الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الفرائض
الفرائض جمع فريضة كحديقة وحدائق، والفريضة فعيلة بمعنى مفعولة، مأخوذة من الفرض وهو القطع، يقال: فرضت لفلان كذا. أي قطعت له شيئًا من المال. قاله الخطابي (1). وقيل: هو من فرض القوس، وهو الحز (أ) الَّذي في [طرفيه] (5) حيث يوضع الوتر ليثبت فيه ويلزمه ولا يزول. وقيل: الثاني خاص بفرائض الله سبحانه، وهي ما ألزم به عباده؛ لمناسبته لمعنى اللزوم لما كان الوتر يلزم محله. وقال الراغب (2): الفرض قطع الشيء الصلب والتأثير فيه. وخصت المواريث باسم الفرائض، من قوله تعالى:{نَصِيْبًا مَّفْرُوضًا} (3). أي {مقدرًا} (جـ)؛ [أو](د) معلومًا أو مقطوعًا عن غيرهم.
وقد ورد في الحث على تعلم الفرائض أحاديث، منها عن ابن مسعود رفعه:"تعلموا الفرائض وعلموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض، حتَّى يختلف الاثنان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما". أخرجه أحمد والترمذي والنسائي وصححه الحاكم (4)، ورواته موثقون، إلا
(أ) في ب، جـ: الجر.
(ب) في النسخ: طرفه. والمثبت من الفتح 12/ 3.
(جـ) في الأصل: مقررًا.
(د) في النسخ: أي. والمثبت من الفتح 12/ 3.
_________
(1)
في الفتح 12/ 3.
(2)
المفردات ص 376.
(3)
الآية 7 من سورة النساء.
(4)
أحمد كما في الفتح 12/ 5، والترمذي 4/ 361 عقب ح 2091، والنسائي في الكبرى 4/ 63 ح 6305، 6306، والحاكم 4/ 333. وينظر إرواء الغليل 6/ 105.
أنَّه اختلف فيه على عوف (أ) الأعرابي اختلافًا كثيرًا؛ فقال الترمذي: إنه مضطرب. والاختلاف عنه أنَّه جاء عنه من طريق ابن مسعود، وجاء عنه من طريق أبي هريرة (1):"تعلموا الفرائض فإنها نصف العلم، وإنه أول ما ينزع من أمتي". وأخرج الطبراني (2) عن أبي بكرة رفعه: "تعلموا القرآن والفرائض وعلموه الناس، أوشك أن يأتي على الناس زمان يختصم الرجلان في الفريضة فلا يجدان من يفصل بينهما". أخرجه من طريق راشد الحمَّاني (3) وهو مقبول، لكن الراوي عنه مجهول. وعن أبي سعيد الخدري (4) بلفظ:"تعلموا الفرائض وعلموها الناس". وفي لفظ عنه: تعلموا الفرائض فإنها من دينكم (5). وعن ابن مسعود (6) موقوفًا أيضًا: من قرأ القرآن فليتعلم الفرائض. ورجالها ثقات، إلا أن في أسانيدها انقطاعًا. قال ابن الصلاح (7): لفظ النصف في هذا الحديث بمعنى أحد القسمين وإن لم يتساويا. وقد قال ابن عيينة إذ سئل عن ذلك: لأنه يبتلى به كل الناس.
(أ) في ب، جـ: عون.
_________
(1)
أخرجه الترمذي 4/ 360 ح 2091.
(2)
الأوسط 4/ 237 ح 4075.
(3)
راشد بن نجيح الحماني، أبو محمد البصري، صدوق ربما أخطأ. التقريب 1/ 388. وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ربما أخطأ. الجرح والتعديل 3/ 484، والثقات 4/ 234، وتهذيب الكمال 9/ 16.
(4)
الدارقطني 4/ 82 ح 46.
(5)
الثوري في الفرائض 1/ 20 ح 32، وابن أبي شيبة 11/ 234، والدارمي 2/ 341 ح 2893 عن عمر موقوفًا.
(6)
الدارمي 2/ 342، وابن أبي شيبة 10/ 461، والطبراني 19/ 161، 162 ح 8743.
(7)
ينظر الفتح 12/ 5.
وقال غيره: لأن لهم حالين، حال الحياة وحال الموت، والفرائض تتعلق بأحكام الموت؛ [وقيل] (أ): لأن الأحكام تتلقى من النصوص ومن القياس، والفرائض لا تتلقى إلا من النصوص. ولذلك البخاري (1) ذكر في باب تعلم الفرائض حديث أبي هريرة مرفوعًا:"إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث". وأورد قول عقبة بن عامر (2): تعلموا قبل الظانين. يعني الذين يتكلمون بالظن، وفيه إشعار بأن أهل ذلك العصر كانوا يقفون عند النصوص ولا يتجاوزونها. وقد روي عن أبي بكر التحيُّر في تفسير الكلالة، وكذا عن ابن مسعود (3) في ميراث الجد، وغيرهما. وقال جماعة من العلماء بجواز الرأي في الفرائض في بعض المسائل التي لم يرد فيها نص، وهو قليل. قال ابن المنير (4): الغالب في الفرائض التعبد وانحسام وجوه الرأي.
774 -
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألحِقوا الفراض بأهلها، فما بقي فهو لأَوْلَى رجل ذَكَر". متفق عليه (5).
قوله: "ألحقوا الفرائض بأهلها". المراد بالفرائض هنا الأنصباء المقدرة في كتاب الله العزيز؛ وهي النصف ونصفه ونصف نصفه، والثلثان
(أ) ساقطة من النسخ، والمثبت من الفتح 12/ 5.
_________
(1)
البخاري 12/ 4 ح 6724.
(2)
البخاري 12/ 4 معلقًا.
(3)
ينظر مصنف ابن أبي شيبة 11/ 415، 416، وسنن الدارمي 2/ 365، 366.
(4)
الفتح 12/ 5.
(5)
البخاري، كتاب الفرائض، باب ميراث الولد من أبيه وأمه 12/ 11 ح 6732، ومسلم، كتاب الفرائض، باب ألحقوا الفرائض بأهلها .... 3/ 1233 ح 1615/ 2.
ونصفهما ونصف نصفهما، والمراد بأهلها: من يستحقها بنص كتاب الله تعالى، ووقع في رواية عن ابن طاوس:"اقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله تعالى"(1). لم أي على وَفق ما أنزل الله في كتابه.
وقوله: "فما بقي". وقع في رواية روح بن القاسم: "فما تركتْ"(2).
أي: أبقت.
وقوله: "لأَوْلَى". علي زنة أفعل تفضيل، كذا في رواية الكُشْمِيهَني للبخاري، وهو مشتق من الوَلْي يعني القرب، أي لمن يكون أقرب في النسب إلى الموروث، وليس المراد هنا الأحقَّ، وقد حكى عياض (3) أن في بعض روايات مسلم:"فهو لأدنى". بدال ونون وهو بمعنى الأقرب. قال الخطابي (4): المعنى أقرب رجل من العصبة. وقال ابن بطال (5): المراد بـ "أولى رجل" أن الرجال من العَصَبة بعد أهل الفروض إذا كان فيهم من هو أقرب إلى الميت استحق دون من هو أبعد، فإن استووا اشتركوا، ولم يقصد في هذا الحديث من يدلي بالآباء والأمهات مثلًا، لأنه ليس فيهم من هو أولى من غيره إذا استووا في المنزلة. كذا قال (6).
وقال ابن التين (7): المراد به العمة مع العم، وبنت الأخ مع ابن الأخ، وبنت العم مع ابن العم، وخرج من ذلك الأخ والأخت لأبوين أو لأب، فإنهم يرثون بنص قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ
(1) مسلم 3/ 1234 ح 1615/ 4.
(2)
مسلم 3/ 1233، 1234 ح 1615/ 3.
(3)
الفتح 12/ 11.
(4)
معالم السنن 4/ 97.
(5)
شرح صحيح البخاري 8/ 347.
(6)
زاد بعده في الفتح 12/ 11 بعد أن ذكر كلام ابن بطال: ابن المنير.
(7)
الفتح 12/ 12، 13.
حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ} (1). ويستثنى من ذلك من يُحجب كالأخ للأب مع البنت والأخت لأبوين، وكذا يخرج الأخ والأخت للأم بقوله تعالى:{فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} (2). وقد نقل الإجماع على أن المراد بها الإخوة من الأم (3).
وقوله: "رجل ذكر". هكذا في جميع الروايات، ووقع في كتب الفقهاء كصاحب "النهاية" وتلميذه الغزالي (4):"فلأَولى عصَبة ذكر". قال ابن الجوزي (5) والمنذري (6): هذه اللفظة ليست محفوظة. وقال ابن الصلاح (6): فيها بعد عن الصحة من حيث اللغة فضلًا عن الرواية؛ فإن العصبة في اللغة اسم للجمع لا للواحد. كذا قال.
قال المصنف رحمه الله (6): والذي يظهر أن العصبة اسم جنس يقع على الواحد وأكثر، وقد جاء في رواية أبي هريرة في غير هذا الحديث:"فإلى العصبة مَن كان"(7). فالظاهر الإفراد، ووصف الرجل بأنه ذكر زيادة في البيان. قال الخطابي (8): فائدته ليعلم أن العصبة إذا كان عمًّا أو ابن عم مثلًا وكان معه أخت له، أن الأخت لا ترث، ولا يكون المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين. ويقال: هذه الفائدة تحصل من لفظ "رجل" وحده. وقال ابن
(1) الآية 176 من سورة النساء.
