الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قوله (1): وللخبر (2)(3) صيغة تدل بمجردها عليه، قاله القاضي وغيره، وناقشه ابن عقيل.
قال (4) القاضي (5): "للخبر صيغة تدل بمجردها على كونه خبرًا كالأمر، ولا يفتقر إلى قرينة يكون بها خبرًا".
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (80).
(2)
في المطبوع "و
الخبر
" والصَّواب ما أثبت. انظر: العدة (3/ 840)، المسودة ص (232).
(3)
الخبر لغة: محركة النبأ وجمعها أخبار، وجمع الجمع أخابير. والخبر أرض رخوة تتعتع فيه الدواب. ووجه العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي ما قاله الطوفي وغيره: لأن الخير يثير الفائدة كما أن الأرض الخيار تثير الغبار إذا قرعها الحافر ونحوه. انظر: لسان العرب لابن منظور (4/ 12، 13)، شرح المختصر للطوفي (2/ 68)، إرشاد الفحول للشوكاني (1/ 87).
(4)
انظر: العدة (3/ 840).
(5)
هو: محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء، يكنى بأبي يعلي، المعروف بالقاضي الكبير، شيخ المذهب في زمانه، كان يحضر مجلسه نبهاء القضاة والأعيان والعلماء والشهود والفقهاء، من تصانيفه أحكام القرآن، والعدة في أصول الفقه، والمجرد في المذهب، وشرح الخرقي وغيرها كثير، توفي سنة:(458 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (2/ 256)، شذرات الذهب (3/ 306)، طبقات الحنابلة (2/ 193 - 230).
وقالت (1) المعتزلة (2): "لا صيغة له وإنما يدل اللفظ عليه بقرينة، [وهي] (3) قصد المخبر إلى الإخبار به، كقولهم في الأمر (4)، فإن الخبر قد يكون دعاء نحو: "غفر الله لنا" وتهديدًا كقوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ} (5)، وأمرًا، كقوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} (6)، وإذا اختلفت موارد الاستعمال لم يتعين للخبرية إلا بالإرادة.
وجوابه: أن الصيغة حقيقة في الخبر، فتصرف لمدلولها وضعًا لا بالإرادة.
وقالت (7)
(1) انظر: المعتمد (2/ 73).
(2)
المعتزلة: فرقة من المبتدعة، وهم أصحاب واصل بن عطاء، كان من تلاميذ الحسن البصري، فاعتزل حلقته هو وعمرو بن عبيد، لما أحدثا مذهبًا، وهو أن الفاسق ليس بمؤمن ولا كافر فسموا "معتزلة"، ويسمون أصحاب العدل والتوحيد، كما يلقبون بـ "القدرية"، ويقولون باستحالة رؤية الله عز وجل بالأبصار، وبأن كلام الله محدث مخلوق، كما يزعمون أن الله ليس خالقًا لأفعال العباد، وأن مرتكب الكبيرة مخلد في النار.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 54)، والفرق بين الفرق للبغدادي ص (114).
(3)
في المخطوط [وهو] وكذا في العدة (3/ 840)، والتصويب من أصول ابن مفلح (2/ 456).
(4)
انظر: ص (196).
(5)
آية (31) من سورة الرحمن.
(6)
آية (233) من سورة البقرة.
(7)
هذا القول غير محرر، فإن بعض الأشاعرة قالوا: لا صيغة للأمر تخصه، =
الأشعرية (1): الخبر نوع من الكلام، وهو معنى قائم في النفس يعبر عنه بعبارة تدل تلك العبارة على الخبر لا بنفسها كما قالوا في الأمر والنهي (2).
قال أبو العباس (3): "وفي قوله: "للخبر صيغة" مناقشة ابن عقيل (4)،
= وبعضهم قالوا: إن له صيغة تخصه. ونقل عن الشيخ أبي الحسن الأشعري القول بالنفي، وفسر بتفسيرين.
الأول: المراد به: الوقف. وتعقب: بأن الوقف لا ينتج النفي. وأجيب عن هذا بأن المراد بالنفي ما يشمل عدم الجزم. الثاني: بأنه قال ذلك، لوجود الاشتراك في المعاني التي ورد بها.
وخطأ إمام الحرمين الغزالي من نقل عن الشيخ أبي الحسن، ورده الآمدي.
انظر: العدة (1/ 214 - 215) هامش (3)، البرهان (1/ 67)، التبصرة (289)، قواطع الأدلة (1/ 80)(2/ 234)، المستصفى (1/ 251)، الإحكام (2/ 9).
(1)
الأشعرية: هي فرقة تنتسب إلى أبي الحسن الأشعري رحمه الله ومعتقدهم في صفات الله الذاتية الإيمان بسبع منها فقط، فيقولون: حي بحياة، وقادر بقدرة، وعالم بقدرة، وعالم بعلم، ومريد بإرادة، وسامع يسمع لا بأذن، وباصر ببصر هو رؤية لا عين، ومتكلم بكلام لا من جنس الأصوات والحروف، وأجمعوا على أن هذه الصفات السبع أزلية وسموها قديمة.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 94 - 95) وأصول الدين للبغدادي ص (90).
(2)
انظر: ص (129).
(3)
انظر: المسودة ص (232).
(4)
هو: علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي الظفري، أبو الوفاء، =
حيث يقول (1): "الأمر (2) والنهي والعموم صيغة"، وقول القاضي أجود؛ لأن الأمر والخبر والعموم هو اللفظ والمعنى جميعًا، ليس هو اللفظ فقط، فتقديره لهذا المركب جزء (3) يدل بنفسه على المركب بخلاف ما إذا قيل: الأمر هو الصيغة فقط؛ فإن الدليل هو المدلول عليه، ومن قال هو المدلول أيضًا لم يصب". انتهى.
قوله (4): والأصح أنه يحد. فحده في العدة: "بما [دخله] (5) الصدق أو (6) الكذب".
= ويعرف بابن عقيل، عالم العراق وشيخ الحنابلة ببغداد في وقته، كان قوي الحجة، اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين ثم أظهر التوبة حتَّى تمكن من الظهور.
من مصنفاته: كتاب الفنون، والفصول، والواضح في أصول الفقه، توفي سنة:(513 هـ).
انظر: المنهج الأحمد (2/ 252)، الذيل على طبقات الحنابلة (1/ 142)، شذرات الذهب (4/ 35).
(1)
انظر: الواضح (2/ 457)، (3/ 230، 313)، (4/ 323).
(2)
في المطبوع "للأمر" وهو خطأ.
(3)
في المطبوع "خبر" والصواب ما أثبت. انظر: المسودة ص (232)، أصول ابن مفلح (2/ 456).
(4)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (80).
(5)
في المخطوط [يدخله]، والتعديل من المطبوع. انظر: العدة (1/ 169)، (3/ 839).
(6)
عرَّفه القاضي في أول العدة في باب ذكر الحدود (1/ 169): "ما دخله الصدق والكذب".
وفي باب الأخبار (3/ 839): "ما دخله الصدق أو الكذب" وكأن القاضي لا يفرق بينهما، بدليل أنه قال في باب الحدود (1/ 169): "وكذلك القول =
وفي التمهيد: "بما يدخله الصدق والكذب". وفي الروضة: "بما يدخله التصديق أو التكذيب".
الخبر يطلق مجازًا من جهة اللغة (1) على الإشارات الحالية، والدلائل المعنوية، نحو قولهم: تخبرني العينان بكذا، وقول (2) أبي الطيب (3):
وكم لظلام الليل عندك من يد
…
تخبِّرُ أن المانويّة (4) تكذبُ
واختلفوا في حده، فقيل (5): لا يحد لعسره، كما قيل في
= إذا كان أمرًا أو نهيًا لم يدخله الصدق أو الكذب، فدل على أنه حد الخبر ما ذكرته" وقال في باب الأخبار (3/ 839 - 840): "ولا يجوز أن يقال: حد الخبر: ما صح أن يدخله الصدق فقط
…
ولا يحد بأنه: ما صح فيه الكذب فقط
…
ولا يجمع أيضًا بين الأمرين لامتناع جوازهما في أخبار الله تعالى وأخبار رسوله صلى الله عليه وسلم.
(1)
انظر: الإحكام (2/ 9).
(2)
انظر: التبيان في شرح الديوان لأبي البقاء العكبري (1/ 178)، وشرح ديوان أبي الطيب لمصطفى سبيتي (2/ 229) ومعنى البيت: إن للظلمة عندك نعمًا تكذّب زعم المانوية، واليد بمعنى العطاء.
(3)
هو أبو الطيب أحمد بن الحسين، الملقب بالمتنبي، أصله على المشهور من اليمن، شاعر العربية بلا منازع، توفي مقتولًا مع ابنه محمد سنة (354 هـ).
انظر: شذرات الذهب (3/ 13)، وفيات الأعيان (1/ 120).
(4)
المانويّة: أصحاب مانئ بن فاتك الثنوي، القائل: بقدم النور، والظلمة، وأنهما أصل الكائنات وأن الخير كله من النور، والشر كله من الظلام.
انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 244 - 248).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 457)، التقدير والتحبير (2/ 225)، =
العلم (1).
وقال (2) الرازي (3): لا يحد لكونه ضروري (4) التصور (5)،
= منتهى الوصول والأمل ص (65)، تشنيف المسامع (2/ 928). قال ابن أمير الحاج في التقرير والتحبير (2/ 225): أي: تحديده على الوجه الحقيقي بعبارة محررة، جامعة للجنس والفصل الذاتي عسير، لأن إدراك ذاتيات الحقيقة في غاية العسر، كما قيل مثله في العلم.
جاء في حاشية العطار على جمع الجوامع (2/ 124 - 125): وقيل: "لعسره" أي: لخفائه، ولا يلزم من كون التصديق به ضروريًّا أن حقيقته واضحة، ويحتمل أن عسره لوضوحه؛ لأن توضيح الواضحات من المشكلات".
(1)
انظر: ص (1/ 74) من القسم المحقق من هذه الرسالة (آلة).
(2)
انظر: المحصول (4/ 221 - 222).
(3)
هو: محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي البكري، أبو عبد الله، فخر الدين الرازي، الإمام المفسر، كان مبرزًا في المعقول والمنقول وعلوم الأوائل، يقال له:"ابن خطيب الري"، كان العلماء يقصدونه ويشدون الرحال إليه، من مصنفاته: مفاتيح الغيب، وهو المشهور بالتفسير الكبير، ومعالم الأصول، والمحصول في أصول الفقه وغيرها كثير، توفي سنة:(606 هـ). انظر: طبقات الشافعية (5/ 33)، وفيات الأعيان (4/ 248)، الفتح المبين (2/ 48 - 50).
(4)
قال الآمدي (2/ 10): الضروري: هو الذي لا يفتقر في العلم به إلى نظر، ودليل يوصل إليه، وما يفتقر إلى ذلك فهو نظري لا ضروري.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/ 70): "والعلم الضروري هو العلم الذي يلزم نفس المخلوق لزومًا لا يمكنه منه الإنفكاك عنه".
(5)
التصور: هو إدراك معنى المفرد من غير تعرض لإثبات شيء له، ولا لنفيه عنه، كإدراك معنى اللذة، والألم، ومعنى المرارة، ومعنى الحلاوة
…
إلخ.
انظر: آداب البحث والمناظرة للعلامة محمد الأمين الشنقيطي ص (8).
لأن كل أحد يعلم وجوده ضرورة، وإذا كان العلم بالخبر الخاص ضروريًّا كان العلم بمطلق الخبر لكونه جزأه أولى أن يكون ضروريًّا. والعلم بالخاص علم بالمطلق لتوقف العلم بالكل على العلم بجزئه، ولأن كل أحد يجد تفرقة بين الخبر والأمر وغيرهما ضرورة، والتفرقة بين شيئين مسبوقة بتصورهما.
ردّ الأول: بأن المطلق لو كان جزءًا لزم انحصار الأعم في الأخص وهو محال.
وردّ الثاني: بأنه لا يلزم سبق تصور أحدهما بطريق الحقيقة فلم يعلم حقيقتهما.
ثم: يلزم أن لا يحد المخالف الأمر وقد حده. ولأن حقائق أنواع اللفظ من خبر وأمر وغيرهما مبنية على الوضع والاصطلاح، ولهذا لو أطلقت العرب الأمر على المفهوم من الخبر الآن أو عكسه لم يمتنع، فلم تكن ضرورية.
والأكثر يحد (1) وعليه علماؤنا. ففي التمهيد (2)(3) حده لغة: "كلام يدخله الصدق والكذب"، وقاله (4) أكثر المعتزلة
(1) انظر: العدة (3/ 839)، المسودة ص (232)، تيسير التحرير (3/ 24)، شرح تنقيح الفصول ص (346)، الأحكام (2/ 1216).
(2)
التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب الكلوذاني، من مطبوعات مركز البحث العلمي بجامعة أم القرى، في أربعة مجلدات. بتحقيق الدكتور مفيد محمد أبو عمشة، والدكتور محمد علي إبراهيم.
(3)
انظر: التمهيد (3/ 9).
(4)
انظر: المعتمد (2/ 74).
كالجبائي (1)، وأبي عبد الله البصري (2)، وعبد الجبار (3).
ونقض بمثل: "محمد ومسيلمة (4) صادقان في دعوى النبوة"، فإنَّه لا يدخله الصدق وإلا كان مسيلمة صادقًا، ولا الكذب وإلا كان محمد صلى الله عليه وسلم كاذبًا، وهو خبر.
وبقول من يكذب دائمًا: "كل أخباري كذب" فخبره هذا لا
(1) هو: محمد بن عبد الوهاب الجبائي البصري، انتهت إليه رئاسة المعتزلة بعد أبي الهذيل، وإليه تنسب طائفة الجبائية من المعتزلة، وكان على حداثة سنه معروفًا بقوة الجدل، توفي سنة:(303 هـ).
انظر: شذرات الذهب لابن العماد (2/ 241)، الفرق بين الفرق ص (183).
(2)
هو الحسين بن علي البصري، الملقب بالجعْل، كان رأس المعتزلة، كان أبو الحسين يرجع إليه في علم الكلام. وكان مقدمًا في علمي الفقه والكلام، من تصانيفه: شرح مختصر أبي الحسن الكرخي، وكتاب الأشربة، توفي سنة:(369 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (8/ 73)، الفوائد البهية ص (67)، شذرات الذهب (3/ 68).
(3)
هو: أبو الحسن، عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمداني الأسد أبادي، تلقبه المعتزلة بقاضي القضاة، ولا يطلقون ذلك على أحد سواه، انتهت إليه رئاسة المعتزلة فصار شيخها وعالمها بلا مدافع، من مصنفاته: كتاب الدواعي والصوارف، وكتاب العمد، وكتاب المغني، توفي سنة:(415 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (11/ 113 - 115)، طبقات الشافعية الكبرى (3/ 219 - 220).
(4)
هو: أبو ثمامة مسيلمة بن حبيب، من بني حنيفة، ادعى النبوة، وتبعه قومه، فأرسل أبو بكر خالد بن الوليد لقتاله، فقاتله وقتله سنة:(11 هـ) .. انظر: البداية والنهاية (6/ 323).
يدخله صدق وإلا كذبت أخباره وهو منها، ولا كذب وإلا كذبت أخباره مع هذا، وصدق في قوله:"كل أخباري كذب"، فيتناقض، ويلزم الدور (1)؛ لتوقف معرفتهما على معرفة الخبر؛ لأن الصدق: الخبر المطابق، والكذب: ضده.
وبأنهما متقابلان فلا يجتمعان في خبر واحد، فيلزم امتناع الخبر أو وجوده، مع عدم صدق الحد.
ويخبر الباري (2).
وأجيب عن الأول: بأنه في معنى خبرين، لإفادته حكمًا لشخصين، ولا يوصفان بهما بل يوسف بهما الخبر الواحد من حيث هو خبر.
وقوله: "كل أخباري كذب"، إن طابق فصدق وإلا فكذب، ولا يخلو عنهما.
وقال بعض علمائنا (3): "يتناول قوله ما سوى هذا الخبر (4)، إذ الخبر لا يكون بعض المخبر" ولا جواب من الدور.
(1) الدور: توقف الشيء على ما يتوقف عليه غيره.
انظر: التعريفات للجرجاني ص (105).
(2)
فالباري سبحانه وتعالى له خبر، ولا يتصور دخول الكذب فيه، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
انظر: المحصول (4/ 218).
(3)
انظر: المسودة ص (233).
(4)
أي: قوله "كل أخباري كذب" يصدق على جميع أخباره السابقة، ولا يدخل هذا القول "كل أخباري كذب" في الكذب، فيكون صدقًا.
وقد قيل: لا تتوقف معرفة الصدق والكذب على الخبر، لعلمهما ضرورة.
وأجيب عن الأخير وما قبله (1): بأن المحدود جنس الخبر، وهو قابل لهما (2)، كالسواد والبياض في جنس اللون (3).
وأجيب: الواو وإن كانت للجمع، لكن المراد الترديد بين القسمين تجوزًا، لكن يصان الحد عن مثله (4).
وقيل: "الذي يدخله الصدق والكذب لذاته"، وبه حد القرافي (5) في التنقيح (6)(7)، احترازًا عن خبر المعصوم، والخبر على خلاف [الضرورة](8).
