الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَالشَّفِيعُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ، وَإِنِ اشْتَرَى نَخْلًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ فَهُوَ لِلشَّفِيعِ، فَإِذَا جَذَّهُ الْمُشْتَرِي نَقَصَ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ.
كِتَابُ الْإِجَارَةِ
وَهِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، جُوِّزَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ
لِحَاجَةِ النَّاسِ
،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَإِنْ نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ فَالشَّفِيعُ إِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَرْصَةَ بِحِصَّتِهَا، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ) لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ فَيُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ كَأَطْرَافِ الْعَبْدِ، وَكَذَا إِذَا فَعَلَهُ أَجْنَبِيٌّ، وَكَذَا إِذَا نَزَعَ بَابَ الدَّارِ وَبَاعَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ النَّقْضِ لِأَنَّهُ صَارَ مَفْصُولًا فَلَمْ يَبْقَ تَبَعًا، أَوْ صَارَ نَقْلِيًّا فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ.
قَالَ: (وَإِنِ اشْتَرَى نَخْلًا عَلَيْهِ ثَمَرٌ فَهُوَ لِلشَّفِيعِ) مَعْنَاهُ إِذَا شَرَطَهُ فِي الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بِدُونِ الشَّرْطِ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبُيُوعِ، فَإِذَا شَرَطَهُ دَخَلَ فِي الْبَيْعِ وَاسْتُحِقَّ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ الِاتِّصَالِ صَارَ كَالنَّخْلِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِيهِ لِعَدَمِ التَّبَعِيَّةِ حَتَّى لَا يَدْخُلَ فِي الْبَيْعِ بِدُونِ الشَّرْطِ. وَإِذَا دَخَلَ فِي الشُّفْعَةِ.
(فَإِذَا جَذَّهُ الْمُشْتَرِي نَقَصَ حِصَّتَهُ مِنَ الثَّمَنِ) لِأَنَّهُ صَارَ مَقْصُودًا بِالذِّكْرِ فَقَابَلَهُ شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الثَّمَرَةَ لِأَنَّهَا نَفْلِيَّةٌ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى النَّخْلِ ثَمَرٌ وَقْتَ الْبَيْعِ فَأَثْمَرَ فَلِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ بِالثَّمَرَةِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ سَرَى إِلَيْهِ فَكَانَ تَبَعًا، فَإِذَا جَذَّهَا الْمُشْتَرِي، فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، لِأَنَّ الثَّمَرَةَ لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً وَقْتِ الْعَقْدِ فَلَمْ تَكُنْ مَقْصُودَةً، فَلَا يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ.
[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]
ِ (وَهِيَ بَيْعُ الْمَنَافِعِ، جُوِّزَتْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ
لِحَاجَةِ النَّاسِ
) .
اعْلَمْ أَنَّ التَّمْلِيكَ نَوْعَانِ: تَمْلِيكُ عَيْنٍ، وَتَمْلِيكُ مَنَافِعَ.
