المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل ما يبطل الشفعة] - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٢

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[ما ينعقد به البيع]

- ‌[شروط صحة البيع]

- ‌[فصل في الإقالة وأحكامها]

- ‌بَابُ الْخِيَارَاتِ

- ‌[خيار الشرط وأحكامه]

- ‌[فَصْلٌ خيار الرؤيا وأحكامه]

- ‌[فصل خِيَارُ الْعَيْبِ وأحكامه]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وأحكامه]

- ‌[بَابُ التولية والمرابحة والوضيعة]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[فصل إِذَا اسْتَصْنَعَ شَيْئًا جَازَ اسْتِحْسَانًا]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌[ما تكون فيه الشُّفْعَةِ]

- ‌[متى تجب الشُّفْعَةِ ومتى تستقر ومتى تملك]

- ‌[فصل ما يبطل الشفعة]

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[فصل أنواع الأجراء وحكم الأجير المشترك]

- ‌[فصل ما تستحق به الأجرة]

- ‌[فصل بيان ما يجب إذا فسِدَت الْإِجَارَةِ]

- ‌[فصل ما تنفسخ به الإجارة]

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌[فصل صحة رَهْنُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ]

- ‌[فصل حكم الرهن إذا باعه الراهن]

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌[فصل طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ]

- ‌[فصل ما ينبغي أن يفعله القاسم]

- ‌فَصْلٌالْمُهَايَأَةُ

- ‌كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

- ‌[من يولى القضاء]

- ‌[قَضَاءُ الْمَرْأَةِ فِيمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِيهِ]

- ‌[ما ينبغي للقاضي أن يفعله بعد توليه]

- ‌[فصل إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ قَضَاءُ قَاضٍ]

- ‌[فصل الدليل على وجوب حبس من عليه الدين ومتى يجوز]

- ‌[فصل كتاب القاضي إلى القاضي في كل حق لا يسقط بالشبهة]

- ‌[فصل ما يجوز فيه التحكيم وما لا يجوز]

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌كتاب المأذون

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شروط الدعوى وحكمها]

- ‌فَصْلٌبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ

- ‌[فصل اخْتِلَافُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي في الثمن أو المبيع]

- ‌[فصل بَاعَ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ]

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فصل الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فصل الْإِقْرَارُ حَالَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ]

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فصل يجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِكُلِّ مَا سَمِعَهُ أَوْ أَبْصَرَهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْعُقُودِ]

- ‌[فصل ردت شهاته لمانع ثم زال هل تقبل شهادته]

- ‌[فصل الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَصِفَةُ الْإِشْهَادِ]

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[ما يضيفه الموكل إلى نفسه وإلى الموكل ومتى ترجع الحقوق إليهما]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

الفصل: ‌[فصل ما يبطل الشفعة]

فَصْلٌ وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِمَوْتِ الشَّفِيعِ وَتَسْلِيمِهِ الْكُلَّ أَوِ الْبَعْضَ، وَبِصُلْحِهِ عَنِ الشُّفْعَةِ بِعِوَضٍ، وَبِبَيْعِ الْمَشْفُوعِ بِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ، وَبِضَمَانِ الدَّرَكِ عَنِ الْبَائِعِ، وَبِمُسَاوَمَتِهِ الْمُشْتَرِيَ بَيْعًا وَإِجَارَةً، وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي؛ وَلَا شُفْعَةَ لِوَكِيلِ الْبَائِعِ، وَلِوَكِيلِ الْمُشْتَرِي الشُّفْعَةُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْأَقَلِّ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي، وَالْمُشْتَرِي يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.

[فصل ما يبطل الشفعة]

