المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَإِنْ قَالَ: قَبْضَتُهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنِّي فَبَيِّنَتُهُ أَوْ يَمِينُ خَصْمِهِ، - الاختيار لتعليل المختار - جـ ٢

[ابن مودود الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْبُيُوعِ

- ‌[ما ينعقد به البيع]

- ‌[شروط صحة البيع]

- ‌[فصل في الإقالة وأحكامها]

- ‌بَابُ الْخِيَارَاتِ

- ‌[خيار الشرط وأحكامه]

- ‌[فَصْلٌ خيار الرؤيا وأحكامه]

- ‌[فصل خِيَارُ الْعَيْبِ وأحكامه]

- ‌[بَابُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وأحكامه]

- ‌[بَابُ التولية والمرابحة والوضيعة]

- ‌بَابُ الرِّبَا

- ‌بَابُ السَّلَمِ

- ‌[فصل إِذَا اسْتَصْنَعَ شَيْئًا جَازَ اسْتِحْسَانًا]

- ‌بَابُ الصَّرْفِ

- ‌كِتَابُ الشُّفْعَةِ

- ‌[ما تكون فيه الشُّفْعَةِ]

- ‌[متى تجب الشُّفْعَةِ ومتى تستقر ومتى تملك]

- ‌[فصل ما يبطل الشفعة]

- ‌كِتَابُ الْإِجَارَةِ

- ‌[فصل أنواع الأجراء وحكم الأجير المشترك]

- ‌[فصل ما تستحق به الأجرة]

- ‌[فصل بيان ما يجب إذا فسِدَت الْإِجَارَةِ]

- ‌[فصل ما تنفسخ به الإجارة]

- ‌كِتَابُ الرَّهْنِ

- ‌[فصل صحة رَهْنُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ]

- ‌[فصل حكم الرهن إذا باعه الراهن]

- ‌كِتَابُ الْقِسْمَةِ

- ‌[فصل طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ الْقِسْمَةَ وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَنْتَفِعُ بِنَصِيبِهِ]

- ‌[فصل ما ينبغي أن يفعله القاسم]

- ‌فَصْلٌالْمُهَايَأَةُ

- ‌كِتَابُ أَدَبِ الْقَاضِي

- ‌[من يولى القضاء]

- ‌[قَضَاءُ الْمَرْأَةِ فِيمَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا فِيهِ]

- ‌[ما ينبغي للقاضي أن يفعله بعد توليه]

- ‌[فصل إِذَا رُفِعَ إِلَيْهِ قَضَاءُ قَاضٍ]

- ‌[فصل الدليل على وجوب حبس من عليه الدين ومتى يجوز]

- ‌[فصل كتاب القاضي إلى القاضي في كل حق لا يسقط بالشبهة]

- ‌[فصل ما يجوز فيه التحكيم وما لا يجوز]

- ‌كِتَابُ الْحَجْرِ

- ‌كتاب المأذون

- ‌كِتَابُ الْإِكْرَاهِ

- ‌كِتَابُ الدَّعْوَى

- ‌[شروط الدعوى وحكمها]

- ‌فَصْلٌبَيِّنَةُ الْخَارِجِ أَوْلَى مِنْ بَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ عَلَى مُطْلَقِ الْمِلْكِ

- ‌[فصل اخْتِلَافُ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي في الثمن أو المبيع]

- ‌[فصل بَاعَ جَارِيَةً فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَادَّعَاهُ]

- ‌كِتَابُ الْإِقْرَارِ

- ‌[فصل الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فصل الْإِقْرَارُ حَالَ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ]

- ‌كِتَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌[فصل يجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِكُلِّ مَا سَمِعَهُ أَوْ أَبْصَرَهُ مِنَ الْحُقُوقِ وَالْعُقُودِ]

- ‌[فصل ردت شهاته لمانع ثم زال هل تقبل شهادته]

- ‌[فصل الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ وَصِفَةُ الْإِشْهَادِ]