(2)
الآية 12 من سورة النساء.
(3)
الإجماع لابن المنذر ص 33.
(4)
الوسيط 4/ 346.
(5)
التحقيق 2/ 248.
(6)
الفتح 12/ 12.
(7)
مسلم 3/ 1237 ح 1619/ 15.
(8)
معالم السنن 4/ 97.
التين (1): إنه للتوكيد، ومثله:"ابن لَبُون ذكَر"(2). وردّه القرطبي (1) بأن العرب حيث توكد تفيد فائدة؛ إما تعيُّن المعني في النفس، وإما رفع توهم المجاز، وليس ذلك موجودًا هنا. وقال غيره: هذا التوكيد [لمتعلق](أ) الحكم وهو الذكورة؛ لأن الرجل قد يراد به معنى النجدة والقوة في الأمر، وقد حكى سيبويه (3): مررت برجل رجل أبوه. ولهذا احتاج إلى ذِكر "ذَكر" حتَّى لا يُظنَّ أن المراد به خصوص البالغ. وقيل: خشية أن يُظنَّ بـ "رجل" معنى الشخص، فيعم الذكر والأنثى. وقال ابن العربي (1): فائدته هو أن الإحاطة باليراث جميعه إنما تكون للذكر لا للأنثى، وأما البنت المنفردة فأخذها للمال جميعه بسببين هو الفرض والرد. وقيل: احترز به عن الخنثى. وقيل: للاعتناء (5) بالجنس. وقيل: للإشارة إلى الكمال في ذلك كما يقال: امرأة أنثى. وقيل: لنفي توهم اشتراك الأنثى معه لئلا يُحمل على التغليب كما في حديث: "من وجد متاعه عند رجل"(4). وحديث: "من أعتق شِركًا له في عبد"(5). وحديث: "أيما رجل ترك مالًا"(6). وقيل: للتنبيه على سبب الاستحقاق بالعصوبة وسبب الترجيح في الإرث -ولهذا جعل للذكر
(أ) في النسخ: لتعلق. والمثبت من الفتح 12/ 12.
(ب) في جـ: للاعتبار.
_________
(1)
الفتح 12/ 12.
(2)
تقدم ح 454.
(3)
الكتاب لسيبويه 2/ 29، 30.
(4)
تقدم ح 696.
(5)
مسلم 2/ 1139 ح 1501.
(6)
مسلم 3/ 1237، 1238 ح 1619/ 15 - 17.
مثل حظ الأنثيين- وذلك أن الرجال تلحقهم المُؤُن؛ [كالقسامة](أ)، والضيافة، [وإرفاد القاصدين](ب)، ومواساة السائلين، وتحمل الغرامات، وغير ذلك. كذا قال النووي (1) تبعًا للقاضي، وأصلُه للمازري، فإنه قال ما معناه: أتى بـ "ذكَر" هنا وفي الزكاة: "ابن لبون ذكر"؛ لأن الرجال هم [القائمون](جـ) بالأمور، وترى لهم العرب ما لا ترى للنساء، فأتى بـ "ذكر" للعلة التي لأجلها اختص بذلك وإن اشتركا في النسب (د)، وفي ابن اللبون بعكس ذلك وهو [أنه] (هـ) جعل السن الأعلى في مقام السن الأسفل لوجود العلة لم التي اقتضت نقص السن الأعلى -وهي الذكورية- حتَّى صارت في محل السن الأسفل. وقال السهيلي: جعْل "ذكَر" صفة للرجل إخراج لكلام من أوتي جوامع الكلم عن البلاغة، وذلك لعدم الفائدة (و)؛ لأن الرجل لا يكون إلا ذكرًا، وكلامه أجلّ من أن يشتمل على حشو لا فائدة فيه ولا يتعلق به حكم، وكان يلزم منه خروج الطفل الَّذي لم يبلغ سن الرجولية، والإجماع أن الصغير كالكبير، فقوله:"ذكر". صفة لـ " أوْلَى" لا لـ "رجل"، فـ "لأَولى" أريد به القريب إلى الميت، و"رجل" المضاف إليه أريد به الصلب؛ أي الَّذي قرابته من جهة الصلب؛ لأن الصلب لا يكون إلا
(أ) في شرح مسلم: بالقيام بالعيال والضيفان، وفي الفتح: كالقيام بالعيال والضيفان.
(ب) كذا في النسخ والفتح. وفي شرح مسلم: والأرقاء والقاصدين.
(جـ) في الأصل، ب: العالمون. وفي جـ: القائلون. والمثبت من الفتح 12/ 13.
(د) في الفتح 12/ 13: السبب. وفي النقل هنا اختصار مخلّ بالمعنى.
(هـ) في النسخ: أن. والمثبت أنسب للسياق.
(و) بعده في الأصل: وذلك.
_________
(1)
شرح صحيح مسلم 11/ 53.
رجلًا، فكأنه قال: الأقرب الَّذي قربه من جهة الرجال. فيخرج الأقرب الَّذي قربه من جهة الأم كالخال، فإنه قربُه من حيث البطن والرحم، وخرج بالوصف بقوله:"ذكر". الأنثى وإن كانت مدلية إلى الميت من قبل صلب كالعمة، ولفظ أفعل لا يراد به التفضيل، والمراد به الوليّ، كأنه قال: ولي ميت من جهة الصلب ذكر، لا ولي ميت من جهة البطن، ولا من جهة الصلب أنثى. هذا حاصل ما ذكره السهيلي. ثم قال: فيكون في هذا الكلام الموجز من المتانة وكثرة المعاني ما ليس في غيره، فالحمد لله الَّذي وفق وأعان. انتهى. وجرى عليه الكرماني في "شرحه على البخاري"(1).
قال النووي (2): أجمعوا على أن الَّذي يبقى بعد الفروض للعصبة يقدَّم الأقرب فالأقرب، فلا يرث عاصب بعيد مع عاصب قريب، والعصبة كل ذكر يدلي بنفسه بالقرابة ليس بينه وبين الميت أنثى، فمتى انفرد (أ) أخذ المال جميعه، وإن كان مع ذوي فروض غير مستغرقين أخذ ما بقي، وإن كان مع مستغرقين فلا شيء له.
قال القرطبي: وأما تسمية الأخت مع البنت عصبة فعلى سبيل التجوز؛ لأنها لما كانت في هذه المسألة تأخذ ما فضل عن البنت أشبهت العاصب.
قال الطحاوي (3): استدل قوم -يعني ابن عباس ومن تبعه- بحديث ابن عباس على أن من خلَّف بنتًا وأخًا شقيقًا وأختا شقيقة، أن للبنت النصف
(أ) بعده في ب: أحد.
_________
(1)
23/ 160.
(2)
شرح صحيح مسلم 11/ 53، 54.
(3)
شرح معاني الآثار 4/ 392، 393.
وما بقي فللأخ دون الأخت، وطردوا ذلك فيما لو كان مع [الأخت الشقيقة](أ) عصبة غير الأخ، فقالوا: لا شيء لها مع البنت. واحتجوا أيضًا (ب) بظاهر قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} (1). قالوا: فمن أعطى الأخت مع البنت فقد خالف ظاهر (جـ) القرآن. قال: واستُدل عليهم بالاتفاق على أن من ترك بنتًا وابن ابن وبنت ابن، أن للبنت النصف وما بقي بين ابن الابن وبنت الابن، ولم يخصوا ابن الابن بما بقي.
قال: فعُلِم أن حديث ابن عباس مخصوص بما إذا ترك بنتًا وعمًّا وعمة، أن الباقي للعم دون العمة إجماعًا، فاقتضى النظر ترجيح إلحاق الأخت مع الأخ بالابن والبنت لا بالعم والعمة، لأن الميت لو لم يترك إلا أخًا وأختًا شقيقين (د) فالمال بينهما، وكذلك لو ترك ابن ابن وبنت ابن، بخلاف ما لو ترك عمًّا وعمة، فإن المال كله للعم دون العمة باتفاقهم.
قال: وأما الجواب عما احتجوا به من الآية فهو أنهم أجمعوا على أن الميت لو ترك بنتًا وأخًا لأب كان للبنت النصف وما بقي للأخ، وأن معنى قوله تعالى:{لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ} . إنما هو ولد يحوز المال كله لا الولد الذي لا يحوز، وأقرب العصبات البنون، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأب، ثم الجد
(أ) في النسخ: البنت. والمثبت من الفتح 12/ 14.
(ب) ساقطة من: ب.
(جـ) في ب: نص.
(د) في ب، والفتح 12/ 14: شقيقتين.
_________
(1)
الآية 176 من سورة النساء.
والأخ إذا انفرد واحد منهما -فإن اجتمعا فسيأتي حكمه- ثم بنو الإخوة، ثم بنوهم وإن سفلوا، ثم الأعمام، ثم بنوهم وإن سفلوا، ومن أدلى بأبوين [يقدم على من أدلى بأب، لكن يقدَّم الأخ من الأب على ابن الأخ من الأبوين؛ ويقدم ابن أخٍ لأب على عم لأبوين، ويقدم عم لأب على ابن عم لأبوين](أ).
واستدل البخاري بالحديث على أن الجد يرث جميع المال إذا لم يكن دونه أب، وعلى أن الأخ من الأم إذا كان ابن عم يرث بالفرض والتعصيب (1). والله أعلم.
