَيَكْفِيهِ قَوْلُ عَدْلٍ خَبِيرٍ" عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَالْمُوَفَّقِ وَأَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ
= ص 167، الروضة ص 384، مختصر الطوفي ص 185، عرف البشام فيمن ولي فتوى دمشق الشام ص 13 وما بعدها، الإحكام لابن حزم 2/689 وما بعدها، المسودة ص 464، 472، 555، أعلام الموقعين 4/280، شرح تنقيح الفصول ص 442، التمهيد ص 163، جمع الجوامع 2/397، اللمع ص 72، المحصول 2/3/112، نهاية السول 3/265/الفقيه والمتفقه 2/177، تيسير التحرير 4/248، البرهان 2/1333، المعتمد 2/929، فواتح الرحموت 2/403، أصول مذهب أحمد ص 690، إرشاد الفحول ص 271.
1 في ش: و، في ز: أي.
2 ساقطة من ب.
3 في ض ب ز: للاستفتاء.
4 ساقطة من ز.
5 الإحكام للآمدي 4/232.
وانظر: المجموع 1/89، البرهان 1/1341، المعتمد 2/939، فتح الغفار 3/37، تيسير التحرير 4/248، فواتح الرحموت 2/403، مختصر ابن الحاجب 2/307، جمع الجوامع 2/297، المحصول 2/3/112، إرشاد الفحول ص 271، المدخل إلى مذهب أحمد ص 194.
وَجَمْعٍ1.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ2 مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ عِنْدَهُ مَعْرِفَةٌ يُمَيِّزُ بِهَا التَّلْبِيسَ3 مِنْ غَيْرِهِ4.
وَعِنْدَ الْبَاقِلَاّنِيِّ: لا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ5.
وَاعْتَبَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَابْنُ الصَّلاحِ: الاسْتِفَاضَةَ بِأَنَّهُ أَهْلٌ لِلْفُتْيَا6. وَرَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ7، وَنَقَلَهُ عَنْ أَصْحَابِهِمْ8.
فَعَلَيْهِ لا يُكْتَفَى بِوَاحِدٍ، وَلا بِاثْنَيْنِ، وَلا مُجَرَّدِ اعْتِزَائِهِ إلَى الْعِلْمِ، وَلَوْ بِمَنْصِبِ9 تَدْرِيسٍ أَوْ غَيْرِهِ.
1 انظر: اللمع ص 72، الروضة 384، المسودة ص 464، 472، المنخول ص 478، جمع الجوامع 2/397، إرشاد الفحول ص 271، المدخل إلى مذهب أحمد ص 194.
2 في روضة الطالبين: وهذا.
3 في روضة الطالبين: الملتبس.
4 روضة الطالبين للنووي 11/104، وانظر: المجموع للنووي 1/90.
5 وهو قول إمام الحرمين الجويني فقال " ولا بد أن يخبره عدلان بأنه مجتهد""البرهان 2/1341".
6 قال الشيخ تقي الدين: "ولا يجوز له استفتاء من اعتزى إلى العلم، وإن انتصب في مصب التدريس أو غيره، ويجوز استفتاء من تواتر بين الناس، أو استفاض فيهم، كونه أهلاً للفتوى""المسودة ص 464".
7 روضة الطالبين 11/103.
8 انظر: التمهيد ص 163، البرهان 2/1341.
9 في ض: بنصب.
"وَيَلْزَمُ وَلِيَّ الأَمْرِ" عِنْدَ الأَكْثَرِ "مَنْعُ مَنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعِلْمٍ، أَوْ جُهِلَ حَالُهُ" مِنْ الْفُتْيَا1.
قَالَ رَبِيعَةُ: بَعْضُ مَنْ يُفْتِي أَحَقُّ بِالسِّجْنِ مِنْ السُّرَّاقِ2. انْتَهَى.
