المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل""لا يفتي إلا مجتهد - شرح الكوكب المنير = شرح مختصر التحرير - جـ ٤

[ابن النجار الفتوحي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الرابع

- ‌باب القياس

- ‌فَصْلٌ""الْعِلَّةُ

- ‌فصل من شروط العلة

- ‌فَصْلٌ""لا يُشْتَرَطُ الْقَطْعُ بِحُكْمِ الأَصْلِ

- ‌فصل شروط الفرع

- ‌مَسَالِكُ الْعِلَّةِ

- ‌فَائِدَةٌ""أَعَمُّ الْجِنْسِيَّةِ فِي الْوَصْفِ:

- ‌فَوَائِدُ" تَتَعَلَّقُ بِتَفْسِيرِ بَعْضِ أَلْفَاظٍ اصْطَلَحَ عَلَيْهَا أَهْلُ الأُصُولِ وَالْجَدَلِ

- ‌فصل: تقسيم القياس ياعتبار قوته وضعفه

- ‌فصل: قوادح العلة

- ‌فصل": فِيمَا يَشْتَمِلُ عَلَى أَحْكَامِ الْجَدَلِ، وَآدَابِهِ، وَحَدِّهِ، وَصِفَتِهِ

- ‌فصل في عدم الكلام في مجالس الخوف ونحوه

- ‌فَصْلٌ فِيمَا يَجِبُ عَلَى الْخَصْمَيْنِ فِي الْجَدَلِ

- ‌فَصْلٌ فِي تَرْتِيبِ الْخُصُومِ فِي الْجَدَلِ

- ‌بَابُ الاسْتِدْلالِ

- ‌فَصْلٌ الاسْتِحْسَانُ

- ‌فوائد في قواعد اللغة

- ‌فصل: تجزؤ الإجتهاد وخلاف العلماء فيه

- ‌فصل: لا ينقض حكم الحاكم في مسألة إجتهادية

- ‌فصل: التفويض لنبي أو مجتهد بالحكم

- ‌فَصْلٌ""نَافِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ

- ‌باب التقليد

- ‌فَصْلٌ""لا يُفْتِي إلَاّ مُجْتَهِدٌ

- ‌فصل: للمفتي رد الفتوى

- ‌بَابُ تَرْتِيبِ الأَدِلَّةِ، وَالتَّعَادُلِ، وَالتَّعَارُضِ، وَالتَّرْجِيحِ

- ‌خَاتِمَةٌ

الفصل: ‌فصل""لا يفتي إلا مجتهد

"‌

‌فَصْلٌ"

"لا يُفْتِي إلَاّ مُجْتَهِدٌ

". عِنْدَ أَكْثَرِ الأَصْحَابِ، وَمَعْنَاهُ عَنْ1 أَحْمَدَ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَ2يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِقَوْلِ مَنْ تَقَدَّمَ، وَقَالَ أَيْضًا3: يَنْبَغِي لِلْمُفْتِي أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِوُجُوهِ الْقُرْآنِ، وَالأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ وَالسُّنَنِ. وَقَالَ أَيْضًا: لا يَجُوزُ الاخْتِيَارُ إلَاّ لِعَالِمٍ بِكِتَابٍ وَسُنَّةٍ4.

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الاخْتِيَارُ5 تَرْجِيحُ قَوْلٍ، وَقَدْ يُفْتِي

1 في ض: عند.

2 ساقطة من ب ز.

3 ساقطة من ش ب.

4 انظر تعريف المفتي، وشروطه، وخاصة اشتراط الاجتهاد وعدمه في "المسودة ص544، 545، إعلام الموقعين 1/46، 47، وما بعدها، 4/254، 262، الأنوار 2/395، روضة الطالبين 11/109، المجموع 1/69، البرهان 2/1330، الفقيه والمتفقه 2/152، 156، شرح الورقات ص 230، تيسير التحرير 4/242، فواتح الرحموت 2/401، صفة الفتوى ص 4، 13، 25، عرف البشام ص 12 وما بعدها، الإحكام لابن حزم 2/690 وما بعدها، العضد على ابن الحاجب 2/305، اللمع ص71، الإحكام للآمدي 4/222، نهاية السول 3/256، المعتمد 2/929، الفروق 2/107، مختصر البعلي ص 167، المدخل إلى مذهب أحمد ص 195، أصول مذهب أحمد ص 654".

5 في ز: والاختيار.

ص: 557

بِالتَّقْلِيدِ. انتهى.

وَقَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَالتَّرْغِيبِ: يَجُوزُ لِلْمُجْتَهِدِ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، لأَجْلِ الضَّرُورَةِ1.

وَقَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ: يَجُوزُ لِغَيْرِ الْمُجْتَهِدِ أَنْ يُفْتِيَ، إنْ2 كَانَ مُطَّلِعًا عَلَى الْمَأْخَذِ، أَهْلاً لِلنَّظَرِ.

قَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ بِمَذْهَبِ الْمُجْتَهِدِ3 مَنْ عَرَفَ مَذْهَبَهُ، وَقَامَ بِتَفْرِيعِ الْفِقْهِ عَلَى أُصُولِهِ، وَقَدَرَ عَلَى التَّرْجِيحِ فِي مَذْهَبِ ذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَصِيرُ كَإِفْتَاءِ الْمُجْتَهِدِ بِنَفْسِهِ. فَالْمُجْتَهِدُ الْمُقَدَّمُ فِي مَذْهَبِ إمَامِهِ، وَهُوَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِتَقْرِيرِ مَذْهَبِهِ، وَيَعْرِفُ مَأْخَذَهُ مِنْ أَدِلَّتِهِ التَّفْصِيلِيَّةِ، بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ لَقَرَّرَهُ كَذَلِكَ، فَهَذَا يُفْتِي بِذَلِكَ لِعِلْمِهِ بِالْمَأْخَذِ، وَهَؤُلاءِ أَصْحَابُ4 الْوُجُوهِ. وَدُونَهُمْ فِي الرُّتْبَةِ: أَنْ يَكُونَ فَقِيهَ النَّفْسِ، حَافِظًا لِلْمَذْهَبِ، قَادِرًا عَلَى التَّفْرِيعِ وَالتَّرْجِيحِ، فَهَلْ لَهُ الإِفْتَاءُ5 بِذَلِكَ؟ أَقْوَالٌ: أَصَحُّهَا يَجُوزُ6. انتهى.

1 انظر: الفروع 6/422.

2 في ض ز: إذا.

3 في ب: المجتهدين.

4 في ب: وهو لأصحاب.

5 في ب: المفتي.

6 ذكر ابن حاجب أربعة أقوال، وهي: الأول: يجوز، وهو قول الجماهير، والثاني: لا يجوز مطلقاً، وهو مذهب أبي الحسين البصري، والثالث: يجوز عند=

ص: 558

وَقَالَ الْقَفَّالُ الْمَرْوَزِيُّ1 مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: مَنْ حَفِظَ مَذْهَبَ إمَامٍ أَفْتَى بِهِ.