(1) الأخير خبر الباري وما قبله أن الصدق والكذب متقابلان
…
إلخ.
(2)
أي: لدخول الصدق والكذب.
(3)
أي: كاجتماعها.
(4)
أي: الترديد.
(5)
القرافي: أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن، أبو العباس، شهاب الدين الصنهاجي، القرافي، انتهت إليه في عهده رياسة المالكية، كان بارعًا في الفقه والأصول والحديث والعلوم العقلية، من مصنفاته .. تنقيح الفصول وشرحه، شرح محصول الرازي، والذخيرة في الفقه، وغيرها كثير، توفي سنة:(684 هـ).
انظر: الديباج المذهب ص (62 - 67)، شجرة النور ص (188)، الفتح المبين (2/ 89 - 90).
(6)
طبع مع شرحه للقرافي مجلد واحد في مكتبة الكليات الأزهرية، سنة (1414 هـ) بتحقيق طه عبد الرؤوف سعد.
(7)
انظر: تنقيح الفصول مع شرحه ص (346).
(8)
في المخطوط [الصورة]، والتصويب من المطبوع.
وحده (1) في العدة (2): "كل ما دخله الصدق أو الكذب". وفي الروضة (3)(4): "التصديق أو التكذيب". فيرد الدور وما قبله. وبمنافاة "أو" للتعريف، لأنها للترديد (5).
وأجيب: المراد قبوله في أحدهما ولا تردد فيه.
وحدَّه (6) أبو الحسين المعتزلي (7): "كلام يفيد بنفسه نسبة أمر إلى أمر إيجابًا أو سلبًا، بحيث يصح السكوت عليها".
(1) انظر: العدة (1/ 169)، (3/ 839).
(2)
طبع في خمسة أجزاء بتحقيق الدكتور أحمد بن علي سير المباركي.
(3)
طبع عدة طبعات، منها طبعة مكتبة المرشد في ثلاثة أجزاء بتحقيق الدكتور عبد الكريم النملة.
(4)
انظر: روضة الناظر (1/ 347).
(5)
قال الرازي في المحصول (4/ 218): كلمة (أول) للترديد، وهو ينافي التعريف، ولا يمكن إسقاطها ها هنا، لأن الخبر الواحد لا يكون صدقا وكذبا معًا.
وقال الآمدي في الإحكام (2/ 15): ويمكن أن يقال في جوابه: إن الحكم بقبول الخبر لأحد هذين الأمرين، من غير تعيين جازم، لا تردد فيه، وهو المأخوذ في التحديد، وإنما التردد في اتصافه بأحدهما عينا، وهو غير داخل في الحد.
(6)
انظر: المعتمد (2/ 75).
(7)
هو: محمد بن علي الطيب، أبو الحسين البصري، أحد أئمة المعتزلة، له مصنفات كثيرة، منها: كتاب المعتمد في الأصول، وتصفح الأدلة، وشرح الأصول الخمسة، توفي سنة:(436 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (4/ 271)، تاريخ بغداد (3/ 100)، الفتح المبين (1/ 249).
فقوله: "كلام" كالجنس، وباقي القيود كالفصل.
فقوله: "يفيد نسبة" ليخرج المفردات التي لا تفيد.
وقوله: "بنفسه" ليخرج عنه نحو "قائم"؛ أي: كل كلمة تدل على نسبة، كاسم الفاعل والمفعول وغيرهما؛ لأن نحو قائم في "زيد قائم" مثلًا، وإن أفاد نسبة إلى الضمير، لكن لا يفيدهما بنفسه بل يفيدها مع الموضوع الذي هو زيد مثلًا، وإنما احتاج أبو الحسين إلى تقييد الكلام بهذا لأن الكلمة عنده كلام، مع أنها ليست بخبر.
والذي قدمه ابن حمدان (1) في مقنعه (2) أنه: "قول يدل على ثبوت نسبة معلوم إلى معلوم أو سلبها عنه"(3).
تنبيه (4): الصدق: المطابقة، والكذب: عدم المطابقة.
(1) هو: أحمد بن حمدان بن شبيب بن حمدان الحراني الحنبلي، نجم الدين، أبو عبد الله، الفقيه الأصولي، من مصنفاته نهاية المبتدئين في أصول الدين، والمقنع في أصول الفقه، والرعايتان الكبرى والصغرى في الفقه، وصفه المفتي والمستفتي، توفي سنة:(695 هـ).
انظر: ذيل طبقات الحنابلة (2/ 331)، وشذرات الذهب (5/ 428).
(2)
هو: المقنع في أصول الفقه، اختصره وشرحه ابن الحبال.
انظر: المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل لأبي زيد (2/ 946).
(3)
ومثله تعريف الآمدي في الأحكام (2/ 15) إلا أنه زاد عليه فقال: "الخبر عبارة عن اللفظ الدال بالوضع على نسبة معلوم إلى معلوم أو سلبها على وجه يحسن السكوت عليه من غير حاجة إلى تمام، مع قصد المتكلم به الدلالة على النسبة أو سلبها". ثم شرح التعريف.
(4)
انظره: مع تغير بسيط في شرح التنقيح ص (346).
والتصديق: الإخبار عن كونه صدقًا، والتكذيب: الإخبار عن كونه كذبًا.
فالصدق والكذب نسبتان بين الخبر ومتعلقه؛ عدميتان، لا وجود لهما في الأعيان، بل في الأذهان.
والتصديق والتكذيب خبران وجوديان في الأعيان.
ثم: الخبر من حيث هو خبر يحتمل ذلك، أما إذا عرض له من جهة المتكلم ما يمنع الكذب والتكذيب، فإنه لا يقبلهما، كما إذا قلنا: الواحد نصف الاثنين، لامتنع الكذب والتكذيب، أو الواحد نصف العشرة، لامتنع الصدق والتصديق، ولكن ذلك بالنظر إلى متعلقه، لا بالنظر إلى ذاته، ولذلك قال القرافي (1) في الحد:"لذاته".
سؤال (2): التصديق، والتكذيب نوعان من الخبر، والنوع لا يعرف إلا بعد معرفة الجنس، فتعريف الجنس به دور.
والصدق والكذب نسبتان بين الخبر ومتعلقه، والنسبة بين الشيئين لا يعرف إلا بعد معرفتهما، فتعريف الخبر بهما تعريف الشيء بما لا يعرف إلا بعد معرفته، فهو دور أيضًا.
قال بعضهم (3): وجوابه أن التحديد بمثل هذا يجوز، فإن الحد، هو شرح اللفظ وبيان مسماه، دون تخليص الحقائق بعضها من بعض.
(1) انظر: شرح التنقيح ص (346).
(2)
انظره: في شرح التنقيح ص (347).
(3)
القائل: هو القرافي. انظر المصدر السابق.
قوله (1): وغير الخبر، إنشاء (2) وتنبيهه (3)، ومن التنبيه: الأمر والنهي والاستفهام والتمني والترجي والقسم والنداء.
سمي غير الخبر إنشاء من قولهم: أنشأ بفعل كذا إذا ابتدأ، ثم نقل إلى إيقاع لفظ المعنى يقارنه في الوجود، ويسمى أيضًا تنبيهًا، أي نبهت به على مقصودك بالكلام (4).
وقوله المصنف: "ومن التنبيه الأمر والنهي
…
" إلى آخره، ولم يقل: وهو الأمر لعدم جزمه بالانحصار فيها، وليس ها هنا موضع بيانها (5)،
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (80).
(2)
الإنشاء لغة: الإبداع والابتداء، وكل من ابتدأ شيئًا فقد أنشأه.
وفي اصطلاح البيانيين: هو الكلام الذي يتوقف مدلوله على المنطق به، كالأمر والنهي والدعاء .. إلخ.
فالجملة الإنشائية: هي التي لم تشتمل على خبر، وإنما أنشأ المنطق بها حدثًا ما، كإنشاء طلب الفعل، إذا قلت لابنك اسقني .. إلخ.
انظر: البلاغة العربية د. عبد الرحمن حبنكة (1/ 167، 223).
(3)
التنبيه لغة: هو الدلالة عما غفل عنه المخاطب.
وفي الاصطلاح: إعلام ما في ضمير المتكلم للمخاطب.
وقال الفتوحي: إنهما -أي الإنشاء والتنبيه- لفظان مترادفان على مسمى واحد.
انظر: التعريفات للجرجاني ص (49)، شرح كوكب المنير (2/ 300).
(4)
انظر: تشنيف المسامع للزركشي (2/ 926 - 927).
(5)
قال الزَّركشي في التشنيف (2/ 927): قال البيانيون: إن المطلب يتنوع إلى طلب حصول ما في الخارج أن يحصل في الذهن كالاستفهام، أو طلب حصول ما في الذهن أن يحصل في الخارج، وقالوا: إنه ينحصر بالاستقرار في خمسة أقسام: الاستفهام، والأمر، والنهي، والنداء، والتمني. =
والمنطقيون (1)(2) يفرقون بين الإنشاء والتنبيه، والمصنف تبعًا لابن الحاجب (3)(4) لم يفرق.
= زاد بعضهم من الإنشاء الطلبي: التحذير والإغراء والدعاء.
انظر: البلاغة العربية د. عبد الرحمن حبنكة الميداني (1/ 228).
(1)
هم أهل المنطق وهو: آلة قانونية تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في الفكر، فهو علم عملي آلي، كما أن الحكمة علم نظري غير آلي.
انظر: التعريفات للجرجاني ص (162).
(2)
قال ابن أمير الحاج: والمنطقيون يسمون التمني والترجي والقسم والنداء تنبيهًا. زاد بعضهم كصاحب الشمسية: الاستفهام.
وقال شمس الدين الأصبهاني: وقال بعض: الكلام الذي لم يحتمل الصدق والكذب يسمى إنشاء، فإن دل بالوضع على طلب الفعل، فيسمى أمرًا، وإن دل على طلب الكف، فيسمى نهيًا، وإن دل على طلب الإفهام، يسمى استفهامًا، وإن لم يدل بالوضع على طلب يسمى تنبيهًا، ويندرج فيه التمني، والترجي، والقسم، والنداء.
انظر: التقرير والتحبير (2/ 228)، بيان المختصر (1/ 629).
(3)
هو: عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس، أبو عمرو، جمال الدين بن الحاجب، فقيه المالكي، بارع في العلوم الأصولية، من كبار العلماء بالعربية، من مصنفاته: الكافية في النحو، وشرح المفصل للزمخشري، ومنتهى السول والأمل في علمي الأصول والجدل، ومختصر المنتهى.
توفي سنة: (646 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (3/ 248)، الفتح المبين (2/ 67 - 68).
(4)
انظر: منتهى الوصول والأمل ص (66).
قال ابن عبد الشكور: وتسمية الجميع بالتنبيه كما في المختصر- غير متعارف.
انظر: مسلم الثبوت مع شرح فواتح الرحموت (2/ 103)، التقرير والتحبير (2/ 228).
قوله (1): وبعت، واشتريت، وطلقت، ونحوها إنشاء عند الأكثر، وعند الحنفية أخبار.
اختلفوا في صيغ الخبر المستعملة في الإنشاء، كبعت واشتريت، التي قصد بها إيقاع هذه العقود (2)، هل هي على ما كانت عليه من الخبرية، أو نقلت عن الخبرية بالكلية، وصارت إنشاء؟ على قولين؛ عندنا (3)، وعند مالك (4) والشافعي (5) أنها إنشاء؛ لأنها لا خارج لها، ولا تقبل صدقًا ولا كذبًا، ولو كانت خبرًا لما قبلت تعليقًا لكونه ماضيًا.
وعند الحنفية (6) .. هي أخبار، لأن الأصل عدم التقدير، وعدم النقل، هكذا نسبه جماعة إلى الحنفية (7)، وأنكر ذلك (8)
(1) المختصر في أصول الفقه ص (80).
(2)
قال الإمام الزركشي في البحر المحيط (4/ 228). قال بعضهم: لصيغ العقود نسبتان: نسبة إلى متعلقاتها الخارجية، وهي من هذه الجهة إنشاءات محضة، ونسبة إلى قصد المتكلم وإرادته، وهي من هذه الجهة خبر عما قصد إنشاؤه، فهي إخبارات بالنظر إلى معانيها الذهنية، وإنشاءات بالنظر إلى متعلقاتها الخارجية.
وانظر: بدائع الفوائد لابن القيم (2/ 12).
(3)
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 302).
(4)
انظر: منتهى الوصول والأمل (66)، الفروق (1/ 27 - 28).
(5)
انظر: تشنيف المسامع (2/ 1027).
(6)
انظر: تيسير التحرير (3/ 26)، فواتح الرحموت (2/ 103، 104)، جمع الجوامع مع شرحه التشنيف (2/ 1027)، الفروق (1/ 27، 28).
(7)
انظر: المصادر السابقة.
(8)
قال في كتاب النكاح من الغاية: وقد حُكي عن القرافي أنه نسب ذلك إلى =
القاضي شمس الدين السّرْوَجي (1)، وكان من أئمة الحنفية العارفين بمذهبه.
قوله (2): وينقسم الخبر إلى ما يعلم صدقه، وإلى ما يعلم كذبه، وإلى ما لا يعلم واحد منهما. فالأول: ضروري بنفسه كالمتواتر، وبغيره كالموافق للضروري، ونظري كخبر الله تعالى، وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وخبر الإجماع، والخبر الموافق للنظر.
والثَّاني: المخالف لما علم صدقه.
والثالث: قد يظن صدقه، كخبر العدل، وقد يظن كذبه كخبر الكذاب، وقد يشك فيه كخبر المجهول.
الخبر صدق وكذب عند الجمهور (3)؛ لأن الحكم وهو مدلوله إما مطابق أو لا.
= الحنفية، وهذا لا أعرفه لأصحابنا، بل المعروف عندهم أنها إنشاءات استعملت، ولهذا قال صاحب البديع: الحق أنها إنشاء.
انظر: بديع النظام (1/ 32)، تيسير التحرير (283)، الفروق (1/ 27 - 28)، تشنيف المسامع (2/ 1028).
(1)
هو: أحمد بن إبراهيم بن عبد الغني، قاضي القضاة، شمس الدين أبو العباس السّرْوَجي، ولي القضاة بالديار المصرية، صنف وأفتى، من مصنفاته: الغاية شرح الهداية ولم يكمله توفي سنة: (710 هـ).
انظر: الدرر الكامنة (1/ 91)، شذرات الذهب (6/ 23)، تاج التراجم (31).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (80).
(3)
انظر: المسودة (232)، بديع النظام (1/ 321)، شرح التنقيح ص (347)، الأحكام للآمدي (2/ 16).
وقال الجاحظ (1): المطابق مع اعتقاد المطابقة صدق، وغير المطابق مع اعتقاد عدمها كذب، وما سوى ذلك ليس بصدق ولا كذب، لقوله {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ} (2)، والمراد: الحصر فيهما (3). وليس الثاني (4) بصدق لعدم اعتقاده، ولا كذب لتقسيمه (5).
رد: المراد الحصر في كونه خبرًا كذبًا، وليس بخبر لجنونه، فلا عبرة بكلامه.
ثم: الخبر ينقسم إلى ما يعلم صدقه، وهو ضروري ونظري، فالضروري إما ضروري بنفسه، أي: بنفس الخبر كالمتواتر فإنه هو الذي يفيد العلم الضروري بنفسه أو بغيره، وهو ما يعلم صدقه لا بنفس الخبر بل بدليل يدل على صدقه، وذلك الدليل ضروري، نحو: الواحد نصف الاثنين، والنظري كخبر الله وخبر رسوله صلى الله عليه وسلم، وخبر أهل الإجماع.
(1) هو: عمرو بن بحر بن محبوب الكناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان الشهير بالجاحظ، كبير أئمة الأدب، ورئيس الفرقة الجاحظية، من المعتزلة له تصانيف كثيرة منها "الحيوان، والبيان والتبين" توفي سنة: (255 هـ).
انظر: طبقات المعتزلة ص (73)، تاريخ بغداد (2/ 212 - 220).
(2)
آية (8) من سورة سبأ.
(3)
أي: في الإفتراء والجنون.
(4)
وهو: كلام الجنون.
(5)
أي جعله في الآية قسيم الكذب.
انظر: المسودة ص (232)، بديع النظام (1/ 321)، شرح التنقيح ص (347)، المحصول (4/ 224)، الأحكام (2/ 17).
والخبر الموافق للنظر، أي: لدليل العقل في القطعيات، فإن ذلك كله قد علم وقوع مضمونه بالنظر.
وإلى ما يعلم كذبه، وهو كل خبر مخالف لما علم صدقه بضرورة العقل، أو نظره، أو الحس، أو بالتواتر، أو بالنص القاطع، أو بالإجماع القاطع، إلى غير ذلك من الأمثلة، وإلى ما لا يعلم صدقه، ولا كذبه، فقد يظن صدقه كخبر العدل، لرجحان صدقه على كذبه، وقد يظن كذبه كخبر الكذاب لرجحان كذبه على صدقه، وقد لا يظن صدقه ولا كذبه، بل يشك فيه كخبر مجهول الحال (1).
وقد خالف في هذا التقسيم بعض الظاهرية (2)(3) فقال: كل
(1) مجهول الحال: ويسمى المستور وهو: من كان عدلًا في الظاهر، مجهول العدالة باطنًا. وقيل: من روى عنه اثنان فأكثر، لكن لم يوثق. وروايته مردودة وحديثه من نوع الضعيف.