775 -
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا "يرث المسلمُ الكافرَ، ولا يرث (ب) الكافرُ المسلمَ". متفق عليه (2).
قوله: "لا يرث المسلمُ الكافر".برفع المسلم على أنَّه الوارث في الجملة الأولى، وبرفع الكافر في الجملة الثانية، والحديث ذهب إليه الجمهور من أهل العلم وأخذوا بعمومه إلا ما جاء عن معاذ قال: يرث المسلم من الكافر من غير عكس. واحتج بأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الإسلام يزيد ولا ينقص". [وهو حديث](جـ) أخرجه أبو داود وصححه الحاكم من طريق
(أ) في النسخ: ويقدم ابن الأخ لأب على عم لأبوين لكن يقدم الأخ لأب على ابن الأخ لأبوين.
والمثبت من الفتح 12/ 14.
(ب) ساقطة من: جـ.
(جـ) ساقطة من: الأصل.
_________
(1)
الفتح 12/ 14.
(2)
البخاري، كتاب الفرائض، باب لا يرث المسلم الكافر
…
12/ 50 ح 6764، ومسلم، كتاب الفرائض 3/ 1233 ح 1614.
يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي عنه (1)، قال الحاكم: صحيح الإسناد. [وتُعقِّب](أ) بالانقطاع بين أبي الأسود ومعاذ، ولكن سماعه منه ممكن. وقد زعم الجوزقاني (ب) أنَّه باطل (2)، وهي مجازفة، وقال القرطبي (2) في "المفهم": هو كلام يحكى ولا يروى. كذا قال، ويجاب عنه بأنه قد رواه من تقدم، فكأنه ما وقف على ذلك.
وأخرج أحمد بن منيع (3) بسند قوي عن معاذ أنَّه كان يورث المسلم من الكافر من غير عكس. وأخرج مسدد (4) عنه أن أخوين اختصما إليه -مسلم ويهودي- مات أبوهما يهوديًّا، فحاز ابنه اليهودي ماله، فنازعه المسلم، فورّث معاذ المسلم. وأخرج عبد الله بن أبي شيبة (5) من طريق عبد الله بن [معقل] (جـ) قال: ما رأيت قضاءً أحسن من قضاء معاوية؛ نَرِثُ أهل الكتاب ولا يرثونا، كما يحل لنا النكاح فيهم ولا يحل لهم. وبه قال مسروق وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي وإسحاق.
وأجاب الجمهور أنَّه قياس في معارضة النص وهو صريح في المراد ولا قياس مع وجوده، وأما الحديث فدلالته على أنَّه يفضل غيره من سائر
(أ) في الأصل: وأجيب.
(ب). في ب، جـ: الجورقاني. وهما وجهان في نسبته. ينظر مقدمة كتابه الأباطيل بتحقيق عبد الرحمن بن عبد الجبار 1/ 67 - 71 حيث ذكر بحثا وتحقيقا في النسبة.
(جـ) في النسخ: مغفل. والمثبت من مصدر التخريج، وينظر تهذيب الكمال 16/ 169.
_________
(1)
أبو داود 3/ 126 ح 2912، والحاكم 4/ 345.
(2)
الفتح 12/ 50.
(3)
أحمد بن منيع -كما في المطالب العالية 4/ 135 ح 1653.
(4)
مسدد -كما في المطالب العالية 4/ 135، 136 ح 1654.
(5)
ابن أبي شيبة 11/ 374.
الأديان، ولا يزال يزداد، ولا ينقص في وقت من الأوقات، ولا تعلق له بالإرث، وقد عارضه قياس آخر وهو أن التوارث متعلق بالولاية، ولا ولاية بين المسلم والكافر؛ لقوله تعالى:{لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ} (1). وذهب إلى ما ذهب إليه معاذ الإمامية والناصر، والحجة عليهم ما مرّ.
وقوله: "ولا ورث الكافرُ المسلمَ". وهذا مجمع عليه (2).
776 -
وعن ابن مسعود رضي الله عنه في بنت وبنت ابنن وأخت: قضى النبي صلى الله عليه وسلم للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت. رواه البخاري (3).
الحديث فيه دلالة على توريث الأخت للباقي، وهذا مجمع عليه.
ورجع أبو موسى لما أفتى بأن للأخت النصف، ثم أمر السائل له أن يسأل ابن مسعود، فقضى ابن مسعود بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو موسى: لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم. وفي رواية النسائي (4): جاء رجل إلى أبي موسى الأشعرى وهو الأمير وإلى [سلمان](ح) بن ربيعة الباهلي فسألهما، وكان [سلمان] قاضيًا على الكوفة، وكانت هذه القصة في زمن عثمان؛ لأنه
(أ) في النسخ هنا وفيما سيأتي: سليمان. وفي مصدر التخريج: سفيان. والمثبت من الفتح 12/ 17، وينظر تهذيب الكمال 11/ 240.
_________
(1)
الآية 51 من سورة المائدة.
(2)
مراتب الإجماع ص 98.
(3)
البخاري، كتاب الفرائض، باب ميراث ابنة ابن مع ابن 12/ 17 ح 6736.
(4)
النسائي في الكبرى 4/ 70 ح 6328.
الَّذي أمَّر أبا موسى على الكوفة، وكان ابن مسعود قبل ذلك أميرًا، ثم عزل قبل ولاية أبي موسى عليها بمدة. قال ابن بطال (1): يؤخذ منها أن للعالم أن يجتهد إذا ظن أن لا نص في المسألة، ولا يترك الجواب إلى أن يبحث عن ذلك، وأن الحجة عند التنازع هي السنة فيجب الرجوع إليها، وفي كلام أبي موسى دلالة على ما كانوا عليه من الإنصاف والاعتراف بالحق والرجوع إليه وشهادة بعضهم لبعض بالعلم والفضل، وكثرة اطلاع ابن مسعود على السنة، وتثبت أبي موسى في الفتيا حيث دل على من ظن أنَّه أعلم منه.
قال (2): ولا خلاف بين الفقهاء فيما رواه ابن مسعود، وفي جواب أبي موسى إشعار بأنه رجع عما قاله.
وقال ابن عبد البر (3): لم يخالف في ذلك إلا أبو موسى و [سلمان] بن ربيعة الباهلي، وقد رجع أبو موسى عن ذلك، ولعل [سلمان] أيضًا رجع كأبي موسى.
و [سلمان] المذكور مختلف في صحبته، وله أثر في فتوح العراق أيام عمر وعثمان، واستشهد في زمن عثمان، وكان يقال له:[سلمان] الخيل.
لمعرفته بها.
وقوله: الحبَر. بفتح المهملة وبكسرها أيضًا وسكون الموحدة، حكاه الجوهري (4) ورجح الكسر، وجزم الفراء بأنه بالكسر وقال: سمي باسم الحير
(1) شرح صحيح البخاري 8/ 351.
(2)
شرح صحيح البخاري 8/ 350. وينظر الإجماع لابن المنذر ص 32.
(3)
الاستذكار 15/ 399.
(4)
الصحاح 2/ 620 (ح ب ر).
الَّذي يكتب به. وقال أبو عبيد الهروي (1): هو العالم بتحبير الكلام وتحسينه، وهو بالفتح في رواية جميع المحدثين، وأنكر أبو الهيثم الكسر. وقال الراغب (2): يسمى العالم حبرًا لما يبقى من أثر علومه.
777 -
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يتوارث أهل ملتين". رواه أحمد والأربعة إلا الترمذي (3)، وأخرجه الحاكم بلفظ أسامة (4)، وروى النسائي (5) حديث أسامة بهذا اللفظ.
الحديث، ورواه ابن حبان من حديث ابن عمر في حديث (6)، ومن حديث جابر رواه الترمذي (7)[واستغربه](أ) وفيه ابن أبي ليلى، وأخرجه البزار (8) من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة بلفظ:"لا تورث ملة من ملة". وفيه
(أ) في النسخ: واشتهر به. والمثبت من التلخيص الحبير 3/ 84.
_________
(1)
غريب الحديث 1/ 85 - 87.
(2)
المفردات في غريب القرآن ص 106.
(3)
أحمد 2/ 178، وأبو داود، كتاب الفرائض، باب هل يرث المسلم الكافر 3/ 125 ح 2911، والنسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب سقوط الموارثة بين الملتين 4/ 82 ح 6383، وابن ماجة، كتاب الفرائض، باب ميراث أهل الإسلام من أهل الشرك 2/ 912 ح 2731.
(4)
الحاكم، كتاب الفرائض 4/ 345.
(5)
النسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب سقوط الموارثة بين الملتين 4/ 82 ح 6382.
(6)
ابن حبان 13/ 340 ح 5996.
(7)
الترمذي 4/ 370 ح 2108.
(8)
كشف الأستار 2/ 141 ح 1384.
عمر بن راشد (1)، قال (2): إنه تفرد به، وهو لين الحديث، ورواه النسائي والحاكم والدارقطني بهذا اللفظ من حديث أسامة بن زيد (3)، وقال الدارقطني (2): هذا اللفظ في حديث أسامة غير محفوظ. وأخرجه المزي في "الأطراف"(4) من جميع رواياته عن أسامة: "لا يتوارث أهل [ملتين] (أ) ".