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ: يُفْتِي الْمُتَبَحِّرُ فِيهِ.

وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي عَامِّيٍّ عَرَفَ حُكْمَ حَادِثَةٍ بِدَلِيلِهَا2: يُفْتِي، أَوْ إنْ كَانَ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، أَوْ الْمَنْعُ3 مُطْلَقًا، وَهُوَ أَصَحُّ،

=عدم المجتهد، وهو قول جماعة، والرابع: يجوز إن كان مطلعاً على المأخذ، أهلاً للنظر، واختاره ابن الحاجب، ولكل قول دليله.

انظر: مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/308، جمع الجوامع 2/397، وما بعدها، المعتمد 2/932، فواتح الرحموت 2/404، تيسير التحرير 4/249، فتح الغفار 3/37، الفروق 2/107 وما بعدها، الإحكام للآمدي 4/236، نهاية السول 3/256، صفة الفتوى ص 18 وما بعدها، 24، إرشاد الفحول ص 269، الوسيط ص 598.

1 هو أبو بكر بن أحمد بن عبد الله، أبو بكر، المعروف بالقفال المرزوي، والقفال الصغير، الفقيه الشافعي، شيخ طريقة الخرسانيين أو المراوزة، وكان معتمد المذهب في بلاده، وله مؤلفات كثيرة، وتخاريجه جيدة، وإذا أطلق القفال في كتب الفقه فهو المقصود، والقفال الشاشي أو الكبير أكثر ذكراً في الأصول والتفسير، قال ابن السبكي عن القفال المرزوي:"كان إماماً كبيراً، وبحراً عميقاً، غواصاً على المعاني الدّقيقة"، تفقه به جماعة كثيرة، ومات سنة 417هـ، ودفن بسجستان.

انظر ترجمته في "طبقات الشافعية الكبرى 5/53، وفيات الأعيان 2/250، شذرات الذهب 3/207، البداية والنهاية 12/21، تهذيب الأسماء 2/282، مفتاح السعادة 2/324، طبقات الشافعية للإسنوي 2/298".

2 في ش: بدليل.

3 في ب: لمنع.

ص: 559

وَ1فِيهِ أَوْجُهٌ2. انتهى3.

وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: فَمَنْ أَفْتَى وَلَيْسَ عَلَى4 صِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ: فَهُوَ عَاصٍ آثِمٌ5.

وَظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ تَقْلِيدُ أَهْلِ الْحَدِيثِ. قَالَ: سَأَلَ عَبْدُ اللَّهِ الإِمَامَ أَحْمَدَ فِيمَنْ أَهْلُ مِصْرِهِ6 أَصْحَابُ رَأْيٍ، وَأَصْحَابُ حَدِيثٍ لا يَعْرِفُونَ الصَّحِيحَ: لِمَنْ يَسْأَلُ؟ قَالَ: أَصْحَابَ الْحَدِيثِ7.

قَالَ الْقَاضِي: وَظَاهِرُهُ تَقْلِيدُهُمْ8.

وَقَالَ فِي الْوَاضِحِ: ظَاهِرُ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ صَاحِبَ

1 ساقطة من ب.

2 في ب: أو جهل.

3 انظر: المسودة ص 545، إعلام الموقعين 4/228، 249، صفة الفتوى ص 25، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/308، الإحكام للآمدي 4/236، شرح الورقات ص 243، تيسير التحرير 4/249، فتح الغفار 3/37، إرشاد الفحول ص 269.

4 من صفة الفتوى، وفي ش ز: له، وفي ب: معه.

5 صفة الفتوى ص 24.

6 في ض: مصر، وفي ب: نصره، وفي ز: مصره.

7 انظر: إعلام الموقعين 1/49.

8 في ب: تقليده.

ص: 560

الْحَدِيثِ أَحَقُّ بِالْفُتْيَا، وَحَمَلَهَا عَلَى أَنَّهُمْ1 فُقَهَاءُ، أَوْ2 أَنَّ السُّؤَالَ يَرْجِعُ إلَى الرِّوَايَةِ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْقَاضِي قَوْلَ أَحْمَدَ: "لا يَكُونُ فَقِيهًا حَتَّى يَحْفَظَ أَرْبَعَمِائَةِ أَلْفِ3 حَدِيثٍ" وَحَمَلَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ وَالاحْتِيَاطِ4، وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَدُ "الأُصُولُ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الْعِلْمُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ أَلْفًا، أَوْ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ"5.

وَذَكَرَ الْقَاضِي: أَنَّ ابْنَ شَاقِلا اعْتَرَضَ عَلَيْهِ بِهِ6، فَقَالَ: إنْ كُنْت لا أَحْفَظُ فَإِنِّي أُفْتِي بِقَوْلِ مَنْ يَحْفَظُ7 أَكْثَرَ مِنْهُ. قَالَ الْقَاضِي: لا يَقْتَضِي هَذَا: أَنَّهُ8 كَانَ يُقَلِّدُ أَحْمَدَ، لِمَنْعِهِ الْفُتْيَا بِلا عِلْمٍ9.

1 في ب: أنه.

2 في ض ز: و.

3 في ض: أربعة آلاف.

4 انظر: المسودة ص 513 وما بعدها، صفة الفتوى ص 20، إعلام الموقعين 1/47، 4/262، الرد على من اخلد إلى الأرض ص 151، المدخل إلى مذهب أحمد ص 181.

5 انظر: المسودة ص 516.

6 ساقطة من ش.

7 في ض: يحفظه.

8 في ض: أن.

9 انظر: المسودة ص 516، إعلام الموقعين 1/47.

ص: 561

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: ظَاهِرُهُ تَقْلِيدُهُ، إلَاّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَخْذِ1 طُرُقِ الْعِلْمِ مِنْهُ. ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ ابْنِ بَطَّةَ: لا يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ بِمَا يَسْمَعُ2 مِنْ3 مُفْتٍ.

وَرُوِيَ4 عَنْ ابْنِ بَشَّارٍ5: مَا أَعِيبُ عَلَى رَجُلٍ حَفِظَ لأَحْمَدَ خَمْسَ مَسَائِلَ اسْتَنَدَ6 إلَى سَارِيَةِ الْمَسْجِدِ يُفْتِي بِهَا7. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي فَضْلِهِ8.

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: هَذَا9 صَرِيحٌ فِي10 الإِفْتَاءِ بِتَقْلِيدِ أَحْمَدَ.

1 في ض ز: أخذه.

2 في ش ب: سمع.

3 في ش: عن.

4 في ز: ورُوي.

5 هو علي بن محمد بن بشار، أو الحسن، الزاهد العارف، حدث عن أبي بكر المروذي، وصالح وعبد الله ابني الإمام أحمد، وغيرهم وسمع جميع مسائل صالح لأبيه أحمد من صالح، وحدث بها، وسمعها منه جماعة، وكان شيوخ الحنابلة في زمانه يقصدونه ويعظمونه، توفي سنة 313هـ.

انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 2/57، المنهج لأحمد 2/7، شذرات الذهب 2/267".

وهناك الحسين بن بشار ممن أخذ عن أحمد، "انظر: طبقات الحنابلة 1/142".

6 في ش: أن يستند.

7 انظر: طبقات الحنابلة 2/63، 142، المنهج لأحمد 2/11، إعلام الموقعين 4/253، الفروع 6/422.

8 انظر: إعلام الموقعين 4/253، أصول مذهب أحمد ص 656.

9 في ش: هو.

10 في ض ز: ب.

ص: 562

وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ إلَاّ تَوْلِيَةَ1 قَاضٍ مُجْتَهِدٍ: إنَّمَا عَنَى قَبْلَ اسْتِقْرَارِ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ وَانْحِصَارِ2 الْحَقِّ فِيهَا3.

وَقَالَ الآمِدِيُّ: بِجَوَازِ4 بَعْضِ الإِفْتَاءِ بِالتَّقْلِيدِ5. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلامِ ابْنِ بَشَّارٍ الْمُتَقَدِّمِ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْفَرَجِ فِي الإِيضَاحِ6، وَصَاحِبُ الرِّعَايَةِ، وَالْحَاوِي مِنْ أَصْحَابِنَا. كَالْحَنَفِيَّةِ؛ لأَنَّهُ نَاقِلٌ كَالرَّاوِي.

رُدَّ، لَيْسَ إذًا مُفْتِيًا7، بَلْ مُخْبِرٌ. ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمُوَفَّقُ، وَزَادَ8: فَيَحْتَاجُ9 مُخْبِرٌ10 عَنْ مُعَيَّنٍ مُجْتَهِدٍ11، فَيُعْمَلُ بِخَبَرِهِ لا بِفُتْيَاهُ12.

1 في ب: التولية. في

2 ض ب ز: وانحصر. وانظر المسودة ص 539.

3 في ب: فيه، وانظر المسودة ص 538.

4 في ض ب ز: جوز.

5 انظر: الإحكام للآمدي 4/236 بالمعنى.

6 في ش: الافصاح. والايضاح لأبي الفرج المقدسي الشيرازي.

7 في ش: بفتيا.

8 ساقطة من ب.

9 في ب: فيحتاجه.

10 في ض ب: يخبر.

11 ساقطة من ب.

12 انظر: الفروع 6/422، 428، والمراجع السابقة التي ذكرناها عند بيان الأقوال الأربعة في فتوى غير المجتهد.

ص: 563

"وَلا يَجُوزُ خُلُوٌّ عَنْهُ" أَيْ: عَنْ1 مُجْتَهِدٍ.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: لا يَجُوزُ خُلُوُّ الْعَصْرِ عَنْ مُجْتَهِدٍ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَطَوَائِفَ.

قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا2: ذَكَرَهُ أَكْثَرُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الأُصُولِ فِي مَسَائِلِ الإِجْمَاعِ. وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَقِيلٍ خِلافَهُ، إلَاّ عَنْ بَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ الْمَالِكِيُّ وَجَمْعٌ مِنْهُمْ، وَمِنْ غَيْرِهِمْ3.

1 ساقطة من ض.

2 ساقطة من ب.

3 اختلفت أراء العلماء في مألة جواز خلو العصر من مجتهدن فقال الجمهور بجواز ذلك، واختاره الآمدي وابن الحاجب والغزالي والقفال وغيرهم، وقال طائفة بعدم جوازه، وأن الاجتهاد فرض في كل عصر، وهو قول الحنابلة وبعض الشافعية كالأستاذ أبي إسحاق الإسفراييني وغيره، وأيده الشوكاني والشهرستاني، وتحمس له السيوطي رحمه الله، وألف فيه كتاباً، وذكر اتفاق العلماء من جميع المذاهب عليه، ونقل نصوصهم في مختلف العصور، وأجاز ابن دقيق العيد ذلك عند أشراط الساعة فقط، وكان الأجدر أن تذكر هذه المسألة في فصل الاجتهاد.

انظر: مجموع الفتاوى 20/204، إعلام الموقعين 2/270، 275، الإحكام للآمدي 4/233، المسودة ص472، مختصر البعلي ص167، جمع الجوامع والمحلي عليه 2/398، فتح الغفار 3/37، فواتح الرحموت 2/399، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/307، تيسير التحرير 4/240، إرشاد الفحول ص 253، أصول مذهب أحمد ص 638، المدخل إلى مذهب أحمد ص 191، الرد عل من أخلد إلى الأرض وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض، للسيوطي ص 67، 97 وما بعدها، شرح تنقيح الفصول ص 435، الملل والنحل 1/205، الوسيط ص 513.

ص: 564

قَالَ الْكَرْمَانِيُّ1 فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ" إلَى آخِرِهِ2 قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ3؛ لأَنَّ أُمَّتَهُ آخِرُ الأُمَمِ. وَعَلَيْهَا تَقُومُ السَّاعَةُ، وَإِنْ ظَهَرَتْ أَشْرَاطُهَا، وَضَعُفَ الدِّينُ، فَلا بُدَّ أَنْ يَبْقَى مِنْ أُمَّتِهِ مَنْ

1 هو محمد بن يوسف بن علي، شمس الدين الكرماني، أصله من كرمان، ثم اشتهر في بغداد، لأنه تصدى لنشر العلم فيها ثلاثين سنة، وأقام مدة بمكة، ودخل مصر والشام، وكان عالما في الفقه والحديث والتفسير والتوحيد وأصول الفقه والمعاني والعربية، وكان فيه بشاشة وتواضع للفقراء والعلماء، ألف كتباً كثيرة منها "شرح البخاري" وسماه "الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري" وشرح "مختصر ابن الحاجب" في الأصول مع مختصرات أخرى، وسمى شرحه:"السبعة السيارة"، وتوفي أثناء رجوعه من الحج عام 786هـ، وحمل إلى بغداد، ودفن فيها.

انظر ترجمته في "الدرر الكامنة 5/77، الأعلام 8/27، الفتح المبين 2/202، مفتاح السعادة 1/212".

2 رواه البخاري وغيره، وسبق تخريجه "1/324هـ،2/221"

وانظر: صحيح البخاري مع حاشية السندي 2/126، 185، 4/178، 196، صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/38، 4/194، 13/92.

3 هو علي بن خلف بن عبد الملك، الإمام أبو الحسن، الحافظ، الفقيه، الشهير بابن بطال المالكي، من أهل قرطبة، كان من أهل الفهم والعلم والمعرفة، عني بالحديث العناية التامة، وأتقنه، وحدث عنه جماعة من العلماء، وشرح "صحيح البخاري" قال القاضي عياض عنه:"يتنافس فيه، كثير الفائدة"،وله كتاب في الزهد والرقائق، وخرج إلى بلنسية، وتوفي سنة 449هـ، وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "الديباج المذهب ص 203، شجرة النور الزكية ص 115، ترتيب المدرك 2/827، شذرات الذهب 3/283، تذكرة الحفاظ 3/1127".