وَلأَنَّ الأَصْلَ، وَالظَّاهِرَ الْجَهْلُ، فَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مِنْهُ وَلا يَلْزَمُ الْجَهْلُ بِالْعَدَالَةِ؛ لأَنَّا نَمْنَعُهُ، وَنَقُولُ: لا يُقْبَلُ مَنْ جُهِلَتْ عَدَالَتُهُ. وَقَالَ فِي الْمُغْنِي: إنَّ مَنْ شَهِدَ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ لَمْ يُعَزَّرْ؛ لأَنَّهُ لا يُمْنَعُ صِدْقُهُ3، وَكَلامُهُ هُوَ، وَغَيْرُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لا يَحْرُمُ أَدَاءُ فَاسِقٍ مُطْلَقًا.
"وَلا تَصِحُّ" الْفُتْيَا "مِنْ مَسْتُورِ الْحَالِ".
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْوَاضِحِ: صِفَةُ مَنْ تَسُوغُ فَتْوَاهُ الْعَدَالَةُ.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَكَذَا أَطْلَقَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَغَيْرُهُمْ4.
1 انظر: الأنوار 2/398، الفروع 6/425، روضة الطالبين 11/108، المجموع للنووي 1/69، 70، إعلام الموقعين 4/203، 276، صفة الفتوى ص 6، 24.
2 انظر: صفة الفتوى ص 11، المدخل إلى مذهب أحمد ص 195.
3 المغني 10/233.
4 اختلف العلماء في استفتاء مستور الحال على قولين: بالجواز والمنع.
انظر: المجموع للنووي 1/70، إعلام الموقعين 4/220، المسودة ص 555، الفروع 6/428، صفة الفتوى ص 29، الروضة ص 384، المدخل إلى مذهب أحمد ص 194، مختصر الطوفي ص 185، مختصر البعلي ص 167، أصول مذهب أحمد ص 704.
"وَيُفْتِي فَاسِقٌ نَفْسَهُ" عِنْدَ أَصْحَابِنَا، وَالشَّافِعِيَّةِ وَجَمْعٍ؛ لأَنَّهُ لَيْسَ بِأَمِينٍ عَلَى مَا يَقُولُ1.
وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إعْلامِ الْمُوَقِّعِينَ: قُلْت الصَّوَابُ جَوَازُ اسْتِفْتَاءِ الْفَاسِقِ، إلَاّ أَنْ يَكُونَ مُعْلِنًا بِفِسْقِهِ، دَاعِيًا إلَى بِدْعَتِهِ. فَحُكْمُ اسْتِفْتَائِهِ حُكْمُ إمَامَتِهِ وَشَهَادَتِهِ2. انْتَهَى.
وَقَالَ3 الطُّوفِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلا يُشْتَرَطُ4 عَدَالَتُهُ فِي اجْتِهَادِهِ، بَلْ فِي قَبُولِ فُتْيَاهُ وَخَبَرِهِ، وَهُوَ5 مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الأَصْحَابِ.
"وَتَصِحُّ" الْفُتْيَا "مِنْ حَاكِمٍ 6" عَلَى الصَّحِيحِ، وَيَكُونُ كَغَيْرِهِ فِيهَا7.
وَقِيلَ: لا يُفْتَى الْحَاكِمُ قَالَ الْقَاضِي شُرَيْحٌ: أَنَا8 أَقْضِي
1 انظر: المجموع للنووي 1/70، إعلام الموقعين 4/280، المسودة ص 555، الفروع 6/428، صفة الفتوى ص 29، أصول مذهب أحمد ص 703.
2 إعلام الموقعين 4/280.
3 في ش: "وتصح من حاكم"، وقال.
4 في ض: تشترط.
5 في ب ز: وهذا.
6 ساقطة من ش.
7 انظر: المجموع 1/70، روضة الطالبين 11/109، المسودة ص 555، إعلام الموقعين 4/281، صفة الفتوى ص 29، جمع الجوامع 2/397.
8 ساقطة من ب.
لَكُمْ وَلا أُفْتِي.
وَقِيلَ: يُفْتِي فِيمَا لا1 يَتَعَلَّقُ بِالأَحْكَامِ، كَالطَّهَارَةِ وَالصَّلاةِ وَنَحْوِهِمَا.
وَلَيْسَتْ فُتْيَا الْحَاكِمِ بِحُكْمٍ عَلَى الصَّحِيحِ2.