فَصْلٌ (وَتَبْطُلُ الشُّفْعَةُ بِمَوْتِ الشَّفِيعِ وَتَسْلِيمِهِ الْكُلَّ أَوِ الْبَعْضَ، وَبِصُلْحِهِ عَنِ الشُّفْعَةِ بِعِوَضٍ. وَبِبَيْعِ الْمَشْفُوعِ بِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ، وَبِضَمَانِ الدَّرَكِ عَنِ الْبَائِعِ، وَبِمُسَاوَمَتِهِ الْمُشْتَرِيَ بَيْعًا وَإِجَارَةً) أَمَّا بُطْلَانُهَا بِالْمَوْتِ فَلِأَنَّ مِلْكَهُ زَالَ بِالْمَوْتِ وَانْتَقَلَ إِلَى الْوَارِثِ، وَبَعْدَ ثُبُوتِهِ لِلْوَارِثِ لَمْ يُوجَدِ الْبَيْعُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ حَقُّ الشُّفْعَةِ، وَالْمُرَادُ إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ، أَمَّا إِذَا مَاتَ بَعْدَ الْقَضَاءِ لَزِمَ وَانْتَقَلَتْ إِلَى وَرَثَتِهِ وَلَزِمَهُمُ الثَّمَنُ؛ وَأَمَّا تَسْلِيمُهُ الْكُلَّ فَلِأَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِسْقَاطِ؛ وَأَمَّا الْبَعْضُ فَلِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ لَا يَتَجَزَّأُ ثُبُوتًا لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ كَمَا مَلَكَهُ الْمُشْتَرِي، وَالْمُشْتَرِي لَا يَمْلِكُ الْبَعْضَ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ الصَّفْقَةِ فَلَا يَتَجَزَّأُ إِسْقَاطًا فَيَكُونُ ذِكْرُ بَعْضِهِ كَذِكْرِ كُلِّهِ، وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْهَا لِأَنَّ الشُّفْعَةُ حَقُّ التَّمَلُّكِ وَلَيْسَ حَقًّا مُتَقَرِّرًا، فَلَا يَصِحُّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَالْعِنِّينِ إِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: اخْتَارِي تَرْكَ الْفَسْخِ بِأَلْفٍ، أَوْ قَالَ لِلْمُخَيَّرَةِ: اخْتَارِينِي بِأَلْفٍ فَاخْتَارَتْ سَقَطَ الْفَسْخُ وَلَا شَيْءَ لَهُمَا، وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الْعِوَضِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَابِلْهُ حَقٌّ مُتَقَرِّرٌ فَلَا يَكُونُ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ فَلَا يَحِلُّ؛ وَأَمَّا بَيْعُ الْمَشْفُوعِ بِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالشُّفْعَةِ لِزَوَالِ سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَهُوَ نَظِيرُ الْمَوْتِ؛ وَأَمَّا ضَمَانُ الدَّرَكِ عَنِ الْبَائِعِ فَلِأَنَّهُ قَدْ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي بَقَاءَهَا عَلَى مِلْكِهِ وَسَلَامَتَهَا لَهُ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ؛ وَأَمَّا مُسَاوَمَةُ الْمُشْتَرِي بَيْعًا وَإِجَارَةً فَلِأَنَّهُ دَلِيلُ الرِّضَا بِثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي وَتَصَرُّفِهِ فِيهِ بَيْعًا وَإِجَارَةً، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ إِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، وَكَذَلِكَ إِذَا طَلَبَهَا مِنْهُ تَوْلِيَةً أَوْ أَخَذَهَا مُزَارَعَةً أَوْ مُعَامَلَةً، وَكُلُّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالشِّرَاءِ.

قَالَ: (وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُشْتَرِي) لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ وَهُوَ الشَّفِيعُ قَائِمٌ، وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمُشْتَرِي حَتَّى لَا تُنَفَّذَ وَصِيَّتُهُ فِيهِ، وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ فَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ.

قَالَ: (وَلَا شُفْعَةَ لِوَكِيلِ الْبَائِعِ) لِأَنَّهُ سَعَى فِي نَقْضِ فِعْلِهِ وَهُوَ كَالْبَيْعِ، وَكَذَا إِذَا كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فَأَمْضَاهُ (وَلِوَكِيلِ الْمُشْتَرِي الشُّفْعَةُ) لِأَنَّهُ لَا يُنْقِضُ فِعْلَهُ لِأَنَّهُ مِثْلُ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ سَعَى فِي زَوَالِ مِلْكِ

ص: 47

وَإِذَا قِيلَ لِلشَّفِيعِ: إِنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ فَسَلَّمَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَإِذَا قِيلَ لَهُ إِنَّهَا بِيعَتْ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَقَلَّ أَوْ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَلَا تُكْرَهُ (م) الْحِيلَةُ فِي إِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا، وَمَنْ بَاعَ سَهْمًا ثُمَ بَاعَ الْبَاقِيَ فَالشُّفْعَةُ فِي السَّهْمِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ، وَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالشَّفِيعُ إِنْ شَاءَ أَدَّاهُ حَالًّا، وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ الْأَجَلِ ثُمَّ يَأْخُذُ الدَّارَ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْبَائِعِ.

قَالَ: (وَإِذَا قِيلَ لِلشَّفِيعِ إِنَّ الْمُشْتَرِيَ فُلَانٌ فَسَلَّمَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ) لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْجِوَارِ. فَقَدْ يَرْضَى بِفُلَانٍ لِخَيْرِهِ، وَلَمْ يَرْضَ بِغَيْرِهِ فَلَمْ يُوجَدِ التَّسْلِيمُ فِي حَقِّهِ؛ وَكَذَا لَوْ ظَهَرَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ؛ وَلَوْ قِيلَ إِنَّ الْمُشْتَرِيَ زَيْدٌ، فَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو فَلَهُ أَخْذُ نَصِيبِ عَمْرٍو.