والحديث فيه دلالة على أنَّه لا يتوارث أهل ملتين، وظاهره العموم في اختلاف الملتين، سواء كان بإسلام وغيره، أو بين ملتين كفريتين -وقد ذهب إليه الأوزاعي وهو مذهب الهدوية- وحملها الجمهور على أن المراد بإحدي الملتين الإسلام وبالأخرى الكفر، وقد يستأنس لهذا التأويل بما ذكره الرافعي، قال: وقد روي في بعض الروايات: "لا يتوارث أهل ملتين، لا يرث المسلم الكافر". فجعل الجملة الثانية بيانًا للأولى. كذا حكاه المصنف في "التلخيص"(2) ولم يتكلم في الرواية.
والأصح عند الشافعية أن الكافر يرث الكافر، وهو قول الحنفية والأكثر، ومقابله عن مالك وأحمد، وعنه التفرقة بين الحربي والذمي، وكذا عند الشافعية، وعن (ب) أبي حنيفة: لا يورث حربي من ذمي،
(أ) في الأصل، ب: الملتين.
(ب) في ب: عند.
_________
(1)
عمر بن راشد بن شجرة اليمامي، أبو حفص، ضعفه ابن معين وأحمد بن حنبل وأبو زرعة وغيرهم وقال الحافظ: ضعيف. تهذيب الكمال 21/ 340، والتقريب ص 412.
(2)
التلخيص الحبير 3/ 84.
(3)
الحاكم 2/ 240، والدارقطني 4/ 69 ولفظه:"لا يرث الكافر المسلم، ولا المسلم الكافر"، وتقدم عند النسائي الصفحة السابقة.
(4)
ينظر تحفة الأشراف 1/ 55 - 57.
فإن كانا (أ) حربيين شرط أن يكونا من دار واحدة. وعند الشافعية لا فرق، وعندهم وجه كالحنفية، وعن الثوري وربيعة وطائفة: الكفر ثلاث ملل؛ يهودية ونصرانية وغيرهم، فلا يرث ملة من هذه من ملة من الملتين. وعن طائفة من أهل المدينة والبصرة: كل فريق من الكفار ملة. فلم يورثوا مجوسيًّا من وثني ولا يهوديًّا من نصراني، وهو قول الأوزاعي، وبالغ فقال: ولا يرث أهل نحلة (ب) من دين واحد أهل نحلة (ب) أخرى، كاليعقوبية والملكية من النصارى.
واختلف في المرتد، فقال الشافعي وأحمد: يصير ماله إذا مات فيئًا للمسلمين. وقال مالك: يكون فيئًا إلا أن يقصد بردته أن يحرم ورثته المسلمين فيكون لهم. وكذا قال في الزنديق، وعن أبي يوسف ومحمد - وهو قول الهادي - أنَّه يكون لورثته المسلمين. وعن أبي حنيفة: ما كسبه قبل (جـ) الردة فهو (د) لورثته المسلمين، وبعد الردة لبيت المال. وعن بعض التابعين (هـ وعلقمة هـ): يستحقه أهل الدين الَّذي انتقل إليه. وعن داود: يختص بورثته من أهل الدين الَّذي انتقل إليه. ولم يفصل (و) والحاصل من ذلك ستة أقوال.
(أ) في ب: كان.
(ب) في جـ: ملة.
(جـ) في جـ: في.
(د) في ب: فيكون.
(هـ - هـ) في الفتح 12/ 51: كعلقمة.
(و) في ب: يفضل.
واحتج القرطبي في "المفهم"(1) على أن الكفر ملل بقوله تعالى: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} (2). فهي ملل متعددة وشرائع مختلفُة. قال: وأما ما احتجوا به من قوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} (3). فوحَّدَ الملة، فلا حجة فيه لأن الموحدة في اللفظ وفي المعنى يراد به الكثرة، لأنه أضافه إلى مفيد الكثرة كقول القائل: خذ عن علماء الدين علمهم. يريد علم كل واحد منهم.
قال: واحتجوا بقوله تعالى: {قُلْ يَاأَيُّها الْكَفِرُونَ} إلى آخرها.
والجواب: أن الخطاب بذلك وقع لكفار قريش وهم أهل دين واحد. وأما ما أجابوا به عن حديث: "لا يتوارث أهل ملتين". بأن المراد ملة الكفر وملة الإسلام، فالجواب عنه بأنه إذا صح في حديث أسامة فمردود [في حديث](أ) غيره.
واستدل بقوله: "لا يرث الكافر المسلم". على جواز تخصيص عموم الكتاب بالآحاد، لأن قوله تعالى:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (4). عام في الأولاد، فخُص منه الولد الكافر فلا يرث من المسلم بالحديث المذكور. وأجيب بأن المنع حصل بالإجماع، وخبر الواحد إذا حصل الإجماع على
(أ) في النسخ: بحديث. والمثبت من الفتح 12/ 52.
_________
(1)
الفتح 12/ 51، 52.
(2)
الآية 48 من سورة المائدة.
(3)
الآية 120 من سورة البقرة.
(4)
الآية 11 من سورة النساء.
وَفقه كان التخصيص بالإجماع لا بالخبر فقط. انتهى. وأقول: القول بتخصيص الآحاد لعموم الكتاب هو القول الراجح، ولا يلزم منه تقديم المظنون على المقطوع؛ لأنه وإن كان قطعي المتن فهو ظني الدلالة، وخبر الواحد الخاص قطعي الدلالة ظني المتن، فيتعادلان، ويترجح التخصيص به، لأن في ذلك جمعًا بين الدليلين، وفي تركه إهدار لدليل (1). والله أعلم.
778 -
وعن عمران بن الحُصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ابن ابني مات فما لي من ميراثه؟ فقال: "لك السدس". فلما ولى دعاه فقال: "لك سدس آخر". فلما ولى دعاه فقال: "إن السدس الآخر طُعْمة". رواه أحمد والأربعة، وصححه الترمذي (2)، وهو من رواية الحسن البصري عن عمران.
وقيل: إنه لم يسمع منه. قال ابن المديني وأبو حاتم الرازي (أ)(3): إن الحسن لم يسمع من عمران. قال قتادة: لا ندري مع أي شيء ورَّثه. وقال: أقل شيء ورث الجد السدس.
وصورة هذه المسألة أنَّه ترك الميت بنتين وهذا السائل، فللبنتين الثلثان،
(أ) في ب: الرقي. وفي حاشيته: كذا في الأم وأظنه الرازي. وفي جـ: الراسي.
_________
(1)
ينظر الفتح 12/ 52.
(2)
أحمد 4/ 428، وأبو داود، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجد 3/ 122 ح 2896، والترمذي، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجد 4/ 365 ح 2099، والنسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب ذكر الجدات والأجداد ومقادير نصيبهم 4/ 72 ح 6337، وابن ماجة لم يخرج الحديث. وينظر تحفة الأشراف 8/ 175 ح 1081.
(3)
المراسيل لابن أبي حاتم ص 30، 31، وتحفة التحصيل ص 71.
فبقي ثلث، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى السائل سدسًا بالفرض لأنه جد الميت، ولم يدفع إليه السدس الآخر لئلا يظن أن فرضه الثلث، وتركه حتَّى ولّى -أي ذهب- فدعاه وقال:"لك سدس آخر". فلما ولّى دعاه وقال: "إن السدس الآخِر -بكسر الخاء- طُعمة". [أعلمه أن السدس الثاني طعمة](أ) له، ومعنى الطعمة هنا أنَّ له ذلك [زائدًا](ب) على السهم المفروض، بالتعصيب لما بقي على الفروض، وما يؤخذ بالتعصيب ليس بلازم كالفرض المقدر.
779 -
وعن ابن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أمّ. رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن خزيمة وابن الجارود، وقواه ابن عدي (1).
الحديث في إسناده عبيد الله العتكي مختلف فيه، وثقه أبو حاتم (2) وصححه ابن السكن.
في الحديث دلالة على أن ميراث الجدة السدس، وسواء كانت أم أم أو أم أب، وتشترك فيه الجدتان فأكثر إذا استوين، فإن اختلفن سقط الأبعد من الجهتين بالأقرب، ولا يسقطهن إلا الأم وإلا الأب يسقط من كان من
(أ) ساقط من: الأصل.
(ب) في النسخ: زائد. والمثبت هو الصواب.
_________
(1)
أبو داود، كتاب الفرائض، باب في الجدة 3/ 122 ح 2895، والنسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب ذكر الجدات والأجداد ومقادير نصيبهم، وابن عدي في الكامل 3/ 1252، 1253، وابن الجارود، باب ما جاء في المواريث ص 356 ح 960.
(2)
تقدمت ترجمته في 3/ 260.
جهته، إلا إذا كانت من ذوي الأرحام فلا ترث مع وجود [ذي](أ) سهم غيرها؛ وذلك كالجدة التي أدرجت أبًا بين أمين أو أمًّا بين أبوين فهي ساقطة، مثال الأول: أم أب أم، فبينها وبين الميت أب، وهنا أمَّان. ومثال الثاني: أمًّا بين أبوين؛ أم أبِ أمِّ الأب، وذلك ظاهر، ودليل ذلك حديث قبيصة بن ذؤيب: لم جاءت الجدة إلى أبي بكر تساله ميراثها، فقال: مالك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فارجعي حتَّى أسأل الناس. فسأل الناس، فقال المغيرة: شهدت النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس. فقال: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة فقال مثل ما قال المغيرة، فأنفذه لها أبو بكر. الحديث، وفيه قصة عمر. أخرجه مالك وأحمد وأصحاب "السنن" وابن حبان والحاكم (1) من هذا الوجه، وإسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل؛ لأن قبيصة لم يصح سماعه من الصديق، وأعله عبد الحق بالانقطاع (2). وقال الدارقطني في "العلل" (3) بعد أن ذكر الاختلاف فيه على الزهري: يشبه أن يكون الصواب قول مالك ومن تابعه. وذكر القاضي حسين أن التي جاءت إلى الصديق أم الأم، وأن التي جاءت إلى عمر أم الأب. وروي أنَّه أعطى السدس ثلاث جدات؛ اثنتين من قبل
(أ) في ب: ذوي.