وَتَمْلِيكُ الْعَيْنِ نَوْعَانِ: بِعِوَضٍ وَهُوَ الْبَيْعُ وَقَدْ بَيَّنَّاهُ، وَبِغَيْرِ عِوَضٍ وَهُوَ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْوَصِيَّةُ، وَسَيَأْتِيكَ أَبْوَابُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَتَمْلِيكُ الْمَنَافِعِ نَوْعَانِ: بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهُوَ الْعَارِيَةُ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ عَلَى مَا يَأْتِيكَ؛ وَبِعِوَضٍ وَهُوَ الْإِجَارَةُ، وَسُمِّيَتْ بَيْعَ الْمَنَافِعِ لِوُجُودِ مَعْنَى الْبَيْعِ، وَهُوَ بَذْلُ الْأَعْوَاضِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، لِأَنَّ الْمَنَافِعَ مَعْدُومَةٌ، وَبَيْعُ الْمَعْدُومِ لَا يَجُوزُ، إِلَّا أَنَّا جَوَّزْنَاهَا
لِحَاجَةِ النَّاسِ
إِلَيْهَا، وَمَنَعَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ هَذَا وَقَالَ: إِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْمِلْكُ وَالْوُجُودُ لِلْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ، وَهَذَا لَا يَتَحَقَّقُ فِي الْمَنَافِعِ، لِأَنَّهَا عَرْضٌ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ فَلَا مَعْنَى لِلِاشْتِرَاطِ، فَأَقَمْنَا الْعَيْنَ
وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَنَافِعِ وَالْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً، وَمَا صَلَحَ ثَمَنًا صَلَحَ أُجْرَةً، وَتَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ، وَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ وَالْعَيْبِ، وَتُقَالُ وَتُفْسَخُ، وَالْمَنَافِعُ تُعْلَمُ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ كَسُكْنَى الدَّارِ، وَزَرْعِ الْأَرَضِينَ مُدَّةً مَعْلُومَةً أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ كَصَبْغِ الثَّوْبِ، وَخِيَاطَتِهِ، وَإِجَارَةِ الدَّابَّةِ لِحَمْلِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ أَوْ لِيَرْكَبَهَا مَسَافَةً مَعْلُومَةً، أَوْ بِالْإِشَارَةِ كَحَمْلِ هَذَا الطَّعَامِ؛ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَانُوتًا فَلَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا وَيُسْكِنَهَا مَنْ شَاءَ وَيَعْمَلَ فِيهَا مَا شَاءَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
الْمُنْتَفَعَ بِهَا مَقَامَ الْمَنْفَعَةِ فِي حَقِّ إِضَافَةِ الْعَقْدِ إِلَيْهَا لِيَتَرَتَّبَ الْقَبُولُ عَلَى الْإِيجَابِ كَقِيَامِ الذِّمَّةِ الَّتِي هِيَ مَحَلُّ الْمُسْلَمِ فِيهِ مَقَامَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ جَوَازِ السَّلَمِ، وَتَنْعَقِدُ سَاعَةً فَسَاعَةً عَلَى حَسَبِ حُدُوثِ الْمَنْفَعَةِ لِيَقْتَرِنَ الِانْعِقَادُ بِالِاسْتِيفَاءِ، فَيَتَحَقَّقَ بِهَذَا الطَّرِيقِ التَّمَكُّنُ مِنَ اسْتِيفَاءِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهَا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: 6] وقَوْله تَعَالَى:
{لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا} [الزخرف: 32] أَيْ بِالْعَمَلِ بِالْأَجْرِ. وَقَالَ عليه الصلاة والسلام: «مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ» . وَبُعِثَ عليه الصلاة والسلام وَالنَّاسُ يَتَعَامَلُونَ بِهَا فَأَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَلَا تَنْعَقِدُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْأَعْيَانِ، وَالْإِجَارَةُ تَمْلِيكُ مَنَافِعَ مَعْدُومَةٍ؛ وَيَبْدَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الِانْتِفَاعِ، لِأَنَّ عَيْنَ الْمَنْفَعَةِ لَا يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا، فَأَقَمْنَا التَّمْكِينَ مِنْ الِانْتِفَاعِ مَقَامَهُ.
قَالَ: (وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْمَنَافِعِ وَالْأُجْرَةِ مَعْلُومَةً) قَطْعًا لِلْمُنَازَعَةِ وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْحَدِيثِ.
قَالَ: (وَمَا صَلَحَ ثَمَنًا صَلَحَ أُجْرَةً) لِأَنَّهَا ثَمَنٌ أَيْضًا؛ فَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالْمَزْرُوعُ وَالْمَعْدُودُ وَالْمُتَقَارِبُ يَصْلُحُ أُجْرَةً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَصْلُحُ ثَمَنًا، وَالْحَيَوَانُ يَصْلُحُ إِنْ كَانَ عَيْنًا، أَمَّا دَيْنًا فَلَا لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ، وَالْمَنْفَعَةُ تَصْلُحُ أُجْرَةً فِي الْإِجَارَةِ إِذَا اخْتَلَفَ جِنْسَاهُمَا، وَلَا تَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ لِأَنَّ الثَّمَنَ يُمْلَكُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَالْمَنْفَعَةُ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهَا بِنَفْسِ الْعَقْدِ.
