المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الرخصة في العرايا وبيع الأصول والثمار - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٦

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌باب الرخصة في العرايا وبيع الأصول والثمار

‌باب الرخصة في العرايا وبيع الأصول والثمار

681 -

عن زيد بن ثابت رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تباع بخرصها كيلًا. متفق عليه (1). ولمسلم (2): رخص في العَرِيَّة يأخذها أهل البيت بخرصها تمرا يأكلونها رطبا.

قوله: رخص. الترخيص في الأصل بمعنى التسهيل والتيسير، والرخصة في اصطلاح أهل الشرع ما شرع من الأحكام لعذر مع بقاء دليل الإيجاب والتحريم لولا ذلك العذر.

وهذا فيه دلالة على أن حكم العرايا مخرج من بين المحرمات مخصوص بالحكم، ويؤخذ منه الرد على من قال من الحنفية: إن دليل تحريم المزابنة عام، وهذا تحليل في شيء آخر. وعلى من قال منهم: إنه منسوخ بالنهي عن بيع الثمر بالتمر. أي الرطب بالتمر؛ لأن المنسوخ لا يكون بعد الناسخ، وهو مصرح باستثنائه في حديث جابر، أخرجه البخاري (3)، قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر حتَّى يطب، ولا يباع شيء منه إلا بالدنانير والدراهم، إلا العرايا.

وقوله: في العرايا. أي في بيع [ثمر](أ) العرايا؛ لأن العرية هي النخلة،

(أ) في الأصل، جـ: تمر.

_________

(1)

البخاري، كتاب البيوع، باب تفسير العرايا 4/ 390 ح 2192، ومسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرطب بالتمر إلا في العرايا 3/ 1169 ح 64/ 1539.

(2)

مسلم 3/ 1168 ح 1539/ 61.

(3)

البخاري 4/ 387 ح 2189.

ص: 199

والعرايا جمع العرية، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

واختلف العلماء في تفسير العرايا؛ فقال مالك: العرية أن يُعرِيَ الرجلُ الرجلَ النخلة، ثم يتأذى المُعْرِي بدخول المعرَى عليه، فرخص له أن يشتريها -أي رطبها- منه بتمر؛ أي يابس. ذكره البخاري عنه معلقا (1).

والعرية في الأصل عطية [ثمر](أ) النخل دون الرقبة، كانت العرب في الجدب يتطوع أهل النخل منهم بذلك على من لا ثمر له كما كانوا يتطوعون بمنيحة الشاة والإبل، واستشهد لذلك بقول حسان بن ثابت أو سويد بن [الصامت] (ب) على اختلاف الروايتين (2):

وليست بسَنهاء ولا رُجَّبية

ولكن عرايا في السنين الجوائح

والسنهاء: التي لا تحمل في سنين الجدب، والرجبية التي تدعم حتَّى لا تميل من الضعف، والعرية فعيلة بمعنى مفعولة أو فاعلة، يقال: عَرَى النخل. بفتح العين والراء، يعروها، إذا أفردها عن غيرها، بأن أعطاها الآخر على سبيل المنحة ليأكل ثمرها. ويقال: عَرِيت النخلة، بفتح العين وكسر الراء، تُعري لأنها عُريت عن حكم أخواتها. ورجح هذا قول مالك بالاشتقاق، وبأن هذا الإطلاق مشهور بين أهل المدينة متداول فيما بينهم، ومالك هو

(أ) في الأصل جـ: تمر.

(ب) في النسخ: الصلت. وهو تحريف، والمثبت من اللسان (ر جـ ب، س ن هـ، ع ر ي)، ونسب البيت إليه. وتنظر ترجمته في أسد الغابة 2/ 489.

_________

(1)

البخاري 4/ 390.

(2)

نسبه الصفدي في الشعور بالعُور ص 50 إلي شاعر الأنصار. كذا قال، يعني به حسان بن ثابت.