قَالَ فِي إعْلامِ الْمُوَقِّعِينَ: فُتْيَا الْحَاكِمِ لَيْسَتْ حُكْمًا مِنْهُ، وَلَوْ3 حَكَمَ غَيْرُهُ بِغَيْرِ مَا أَفْتَى بِهِ4: لَمْ يَكُنْ نَقْضًا لِحُكْمِهِ. وَلا هِيَ كَالْحُكْمِ، وَلِهَذَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ لِلْحَاضِرِ وَالْغَائِبِ، وَمَنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ لَهُ، وَمَنْ لا يَجُوزُ5. انتهى.
"وَ" عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: " وَمَنْ يَجُوزُ حُكْمُهُ لَهُ، وَمَنْ لا يَجُوزُ أَنَّ6 لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ "عَلَى عَدُوٍّ" لَهُ7.
1 ساقطة من ش.
2 انظر: المجموع 1/70، المسودة ص 555، صفة الفتوى ص 29، جمع الجوامع 2/397.
3 من إعلام الموقعين، وفي سائر النسخ: فلو.
4 ساقطة من ش.
5 إعلام الموقعين 4/281.
6 في ش: ويجوز.
7 ذكر الأردبيلي الشافعي أن الفتوى تصح على العدو إذا لم تتحكم العداوة بينهما، ثم قال:"وفي قول لا تصح الفتوى مع العداوة كالحاكم والشاهد ""الأنوار 2/398".
وانظر: روضة الطالبين 11/109، المجموع 1/70، المسودة ص 555، صفة الفتوى ص 29.
قَالَ1 الْمَاوَرْدِيُّ: لا يُفْتِي عَلَى عَدُوِّهِ، كَالْحُكْمِ عَلَيْهِ2. انْتَهَى.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَالْمَجْدُ فِي مُحَرَّرِهِ3، وَمَنْ تَبِعَهُمْ: فِعْلُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ إنْ حَكَمَ بِهِ أَوْ غَيْرُهُ وِفَاقًا، كَفُتْيَاهُ، فَجَعَلَ الْفُتْيَا حُكْمًا إنْ حَكَمَ بِهِ هُوَ4 أَوْ غَيْرُهُ.
"وَهِيَ" أَيْ: الْفُتْيَا "فِي حَالَةِ غَضَبٍ وَنَحْوِهِ" كَشِدَّةِ جُوعٍ، وَشِدَّةِ عَطَشٍ، وَهَمٍّ5، وَوَجَعٍ، وَبَرْدٍ مُؤْلِمٍ، وَحَرٍّ مُزْعِجٍ، وَمَعَ كَوْنِهِ حَاقِنًا، أَوْ حَاقِبًا، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ "كَقَضَاءٍ" فَتَحْرُمُ عَلَى الصَّحِيحِ، كَالصَّحِيحِ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي فِي تِلْكَ الْحَالَةِ6.
7وَيُعْمَلُ بِفُتْيَاهُ إنْ أَصَابَ الْحَقَّ، كَمَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إنْ أَصَابَ الْحَقَّ7.
"وَلَهُ أَخْذُ رِزْقٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ"؛ لأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا عَلَى الْفُتْيَا8،
1 في ش ب: وقال.
2 انظر: المجموع للنووي 1/69.
3 المحرر 2/211.
4 ساقطة من ز.
5 في ب: وكتم.
6 انظر: روضة الطالبين 11/110، المجموع 1/77، المسودة ص 545، أعلام الموقعين 4/289، صفة الفتوى ص 34، الفقثيه والمتفقه 2/180.
7 ساقطة من ش.
8 ساقطة من ش.
فَجَازَ لَهُ أَخْذُ حَقِّهِ1 "فَإِنْ تَعَذَّرَ" أَخْذُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَأَرَادَ الأَخْذَ عَنْ أُجْرَةِ خَطِّهِ2 "أَخَذَ أُجْرَةَ خَطِّهِ" قَدَّمَهُ فِي التَّحْرِيرِ، تَبَعًا لابْنِ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ3.
وَقِيلَ: لا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ4.