ص: 565

يَقُومُ بِهِ1.

قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لا يَقُولَ أَحَدٌ: اللَّهُ اللَّهُ"2 وَقَالَ أَيْضًا "لا تَقُومُ السَّاعَةُ إلَاّ عَلَى شِرَارِ النَّاسِ"3.

قُلْنَا: هَذِهِ الأَحَادِيثُ لَفْظُهَا عَلَى الْعُمُومِ، وَالْمُرَادُ مِنْهَا الْخُصُوصُ. فَمَعْنَاهُ: لا تَقُومُ عَلَى أَحَدٍ يُوَحِّدُ اللَّهَ تَعَالَى إلَاّ بِمَوْضِعِ كَذَا، 4إذْ لا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الطَّائِفَةُ الْقَائِمَةُ بِالْحَقِّ الَّتِي تُوَحِّدُ اللَّهَ

1 هذا من كلام الكرماني، ولم ينسبه إلى ابن بطال، "انظر: صحيح البخاري بشرح الكرماني 2/38-39".

2 هذا الحديث رواه مسلم والترمذي وأحمد عن أنس مرفوعاً.

انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 2/170، جامع الترمذي مع تحفة الأحوذي 6/451، مسند أحمد 3/107، 201، 259.

3 هذا الحديث رواه أحمد عن ابن مسعود، ورواه ابن ماجه عن أنس، والحاكم عن أبي أمامة، ورواه مسلم موقوفاً عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ورد عليه عقبة بن عامر بالحديث المرفوع: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين

"، قال عبد الله: أجل ثم يبعث الله ريحا كريح المسك، مسها مس الحرير، فلا تترك نفساً في قلبه مثقال حبة من الإيمان إلا قبضته، ثم يبقى شرار الناس، عليهم تقوم الساعة".

انظر: صحيح مسلم بشرح النووي 13/67،68، سنن ابن ماجه 2/1341، مسند أحمد 1/394، المستدرك 4/440، الفقيه والمتفقه 1/5، الرد على من أخلد إلى الأرض ص 111، الفتح الكبير 3/334.

4 في ش ب تكرار وزيادة مشوشة: "إذ لا يجوز أن تكون الطائفة القائمة بالحق التي توحد الله تعالى إلا بموضع كذا، فإن به طائفة قائمة على الحق، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس بموضع كذا، إذ لا يجوز أن تكون الطائفة القائمة بالحق التي توحد الله تعالى هي شرار الخلق".

ص: 566

تَعَالَى هِيَ1 شِرَارُ الْخَلْقِ. وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ2. قِيلَ: وَأَيْنَ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، أَوْ أَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ" 3 انتهى4.

وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ: وَاخْتَارَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي شَرْحِ الْعُنْوَانِ مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ، وَكَذَا فِي أَوَّلِ شَرْحِ5 الإِلْمَامِ6، بَلْ7 أَشَارَ8 إلَى ذَلِكَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْبُرْهَانِ9، وَكَذَا ابْنُ بُرْهَانٍ فِي الأَوْسَطِ، لَكِنَّ كَلامَهُمْ مُحْتَمِلٌ الْحَمْلَ عَلَى عِمَارَةِ الْوُجُودِ

1 في ش ب: هم.

2 ساقطة من ض ب ز.

3 حديث أبي أمامة رواه الإمام أحمد مرفوعاً، وروى البخاري قريباً منه عن معاوية ومعاذ، "انظر: مسند أحمد 5/269، صحيح البخاري بشرح الكرماني 4/194".

وسبق تخريج الحديث كاملاً "2/221".

4 انتهى كلام الكرماني عن نفسه، ولم ينقل النص السابق عن ابن بطال، وإنما ذكر بعد ذلك كلاماً للنووي، وبعده نقل كلام ابن بطال، وهو: "وفي الحديث فضل العلماء على سائر الناس

" "انظر: صحيح البخار بشرح الكرماني 2/38-39".

5 ساقطة من ز.

6 في ض: الإمام.

7 ساقطة من ز.

8 في ب: إشارة.

9 البرهان 2/1346.

ص: 567

بِالْعُلَمَاءِ، لا عَلَى خُصُوصِ الْمُجْتَهِدِينَ. انتهى.

وَاخْتَارَ صَاحِبُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ: جَوَازَ ذَلِكَ، إلَاّ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ1.

وَقِيلَ: إنَّ الْمُجْتَهِدَ الْمُطْلَقَ عُدِمَ مِنْ زَمَنٍ طَوِيلٍ.

قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ فِي آدَابِ الْمُفْتِي: وَمِنْ زَمَنٍ طَوِيلٍ عُدِمَ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ2، مَعَ أَنَّهُ3 الآنَ أَيْسَرُ مِنْهُ فِي الزَّمَنِ الأَوَّلِ؛ لأَنَّ الْحَدِيثَ، وَالْفِقْهَ قَدْ دُوِّنَا، وَكَذَا4 مَا يَتَعَلَّقُ بِالاجْتِهَادِ مِنْ الآيَاتِ وَالآثَارِ وَأُصُولِ الْفِقْهِ وَالْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لَكِنَّ الْهِمَمَ قَاصِرَةٌ، وَالرَّغَبَاتِ فَاتِرَةٌ، وَنَارَ الْجِدِّ وَالْحَذَرِ5 خَامِدَةٌ، 6وَعَيْنَ الْخَوْفِ وَالْخَشْيَةِ7 جَامِدَةٌ، اكْتِفَاءً8 بِالتَّقْلِيدِ، وَاسْتِغْنَاءً9 عَنْ10

1 جمع الجوامع 2/398.

2 ساقطة من ض.

3 ساقطة من ض.

4 في ض: كذا وكذا.

5 في ش: والحزر.

6 ساقطة من صفة الفتوى.

7 في ش ب: الخشية والخوف.

8 في ض: اكتفى

9 في ض: واستغنى.

10 في ب: من.

ص: 568

التَّعَبِ الْوَكِيدِ1، وَهَرَبًا مِنْ2 الأَثْقَالِ، وَأَرَبًا فِي تَمْشِيَةِ الْحَالِ، وَبُلُوغِ الآمَالِ، وَلَوْ بِأَقَلِّ الأَعْمَالِ3.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: فُقِدَ الآنَ الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ، وَمِنْ دَهْرٍ طَوِيلٍ4، نَقَلَهُ السُّيُوطِيّ5 فِي شَرْحِ مَنْظُومَتِهِ لِجَمْعِ6 الْجَوَامِعِ7.