ص: 200

أعرف بحال أهل المدينة، وهذا التعليق عن مالك وصله ابن عبد البر (1) من طريق ابن وهب عن مالك.

وأخرج الطحاوي (2) عن مالك أن العرية النخلة للرجل في حائط غيره، وكانت العادة أنهم يخرجون بأهليهم في وقت الثمار إلى البساتين، فيكره صاحب النخل الكثير دخول الآخر عليه، فيقول: أنا أعطيك بخرص نخلتك تمرا. فيرخص له في ذلك. ومن شرط العرية عند مالك أن تكون بهذه المثابة؛ لما يدخل على المالك من الضرر بدخول حائطه، أو لدفع الضرر عن الآخر بقيام صاحب النخل عليها بما يحتاج إليه من السقي وغيره، وأن يكون البيع بعد بدو الصلاح، وأن يكون بتمر (أ) مؤجل. وخالف الشافعي في الأخير فاشترط التقابض. ومثل قول مالك ما أخرجه أبو داود (3) من حديث ابن إسحاق معلقا، وعلق بعضه البخاري (4)، قال: العرايا أن يهب الرجلُ للرجل النخلات، فيشق عليه أن يقوم عليها، فيبيعها بمثل خرصها. وقال يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين - أخرجه الإمام أحمد (5) عنه-: العرايا نخل كانت توهب للمساكين، فلا يستطعون أن ينتظروا بها، فرُخِّص لهم أن يبيعوها بما شاءوا من التمر. وهذا أيضًا إحدى الصورتين

(أ) في جـ: بثمن.

_________

(1)

التمهيد 2/ 328.

(2)

شرح معاني الآثار 4/ 30.

(3)

أبو داود 3/ 250 ح 3366.

(4)

البخاري 4/ 390.

(5)

أحمد 5/ 192.

ص: 201

اللتين في تفسير مالك. وقال الشافعي (1) في تفسير العرايا: هو بيع الرطب على رءوس النخل بقدر كيله من التمر خرصا فيما دون خمسة أوسق. ولا بد من قبض التمر عنده.

قال البخاري (2): وقال ابن إدريس: العرية لا تكون إلا بالكيل من التمر يدًا بيد، لا تكون بالجزاف. والمراد بابن إدريس الشافعي، كما جزم به [المزي](أ) في "التهذيب"(3)، والذي في "الأم" للشافعي (4)، وذكره عنه البيهقي في "المعرفة" (5) من طريق الربيع عنه قال: العرايا أن يشتري الرجل ثمر النخلة وأكثر بخرصه من التمر (ب)؛ بأن يخرص الرطب، ثم يقدر كم ينقص إذا يبس، ثم يشتري بخرصه تمرا، فإن تفرقا قبل أن يتقابضا فسد البيع. انتهى. وفي مذهب الشافعي وجه أنَّه يختص جواز بيع العرايا بمحاويج الناس، وقد ورد ذلك في حديث زيد بن ثابت أنَّه سمى رجالا محتاجين من الأنصار، شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نقد في أيديهم يبتاعون به رطبا، ويأكلون مع الناس، وعندهم فضول قوتهم من التمر، فرخص لهم أنَّه يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر. أخرجه الشافعي في

(أ) في النسخ: المزني. والمثبت من الفتح 4/ 391.

(ب) في جـ: الثمر.

_________

(1)

الشافعي في الأم 3/ 56.

(2)

البخاري 4/ 390.

(3)

تهذيب الكمال 34/ 422.

(4)

الشافعي في الأم 3/ 56.

(5)

البيهقي في معرفة السنن والآثار 4/ 345.

ص: 202

"مختلف الحديث"(1) عن محمود بن لبيد.