_________
(1)
مالك 2/ 513، وأحمد 4/ 225، وأبو داود 3/ 121 ح 2894، والترمذي 4/ 365، 366 ح 2100، والنسائي في الكبرى 4/ 73 ح 6339، وابن ماجة 2/ 909، 910 ح 2724، وابن حبان 13/ 391 ح 6031، والحاكم 4/ 338.
(2)
الأحكام الوسطى 3/ 328.
(3)
علل الدارقطني 1/ 249.
الأب وواحدة من قبل الأم. أخرجه الدارقطني (1) بسند مرسل. ورواه أبو داود في "المراسيل"(2) بسند آخر عن إبراهيم النخعي، والدارقطني، والبيهقي (3) من مرسل الحسن أيضًا، وذكر البيهقي (4) عن محمد بن نصر أنَّه نقل اتفاق الصحابة والتابعين على ذلك، إلا ما روي عن سعد بن أبي وقاض أنَّه أنبهر ذلك، ولا يصح إسناده عنه، وقصة عمر أنَّه جاءته جدة أخرى (أفقال لها أ): ما لك في كتاب الله شيء، وما كان القضاء الَّذي قضى به إلا لغيرك، وما أنا بزائد في الفرائض شيئًا ولكن هو ذاك السدس، فإن [اجتمعتما](ب) فهو لكما، وأيتكما خلت فهو لها (5).
وروى مالك (6) أيضًا أن الجدتين أتيا إلى أبي بكر، فأراد أن يجعل السدس للتي من قبل الأم، فقال له رجل: أما إنك تترك التي لو ماتت وهو حي كان إياها يرث. فجعل أبو بكر السدس بينهما. وإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك (7).
780 -
وعن المقدام بن مَعدِ يكرِب رضي الله عنه قال: قال
(أ- أ) ساقط من: ب.
(ب) في الأصل: اجتمعا. وفي ب، جـ: اجتمعتا. والمثبت من الموطأ.
_________
(1)
الدارقطني 4/ 90.
(2)
المراسيل لأبي داود ص 190.
(3)
البيهقي 6/ 236.
(4)
البيهقي 6/ 235.
(5)
مالك 2/ 513 ح 4.
(6)
الموطأ 2/ 513، 514 ح 5.
(7)
ينظر الإجماع لابن المنذر ص 135.
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخال وارث من لا وارث له". أخرجه أحمد والأربعة سوى الترمذي، وحسنه أبو زرعة الرازي وصححه الحاكم وابن حبان (1).
الحديث أعله البيهقي (2) بالاضطراب ونقل عن يحيى بن معين أنَّه كان يقول: ليس فيه حديث قوي.
وفي الباب عن عمر رضي الله عنه. رواه الترمذي (3) بلفظ: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له". وعن عائشة رضي الله عنها رواه الترمذي والنسائي (4) من حديث طاوس عنها بقصة الخال حسب. وأعله النسائي (5) بالاضطراب، ورجح الدارقطني والبيهقي (6) وقفه، وقال البزار (أ) (7): أحسن إسناد فيه حديث أبي أمامة بن سهل، قال: كتب عمر إلى أبي عبيدة. فذكره.
في الحديث دلالة على توريث الخال وهو من ذوي الأرحام، وكذلك من عداه من ذوي الأرحام، وقد ورد في غيره أحاديث، قوله صلى الله عليه وسلم في الميت
(أ) في جـ: الترمذي.
_________
(1)
أحمد 4/ 133، وأبو داود، كتاب الفرائض، باب في ميراث ذوي الأرحام 3/ 122، 123 ح 2899، والنسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب اختلاف ألفاظ الناقلين 4/ 76، 77 ح 6354، 6357، وابن ماجة، كتاب الديات، باب الدية على العاقلة 2/ 879 ح 2634، والحاكم، كتاب الفرائض 4/ 344، وابن حبان، كتاب الفرائض، باب ذوي الأرحام 13/ 397 ح 6035.
(2)
البيهقي 6/ 215.
(3)
الترمذي 4/ 367 ح 2103.
(4)
الترمذي 4/ 367، 368 ح 2104، والنسائي في الكبرى 4/ 76 ح 6352، 6353.
(5)
ينظر تحفة الأشراف 11/ 426.
(6)
الدارقطني 4/ 85، 86، والبيهقي 6/ 215.
(7)
البزار 1/ 375، 376 ح 253.
الخزاعي: "التمسوا له وارثًا أو ذا رحم"(1). وروي عنه صلى الله عليه وسلم: "من خلف خالته وعمته ولا وارث له سواهما؛ أن للعمة الثلثين وللخالة الثلث"(2).
وقد ذهب إلى توريثهم جمع كثير من الصحابة والتابعين والأئمة، فمنهم علي وابن مسعود ومعاذ وأبو الدرداء، والشعبي ومسروق ومحمد ابن الحنفية والنخعي والحسن بن صالح ويحيى بن آدم والقاسم بن سلام، وأهل البيت إلا القاسم بن إبراهيم، وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وأحمد بن حنبل والحسن بن زياد، وفقهاء العراق والكوفة والبصرة وغيرهم من سائر الآفاق، وحجتهم عموم قوله تعالى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} (3). وقوله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ} (4). وما سمعت من الأحاديث، وذهب زيد بن ثابت والزهري ومكحول وفقهاء الحجاز والقاسم ومالك والشافعي والإمام يحيى إلى أنَّه لا ميراث لهم، والعمدة في ذلك لهم أن الفرائض لا تثبت إلا بكتاب أو سنة ثابتة أو إجماع، وذلك مفقود، وعمومات الكتاب محتملة وبعضها منسوخ، والسنة قد عرفت ما قيل فيها مع أنها معارضة بمثلها أو أقوى منها، وذلك أنَّه قال صلى الله عليه وسلم:"سألت الله عز وجل عن ميراث العمة والخالة، فسارني جبريل أن لا ميراث لهما". أخرجه أبو داود في "المراسيل" والدارقطني من طريق الدراوردي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار به مرسلًا (5). وأخرجه النسائي (6) من مرسل زيد بن أسلم. ووصله
(1) أحمد 5/ 347، وأبو داود 3/ 124 ح 2904.
(2)
الوارد بهذا المعنى موقوف على عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم كما سيأتي في ص 500.
(3)
الآية 75 من سورة الأنفال، والآية 6 من سورة الأحزاب.
(4)
الآية 7 من سورة النساء.
(5)
أبو داود ص 191، والدارقطني 4/ 98 ح 95.
(6)
النسائي -كما في التلخيص الحبير 3/ 81.
الحاكم في "المستدرك"(1) بذكر أبي سعيد وفي إسناده ضعف. ووصله الطبراني في "الصغير"(2) أيضًا من حديث أبي [سعيد](أ) في ترجمة محمد بن الحارث المخزومي (3) شيخه، وليس في الإسناد من ينظر في حاله غيره. ورواه الدارقطني (4) من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة وضعفه بمسعدة بن اليسع الباهلي (5)[راويه](ب) عن محمد بن [عمرو](جـ). ورواه الحاكم (6) من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر وصححه، وفي إسناده عبد الله بن جعفر المدني (7) وهو ضعيف. وروى له الحاكم (1) شاهدًا من حديث شريك بن عبد الله بن أبي نَمِر أن الحارث بن عبد (5) أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ميراث العمة والخالة فذكره. وفيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو متروك (8). وأخرجه
(أ) في الأصل: مسعود أيضًا.
(ب) في الأصل: رواية. وفي جـ: رواه.
(جـ) في النسخ: عمر. والمثبت من التلخيص الحبير 3/ 81، وينظر الكامل 6/ 2386.
(د) في المستدرك: عبد الله. وبعده في ب: الله، ومضروب عليها. وينظر التلخيص 3/ 81.
_________
(1)
الحاكم 4/ 343.
(2)
الطبراني 2/ 56 ح 935.
(3)
محمد بن الحارث المخزومي، أبو عبد الله المديني، قال ابن أبي حاتم: كتبت عنه بالمدينة، وهو صدوق. الجرح والتعديل 7/ 231.
(4)
الدارقطني 4/ 99 ح 98.
(5)
مسعدة بن اليسع بن قيس الباهلي كذبه أبو داود وقال أحمد: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: هو ذاهب منكر الحديث. التاريخ الكبير 8/ 26، والجرح والتعديل 8/ 370، ولسان الميزان 6/ 23.
(6)
الحاكم 4/ 342، 343.
(7)
عبد الله بن جعفر بن نجيح السمدي؛ مولاهم، أبو جعفر المديني، والد علي، بصري، أصله من المدينة ضعفه ابن معين وأبو حاتم والنسائي وقال الحافظ: ضعيف يقال: تغير حفظه بأخرة. الجرح والتعديل 5/ 22، وتهذيب الكمال 14/ 379، والتقريب ص 298.