(2)
الظاهرية: الذين يقفون عند حدود الألفاظ التي وردت من الشارع دون عناية بالبحث عن عللها ومقاصدها، ودون اهتمام بالقرائن التي أحاطت بالألفاظ حين ورودها.
انظر: الاتجاهات الفقهية عند أصحاب الحديث للشيخ الدكتور/ عبد المجيد محمود، ص (335).
(3)
انظر: النبذ في أصول الفقه لابن حزم ص (57).
قال ابن حزم في إحكامه (1/ 132): "وأما من اختلف فيه فعدَّله قوم وجرحه آخرون، فإن ثبتت عندنا عدالته قطعنا على صحة خبره، وإن ثبتت عندنا جرحته قطعنا على بطلان خبره، وإن لم يثبت عندنا شيء من ذلك وقفنا في ذلك".
قال الطوفي في شرح المختصر (2/ 147) مبينًا سبب الخلاف: هذا مأخذ =
خبر لا يعلم صدقه فهو كذب قطعًا؛ لأنه لو كان صدقًا لنصب عليه دليل، كخبر مدعي الرسالة، فإنه إذا كان صدقًا، دل عليه بالمعجزة.
وهذا فاسد لجريان مثله في نقيضر ما أخبر به، إذا أخبر به آخر فيلزم اجتماع النقيضين، ويعلم بالضرورة وقوع الخبر بهما.
قوله (1): وينقسم إلى متواتر وآحاد، فالمتواتر لغة:"التتابع".
واصطلاحًا: "خبر جماعة مفيد بنفسه العلم". وخالف السمنية في إفادة التواتر العلم، وهو بهت.
والعلم الحاصل به: ضروري، عند القاضي، ونظري عند أبي الخطاب، ووافق كلًّا آخرون، والخلاف لفظي.
هذا تقسيم آخر للخبر، فإنه ينقسم إلى متواتر وآحاد. فالتواتر لغة (2):"التتابع، واحدًا بعد واحد بمهملة"، ومنه:{ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى} (3).
واصطلاحًا: "خبر جماعة مفيد بنفسه العلم". وقيد "بنفسه" ليخرج ما أفاده بغيره كخبر علم صدقه بقرينة عادة أو غيرها.
= كليٌّ مختصر للمسألة وهو أن شرط قبول الرواية، هل هو العلم بالعدالة، أو عدم العلم بالفسق؟
فإن قلنا: شرط القبول العلم بالعدالة، لم تقبل رواية المجهول، لأن عدالته غير معلومة.
(1)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (81).
(2)
انظر: لسان العرب لابن منظور (15/ 206).
(3)
آية (44) من سورة المؤمنون.
والجمهور (1) من العقلاء على أن المتواتر يفيد العلم، كعلمهم ببلاد نائية، وأمم ماضية، وأنبياء، وخلفاء، وملوك، بمجرد الإخبار، كعلمهم بالمحسات.
وحكي (2) عن البراهمة والسمنية: أنه لا يفيد العلم، ومنهم من سلّم إفادته العلم في الأمور الموجودة في زماننا، وخالف في الأمور الماضية.
قال ابن حمدان: اتفقوا على أنه يفيد العلم بمخبره، خلافًا للبراهمة، حيث اكتفوا بالعقل، والسمنية، حيث حصروا العلوم في الحواس.
قال (3) أبو البركات (4) ابن تيمية رحمه الله: "من شرط حصول العلم بالتواتر، أن يكون مستنده ضروريًّا من سماع، أو مشاهدة، فأما ما مستنده تصديق فلا، كأخبار الجم الغفير عن
(1) انظر: العدة (3/ 841)، المسودة ص (233)، بديع النظام (1/ 324)، تيسير التحرير (313)، شرح التنقيح ص (350)، منتهى الوصول والأمل ص (68)، التبصرة ص (291 - 292)، الأحكام للآمدي (2/ 26).
(2)
انظر: العدة (3/ 841)، والمسودة (233).
(3)
انظر: المسودة ص (234 - 235).
(4)
هو: عبد السلام بن عبد الله بن الخضر بن محمد، ابن تيمية الحراني، أبو البركات مجد الدين، الفقيه الحنبلي، المفسر، المحدث كان فرد زمانه في معرفة المذهب الحنبلي، من مصنفاته: المسودة في أصول الفقه، زاد فيها ولده عبد الحليم ثم حفيده أبو العباس، والمحرر في الفقه، والمنتقى في أحاديث الأحكام، وغيرها، توفي سنة:(652 هـ).
انظر: ذيل طبقات الحنابلة (2/ 249)، شذرات الذهب (5/ 257).
حدث العالم (1)، ونحوه، وكذلك قال (2) الجويني (3)، وابن برهان (4)، والمقدسي (5) ".
وقال أبو البركات (6) أيضًا: "خبر التواتر لا يولد العلم
(1) في المطبوع من المسودة ص (235): "عن قدرة العالم" قال محققه -محمد محيي الدين عبد الحميد-: في عن "حدوث العالم" ولكل منهما وجه.
(2)
انظر: البرهان (1/ 216) مسألة رقم (491)، والوصول إلى الأصول لابن برهمان (2/ 142)، وروضة الناظر للمقدسي (1/ 356).
(3)
هو: عبد الملك بن عبد الله بن يوسف محمد الجويني، أبو المعالي، الملقب بإمام الحرمين، كان يحضر دروسه أكابر العلماء، كان من أهل زمانه بالكلام والأصول، من مصنفاته: البرهان في أصول الفقه، والإرشاد في أصول الدين والورقات وغيرها كثير، توفي سنة:(478 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (3/ 167)، الفتح المبين (1/ 274 - 275).
(4)
هو: أحمد بن علي بن برهان، أبو الفتح، فقيه بغدادي، غلب عليه علم الأصول، كان حاد الذهن حافظًا، يضرب به المثل في حل الإشكالات، من مصنفاته في الأصول: البسيط والوسيط والوجيز والوصول إلى الأصول، توفي سنة:(518 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (1/ 99)، شذرات الذهب (4/ 61)، الفتح المبين (2/ 16).
(5)
هو: أبو محمد موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، كان أوحد زمانه في علم الفقه، والأصول، والخلاف، الفرائض، والنحو، والحساب، من مصنفاته: المغني والمقنع والكافي والعمدة في الفقه وفي الأصول روضة الناظر، وفي العقيدة لمعة الاعتقاد وغيرها كثير، توفي سنة:(620 هـ).
انظر: ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (2/ 312)، شذرات الذهب (5/ 88 - 92).
(6)
انظر: المسودة ص (235).
[فينا](1) وإنما يقع عنده بفعل الله تعالى، وهو بمنزلة إجراء العادة بخلق الولد من المني، وهو قادر على خلقه بدون ذلك، خلافًا لمن قال بالتولد".
وقول البراهمة والسمنية بهت، أي: مكابرة. والمصنف إنما ذكر الخلاف عن السمنية فقط تبعًا للشيخ في الروضة (2)، وابن الحاجب (3) في المختصر (4)، وأما أبو الخطاب فإنه حكاه في التمهيد (5) عن البراهمة فقط، وابن مفلح (6) ذكر قولين (7) في المخالفين تبعًا للشيخ مجد الدين (8) في المسودة (9)، هل هم
(1) في المخطوط: [فيها] والتصويب من المطبوع.
(2)
انظر: روضة الناضر (1/ 348).
(3)
انظر: المختصر لابن الحاجب مع شرح العضد (2/ 52).
(4)
مطبوع مع شروحه كبيان لمختصر لشمس الدين الأصفهاني من مطبوعات جامعة أم القرى، بتحقيق الدكتور محمد مظهر بقا أو مع شرع العضد له من مطبوعات مكتبة الكليات الأزهرية بمراجعة سفيان محمد إسماعيل.
(5)
انظر: التمهيد (3/ 15).
(6)
هو: محمد بن مفلح بن محمد بن مفرح المقدسي الملقب بشمس الدين، المكنى أبي عبد الله، الفقيه الحنبلي الأصولي قال ابن القيم فيه: ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح، كان آية في الذكاء، وغاية في نقل مذهب الإمام أحمد بن حنبل، من مصنفاته: الفروع، وأصول بن مفلح، والآداب الشرعية الكبرى، والوسطى، والصغرى، توفي سنة:(2/ 183).
انظر: شذرات الذهب (6/ 199)، الفتح المبين (2/ 183).
(7)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 473 - 474).
(8)
انظر: المسودة ص (233).
(9)
هو: كتاب في أصول الفقه تتابع على تأليفه ثلاثة من العلماء هم: مجد الدين أبو البركات ثم ولده شهاب الدين أبو المحاسن ثم حفيده تقي الدين =
البراهمة أو السمنية؟ ، والآمدي (1)(2) وشراح (3) ابن الحاجب، كالقطب (4)، والشريف (5)،
= أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمة رحمهم الله وظل ما كتبه كل واحد منهم مسودة حتى قيض الله لهم ولنا تلميذهم الفقيه الحنبلي أبا العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الغني، الحراني، الدمشقي المتوفى سنة (745 هـ) أي بعد وفاة شيخ الإسلام ابن تيمة بسبع عشرة سنة، فجمع مسوداتهم ورتبها وبيضها، ووضمع علامة تميز كلام كل واحد منهم عن كلام الآخرين.
وقد طبع الكتاب بمطبعة دار الكتاب العربي بتحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد.
انظر: مقدمة كتاب المسودة المطبوع.
(1)
هو: علي بن أبي علي بن سالم التغلبي، الفقيه الأصولي، الملقب بسيف الدين، المكنى بأبي الحسن، أحكم أصول الفقه، وأصول الدين والفلسفة، فكان أصوليًّا منطقيًّا جدليًّا، خلافيًّا، من مصنفاته: الإحكام في أصول الأحكام، ومنتهى السول في الأصول، وأبكار الأفكار في علم الكلام، توفي سنة:(631 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (3/ 293)، شذرات الذهب (5/ 144)، الفتح المبين (2/ 58).
(2)
انظر: الإحكام للآمدي (2/ 26).
(3)
انظر: العضد على ابن الحاجب (2/ 52).
(4)
هو: محمود بن مسعود بن مصلح الفارسي الشيرازي الشافعي، الملقب بقطب الدين، كان علامة ذكيًّا، فقهيًّا، أصوليًّا مفسرًا، من مصنفاته: شرح مختصر ابن الحاجب في الأصول، وفتح المنان في تفسير القرآن، توفي سنة:(710 هـ).
انظر: الدرر الكامنة (5/ 19)، الفتح المبين (2/ 109 - 110).
(5)
هو: علي بن محمد بن علي، المعروف بالشريف الجرجاني، كان متفردًا =
والعضد (1)، ذكروا الخلاف عن البراهمة والسمنية، وكذا ذكر ابن حمدان، وابن قاضي الجبل (2). فإن قيل: لو كان معلومًا ضرورة لما خالفناكم.
قلنا: إنما يخالف في هذا معاند، يخالف بلسانه مع معرفة فساد قوله، أو من في عقله خبط (3)، ولا يصدر إنكار هذا من عدد كثير يستحيل عنادهم.
ثم لو تركنا ما علمناه لمخالفتكم، لزمنا ترك المحسات لمخالفة السوفسطائية.
= في علوم العربية والمنطق، عارفًا بالعلوم الشرعية، من مصنفاته حاشية على مختصر ابن الحاجب، التعريفات، حاشية على التلويح بالأصول، توفي سنة:(816 هـ).
انظر: الضوء الساطع (5/ 328)، الفتح المبين (3/ 20 - 21).
(1)
هو: عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الغفار، أبو الفضل، عضد الدين الإيجي، عالم بالأصول والمعاني والعربية، من مصنفاته: شرح مختصر ابن الحاجب، الفوائد الغياثية في المعاني والبيان، المواقف في أصول الدين، توفي سنة:(756 هـ).
انظر: الدرر الكامنة (2/ 322)، طبقات الشافعية لابن السبكي (6/ 108)، الفتح المبين (2/ 173).
(2)
هو: أحمد بن الحسن بن عبد الله بن أبي عمر المقدسي الحنبلي، جمال الإسلام، شرف الدين، ابن قاضي الجبل، شيخ الحنابلة في عصره، كان من أهل البراعة والفهم والرياسة في العلم، عالمًا بالحديث وعلله، والنحو والفقه والأصلين، من مصفاته: الفائق في فروع الفقه، كتاب في أصول الفقه وصل فيه إلى أوائل القياس، توفي سنة:(771 هـ).
انظر: ذيل طبقات الحنابلة (2/ 453)، الدرر الكامنة (1/ 120).
(3)
قال: ابن منظور في لسان العرب (4/ 16 - 17)، الخبط: كل سير على غير هدى
…
والخُباط بالضم: داء كالجنون وليس به.
والعلم الحاصل بالتواتر، قال جمهور علمائنا، منهم القاضي أبو يعلى في العدة (1)، وابن عقيل (2) والشيخ (3): هو ضروري.
قال ابن برهان (4): هو قول الفقهاء والمتكلمين قاطبة، واختار القاضي (5) في الكفاية (6)، وأبو الخطاب (7) نظري، وقاله (8) الكعبي (9)، وأبو الحسين البصري المعتزليان، والدقاق (10)(11)،
(1) انظر: العدة (3/ 847).
(2)
انظر: الواضح (4/ 336).
(3)
انظر: روضة الناظر (1/ 350).
(4)
قال في كتابه الوصول (2/ 141): المسألة الرابعة: العلم الحاصل عقيب أخبار التواتر علم ضروري.
(5)
انظر: المسودة ص (234).
(6)
الكفاية في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى، مخطوط بدار الكتب المصرية برقم:(365)، ومصورتها بجامعة أم القرى برقم:(179).
انظر: فهرس أصول الفقه لمركز البحث العلمي وإحياء التراث ص (84).
(7)
انظر: التمهيد (3/ 22، 24).
(8)
انظر: المعتمد (2/ 819).
(9)
هو: عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي، أبو القاسم، أحد أئمة المعتزلة، كان رأس طائفة منهم تسمى "الكعبية"، له آراء ومقالات في الكلام انفرد بها، من مصنفاته: التفسير، أدب الجدل، الطعن على المحدثين، توفي سنة:(319 هـ). انظر: تاريخ بغداد (9/ 384)، وفيات الأعيان (3/ 45)، الفتح المبين (1/ 181 - 182).
(10)
هو: أبو بكر محمد بن محمد بن جعفر البغدادي، الشافعي، المعروف بالدقاق، ويلقب بـ (خياط) فقيه أصولي، قال الخطيب:"كان فاضلًا عالمًا بعلوم كثيرة"، من مصنفاته: كتاب في أصول الفقه، شرح المختصر، فوائد الفوائد، توفي سنة:(392 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (3/ 229)، طبقات الشافعية للأسنوي (1/ 253).
(11)
انظر: الإحكام للآمدي (2/ 30)، البرهان (1/ 221).
وأبو المعالي (1).
وعند (2)
(1) انظر: البرهان (1/ 221) مسألة رقم (509).
قال في المسودة ص (234): "ورجحه الجويني بشرط ذكره".
قال الجويني في البرهان (1/ 221): "والذي أراه تنزيل مذهبه -أي الكعبي- عند كثرة المخبرين على النظر في ثبوت إيالة جامعة وانتفائها، فلم يعن الرجل نظريًا عقليًّا، فكرًا سبريًا، على مقدمات ونتائج، وليس ما ذكره إلا الحق.
(2)
يرى البعض أن الغزالي موافقًا لمن قال بأنه نظري، وبعضهم يرى أن له مذهبًا ثالثًا، والحق أن الغزالي موافق للجمهور فيما ذهب إليه.
قال الأسنوي في نهاية السول (3/ 73): وذهب إمام الحرمين، والكعبي، وأبو الحسين البصري إلى أنه نظري، ونقله المصنف -يعني البيضاوي- تبعًا للإمام عن حجة الإسلام الغزالي.
ثم قال الأسنوي: وفيه نظر، فإن كلامه في المستصفى مقتضاه موافقة الجمهور فتأمله.
قال الغزالي في المستصفى (1/ 252 - 253): "أما بطلان مذهب الكعبي حيث ذهب إلى أن هذا العلم نظري، فإنا نقول: النظري هو الذي يجوز أن يعرض فيه الشك، وتختلف فيه الأحوال، فيعلمه بعض الناس دون البعض، ولا يعلمه النساء والصبيان، ومن ليس من أهل النظر، ولا يعلمه من ترك النظر قصدًا. وكل علم نظري فالعالم به قد يجد نفسه فيه شاكا، ثم طالبًا، ونحن لا نجد أنفسنا شاكين في وجود مكة ووجود الشافعي رحمه الله طالبين لذلك. فإن عنيتم بكونه نظريًا شيئًا من ذلك فنحن ننكره؛ وإن عنيتم به أنه مجرد قول المخبر لا يفيد العلم، ما لم ينتظم في النفس مقدمتان:
إحداهما: أن هؤلاء مع اختلاف أحوالهم، وتبين أغراضهم، ومع كثرتهم على حال لا يجمعهم على الكذب جامع، ولا يتفقون إلا على الصدق.
