الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل: لا ينقض حكم الحاكم في مسألة إجتهادية
…
"فَصْلٌ"
"لا يُنْقَضُ حُكْمُ" حَاكِمٍ "فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ" عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ؛ لِلتَّسَاوِي فِي الْحُكْمِ بِالظَّنِّ1. وَإِلَاّ2 نُقِضَ3 بِمُخَالَفَةِ قَاطِعٍ فِي مَذْهَبِ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ، إلَاّ مَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ: أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ4 وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ اتِّفَاقًا5؛ لأَنَّهُ عَمَلُ الصَّحَابَةِ، وَلِلتَّسَلْسُلِ فَتَفُوتُ مَصْلَحَةُ نَصْبِ الْحَاكِمِ؛ إذْ6 لَوْ جَازَ النَّقْضُ لَجَازَ نَقْضُ7 النَّقْضِ وَهَكَذَا، فَتَفُوتُ مَصْلَحَةُ حُكْمِ الْحَاكِمِ، وَهُوَ قَطْعُ الْمُنَازَعَةِ لِعَدَمِ الْوُثُوقِ8 حِينَئِذٍ بِالْحُكْمِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْفُقَهَاءِ فِي الْفُرُوعِ9:
1 في ض: بالنطق.
2 في د ض: ولا.
3 في ض: نطق.
4 ساقطة من ز.
5 الإحكام للآمدي 4/203.
6 في ش: إذا.
7 في ش: نقض بعض.
8 في ش: الوقوف.
9 ساقطة من ب.
لا يُنْقَضُ الاجْتِهَادُ بِالاجْتِهَادِ1.
"إلَاّ" الْحُكْمَ "بِقَتْلِ مُسْلِمٍ بِكَافِرٍ، وَ" إلَاّ الْحُكْمَ "بِجَعْلِ مَنْ2 وَجَدَ3 عَيْنَ مَالِهِ عِنْدَ مَنْ حُجِرَ عَلَيْهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ" لِمُخَالَفَةِ ذَلِكَ لِنَصِّ آحَادِ السُّنَّةِ4، وَسَيَأْتِي أَنَّ مَا خَالَفَ نَصَّ سُنَّةٍ وَلَوْ آحَادًا يُنْقَضُ.
1 قال أبو بكر الأصم: ينقض، وقال الغزالي:"وهذه مسائل فقهية، أعني نقض الحكم في هذه الصور، وليست من الأصول في شيء""المستصفى 2/384".
وانظر: جمع الجوامع 2/391، المحصول 2/3/50، 91، شرح تنقيح الفصول ص 439 وما بعدها، الإحكام في الفرق بين الفتاوى والأحكام ص 20 وما بعدها، مختصر البعلي ص 166، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/300، المدخل إلى مذهب أحمد ص 190، فواتح الرحموت 2/395، فتح الغفار 3/37، تيسير التحرير 2/234، تأسيس النظر وأصول الكرخي ص 154، الأشباه والنظائر لابن نجيم ص 85، الفروق للقرافي 2/103، روضة الطالبين 11/150، المغني 10/50، المحرر 2/210، أدب القضاء لابن أبي الدم ص 164، الوسيط ص 555، إرشاد الفحول ص 263.
2 ساقطة من ش.
3 في ش: واحد.
4 قال الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد: لا يقتل المسلم بالكافر، وقال الحنفية يقتل به، لقوله تعالى:{النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} المائدة/45، واستدل الجمهور بالحديث الصحيح الذي رواه البخاري وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي والدارمي بألفاظ مختلفة عن عائشة وعلي وابن عباس مرفوعاً:"لا يقتل مسلم بكافر".
ومر تخريجه في المجلد الأول ص 332، والمجلد الثالث ص 263، وانظر: المغني 8/273، الفروع 6/456 وأما من وجد عين ماله عند من حُجر عليه فقال الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد: إنه أحق بماله لما رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد ومالك عن أبي هريرة رضي الله عنه =
"وَيُنْقَضُ" الْحُكْمُ وُجُوبًا "بِمُخَالَفَةِ نَصِّ الْكِتَابِ" أَيْ كِتَابِ اللَّهِ سبحانه وتعالى "أَوْ" نَصِّ "سُنَّةٍ1، وَلَوْ" كَانَتْ السُّنَّةُ "آحَادًا" خِلافًا لِقَوْلِ الْقَاضِي2 "أَوْ" مُخَالَفَةٍ لِ "إجْمَاعٍ قَطْعِيٍّ لا ظَنِّيٍّ" فِي الأَصَحِّ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ3 وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَغَيْرِهِمَا4.