"وَلِمُتَعَيِّنٍ لَهَا" أَيْ: لِلْفُتْيَا مَعَ كَوْنِهِ "لا كِفَايَةَ لَهُ: أَخْذُ رِزْقٍ مِنْ مُسْتَفْتٍ" عَلَى الصَّحِيحِ5؛ لأَنَّهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ أَفْضَى إلَى ضَرَرٍ يَلْحَقُهُ فِي عَائِلَتِهِ6 - إنْ كَانُوا - وَحَرَجٍ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا، وَإِنْ لَمْ يُفْتِ حَصَلَ أَيْضًا7 لِلْمُسْتَفْتِي ضَرَرٌ. فَتَعَيَّنَ الْجَوَازُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي فُرُوعِهِ8.
"وَإِنْ جَعَلَ لَهُ" أَيْ: لِلْمُفْتِي "أَهْلُ بَلَدٍ رِزْقًا لِيَتَفَرَّغَ لَهُمْ جَازَ"
1 انظر: روضة الطالبين 11/110، المجموع 1/77، المسودة ص 545، أعلام الموقعين 4/261، 294، الفقيه والمتفقه 2/164، صفة الفتوى ص 35.
2 ساقطة من ش.
3 انظر: روضة الطالبين 11/110، إعلام الموقعين 4/294، الفروع 6/440، صفة الفتوى ص 35.
4 قال بعض العلماء لا يجوز للمفتي أخذ الأجرة مطلقاً، لا على لفظه، ولا على خطه.
انظر: إعلام الموقعين 4/294، المسودة ص 545، الفروع 6/440.
5 انظر: المجموع 1/77، المسودة ص 454، الفروع 6/440.
6 في ض: عياله.
7 ساقطة من ز.
8 الفروع 6/439.
ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ1.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ2: لَكِنَّ ظَاهِرَ هَذَا: وَلَوْ كَانَ لَهُ كِفَايَةٌ، وَمَا يَقُومُ بِهِ، فَيُشْكِلُ، أَوْ يُقَالُ: يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ " لِيَتَفَرَّغَ لَهُمْ " أَنَّهُ إنْ3 كَانَ مَشْغُولاً بِمَا يَقُومُ بِالْعِيَالِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ.
وَقِيلَ: لا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ، وَمَالَ إلَيْهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَاخْتَارَهُ فِي آدَابِ الْمُفْتِي4.
"وَلَهُ" أَيْ: لِلْمُفْتِي "قَبُولُ هَدِيَّةٍ".
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: وَالْمُرَادُ لا لِيُفْتِيَهُ5 بِمَا يُرِيدُهُ، وَإِلَاّ حَرُمَتْ زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ لِيَنْفَعَهُ6 بِجَاهِهِ أَوْ مَالِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ. انْتَهَى.
فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الأَكْثَرُ مِنْ الأَصْحَابِ: جَوَازُ قَبُولِ الْهَدِيَّةِ لِلْمُفْتِي7.
1 انظر روضة الطالبين 11/111، المجموع 1/77، المسودة ص 546، صفة الفتوى ص 35، الفقيه والمتفقه 2/164.
2 ساقطة من ض.
3 ساقطة من ض ز.
4 انظر: صفة الفتوى ص 35.
5 في ض: يفتيه.
6 في ض ب ز: لنفعه.
7 انظر روضة الطالبين 11/111، المجموع 1/77، المسودة ص 546، إعلام الموقعين 4/294، صفة الفتوى ص 35.
وَنَقَلَ الْمَرُّوذِيُّ1: لا يَقْبَلُ هَدِيَّةً إلَاّ أَنْ يُكَافِئَ.
قَالَ أَحْمَدُ " الدُّنْيَا دَاءٌ، وَالسُّلْطَانُ دَاءٌ2، وَالْعَالِمُ طَبِيبٌ. فَإِذَا رَأَيْت الطَّبِيبَ يَجُرُّ الدَّاءَ إلَى نَفْسِهِ فَاحْذَرْهُ.
"قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فِيهِ التَّحْذِيرُ مِنْ اسْتِفْتَاءِ مَنْ يَرْغَبُ فِي مَالٍ وَشَرَفٍ بِلا حَاجَةٍ3.