(8)
سليمان بن داود المنقري الشاذكوني البصري الحافظ، ضعفه البخاري وأبو حاتم والنسائي. ينظر ميزان الاعتدال 2/ 205، والضعفاء لابن الجوزي 2/ 18.
الدارقطني (1) من وجه آخر عن شريك مرسلًا. وتأول بعضهم حديث: "الخال وارث من لا وارث له". بأن المراد بالخال هو السلطان. ذكره ابن العربي (2). وقوله صلى الله عليه وسلم: "أنا وارث من لا وارث له، أعقل عنه وأرثه". أخرجه أبو داود (3) وغيره، وصححه ابن حبان (4) وغيره، وهو صلى الله عليه وسلم لا يرث [لنفسه](أ) وإنما يصرفه في مصالح المسلمين. والمراد يرثه المسلمون بالعصوبة كما يحملون ديته، وقيل: المراد أنَّه يوضع في بيت المال للمصلحة، إذ لا يخلو عن ابن عم وإن بعد، فالحق بالمال الضائع الَّذي لا يرجى ظهور مالكه، وعلى عدم توريث ذوي الأرحام وعدم الرد على ذوي السهام برد المال إلى بيت المال إن كان أمره منتظمًا، وهو إذا كان في يد إمام عادل يصرفه في مصارفه، أو كان في البلد قاض بشروط القضاء مأذون له في التصرف في مال المصالح دفع إليه ليصرفه فيها، وإن كان في البلد ذلك القاضي وهو غير مأذون له في التصرف، ففيه ثلاثة احتمالات، يتصرف فيه ذلك القاضي. والثاني أنَّه يصرفه من كان في يده. والثالث أنَّه يوقف إلى أن يظهر من ينتظم معه بيت المال. قال النووي (5): الثالث ضعيف، والأولان حسنان، وأصحهما الأول. قال صاحب "الاقتصاد شرح الإرشاد": ويترجح عندي أن يتخير بينهما، وعلى (ب) الثاني وقوف مساجد القرى يصرفها صلحاء القرية في مصالح المسجد وعمارته. انتهى. واعلم أنهم على القول بالتوريث يرثون ما ورث من
(أ) في الأصل: في نفسه.
(ب) في ب: على.
_________
(1)
الدارقطني 4/ 99 ح 99.
(2)
ينظر عارضة الأحوذي 8/ 255.
(3)
أبو داود 3/ 122، 123 ح 2899.
(4)
ابن حبان 13/ 397 ح 6035.
(5)
روضة الطالبين 6/ 7.
يدلون به، كما روي عن علي وعمر وابن مسعود أن من مات وترك عمته وخالته؛ أن للعمة الثلثين وللخالة الثلث (1). وتابعهم العلماء إلا بشر بن غياث فأسقط الخالة معها، فاعتبروا تنزيل كل وارث منزلة من أدلى به. وروي عن علي أن ابنة الأخ بمنزلة الأخ، وابنة الأخت بمنزلة الأخت (2). وعنه الخالة بمنزلة الأم، والعمة بمنزلة العم (2). وعنه أيضًا رد ما أبقت السهام على كل وارث بقدر سهمه إلا الزوج والزوجة فيرد على ذوي الأرحام كأسبابهم (3). وأبو حنيفة وأصحابه إلا الحسن بن زياد يعتبرون القرب، فيرث الأقرب فالأقرب كالعصبات (أ)، فإذا مات وترك ثلاث خالات متفرقات؛ فللخالة لأب وأم النصف كالأخت لأبوين، وللخالة لأب السدس كالأخت لأب مع الأخت لأب وأم، وللخالة لأم السدس كالأخت لأم، [والباقي] (ب) رد عليهم. وقيل: بل يقسم المال بينهم بالسوية؛ إذ لا يفضل ذكورهم على إناثهم، فوجبت التسوية في كل حال. وهذا على قول الأكثر المعتبرين للتنزيل، وعلى قول أبي حنيفة وأصحابه تسقط الخالة لأب والخالة لأم لاعتبارهم القرب، وهذا من فوائد الخلاف، وكذا إذا ترك ابنة العم وابن بنت الأخ، فكأنه ترك عمه وابنة أخيه، فيسقط ابن بنت أخيه. وعند أبي حنيفة المال له بناء على أصله باعتبار القرب، وأولاد أولاد أبي الميت أولى من أولاد أولاد جده، وعلى هذا غيره،
(أ) في جـ: كالعصبة.
(ب) في الأصل، ب: والثاني.
_________
(1)
ينظر مصنف عبد الرزاق 10/ 282، 283 ح 19112 - 19114، وشرح معاني الآثار 4/ 399، والبيهقي 6/ 216، 217.
(2)
ينظر المغني 9/ 85.
(3)
ينظر عبد الرزاق في المصنف 10/ 286 ح 19128.
ومتى كان ذوو الأرحام في درجة واحدة ويدلون بسبب واحد من جهة واحدة، فلا يفضل ذكورهم على إناثهم، بل يستوون عند الهدوية وأبي عبيد وإسحاق بن راهويه، قالوا: لأن الله سبحانه سوَّى بين الإخوة لأم فقسنا عليهم ذوي الأرحام، وللإجماع على أن ابن البنت إذا انفرد حاز جميع المال بسبب واحد وهو الرحم، وكذا بنت البنت، وكذا الخال والخالة، فوجب إذا اجتمعا أن يستويا، وقال أكثر أهل التنزيل: بل للذكر مثل حظ الأنثيين كالعصبة، وكما أن البنت إذا انفردت حازت جميع المال وكذا الابن، فإذا اجتمعا فللذكر مثل حظ الأنثيين، فكذا ذوو الأرحام، والجواب أن البنت إذا انفردت لم تحز جميع المال بسبب واحد، بل نصفه بالتسهيم والآخر بالرد، فافترقا.
781 -
وعن أبي أمامة بن سهل قال: كتب معي عمر إلى أبي عبيدة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الله ورسوله مولى من لا مولى له، والخال وارث من لا وارث له". رواه أحمد والأربعة سوى أبي داود، وحسنه الترمذي، وصححه أبن حبان (1).
تقدم الكلام على الحديث فيما قبله.
782 -
وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا استهل المولود ورث". رواه أبو داود، وصححه ابن حبان (2).
(1) أحمد 1/ 28، 46، والترمذي، كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الخال 4/ 367 ح 2103، والنسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب توريث الخال 4/ 76 ح 6351، وابن ماجة، كتاب الفرائض، باب ذوي الأرحام 2/ 914 ح 2737، وابن حبان، كتاب الفرائض، باب ذوي الأرحام 13/ 400، 401 ح 6037.
(2)
أبو داود، كتاب الفرائض، باب في المولود يستهل ثم يموت 3/ 128 ح 2920، وابن حبان، كتاب الفرائض، باب ذكر الإخبار بأن من استهل من الصبيان عند الولاة
…
13/ 392، 393 ح 6032، وعند أبي داود من حديث أبي هريرة.
الحديث، ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي (1) من حديث جابر بلفظ:"إذا استهل السقط صلي عليه وورث". وفي إسناده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف (2). قال الترمذي (3): وروي موقوفًا والموقوف أصح. وبه جزم النسائي (4)، وقال الدارقطني في "العلل" (5): لا يصح رفعه. وقد روي هذا -حديث جابر- من طريق مرفوعة وموقوفة، وفي الجميع مقال. وأما حديث "بلوغ المرام" فهو فيه منسوب إلى جابر، ولم أجد أحدًا رواه عن جابر. وفي "سنن أبي داود" نسبه إلى أبي هريرة، ولعله غلط من الناسخ (6). وأما المصنف فمقامه يجل عن نسبة ذلك إليه، وإن كان الخطأ مجوزًا فإنه يسلم منه إلا الكتاب العزيز الَّذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وروى البزار (7) بإسناد ضعيف في تفسير الاستهلال عن ابن عمر مرفوعًا: "استهلال الصبي العطاس". وقال ابن الأثير (8): استهل المولود إذا بكى عند ولادته. وهو كناية عن ولادته حيًّا وإن لم يستهل، [بل وجدت منه أمارة تدل على حياته.
والحديث يدل على أن السقط إذا استهل ثبت] (أ) له حكم غيره في أنَّه
(أ) ساقط من: جـ.
_________
(1)
الترمذي 3/ 350 ح 1032، والنسائي في الكبرى 4/ 77 ح 6358، وابن ماجة 1/ 483 ح 1508، والبيهقي 4/ 8، 9.
(2)
تقدمت ترجمته في 2/ 400.
(3)
الترمذي 3/ 351 عقب حديث 1032.
(4)
ينظر سنن النسائي الكبرى 4/ 77 عقب حديث 6359.
(5)
علل الدارقطني 4/ 84 - مخطوط.
(6)
ذكره المزي في التحفة 10/ 421 عن أبي هريرة وعزاه لأبي داود، وأخرجه ابن الجوزي في التحقيق 2/ 251 ح 1679، والبيهقي 6/ 257 من طريق أبي داود من مسند أبي هريرة.
(7)
كشف الأستار 2/ 144 ح 1390.
(8)
النهاية 5/ 271.
