المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا صَارَ سَلَمًا (سم) .   ‌ ‌بَابُ الصَّرْفِ وَهُوَ - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٢

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[ما ينعقد به البيع]

- ‌[شروط صحة البيع]

- ‌[فصل في الإقالة وأحكامها]

- ‌بَابُ الْخِيَارَاتِ

- ‌[خيار الشرط وأحكامه]

- ‌[فَصْلٌ خيار الرؤيا وأحكامه]

- ‌[فصل خِيَارُ الْعَيْبِ وأحكامه]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وأحكامه]

- ‌[بَابُ التولية والمرابحة والوضيعة]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[فصل إِذَا اسْتَصْنَعَ شَيْئًا جَازَ اسْتِحْسَانًا]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌[ما تكون فيه الشُّفْعَةِ]

- ‌[متى تجب الشُّفْعَةِ ومتى تستقر ومتى تملك]

- ‌[فصل ما يبطل الشفعة]

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[فصل أنواع الأجراء وحكم الأجير المشترك]

- ‌[فصل ما تستحق به الأجرة]

- ‌[فصل بيان ما يجب إذا فسِدَت الْإِجَارَةِ]

- ‌[فصل ما تنفسخ به الإجارة]

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌[فصل صحة رَهْنُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ]

- ‌[فصل حكم الرهن إذا باعه الراهن]

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌[فصل طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ]

- ‌[فصل ما ينبغي أن يفعله القاسم]

- ‌فَصْلٌالْمُهَايَأَةُ

- ‌كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

- ‌[من يولى القضاء]

- ‌[قَضَاءُ الْمَرْأَةِ فِيمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِيهِ]

- ‌[ما ينبغي للقاضي أن يفعله بعد توليه]

- ‌[فصل إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ قَضَاءُ قَاضٍ]

- ‌[فصل الدليل على وجوب حبس من عليه الدين ومتى يجوز]

- ‌[فصل كتاب القاضي إلى القاضي في كل حق لا يسقط بالشبهة]

- ‌[فصل ما يجوز فيه التحكيم وما لا يجوز]

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌كتاب المأذون

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شروط الدعوى وحكمها]

- ‌فَصْلٌبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ

- ‌[فصل اخْتِلَافُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي في الثمن أو المبيع]

- ‌[فصل بَاعَ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ]

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فصل الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فصل الْإِقْرَارُ حَالَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ]

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فصل يجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِكُلِّ مَا سَمِعَهُ أَوْ أَبْصَرَهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْعُقُودِ]

- ‌[فصل ردت شهاته لمانع ثم زال هل تقبل شهادته]

- ‌[فصل الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَصِفَةُ الْإِشْهَادِ]

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[ما يضيفه الموكل إلى نفسه وإلى الموكل ومتى ترجع الحقوق إليهما]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

الفصل: وَإِنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا صَارَ سَلَمًا (سم) .   ‌ ‌بَابُ الصَّرْفِ وَهُوَ

وَإِنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا صَارَ سَلَمًا (سم) .

‌بَابُ الصَّرْفِ

وَهُوَ بَيْعُ جِنْسِ الْأَثْمَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ مَضْرُوبُهُمَا وَمَصُوغُهُمَا وَتِبْرُهُمَا، فَإِنْ بَاعَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ، ثُمَّ إِنَّمَا يَجُوزُ فِيمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَوَانِي الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ وَالزُّجَاجِ وَالْعِيدَانِ وَالْخِفَافِ وَالْقَلَانِسِ وَالْأَوْعِيَةِ مِنَ الْأُدْمِ وَالْمَنَاطِقِ وَجَمِيعِ الْأَسْلِحَةِ، وَلَا يَجُوزُ فِيمَا لَا تَعَامُلَ فِيهِ كَالْجِبَابِ وَنَسْجِ الثِّيَابِ، لِأَنَّ الْمُجَوِّزَ لَهُ هُوَ التَّعَامُلُ عَلَى مَا مَرَّ فَيُقْتَصَرُ عَلَيْهِ.