والثانية: أنهم قد اتفقوا على الإخبار عن الواقعة فيبتني العلم بالصدق على مجموع المقدمتين فهذا مسلم". =
الغزالي (1): ضروري، بمعنى عدم الحاجة إلى الشعور بالواسطة مع حضورها في الذهن، غير ضروري بمعنى أعدم، الاستغناء به عنها، فلا بد منها.
وقال بعض علمائنا (2): لفظية (3)، مراد الأول بالضروري: ما اضطر العقل إلى تصديقه.
= قال الشيخ محمد بخيت في حاشية على نهاية السول (3/ 73، 74): "إن الغزالي قال ما قاله تفسيرًا لما قاله الكعبي وأبو الحسين وإمام الحرمين، ليوفق بين ما قاله هؤلاء وما قاله الجمهور. وجعلوا كلامه هذا محمولًا على الشق الذي سلمه".
(1)
هو: محمد بن محمد بن محمد الغزالي الطوسي، أبو حامد، حجة الإسلام، برع في الفقه والخلاف والجدل وأصول الفقه والمنطق والحكمة والفلسفة، كان شديد الذكاء، قوي الحافظة، من مصنفاته المستصفى والمنخول في أصول الفقه، وإحياء علوم الدين، وفي الفقه البسيط والوسيط والوجيز وغيرها كثير، توفي سنة:(505 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (4/ 216)، طبقات الشافعية (4/ 101)، شذرات الذهب (4/ 10)، الفتح المبين (2/ 8 - 10).
(2)
القائل: هو الطوفي في مختصره. انظر. مختصر الطوفي مع شرحه (2/ 79).
(3)
أي: المسألة. قال الطوفي: والخلاف لفظي، إذ مراد الأول بالضروري
…
الخ.
وقال أيضًا (2/ 81): وهذا مبني على جهة الواسطة بين الفريقين، جمعا بين القولين، وذلك لأن القائل بأنه ضروري، لا ينازع في توقفه على النظر في المقدمات المذكورة، والقائل بأنه نظري؛ لا ينازع في أن العقل يضطر إلى التصديق به، وإذا وافق كل واحد من الفريقين صاحبه على ما يقوله في حكم هذا العلم وصفته؛ لم يبق النزاع بينهما إلا في اللفظ، وهو أن الأول سمى ما يضطر العقل إلى التصديق به -وإن توقف على مقدمات نظرية- ضروريًّا، والثاني سمى ما يتوقف على النظر في المقدمات -وإن كانت فطرية بينة- نظريًا.
الثاني: البديهي الكافي في الجزم به تصور طرفيه (1)، والضروري منقسم إليهما. وتوقف (2) المرتضى الشيعي (3)، والآمدي (4).
وجه الأول: لو كان نظريًّا، لافتقر إلى توسط المقدمتين، ولما حصل لمن لا يتأتى له (5)، كصبي، ونحوه، ولجاز الخلاف فيه عقلًا، كبقية النظريات.
وجه الثاني: لو كان ضروريًّا، لما افتقر إلى توسط المقدمتين، لكنه مفتقر إليهما.
(1) أي: الموضوع والمحمول، أو إن شئت المحكوم والمحكوم عليه، نحو: العالم موجود، والمعدوم لا يكون موجودًا حال عدمه، والقديم لا يكون حادثًا، وبالعكس فيهما، بخلاف قولنا: العالم حادث، أو ليس بقديم، فإنه لا بد في التصديق به من واسطة، فتقول: العالم مؤلف، وكل مؤلّف محدث، أو ليس بقديم.
انظر: شرح المختصر للطوفي (2/ 81 - 82).
(2)
انظر: الأحكام للآمدي (2/ 30)، منتهى الوصول والأمل ص (68)، نهاية السول (3/ 69).
(3)
هو: علي بن الحسين بن موسى بن محمد، الشريف المرتضى، أبو القاسم، ينسب إلى علي بن أبي طالب، كان إمامًا في علم الكلام والأدب والشعر وأصول الفقه، من مصنفاته: الغرر الدرر، في الفقه والنحو، والذخيرة والذريعة كتابان في الأصول، توفي سنة:(436 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (11/ 402)، وفيات الأعيان (3/ 313)، شذرات الذهب (3/ 256).
(4)
انظر: الأحكام (2/ 35).
(5)
أي: النظر.
إحداهما: أن هؤلاء مع اختلاف أحوالهم، وكثرتهم، لا يجمعهم على الكذب جامع، ولا يتفقون عليه.
الثانية: أنهم قد اتفقوا على الإخبار عن الواقعة، فيبنى العلم بالصدق على المقدمتين، هكذا مثله الغزالي (1)، وتبعه الشيخ في الروضة (2).
وقال بعضهم (3): ولا يحصل إلا بعد علم أن المخبر عنه محس من جماعة، لا داعي لهم في الكذب، وما كان كذلك ليس بكذب، فيلزم كونه صدقًا.
رد: بمنع افتقاره إلى سبق علم ذلك، بل يعلم ذلك عند حصول العلم بالخبر.
ثم: حاصل بقوة قرينة الفعل، فالنظر لا يحتاجه.
تنبيه: تقدم ذكر البراهمة، والسمنية، والسوفسطائية، أما البراهمة (4): فهم فرق، لا يجوِّزون على الله تعالى بعث الرسل.
وأما السمنية (5) -بضم السين، وفتح الميم مخففة، كعرنية-
(1) انظر: المستصفى (1/ 253).
(2)
انظر: روضة الناظر (1/ 350 - 351).
(3)
القائل ابن الحاجب، انظر: منتهى الوصول والأمل ص (69).
(4)
انظر الملل والنحل للشهرستاني (2/ 250 - 252).
(5)
انظر: الفرق بين الفرق ص (270)، والغلو والفرق التالية للدكتور عبد الله السامرائي ص (129).
والراجح أن السمنية فرقة من البراهمة، لأن المذهب الهندوكي يقسم الناس أربع طبقات: شوْدرا (sudra)، وهم الخدم، وويْشيا (vaisyas)، وهم التجار، =
نسبة السمنان، ببلاد الهند، يحجون إليها. وقيل: نسبة إلى سومنان (1)، ببلدة من الهند، على غير قياس، فهم فرقة من عبدة الأصنام، يقولون بالتناسخ.
وأما السوفسطائية (2): فسموا بذلك لتجاهلهم، لأن سفسط معناه: تجاهل. وقيل: لهذيانهم، يقال سفسط في الكلام، إذا هذا في كلامه، وهم أصحاب سوفسطا.
قال (3) الشيخ سعد الدين التفتازاني (4): سوفسطا اسم
= وكشتريا (kshatriyas)، وهم المقاتلون الذين يدافعون عنهم، وبَراهِمَة (Brahmans)، وهم العلماء وقادة الناس في العبادات، ولا يجوز في المذهب الهندوكي أن يقرأ كتبهم المقدسة، ويرأس الناس في العبادات غير البراهمة، وكانت السمنية علماء وقادة الناس في عباداتهم.
انظر: بيان المختصر هامش (2)(1/ 641)، البوذية تاريخها وعقائدها ص (65)، فواتح الرحموت (2/ 113).
(1)
وقيل: نسبة إلى صنم اسمه "سومنات" كسره السلطان محمود بن سبكتكين.
انظر: فواتح الرحموت (2/ 113)، تيسير التحرير (3/ 31).
(2)
انظر: الفصل في الملل والنحل ابن حزم (1/ 8 - 9).
(3)
انظر: شرح المقاصد للتفتازاني (1/ 22 - 23)، تيسير التحرير (3/ 32).
(4)
هو: مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني، سعد الدين، من أئمة العربية والبيان والمنطق، من مصنفاته: التلويح في كشف حقائق التنقيح، حاشية على شرح العضد على المختصر، تهذيب المنطق والكلام، وغيرها .. توفي سنة:(793 هـ).
انظر: الدرر الكامنة (5/ 119)، البدر الطالع (2/ 303)، الفتح المبين (2/ 206).
للحكمة المموهة، والعلم المزخرف؛ لأن "سوفا" معناه، العلم والحكمة، و "اسطا" معناه، المزخرف، والغلط، ومنه اشتقت السفسطة، كما اشتقت الفلسفة من فيلاسوفا، أي محب الحكمة، وهم ثلاث فرق:
إحداهن: [اللا أدرية](1)، نسبة إلى لا أدري، وهؤلاء يقولون: لا يعرف ثبوت شيء من الموجودات، ولا انتفاؤه، بل نحن متوقفون في ذلك، ومن شُبَهِهم أنهم قالوا: رأينا المذاهب فوجدنا أهل كل مذهب يدعون العلم الضروري، لصحة مذهبهم، وخصمهم يكذبهم في ذلك، وربما ادعى العلم الضروري ببطلان مذهبهم، فأوجب ذلك التوقف.
الفرقة الثانية: تسمى العنادية، نسبة إلى العناد؛ لأنهم عاندوا فقالوا: نحن نجزم بأنه لا موجود أصلًا، وعمدتهم ضرب بعض المذاهب ببعض، والقدح في كل مذهب بالإشكالات المتجهة عليه من غير أهله، وقالوا: لو كان في الوجود وجود، لكان إما ممكنًا، أو واجبًا، والقسمان باطلان، للإشكالات القادحة في الإمكان والوجوب.
الفرقه الثالثة: تسمى العندية، نسبة إلى لفظ "عند"؛ لأنهم يقولون: أحكام الأشياء تابعة لاعتقادات الناس، فكل من اعتقد شيئًا فهو في الحقيقة كما هو عنده، وفي اعتقاده، فالعالم مثلًا قديم عند من اعتقد قدمه، محدث عند من اعتقد حدوثه،
(1) في المخطوط [الأبردرية] والتصويب من شرح المقاصد (1/ 22)، تيسير التحرير (3/ 32).
فالصفراوي يجد السكر في فمه مرًا، وغيره حلوًا، فدلّ على أن الحقائق تابعة للإدراكات.
قوله (1): مسألة: شرط (2) التواتر المتفق عليه: أن يبلغوا عددًا يمتنع معه التواطؤ على الكذب؛ لكثرتهم، أو لدينهم وصلاحهم، مستندين إلى الحس، [مستوين](3) في طرفي الخبر ووسطه ..
وفي اعتبار كونهم عالمين بما أخبروا به لا ظانين، قولان.
ويعتبر في التواتر عدد معين، واختلفوا في قدره، والصحيح عند المحققين: لا ينحصر في عدد.
وضابطه: ما حصل العلم عنده. فيعلم إذًا حصول العدد، ولا دور، ولا يشترط غير ذلك.
وشرط بعض الشافعية: الإسلام والعدالة، وقوم: أن لا يحويهم بلد. وقوم: اختلاف الدين والنسب والوطن. والشيعة: المعصوم فيهم، دفعًا للكذب. واليهود: أهل [الذلة](4) والمسكنة فيهم ..
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (81، 82).
(2)
في المطبوع "شروط".
(3)
في المخطوط [مستوون]، والتصويب من المطبوع.
(4)
في المخطوط [الذمة]، وهي في نسخة (جـ) التي اعتمد عليها محقق المختصر، ولا شك أنها خطأ.
انظر: هامش (1) ص (82) من المختصر، وانظر إلى شرح الجراعي ص (26).
للمتواتر شروط (1) متفق عليها (2). أحدهما: أن يبلغ المخبرون عددًا يمتنع معه التواطؤ على الكذب، لكثرتهم، وفي بعض كلام القاضي (3)، وذكره ابن عقيل (4) عن علمائنا، لكثرتهم، أو لدينهم وصلاحهم.
الثاني: استنادهم إلى الحس، إذ لو أخبرنا الجم الغفير عن حدوث العالم، أو عن صدق الأنبياء، لم يحصل لنا العلم بخبرهم.
الثالث: استواؤهم في طرفي الخبر والواسطة، إن كان له طرفان وواسطة، وإلا إن كان المخبر هو المباشر، اعتبر طرف واحد، وإن كان مخبرًا عن المباشر، فطرفان بغير واسطة، وإن نقص درجة اعتبرت الواسطة مع الطرفين.
وذكر الآمدي (5) في المتفق عليه كونهم بما أخبروا به عالمين، لا ظانين، واعتبره في الروضة (6)، واعتبره في التمهيد (7) إن قلنا هو نظري، لأنه لا يقع به العلم، ولأن علم السامع فرع على علم المُخْبِر كذا قال.
(1) المراد بالشروط هنا ما لا بد منها لتحقيق الشيء ووجوده، لا ما كان خارجًا عنها.
انظرة حاشية البناني على شرح المحلى (12/ 121).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 480) بديع النظام لابن الساعاتي (1/ 328)، منتهى الوصول والأمل ص (69)، الإحكام (2/ 36، 37).
(3)
انظر: العدة (3/ 856).
(4)
انظر: الواضح (4/ 355).
(5)
انظر: الإحكام للآمدي (2/ 37).
(6)
انظر: روضة الناظر (1/ 356).
(7)
انظر: التمهيد (3/ 31).
ولم يعتبره القاضي (1)، وغيره من علمائنا (2)، وغيرهم (3)، لأنه إن أريد كلهم فباطل لجواز ظن بعضهم، وإن أريد بعضهم فلازم من استنادهم إلى الحس.
ويعتبر في المستمع أن يكون متأهلًا لقبول العلم بما أخبر به غيره غير عالم به قبل ذلك، وإلا كان فيه تحصيل الحاصل.
واختلف هل يعتبر في التواتر عدد أم لا؟ على قولين.
والقائلون باعتباره اختلفوا (4). فقيل: يعتبر اثنان، لأنهما بينة مالية. وقيل: أربعة، لأنهم بينة في الزنا.
وجزم (5) القاضي (6) أبو بكر بأن خبرهم لا يفيد العلم، لأنه
(1) انظر: العدة (3/ 846).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 480).
(3)
انظر: منتهى الوصول والأمل ص (69، 70).
(4)
انظر أقوالهم في: العدة (3/ 856. 857)، التمهيد (3/ 28 - 29)، المسودة ص (236)، بديع النظام (1/ 329 - 330)، نهاية السول (3/ 78 - 81)، تشنيف المسامع (2/ 947 - 948)، المعتمد (2/ 89 - 92).
(5)
انظر: الإحكام (2/ 38).
(6)
هو: محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر بن القاسم، المعروف: بالباقلاني البصري، المكنى بأبي الفقيه المالكي، المتكلم الأصولي، انتهى إليه رئاسة المالكية بالعراق، وكان إمام الأشاعرة، تنازعته المذاهب، كل يدعي نسبته إليه من مالكية وشافعية وحنبلية، من مصنفاته: التقريب والإرشاد، والتمهيد، والمقنع كلها في أصول الفقه، وفي غيره كثير كشرح الإبانة، توفي سنة:(403 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (4/ 269)، الشجرة الزكية ص (92)، الفتح المبين (1/ 233).
لو أفاد العلم، لما احتاجوا إلى التزكية في الشهادة بالزنا، لكنهم يحتاجون إليها إجماعًا، فلا يفيد خبرهم العلم.
وقيل: خمسة، ذكره (1) أبو الطيب (2)، ونصره الجبائي (3)، لأنه عدد أولي العزم من الرسل، وهم على الأشهر، نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
وقيل: عشرة، ونسب (4) إلى الأصطخري (5)، لأن ما دونها الآحاد، فاختص بأخبار الآحاد، والعشرة فما زاد جمع الكثرة.
(1) انظر: البحر المحيط (4/ 232)، حيث قال: وتوقف القاضي أبو الطيب، وقال: يجب أن يكونوا أكثر من أربعة.
(2)
هو: طاهر بن عبد الله بن طاهر الطبري، أبو الطيب، قاضي من أعيان الشافعية، كان إمامًا جليلًا عارفًا بالأصول ورع، عاش سنتين ومائة، ولم يختل عقله، من مصنفاته: لثمرح مختصر المزني وله كتب في الأصول والفقه والجدل، توفي سنة:(450 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (3/ 176 - 197)، وفيات الأعيان (2/ 512)، الفتح المبين (1/ 250 - 251).
(3)
انظر: البحر المحيط (4/ 232).
(4)
انظر: جمع الجوامع مع شرحه التشنيف (2/ 947)، البحر المحيط (4/ 232).
(5)
هو: الحسن بن أحمد بن يزيد بن عيسى بن الفضل، أبو سعيد الأصطخري، شيخ الشافعية بالعراق، من مصنفاته: الفرائض الكبير، وأدب القضاء، وكتاب الشروط والوثاق والمحاضر والسجلات، توفي سنة:(328 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (3/ 193)، وفيات الأعيان (2/ 74)، الفتح المبين (1/ 189 - 190).
وقيل: اثنا عشر، بعدد النقباء (1) المبعوثين (2). وقيل: عشرون لقوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ} (3) وقيل: أربعون، كعدد الجمعة. وقيل: سبعون، بعدد الذين اختارهم موسى عليه السلام (4). وقيل: ثلاثمائة ونيف، بيعدد أهل بدر (5). وقيل: ألفًا وسبعمائة، كأهل بيعة الرضوان (6).
(1) النقباء: جمع نقيب، وهو الذي يبحث عن أحوال القوم، ويفتش عنها، والنقيب هنا فعيل بمعنى مفعول، يعني: اختارهم على علم بهم.