يورث، وفي الصلاة كذلك على ما وقع في الرواية، ويقاس على ذلك سائر الأحكام من الغسل والتكفين ولزوم الدية. والظاهر أن ذلك اتفاق بين العلماء وإن اختلفوا في الطريق التي يعمل بها في ثبوت الاستهلال، فعند الهدوية يكفي خبر [عدل](أ)، ذكره القاضي زيد في "الشرح". وقال الهادي في "الأحكام" ومالك: لا بد من عدلين. وقال الشافعي: لا بد من أربع. (ب وهذا الخلاف ب) جار فيما يتعلق بعورات النساء، ومفهوم الحديث أنَّه إذا لم يستهل لم يثبت له حكم من هذه الأحكام، وذهب الناصر إلى أن الاستهلال لا يكون إلا بالصوت ولا تكفي الحركة، وكأنه اقتصر على لفظ الحديث ولم ينظر إلى المعنى الَّذي يعلل به ذلك.
783 -
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس للقاتل من الميراث شيء". رواه النسائي والدارقطني (1)، وقواه ابن عبد البر (2)، وأعله النسائي، والصواب وقفه على عمرو.
ورواه ابن ماجة والموطأ والشافعي وعبد الرزاق والبيهقي (3). وأخرجه ابن
(أ) في النسخ: عدله. والمثبت يقتضيه السياق.
(ب - ب) في جـ: وهذه الحلال.
_________
(1)
النسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب توريث القاتل 4/ 79 ح 6367، والدارقطني، كتاب الفرائض والسير وغير ذلك، وكتاب في الأقضية
…
96/ 4 ح 17، 237 ح 117.
(2)
التمهيد 23/ 437.
(3)
ابن ماجة 2/ 884 ح 2646، والموطأ 2/ 867 ح 10، وعبد الرزاق 9/ 402، 403 ح 17782، والبيهقي 6/ 219.
ماجة والدارقطني من وجه آخر عن [عمرو](أ) في أثناء حديث (1). وفي الباب عن (ب عمر بن ب) شيبة بن أبي كثير الأشجعي أخرجه الطبراني (2) في قصة، وأنه قتل امرأته خطأ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"اعقلها ولا ترثها". ومن حديث ابن عباس: "لا يرث القاتل شيئًا". أخرجه الدارقطني (3)، وفي إسناده [كثير بن سليم](جـ) وهو ضعيف، ومن حديثه أيضًا:"من قتل قتيلًا فإنه لا يرثه وإن لم يكن له وارث غيره". أخرجه البيهقي (4) من طريق عبد الرزاق عن معمر عن رجل عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا بزيادة: "وإن كان والده أو ولده". والرجل المذكور هو عمرو بن برق (5)، قاله عبد الرزاق راوي الحديث، وهو ضعيف عندهم. وأخرج الترمذي وابن ماجة (6) وفي إسناده إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة (7)، تركه أحمد بن
(أ) في النسخ: عمر. والمثبت من التلخيص الحبير 3/ 84.
(ب - ب) كذا في النسخ، والتلخيص الحبير 3/ 85 والصواب بحذفها، فالحديث من رواية عمر بن شيبة عن أبيه شيبة بن أبي كثير. وينظر الإصابة 3/ 372.
(جـ) كذا في النسخ، والتخليص الحبير 3/ 85. وعند الدارقطني: ليث. وهو ليث بن أبي سليم.
وينظر مصنف عبد الرزاق 9/ 404 ح 17786، وتهذيب الكمال 24/ 279.
_________
(1)
ابن ماجة 2/ 914 ح 2736.
(2)
الطبراني 7/ 363، 364 ح 7204.
(3)
الدارقطني 4/ 96 ح 84، 237 ح 118.
(4)
البيهقي 6/ 220.
(5)
عمرو بن عبد الله بن الأسوار أبو الأسود الصنعاني، ويعرف بعمرو بن برق، قال يحيى بن معين وغيره: ليس بالقوي. وقال بعض الأئمة: جيد الحديث. ميزان الاعتدال 3/ 271.
(6)
الترمذي 4/ 370 ح 2109، وابن ماجة 2/ 883 ح 2645.
(7)
تقدمت ترجمته في 2/ 231.
حنبل وغيره، وقال النسائي في "السنن الكبرى" (1): إنه متروك. عن أبي هريرة رضي الله عنه: "القاتل لا يرث".
الحديث فيه دلالة على عدم توريث القاتل مطلقًا سواء كان عمدًا أم خطأ، وقد ذهب إلى هذا الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأكثر العلماء، فلا يرث من المال ولا من الدية. وذهب الهدوية ومالك [النخعي] (أ) إلى أنَّه إن كان القتل خطأ ورث من المال دون الدية؛ لقوله:"المرأة ترث من دية زوجها وماله، وهو يرث من ديتها ومالها، ما لم يقتل أحدهما صاحبه عمدًا"(2). فالمفهوم يقتضي التخصيص ولكن لا يفيد المقصود من الميراث للمال دون الدية، ولذلك قال الإمام المهدي في "البحر": وفي هذا المفهوم ضعف. قال: والأولى الاحتجاج بقول علي رضي الله عنه وقد سئل عن رجل قتل ابنه فقال: إن كان خطأ ورث، رإن كان عمدًا لم يرث (3). انتهى. وقد يعارض بما أخرجه البيهقي (4) عن خلاس أن رجلًا رَمَى بحجر فأصاب أمه فماتت من ذلك، فأراد نصيبه من ميراثها، فقال له إخوته: لا حق لك. فارتفعوا إلى علي رضي الله عنه، فقال له علي: حقك من ميراثها الحَجَر. وأغرمه الدية ولم يعطه من ميراثها شيئًا.
وأخرج أيضًا (4) عن جابر بن زيد قال: أيما رجل قتل رجلًا أو امرأة عمدًا
(أ) في الأصل: والنخعي.
_________
(1)
ليس في السنن الكبرى، وإنما هو في كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي ص 154.
(2)
ابن ماجة 2/ 914 ح 2736 من حديث عبد الله بن عمرو.
(3)
ابن أبي شيبة 11/ 362 وعنده في رجل قتل أمه.
(4)
البيهقي 6/ 220.
أو خطأ ممن يرث فلا ميراث له منهما، وأيما امرأة قتلت رجلًا أو امرأة عمدًا أو خطأ فلا ميراث لها منهما، وإن كان القتل عمدًا فالقود إلا أن يعفو أولياء المقتول، فإن عفوا فلا ميراث له من عقله ولا من ماله. قضى بذلك عمر بن الخطاب وعلي وشريح وغيرهم من قضاة المسلمين. وكذلك ما أخرجه الطبراني (1) من حديث عمر بن شيبة، فإنه صرح فيه بالخطأ، فتبين قوة قول الجمهور. وذهب الطحاوي إلى أن القاتل إن كان صبيًّا أو مجنونًا ورث.
784 -
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما أحْرز الوالد أو الولد فهو لعصبته من كان". رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة (2)، وصححه ابن المديني وابن عبد البر (3).
الحديث فيه دلالة على أن الولاء يورث؛ لأن قوله: "ما أحرز الوالد أو الولد". المراد به ما صار مستحقًّا لهما من الحقوق، فإنه يكون للعصبة ميراثًا، وهو بعض ما أخرجه في "السنن"، ولفظه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رئاب (أ) بن حذيفة تزوج امرأة فولدت له ثلاثة غلمة، فماتت أمهم فورثوها رباعها وولاء مواليها، وكان عمرو بن العاص عصبة بنيها، فأخرجهم إلى (ب) الشام فماتوا، فقدم عمرو بن العاص ومات مولى لها وترك
(أ) عند ابن ماجة: رباب. وينظر الثقات 1/ 61.
(ب) في ب: من.
_________
(1)
تقدم تخريجه ص 504 وينظر التعليق على صحابيه هناك.
(2)
أبو داود، كتاب الفرائض، باب في الولاء 3/ 127 ح 2917، والنسائي في الكبرى، كتاب الفرائض، باب ذكر اسم هذا الرجل 4/ 75 ح 6348، وابن ماجة، كتاب الفرائض، باب ميراث الولاء 2/ 912 ح 2732.
(3)
التمهيد 3/ 61، 62.
مالًا، فخاصمه إخوتها إلى عمر بن الخطاب، فقال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أحرز الولد أو الوالد فهو لعصبته من كان". قال: فكتب له كتابًا فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت ورجل آخر، فلما استُخلف عبد الملك اختصموا إلى هشام بن إسماعيل أو إلى إسماعيل بن هشام، فرفعهم إلى عبد الملك فقال: هذا من القضاء الَّذي ما كنت أراه. قال: فقضى لنا بكتاب عمر بن الخطاب، فنحن فيه إلى الساعة. انتهى. إلا أن فيه مقالًا، ثم قال أبو داود: وروي عن أبي بكر وعمر وعثمان خلاف هذا الحديث، إلا أنَّه روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مثله. وهذا الَّذي دل عليه هذا. الحديث ذهب إليه شريح وطائفة من أهل البصرة والناصر، وروي عن عمر بن الخطاب وعلي وعثمان وابن مسعود وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وهو قول الأكثر من العلماء أن الولاء لا يورث. وفائدة الخلاف تظهر فيما إذا رجل أعتق عبدًا ثم مات ذلك الرجل وترك أخوين أو ابنين، ثم مات أحد الابنين وترك ابنًا، أو أحد الأخوين وترك ابنًا، فعلى القول الأول أن ميراثه بين الابن وابن الابن أو ابن الأخ، وعلى القول الثاني يكون للابن وحده، وكذا غيره من المسائل. والله أعلم.