ففي الحديث الترخيص لمن كان محتاجًا مع حضور التمر، وهو وجه ظاهر لما اشترطه الشافعي. قال الإمام المهدي في "البحر": وما ذكره الشافعي موافق لما ذكرنا، ولا دليل على اشتراط التقابض، وقد عرفت مأخذه من حديث زيد؛ لأن الترخيص إنما وقع في بيع ما ذكر مع عدم تيقن التساوي فقط، وأما التقابض فلم يقع فيه الترخيص، فبقي على الأصل من اعتباره، وأيد الشافعي ما ذهب إليه بأن في قوله: يأكلونها رطبًا. مشعرٌ بأن مشتري العرية يشريها ليأكلها، وأنه ليس له رطب غيرها. وعلى تفسير مالك لصاحب الحائط رطب غيرها، فلم يفتقر إلى أكل العرية. ورد هذا القول ابنُ المنذر وقال (2): لا أعرف أحدًا ذكره غير الشافعي. قال: ولعل الشافعي أخذه من "سير الواقدي". قال: وعلى تقدير صحته فلا حجة فيه، إذ لم يقع ذلك [في](أ) كلام الشارع، وإنما ذُكِر في القصة، فيحتمل أن تكون الرخصة وقعت لأجل الحاجة المذكورة، ويحتمل أن يكون للسؤال، فلا يتم الاستدلال مع إطلاق الأحاديث المنصوصة من الشارع. وقد جمع بين الأمرين الحنابلة، فعندهم تجوز العرية لحاجة صاحب الحائط إلى البيع أو لحاجة المشتري إلى الرطب.

وقال القرطبي (2): كأن الشافعي اعتمد في تفسير العرية على قول يحيى

(أ) في النسخ: من، والمثبت من الفتح 4/ 393.

_________

(1)

اختلاف الحديث 1/ 268.

(2)

ينظر فتح الباري 4/ 393.

ص: 203

ابن سعيد، وليس بصحابي حتَّى يعتمد عليه مع معارضة رأي غيره؛ مع أن المتمكن من التمر يمكنه أن يبيعه بدراهم ثم يشتري بذلك رطبا، فالترخيص غير محتاج إليه للضرورة. انتهى.

ويظهر وجه الترخيص على قول من لم يشترط التقابض ويجوز النسيئة، بأن الفقير قد لا يكون معه تمر وقت شرائه الرطب، ويرجو حصوله عند الجداد (أ)؛ لما يحصل له من الصدقة، فتظهر حكمة الترخيص من دفع الحاجة.

وقال أبو حنيفة: العرايا هو أن يهب الرجل لغيره تمر نخلة من نخلاته ولا يسلم ذلك إليه، ثم يبدو له في ارتجاع تلك الهبة، فرخص له أن يحتبس ذلك ويعطيه بقدر ما وهب له من الرطب بخرصه تمرا. وحمله على هذا تبقية النهي عن بيع التمر (ب) بالتمر على عمومه، ولكنه لم يرد عليه أنَّه يلزم أن يحمل الاستثناء على الانقطاع، وهو خلاف الظاهر. ونسب هذا القول في "البحر" إلى أبي يوسف ومحمد، ونسب إلى أبي حنيفة مثل قول الشافعي إلا في التقابض.

ويرد على قول أبي حنيفة أن لفظ الحديث: رخص في العرايا أن تباع. إلى آخره، والرخصة إنما هي بعد منع البيع، والمنع إنما وقع في البيع لا الهبة، وبأن الرخصة قيدت بخمسة أوسق أو ما دونها، على ما سيأتي، والهبة غير مقيدة، وأيضًا فذلك سواء كان على ذي رحم أو غيره، فلو كان من باب الهبة لاحتاج إلى التفصيل، ولا يكون ذلك من باب البدل، بل إعطاء التمر

(أ) في ب، جـ: الجذاذ. وكلاهما بمعنى.

(ب) في ب: التمر.

ص: 204

بجديد هبة.

واعتذر الطحاوي (1) لتصحيح الرخصة، هو أن الإنسان مأمور بإمضاء ما وعد به وإن لم يكن واجبًا عليه، فلما أذن له أن يحبس ما وعد به ويعطي بدله ولا يكون في حكم من أخلف وعده، ظهر بذلك معنى الرخصة. ولا يخفى تعسف هذا الاعتذار.