وَقَالَ الرَّافِعِيُّ: لأَنَّ النَّاسَ الْيَوْمَ كَالْمُجْمِعِينَ أَنْ لا مُجْتَهِدَ الْيَوْمَ. نَقَلَهُ الأَرْدَبِيلِيُّ8

1 في ش: الوليد

وفي "مختار الصحاح ص 734": "التوكيد لغة في التأكيد، وقد وكّد الشيء وأوكدهبمعنى، والواو أفصح".

2 في ضض: عن.

3 صفة الفتوى ص 17.

4 المجموع بشرح المهذب 1/71، وانظر: المسودة ص 547.

5 في ب: الأسيوطي.

6 في ز: منظومة جمع.

7 نقل السيوطي عبارة الفقهاء بأن المجتهد المطلق فقد من قديم في كتابه "الرد على من أخلد إلى الأرض، وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض ص 112 وما بعدها" وانتقدها وعقب عليها بكلام طويل، وبين الفرق بين المجتهد المستقل الذي استقل بقواعد لنفسه، فإنه فقد من دهر، وبين المجتهد المطلق غير المستقل الذي توفرت فيه شروط الاجتهاد التي اتصف بها المجتهد المستقل ثم لم يبتكر قواعد، وهذا متوفر، وهو فرض كفاية على الأمة في كل عصر وزمان.

8 هو يوسف بن إبراهيم، الأردبيلي، جمال الدين، الشافعي، الفقيه من أهل أردبيل في بلاد أذربيجان، كان كبير القدر، غزير العلم، وله كتاب:"الأنوار لعمل الأبرار" في الفقه الشافعي، جمع فيه ما تعم به البلوى من المسائل المهمة التي لا تذكر في الكتب المعتمدة، وعليه تعليقات، وله شرح مختصر، بقي جمال الدين في أردبيل، ومات فيها سنة 799هـ، وقيل غير ذلك.

1 انظر ترجمته في "الدرر الكامنة 5/259، كشف الظنون 1/167، الأعلام للزركلي 9/282".

ص: 569

فِي الأَنْوَارِ1.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: لَمَّا نَقَلَ كَلامَهُمَا: وَفِيهِ نَظَرٌ.

قَالَ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ: وَهُوَ كَمَا قَالَ، فَإِنَّهُ وُجِدَ مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ بَعْدَ ذَلِكَ جَمَاعَةٌ. مِنْهُمْ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله.

قَالَ2 ابْنُ الْعِرَاقِيِّ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ3 وَالْبُلْقِينِيُّ4.

"وَمَا يُجِيبُ بِهِ الْمُقَلِّدُ عَنْ حُكْمٍ فَإِخْبَارٌ5 عَنْ مَذْهَبِ إمَامِهِ، لا فُتْيَا" قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ وَالْمُوَفَّقُ. وَتَقَدَّمَ النَّقْلُ عَنْهُمْ بِذَلِكَ6.

"وَيُعْمَلُ بِخَبَرِهِ" أَيْ: بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ "إنْ كَانَ عَدْلاً" لأَنَّهُ نَاقِلٌ. كَالرَّاوِي.

= الدين في أردبيل، ومات فيها سنة 799هـ، وقيل غير ذلك.

1 انظر ترجمته في "الدرر الكامنة 5/259، كشف الظنون 1/167، الأعلام للزركلي 9/282".

الأنوار 2/395.

2 في ش: قاله.

3 في ض ع ب: وابن السبكي.

4 انظر: الرد على من أخلد إلى الأرض ص 117 وما بعدها، إرشاد الفحول ص 253-254.

5 في ض فأخبر.

6 صفحة 415-416، وانظر: المراجع المشار إليها هناك، إعلام الموقعين 4/253، 273.

ص: 570

"وَلِعَامِّيٍّ تَقْلِيدُ مَفْضُولٍ" مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِنَا، مِنْهُمْ: الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ وَصَاحِبُ الرَّوْضَةِ1، وَقَالَهُ2 الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَأَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ3.

وَقِيلَ: يَصِحُّ إنْ اعْتَقَدَهُ فَاضِلاً أَوْ مُسَاوِيًا، لا4 إنْ اعْتَقَدَهُ مَفْضُولاً5؛ لأَنَّهُ6 لَيْسَ مِنْ الْقَوَاعِدِ: أَنْ يُعْدَلَ7 عَنْ الرَّاجِحِ إلَى الْمَرْجُوحِ8.

1 الروضة ص 385.

2 في ض: وقال.

3 قال بجواز تقليد المفضول أكثر العلماء، ورجحه ابن الحاجب وغيره، لكن ابن بدران قال:"الأظهر وجوب متابعة الأفضل".

انظر: نزهة الخاطر 2/454، المدخل إلى مذهب أحمد ص 194، مختصر البعلي ص 167، مختصر الطوفي ص 185، المسودة ص 462، 464، إعلام الموقعين 4/330، صفة الفتوى ص 56، المستصفى 2/390، المنخول ص 479، شرح تنقيح الفصول ص 432، التمهيد ص 163، مختصر ابن الحاجب 2/309، جمع الجوامع 2/395، غاية الوصول ص 151، تيسير التحرير 4/251، فتح الغفار 3/37، البرهان 2/1342، فواتح الرحموت 2/404، القواعد للعز بن عبد السلام 2/159، الرد على من أخلد إلى الأرض ص154، 156، إرشاد الفحول ص 271.

4 في ب: لأن.

5 في ض: مفضول.

6 في ض: ولأنه.

7 في ب: تعدل.

8 نقل ابن الحاجب عن أحمد وابن سريج وجوب تقديم الأرجح، واختار ابن السبكي جواز تقليد المفضول إن اعتقده فاضلاً.

انظر: مختصر ابن الحاجب 2/309، جمع الجوامع 2/395، الروضة ص 385، إرشاد الفحول ص 272.

ص: 571

وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ سُرَيْجٍ وَالْقَفَّالُ وَالسَّمْعَانِيُّ: يَلْزَمُهُ الاجْتِهَادُ. فَيُقَدَّمُ الأَرْجَحُ.

وَمَعْنَاهُ قَوْلُ الْخِرَقِيِّ وَالْمُوَفَّقِ فِي الْمُقْنِعِ1. وَلأَحْمَدَ رِوَايَتَانِ2.

وَاسْتَدَلَّ لِلأَوَّلِ بِأَنَّ الْمَفْضُولَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالسَّلَفِ كَانَ يُفْتِي مَعَ وُجُودِ الْفَاضِلِ، مَعَ الاشْتِهَارِ وَالتَّكْرَارِ3، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ، فَكَانَ إجْمَاعًا عَلَى جَوَازِ اسْتِفْتَائِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى اسْتِفْتَاءِ4 الْفَاضِلِ، وَقَالَ تَعَالَى:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} 5 وَأَيْضًا: فَالْعَامِّيُّ6 لا يُمْكِنُهُ التَّرْجِيحُ لِقُصُورِهِ. وَلَوْ كُلِّفَ بِذَلِكَ لَكَانَ تَكْلِيفًا بِضَرْبٍ مِنْ الاجْتِهَادِ.