انظر: المفردات للراغب الأصفهاني ص (820).
(2)
إشارة إلى قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا} آيهّ (12) من سورة المائدة.
(3)
آية (65) من سورة الأنفال.
(4)
قال تعالى: {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا} آية (155) من سورة الأعراف. وجه الدلالة: اقتصاره عليه السلام عليهم لميقاته حتى يسمعوا كلام الله تعالى، ويخبروا مَنْ وراءهم، فلولا أن خبرهم غير مفيد للعلم لاختار أكثر، ولو كان خبر الأقل مفيد لاكتفى به.
(5)
بدر: موضع بالقرب من المدينة -على مسافة خمسين ومائة كيلو متر منها، في طريق مكة المدينة القديم- وهو الصوضع الذي شهد أول وأهم الوقائع الحربية الكبرى في الإسلام. ووقعت غزوة بدر في السابع عشر من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة، وكان عدد المسلمين فيها ثلاثمائة وأربعة عشر رجلًا.
انظر: معجم البلدان (1/ 357)، سيرة ابن هشام (2/ 249).
(6)
بيعة الرضوان: هي البيعة التي بايع الناس فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت، أو على أن لا يفروا -تحت الشجرة- ولم يتخلف عنها أحد ممن حضر إلى الجدّ بن قيس، وذلك بعد أنا بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن عثمان قد قتل، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش أنه لم يأت لحرب، وذلك عام الحديبية آخر سنة (6 هـ).
انظر: سيرة ابن هشام (3/ 262).
هكذا ذكر الأصوليون (1) هذا القول، وقاسوه على أهل بيعة الرضوان، أعني: أنهم كانوا ألفًا وسبعمائة، وهذا نقله (2) ابن أبي شيبة (3) من حديث سلمة بن الأكوع (4)، فيما نقله (5) عنه ابن حجر (6)، والذي في الصحيح (7): أن أهل بيعة الرضوان كانوا ألفًا وخمسمائة.
(1) انظر: المسودة ص (236)، أصول ابن مفلح (2/ 482).
(2)
انظر: المصنف لابن أبي شيبة (7/ 384) رقم (36835).
(3)
هو: عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي مولاهم، الكوفي، الحافظ الثبت التحرير، من مصنفاته: المسند والمصنف وغيرهما، توفي سنة:(235 هـ).
انظر: تقريب (1/ 445)، تذكرة الحفاظ (2/ 432).
(4)
هو الصحابي: سلمة بن عمرو بن الأكوع، وقيل اسم أبيه وهب، وقيل غير ذلك، أول مشاهده الحديبية وكان من الشجعان، ويسبق الفرس عدوًا، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم عند الشجرة على الموت، تحول إلى الربذة بعد قتل عثمان، توفي سنة:(74 هـ) وقيل (64 هـ).
انظر: الإصابة (3/ 127)، الاستيعاب (2/ 639).
(5)
انظر: فتح الباري (7/ 559) في كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية.
(6)
هو: أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني الشافعي، شهاب الدين، الحافظ الكبير، الإمام بمعرفة الحديث وعلله ورجاله، من مصنفاته، فتح الباري شرح صحيح البخاري، وتهذيب التهذيب، والإصابة في تميز الصحابة وغيرها كثير، توفي سنة:(852 هـ).
انظر: شذرات الذهب (7/ 270)، البدر الطالع (1/ 87).
(7)
أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب غزوة الحديبية برقم: (4153) والمناقب (3576).
ومسلم في كتاب الإمارة برقم: (1856)(72) و (73).
وفي رواية في الصحيح (1) أيضًا: أنهم كانوا ألفًا وأربعمائة، كلاهما من رواية جابر.
وفي رواية في الصحيح (2) أيضًا: أنهم كانوا ألفًا وثلاثمائة من رواية عبد الله بن أبي أوفى (3)، والذي قدمه (4)
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأشربة برقم: (5639) في قصة تفجر الماء من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم، والمغازي برقم:(4154).
(2)
أخرجه البخاري تعليقًا في كتاب المغازي (7/ 342) برقم: (4155).
ومسلم في كتاب الإمارة برقم: (1856)(75).
(3)
هو صحابي: عبد الله بن أبي أوفى علقمة بن خالد الحارث الأسلمي، شهد الحديبية، وعمّر بعد النبي صلى الله عليه وسلم، مات سنة (87 هـ) وهو آخر من مات بالكوفة من الصحابة.
انظر: الإصابة (2/ 279)، الاستيعاب (3/ 870).
(4)
انظر: السيرة النبوية لابن هشام (3/ 256).
قال ابن القيم في زاد المعاد (3/ 288): "وغلط غلطًا بينًا من قال كانوا سبعمائة، عذره أنهم نحروا يومئذٍ سبعين بدنة، والبدنة قد جاء إجزاؤها عن سبعة عشر .. ".
وكذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح (7/ 559)، وقال أيضًا:"والجمع بين هذا الاختلاف أنهم كانوا أكثر من ألف وأربعمائة وقال: ألفًا وخمسمائة جر الكسر، ومن قال: ألفًا وأربعمائة إلغاء للكسر، ويؤيده قوله في الرواية الثالثة من حديث البراء: "ألفًا وأربعمائة أو أكثر".
قال الحافظ ابن حجر في الفتح (7/ 559): "وأما قول عبد الله بن أبي أوفى: "ألفًا وثلاثمائة" فيمكن حمله على ما اطلع هو عليه، واطلع غيره على زيادة ناس لم يطلع هو عليهم، والزيادة من الثقة مقبولة، والعدد الذي ذكره جملة من ابتداء الخروج من المدينة، والزائد تلاحقوا بهم بعد ذلك، أو العدد الذي ذكره هو عدد المقاتلة، والزيادة عليها من الأتباع من الخدم والنساء والصبيان الذي لم يبلغوا الحلم".
ابن هشام (1) في السيرة (2): أنهم كانوا سبعمائة رجل.
والقول الثاني: لا ينحصر في عدد، وعليه علماؤنا (3)، والمحققون (4)، لأنا نجد من أنفسنا علمًا من غير تخصيص عدد، كحصول الشبع، والري من غير عدد، وما صير إليه من الأقاويل تحكم، لا مناسبة فيه، مع اضطرابه، فقد يحصل العلم لقوم بعدد، ولا يحصل بمثله لغيرهم، وذلك بسبب قرائن محتفة في بعض دون بعض.
وضابطه: ما حصل العلم عنده، فيعلم إذًا حصول العدد، ولا دور، لأنا إنما نعتبر حصول العلم، لا حصول العدد، ولا يشترط غير ذلك.
واشترط (5) ابن عبدان (6) من الشافعية: الإسلام. وقيل (7): مع
(1) هو: عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري البصري النحوي صاحب المغازي، هذب السيرة، ونقلها عن البكائي صاحب ابن إسحاق كان أديبًا أخباريًا نسابيًا، من أشهر مصنفاته: السيرة النبوية وبها عرف، توفي سنة:(218 هـ).
انظر: شذرات الذهب (2/ 45).
(2)
طبع عدة طبعات، منها طبعة دار الكتب العربي بعناية عمر عبد السلام تدمري.
(3)
انظر: العدة (3/ 855)، المسودة ص (235).
(4)
انظر: المحصول (4/ 265)، الأحكام (2/ 38)، منتهى الوصول والأمل (70)، شرح تنقيح الفصول ص (352).
(5)
انظر: تشنيف المسامع للزركشي (2/ 949).
(6)
هو: عبد الله بن عبدان بن محمد بن عبدان الفقيه، أبو الفضل، شيخ همذان وفقيهها وعالمها، من مصنفاته: شرائط الأحكام، وشرح العبادات، توفي سنة:(433 هـ).
انظر: طبقات الشافعية للأسنوي (2/ 77).
(7)
انظر: المسودة ص (234)، أصول أبن مفلح (2/ 485).
تباعد الزمن. وقيل (1): بشرط العدالة، كالإجماع، لأن الكفر عرضة للكذب والتحريف، والإسلام والعدالة ضابط الصدق، والتحقيق في القول، ولهذه العلة اختص المسلمون بدلالة إجماعهم على القطع، ولأنه لو وقع العلم بتواتر خبر الكفار، لوقع العلم بما أخبر به النصارى، مع كثرة عددهم عن قتل المسيح وصلبه.
وردَّ: بعدم استواء طرفي الخبر ووسطه (2).
وشرط بعضهم (3): أن لا يحويهم بلد، ولا يحصرهم عدد، وهو باطل بإخبار أهل الجامع بواقعة صدرت فيه مع انحصارهم.
وقيل (4): شرطه اختلاف أنسابهم، وأديانهم، وأوطانهم، وهو خلاف الواقع (5).
(1) انظر: الإحكام للآمدي (2/ 40).
(2)
قال القاضي في العدة (3/ 843): "إن النصاري عدد يسير، أخبروا بمشاهدة قتله، وكانوا قد شبه لهم. ويجب أن يكون أولهم، وآخرهم، ووسطهم سواء في النقل، والعدد الكثير إذا رووا عن عدد قليل، فإن العلم لا يقع بصحة المخبر عنه".
(3)
انظر: المسودة ص (234)، أصول ابن مفلح (2/ 485)، الأحكام (2/ 39)، وانظر: شرح الكوكب المنير (2/ 340).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 485) الإحكام (2/ 39).
(5)
لأن التهمة لو حصلت لم يحصل العلم، سواء كانوا على دين واحد، ومن نسب واحد، وفي وطن واحد، أو لم يكونوا كذلك، وإن ارتفعت حصل العلم كيفما كانوا.
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 342)، بيان المختصر (1/ 653)، الإحكام (2/ 39).
وشرطت الشيعة (1): المعصوم فيهم، دفعًا للكذب (2).
واليهود (3): أهل الذلة والمسكنة منهم، لاحتمال تواطي غيرهم على الكذب، لعدم خوفهم. وهو باطل بحصول العلم بأخبار غيرهم، وهو أولى لترفعهم عن الكذب.
وشرط قوم (4): إخبارهم طوعًا (5).
وهو باطل؛ فإن الصدق لا يمتنع حصول العلم به، وإلا فات شرطه (6).
تنبيه: الشيعة (7) الأتباع والأنصار، وكل قوم اجتمعوا على
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 485)، الإحكام للآمدي (2/ 41).
(2)
وهو باطل لأن المفيد حينئذٍ قول المعصوم، لا خبر أهل التواتر.
انظر: الإحكام (2/ 41)، بيان المختصر (1/ 653).
(3)
انظر: المسودة ص (234)، أصول ابن مفلح (2/ 485)، الإحكام (2/ 41).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 486)، الإحكام (2/ 41)، الكفاية للخطيب البغدادي (50).
(5)
أي: لا يدخله أسباب القهر والغلبة.
(6)
قال الآمدي في إحكامه (2/ 41): "وهو باطل، فإنهم إن حملوا على الصدق لم يمتنع حصول العلم بقولهم، كما لو لم يحملوا عليه، ولهذا فإنه لو حمل الملك أهل مدينة عظيمة على الإخبار عن أمر محس، وجدنا أنفسنا عالمة بخبرهم حسب علمنا بخبرهم من غير حمل، وإن حملوا على الكذب، فيمتنع حصول العلم بخبرهم، لفوات شرط، وهو إخبارهم عن معلوم محس".
(7)
انظر: الملل والنحل للشهرستاني (1/ 195 - 224، 2/ 2 - 36)، الفصل لابن حزم (4/ 179 - 188)، الفرق بين الفرق (22/ 54).
أمر فهم شيعة، ثم صارت الشيعة نبزًا لجماعة مخصوصة، وهم الذين يحبون عليًّا رضي الله عنه ويقدمونه على الصحابة رضي الله عنهم، فمن قدمه على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فهو غال في تشيعه، ويطلق عليه رافضي، وإلا فشيعي، وهم المراد هنا. والجمع (1) شيع، مثل سدرة وسدر.
قوله (2): وإذا اختلف التواتر في الوقائع، كحاتم (3) في السخاء، فما اتفقوا عليه بتضمن (4)، أو التزام (5)، هو المعلوم.
وقول من قال: كل عدد أفاد خبرهم علمًا بواقعة لشخص،
(1) انظر: لسان العرب لابن منظور (7/ 258).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (82).
(3)
هو: حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني، فارس، شاعر، جواد، عاش في الجاهلية، يضرب به المثل بجوده، قيل توفي في السنة الثامنة بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم.
انظر: الأعلام (2/ 151)، تهذيب ابن عساكر (3/ 420 - 429)، الشعر والشعراء ص (70).
(4)
دلالة التضمن: هي دلالة اللفظ على جزء مسماه في ضمن كله، ولا تكون إلا في المعاني المركبة، كدلالة الأربعة على الواحد ربعها، فسخاء حاتم يتضمن جوده.
انظر: آداب البحث والمناظرة للشنقيطي ص (13).
(5)
دلالة الالتزام: هي دلالة اللفظ على خارج مسماه، لازم له لزومًا ذهنيًا، بحيث يلزم من فهم المعنى المطابقي فهم ذلك الخارج اللازم، كدلالة "الأربعة" على الزوجية، وكدلالة وقائع علي رضي الله عنه في حروبه أنه فعل كذا وكذا على شجاعته.
انظر: آداب البحث والمناظرة ص (13).
فمثله يفيده في غيرها لشخص آخر صحيح، وإن تساويا من كل وجه، وهو بعيد عادة.
هنا مسألتان: الأولى: التواتر المعنوي (1).
قال (2) عبد الحليم بن تيمية (3): قد يكون التواتر من جهة المعنى، مثاله: أن يروي واحد أن حاتمًا وهب لرجل مائة من الإبل، وأخبر آخر أنه وهب خمسين من العبيد، وأخبر آخر أنه وهب عشرة دنانير، ولا يزال يروي كل واحد من الأخبار شيئًا، فهذه الأخبار تدل على سخاء حاتم.
المسألة الثانية: قول من قال: كل عدد، القائل هو ابن الباقلاني (4)، وأبو الحسين المعتزلي (5)، فإنهما قالا: من حصل بخبره علم بواقعة لشخص، حصل بمثله لغيرها لشخص آخر، مثاله: لو أخبر عشرة زيدًا بواقعة، فحصل العلم بخبرهم، فلو
(1) التواتر المعنوي هو بأن يتواتر معنى في ضمن ألفاظ مختلفة، ولو كان المعنى المشترك فيه بطريق اللزوم.
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 332).
(2)
انظر: المسودة ص (235).
(3)
هو: عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني، الملقب بشهاب الدين، ويكنى بأبي المحاسن، والد شيخ الإسلام تقي الدين أحمد بن تيمية، كان متقنًا للغة عالمًا بالأصول والفرائض، توفي سنة:(682 هـ).
انظر: شذرات الذهب (5/ 376)، ذيل طبقات الحنابلة (2/ 310)، الفتح المبين (2/ 86).
(4)
انظر: الإحكام (2/ 42).
(5)
انظر: المعتمد (2/ 89، 91).
جاءت عشرة أخرى أخبرت عمرًا بواقعة أخرى فعلى قولهم، يحصل العلم لعمرو كما حصل لزيد.
قال جماعة (1): إنما أراد مع التساوي من كل وجه، بمعنى أن العشرة الأولى، إن احتفت بها قرائن، من دين أو صلاح، أو فرط ذكاء، أو غير ذلك، فلا بد أن تحتف بالثانية كذلك، ومثل هذا بعيد عادة.
قوله (2): وخبر الواحد (3): ما عدا التواتر، ذكره في الروضة (4) وغيرها (5). وقيل: ما أفاد الظن. ونقض طرده بالقياس، وعكسه بخبر لا يفيده.
وذكر الآمدي (6) ومن وافقه من أصحابنا (7) وغيرهم (8): إن
(1) انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 344)، منتهى الوصول والأمل ص (71)، الإحكام (2/ 42).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (82 - 83).
(3)
الآحاد لغة: جمع أحد، وهو بمعنى الواحد، وهمزة أحد مبدلة من واو، فأصلها وحد. الأحد بمعنى الواحد، وهو أول العدد: أحد، واثنان، وأحد عشر، وإحدى عشرة.
انظر: لسان العرب لابن منظور (15/ 230 - 232).
(4)
انظر: روضة الناظر (1/ 362).
(5)
انظر: منتهى الوصول والأمل ص (71)، الإحكام (2/ 48)، شرح الكوكب المنير (2/ 345).
(6)
انظر: الإحكام (2/ 48).
(7)
قال الفتوحي في شرح الكوكب (2/ 346): وهو اختيار جمع من أصحابنا وغيرهم، وقطع به ابن حمدان في المقنع.
(8)
انظر: منتهى الوصول والأمل ص (71)، جمع الجوامع مع شرح المحلى (1/ 130).
زاد نقلته على ثلاثة سمي مستفيضًا مشهورًا. وذكره الإسفرائيني، وأنه يفيد العلم نظرًا والمتواتر ضرورة.
اختلفوا في تقسيم الخبر، فمنهم من قسمه إلى متواتر، وآحاد. ومنهم من زاد ثالثًا، وهو المستفيض.
أما إذا قلنا بالتقسيم الأول، وحدّينا المتواتر، فقد علم أن ما عداه آحاد، وهو صحيح، ولأجل هذا اقتصر جماعة عليه.