قَالَ: (وَإِنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا صَارَ سَلَمًا) فَيُشْتَرَطُ لَهُ شَرَائِطُ السَّلَمِ، وَقَالَا: لَا يَصِيرُ سَلَمًا لِأَنَّهُ اسْتِصْنَاعُ حَقِيقَةٍ، فَبِضَرْبِ الْأَجَلِ لَا يَصِيرُ سَلَمًا، كَمَا لَا يَصِيرُ السَّلَمُ اسْتِصْنَاعًا بِحَذْفِ الْأَجَلِ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ أَتَى بِمَعْنَى السَّلَمِ فَيَكُونُ سَلَمًا، لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْمَعَانِي لَا لِلصُّوَرِ، وَلِأَنَّهُ أَمْكَنَ جَعْلُهُ سَلَمًا فَيُجْعَلُ لِوُرُودِ النَّصِّ بِجَوَازِ السَّلَمِ دُونَ الِاسْتِصْنَاعِ. وَجَوَابُهُمَا أَنَّ حَذْفَ الْأَجَلِ لَيْسَ مِنْ خَوَاصِّ الِاسْتِصْنَاعِ، أَمَّا الْأَجَلُ مِنْ خَوَاصِّ السَّلَمِ، وَيُكْتَفَى فِي الِاسْتِصْنَاعِ بِصِفَةٍ مَعْرُوفَةٍ تَحْتَمِلُ الْإِدْرَاكَ، وَلَا بُدَّ فِي السَّلَمِ مِنَ اسْتِقْصَاءِ الصِّفَةِ عَلَى وَجْهٍ يُتَيَقَّنُ بِالْإِدْرَاكِ فَافْتَرَقَا.

[بَابُ الصَّرْفِ]

ِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الدَّفْعُ وَالرَّدُّ، وَمِنْهُ الدُّعَاءُ: اصْرِفْ عَنَّا كَيْدَ الْكَائِدِينَ، وَصَرَفَ اللَّهُ عَنْكَ السُّوءَ.

وَفِي الشَّرِيعَةِ: بَيْعُ الْأَثْمَانِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ، سُمِّيَ بِهِ لِوُجُوبِ دَفْعِ مَا فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إِلَى صَاحِبِهِ فِي الْمَجْلِسِ.

قَالَ: (وَهُوَ بَيْعُ جِنْسِ الْأَثْمَانِ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ مَضْرُوبُهُمَا وَمَصُوغُهُمَا وَتِبْرُهُمَا، فَإِنْ بَاعَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبًا بِذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، وَالْفَضْلُ رِبًا، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، وَالْفَضْلُ رِبًا» وَلِقَوْلِ عُمَرَ رضي الله عنه: وَإِنِ اسْتَنْظَرَكَ إِلَى وَرَاءِ السَّارِيَةِ فَلَا تُنْظِرْهُ. وَلِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ لِيُخْرَجَ مِنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ فَيُقْبَضَانِ، وَلِأَنَّهُ إِذَا قُبِضَ أَحَدُهُمَا يَجِبُ قَبْضُ الْآخَرِ تَحْقِيقًا لِلْمُسَاوَاةِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ الْمُفَارَقَةُ بِالْأَبْدَانِ حَتَّى لَوْ تَصَارَفَا وَسَارَا عَنْ مَجْلِسِهِمَا كَثِيرًا ثُمَّ تَقَابَضَا جَازَ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا، وَكَذَلِكَ مَجْلِسُ عَقْدِ السَّلَمِ، وَلَوْ تَصَارَفَا وَوَكَّلَا بِالْقَبْضِ فَالْمُعْتَبَرُ تَفَرُّقُ الْعَاقِدَيْنِ لَا تَفَرُّقُ الْوَكِيلَيْنِ، وَلَوْ نَامَا جَالِسَيْنِ لَمْ يَكُنْ

ص: 39

وَلَا اعْتِبَارَ بِالصِّيَاغَةِ وَالْجَوْدَةِ، فَإِنْ بَاعَهَا مُجَازَفَةً ثُمَّ عُرِفَ التَّسَاوِي فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا، وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَمُجَازَفَةً مُقَابَضَةً، وَيَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمٍ، وَبَيْعُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ وَدِينَارٍ (ز) ، وَمَنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحِلْيَةِ جَازَ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ قَدْرِ الْحِلْيَةِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

فُرْقَةً، وَلَوْ نَامَا مُضْطَجِعَيْنِ كَانَ فُرْقَةً، وَلَا يَجُوزُ خِيَارُ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يَنْفِي اسْتِحْقَاقَ الْقَبْضِ وَلَا الْأَجَلِ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْقَبْضَ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الصِّحَّةِ، فَإِنْ أَسْقَطَهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ خِلَافًا لِزُفَرَ وَقَدْ مَرَّ، وَلَوِ اشْتَرَى بِثَمَنِ الصَّرْفِ عَرَضًا قَبْلَ قَبْضِهِ فَهُوَ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ يُفَوِّتُ الْقَبْضَ الْمُسْتَحَقَّ بِالْعَقْدِ، وَكَذَا كُلُّ تَصَرُّفٍ فِي بَدَلِ الصَّرْفِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِمَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَلَا اعْتِبَارَ بِالصِّيَاغَةِ وَالْجَوْدَةِ) لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: «جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا فِيهِ سَوَاءٌ» .