"وَلا" يُنْقَضُ بِمُخَالَفَةِ "قِيَاسٍ وَلَوْ جَلِيًّا" عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ
= أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أدرك متاعه بعينه عند إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره" وهذا لفظ مسلم، وفي رواية:"أيما امرئ أفلس" وقال أبو حنيفة: هو أسوة غرماء لأنه أسقط حقه من الإمساك، وأنه ساوى الغرماء في سبب الاستحقاق، فقال الإمام أحمد لو حكم حاكم بأنه أسوة غرماء جاز نقض حكمه.
انظر: صحيح البخاري بحاشية السندي 2/39، صحيح مسلم بحاشية النووي 10/221، سنن أبي داود 2/256، سنن النسائي 7/274، الموطأ ص 420، سنن ابن ماجه 2/790، مسند أحمد 2/347، 410، المغني 4/307، الفروع 6/497.
1 في ض ز: السنة.
2 وهذا ما بينه الإمام الغزالي، فانظر "المستصفى 2/383".
3 الفروع 1/497.
4 في ض: وغيرها.
وانظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/300، جمع الجوامع 2/391، الإحكام للآمدي 4/203، المستصفى 2/382، المحصول 2/3/91، شرح تنقيح الفصول ص 441، البرهان 2/1328، تيسير التحرير 2/234، فواتح الرحموت 2/395، أدب القضاء لابن أبي الدم ص 164، المغني 10/50، 51، روضة الطالبين 11/150، المدخل إلى مذهب أحمد ص 190.
الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ بِهِ الأَكْثَرُ1.
وَقِيلَ: يُنْقَضُ إذَا خَالَفَ قِيَاسًا جَلِيًّا، وِفَاقًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَابْنِ حَمْدَانَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَزَادَ مَالِكٌ2: يُنْقَضُ بِمُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ3.
"وَلا يُعْتَبَرُ لِنَقْضِهِ طَلَبُ رَبِّ الْحَقِّ" عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ4.
وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمُوَفَّقُ فِي الْمُغْنِي5، وَالشَّارِحُ6 وَابْنُ رَزِينٍ: لا يُنْقَضُ7 إلَاّ بِمُطَالَبَةِ صَاحِبِهِ8.
"وَحُكْمُهُ" أَيْ حُكْمُ الْحَاكِمِ "بِخِلافِ اجْتِهَادِهِ9 بَاطِلٌ، وَلَوْ
1 انظر: الإحكام للآمدي 4/203، المدخل إلى مذهب أحمد ص 190.
2 ساقطة من ض.
3 صرح الغزالي وابن السبكي والآمدي والقرافي وغيرهم بنقض الحكم بمخالفته القياس الجلي.
انظر: المستصفى 2/382، جمع الجوامع 2/391، شرح تنقيح الفصول ص 432، 442، أدب القضاء لابن أبي الدم ص 164، الإحكام للآمدي 4/203، غاية الوصول ص 149، الفروع 6/456، المغني 10/50، روضة الطالبين 11/150، المدخل إلى مذهب أحمد ص 190.
4 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 190.
5 المغني 10/53.
6 انظر: الشرح الكبير 11/412.
7 في ض: ينقضه.
8 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 190، الشرح الكبير 11/412.
9 في ش: اجتهاد.
قَلَّدَ غَيْرَهُ" فِي الْحُكْمِ عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأَرْبَعَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ اتِّفَاقًا1.
وَفِي إرْشَادِ ابْنِ أَبِي مُوسَى: لا؛ لِلْخِلافِ فِي الْمَدْلُولِ وَيَأْثَمُ2.
"وَمَنْ قَضَى بِرَأْيٍ يُخَالِفُ3 رَأْيَهُ نَاسِيًا لَهُ: نَفَذَ وَلا إثْمَ" وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ4.
وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَرْجِعُ عَنْهُ وَيَنْقُضُهُ، كَقَوْلِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ5.
1 الإحكام للآمدي 4/203.
وانظر: مختصر البعلي ص 166، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/300، جمع الجوامع 2/391، المستصفى 2/383، تيسير التحرير 4/234، غاية الوصول ص 149، فواتح الرحموت 2/395، شرح تنقيح الفصول ص 432، إرشاد الفحول ص 263، المدخل إلى مذهب أحمد ص 190.