ومنهم من قال: الآحاد: ما أفاد الظن.
ولا شك أنه منتقض طردًا وعكسًا، إذ طرده، أن غير الآحاد لا يفيد الظن، والحاصل؛ أن القياس يفيده، وعكسه، أن كل خبر آحاد يفيد الظن، والحاصل، أن بعض أخبار الآحاد لا تفيد الظن، وقد تقدم الكلام على الاطراد، والانعكاس، بما يغني عن إعادته، وأن المرجح أن المطرد: هو المانع، والمنعكس: هو الجامع.
وأما على التقسيم الثاني: فاختلفوا في المستفيض، فمنهم من قال: ما زاد ناقلوه على ثلاثة. ومنهم من قال: ما عده الناس شائعًا.
وقال (1) يوسف الجوزي (2): المستفيض: ما ارتفع عن
(1) انظر: الإيضاح لقوانين الاصطلاح ليوسف الجوزي ص (24).
(2)
هو: أبو محمد محيي الدين يوسف بن عبد الرحمن بن علي بن الجوزي القرشي البغدادي الحنبلي برع في علوم كثيرة، ولا سيما التفسير والفقه وأصوله، وصار مقصد طلبة العلم، من مصنفاته: معادن الإبريز في تفسير الكتاب العزيز، والمذهب الأحمد في مذهب أحمد، والإيضاح لقوانين الاصطلاح، توفي سنة:(656 هـ). =
ضعف الآحاد، ولم يلتحق بقوة التواتر (1)، وهو مفيد للظن بحسب مراتبه، كلما كثر عدده، تأكد الظن فيه.
وقال (2) أبو إسحاق الإسفرائيني (3) من الشافعية: يفيد العلم نظرًا، والتواتر ضرورة. وأنكر الجويني (4) ذلك عليه، وبالغ في الإنكار والرد [عليه](5).
قوله (6): مسألة: قيل: عن أحمد رحمه الله في حصول العلم بخبر الواحد قولان (7). والأكثر: لا يحصل. وقول ابن أبي موسى، وجماعة من المحدثين، وأهل النظر: يحصل. وحمله المحققون على ما نقله آحاد الأئمة المتفق على
= انظر: ذيل طبقات الحنابلة (2/ 258 - 261)، شذرات الذهب (5/ 286)، طبقات المفسرين للداودي (2/ 380).
(1)
في المطبوع: "المتواتر"، قال محققه -الدكتور/ فهد السدحان-: في نسخة (ف، ل): التواتر.
(2)
انظر: البرهان (1/ 223)، تشنيف السامع (2/ 961).
(3)
هو إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران، أبو إسحاق، عالم بالفقه والأصول، كان يلقب بركن الدين، من مصنفاته: رسالة في أصول الفقه، وكتاب كبير في علم الكلام سماه "الجامع في أصول الدين والرد على الملحدين"، توفي سنة:(418 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (3/ 111)، وفيات الأعيان (1/ 28)، الفتح المبين (1/ 240 - 241).
(4)
انظر: البرهان (1/ 223).
(5)
في المخطوط "له" والصواب ما أثبته.
(6)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (83).
(7)
انظر: المسودة ص (240).
عدالتهم (1)، وثقتهم، وإتقانهم، من طرق متساوية، وتلقته الأمة بالقبول.
خبر العدل يفيد الظن، نص أحمد في رواية (2) الأثرم (3): أنه يحمل به، ولا نشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله.
وأطلق (4) ابن عبد البر (5)، وجماعة (6): أنه قول جمهور أهل الفقه، والأثر والنظر.
قال بعضهم (7): "وظاهره، ولو مع قرينة، وذكره جماعة قول الأكثر.
ونقل (8)
(1) في المطبوع "عدالته" وهو خطأ.
(2)
انظر: العدة (3/ 898)، التمهيد (3/ 78).
(3)
هو: أبو بكر أحمد بن محمد بن هانئ الطائي، إمام حافظ كثير الرواية عن أحمد، من مصنفاته: العلل، ومعاني الحديث، توفي سنة:(260 هـ). انظر: طبقات الحنابلة (1/ 66)، شذرات الذهب (2/ 141).
(4)
انظر: التمهيد لابن عبد البر (1/ 2).
(5)
هو: الإمام الحافظ يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري القرطبي المالكي، أبو عمر، من كبار حفاظ الحديث، ومؤرخ وأديب، من مصنفاته: التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، والاستيعاب، والاستذكار، توفي سنة:(463 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (7/ 66)، تذكرة الحفاظ (3/ 1128).
(6)
انظر: المسودة ص (298)، منتهى الوصول والأمل ص (71)، والتبصرة ص (298).
(7)
القائل هو ابن مفلح في أصوله (2/ 487).
(8)
انظر: العدة (3/ 900)، التمهيد لأبي الخطاب (3/ 78).
حنبل (1) عن أحمد: "أخبار الرؤية (2) حق نقطع على العلم بها".
وقال (3) له المروذي (4): "هنا إنسان يقول الخبر يوجب عملًا، لا علمًا، فعابه وقال: لا أدري ما هذا؟ ".
وفي كتاب الرسالة (5) لأحمد بن جعفر الفارسي (6) عن أحمد: "لا نشهد على أحد من أهل القبلة أنه في النار لذنب عمله، ولا لكبيرة أتاها، إلا أن يكون ذلك في حديث، كما جاء نصدقه، ونعلم أنه كما جاء".
قال القاضي (7): "ذهب إلى ظاهر هذا جماعة من
(1) هو: أبو علي حنبل بن إسحاق بن حنبل الشيباني، ابن عم الإمام أحمد وتلميذه، ثقة ثبت، من مصنفاته: المسائل -رواها عن الإمام أحمد-، وكتاب التاريخ، توفي سنة:(273 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 143)، شذرات الذهب (2/ 163).
(2)
انظر: صحيح البخاري في كتاب التوحيد، باب {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)} برقم:(7435)(7436)(7437).
وفي صحيح مسلم كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية برقم:(182).
(3)
انظر: العدة (3/ 899).
(4)
هو: أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج، من أجلِّ أصحاب الإمام أحمد، إمام في الفقه والحديث، نقل عن أحمد كثيرًا، توفي سنة:(275 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 56)، شذرات الذهب (2/ 166)، المنهج الأحمد (1/ 172).
(5)
انظر: العدة (3/ 898، 899).
(6)
هو: الاصطخري، وقد سبقت ترجمته.
(7)
انظر: العدة (3/ 900).
أصحابنا، أنه يفيد العلم"، وذكره (1) في مقدمة المجرد (2) عن عالمائنا، وجزم (3) به ابن أبي موسى (4)، وقاله كثير من أهل الأثر (5)، وبعض أهل النظر (6)، والظاهرية (7)، وابن خويزمنداد المالكي (8)(9)، وأنه يخرّج على مذهب مالك (10).
وحمل القاضي (11) كلام أحمد رحمه الله أنه يفيد العلم من جهة الإستدلال، بأن تتلقاه الأمة بالقبول وأن هذا المذهب.
(1) انظر: المسودة ص (247).
(2)
المجرد: كتاب في الفقه جعل مقدمته في الأصول، وهو من أقدم مصنفات أبي يعلى كما قاله ابن القيم، وقد رجع عن مسائل فيه. انظر: المدخل المفصل لأبي زيد (2/ 709).
(3)
انظر: الإرشاد إلى سبيل الرشاد لابن أبي موسى ص (10).
(4)
هو: محمد بن أحمد بن أبي موسى، أبو علي الهاشمي، القاضي الحنبلي. من مصنفاته: الإرشاد في المذهب، وشرح مختصر الخرقي، توفي سنة:(428 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (2/ 182).
(5)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (3/ 78)، النكت على كتاب ابن الصلاح لابن حجر (1/ 374)، التمهيد لابن عبد البر (1/ 8).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 489)، التمهيد لابن عبد البر (1/ 8).
(7)
انظر: الإحكام لابن حزم (1/ 107 - 125).
(8)
هو: محمد بن أحمد بن عبد الله بن خويزمنداد، أصولي فقيه، من كبار المالكية، نقل عن الإمام مالك بعض المسائل الشاذة، من مصنفاته: الخلاف، وأحكام القرآن، والجامع في أصول الفقه.
انظر: الديباج المذهب (268)، ترتيب المدارك (7/ 77 - 78).
(9)
انظر: الإشارة في معرفة الأصول للباجي ص (234)، التمهيد لابن عبد البر (1/ 8).
(10)
انظر: التمهيد لابن عبد البر (1/ 8).
(11)
انظر: العدة (3/ 900).
وفي التمهيد (1)، إذا اجتمعت الأمة على حكمه، وتلقته بالقبول، "ظاهر [كلام] (2) أصحابنا أنه يقع به العلم" ولم يحك خلافه.
قال (3) ابن كثير (4) في علوم الحديث (5) له، عند اختيار ابن الصلاح (6)(7) في أن ما أسند في الصحيحين مقطوع لصحته، قال: قلت: وأنا مع ابن الصلاح فيما عول عليه، وأرشد
(1) انظر: التمهيد (3/ 81).
(2)
ما بين معقوفين سقط من المخطوط، والإكمال من المطبوع.
(3)
انظر: اختصار علوم الحديث لابن كثير مع شرحه الباعث الحثيث لأحمد شاكر ص (33 - 24).
(4)
هو: الحافظ عماد الدين إسماعيل بن محمد بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير الدمشقي الفقيه الشافعي، كان كثير الاستحضار قليل النسيان، جيد الفهم، محدثًا فقيهًا بارعًا مؤرخًا، من مصنفاته:"التاريخ" المسمى بـ (البداية والنهاية)، والتفسير، وكتاب في جمع الأسانيد العشرة وغيرها كثير، توفي سنة:(774 هـ).
انظر: الدرر الكامنة (1/ 373 - 374)، شذرات الذهب (6/ 231)، طبقات المفسرين (1/ 110).
(5)
كتاب اختصر فيه كتاب علوم الحديث لابن الصلاح، وشرحه وحققه الشيخ أحمد محمد شاكر. وقد طبع في دار الفكر.
(6)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (28).
(7)
هو: عثمان بن عبد الرحمن بن موسى الشهرزوري، أبو عمر تقي الدين، والمعروف بابن الصلاح، كان أحد الفضلاء المقدمين في التفسير والحديث والفقه وأسماء الرجال، من تصانيفه: كتاب معرفة أنواع علوم الحديث، ومناسك الحج، توفي سنة:(265 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (3/ 243)، طبقات الشافعية (5/ 137)، الفتح المبين (2/ 65 - 66).
إليه، ثم وقفت بعد هذا على كلام شيخنا العلامة ابن تيمية (1) رحمه الله ورضي عنه- مضمونه: أنه نقل القطع بالحديث الذي تلقته الأمة بالقبول عن جماعات من الأئمة منهم: القاضي عبد الوهاب المالكي (2)(3)، والشيخ أبو حامد الإسفرائيني (4)(5)، والقاضي أبو الطيب الطبري (6)، والشيخ أبو إسحاق الشيرازي (7)(8) من
(1) انظر: محاسن الاصطلاح ص (101)، مجموع الفتاوى (13/ 351 - 352).
(2)
قاله في كتابه "الملخص"، انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح (13/ 373).
(3)
هو: عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي، أبو محمد، قاضي من فقهاء المالكية؛ من تصانيفه، المعونة بمذهب عالم المدينة، شرح رسالة ابن أبي زيد، التلقين، وغيرها كثير، توفي سنة:(422 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (3/ 219)، شذرات المذاهب (3/ 223)، الفتح المبين (1/ 242 - 243).
(4)
انظر: النكت لابن حجر (1/ 375).
(5)
هو: أحمد بن أبي طاهر بن أحمد الإسفرائيني، أبو حامد، الفقيه الشافعي، الأصولي، كان أحد أئمة عصره، المعترف لهم بقوة الجدل والمناظرة، من تصانيفه، كتاب في أصول الفقه، وفي الفقه تعليقه، وشرح مختصر الطوفي، توفي سنة:(406 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (4/ 368)، طبقات الشافعية (3/ 24)، وفيات الأعيان (1/ 72)، والفتح المبين (1/ 236).
(6)
انظر: النكت لابن حجر (1/ 375).
(7)
انظر: اللمع مع شرح للشيرازي (2/ 579)، وفي التبصرة ص (298) قال:"أخبار الآحاد لا توجب العلم".
(8)
هو: إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز أبادي أبو إسحاق الشيرازي، فقيه شافعي، اشتهر بالجدل والخلاف، ونصرة المذهب الشافعي، من تصانيفه: التنبيه والمهذب، وكلاهما في الفقه، واللمع وشرحه والتبصرة في أصول الفقه. توفي سنة:(476 هـ). =
الشافعية، وابن حامد (1)، والقاضي أبو يعلى (2)، وأبو الخطاب (3)(4)، وابن الزاغوني (5)(6)، وأمثالهم من الحنابلة، وشمس الأئمة (7) (8) من الحنفية. قال: "وهو قول أكثر أهل الكلام
= انظر: تاريخ بغداد (6/ 127)، طبقات الشافعية للأسنوي (2/ 7)، والفتح المبين (1/ 268 - 270).
(1)
هو: الحسن بن حامد بن علي بن مروان، أبو عبد الله البغدادي، شيخ الحنابلة في وقته، من تصانيفه: الجامع وشرح مختصر الخرقي في الفقه، شرح أصول الفقه، توفي سنة:(403 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (7/ 303)، شذرات الذهب (3/ 166)، طبقات الحنابلة (2/ 171).
(2)
انظر: المسودة ص (247).
(3)
انظر: التمهيد (3/ 83 - 84).
(4)
هو: محفوظ بن أحمد بن الحسن الكلوذاني، أبو الخطاب، إمام الحنابلة في عصره، من مصنفاته: الهداية والانتصار في المسائل الكبار في الفقه، والتمهيد في أصول الفقه، توفي سنة:(510 هـ).
انظر: ذيل طبقات الحنابلة (1/ 116)، شذرات الذهب (4/ 27)، والفتح المبين (2/ 11).
(5)
هو: علي بن عبيد الله بن نصر الزاغوني الحنبلي، أبو الحسن البغدادي، الفقيه الأصولي، المحدث، اللغوي، من مصنفاته: الإقناع والواضح والخلاف الكبير والمفردات في الفقه، وغرر البيان في أصول الفقه، توفي سنة:(527 هـ). انظر: ذيل طبقات الحنابلة (1/ 180)، شذرات الذهب (4/ 80)، الفتح المبين (2/ 23).
(6)
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 349).
(7)
انظر: أصول السرخسي (1/ 341).
(8)
هو: محمد بن أحمد بن سهل، أبو بكر شمس الأئمة، قاض من كبار علماء الحنفية، كان متكلمًا، مناظرًا، أصوليًّا، مجتهدًا، من مصنفاته: =
من الشافعية وغيرهم، كأبي إسحاق الإسفرائيني (1)، وابن فورك (2) (3). قال: وهو مذهب أهل الحديث قاطبة، ومذهب السلف عامة".
وهو معنى ما ذكره ابن الصلاح استنباطا.
وجه الأول (4): لو أفاد العلم لتناقض [معلومان](5) عند إخبار عدلين بمتناقضين، ولثبتت نبوة من يدعي النبوة بقوله، بلا معجزة.
ولكان كالمتواتر فيعارض به المتواتر، وهو خلاف الإجماع.
ووجه الثاني (6): لو لم يفده، لم يعمل به، لقوله تعالى:
= كتاب المبسوط وشرح السير الكبير لمحمد بن الحسن، وله في الأصول كتاب أصول السرخسي، توفي سنة:(483 هـ).
انظر: الفوائد البهية ص (158)، الجواهر المضيئة (2/ 28)، الفتح المبين (1/ 277 - 278).
(1)
انظر: النكت لابن حجر (1/ 375 - 376).
(2)
انظر: النكت لابن حجر (1/ 376)، الإبهاج (2/ 299).
(3)
هو: محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري الأصبهاني، أبو بكر، واعظ، عالم بالأصول والكلام، من فقهاء الشافعية، من تصانيفه: مشكل الحديث وغريبه، التضامن في أصول الدين، الحدود في أصول الافقه، توفي سنة:(406 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (4/ 272)، طبقات الشافعية (3/ 52 - 56)، الفتح المبين (1/ 238 - 239).
(4)
وهو دليل من قال أنه لا يحصل العلم بخبر الواحد العدل بغير قرينة مطلقًا.
(5)
في المخطوط [معلومات]، والتصويب من أصول ابن مفلح (2/ 492).
(6)
وهو دليل من قال بأن خبر الواحد العدل مطلقًا -سواء كان معه قرينة أم لا- مفيد للعلم.
{وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (1)، {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} (2).
رد: لم يرد بالآيتين مسألتنا؛ بدليل السياق، وإجماع المفسرين (3).
ثم: المراد ما اعتبر فيه قاطع من الأصول، أو الظن في مقابلة قاطع بلا دليل، أو مطلقًا وعمل به (4) هنا (5) للدليل القاطع، وللإجماع.
ووجه الثالث: عصمة الإجماع عن الخطأ.
رد: عملوا بالظاهر، وبما لزمهم، ولا يلزم العلم، والخطأ ترك ما لزمهم.