"وَلا يَنْبَغِي أَنْ يُفْتِيَ حَتَّى تَكُونَ4 لَهُ نِيَّةٌ، وَكِفَايَةٌ، وَوَقَارٌ، وَسَكِينَةٌ، وَقُوَّةٌ عَلَى مَا هُوَ فِيهِ، وَمَعْرِفَةٌ بِهِ وَبِالنَّاسِ"5.
قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ " لا يَنْبَغِي لَهُ6 أَنْ يُفْتِيَ إلَاّ أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ7 لَمْ يَكُنْ لَهُ8 نُورٌ، وَلا عَلَى كَلامِهِ نُورٌ وَحِلْمٌ9، وَوَقَارٌ وَسَكِينَةٌ، قَوِيًّا عَلَى مَا هُوَ فِيهِ،
1 في ش ب: المرزوي.
2 في ز: دواء.
3 انظر: المسودة ص 550، صفة الفتوى ص 12.
4 في ب ز: يكون.
5 انظر: المجموع للنووي 1/69، 77، عرف البشام ص 23، المسودة ص 545، إعلام الموقعين 4/261، صفة الفتوى ص 34.
6 ساقطة من ش ب.
7 ساقطة من ض.
8 في ض ز: عليه.
9 في ش: وحكم.
وَعَلَى مَعْرِفَتِهِ، وَالْكِفَايَةُ، وَإِلَاّ مَضَغَهُ النَّاسُ، وَمَعْرِفَةُ النَّاسِ "1. انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: هَذِهِ الْخِصَالُ مُسْتَحَبَّةٌ فَيَقْصِدُ الإِرْشَادَ، وَإِظْهَارَ أَحْكَامِ اللَّهِ سبحانه وتعالى، لا رِيَاءً وَسُمْعَةً، وَالتَّنْوِيهُ بِاسْمِهِ، وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ: تُرَغِّبُ الْمُسْتَفْتِيَ، وَهُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، فَيَجِبُ أَنْ يَتَخَلَّقُوا بِأَخْلاقِهِمْ، وَالْكِفَايَةُ لِئَلَاّ يَنْسُبَهُ النَّاسُ إلَى التَّكَسُّبِ بِالْعِلْمِ، وَأَخْذِ الْعِوَضِ عَلَيْهِ. فَيَسْقُطُ قَوْلُهُ، وَمَعْرِفَةُ2 النَّاسِ: تَحْتَمِلُ3 حَالَ الرِّوَايَةِ4، وَتَحْتَمِلُ5 حَالَ الْمُسْتَفْتِينَ، فَالْفَاسِقُ6 لا يَسْتَحِقُّ الرُّخَصَ فَلا يُفْتِيهِ بِالْخَلْوَةِ بِالْمَحَارِمِ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ يَسْكَرُ، وَلا يُرَخِّصُ فِي7 السَّفَرِ لِجُنْدِ8 وَقْتِنَا؛ لِمَعْرِفَتِنَا بِسَفَرِهِمْ، وَالتَّسْهِيلِ عَلَى مُعْتَدَّاتٍ عَلَى صِفَاتِ وَقْتِنَا؛ لِئَلَاّ يَضَعَ9 الْفُتْيَا فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا.
1 انظر شرح هذه الكلمات والأوصاف للإمام أحمد بإسهاب وتفصيل في "إعلام الموقعين 4/254 وما بعدها" وانظر: أصول مذهب أحمد ص 656.
2 ساقطة من ض.
3 في ش: يحتمل، وفي ب: بحمل.
4 في ش: الراواة.
5 في ش ض ز: ويحتمل.
6 في ش: فالفاجرُ.
7 ساقطة من ب ز.
8 في ش: لجيل.
9 في ش: يضيع.
قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: كَذَا قَالَ. وَالْخَصْلَةُ الأُولَى وَاجِبَةٌ، وَعَنْ عُمَرَ1 مَرْفُوعًا:"إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي: كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمُ اللِّسَانِ" حَدِيثٌ حَسَنٌ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيّ2، وَقَالَ: مَوْقُوفًا أَشْبَهُ، وَعَنْ عُمَرَ قَالَ "كُنَّا نَتَحَدَّثُ: إنَّمَا يُهْلِكُ هَذِهِ الأُمَّةَ كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ" رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى3، وَفِيهِ مُؤَمَّلُ بْنُ إسْمَاعِيلَ4 وَهُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَقَالَ مُعَاذٌ: "احْذَرْ زَلَّةَ الْعَالِمِ5، وَجِدَالَ الْمُنَافِقِ"6.