وقوله: بخَرصها. بفتح الخاء المعجمة مصدر، أي بقدر ما فيها، وبكسرها: اسم للشيء المخروص.

682 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق، أو في خمسة أوسق. متفق عليه (2).

قوله: فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة. بالشك من الراوي، وقد بين مسلم أن الشك فيه من داود بن الحصين، والبخاري كذلك في آخر باب الشرب (3)، من وجه عن مالك، وقد وقع الاتفاق بين مالك والشافعي في صحة ما دون الخمسة، وامتناع ما زاد على الخمسة، ووقع الخلاف في الخمسة، فللشافعي قولان فيها، والراجح عند المالكية الجواز في الخمسة فما دونها، وعند الشافعية الجواز فيما دون الخمسة ولا يجوز في الخمسة. وهو قول الحنابلة وأهل الظاهر. ونسبه في "البحر" إلى القاسم، وأبي العباس،

(1) شرح معاني الآثار 4/ 32.

(2)

البخاري، كتاب البيوع، باب بيع الثمر على رءوس النخل بالذهب أو الفضة، وكتاب المساقاة، باب الرجل يكون له ممر أو شرب في حائط أو في نخل 4/ 387 ح 2190، 5/ 50 ح 2382، ومسلم، كتاب البيوع، باب تحريم بيع الرطب بالتمر في العرايا 3/ 1171 ح 1541/ 71.

(3)

البخاري 5/ 50 ح 2382.

ص: 205

وأبي حنيفة، ومالك. ومنشأ الخلاف أن النهي عن بيع المزابنة هل ورد متقدمًا ثم وقعت الرخصة في العرايا، أو النهي عن بيع المزابنة وقع مقرونًا بالرخصة في بيع العرايا؟ فعلى الأول، لا يجوز في الخمسة للشك في رفع التحريم فيقتصر علي المتيقن، وعلى الثاني، يجوز للشك في قدر التحريم. ويرجح الأول أن سالمًا قال بعد أن ذكر:"ولا تبيعوا الثمر بالتمر"(1). وأخبرني عبد الله عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بعد ذلك في بيع العرية بالرطب أو بالتمر، ولم يرخص في غيره (2). فأفْهَمَ أن التحريم متقدم والترخيص بعده متأخر. ويُحتج للمالكية بقول سهل بن أبي حثمة: إن العرية تكون ثلاثة أوسق أو أربعة أو خمسة (3).

ولكنه موقوف. وحكى ابن عبد البر (4) عن قوم تحديد ذلك بالأربعة الأوسق، قال: واحتجوا بحديث جابر. انتهى.

وحديث جابر أخرجه الشافعي، وأحمد وصححه، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، من طريق ابن إسحاق، حدثني محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن عمه واسع بن حَبَّان، عن جابر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين أذن لأصحاب العرايا أن يبيعوها بخرصها يقول: "الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة"(5). لفظ أحمد، وترجم عليه ابن حبان: الاحتياط [أن](أ)

(أ) ساقطة من النسخ، والمثبت من الفتح 4/ 289، وعنوان الباب عند ابن حبان ذكر الاستحباب للمرء أن يكون بيعه العرايا فيما دون خمسة أوسق ولا يجاوز به إلى أن يبلغ خمسة أوسق احتياطا.

_________

(1)

البخاري 4/ 383 ح 2183.

(2)

البخاري 4/ 383، 384 ح 2184.

(3)

أخرجه الطبري -كما في الفتح 4/ 391.

(4)

التمهيد 2/ 335، 336.

(5)

الشافعي -كما في الفتح 4/ 389 - وأحمد 3/ 360، وابن خزيمة 4/ 110 ح 2469، وابن حبان 11/ 381 ح 5008، والحاكم 1/ 417.