- ‌بَابُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ

- ‌كِتَابُ الْوَكَالَةِ

- ‌[ما يضيفه الموكل إلى نفسه وإلى الموكل ومتى ترجع الحقوق إليهما]

- ‌كِتَابُ الْكَفَالَةِ

الفصل: وَإِنْ قَالَ: قَبْضَتُهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنِّي فَبَيِّنَتُهُ أَوْ يَمِينُ خَصْمِهِ،

وَإِنْ قَالَ: قَبْضَتُهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنِّي فَبَيِّنَتُهُ أَوْ يَمِينُ خَصْمِهِ، وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ تَحَالَفَا وَفُسِخَتِ الْقِسْمَةُ، وَإِنِ اسْتُحِقَّ بَعْضُ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ رَجَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِقِسْطِهِ (س) .

‌فَصْلٌ

الْمُهَايَأَةُ

جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

قَوْلِهِمَا.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إِنْ كَانَتِ الْقِسْمَةُ بِأَجْرٍ لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى إِيفَاءِ عَمَلٍ اسْتُؤْجِرَا عَلَيْهِ. وَجَوَابُهُ أَنَّ أُجْرَتَهُمَا وَجَبَتْ بِاتِّفَاقِ الْخُصُومِ عَلَى إِيفَاءِ الْعَمَلِ وَهُوَ التَّمْيِيزُ فَلَمْ تَجُرَّ لَهُمَا مَغْنَمًا فَلَا تُهْمَةَ.

(وَإِنْ قَالَ قَبْضَتُهُ ثُمَّ أَخَذَهُ مِنِّي فَبَيِّنَتُهُ أَوْ يَمِينُ خَصْمِهِ) كَسَائِرِ الدَّعَاوَى.

(وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ الْإِشْهَادِ تَحَالَفَا وَفُسِخَتِ الْقِسْمَةُ) وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: لَمْ يُسَلَّمْ إِلَى بَعْضِ نَصِيبِي وَهُوَ نَظِيرُ الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ، وَسَنُبَيِّنُ التَّحَالُفَ وَأَحْكَامَهُ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ: (وَإِنِ اسْتَحَقَّ بَعْضَ نَصِيبِ أَحَدِهِمْ رَجَعَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ بِقِسْطِهِ) كَمَا فِي الْبَيْعِ، هَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ; وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي سُلَيْمَانَ. وَرَوَى أَبُو حَفْصٍ أَنَّهُ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَقِيلَ الْخِلَافُ فِي بَعْضٍ شَائِعٍ فِي نَصِيبِ أَحَدِهِمَا، أَمَّا الْمُعَيَّنُ لَا يُفْسَخُ بِالْإِجْمَاعِ ; وَلَوِ اسْتُحِقَّ نَصِيبٌ شَائِعٌ فِي الْكُلِّ انْفَسَخَتْ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ ظَهَرَ شَرِيكٌ ثَالِثٌ وَلَا قِسْمَةَ بِدُونِ رِضَاهُ ; وَالْفِقْهُ فِيهِ أَنَّ بِاسْتِحْقَاقِ الْجُزْءِ الشَّائِعِ يَبْطُلُ مَعْنَى الْقِسْمَةِ، وَهُوَ التَّمْيِيزُ وَالْإِفْرَازُ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِجُزْءٍ شَائِعٍ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ، وَصَارَ كَاسْتِحْقَاقِ الشَّائِعِ فِي الْكُلِّ ; وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ تَجُوزُ ابْتِدَاءً بِأَنْ يَكُونَ نِصْفَ الدَّارِ الْمُقَدَّمَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ ثَالِثٍ، وَالْمُؤَخَّرَ بَيْنَهُمَا عَلَى الْخُصُوصِ، فَاقْتَسَمَا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا نَصِيبَهُمَا مِنَ الْمُقَدَّمِ وَرُبْعَ الْمُؤَخَّرِ، وَلِلْآخَرِ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْمُؤَخَّرِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَإِذَا جَازَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً جَازَ انْتِهَاءً، فَمَعْنَى الْقِسْمَةِ مَوْجُودٌ وَصَارَ كَالْجُزْءِ الْمُعَيَّنِ، بِخِلَافِ الشَّائِعِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَوْ بَقِيَتْ يَتَفَرَّقُ نَصِيبُ الْمُسْتَحِقِّ فِي الْكُلِّ فَيَتَضَرَّرُ وَلَا ضَرَرَ هُنَا فَافْتَرَقَا.