قوله (6): ومن جحد ما ثبت بخبر الآحاد، في كفره وجهان (7) ذكرهما ابن حامد.
(1) آية (36) من سورة الإسراء.
(2)
آية (116) من سورة الأنعام، وآية (66) من سورة يونس.
وجه الدلالة في الآيتين: أنه لو لم يفد العلم، فلا يخلو إما أن يكون مفيدًا للظن، أو لا، فإن لم يفد الظن لم يجز اتباعه بالاتفاق، وإن أفاد فلا يجوز أيضًا اتباعه لقوله تعالى:{وَلَا تَقْفُ} و {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} ، فنهى في الآية الأولى عن اتباع ما ليس بمعلوم، وذم في الثانية عن متابعة الظن.
انظر: بين المختصر (1/ 660).
(3)
انظر: تفسير القرطبي (10/ 257).
(4)
أي: الظن.
(5)
أي: في الشرعيات.
(6)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (83).
(7)
قال الفتوحي في شرح الكوكب (2/ 353): "والخلاف مبني على القولين =
قال في المسودة (1): "وقد اختلف العلماء في تكفير من يجحد ما ثبت بخبر الواحد العدل، وذكر ابن حامد في أصوله عن أصحابنا في ذلك وجهين، والتكفير منقول (2) عن إسحاق بن راهويه (3) ". انتهى.
قال ابن حامد: لكن غالب أصحابنا على كفره، فيما يتعلق بالصفات.
وذكر في مكان آخر: أن جحد أخبار الآحاد كفر كالتواتر عندنا، فإنه يوجب العلم والعمل، فأما من جحد العلم بها فالأشبه لا يكفر، ويكفر في نحو ما ورد في الاستواء والنزول، ونحوهما من الصفات.
قوله (4): مسألة: إذا أخبر الواحد بحضرته عليه السلام، ولم ينكر، دلّ على صدقه ظنًّا، في (5) قول أصحابنا وغيرهم. وقيل قطعًا.
= بأنه يفيد العلم أولا؟ فإن قلنا: يفيد العلم كفر منكره، وإلا فلا، ذكره البرماوي وغيره".
(1)
انظر: المسودة ص (245).
(2)
انظر: المسودة ص (248) وأصول ابن مفلح (2/ 494).
(3)
هو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد الحنظلي، أبو يعقوب بن راهويه المروزي، ثقة، حافظ، مجتهد، قرين أحمد بن حنبل. ذكر أبو داود أنه تغير قبل موته بيسير، من مصنفاته: المسند والتفسير، توفي سنة:(238 هـ).
انظر: تقريب التهذيب (1/ 54)، وتذكرة الحفاظ (2/ 433).
انظر: شذرات الذهب (2/ 179)، طبقات الشافعية (2/ 83)، وفيات الأعيان (1/ 199).
(4)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (83).
(5)
ما بين معقوفين ليست في المخطوط، والإثبات من المطبوع، وأشار المحقق أنها موجودة في نسخة "ب" فقط.
وكذا الخلاف لو أخبر واحد بحضرة خلق كثير ولم يكذبوه.
وقال ابن الحاجب: "إن عُلم أنه لو كان كاذبًا لعلموه، ولا حامل على السكوت، فهو صادق قطعًا للعادة".
فيه مسألتان: إحداهما: إذا أخبر واحد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر دلّ على صدقه، وإلا كان النبي صلى الله عليه وسلم مقرًا له على الكذب، وأنه محال، وهذا أحد أقسام السنة" لكن هل يدل على صدقه ظنًّا أو قطعًا؟
ظاهر كلام أصحابنا الأول، قاله ابن مفلح (1)، واختاره الآمدي (2)، وغيره (3)، لتطرق الإحتمال.
وقيل (4): قطعًا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقرّ على الكذب.
الثانية: لو أخبر واحد بحضرة خلق كثير، ولم يكذبوه فكذلك.
وقال ابن الحاجب (5): " [إن] (6) علم أنه لو كان كاذبًا لعلموه، ولا حامل على السكوت، فهو صادق قطعًا، للعادة".
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 496).
(2)
انظر: الإحكام (2/ 56 - 57).
(3)
انظر: منتهى الوصول والأمل ص (72).
(4)
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 354)، منتهى الوصول والأمل ص (72).
(5)
والنص مأخوذ من المختصر انظره: مع شرحه بيان المختصر (1/ 662).
(6)
ما ين معقوفين ليس في مختصر ابن الحاجب، وقد نقلها الشارح من أصول ابن مفلح والمختصر لابن اللحام.
انظر: المختصر لابن الحاجب مع شرحه بيان المختصر (1/ 662)، أصول ابن مفلح (2/ 496)، المختصر لابن اللحام ص (83).
ورد: يحتمل لم يعلمه إلا واحد، أو اثنان، والعادة لا تحيل سكوتهما.
ثم: يحتمل مانع.
وحمل القاضي (1) الرواية عن أحمد في إفادة خبر العدل، للعلم على صور منها: هاتان الصورتان.
قال أبو العباس (2): "ومنه: ما تلقاه صلى الله عليه وسلم بالقبول، كإخباره (3) عن تميم الداري (4) [بما أخبر به] (5). ومنه: إخبار شخصين عن قضية يُعلم أنهما لم يتواطآ عليها، ويتعذر في العادة، الاتفاق على الكذب فيها أو الخطأ".
قوله (6): مسألة: إذا انفرد (7) واحد فيما تتوفر الدواعي [على](8) نقله، وقد شاركه خلق كثير كما لو انفرد واحد بقتل خطيب على المنبر في مدينة، فهو كاذب قطعًا، خلافًا للرافضة (9).
(1) انظر: العدة (3/ 900 - 901).
(2)
انظر: المسودة ص (243 - 244).
(3)
مسلم كتاب الفتن باب قصة الجساسة برقم: (2942).
(4)
هو: الصحابي: تميم بن أوس الداري، ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم قصة الجساسة والدجال، فحدث بها الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر، مات سنة (40 هـ).
انظر: الاستيعاب (1/ 193)، والإصابة (2/ 191).
(5)
ما بين معقوفين ليست في المخطوط والإكمال من المطبوع.
(6)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (84).
(7)
في المطبوع "تفرد".
(8)
في المخطوط [عليه] والتصويب من المطبوع.
(9)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 497)، الإحكام للآمدي (2/ 57).
لنا: العلم بكذب مثل هذا عادة؛ فإنها تحيل السكوت عنه، ولو جاز كتمانه، لجاز الإخبار عنه بالكذب، وكتمان مثل بغداد، وبمثله نقطع بكذب مدعي معارضة القرآن (1)، والنص على علي كما تدعيه الشيعة، ولم تنقل شرائع الأنبياء، لعدم الحاجة، ونقلت شريعة موسى، وعيسى عليهما السلام، لتمسك قوم بهما، كلام المسيح في المهد، لأنه قبل ظهوره واتباعه.
قوله (2): مسألة: يجوز العمل بخبر الواحد عقلًا، خلافًا لقوم، لكن هل في الشرع ما يمنعه، أو ليس فيه ما يوجبه؟ قولان.
ويجب العمل به سمعًا عند الأكثر. واختار طائفة من أصحابنا، وغيرهم وعقلًا.
واشترط الجبائي لقبول خبر الواحد، أن يرويه اثنان في جميع طبقاته، كالشهادة، أو يعضده دليل آخر.
قال في المسودة (3): "يجوز التعبد بأخبار الآحاد [عقلًا](4)، في (5) قول الجمهور (6)، ومنع منه قوم (7).
(1) أي: من ادعى أن القرآن عورض، لأنها مما يتوفر الدواعي على نقلها، فلو كانت المعارضة واقعة لنقلت إلينا.
انظر: بيان المختصر (1/ 663).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (84).
(3)
انظر: المسودة ص (237).
(4)
ما بين معقوفتين ليست في المخطوط والإكمال من المطبوع.
(5)
في المخطوط [وفي] بزيادة "الواو" والتصحيح من المطبوع.
(6)
انظر: العدة (3/ 857)، منتهى الوصول والأمل ص (73)، المستصفى (1/ 276)، الإحكام (2/ 60).
(7)
نسبه ابن السبكي في الإبهاج (2/ 300): إلى جمهور الرافضة ومن تابعهم =
قال ابن عقيل (1): وأظنه قول الجبائي (2).
قال ابن برهان (3): صار إليه طائفة من مبتدعة (4) المتكلمين".
وقال ابن مفلح (5): "يجب العمل بخبر الواحد، وجوّزه قوم، وقوم التعبد به عقلًا.
لنا: لا يلزم منه محال (6)، وليس احتمال الكذب والخطأ
= من أهل الظاهر كابن داود والقاساني. وانظر: العدة (3/ 857، 861)، روضة الناظر (1/ 366)، شرح الكوكب المنير (2/ 365)، المستصفى (1/ 276).
(1)
انظر: الواضح (4/ 362).
(2)
قال ابن السبكي في الإبهاج (2/ 300): فإن قلت ما وجه الجمع بين منع الجبائي هنا التعبد به عقلًا، واشتراطه العدد -كما سيأتي إن شاء الله تعالى- النقل عنه فإن قضيت اشتراطه العدد القول به، قلت: قد يجاب بوجهين أقربهما: أنه أراد بخبر الواحد الذي أنكره هنا ما نقله العدل منفردًا به دون خبر الواحد المصطلح، أعني الشامل لكل خبر لم يبلغ حد التواتر، ولهذا كانت عبارة إمام الحرمين: ذهب الجبائي إلى أن خبر الواحد لا يقبل، بل لا بد من العدد، وأقله اثنان. الثاني: أنه يجعله من باب الشهادة.
انظر: البرهان (1/ 231).
(3)
في كتابه الوصول (2/ 156) قال: "خلافًا لبعض المعتزلة".
(4)
كلمة "مبتدعة" ليست في المطبوع.
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 501).
(6)
أي: لم يمنع أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إذا أخبر عدل واحد بحديث عني وظننتم صدقه فاعملوا به.
انظر: بيان المختصر (1/ 668).
بمانع، وإلا منع في الشاهد والمفتي، ولا يلزم نقل القرآن لقضاء العادة فيه بالتواتر".
قال في المسودة (1): "واختلف نفاة العمل بخبر الواحد شرعًا: هل يجوز التعبد به عقلًا؟ على مذهبين، ومن أجازه عقلًا، اختلفوا؛ هل ورد في الشرع ما (2) يمنع العمل به، أو لم يرد فيه ما يوجب العمل به؟ على مذهبين، حكى الكل الجويني"(3).
وقال القاضي (4)، وغيره (5): يجب العمل عندنا به سمعًا، وقاله (6) عامة الفقهاء، والمتكلمون، ونص في الكفاية (7) وعقلًا، واختاره أبو الخطاب (8)، وقاله (9) ابن سريج (10)
(1) انظر: المسودة ص (238).
(2)
في المطبوع [بما].
(3)
انظر: البرهان (1/ 228).
(4)
انظر: العدة (3/ 858).
(5)
انظر: تيسير التحرير (3/ 82)، تنقيح الفصول ص (357)، تشنيف المسامع (2/ 962).
(6)
انظر: التمهيد لأبي الخطاب (3/ 45)، روضة الناظر (1/ 370)، تيسير التحرير (3/ 82)، تنقيح الفصول (357)، الإحكام (2/ 65).
(7)
انظر: العدة (3/ 857)، المسودة ص (237).
(8)
انظر: التمهيد (3/ 45).
(9)
انظر: الإبهاج (2/ 300) الإمام أبو العباس بن سريج وآراؤه الأصولية ص (37).
(10)
هو: أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، أبو العباس، كان شيخ الشافعية في عصره، وانتهت إليه الرحلة، وقصده الناس من كل البلدان في طلب العلم، =
والقفال (1)، الشافعيان، وأبو الحسين المعتزلي (2).
ولم يحتج أحمد (3) رحمه الله في وجوب العمل به إلا بالشرع، وأدلته كثيرة جدًّا، منها: إجماع الصحابة (4) رضي الله عنهم على قبوله، فقد اشتهر ذلك عنهم في وقائع لا تنحصر، وإن لم يتواتر آحادها يحصل العلم بمجموعها، كقصة (5) الصديق رضي الله عنه لما جاءته الجدة تطلب ميراثها، فإنه سأل الناس: (من علم
= له نحو 400" مصنف، منها في الفقه التقريب بين المزني والشافعي، والرد على محمد بن الحسن ومختصر في الفقه، وفي الأصول الرد على ابن داود في إبطال القياس، توفي سنة:(306 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (2/ 87)، وفيات الأعيان (1/ 66)، تاريخ بغداد (4/ 287)، الفتح المبين (1/ 175 - 176).
(1)
هو: محمد بن علي بن إسماعيل الشاشي، القفال، أبو بكر، من أكابر علماء عصره بالفقه والأصول والحديث واللغة والأدب، وعنه انتشر مذهب الشافعي فيما وراء النهر، من مصنفاته: كتاب في أصول الفقه وشرح الرسالة للشافعي، ودلائل النبوة، وتفسير القرآن، توفي سنة:(365 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (2/ 176)، وفيات الأعيان (4/ 200)، والفتح المبين (1/ 212 - 213).
(2)
انظر: المعتمد (1/ 106).
(3)
انظر: العدة (3/ 859 - 860)، وأصول ابن مفلح (2/ 503).
(4)
انظر: روضة الناظر (1/ 370)، أصول ابن مفلح (2/ 503)، البرهان للجويني (1/ 229)، المستصفى (1/ 276).
(5)
أخرجه أبو داود في كتاب الفرائض، باب الجدة برقم:(2894).
والترمذي في كتاب الفرائض، باب ما جاء في ميراث الجدة برقم:(2100)(2101).
وابن ماجه في كتاب الفرائض، باب ميراث الجدة برقم:(2724).
قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها؟ )، فشهد له محمد بن مسلمة (1)، والمغيرة بن شعبة (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فرجع إلى قولهما، وعمل به عمر رضي الله عنه بعده.
وعمر رضي الله عنه في قضية الجنين (3) لما قال: "أذكر الله امرءًا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين" فقال: حمل بن مالك بن النابغة (4)(قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة)، فقال عمر:"لو لم نسمع هذا لقضينا بغيره".
وكان (5) لا يورث المرأة من دية زوجها، حتى أخبره الضحاك (6):
(1) هو الصحابي: محمد بن مسلمة بن سلمة الأوسي الأنصاري الحارثي، أبو عبد الرحمن المدني، شهد المشاهد كلها إلا غزوة تبوك، واعتزل الفتن التي حدثت بعد مقتل عثمان رضي الله عنه، توفي سنة:(46 هـ).
انظر: الإستيعاب (3/ 1379)، الإصابة (6/ 63).
(2)
هو الصحابي: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر، أسلم قبل عمرة الحديبية، وكان من أذكياء العرب، تولى عدة مناصب في ولاية معاوية، توفي سنة:(50 هـ).
انظر: الاستيعاب (4/ 1445)، الإصابة (6/ 131).
(3)
لم أجده بهذا اللفظ وأصله في الصحيحين.
انظر: البخاري كتاب الديات، باب جنين المرأة برقم:(6509).
مسلم كتاب القسامة، باب ديات الجنين برقم:(1681).
(4)
هو الصحابي: حمل بن مالك بن النابغة بن جابر الهذلي البصري، استعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات هذيل، وعاش إلى خلافة عمر رضي الله عنه.
انظر: الاستيعاب (1/ 376)، الإصابة (2/ 38).
(5)
أي: عمر رضي الله عنه.
(6)
هو الصحابي: الضحاك بن سفيان بن عوف الكلابي، أبو فضلة، كان على صدقات قومه، كان أحد الأبطال ويعد بمئة فارس.
انظر: الإصابة (3/ 267)، الاستيعاب (2/ 742).
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضبابي (1) من دية زوجها) (2) ورجع إلى حديث (3) عبد الرحمن بن عوف (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم في المجوس (5): "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، إلى غير ذلك.
(1) هو: أشيم -بوزن أحمد- الضبابي، قتل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا، فأمر الضحاك بن سفيان أن يورث امرأته من ديته.
انظر: الإصابة (1/ 51)، الاستيعاب (1/ 138).
(2)
أبو داود كتاب الفرائض، باب في المرأة ترث من دية زوجها برقم:(2927)، والترمذي في كتاب الافرائض، باب ما جاء في ميراث المرأة من دية زوجها برقم (2110) وقال: حديث حسن صحيح.
وابن ماجه في كتاب الديات، باب الميراث من الدية برقم:(2642).
(3)
الحديث بهذا اللفظ رواه الشافعي في مسنده، في كتاب الجزية ص (209) وإسناده منقطع.
انظر: شفاء العي بتخريج وتحقيق مسند الإمام الشافعي (2/ 260)، وسلسلة الأحاديث الضعيفة (1248)، وأصله في السنن، انظر: سنن أبي داود، كتاب الخراج، باب أخذ الجزية من المجوس برقم:(3043، 3044).
والترمذي في كتاب السير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم باب ما جاء في أخذ الجزية من المجوس برقم: (1588).
(4)
هو الصحابي: عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري، أبو محمد، أحد العشرة المبشرين بالجنة، شهد المشاهد كلها، وكان من أغنياء الصحابة، توفي سنة:(31 هـ).