ص: 206

لا يزيد على أربعة أوسق. وهذا الَّذي يتعين المصير إليه، وأما جعله حدا لا يجوز تجاوزه فليس بالواضح. كذا قال المصنف (1) رحمه الله تعالى.

وأقول: مع فرض صحة الحديث والقول بمفهوم العدد يتعين المصير إليه، لأن حديث:"فيما دون خمسة أوسق". مجمل في الدون، وهذا مبين للقدر المراد، فهو غير معارض، وحديث سهل لا يعارضه، لأنه موقوف كما عرفت، ولعل الشافعي ومالكًا لم يعملا بهذا لما في ابن إسحاق من المقال، والله أعلم. فلا يلزم الشافعي القول به، وقد وهم (أ [المازري] (ب) فنقل عن ابن المنذر القول بذلك وأنه قال: إن المزني ألزم الشافعي القول به أ). قال المصنف رحمه الله تعالى (2): وليس في كتب ابن المنذر شيء من ذلك، وإنما فيها ترجيح القول بأن الخمسة لا تجوز وإنما يجوز ما دونها، وهو الَّذي ألزم المزني أن يقول به الشافعي كما هو بين من كلامه. انتهى. وإذا زاد في صفقة علي القدر الذي أبيح، فإن البيع يبطل في الجميع، ولو فرق الصفقة واشترى في صفقتين أكثر من خمسة جاز عند الشافعية، وخرج بعض الشافعية من هذه أنَّه لا يبطل في الصورة الأولى، وهو تخريج بعيد. وقال أحمد وأهل الظاهر: لا تجوز الزيادة ولو في صفقتين.

واعلم أن الحديث ورد في الرطب بالتمر على رؤوس الشجر، وأما شراء

(أ - أ) ساقط من: جـ.

(ب) في الأصل، ب: الماوردي. والمثبت من الفتح 4/ 388.

_________

(1)

الفتح 4/ 389.

(2)

الفتح 4/ 388.

ص: 207

الرطب بعد قطعه (أ) بالتمر، فألحق جوازه كثير من الشافعية، وكذا قال في "المهذب"(1) بجواز العنب بالزبيب. وفي سائر الثمار قولان للشافعي، وهذا الإلحاق فيما زاد على المنصوص من باب القياس، ولكن الأصل المقيس عليه على خلاف القياس، ومن شرط صحة. القياس أن يكون الأصل على سَنن القياس، وذلك لأن القياس في الجنس المتفق تقرر على أنه لا يباع بمثله غير معلوم التساوي، واستثناء العرايا من ذلك في الصورة المخصوصة، والمعنى وإن كان معقولًا لكنه لم يعتبر في أصل آخر، فالواجب الاقتصار على محل النص إلا في الطرف الأول، وهو الرطب بعد قطعه، فإذا ألغي وصف كونه على رءوس النخل، كما بوب بذلك البخاري (2)، كان محل للرخصة هو الرطب نفسه مطلقا أعم من كونه على رءوس النخل، أو قد قطع فيشمله النص ولا يكون قياسًا، ولا منع من أن تدعو (ب) حكمة الترخيص إلى شراء الرطب الحاصل، فإنه قد يدعو إليه الحاجة في الحال، وقد يكون مع المشتري تمر فيأخذه به، فيندفع ما قاله ابن دقيق العيد في "شرح العمدة" (3): إن ذلك لا يجوز وجهًا واحدًا؛ لأن (جـ) أخذ المعاني في الرخصة أن يأكل الرطب على التدريج طريًّا، وهذا المقصود لا يحصل مما على وجه الأرض، والله أعلم.

683 -

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن

(أ) في جـ: قطفه.

(ب) في جـ: تكون بدعوى.

(جـ) في جـ: إلا أن.

_________

(1)

المهذب 1/ 275.

(2)

البخاري 4/ 387.

(3)

شرح عمدة الأحكام 3/ 144.

ص: 208