لَكِنْ زَيَّفَ ابْنُ الْحَاجِبِ ذَلِكَ بِأَنَّ التَّرْجِيحَ يَظْهَرُ بِالتَّسَامُعِ، وَرُجُوعِ الْعُلَمَاءِ إلَيْهِ، وَإِلَى7 غَيْرِهِ لِكَثْرَةِ الْمُسْتَفْتِينَ، وَتَقْدِيمِ

1 انظر: المقنع 4/245.

2 أيد ابن القيم قول ابن عقيل في الاجتهاد وتقديم الأرجح.

انظر: إعلام الموقعين 4/330، صفة الفتوى ص69، 82، المسودة ص 462، 463، 464، 471، المعتمد 2/939، فواتح الرحموت 2/404، تيسير التحرير 4/251 وما بعدها.

3 ساقطة من ب.

4 ساقطة من ب.

5 الآية 7 من الأنبياء

6 في ض: العامي.

7 في ع ب ز: و.

ص: 572

الْعُلَمَاءِ لَهُ1.

"وَيَلْزَمُهُ" أَيْ2: وَيَلْزَمُ الْعَامِّيَّ "إنْ بَانَ لَهُ الأَرْجَحُ" مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ "تَقْلِيدُهُ" فِي الأَصَحِّ. زَادَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: فِي الأَظْهَرِ.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: لا يَجُوزُ تَقْلِيدُ غَيْرِهِ.

قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فَفِيهِ نَظَرٌ3، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ سُؤَالِ آحَادِ الصَّحَابَةِ مَعَ وُجُودِ أَفَاضِلِهِمْ4.

"وَيُقَدَّمُ الأَعْلَمُ" مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ "عَلَى الأَوْرَعِ" فِي الأَصَحِّ؛ لأَنَّ الظَّنَّ الْحَاصِلَ بِالأَعْلَمِ؛ وَلأَنَّهُ لا تَعَلُّقَ لِمَسَائِلِ الاجْتِهَادِ بِالْوَرَعِ5.

"وَيُخَيَّرُ" الْعَامِّيُّ "فِي" تَقْلِيدِ أَحَدِ "مُسْتَوَيَيْنِ" عِنْدَ الأَكْثَرِ مِنْ

1 مختصر ابن الحاجب 2/309.

2 ساقطة من ش ب.

3 في ش: نظراً.

4 انظر: المجموع 1/90، روضة الطالبين 11/104، المستصفى 2/390، الإحكام للآمدي 4/237، مختصر ابن الحاجب 2/309، صفة الفتوى ص 56، المسودة ص 464، 537 وما بعدها، نزهة الخاطر 2/454، إعلام الموقعين 4/331، اللمع ص 22، المحصول 2/3/113.

5 انظر: روضة الطالبين 11/104، 112، المسودة ص 463، 538، صفة الفتوى ص 82، المنخول ص 483، التمهيد ص 163، جمع الجوامع 2/396، المحصول 2/3/113، البرهان 2/1344، المعتمد 2/947.

ص: 573

أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ1.

قَالَ2 فِي الرِّعَايَةِ: وَلا يَكْفِيهِ مَنْ لَمْ تَسْكُنْ نَفْسُهُ إلَيْهِ فَلا بُدَّ مِنْ سُكُونِ النَّفْسِ وَالطُّمَأْنِينَةِ بِهِ.

وَقِيلَ لأَحْمَدَ: مَنْ نَسْأَلُ بَعْدَك؟ قَالَ: عَبْدُ الْوَهَّابِ الْوَرَّاقُ3، فَإِنَّهُ صَالِحٌ، مِثْلُهُ يُوَفَّقُ لِلْحَقِّ4.

"وَلا يَلْزَمُهُ" أَيْ: لا يَلْزَمُ5 الْعَامِّيَّ "التَّمَذْهُبُ بِمَذْهَبٍ يَأْخُذُ بِرُخَصِهِ وَعَزَائِمِهِ" فِي أَشْهَرِ الْوَجْهَيْنِ6.

1 وهذا ما نص عليه الغزالي والآمدي وابن الحاجب والمجد وغيرهم.

انظر: المسودة ص 466، صفة الفتوى ص 69، المحصول 2/3/113، الإحكام للآمدي 4/237، مختصر ابن الحاجب 2/309، مختصر البعلي ص 169، البرهان 2/1344، المعتمد 2/940، المستصفى 2/390، أصول مذهب أحمد ص 663.

2 في ش ب ز: وقال.

3 هو عبد الوهاب بن عبد الحكم، ويقال: ابن الحكم بن نافع، أبو الحسن البغدادي، الوراق، النسائي الأصل، صحب الإمام أحمد، وأثنى عليه، وسمع منه، ومن أناس كثيرين، وكان صالحاً ورعاً زاهداً عاقلاً، عاش في بغداد، وقال عنه الإمام أحمد: قلّ من يرى مثله، وكان ثقة في الحديث، روى عنه أبو داود والترمذي والنسائي، تفي سنة 251هـ وقيل غير ذلك.

انظر ترجمته في "طبقات الحنابلة 1/209، المنهج لأحمد 1/123، الخلاصة 2/186".

4 انظر: المنهج لأحمد 1/125، طبقات الحنابلة 1/211.

5 ساقطة من ب ش.

6 وهذا ما رجحه ابن القيم وقال: "وهو الصواب المقطوع به " ورجحه النووي وابن برهان وغيرهما، وقال ابن السبكي وزكريا الأنصاري والكيا الهراسي: =

ص: 574

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الأَخْذِ بِرُخَصِهِ وَعَزَائِمِهِ1 " طَاعَةُ غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ: وَ2هُوَ خِلافُ الإِجْمَاعِ، وَتَوَقَّفَ أَيْضًا فِي جَوَازِهِ3، وَقَالَ أَيْضًا: إنْ خَالَفَهُ لِقُوَّةِ دَلِيلٍ4، أَوْ زِيَادَةِ عِلْمٍ، أَوْ تَقْوَى، فَقَدْ5 أَحْسَنَ، وَلَمْ يَقْدَحْ فِي عَدَالَتِهِ بِلا نِزَاعٍ. وَقَالَ أَيْضًا: بَلْ يَجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَأَنَّهُ نَصُّ أَحْمَدَ.

وَكَذَا قَالَ الْقُدُورِيُّ الْحَنَفِيُّ6: مَا ظَنَّهُ أَقْوَى،

= والأصح أنه يجب التزام مذهب معين.

انظر: المجموع 1/90-91، روضة الطالبين 11/117، مختصر البعلي ص 168، المسودة ص 465، إعلام الموقعين 4/331، صفة الفتوى ص 71، شرح تنقيح الفصول ص 432، جمع الجوامع 2/400، الوسيط ص 578، غاية الوصول ص 152، تيسير التحرير 4/253، إرشاد الفحول ص 252.