(وَإِذَا قِيلَ لَهُ: إِنَّهَا بِيعَتْ بِأَلْفٍ فَسَلَّمَ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِأَقَلَّ أَوْ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ) ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ الرِّضَا بِالْأَكْثَرِ لَا يَكُونُ رِضًا بِالْأَقَلِّ؛ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِاحْتِمَالِ تَعَذُّرِ الدَّرَاهِمِ عَلَيْهِ وَتَيَسُّرِ مَا بِيعَ بِهِ مِنَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ؛ وَكَذَلِكَ الْعَدَدِيُّ الْمُتَقَارِبُ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَلْفًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْمِثْلُ، بِخِلَافِ مَا إِذَا بِيعَ بِعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ قِيمَتُهَا أَلْفٌ أَوْ أَكْثَرُ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ أَلْفٌ حَتَّى لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ أَلْفٍ لَمْ تَبْطُلْ شُفْعَتُهُ لَأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ.

وَلَوْ قِيلَ إِنَّهَا بِيعَتْ بِجَارِيَةٍ فَظَهَرَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِعَبْدٍ أَوْ عَرْضٍ آخَرَ، نَنْظُرُ إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَوِ الْعَرْضِ مِثْلَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ أَوْ أَكْثَرَ بَطَلَتْ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ تَبْطُلْ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقِيمَةُ.

وَلَوْ قِيلَ بِيعَتْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَظَهَرَ أَنَّهَا بِيعَتْ بِمِائَةِ دِينَارٍ، قَالَ الْكَرْخِيُّ: إِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَلْفًا أَوْ أَكْثَرَ بَطَلَتْ؛ وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ تَبْطُلْ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُمَا جُعِلَا كَجِنْسٍ وَاحِدٍ فِي الثَّمَنِيَّةِ. وَأَشَارَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ إِلَى بَقَاءِ الشُّفْعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يَسْهُلُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ؛ وَلَوْ قِيلَ بِيعَتْ بِأَلْفٍ ثُمَّ حَطَّ الْبَائِعُ عَنِ الْمُشْتَرِي فَلَهُ الشُّفْعَةُ، لِأَنَّ الْحَطَّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَصَارَ كَأَنَّهُ بَاعَهَا بِأَقَلَّ.

قَالَ: (وَلَا تُكْرَهُ الْحِيلَةُ فِي إِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ قَبْلَ وُجُوبِهَا) عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ مَنَعَ مِنْ وُجُوبِ الْحَقِّ، وَيُكْرَهُ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَالْحِيلَةُ تُنَافِيهِ. وَالْحِيلَةُ فِي إِسْقَاطِ الزَّكَاةِ عَلَى هَذَا.

قَالَ: (وَمَنْ بَاعَ سَهْمًا ثُمَّ بَاعَ الْبَاقِيَ فَالشُّفْعَةُ فِي السَّهْمِ الْأَوَّلِ لَا غَيْرُ) لِأَنَّ الشَّفِيعَ جَارٌ وَالْمُشْتَرِيَ شَرِيكٌ فِي الْمَبِيعِ ثَانِيًا، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ الْأَوَّلَ بِثَمَنٍ كَثِيرٍ وَالْبَاقِيَ بِثَمَنٍ قَلِيلٍ؛ وَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ وَدَفَعَ عَنْهُ ثَوْبًا أَخَذَهَا بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْمَبِيعَ بِمَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ، وَهَذِهِ أَيْضًا حِيلَةٌ، وَهُوَ أَنْ يَعْقِدَ الْعَقْدَ بِأَلْفٍ مَثَلًا، فَيَدْفَعَ عَنْهَا ثَوْبًا يُسَاوِي مِائَةً.

قَالَ: (وَإِنِ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَالشَّفِيعُ إِنْ شَاءَ أَدَّاهُ حَالًّا، وَإِنْ شَاءَ بَعْدَ الْأَجَلِ ثُمَّ يَأْخُذُ الدَّارَ) لِأَنَّ الرِّضَا بِالتَّأْجِيلِ عَلَى الْمُشْتَرِي

ص: 48

وَإِذَا قُضِيَ لِلشَّفِيعِ وَقَدْ بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَإِنْ شَاءَ كَلَّفَ الْمُشْتَرِي قَلْعَهُ؛ وَلَوْ بَنَى الشَّفِيعُ ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ، وَإِذَا خَرِبَتِ الدَّارُ أَوْ جَفَّ الشَّجَرُ فَالشَّفِيعُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ السَّاحَةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