[فصل المهايأة]

ُ جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا) وَالْقِيَاسُ يَأْبَى جَوَازَهَا؛ لِأَنَّهَا مُبَادَلَةُ الْمَنْفَعَةِ بِجِنْسِهَا نَسِيئَةً لِتَأَخُّرِ حَقِّ أَحَدِهِمَا، إِلَّا أَنَّا اسْتَحْسَنَّا الْجَوَازَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} [الشعراء: 155] وَلِأَنَّ الْمَنَافِعَ تُسْتَحَقُّ بِعِوَضٍ وَغَيْرِ عِوَضٍ كَالْأَعْيَانِ، وَالْقِسْمَةُ تَجُوزُ فِي الْأَعْيَانِ فَتَجُوزُ فِي الْمَنَافِعِ وَهِيَ مُبَادَلَةُ مَعْنَى إِفْرَازِ صُورَةٍ حَتَّى تَجْرِيَ فِي الْأَعْيَانِ الْمُتَفَاوِتَةِ كَالدُّورِ وَالْعَبِيدِ

ص: 79

وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِمَا وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ بَطَلَتْ، وَتَجُوزُ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَسْكُنَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَائِفَةً أَوْ أَحَدُهُمَا عُلْوَهَا وَالْآخَرُ سُفْلَهَا، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِجَارَةُ مَا أَصَابَهُ وَأَخْذُ غَلَّتِهِ، وَتَجُوزُ فِي عَبْدٍ وَاحِدٍ يَخْدُمُ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا، وَكَذَا فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ، وَفِي عَبْدَيْنِ يَخْدُمُ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدًا، فَإِنْ شَرَطَا طَعَامَ الْعَبْدِ عَلَى مَنْ يَخْدُمُهُ جَازَ، وَفِي الْكُسْوَةِ لَا يَجُوزُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

دُونَ الْمِثْلِيَّاتِ، وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الطَّالِبُ مُتَعَنِّتًا وَلَيْسَتْ كَالْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ تُسْتَحَقُّ هُنَا بِالْمِلْكِ، وَمَعْنَى الْمُعَاوَضَةِ تَبَعٌ، وَلِهَذَا لَا تُشْتَرَطُ فِيهَا الْمَدَّةُ، وَفِي الْإِجَارَةِ بِالْعَقْدِ، وَلِهَذَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمُدَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ قَدْرُ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْمَنْفَعَةِ إِلَّا بِذِكْرِهَا، وَلَيْسَتْ كَالْعَارِيَةِ لِمَا بَيَّنَّا.

قَالَ: (وَلَا تَبْطُلُ بِمَوْتِهِمَا وَلَا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا) لِأَنَّا نَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَتِهِمَا بِطَلَبِ الْوَارِثِينَ أَوْ أَحَدِهِمَا، بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَالْعَارِيَةِ. قَالَ:(وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ بَطَلَتِ) الْمُهَايَأَةُ، مَعْنَاهُ فِيمَا يَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ؛ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ أَقْوَى فِي اسْتِعْمَالِ الْمَنْفَعَةِ ; وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا الْقِسْمَةَ وَالْآخَرُ الْمُهَايَأَةَ قَسَمَ لِمَا بَيَّنَّا وَبَلْ أَوْلَى.

قَالَ: (وَتَجُوزُ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَسْكُنَ كُلٌّ مِنْهُمَا طَائِفَةً، أَوْ أَحَدُهُمَا عُلُوَّهَا وَالْآخَرُ سُفْلَهَا) لِأَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزَةٌ، فَكَذَا الْمُهَايَأَةُ؛ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ غَيْرُ مُخْتَلِفَةٍ، وَبَيَانُ الْمَكَانِ يَقْطَعُ الْمُنَازَعَةَ، وَهَذِهِ إِفْرَازٌ لِلنَّصِيبِ وَلَيْسَتْ مُبَادَلَةً.

(وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِجَارَةُ مَا أَصَابَهُ وَأَخْذُ غَلَّتِهِ) ؛ لِأَنَّهَا قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ وَقَدْ مَلَكَهَا فَلَهُ اسْتِغْلَالُهَا وَشَرَطَ بَعْضُهُمْ فِي جَوَازِ الِاسْتِغْلَالِ أَنْ يَشْرُطَهُ فِي الْعَقْدِ كَالْعَارِيَةِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ، وَلَوْ تَهَايَآ فِي دَارَيْنِ عَلَى أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ وَاحِدٍ دَارًا جَازَ جَبْرًا وَاخْتِيَارًا، وَهَذَا عِنْدَهُمَا ظَاهِرٌ اعْتِبَارًا بِقِسْمَةِ الْأَصْلِ، أَمَّا عِنْدَهُ قِيلَ لَا يُجْبَرُ كَمَا فِي الْقِسْمَةِ، وَقِيلَ لَا يَجُوزُ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ السُّكْنَى بِالسُّكْنَى، بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ بَعْضِ أَحَدِهِمَا بِبَعْضِ الْأُخْرَى وَأَنَّهُ جَائِزٌ ; وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَنَافِعِ وَيَكُونُ إِفْرَازًا.

قَالَ: (وَتَجُوزُ فِي عَبْدٍ وَاحِدٍ يَخْدِمُ هَذَا يَوْمًا وَهَذَا يَوْمًا، وَكَذَا فِي الْبَيْتِ الصَّغِيرِ) ؛ لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ تَكُونُ فِي الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ اسْتِيفَاءً لِلْمَنْفَعَةِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ الْمَكَانُ فَيَتَعَيَّنُ الزَّمَانُ.

قَالَ: (وَفِي عَبْدَيْنِ يَخْدِمُ كُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدًا) وَلَا إِشْكَالَ عَلَى أَصْلِهِمَا؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الرَّقِيقِ جَبْرًا وَاخْتِيَارًا فَكَذَا مَنْفَعَتُهُمْ. وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْقِيَاسُ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ يَمْنَعُ الْجَوَازَ، لَكِنَّ الصَّحِيحَ الْجَوَازُ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الْخِدْمَةِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي الْأَعْيَانِ لِمَا مَرَّ.

قَالَ: (فَإِنْ شَرَطَا طَعَامَ الْعَبْدِ عَلَى مَنْ يَخْدُمُهُ جَازَ، وَفِي الْكُسْوَةِ لَا يَجُوزُ) لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الطَّعَامِ دُونَ الْكُسْوَةِ، وَلِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ فِي الطَّعَامِ وَكَثْرَتِهَا فِي الْكُسْوَةِ، فَإِنْ وَقَّتَا شَيْئًا مِنَ

ص: 80

وَلَا تَجُوزُ فِي غَلَّةِ عَبْدٍ وَلَا عَبْدَيْنِ (سم) ، وَلَا فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ وَلَا دَابَّتَيْنِ، وَلَا فِي ثَمَرَةِ الشَّجَرِ، وَلَا فِي لَبَنِ الْغَنَمِ وَأَوْلَادِهَا، وَتَجُوزُ فِي عَبْدٍ وَدَارٍ عَلَى السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مُخْتَلِفَيِ الْمَنْفَعَةِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

الْكُسْوَةِ مَعْرُوفًا جَازَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّ عِنْدَ ذِكْرِ الْوَصْفِ يَنْعَدِمُ التَّفَاوُتُ أَوْ يَقِلُّ.