1 في ش: وعن أئمة.

2 ساقطة من ش.

3 انظر: المسودة ص 512.

4 في ش: دين.

5 في ش: فهو.

6 هو أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر، أبو الحسين القدوري الحنفي صاحب المختصر المشهور في الفقه، انتهت إليه رياسة الحنفية بالعراق، وكان حسن العبارة، وروى الحديث، وكان صدوقا، صنف "المختصر" المعروف باسمه، وهو من أشهر المختصرات عند الحنفية، وعليه شروح كثيرة، كما صنف "التجريد" في الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة، و"التقريب" في الخلاف بين أبي حنيفة وأصحابه، وكان يناظر أبا حامد الإسفراييني الشافعي، وروى عنه الخطيب البغدادي الحديث، وكان مديماً لقراءة القرآن، مات ببغداد سنة 428هـ. انظر ترجمته "الفوائد البهية ص 30، تج التراجم ص7، وفيات الأعيان 1/60، البداية والنهاية 12/24، الأعلام 1/206، مفتاح السعادة 2/280"

ص: 575

فَعَلَيْهِ1 تَقْلِيدُهُ فِيهِ، وَلَهُ الإِفْتَاءُ بِهِ حَاكِيًا مَذْهَبَ مَنْ قَلَّدَهُ.

وَذَكَرَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: أَنَّ مِنْ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ: أَنْ يُقِيمَ أَوْثَانًا فِي الْمَعْنَى تُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ، مِثْلَ: أَنْ يَتَبَيَّنَ الْحَقُّ، فَيَقُولَ2: هَذَا لَيْسَ3 مَذْهَبُنَا، تَقْلِيدًا لِمُعَظَّمٍ عِنْدَهُ، قَدْ قَدَّمَهُ عَلَى الْحَقِّ.

وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لا يَحِلُّ لِحَاكِمٍ وَلا لِمُفْتٍ تَقْلِيدُ رَجُلٍ، فَلا يَحْكُمُ، وَلا يُفْتِي إلَاّ بِقَوْلِهِ4.

وَقِيلَ: بَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِمَذْهَبٍ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: هَذَا الأَشْهَرُ، فَلا يُقَلِّدُ غَيْرَ أَهْلِهِ5، وَقَالَ فِي مُصَنَّفِهِ آدَابِ الْمُفْتِي: يَجْتَهِدُ فِي أَصَحِّ الْمَذَاهِبِ فَيَتَّبِعُهُ6 وَقَطَعَ إلْكِيَا مِنْ

1 في ش: عليه.

2 في ش: فيقول مثلاً.

3 في ش: هذ، وفي ب: ليس هذا.

4 الإحكام لابن حزم 2/793، 844، 861.

5 يرى كثير من العلماء أن المقلد لا يجوز له أن يحكم بخلاف رأي إمامه، ولو كان معتقداً ترجيح ذلك.

انظر: شرح منتهى الإرادات 4/262، الإحكام للآمدي 203.

6 صفة الفتوى ص 72، 82، وانظر: إعلام الموقعين 4/331، جمع الجوامع 2/400، البرهان 2/1353، شرح منتهى الإرادات 4/262، إرشاد الفحول ص 272.

ص: 576

الشَّافِعِيَّةِ بِلُزُومِهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا كَلامُ الأَصْحَابِ، وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الدَّلِيلُ: أَنَّهُ لا يَلْزَمُهُ.

"وَلا" يَلْزَمُهُ1 أَيْضًا "أَنْ لا يَنْتَقِلَ مِنْ2 مَذْهَبٍ عُمِلَ بِهِ" عِنْدَ الأَكْثَرِ "فَيَتَخَيَّرُ فِي الصُّورَتَيْنِ" وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى ذَلِكَ فِي كَلامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَغَيْرِهِ3.

"وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ" أَيْ: عَلَى الْعَامِّيِّ "تَتَبُّعُ الرُّخَصِ" وَهُوَ أَنَّهُ كُلَّمَا وَجَدَ رُخْصَةً فِي مَذْهَبٍ عَمِلَ بِهَا، وَلا يَعْمَلُ بِغَيْرِهَا فِي ذَلِكَ الْمَذْهَبِ.

"وَيَفْسُقُ بِهِ" أَيْ: بِتَتَبُّعِ الرُّخَصِ. لأَنَّهُ لا يَقُولُ بِإِبَاحَةِ جَمِيعِ الرُّخَصِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ: فَإِنَّ4 الْقَائِلَ5 بِالرُّخْصَةِ فِي

1 روضة الطالبين 1/111، 117، وانظر: المجموع 1/91، المسودة ص 465، 472، القواعد للعز بن عبد السلام 2/159.

2 في ض ع ز: عن.

3 ذكر ابن الحاجب وغيره ثلاثة أقوال في حكم الانتقال من مذهب إلى مذهب آخر، بالمنع والجواز والتفضيل.

انظر: روضة الطالبين 11/108، شرح تنقيح الفصول ص 432، التمهيد ص 162، مختصر ابن الحاجب والعضد عليه 2/209، جمع الجوامع 2/400، الإحكام للآمدي 4/238، تيسير التحرير 4/253، فتح الغفار 3/37، فواتح الرحموت 2/406، القواعد للعز بن عبد السلام 2/158، إرشاد الفحول ص 272.

4 ساقطة من ش.

5 في ش: فالقائل.

ص: 577

هَذَا الْمَذْهَبِ لا يَقُولُ بِالرُّخْصَةِ1 الأُخْرَى الَّتِي2 فِي غَيْرِهِ3.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لا يَجُوزُ لِلْعَامِّيِّ تَتَبُّعُ الرُّخَصِ إجْمَاعًا4.

وَمِمَّا يُحْكَى: أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ تَتَبَّعَ رُخَصَ الْمَذَاهِبِ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ. وَجَمَعَهَا فِي كِتَابٍ، وَذَهَبَ بِهِ5 إلَى بَعْضِ الْخُلَفَاءِ، فَعَرَضَهُ عَلَى بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الأَعْيَانِ، فَلَمَّا رَآهَا قَالَ " يَا6 أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذِهِ زَنْدَقَةٌ فِي الدِّينِ، وَلا يَقُولُ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ"7.

وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ، فِي فِسْقِ مَنْ8 أَخَذَ بِالرُّخَصِ رِوَايَتَيْنِ، وَحَمَلَ الْقَاضِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ مُتَأَوِّلٍ أَوْ مُقَلِّدٍ.

1 في ض: الرخص.

2 ساقطة من ش.

3 انظر: روضة الطالبين 11/108، مختصر البعلي ص 168، المسودة ص 218وما بعدها، إعلام الموقعين 4/283، المستصفى 2/391، جمع الجوامع 2/400، تيسير التحرير 4/254، فواتح الرحموت 2/406، الموافقات 4/93، 96، إرشاد الفحول ص 272، الوسيط ص 583.

