الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى فَعَطِبَتْ ضَمِنَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ سَمَّى قَدْرًا مِنَ الْقُطْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا، وَإِنِ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فَأَرْدَفَ آخَرَ ضَمِنَ النِّصْفَ، فَإِنْ ضَرَبَهَا فَعَطِبَتْ ضَمِنَهَا (سم) .
فَصْلٌ الْأُجَرَاءُ: مُشْتَرَكٌ كَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ، وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يَعْمَلَ، وَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
وَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُسَمَّى فَعَطِبَتْ ضَمِنَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ، وَإِنْ سَمَّى قَدْرًا مِنَ الْقُطْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْمِلَ مِثْلَ وَزْنِهِ حَدِيدًا) وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إِذَا خَالَفَ إِلَى مِثْلِ الْمَشْرُوطِ أَوْ أَخْفِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الرِّضَا بِأَعْلَى الضَّرَرَيْنِ رِضًا بِالْأَدْنَى وَبِمِثْلِهِ دَلَالَةً، وَإِنْ خَلَفَ إِلَى مَا هُوَ فَوْقَهُ فِي الضَّرَرِ فَعَطِبَتِ الدَّابَّةُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ الْمَشْرُوطِ ضَمِنَ الدَّابَّةَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْجَمِيعِ وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ؛ وَإِنْ كَانَ مِنْ جِنْسِهِ ضَمِنَ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ، لِأَنَّهَا هَلَكَتْ بِفِعْلِ الْمَأْذُونِ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ، فَيُقْسَمُ عَلَى قَدْرِهِمَا إِلَّا إِذَا كَانَ قَدْرًا لَا تُطِيقُهُ فَيَضْمَنُ الْكُلَّ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُعْتَادٍ فَلَا يَكُونُ مَأْذُونًا فِيهِ، وَالْحَدِيدُ أَضَرُّ مِنَ الْقُطْنِ لِأَنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَالْقُطْنُ يَنْبَسِطُ.
قَالَ: (وَإِنِ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا فَأَرْدَفَ آخَرَ ضَمِنَ النِّصْفَ) وَهِيَ نَظِيرُ الزِّيَادَةِ مِنَ الْجِنْسِ تَعْلِيلًا وَتَفْصِيلًا.
قَالَ: (فَإِنْ ضَرَبَهَا فَعَطِبَتْ ضَمِنَهَا) وَكَذَلِكَ إِنْ كَبَحَهَا بِلِجَامِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمُعْتَادَ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الضَّرْبِ الْمُعْتَادِ فِي السَّيْرِ، فَكَانَ مَأْذُونًا فِيهِ لِأَنَّ الْمُعْتَادَ كَالْمَشْرُوطِ.
وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ السَّيْرَ يُمْكِنُ بِدُونِ ذَلِكَ بِتَحْرِيكِ الرِّجْلِ وَالصَّيْحَةِ، فَلَا يَمْلِكُ ذَلِكَ إِلَّا بِصَرِيحِ الْإِذْنِ؛ وَكَذَا لَوِ اسْتَأْجَرَ حِمَارًا بِسَرْجٍ فَأَوْكَفَهُ ضَمِنَ عِنْدَهُ، وَقَالَا: لَا يَضْمَنُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَثْقَلَ مِنَ السَّرْجِ فَيَضْمَنُ قَدْرَ الزِّيَادَةِ، أَوْ يَكُونَ لَا يُوكَفُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ فَيَضْمَنُ الْكُلَّ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ يُوكَفُ بِمِثْلِهِ الْحُمُرُ صَارَ هُوَ وَالسَّرْجُ سَوَاءً فَيَكُونُ مَأْذُونًا فِيهِ دَلَالَةً. وَلَهُ أَنَّ الْإِكَافَ لِلْحَمْلِ وَالسَّرْجَ لِلرُّكُوبِ فَكَانَ خِلَافَ الْجِنْسِ، وَلِأَنَّهُ يَنْبَسِطُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَكْثَرَ مِنَ السَّرْجِ فَكَانَ أَضَرَّ فَيَضْمَنُ لِلْمُخَالَفَةِ.
[فصل أنواع الأجراء وحكم الأجير المشترك]
فَصْلٌ (الْأُجَرَاءُ: مُشْتَرَكٌ كَالصَّبَّاغِ وَالْقَصَّارِ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ إِمَّا الْعَمَلُ أَوْ أَثَرُهُ، وَالْمَنْفَعَةُ غَيْرُ مُسْتَحَقَّةٍ فَلَهُ أَنْ يَعْمَلَ لِلْغَيْرِ فَكَانَ مُشْتَرَكًا.
(وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ حَتَّى يَعْمَلَ) لِأَنَّ الْأُجْرَةَ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَالْمَالُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ) لِأَنَّهُ قَبَضَهُ
إِلَّا أَنْ يَتْلَفَ بِعَمَلِهِ، كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ، وَزَلَقِ الْحَمَّالِ، وَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ مِنْ شَدِّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْآدَمِيَّ إِذَا غَرِقَ فِي السَّفِينَةِ مِنْ مَدِّهِ، أَوْ سَقَطَ مِنَ الدَّابَّةِ بِسَوْقِهِ وَقَوْدِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَصَّادِ وَالْبَزَّاغِ إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ، وَخَاصٌّ كَالْمُسْتَأْجَرِ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ وَرَعْيِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهِ، وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ، وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلِفَ فِي يَدِهِ وَلَا بِعَمَلِهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدِ الْفَسَادَ،
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
بِإِذْنِ الْمَالِكِ فَلَا يَضْمَنُهُ.