1 في ش ز: عمران.
2 انظر: مسند أحمد 1/22، 44.
3 رواه البزار وأحمد وأبو يعلى، وقال ابن حجر الهيثمي:"ورجاله موثقون".
انظر: مجمع الزوائد 1/187.
4 هو مؤمل بن إسماعيل، أبو عبد الرحمن البصري، مولى آل عمر بن الخطاب العدوي، روى عن شعبة والثوري وجماعة، وروى عنه أحمد وإسحاق وابن المديني وطائفة، توفي بمكة سنة 206هـ.
واختلف العلماء في روايته، فقال الذهبي في الميزان:"حافظ عالم يخطئ"، وقال الذهبي في المغني:" صدوق مشهور"، وثقه أحمد وابن معين، وذكره أبو داود فعظمه ورفع من شأنه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: صدوق كثير الخطأ، وقال أبو زرعة: في حديثه خطأ كثير، روى له الترمذي والنسائي وابن ماجه وأبو داود وغيرهم.
انظر: ميزان الاعتدال 4/228، الخلاصة 2/72، المغني في الضعفاء 2/689، يحيى بن معين وكتابه التاريخ 2/591.
5 في ش: عالم.
6 روى أبو داود معناه بتفصيل عن معاذ رضي الله عنه، وروى ابن حزم والطبراني في "الأوسط" مثله عن معاذ، وروى الدارمي أن عمر بن الخطاب قال: هل تعرف ما يهدم الإسلام؟ ثم قال: يهدمه زلة العالم، وجدال المنافق بالكتاب، =
"وَمَنْ عَدِمَ مُفْتِيًا""فَلَهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ الشَّرْعِ" مِنْ إبَاحَةٍ أَوْ حَظْرٍ أَوْ وَقْفٍ.
قَالَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي1: فَإِنْ2 لَمْ يَجِدْ الْعَامِّيُّ مَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهَا فِي بَلَدِهِ وَلا غَيْرِهِ. فَقِيلَ: لَهُ حُكْمُ مَا قَبْلَ الشَّرْعِ عَلَى الْخِلافِ فِي الْحَظْرِ وَالإِبَاحَةِ وَالْوَقْفِ، وَهُوَ أَقْيَسُ3 انْتَهَى.
وَقَطَعَ بِهِ4 ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ.
"وَيَلْزَمُ الْمُفْتِيَ تَكْرِيرُ النَّظَرِ" عِنْدَ تَكْرَارِ الْوَاقِعَةِ عِنْدَ الأَكْثَرِ.
= وحكم الأئمة المضلين، ورواه الخطيب البغدادي أيضاً، وروى الطبراني والخطيب البغدادي بسنده عن ابن عمر مرفوعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"أشد ما أتخوف على أمتي ثلاثة: زلة عالم وجدال منافق بالقرآن، ودنيا تقطع رقابكم، فاتهموها على أنفسكم".
انظر: سنن أبي داود 2/507، سنن الدارمي 1/71، الإحكام لابن حزم 2/802، الفقيه والمتفقه 1/13، مجمع الزوائد 1/186، 187.
1 صفة الفتوى ص 27.
2 في ض: وإن.
3 ذكر ابن القيم القول الثاني بأنه يخرج على الخلاف في مسألة تعارض الأدلة عند المجتهد، "كما سيأتي ص 427"، فيعمل بالأخف أو الأشد أو يتخير، ثم قال:"والصواب أنه يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع". "إعلام الموقعين 4/279".
وانظر: المسودة ص 550، الفروع 6/428، المجموع 1/94، المدخل إلى مذهب أحمد ص 196.