قَالَ: (وَتَفْسُدُ بِالشُّرُوطِ، وَيَثْبُتُ فِيهَا خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ وَالْعَيْبِ، وَتُقَالُ وَتُفْسَخُ) كَمَا فِي الْبَيْعِ.
قَالَ: (وَالْمَنَافِعُ تُعْلَمُ بِذِكْرِ الْمُدَّةِ كَسُكْنَى الدَّارِ وَزَرْعِ الْأَرْضِينَ مُدَّةً مَعْلُومَةً) لِأَنَّ الْمُدَّةَ إِذَا عُلِمَتْ تَصِيرُ الْمَنَافِعُ مَعْلُومَةً.
(أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ كَصَبْغِ الثَّوْبِ، وَخِيَاطَتِهِ، وَإِجَارَةِ الدَّابَّةِ لِحَمْلِ شَيْءٍ مَعْلُومٍ أَوْ لِيَرْكَبَهَا مَسَافَةً مَعْلُومَةً) لِأَنَّهُ إِذَا بُيِّنَ لَوْنُ الصَّبْغِ وَقَدْرُهُ وَجِنْسُ الْخِيَاطَةِ وَقَدْرُ الْمَحْمُولِ وَجِنْسُهُ وَالْمَسَافَةُ تَصِيرُ الْمَنَافِعُ مَعْلُومَةً.
(أَوْ بِالْإِشَارَةِ كَحَمْلِ هَذَا الطَّعَامِ) لِأَنَّهُ إِذَا عَرَفَ مَا يَحْمِلُهُ وَالْمَوْضِعَ الَّذِي يَحْمِلُهُ إِلَيْهِ تَصِيرُ الْمَنْفَعَةُ مَعْلُومَةً.
قَالَ: (وَإِنِ اسْتَأْجَرَ دَارًا أَوْ حَانُوتًا فَلَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا وَيُسْكِنَهَا مَنْ شَاءَ وَيَعْمَلَ فِيهَا مَا شَاءَ) مِنْ وَضْعِ الْمَتَاعِ، وَرَبْطِ الْحَيَوَانِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمَّ ذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُتَعَارَفَ مِنَ الدُّورِ وَالْحَوَانِيتِ ذَلِكَ، وَمَنَافِعُ
إِلَّا الْقِصَارَةَ وَالْحِدَادَةَ وَالطَّحْنَ؛ وَإِنِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ بَيَّنَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا، أَوْ يَقُولُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ، وَهَكَذَا رُكُوبُ الدَّابَّةِ وَلُبْسُ الثَّوْبِ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَبِسَ أَوْ رَكِبَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ؛ وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا فَارِغَةً كَمَا قَبَضَهَا، وَالرَّطْبَةُ كَالشَّجَرِ، فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ يَغْرَمُ لَهُ الْآجِرُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا وَيَتَمَلَّكُهُ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ لَا تَنْقُصُ، فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْقِيمَةَ وَيَتَمَلَّكَهُ فَلَهُ ذَلِكَ بِرِضَا صَاحِبِهِ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ فَتَكُونُ الْأَرْضُ لِهَذَا وَالْبِنَاءُ لِهَذَا، وَإِنْ سَمَّى مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ كَقَفِيزِ حِنْطَةٍ، فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ أَخَفُّ كَالشَّعِيرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَا هُوَ أَثْقَلُ كَالْمِلْحِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
السُّكْنَى غَيْرُ مُتَفَاوِتَةٍ فِي ذَلِكَ.