2 وقال الإمام أبو حنيفة: يجوز قضاء المجتهد على خلاف اجتهاده، وإن القول بعدم حل التقليد في إحدى روايتي أبي حنيفة لا يستلزم عدم النفاذ، وهو قول عند الحنابلة.
انظر: تيسير التحرير 4/234، فواتح الرحموت 2/393، 395، مختصر البعلي ص 166، المدخل إلى مذهب أحمد ص 190، الفروع 6/475.
3 في ب: بخلاف.
4 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 190.
5 انظر: المدخل إلى مذهب أحمد ص 190.
وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ1 عَنْ أَحْمَدَ: إذَا أَخْطَأَ بِلا تَأْوِيلٍ فَلْيَرُدَّهُ، وَلْيَطْلُبْ2 صَاحِبَهُ فَيَقْضِي بِحَقٍّ3.
"وَيَصِحُّ فِي قَوْلٍ: حُكْمُ مُقَلِّدٍ، وَيُنْقَضُ فِي قَوْلٍ: مَا خَالَفَ فِيهِ مَذْهَبَ إمَامِهِ"4.
قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَإِنْ حَكَمَ مُقَلِّدٌ بِخِلافِ مَذْهَبِ5 إمَامِهِ، فَإِنْ صَحَّ حُكْمُ الْمُقَلِّدِ انْبَنَى نَقْضُهُ6 عَلَى مَنْعِ تَقْلِيدِ غَيْرِهِ.
ذَكَرَهُ7 الآمِدِيُّ، وَهُوَ وَاضِحٌ، وَمَعْنَاهُ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا،
1 هو أحمد بن حميد، أبو طالب، المشكاتي، المتخصص بصحبة الإمام أحمد، وروى عنه مسائل كثيرة، وكان أحمد يكرمه ويعظمه، ذكره أبو بكر الخلال فقال: "صحب أحمد قديماً إلى أن مات
…
، وكان رجلاً صالحاً فقيراً صبوراً قنوعاً، توفي سنة 244هـ، والغالب أنه المقصود عند إطلاق: أبي طالب.
انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 1/39، المنهج الأحمد 1/110".
وهناك عصمة بن أبي عصمة، أبو طالب العكبري، روى عن الإمام أحمد أشياء، وذكره أبو بكر الخلال وقال: كان صالحا، صحب أبا عبد الله قديما إلى أن مات، وروى عنه مسائل كثيرة جيادا، وأول مسائل سمعت بعد موت أبي عبد الله: مسائله، مات سنة 344هـ.
انظر: ترجمته في "الطبقات الحنابلة 1/246، المنهج الأحمد 1/112".
2 في ش ض: ويطلب.
3 انظر: الفروع 6/457، المدخل إلى مذهب أحمد ص190.
4 وهذا ما نقله النووي عن ابن الصلاح.
انظر: روضة الطالبين 11/107، المجموع 1/16.
5 في ض ب: رأي.
6 ساقطة من ض.
7 في ز: وذكره.
وَمُرَادُهُ ابْنُ حَمْدَانَ1.
"وَفِي قَوْلٍ" لابْنِ حَمْدَانَ "مُخَالَفَةُ الْمُفْتِي نَصَّ إمَامِهِ: كَمُخَالَفَةِ نَصِّ2 الشَّارِعِ"3.
وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: عَمَلُهُ بِقَوْلِ الأَكْثَرِ أَوْلَى4.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: إنَّا إذَا مَنَعْنَا مَنْ قَلَّدَ إمَامًا أَنْ يُقَلِّدَ غَيْرَهُ وَفَعَلَ، وَحَكَمَ بِقَوْلِهِ: فَيَنْبَغِي أَنْ لا يَنْفُذَ قَضَاؤُهُ؛ لأَنَّهُ فِي ظَنِّهِ أَنَّ إمَامَهُ أَرْجَحُ5.
"وَمَنْ اجْتَهَدَ فَتَزَوَّجَ بِلا وَلِيٍّ6، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ: حَرُمَتْ إنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمَ7 بِهِ".
اعْلَمْ أَنَّا إذَا قُلْنَا: يُنْقَضُ8 الاجْتِهَادُ، فَالنَّظَرُ فِيهِ حِينَئِذٍ فِي أَمْرَيْنِ:
1 انظر: جمع الجوامع 2/391، المدخل إلى مذهب أحمد ص 191.