لَا يَكُونُ رِضًا بِالتَّأْجِيلِ عَلَى الشَّفِيعِ لِتَفَاوُتِ النَّاسِ فِي الْمَلَاءَةِ وَالْإِعْسَارِ، وَالْوَفَاءِ وَالْمَطْلِ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ الْعَقْدِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْهُ الشَّفِيعُ فَلَا يَثْبُتُ لَهُ، فَإِنْ أَدَّاهُ حَالًّا وَأَخَذَهَا مِنَ الْبَائِعِ سَقَطَ الثَّمَنُ عَنِ الْمُشْتَرِي لِوُصُولِهِ إِلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ أَخَذَهَا مِنَ الْمُشْتَرِي فَالثَّمَنُ عَلَى حَالِهِ مُؤَجَّلٌ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي عَمَلًا بِالشَّرْطِ، وَصَارَ كَمَا إِذَا اشْتَرَاهُ مُؤَجَّلًا وَبَاعَهُ حَالًّا، وَإِنْ أَدَّاهُ بَعْدَ الْأَجَلِ فَلَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَلْتَزِمَ زِيَادَةَ الضَّرَرِ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ، فَإِذَا ثَبَتَ أَخَّرَ أَدَاءَ الثَّمَنِ.

قَالَ: (وَإِذَا قُضِيَ لِلشَّفِيعِ، وَقَدْ بَنَى الْمُشْتَرِي فِيهَا، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ، وَإِنْ شَاءَ كَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ قَلْعَهُ) وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ وَمُحَمَّدٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ زِيَادٍ أَنََّهُ يَأْخُذُهَا بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ أَوْ يَتْرُكُ؛ وَالْغَرْسُ مِثْلُ الْبِنَاءِ لِأَنَّهُ بَنَى فِي مِلْكِ نَفْسِهِ، لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهِ صَحِيحٌ حَتَّى لَوْ أَجَّرَهُ طَابَ لَهُ الْأَجْرُ، وَالْقَلْعُ مِنْ أَحْكَامِ الْعُدْوَانِ فَلَا يُكَلَّفُهُ كَالزَّرْعِ وَكَالْمَوْهُوبِ لَهُ. وَلَنَا أَنَّهُ تَعَدَّى مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ بَنَى فِي مِلْكٍ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ تَسْلِيطٍ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ فَيَنْقُصُ صِيَانَةً لِحَقِّهِ، وَضَرَرُ الْقَلْعِ لِحَقِّ الْمُشْتَرِي بِفِعْلِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَلِأَنَّ الشَّفِيعَ اسْتَحَقَّهُ بِسَبَبٍ سَابِقٍ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيَنْقُضُهُ كَمَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَلِهَذَا تُنْتَقَصُ جَمِيعُ تَصَرُّفَاتِهِ، بِخِلَافِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لِأَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ سَلَّطَهُ. وَأَمَّا الزَّرْعُ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَقْلَعَهُ، لَكِنِ اسْتَحْسَنُوا أَنْ يَبْقَى فِي الْأَرْضِ بِالْأُجْرَةِ لِأَنَّ لَهُ نِهَايَةً فَلَا ضَرَرَ فِيهِ كَالْبِنَاءِ. وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ أَنَّ الزَّرْعَ يُتْرَكُ بِغَيْرِ أَجْرٍ، وَإِنْ أَخَذَهُ بِالْقِيمَةِ فَقِيمَتُهُ مَقْلُوعًا وَيُعْرَفُ تَمَامُهُ فِي الْغَصْبِ.

قَالَ: (وَلَوْ بَنَى الشَّفِيعُ ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ) وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا عَلَى الْبَائِعِ، لِأَنَّ الرُّجُوعَ إِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَلِأَنَّ الْبَائِعَ خَدَعَ الْمُشْتَرِيَ وَضَمِنَ لَهُ التَّمَكُّنَ مِنَ التَّصَرُّفِ كَيْفَ شَاءَ، وَلَمْ يَضْمَنْ لِلشَّفِيعِ ذَلِكَ أَحَدٌ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْبَائِعِ وَلَا الْمُشْتَرِي فَلَمْ يَكُنْ مَغْرُورًا وَلَا يَرْجِعُ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا اسْتُحِقَّ ثَبَتَ أَنَّهُ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، أَمَّا الثَّمَنُ فَإِنَّهُ عِوَضٌ عَنِ الْمَبِيعِ فَإِذَا لَمْ يُسَلِّمِ الْمَبِيعَ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ.

قَالَ: (وَإِذَا خَرِبَتِ الدَّارُ أَوْ جَفَّ الشَّجَرُ، فَالشَّفِيعُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ السَّاحَةَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) وَكَذَلِكَ لَوِ احْتَرَقَتْ أَوْ غَرِقَتْ، لَأَنَّ الْبِنَاءَ تَبَعٌ وَوَصْفٌ لِلسَّاحَةِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ فَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ مَا لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا كَأَطْرَافِ الْعَبْدِ، وَلَوْ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً بَاعَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.

ص: 49