(إِلَّا أَنْ يَتْلَفَ بِعَمَلِهِ كَتَخْرِيقِ الثَّوْبِ مِنْ دَقِّهِ وَزَلَقِ الْحَمَّالِ وَانْقِطَاعِ الْحَبْلِ مِنْ شَدِّهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَى فِعْلِهِ وَهُوَ لَمْ يُؤْمَرْ إِلَّا بِعَمَلٍ فِيهِ صَلَاحٌ، فَإِذَا أَفْسَدَهُ فَقَدْ خَالَفَ فَيَضْمَنُ.
(إِلَّا أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْآدَمِيَّ إِذَا غَرِقَ فِي السَّفِينَةِ مِنْ مَدِّهِ، أَوْ سَقَطَ مِنَ الدَّابَّةِ بِسَوْقِ وَقَوْدِهِ) لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ، وَلَوْ غَرِقَتْ مِنْ مَوْجٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ صَدْمِ جَبَلٍ أَوْ زُوحِمَ الْحَمَّالُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا فِعْلَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَلَوْ تَلَفَ بِفِعْلِ أَجِيرِ الْقَصَّارِ لَا مُتَعَمِّدًا فَالضَّمَانُ عَلَى الْأُسْتَاذِ، لِأَنَّ فِعْلَ الْأَجِيرِ مُضَافٌ إِلَى أُسْتَاذِهِ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يَضْمَنُ سَوَاءً هَلَكَ بِفِعْلِهِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، إِلَّا مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَالْمَوْتِ وَالْحَرِيقِ وَالْغَرَقِ الْغَالِبِ، وَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ حِفْظُهُ عَمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ، فَإِذَا تَرَكَهُ ضَمِنَ كَمَا إِذَا هَلَكَ بِفِعْلِهِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ رضي الله عنهما؛ ثُمَّ إِنْ شَاءَ ضَمِنَهُ مَعْمُولًا وَأَعْطَاهُ الْأَجْرَ وَغَيْرَ مَعْمُولٍ وَلَا أَجْرَ لَهُ. وَقَالَ زُفَرُ: لَا يَضْمَنُ فِي الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِأَمْرِ الْمَالِكِ وَصَارَ كَأَجِيرِ الْوَاحِدِ، وَجَوَابُهُ مَا مَرَّ لِأَبِي حَنِيفَةَ.
قَالَ: (وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْفَصَّادِ وَالْبَزَّاغِ إِلَّا أَنْ يَتَجَاوَزَ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ) لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ الْمُعْتَادَ لَا يُمْكِنُهُ الِاحْتِرَازُ عَنِ السِّرَايَةِ؛ لِأَنَّهُ يُبْتَنَى عَلَى قُوَّةِ الْمِزَاجِ وَضَعْفِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ مَعْلُومٍ فَلَا يُتَقَيَّدُ بِهِ، بِخِلَافِ دَقِّ الثَّوْبِ لِأَنَّ رِقَّتَهُ وَثَخَانَتَهُ تُعْرَفُ لِأَهْلِ الْخِبْرَةِ بِهِ فَتُقَيَّدُ بِالصَّلَاحِ؛ وَلَوْ قَالَ لِلْخَيَّاطِ: إِنْ كَفَانِي هَذَا الثَّوْبُ قَمِيصًا فَاقْطَعْهُ فَقَطَعَهُ فَلَمْ يَكْفِهِ ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي الْقَطْعِ بِشَرْطِ الْكِفَايَةِ؛ وَلَوْ قَالَ لَهُ: هَلْ يَكْفِينِي؛ فَقَالَ نَعَمْ، قَالَ فَاقْطَعْ فَلَمْ يَكْفِهِ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالْقَطْعِ مُطْلَقًا.
قَالَ: (وَخَاصٌّ كَالْمُسْتَأْجَرِ شَهْرًا لِلْخِدْمَةِ وَرَعْيِ الْغَنَمِ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ مَنَافِعَهُ صَارَتْ مُسْتَحَقَّةً لِلْمُسْتَأْجِرِ طُولَ الْمُدَّةِ فَلَا يُمْكِنُهُ صَرْفُهَا إِلَى غَيْرِهِ فَلِهَذَا كَانَ خَاصًّا، وَيُسَمَّى أَجِيرَ الْوَاحِدِ أَيْضًا. (وَيَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ) .
لِأَنَّهَا مُقَابَلَةٌ بِالْمَنَافِعِ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْعَمَلَ لِصَرْفِ الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ إِلَى تِلْكَ الْجِهَةِ، وَمَنَافِعُهُ صَارَتْ مُسْتَوْفَاةً بِالتَّسْلِيمِ تَقْدِيرًا حَيْثُ فَوَّتَهَا عَلَيْهِ فَاسْتَحَقَّ الْأُجْرَةَ.
قَالَ: (وَلَا يَضْمَنُ مَا تَلَفَ فِي يَدِهِ) لِمَا مَرَّ (وَلَا بِعَمَلِهِ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدِ الْفَسَادَ) لِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمَنْفَعَةُ وَهِيَ سَلِيمَةٌ، وَالْمَعِيبُ الْعَمَلُ الَّذِي هُوَ