2 ساقطة من ش.
3 صفة الفتوى ص 31.
وانظر: روضة الطالبين 11/107، مجموع الفتاوى 20/220، إعلام الموقعين 4/299، المنخول ص 481.
4 انظر: إعلام الموقعين 4/284، المدخل إلى مذهب أحمد ص 191، المسودة ص 538.
5 ساقطة من ش.
6 في ب: بالأولى.
7 ساقطة من ش.
8 في ض: بنقض.
أَحَدُهُمَا: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ، وَمِثَالُهُ مَا تَقَدَّمَ.
وَالثَّانِي: فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "وَلا يَحْرُمُ عَلَى مُقَلِّدٍ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِ إمَامِهِ".
أَمَّا الأَوَّلُ: وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِنَفْسِهِ. فَإِذَا أَدَّاهُ1 اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، ثُمَّ تَغَيَّرَ وَجْهُ2 اجْتِهَادِهِ، كَمَا إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى صِحَّةِ النِّكَاحِ بِلا وَلِيٍّ3، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، فَرَأَى أَنَّهُ بَاطِلٌ، فَالأَصَحُّ التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ4، وَحَكَاهُ الرَّافِعِيُّ5 عَنْ الْغَزَالِيِّ، وَلَمْ يَنْقُلْ غَيْرَهُ6.
وَقِيلَ: لا تَحْرِيمَ مُطْلَقًا7 حَكَاهُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي فُرُوعِهِ8.
وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: إنْ حَكَمَ بِهِ لَمْ تَحْرُمْ. وَإِلَاّ حَرُمَتْ وَهُوَ
1 في ش: أراد، وفي د: أدى.
2 ساقطة من ش ز.
3 في ب: بالأولى.
4 مختصر ابن الحاجب 2/300.
5 في ض: الرازي.
6 انظر: المستصفى 2/382، نهاية السول 3/255، تيسير التحرير 2/234.
7 ساقطة من ش.
8 انظر الفروع 6/491.
الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى1 وَالْمُوَفَّقُ2 وَابْنُ حَمْدَانَ3 وَالطُّوفِيُّ4 وَالآمِدِيُّ5 وَجَزَمَ بِهِ الْبَيْضَاوِيُّ6 وَالْهِنْدِيُّ. وَهَذَا الَّذِي عَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ؛ لأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ بِمَا يَعْتَقِدُهُ الْحَاكِمُ: رَافِعٌ لِلْخِلافِ، وَلِئَلَاّ7 يَلْزَمُ نَقْضُ الْحُكْمِ بِتَغَيُّرِ الاجْتِهَادِ8.
وَأَمَّا الثَّانِي: وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ: فَكَمَا9 إذَا10 أَفْتَى مُجْتَهِدٌ عَامِّيًّا بِاجْتِهَادٍ11، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ: لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ عَلَى الأَصَحِّ،
1 ساقطة من ض.
2 انظر: الروضة ص 381، المغني 10/52.
3 صفة الفتوى ص 30.
4 مختصر الطوفي ص 182.
5 الإحكام للآمدي 4/203.
6 منهاج الوصول بشرح نهاية السول 3/253.
7 في ش: فلا، وفي ز: لئلا.
8 انظر: العضد على ابن الحاجب 2/300، جمع الجوامع 2/391، غاية الوصول ص 150، المستصفى 2/382، المحصول 2/3/91، شرح تنقيح الفصول ص 441، تسيسر التحرير 4/235، فواتح الرحموت 2/396، أدب القضاء لابن أبي الدّم ص 173، الفروق 3/103، روضة الطالبين 11/106، المدخل إلى مذهب أحمد ص 191.
9 ساقطة من ض ب ز.
10 في ض ب ز: فإذا.
11 في ب: باجتهاده
قَالَهُ1 أَبُو الْخَطَّابِ وَالْمُوَفَّقُ2 وَالطُّوفِيُّ3، وَظَاهِرُ4 كَلامِ ابْنِ مُفْلِحٍ؛ لأَنَّ5 عَمَلَهُ بِفَتْوَاهُ كَالْحُكْمِ. وَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ إذَا اجْتَهَدَ وَحَكَمَ فِي وَاقِعَةٍ، ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: فَالْحُكْمُ بِالأَوَّلِ بَاقٍ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، فَكَذَا إذَا أَفْتَاهُ أَوْ قَلَّدَهُ6.
"وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ" الْعَامِّيُّ "بِفَتْوَاهُ" حَتَّى تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ مُفْتِيهِ "لَزِمَ الْمُفْتِيَ إعْلامُهُ" أَيْ إعْلامُ الْمُفْتِي الْعَامِّيَّ بِتَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ فِيمَا أَفْتَاهُ بِهِ7.
1 في ض ز ب: وقاله.
2 ساقطة من ب. وانظر: الروضة ص 381، المغني 10/50.
3 مختصر الطوفي ص182
4 في ض: وهو ظاهر.
5 في د ز: إن.
6 وفي قول تحرم عليه كحكمه لنفسه، واختاره الآمدي والغلزالي والرازي والقرافي وابن حمدان والكمال بن الهمام وغيرهم، وعرض ابن القيم بحثاً موسعاً عن تغير الفتوى بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال في "إعلام الموقعين 3/5 وما بعدها، 100وما بعدها".
وانظر: الإحكام للآمدي 4/203، المستصفى 2/382، المحصول 2/3/91، شرح تنقيح الفصول ص 441، صفة الفتوى ص 30، تيسير التحرير 4/236، فواتح الرحموت 3/396، روضة الطالبين 11/106 وما بعدها، المجموع 1/75، غاية الوصول ص 150، مختصر البعلي ص 166، المسودة ص 472، 543، المدخل إلى مذهب أحمد ص 191، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/391.
7 انظر: جمع الجوامع 2/391، روضة الطالبين 11/107، المجموع 1/75، 76، إعلام الموقعين 4/285، صفة الفتوى ص30، شرح تنقيح الفصول ص 442، المحصول 2/3/95، غاية الوصول ص 150، المعتمد 2/933.
1"فَلَوْ مَاتَ" الْمُفْتِي "قَبْلَهُ" أَيْ قَبْلَ إعْلامِهِ الْعَامِيَّ بِتَغَيُّرِ2 اجْتِهَادِهِ فَقَالَ3 ابْنُ مُفْلِحٍ فِي " فُرُوعِهِ ": "اسْتَمَرَّ" فِي الأَصَحِّ، قَالَ فِي " شَرْحِ التَّحْرِيرِ ": وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ4.
وَقِيلَ: يَمْتَنِعُ.
"وَلَهُ" أَيْ وَلِلْعَامِّيِّ "تَقْلِيدُ" مُجْتَهِدٍ "مَيِّتٍ" كَتَقْلِيدِ حَيٍّ؛ لأَنَّ قَوْلَهُ بَاقٍ فِي الإِجْمَاعِ وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. وَفِيهِ يَقُولُ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: الْمَذَاهِبُ لا تَمُوتُ بِمَوْتِ أَرْبَابِهَا. انْتَهَى. "كَحَاكِمٍ" فَإِنَّ الْحُكْمَ لا يَمُوتُ بِمَوْتِ حَاكِمِهِ "وَشَاهِدٍ" فَإِنَّ الشَّهَادَةَ لا تَبْطُلُ بِمَوْتِ مَنْ شَهِدَ بِهَا5.
وَقِيلَ: لَيْسَ لِلْعَامِّيِّ تَقْلِيدُ الْمَيِّتِ إنْ وَجَدَ مُجْتَهِدًا حَيًّا، وَإِلَاّ جَازَ.
1 ساقطة من ش.
2 في د: بتغيير.
3 في ض د: قال.
4 انظر: المسودة ص 521،522، 543، جمع الجوامع 2/391، إعلام الموقعين 4/283، صفة الفتوى ص 30.
5 وخالف في ذلك الرازي وأبو الحسن البصري، وكما نقله ابن السبكي، وأيّدهما الشوكاني.
انظر: المسودة ص 521، 522، صفة الفتوى ص 70، جمع الجوامع 2/396، المجموع 1/90، الإحكام لابن حزم 2/838، إعلام الموقعين 4/274، نهاية السول 3/257، تيسير التحرير 4/250، البرهان 2/1352، فواتح الرحموت 2/407، الأنوار 2/395، المدخل إلى مذهب أحمد ص 91، الوسيط ص 600،المحصول 2/3/97، إرشاد الفحول ص 269.
وَقِيلَ: لا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ مُطْلَقًا. وَهُوَ وَجْهٌ لَنَا وَلِلشَّافِعِيَّةِ1.