(فَإِنْ بَاعَهَا مُجَازَفَةً ثُمَّ عَرَفَ التَّسَاوِيَ فِي الْمَجْلِسِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا) لِمَا عُرِفَ أَنَّ سَاعَاتِ الْمَجْلِسِ كَسَاعَةٍ وَاحِدَةٍ فَصَارَ كَالْعِلْمِ فِي ابْتِدَائِهِ؛ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمَا لَا يَجُوزُ لِاحْتِمَالِ الرِّبَا، لِأَنَّ الشَّرْطَ وَهُوَ الْمُسَاوَاةُ يَجِبُ عَلَيْنَا تَحْصِيلُهُ، أَمَّا وُجُودُهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَرْطًا، لِأَنَّ الْأَحْكَامَ تَنْبَنِي عَلَى أَفْعَالِ الْعِبَادِ تَحْقِيقًا لِمَعْنَى الِابْتِلَاءِ، وَتُعْتَبَرُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْغَلَبَةُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ، فَإِنْ تَسَاوَيَا فَهِيَ كَالْجِيَادِ فِي الصَّرْفِ احْتِيَاطًا لِلْحُرْمَةِ.

قَالَ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَمُجَازَفَةً مُقَابَضَةً) . لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:

«إِذَا اخْتَلَفَ الْجِنْسَانِ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ يَدًا بِيَدٍ» وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ رِبًا إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» وَلَوِ افْتَرَقَا قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الْعَقْدُ لِفَوَاتِ الشَّرْطِ.

قَالَ: (وَيَجُوزُ بَيْعُ دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارٍ بِدِينَارَيْنِ وَدِرْهَمٍ، وَبَيْعُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِعَشَرَةٍ وَدِينَارٍ) وَكَذَا دِرْهَمَيْنِ وَدِينَارَيْنِ بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ، وَكَذَا كُرَّيْ حِنْطَةٍ، وَكُرِّ شَعِيرٍ بِكُرِّ حِنْطَةٍ، وَكُرَّيْ شَعِيرٍ.

وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ عِنْدَنَا يُصْرَفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْجِنْسَيْنِ إِلَى خِلَافِهِ حَمْلًا لِتَصَرُّفِهِمَا عَلَى الصِّحَّةِ، وَفِيهِ خِلَافُ زُفَرَ، فَإِنَّهُ يَصْرِفُ الْجِنْسَ إِلَى جِنْسِهِ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ عِنْدَ الْمُقَابَلَةِ. وَلَنَا أَنَّهُمَا قَصَدَا الصِّلَةَ ظَاهِرًا فَيُحْمَلُ عَلَيْهِ تَحْقِيقًا لِقَصْدِهِمَا، وَدَفْعًا لِحَاجَتِهِمَا؛ وَلَوْ بَاعَ الْجِنْسَ بِمِثْلِهِ، وَأَحَدُهُمَا أَقَلُّ وَمَعَهُ عَرْضٌ إِنْ بَلَغَتْ قِيمَةُ الْعَرْضِ قَدْرَ النُّقْصَانِ جَازَ وَلَا كَرَاهَةَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ جَازَ مَعَ الْكَرَاهَةِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا قِيمَةَ لَهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ رِبًا.

قَالَ: (وَمَنْ بَاعَ سَيْفًا مُحَلًّى بِثَمَنٍ أَكْثَرَ مِنْ قَدْرِ الْحِلْيَةِ جَازَ) وَمُرَادُهُ إِذَا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ الْحِلْيَةِ جَازَ لِتَكُونَ الْحِلْيَةُ بِمِثْلِهَا وَالزِّيَادَةُ بِالنَّصْلِ وَالْحَمَائِلِ وَالْجِفَنِ، وَإِنْ كَانَ مِثْلَهَا أَوْ أَقَلَّ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ رِبًا، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِ جِنْسِهَا جَازَ كَيْفَ كَانَ لِجَوَازِ التَّفَاضُلِ عَلَى مَا بَيَّنَّا.

(وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ قَدْرِ الْحِلْيَةِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) لِأَنَّهُ صَرْفٌ،

ص: 40

وَإِنْ بَاعَ إِنَاءَ فِضَّةٍ، أَوْ قِطْعَةَ نُقْرَةٍ، فَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَ افْتَرَقَا صَارَ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا، فَإِنِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْإِنَاءِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ، وَلَوِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْقِطْعَةِ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ، فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً عَيَّنَهَا، وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً لَمْ يُعَيِّنْهَا، فَإِنْ بَاعَ بِهَا ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ (سم) ؛ وَمَنْ أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا وَقَالَ: أَعْطِنِي بِهِ فُلُوسًا وَنِصْفًا إِلَّا حَبَّةً جَازَ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَلَوِ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَالْحِلْيَةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقَبَضَ مِنْهَا عَشْرَةً فَهِيَ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا حَمْلًا لِتَصَرُّفِهِ عَلَى الصِّحَّةِ، وَكَذَا إِذَا قَالَ خُذْهَا مِنْ ثَمَنِهِمَا لِأَنَّ قَصْدَهُ الصِّحَّةُ، وَقَدْ يُرَادُ بِالِاثْنَيْنِ أَحَدُهُمَا كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: 22] وَكَذَا إِنِ اشْتَرَاهُ بِعِشْرِينَ عَشَرَةٍ نَقْدًا وَعَشَرَةٍ نَسِيئَةً، فَالنَّقْدُ حِصَّةُ الْحِلْيَةِ لِمَا تَقَدَّمَ؛ فَإِنِ افْتَرَقَا لَا عَنْ قَبْضٍ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِمَا إِنْ كَانَتِ الْحِلْيَةُ لَا تَتَخَلَّصُ إِلَّا بِضَرَرٍ كَجِذْعٍ فِي سَقْفٍ، وَإِنْ كَانَتْ تَتَخَلَّصُ جَازَ فِي السَّيْفِ وَبَطَلَ فِي الْحِلْيَةِ كَالطَّوْقِ فِي عُنُقِ الْجَارِيَةِ، وَقِسْ عَلَى هَذَا جَمِيعَ أَمْثَالِهَا.

(وَإِنْ بَاعَ إِنَاءَ فِضَّةٍ أَوْ قِطْعَةَ نُقْرَةٍ فَقَبَضَ بَعْضَ الثَّمَنِ ثُمَّ افْتَرَقَا صَارَ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا) فَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ بِقَدْرِ مَا نَقَدَ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ، لِأَنَّ الْعَيْبَ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ حَيْثُ لَمْ يَنْقُدْ جَمِيعَ الثَّمَنِ.

(فَإِنِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْإِنَاءِ، فَإِنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ) لِأَنَّ الشَّرِكَةَ عَيْبٌ فِي الْإِنَاءِ.

(وَلَوِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ الْقِطْعَةِ أَخَذَ الْبَاقِيَ بِحِصَّتِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ) لِأَنَّ التَّشْقِيصَ لَا يَضُرُّ الْقِطْعَةَ فَلَمْ تَكُنِ الشَّرِكَةُ فِيهِ عَيْبًا.

قَالَ: (وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِالْفُلُوسِ) لِأَنَّهَا مَعْلُومَةٌ.

(فَإِنْ كَانَتْ كَاسِدَةً عَيَّنَهَا) لِأَنَّهَا عُرُوضٌ.

(وَإِنْ كَانَتْ نَافِقَةً لَمْ يُعَيِّنْهَا) لِأَنَّهَا مِنَ الْأَثْمَانِ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (فَإِنْ بَاعَ ثُمَّ كَسَدَتْ بَطَلَ الْبَيْعُ) خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحَّ فَلَا يَفْسُدُ لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ بِالْكَسَادِ، كَمَا إِذَا اشْتَرَى بِشَيْءٍ مِنَ الْفَوَاكِهِ وَانْقَطَعَ فَتَجِبُ قِيمَتُهَا، غَيْرَ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يُوجِبُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَضْمُونٌ بِهِ، وَمُحَمَّدًا: يَوْمَ الْكَسَادِ لِأَنَّ عِنْدَهُ تَنْتَقِلُ إِلَى الْقِيمَةِ.

وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ثَمَنِيَّةَ الْفُلُوسِ بِالِاصْطِلَاحِ فَيَهْلَكُ بِالْكَسَادِ فَيَبْقَى الْمَبِيعُ بِلَا ثَمَنٍ فَيَبْطُلُ، فَيُرَدُّ الْمَبِيعُ أَوْ قِيمَتُهُ إِنْ كَانَ هَالِكًا.

قَالَ: (وَمَنْ أَعْطَى صَيْرَفِيًّا دِرْهَمًا، وَقَالَ أَعْطِنِي بِهِ فُلُوْسًا وَنِصْفًا إِلَّا حَبَّةً جَازَ) وَيُصْرَفُ النِّصْفُ إِلَّا حَبَّةً إِلَى مِثْلِهِ مِنَ الدِّرْهَمِ وَالْبَاقِي إِلَى الْفُلُوسِ تَصْحِيحًا لِتَصَرُّفِهِمَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ جِنْسُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 41