قَالَ: (وَلَا تَجُوزُ فِي غَلَّةِ عَبْدٍ وَلَا عَبْدَيْنِ) وَقَالَا: تَجُوزُ فِي الْعَبْدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ فَتَجُوزُ كَالْمَنْفَعَةِ؛ وَلِأَنَّ التَّفَاوُتَ فِي اسْتِغْلَالِ الْعَبْدَيْنِ إِذَا اسْتَوَيَا فِي الْحِرْفَةِ وَالْمَنْفَعَةِ قَلِيلٌ، وَقِيلَ هَذَا بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِي الْقِسْمَةِ، وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ فِي الْوَاحِدِ إِجْمَاعًا. وَلَهُ أَنَّ الْأُجْرَةَ تَجِبُ بِالْعَمَلِ حَتَّى لَوْ سَلَّمَهُ وَلَمْ يَعْمَلْ لَا أَجْرَ لَهُ فَكَانَ فِيهِ خَطَرٌ، وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا لَا يَجِدُ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ فَلَا تَقَعُ الْمُعَادَلَةُ، وَالتَّفَاوُتُ بَيْنَهُمَا فَاحِشٌ لِتَفَاوُتِهِمَا فِي الْأَمَانَةِ وَالْحَذَاقَةِ وَالْهِدَايَةِ إِلَى الْعَمَلِ فَتَكُونُ أُجْرَتُهُ أَكْثَرَ مِنَ الْآخَرِ فَلَا تُوجَدُ الْمُعَادَلَةُ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ غَلَّةُ الدَّابَّتَيْنِ، وَلَا تَجُوزُ فِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ وَلَا فِي الدَّابَّةِ الْوَاحِدَةِ، وَتَجُوزُ فِي الدَّارِ الْوَاحِدَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآخَرِ فِي الِاسْتِيفَاءِ، وَالِاعْتِدَالُ ثَابِتٌ وَقْتَ الْمُهَايَأَةِ، وَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ فِي الْعَقَارِ دُونَ الْحَيَوَانِ، لِتَوَالِي أَسْبَابِ التَّغْيِيرِ عَلَيْهِ دُونَ الْعَقَارِ فَتَفُوتُ الْمُعَادَلَةُ فِيهِ.

(وَلَا) تَجُوزُ. (فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ وَلَا دَابَّتَيْنِ) لِأَنَّ الرُّكُوبَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ مِنْهُمْ الْحَاذِقَ وَالْجَاهِلَ فَلَا تَحْصُلُ الْمُعَادَلَةُ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَخْدِمُ بِاخْتِيَارِهِ فَلَا يَتَحَمَّلُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ فِي اسْتِغْلَالِ الدَّوَابِّ أَيْضًا.

قَالَ: (وَلَا) تَجُوزُ. (فِي ثَمَرَةِ الشَّجَرِ، وَلَا فِي لَبَنِ الْغَنَمِ وَأَوْلَادِهَا) لِأَنَّ الْمُهَايَأَةَ قِسْمَةُ الْمَنَافِعِ، وَفِي هَذَا تُسْتَحَقُّ الْأَعْيَانُ، وَمَا يَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ يَتَفَاوَتُ. وَلَا تَجُوزُ قِسْمَةُ الْأَعْيَانِ إِلَّا بِالتَّعْدِيلِ؛ وَلِأَنَّ قِسْمَةَ الْمَنَافِعِ قَبْلَ وُجُودِهَا ضَرُورِيَّةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهَا بَعْدَ الْوُجُودِ وَلَا ضَرُورَةَ فِي الْأَعْيَانِ.

قَالَ: (وَتَجُوزُ فِي عَبْدٍ وَدَارٍ عَلَى السُّكْنَى وَالْخِدْمَةِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا يَجُوزُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ، فَعِنْدَ الِاخْتِلَافِ أَوْلَى.

قَالَ: (وَكَذَلِكَ كَلُّ مُخْتَلِفَيِ الْمَنْفَعَةِ) كَسُكْنَى الدَّارِ وَزَرْعِ الْأَرْضِ، وَكَذَا الْحَمَّامُ وَالدَّارُ، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْمَنْفَعَتَيْنِ يَجُوزُ اسْتِحْقَاقُهَا بِالْمُهَايَأَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

ص: 81