فَعَلَى2 الأَوَّلِ - وَهُوَ جَوَازُ تَقْلِيدِ الْمَيِّتِ لَوْ وَجَدَ مُجْتَهِدًا حَيًّا وَلَكِنْ دُونَ الْمَيِّتِ - احْتَمَلَ أَنْ يُقَلِّدَ 3الْمَيِّتَ لأَرْجَحِيَّتِهِ4، وَاحْتَمَلَ أَنْ يُقَلِّدَ الْحَيَّ لِحَيَاتِهِ وَاحْتَمَلَ التَّسَاوِيَ.
وَحَكَى الْهِنْدِيُّ قَوْلاً رَابِعًا فِي الْمَسْأَلَةِ: وَهُوَ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْحَاكِي عَنْ الْمَيِّتِ أَهْلاً لِلْمُنَاظَرَةِ، وَهُوَ مُجْتَهِدٌ فِي مَذْهَبِ الْمَيِّتِ، فَيَجُوزُ، وَإِلَاّ5 فَلا6.
"وَإِنْ عَمِلَ" الْمُسْتَفْتِي "بِفُتْيَاهُ" أَيْ بِفُتْيَا7 الْمُفْتِي "فِي إتْلافِ" نَفْسٍ أَوْ مَالٍ "فَبَانَ خَطَؤُهُ" أَيْ خَطَأُ الْمُفْتِي فِي فُتْيَاهُ "قَطْعًا" أَيْ بِمُقْتَضَى مُخَالَفَتِهِ8 دَلِيلاً9 قَاطِعًا10 "ضَمِنَهُ" أَيْ ضَمِنَ الْمُفْتِي مَا
1 انظر: صفة الفتوى ص 70، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/396، المسودة ص 466، إعلام الموقعين 4/274، 329، المنخول ص 480، نهاية السول 3/257، البرهان 2/1352، المحصول 2/3/97، إرشاد الفحول ص 269، المدخل إلى مذهب أحمد ص 191.
2 في ض: وعلى.
3 ساقطة من ش.
4 في د: لرجحانه.
5 في ض ب: أو لا.
6 انظر: جمع الجوامع والمحلي عليه 2/396.
7 في ض ب ز: فتيا.
8 في ش: مخالفة.
9 في ش: دليل.
10 في ش: قاطع.
أَتْلَفَهُ الْمُسْتَفْتِي بِمُقْتَضَى فُتْيَاهُ1.
"وَكَذَا" يَضْمَنُ "إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلاً" لِلْفُتْيَا عَلَى الصَّحِيحِ، خِلافًا لأَبِي إِسْحَاقَ الإسْفَرايِينِيّ2 وَجَمْعٍ3، بَلْ أَوْلَى بِالضَّمَانِ مِمَّنْ4 هُوَ أَهْلٌ لِلْفُتْيَا5.
قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ، وَغَيْرُهُ: لَوْ6 عَمِلَ بِفَتْوَاهُ فِي إتْلافٍ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ أَخْطَأَ. فَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ الْقَاطِعَ لَمْ يَضْمَنْ؛ لأَنَّهُ مَعْذُورٌ، وَإِنْ خَالَفَ الْقَاطِعَ ضَمِنَ.
"وَيَحْرُمُ تَقْلِيدٌ عَلَى مُجْتَهِدٍ أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى حُكْمٍ" اتِّفَاقًا7.
1 انظر: الأنوار 2/396، صفة الفتوى ص 31، جمع الجوامع 2/391، روضة الطالبين 11/107، المجموع 1/76، إعلام الموقعين 4/287، غاية الوصول ص 150.
2 ساقطة من ش، وفي د: الشيرازي.
3 انظر صفة الفتوى ص 31، المجموع 1/76، إعلام الموقعين 4/286.
4 في ض: من.
5 انظر: جمع الجوامع 2/391، روضة الطالبين 11/107، إعلام الموقعين 4/286، الأنوار 2/397، المجموع للنووي 1/76.
6 في ب: ولو.
7 قال الأردبيلي: ولا يجوز لمجتهدتقليد مجتهد آخر، لا ليعمل ولا ليقضي، ولا ليفتي به، سواء خاف الفوت لضيق الوقت أو لا " "الأنوار 2/395".
وانظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/300، الإحكام للأمدي 4/204، 222،نهاية السول 3/261، الرد على من أخلد إلى الأرض ص 117 وما بعدها، المستصفى 2/384، المعتمد 2/945، جمع الجوامع =
وَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يَجْتَهِدَ، وَهُوَ مَا أُشِيرَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ "أَوْ1 لَمْ يَجْتَهِدْ" فَكَذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ قَالَهُ أَحْمَدُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَلأَبِي حَنِيفَةَ2 رِوَايَتَانِ3.
وَقِيلَ: يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ إنْ لَمْ يَجْتَهِدْ مُطْلَقًا، وَحُكِيَ عَنْ أَحْمَدَ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ4.
= 2/393، المحصول 2/3/115، التمهيد ص 160، فتح الغفار 3/37، تيسير التحرير 4/227، فواتح الرحموت 2/392، شرح تنقيح الفصول ص 443، مختصر البعلي ص 167، مختصر الطوفي ص180، إرشاد الفحول ص 264، الملل والنّحل 1/205، المدخل إلى مذهب أحمد ص 189، 191.
1 في ب: و.
2 في ش: أبي أحمد.
3 في هذه المسألة عدّة أقوال بين مجيز ومانع ومفصّل، قال الإسنوي:"" وفيما قبله ثمانية مذاهب"""نهاية السول 3/261" ولكل قول دليله.
انظر هذه الأقوال مع أدلتها ومناقشتها في "الروضة ص 377، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/300، التمهيد ص 300، المحرر 2/205، الإحكام للآمدي 4/204، وما بعدها، المستصفى 2/384، المحصول 2/3/115، 116، الرسالة ص 115 هامش، البرهان 2/1339 وما بعدها، المعتمد 2/942، 948، فتح الغفار 3/37، كشف الأسرار 4/14، تيسير التحرير 4/227، 228، 246، شرح الورقات ص 246، المنخول ص 477، شرح تنقيح الفصول ص 443، جمع الجوامع 2/394، غاية الوصول ص 150، المعتمد 2/942، القواعد للعز بن عبد السلام 2/160، مختصر البعلي ص 167، مختصر الطوفي ص 180، المدخل إلى مذهب أحمد ص 189، 191، المسودّة ص 468، 470، اللمع ص 71، الفقيه والمتفقه 2/69، إرشاد الفحول ص 264".
4 انظر: المحصول 2/3/115.
وَقِيلَ: فِيمَا يَخُصُّهُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ التَّقْلِيدُ لِحَاكِمٍ فَقَطْ، وَابْنُ حَمْدَانَ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ لِعُذْرٍ، وَابْنُ سُرَيْجٍ لِضِيقِ الْوَقْتِ، وَمُحَمَّدٌ لأَعْلَمَ مِنْهُ، وَجَمْعٌ لِصَحَابِيٍّ أَرْجَحُ، وَلا إنْكَارَ مِنْهُمْ، وَقِيلَ: و1َتَابِعِيٍّ2.
"وَلَهُ" أَيْ لِلْمُجْتَهِدِ "أَنْ يَجْتَهِدَ وَيَدَعَ غَيْرَهُ" إجْمَاعًا.
"وَالْمُتَوَقِّفُ" مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ "فِي مَسْأَلَةٍ نَحْوِيَّةٍ أَوْ" فِي "حَدِيثٍ عَلَى أَهْلِهِ: عَامِّيٌّ فِيهِ" أَيْ فِيمَا تَوَقَّفَ3 فِيهِ مِنْ النَّحْوِ أَوْ الْحَدِيثِ عِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ وَالْمُوَفَّقِ وَالآمِدِيِّ وَغَيْرِهِمْ، وَالْعَامِّيُّ يَلْزَمُهُ التَّقْلِيدُ مُطْلَقًا4.
1 ساقطة من ض.
2 قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "" والصحيح أنه يجوز حيث عجز عن الاجتهاد، إما لتكافؤ الأدلة، وإمّا لضيق الوقت عن الاجتهاد، وإما لعدم ظهور دليل له، فإنّه حيث عجز سقط عنه وجوب ما عجز عنه، وانتقل إلى بدله، وهو التقليد، كما لو عجز عن الطهارة بالماء """مجموعة الفتاوى20/204".
وقال إمام الحرمين الجويني مثل ذلك، كما قاله غيره. "انظر: البرهان 2/1339، والمراجع السابقة".
3 في ض: يتوقف.
4 انظر: الروضة ص 337، المستصفى 2/384، مختصر الطوفي ص 180، المدخل إلى مذهب أحمد ص 189، 191.