قَالَ: (إِلَّا الْقِصَارَةَ وَالْحِدَادَةَ وَالطَّحْنَ) لِأَنَّهَا تُوهِنُ الْبِنَاءَ وَفِيهِ ضَرَرٌ فَلَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ إِلَّا بِالتَّسْمِيَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الدَّارُ ضَيِّقَةً لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْبُطَ الدَّابَّةَ فِيهَا لِعَدَمِ الْعَادَةِ.
قَالَ: (وَإِنِ اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ بَيَّنَ مَا يُزْرَعُ فِيهَا، أَوْ يَقُولُ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ) لِأَنَّ مَنَافِعَ الزِّرَاعَةِ مُخْتَلِفَةٌ وَكَذَلِكَ تَضَرُّرُ الْأَرْضِ بِالزِّرَاعَةِ مُخْتَلِفٌ بِاخْتِلَافِ الْمَزْرُوعَاتِ فَيُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، فَإِذَا بَيَّنَ مَا يُزْرَعُ، أَوْ قَالَ عَلَى أَنْ يَزْرَعَهَا مَا شَاءَ انْقَطَعَتِ الْمُنَازَعَةُ.
(وَهَكَذَا رُكُوبُ الدَّابَّةِ، وَلُبْسُ الثَّوْبِ) وَكُلُّ مَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمُسْتَعْمِلِينَ، لِأَنَّ النَّاسَ يَخْتَلِفُونَ فِي الرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ فَيُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، فَإِذَا عَيَّنَ أَوْ أَطْلَقَ فَلَا مُنَازَعَةَ.
(إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَبِسَ أَوْ رَكِبَ وَاحِدٌ تَعَيَّنَ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْكِبَ أَوْ يُلْبِسَ غَيْرَهُ كَمَا إِذَا عَيَّنَهُ فِي الِابْتِدَاءِ وَيَدْخُلُ فِي إِجَارَةِ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ الطَّرِيقُ وَالشُّرْبُ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمَنْفَعَةُ وَلَا مَنْفَعَةَ دُونَهُمَا.
قَالَ: (وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَانْقَضَتِ الْمُدَّةُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهَا فَارِغَةً كَمَا قَبَضَهَا) لِيَتَمَكَّنَ مَالِكُهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَيَقْلَعُ الْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ لِأَنَّهُ لَا نِهَايَةَ لَهُمَا.
(وَالرَّطْبَةُ كَالشَّجَرِ) لِطُولِ بَقَائِهِ فِي الْأَرْضِ؛ أَمَّا الزَّرْعُ فَلَهُ نِهَايَةٌ مَعْلُومَةٌ فَيُتْرَكُ بِأَجْرِ الْمِثْلِ إِلَى نِهَايَتِهِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ.
(فَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ بِالْقَلْعِ يَغْرَمُ لَهُ الْآجِرُ قِيمَةَ ذَلِكَ مَقْلُوعًا وَيَتَمَلَّكُهُ) تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْأَرْضِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ وَالْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ تَبَعٌ، وَإِنَّمَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَقْلُوعًا لِأَنَّهُ مُسْتَحِقُّ الْقَلْعِ، فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ بِدُونِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ، وَتُقَوَّمُ وَبِهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ، وَلِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَأْمُرَهُ بِقَلْعِهِ فَيَضْمَنَ فَضْلَ مَا بَيْنَهُمَا.
(وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ لَا تَنْقُصُ، فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْأَرْضِ أَنْ يَضْمَنَ لَهُ الْقِيمَةَ) كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَتَمَلَّكُهُ فَلَهُ ذَلِكَ بِرِضَا صَاحِبِهِ، أَوْ يَتَرَاضَيَانِ فَتَكُونُ الْأَرْضُ لِهَذَا وَالْبِنَاءُ لِهَذَا) لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا.
قَالَ: (وَإِنْ سَمَّى مَا يَحْمِلُهُ عَلَى الدَّابَّةِ كَقَفِيزِ حِنْطَةٍ فَلَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَا هُوَ مِثْلُهُ أَوْ أَخَفُّ كَالشَّعِيرِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مَا هُوَ أَثْقَلُ كَالْمِلْحِ،