4 انظر: فواتح الرحموت 2/406.

5 ساقطة من ب.

6 ساقطة من ض.

7 هذه الحكاية ذكرها البيهقي عن القاضي إسماعيل، قال دخلت على المعتضد فرفع إليّ كتاباً

" وتتمته: "وما من عالم إلا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد بإحراق الكتاب" "انظر: إرشاد الفحول ص 272".

8 ساقطة من ض.

ص: 578

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَرُوِيَ عَدَمُ فِسْقِهِ عَنْ ابْنِ1 أَبِي هُرَيْرَةَ2.

"وَيَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ مُجْتَهِدٌ بِمُوجَبِ اعْتِقَادِهِ فِيمَا لَهُ، وَ" فِيمَا "عَلَيْهِ" حَكَاهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إجْمَاعًا، وَهُوَ وَاضِحٌ3.

"وَإِنْ عَمِلَ عَامِّيٌّ" فِي حَادِثَةٍ "بِمَا4 أَفْتَاهُ مُجْتَهِدٌ لَزِمَهُ" الْبَقَاءُ عَلَيْهِ قَطْعًا، وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ إلَى فَتْوَى غَيْرِهِ فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا إجْمَاعًا. نَقَلَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ5 وَالْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا6.

"وَإِلَاّ" أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ بِمَا أَفْتَاهُ الْمُجْتَهِدُ "فَلا" يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ

1 ساقطة من ش.

2 انظر: روضة الطالبين 11/108، جمع الجوامع 2/400، إرشاد الفحول ص 272.

3 انظر الفروع 6/423، إعلام الموقعين 4/228، 334، مختصر البعلي ص 168.

4 في ض: فيما.

5 مختصر ابن الحاجب 2/309.

6 نقل الآمدي وابن الحاجب الإجماع على عدم جواز رجوع المقلد فيما عمل به من الفتوى، وقال الزركشي بوجود الخلاف في المسألة، وقال الشيخ زكريا الأنصاري:"يجوز له الرجوع فيها".

انظر: الإحكام للآمدي 4/238، مختصر ابن الحاجب 2/309، جمع الجوامع 2/399، غاية الوصول شرح لب الأصول ص 152، تيسير التحرير 4/253، فتح الغفار 3/37، التمهيد ص 161، 162، إرشاد الفحول ص 272، فواتح الرحموت 2/405.

ص: 579

"إلَاّ بِالْتِزَامِهِ" ذَلِكَ1.

قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي أُصُولِهِ: هَذَا الأَشْهَرُ.

وَقِيلَ: مَعَ ظَنِّهِ أَنَّهُ حَقٌّ، فَعَلَى هَذَا لا بُدَّ مِنْ شَيْئَيْنِ: الْتِزَامُهُ، وَظَنُّهُ أَنَّهُ حَقٌّ، اخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ بِظَنِّهِ2 أَنَّهُ حَقٌّ فَقَطْ3.

"وَإِنْ اخْتَلَفَ عَلَيْهِ" أَيْ: عَلَى الْعَامِّيِّ "مُجْتَهِدَانِ" بِأَنْ أَفْتَاهُ أَحَدُهُمَا بِحُكْمٍ، وَالآخَرُ بِغَيْرِهِ "تَخَيَّرَ4" فِي الأَخْذِ بِأَيِّهِمَا شَاءَ عَلَى الصَّحِيحِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَالْمَجْدُ5، وَأَبُو الْخَطَّابِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ6 ظَاهِرُ كَلامِ أَحْمَدَ7، فَإِنَّهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: سُئِلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الطَّلاقِ؟ فَقَالَ: إنْ فَعَلَ حَنِثَ، فَقَالَ السَّائِلُ: إنْ أَفْتَانِي

1 انظر روضة الطالبين 11/117، المجموع 1/93، مختصر البعلي ص 168، المسودة ص 524، إعلام الموقعين 4/283، 334، صفة الفتوى ص 81، مختصر ابن الحاجب 2/309، جمع الجوامع 2/399 وما بعدها.

2 في ز: لظنه.

3 انظر: روضة الطالبين 11/118، المسودة ص 524، صفة الفتوى ص 81.

4 في ب: يخير.

5 المسودة ص 519.

6 في ض ب ع: وذكره.

7 انظر: صفة الفتوى ص 81، المجموع 1/92، المسودة ص 463، 467، 519، 538 وما بعدها، المستصفى 2/391، شرح تنقيح الفصول ص 442، المحصول 2/3/112، اللمع ص 72، الروضة ص 385، مختصر البعلي ص 167، أصول مذهب أحمد ص 700، إرشاد الفحول ص 271.

ص: 580

إنْسَانٌ أَنْ1 لا أَحْنَثَ. قَالَ: تَعْرِفُ2 حَلْقَةَ الْمَدَنِيِّينَ3؟ قُلْت: فَإِنْ أَفْتَوْنِي حَلَّ. قَالَ: نَعَمْ4.

وَقِيلَ. يَأْخُذُ بِقَوْلِ الأَفْضَلِ5 عِلْمًا وَدِينًا. فَإِنْ اسْتَوَيَا تَخَيَّرَ6، وَهَذَا اخْتِيَارُ الْمُوَفَّقِ فِي الرَّوْضَةِ7.

وَقِيلَ: يَأْخُذُ بِالأَغْلَظِ وَالأَثْقَلِ مِنْ قَوْلَيْهِمَا.

وَقِيلَ: بِالأَخَفِّ.

وَقِيلَ: بِالأَرْجَحِ دَلِيلاً.

وَقِيلَ: يَسْأَلُ ثَالِثًا8.

1 ساقطة من ش، وفي ض: في أن.

2 في ع: أتعرف.

3 في "المسودة ص 463" حلقة المدنيين –حلقة بالرصافة-.

4 انظر: المسودة ص 463،صفة الفتوى ص 82، الروضة 386.

5 في ش: الأفضل منهم.

6 في ب: يخير.

7 الروضة ص 385.

وهذا اختيار الغزالي "المستصفى 2/391، المنخول ص 483" وصححه النووي في "روضة الطالبين 11/105" وانظر: صفة الفتوى ص 80.

8 في المسألة سبعة أقوال، فانظر هذه الأقوال مع تعليلها في "صفة الفتوى ص 80-81، روضة الطالبين 11/105، المجموع 1/92، تيسير التحرير 4/255، اللمع ص 72، الروضة ص 386، المسودة ص 463، إعلام الموقعين 4/333، المستصفى 2/391، المنخول ص 483، شرح تنقيح الفصول ص 442، المحصول 2/2/541، 2/3/112، البرهان 2/1344، المعتمد 2/939، إرشاد الفحول ص 271، المدخل إلى مذهب أحمد ص 194، أصول مذهب أحمد ص 700، مختصر الطوفي ص 186.

ص: 581