4 ساقطة من ض.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَإِنْ لَمْ يُكَرِّرْ1 النَّظَرَ كَانَ مُقَلِّدًا لِنَفْسِهِ2 لاحْتِمَالِ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ إذَا تَكَرَّرَ3 النَّظَرُ، قَالَ: وَكَالْقِبْلَةِ يُجْتَهَدُ لَهَا ثَانِيًا وَاعْتُرِضَ فَيَجِبُ تَكْرِيرُهُ4 أَبَدًا رُدَّ: نَعَمْ وَغَلِطَ بَعْضُهُمْ فِيهِ5.
وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لا يَلْزَمُ؛ لأَنَّ الأَصْلَ6 بَقَاءُ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَعَدَمُ غَيْرِهِ وَلُزُومُ السُّؤَالِ ثَانِيًا فِيهِ الْخِلافُ فَلا يَكْتَفِي السَّائِلُ بِالْجَوَابِ الأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا قُلْنَا فِي تَكَرُّرِ النَّظَرِ.
وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَالآمِدِيِّ7: إنْ ذَكَرَ الْمُفْتِي طَرِيقَ الاجْتِهَادِ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَإِلَاّ لَزِمَهُ8، وَهُوَ ظَاهِرٌ9.
1 في ض: يتكرر.
2 في ش: لينظر لنفسه.
3 في ض ز: كرر.
4 في ش: تكرره.
5 ساقطة من ش.
6 ساقطة من ب.
7 الإحكام للآمدي 4/233.
8 في باب: لزم.
9 جزم الباقلاني وابن عقيل وأكثر علماء الأصول بلزوم تكرير النظر، وصحح ابن الحاجب وغيره عدم تجديد النظر، وذهب الرازي والنووي وابن السبكي وأبو الحسين البصري إلى التفصيل كالآمدي، ولكن أدلتهم تؤول إلى عدم التجديد.
انظر هذه الأقوال الثلاثة مع أدلتها ومناقشتها في "المسودة ص 467، 522، 542، المجموع 1/78، إعلام الموقعين 4/295، صفة الفتوى ص 37، شرح تنقيح الفصول ص 442، التمهيد ص 162، مختصر ابن الحاجب 2/307، جمع الجوامع 2/394، المحصول 2/3/95، الإحكام للآمدي=
"وَ" يَلْزَمُ "الْمُسْتَفْتِيَ" أَيْضًا "تَكْرِيرُ السُّؤَالِ عِنْدَ تَكْرَارِ1 الْوَاقِعَةِ"؛ لأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ نَظَرُ الْمُفْتِي2 وَهَذَا الصَّحِيحُ3؛ لَكِنَّ مَحَلَّ الْخِلافِ إذَا عَرَفَ الْمُسْتَفْتِي أَنَّ جَوَابَ الْمُفْتِي مُسْتَنِدٌ4 إلَى الرَّأْيِ5. كَالْقِيَاسِ، أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ، وَالْغَرَضُ: أَنَّ الْمُقَلَّدَ حَيٌّ، فَإِنْ عُرِفَ اسْتِنَادُ الْجَوَابِ إلَى نَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ، فَلا حَاجَةَ إلَى إعَادَةِ السُّؤَالِ ثَانِيًا قَطْعًا، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُقَلَّدُ مَيِّتًا6.
=4/233، نهاية السول 3/265، غاية الوصول ص 150، تيسير التحرير 4/231، المعتمد 2/932، فواتح الرحموت 2/394، مختصر البعلي ص 167، اللمع ص 72.
1 في ب: تكرر.
2 في ش: المفتي مستندا إلى الرأي.
3 أيد الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي هذا الرأي، وخالفه النووي، وقال:"ولا يلزمه، وهو الأصح"، وهذا رأي أبي عمرو ابن الصلاح أيضاً.
انظر: روضة الطالبين 11/105، المجموع 1/93، المسودة ص 467، 468، 522، البرهان 2/1343، المنخول ص 482، أعلام الموقعين 4/330، صفة الفتوى ص 82، غاية الوصول ص 151، فواتح الرحموت 2/394، تيسير التحرير 2/232، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/395، شرح تنقيح الفصول ص 432.
4 في ب: مستنداً.
5 في ض: رأي.
6 انظر: روضة الطالبين 11/104.