785 -
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الولاء لُحْمة كلُحْمة النسب لا يباع ولا يوهب". رواه الحاكم (1) من طريق الشافعي عن محمد بن الحسن عن أبي يوسف، وصححه ابن حبان (2)، وأعله البيهقي (3).
(1) الحاكم، كتاب الفرائض 4/ 341.
(2)
ابن حبان، كتاب البيوع، باب البيع المنهي عنه 11/ 325، 326 ح 4950.
(3)
البيهقي، كتاب الولاء، باب من أعتق مملوكًا له 10/ 292، 293.
الحديث في هذه الرواية رواه أبو يوسف، عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، ورواه ابن حبان في "صحيحه" من طريق بشر (أ) بن الوليد عن أبي يوسف، لكن قال: عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار. وكذا رواه البيهقي وقال في "المعرفة"(1): كان الشافعي حدث به من حفظه فنسي عبيد الله بن عمر من إسناده، وقد رواه محمد بن الحسن في كتاب الولاء له عن أبي يوسف عن عبيد الله بن عمر عن عبد الله بن دينار به. وقال أبو بكر النيسابوري: هذا خطأ؛ لأن الثقات رووه عن عبد الله بن دينار بغير هذا اللفظ، وهذا اللفظ إنما هو رواية الحسن المرسلة، ثم ساقه الدارقطني (2) من طريق يزيد بن هارون عن هشام بن حسان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال البيهقي (3): ورويناه من طريق ضمرة عن الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. قال الطبراني (2): تفرد به ضمرة. يعني باللفظ المذكور. قال البيهقي (2): وقد رواه إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي عن ضمرة على الصواب كرواية الجماعة، فالخطأ فيه ممن دونه. وقد جمع أبو نعيم طرق حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته في "مسند عبد الله بن دينار" له، فرواه عن نحو من خمسين رجلًا أو أكثر من أصحابه عنه (2)، ورواه الترمذي (4) من حديث يحيى بن سليم، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر وقال: أخطأ فيه يحيى بن سليم، وإنما رواه عبيد الله عن عبد الله بن دينار.
(أ) في ب، جـ: بشير. وينظر الجرح والتعديل 2/ 369، والسير 10/ 673.
_________
(1)
المعرفة 7/ 507.
(2)
ينظر التلخيص الحبير 4/ 213.
(3)
المعرفة 7/ 507.
(4)
الترمذي 3/ 537، 4/ 380، 381 ح 1236، 2126.
وروى الحاكم من طريق محمد بن مسلم الطائفي عن إسماعيل بن أمية. وقال البيهقي (1): ويحيى بن سليم (2) ضعيف سيئ الحفظ. ورواه أبو جعفر الطبري في "تهذيبه"، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة"، والطبراني في "الكبير" من حديث عبد الله بن أبي أوفى، وظاهر إسناده الصحة، وهو يعكر على البيهقي حيث قال عقب حديث أبي يوسف: ويروى بأسانيد أخر كلها ضعيفة.
الحديث فيه دلالة على أن الولاء لا يكتسب ببيع ولا هبة، ويقاس عليهما سائر المملكات من النذر والوصية، فلا ينتقل بعوض ولا بغير عوض كالنسب؛ فإن القرابة لا تنتقل بعوض ولا بغير عوض، وقد ذهب إلى هذا الجمهور، والخلاف لمالك، وهو محجوج بالحديث.
786 -
وعن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفرضكم زيد بن ثابت". أخرجه أحمد والأربعة سوى أبي داود (3)، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم (4)، وأُعلّ بالإرسال.
الإرسال فيه من حيث إن أبا قلابة لم يسمع هذا الحديث من أنس، وإن
(1) المعرفة 5/ 507.
(2)
تقدمت ترجمته في 1/ 118.
(3)
أحمد 3/ 281، والترمذي، كتاب المناقب، باب مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت
…
5/ 623 ح 3791، والنسائي في الكبرى، كتاب المناقب، باب زيد بن ثابث 5/ 78 ح 8287، وابن ماجه، المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم 1/ 55 ح 154.
(4)
ابن حبان، كتاب المناقب 16/ 85، 86 ح 7137، والحاكم، كتاب الفرائض 4/ 335.
كان سماعه لغيره ثابتًا. وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي قلابة في "العلل" ورجح هو وغيره كالبيهقي (1) والخطيب في "المدرج"(2) أن الموصول منه ذِكرُ أبي عبيدة والباقي (أ) مرسل، ورجح هو وابن المواق وغيره رواية الموصول. وله طرق أخرى عن أنس أخرجها الترمذي (3) من رواية داود العطار عن قتادة عنه، وفيه سفيان بن وكيع وهو ضعيف (4)، ورواه عبد الرزاق (5) عن معمر عن قتادة مرسلًا. قال الدارقطني: وهذا أصح.
وفي الباب عن جابر رواه الطبراني (6) ياسناد ضعيف، وعن أبي سعيد رواه القاسم بن أصبغ (7) عن ابن أبي خيثمة، والعقيلي في "الضعفاء"(8) عن علي بن عبد العزيز، كلاهما عن أحمد بن يونس، عن سلام، عن زيد العمي عن أبي الصديق عنه، وزيد (9) وسلام (10) ضعيفان، وعن ابن عمر
(أ) في جـ: والثاني.
_________
(1)
البيهقي 6/ 210.
(2)
الفصل للوصل المدرج في النقل 2/ 687.
(3)
الترمذي 5/ 623 ح 3790.
(4)
سفيان بن وكيع بن الجراح، أبو محمد الرؤاسي الكوفي، كان صدوقا، إلا أنه ابتلي بوراقه، فأدخل عليه ما ليس من حديثه فتصح، فلم يقبل، فسقط حديثه. التقريب ص 245. وينظر تهذيب الكمال 11/ 200.
(5)
الخطيب في الفصل للوصل المدرج 2/ 687 من طريق عبد الرزاق به.
(6)
الطبراني في الصغير 1/ 201.
(7)
ابن عبد البر في الاستيعاب 1/ 17، 18 من طريق قاسم بن أصبغ به.
(8)
الضعفاء للعقيلي 2/ 159.
(9)
تقدمت ترجمته في 1/ 222.
(10)
تقدمت ترجمته في 2/ 198.
رواه ابن عدي (1) في ترجمة كوثر بن حكيم وهو متروك (2)، وله طريق أخرى في "مسند أبي يعلى" (3) من طريق ابن البيلماني (أ) عن أبيه عنه. وأورده ابن عبد البر في "الاستيعاب" (4) من طريق أبي سعيد البقال عن شيخ من الصحابة يقال له: أبو مِحجن. الحديث فيه دلالة على فضيلة زيد بن ثابت رضي الله عنه وعلمه لا سيما في علم الفرائض، فيكون الرجوع إليه في محل الاختلاف أولى من غيره وإن شاركوه في العلم والاجتهاد، ولذلك اعتمده الإمام الشافعي رضي الله عنه في الفرائض ورجح مذهبه. ولفظ الحديث فيما اطلعت عليه بلفظ الغيبة، ولم أره في رواية بلفظ الخطاب، وهو بعض حديث، والحديث بتمامه:"أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح". أخرجه الطالسي وأحمد، والترمذي، وقال: حسن صحيح. والنسائي وابن ماجه وابن حبان في "صحيحه" والحاكم وأبو نعيم في "الحلية" والبيهقي والضياء (5) عن أنس.
(أ) في جـ: السليماني. وينظر تهذيب الكمال 25/ 594.
_________
(1)
الكامل في الضعفاء 6/ 2097.
(2)
ستأتي ترجمته في شرح الحديث 993.
(3)
أبو يعلى 10/ 141 ح 5763.
(4)
الاستيعاب 1/ 16.
(5)
الطيالسي 3/ 567، 568 ح 2210، وأحمد 3/ 184، والترمذي 5/ 623 ح 3790، =
ومن حديث أبي سعيد: "أرحم هذه الأمة بها (أ) أبو بكر، وأقواهم في دين الله عمر، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأصدقهم حياءً عثمان بن عفان، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وأقرؤهم لكتاب الله أبيّ بن كعب، وأبو هريرة وعاء من العلم، وسلمان عالم لا يدرك، ومعاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه، وما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر". أخرجه ابن ماجه وسمويه والعقيلي وابن الأنباري في "المصاحف" وابن عساكر (1). وروى الحاكم (2) منه: "أبو هريرة وعاء العلم". كذا ساق الحديثين السيوطي في "الجامع الكبير".
(أ) في جـ: لها.
_________
= والنسائي في الكبرى 5/ 78 ح 8287، وابن ماجه 1/ 55 ح 154، وابن حبان 16/ 74، 85، 86 ح 7131، 7137، والحاكم 3/ 422، وأبو نعيم في الحلية 3/ 122، والبيهقي 6/ 210، والضياء في المختارة 6/ 226 ح 2241.
(1)
ابن ماجه 1/ 55 ح 156، وسمويه في فوائده -كما في السير 1/ 446 - والعقيلي في الضعفاء 2/ 159، وابن عساكر في تاريخ دمشق 21/ 413، 414.
(2)
الحاكم 3/ 509.