انظر: الاستيعاب (2/ 844)، والإصابة (4/ 176).
(5)
المجوس: هم الذين أثبتوا أصلين يقتسمان الخير والشر، والنفع والضر، والصلاح والفساد، وهما النور والظلمة، وقالوا: النور أزلي، والظلمة محدثة، وقيل: إنهم عبدة النار.
انظر: تفصيل مذهبهم في الملل والنحل (1/ 233 - 244).
ومنها: ما تواتر من إنفاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمراءه، ورسله، وقضاته، وسعاته إلى الأطراف (1) لتبليغ الأحكام، والقضاء، وأخذ الصدقات، وتبليغ الرسالة، ومن المعلوم أنه كان يجب عليهم تلقي ذلك بالقبول، ليكون مفيدًا، والنبي صلى الله عليه وسلم مأمورٌ بتبليغ الرسالة، ولم يكن يبلغها ممن لا يكتفي به.
وذهب الجبائي (2): إلى أن خبر الواحد، إنما يقبل إذا رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم اثنان، ثم يرويه عن كل واحد منهما اثنان، إلى [أن يصير](3) في زماننا إلى حد يتعذر معه [إثبات حديث أصلًا](4)، وقاسه على الشهادة، هكذا ذكره عنه الشيخ (5).
ونقل غيره عن (6) الجبائي: أنه اعتبر لقبوله موافقة خبر آخر أو ظاهرًا، أو انتشاره في الصحابة أو عمل بعضهم به.
وحكي عنه (7): أنه اعتبر في خبر الزنا أربعة.
(1) انظر: العدة (3/ 863 - 864)، روضة الناظر (1/ 380)، المستصفى (1/ 276).
(2)
قال أبو الحسين البصري في المعتمد (2/ 138): "وقال أبو علي: إذا روى العدلان خبرًا وجب العمل به، وإن رواه واحد فقط لم يجز العمل به إلا بأحد شروط منها: أن يعضده ظاهرًا، أو عمل بعض الصحابة، أو اجتهاد، أو يكون منتشرًا".
(3)
ما بين معقوفين مطموس في المخطوط، والإكمال من الروضة (1/ 382).
(4)
في المخطوط: [اثنان] والتصويب والإكمال من الروضة.
(5)
الشيخ: مشترك لفظي عند الحنابلة بين الشيخ الموفق ابن قدامة والشيخ تقي الدين بن تيمية، والمراد به عند الجراعي الأول.
انظر: المدخل المفصل لأبي زيد (1/ 201 - 202)، وروضة الناظر (1/ 382).
(6)
انظر: المعتمد (2/ 138).
(7)
انظر: المعتمد (2/ 138).
وما قاله باطل بما ذكرنا من الدليل على قبول خبر الواحد، ولا يصح قياسه على الشهادة، فإن الرواية تخالف الشهادة في أشياء كثيرة.
قال أبو الخطاب (1): والعقل يقتضي وجوب قبول خبر الواحد، لأمور ثلاث (2):
أحدها: أنا لو قصرنا العمل على القطع، لعطلت (3) الأحكام، لندرة القواطع، وقلة مدارك اليقين.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الكافة، ولا يمكنه مشافهة جميعهم، ولا إبلاغهم بالتواتر.
الثالث: أنا إذا ظننا صدق الراوي فيه، ترجح وجود أمر الله تعالى، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم، والاحتياط: العمل بالراجح.
وقال الأكثرون (4): لا يجب التعبد بخبر الواحد عقلًا، ولا يستحيل ذلك، ولا يلزم من عدم التعبد به تعطيل الأحكام؛ لإمكان البقاء على البراءة الأصلية والاستصحاب (5)، والنبي صلى الله عليه وسلم مكلف بتبليغ من أمكنه تبليغه، دون من لا يمكنه، كمن في الجزائر ونحوها.
(1) نقلها الجراعي نصًّا من الروضة، أما أبو الخطاب فإنه أشار إليه إشارة.
انظر: روضة الناظر (1/ 368)، التمهيد لأبي الخطاب (3/ 35، 70).
(2)
في روضة الناظر "ثلاثة".
(3)
في المخطوط [تعطلت].
(4)
انظر: روضة الناظر (1/ 368).
(5)
الاستصحاب لغة: طلب المصاحبة واستمرارها. وشرعًا: استدامة إثبات ما كان ثابتًا أو نفي ما كان منفيًا.
انظر: إعلام الموقعين (1/ 294).
تنبيه: ما ذكر عن الجبائي من اشتراطه اثنين في جميع طبقاته، خارج عن مذهب أكثر الفقهاء، في شهادة الفرع على الأصل (1)، فإن أكثرهم لم يشترط أن يشهد على كل أصل فرعان، بل يكفي أن يشهد على شاهدي الأصل، شاهدا فرع، هذا مذهب أبي حنيفة (2)، والشافعي (3)، وأحمد (4) رضي الله عنهم.
وفي قول للشافعي (5) -رحمهُ اللهُ تعالى-: يشترط أن يشهد على كل أصل فرعان، وهو قولًا (6) ابن بطة (7)، من الحنابلة.
قوله (8): الشرائط في الراوي (9)، منها: العقل، إجماعًا. ومنها: البلوغ عند الجمهور، وعن أحمد رحمه الله: تقبل شهادة المميز فهنا (10) أولى.
(1) وصورته أن يقول الفرع: أشهد على فلان (الأصل) أنه شهد أن لفلان على فلان كذا.
(2)
انظر: بدائع الصنائع (6/ 282).
(3)
انظر: مغني المحتاج للشربيني (6/ 389).
(4)
انظر: المغني لابن قدامة (14/ 205).
(5)
انظر: المهذب مع شرحه المجموع (10/ 268).
(6)
انظر: المغني (14/ 206).
(7)
هو: عبيد الله بن محمد بن حمدان، أبو عبد الله العكبري، المعروف بابن بطة، كان أحد المحدثين العلماء الزهاد، من مصنفاته: كتاب السنن، والإبانة في أصول الديانة، والمناسك، توفي سنة:(387 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (2/ 144)، تاريخ بغداد (10/ 371)، شذرات الذهب (3/ 122).
(8)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (84).
(9)
المراد عند الأداء.
(10)
في المطبوع: "فههنا".
فإن تحمل صغيرًا، عاقلًا ضابطًا، وروى كبيرًا، قبل عند إمامنا، وغيره.
ومنها: الإسلام، إجماعًا، لاتهام الكافرين في الدين ..
الشرائط: جمع واحدها شرط. قال (1) ابن أبي الفتح (2): "الشرط بسكون الراء، يجمع على شروط وعلى شرائط".
وقال (3) الجوهري (4): "الشرط معروف، وكذلك الشريطة، وجمعها شرائط".
ولما فرغ المصنف من الكلام على الخبر شرع يتكلم على شروط راويه، منها: العقل، إجماعًا (5) إذ المجنون والطفل، لا يميزان ما يقولان، ولا يعرفان الله تعالى، ولا يخافانه، ولا تلحقهما مآثم، فلا يعتمد على قولهما، ولا يعتد به.
(1) انظر: المطلع على أبواب المقنع لابن أبي الفتح ص (54).
(2)
هو: شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل البعلي، الفقيه الحنبلي المحدث النحوي اللغوي، قرأ العربية واللغة على ابن مالك ولازمه حتى برع في ذلك، من تصانيفه:"شرح ألفية ابن مالك، وكتاب المطلع على أبواب المقنع" في تغريب ألفاظه ولغاته، وشرح الرعاية في الفقه لابن حمدان وله تعاليق كثيرة في الفقه والنحو، مات سنة (709 هـ).
انظر: شذرات الذهب (6/ 20 - 21)، ذيل كبقات الحنابلة (2/ 356 - 357).
(3)
انظر: الصحاح للجوهري (3/ 1136).
(4)
هو: إسماعيل بن حماد الجوهري، أبو نصر الفارابي اللغوي، كان من أعاجيب الزمان ذكاء وفطنة وعلمًا، من مصنفاته وأشهرها: الصحاح، توفي سنة:(400 هـ).
انظر: بغية الوعاة (1/ 446)، شذرات الذهب (3/ 142).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 516)، شرح الكوكب المنير (2/ 379).
ومنها: البلوغ، عندنا (1)، وعند الجمهور، كالأئمة الثلاثة (2) وغيرهم (3)، لاحتمال كذبه، كالفاسق، بل أولى [لأنه غير مكلف فلا يخاف العقاب](4).
واستدل: بعدم قدرته على الضبط.
ونقض: بالمراهق، وبأنه لا يقبل إقراره على نفسه، فهنا أولى.
ونقض: بمحجور عليه، وعبد.
وعن أحمد (5) رحمه الله: تقبل شهادة المميز.
وعنه (6): ابن عشر.
(1) انظر: المصدر السابق.
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 516)، شرح الكوكب المنير (2/ 379)، بديع النظام (1/ 353)، منتهى الوصول والأمل ص (76)، الإحكام للآمدي (2/ 83).
(3)
انظر: المصادر السابقة.
(4)
في المخطوط [لأنه مكلف يخاف العقاب] وهو خطأ، والتصويب من شرح الكوكب المنير (2/ 380).
(5)
قال ابن قدامة: "وعن أحمد- رحمه الله رواية أخرى، أن شهادتهن تقبل في الجراح، إذا شهدوا قبل الافتراق عن الحالة التي تجارحوا عليها، فإن تفرقوا لم تقبل شهادتهم، لأنه يحتمل أن يلقنوا".
انظر: المغني لابن قدامة (14/ 146)، أصول ابن مفلح (2/ 516).
(6)
قال ابن حامد: "فعلى هذه الرواية، تقبل شهادتهم في غير الحدود والقصاص كالعبيد".
قال ابن قدامة: "والمذهب أن شهادتهم لا تقبل في شيء".
انظر: المغني لابن قدامة (14/ 146 - 147)، أصول ابن مفلح (2/ 516).
واختلف الصحابة، والتابعون [في قبول شهادته](1)، قال بعض علمائنا (2): فههنا أولى.
قال الشيخ مجد الدين (3): "وقد يتخرج فيه روايتان، كشهادته وولايته".
وإن تحمل صغيرًا، عاقلًا ضابطًا، وروى كبيرًا، قبل عند أحمد (4) رحمه الله والجمهور (5)، لإجماع الصحابة رضي الله عنه ومن بعدهم، على قبول مثل ابن عباس، وابن الزبير (6)، ولإسماع الصغار، وكالشهادة، وأولى (7).
ومنها: الإسلام، إجماعًا (8)، لتهمة عداوة الكافر للرسول صلى الله عليه وسلم
(1) ما بين معقوفين ليس موجودًا في المخطوط، والإكمال من شرح الكوكب (2/ 380).
(2)
القائل ابن مفلح في أصوله (2/ 517).
(3)
انظر: المسودة ص (258).
(4)
انظر: العدة (3/ 949).
(5)
انظر: العدة (3/ 949)، روضة الناظر (1/ 386)، بديع النظام (1/ 353)، منتهى الوصول والأمل ص (76)، الإحكام (2/ 84).
(6)
هو الصحابي: عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو بكر القرشي الأسدي، من صغار الصحابة، ولد سنة اثنتين من الهجرة، وقيل: في السنة الأولى، بويع بالخلافة بعد موت معاوية بن يزيد، وظل كذلك حتى قتل وصلب سنة (73 هـ).
انظر: الاستيعاب (3/ 904)، الإصابة (4/ 69).
(7)
أي: كما أن شهادته بما تحمله قبل بلوغه مقبولة، فروايته أولى.
(8)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 518)، تيسير التحرير (3/ 14)، منتهى الوصول والأمل ص (77)، المحصول (2/ 396). =
وشرعه، ويأتي الكلام على المبتدع (1).
قوله (2): ومنها العدالة (3)، وهي:"محافظة دينية، تحمل على ملازمة التقوى والمروءة، ليس معها بدعة". وتتحقق باجتناب الكبائر وترك الإصرار على الصغائر، وبعض المباح.
من شروطه: العدالة، قال بعضهم (4): إجماعًا. قال في
= -قال الرازي في المحصول (2/ 396): "أجمعت الأمة على أنه لا تقبل روايته -أي الكافر- سواء علم من دينه الاحتراز من الكذب، أو لم يعلم".
- قال أبو الخطاب (3/ 12): "أجمعوا على رد خبر من كفر لا بتأويل، بل ابتغاء غير الإسلام دينًا، وأما المستمسك بالإسلام، فقد سمعوا حديثهم على ما بيّنا".
- قال الآمدي في الإحكام (2/ 84 - 85): "الكافر إما أن لا يكون منتميًا إلى الملة الإسلامية كاليهودي، والنصراني ونحوه، أو هو منتمٍ إليهم كالجسم، فإن كان الأول فلا خلاف في امتناع قبول روايته، وإن كان الثاني، فقد اختلفوا فيه".
- قال الآمدي (2/ 40): "وهو باطل -أي اشتراط الإسلام في خبر التواتر- فإنا نجد من أنفسنا العلم بأخبار العدد الكثير، وإن كانوا كفارًا، كما لو أخبر أهل قسطنطينية بقتل ملكهم، وليس ذلك إلا أن الكثرة مانعة من التواطؤ على الكذب، وإن لم يكن ذلك ممتنعًا فيما كان دون تلك الكثرة".
(1)
انظر: ص (51).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (84).
(3)
انظر: منتهى الوصول والأمل لابن الحاجب ص (77)، شرح الكوكب (2/ 382).
(4)
القائل ابن مفلح، انظر: أصول ابن مفلح (2/ 529).
التمهيد (1): "يحتمل باطنًا، كالشهادة"، وذكره الآمدي (2) عن الأكثر، منهم الشافعي (3)، وأحمد (4) رحمهما الله، ويحتمل ظاهرًا، اختاره القاضي (5)، للمشقة، وللشافعية (6) خلاف.
ثم ذكر المصنف تفسير العدالة، وقد ذكر التاج السبكي (7):"أنها ملكة [تمنع عن] (8) اقتراف الكبائر وصغائر الخسة، كسرقة لقمة، والرذائل المباحة، كالبول في الطريق".
فالصفة النفسانية إذا كانت راسخة يقال لها: الملكة (9)، فهي معنى قول المصنف:"محافظة"(10).
وقال ابن قاضي (11) الجبل: العدالة لغة (12): التوسط في
(1) انظر: التمهيد (3/ 122).
(2)
انظر: الإحكام للآمدي (2/ 90).
(3)
انظر: المصدر السابق.
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 530)، شرح الكوكب المنير (2/ 382).
(5)
انظر: العدة (3/ 925، 937).
(6)
انظر: تشنيف المسامع (2/ 994 - 995).
(7)
انظر: جمع الجوامع مع شرحه تشنيف المسامع (2/ 992).
(8)
في المخطوط: [تمتنع عن]، والتصويب من المطبوع.
(9)
قال الزركشي في تشنيف المسامع (2/ 993): وإن لم تكن راسخة يقال لها: الحالة، فالكيفية النفسانية أول حدوثها حال، ثم تصير ملكة، فقال: ملكة، لينبه على رسوخها.
(10)
لأن المحافظة هي لازم الهيئة والصفة الراسخة مثالها في بيان المختصر (1/ 697).
(11)
ذكره في شرح الكوكب (2/ 383) ولم ينسبه له.
(12)
قال الزبيدي في تاج العروس (8/ 9): "العدل، والعدالة في اللغة =
الأمر، من غير زيادة ولا نقصان وهيئة في النفس موجبة ملازمة التقوى والمروءة (1)[تتحقق](2) باجتناب الكبائر، [وترك](2) الإصرار على الصغائر.
واصطلاحًا: عبارة عن أهلية قبول الشهادة (3).
إذا تقرر هذا، فلا يقبل خبر فاسق؛ لأن الله تعالى قال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (4)، وهذا زجر عن الاعتماد على قول الفاسق؛ ولأن من لا يخاف الله تعالى خوفًا يردعه عن الكذب لا تحصل الثقة بقوله.
قوله (5): والمعاصي كبائر وصغائر عند الأكثر، خلافًا للأستاذ، فالكبيرة ما فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة، نص عليه إمامنا، وقال أبو العباس: أو لعنة أو غضب أو نفي إيمان.
الجمهور (6) على أن المعاصي تنقسم إلى صغائر وكبائر.
= ضد الجور، وهو ما قام في النفوس أنه مستقيم، وقيل: هو الأمر المتوسط بين الإفراط والتفريط".
(1)
أي: أن العدالة: هيئة في النفس من الدين تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة جميعًا حتى يحصل ثقة النفس بصدقه.
(2)
ما بين معقوفين ليست في المخطوط والسياق يقتضيها. وانظرها في قول الماتن.
(3)
زاد الآمدي في أحكامه (2/ 88): والرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
(4)
آية (6) من سورة الحجرات.
(5)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (84 - 85).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 535)، بديع النظام (1/ 355 - 356)، منتهى الوصول والأمل ص (77)، الإحكام (2/ 88).
وقال (1) الأستاذ (2) والقاضي أبو بكر وابن القشيري (3) والشيخ (4) من الشافعية: المعاصي كلها كبائر، ونقله ابن فورك (5) عن الأشعرية، واختاره.
قال القرافي (6): وكأنهم كرهوا تسمية معصية الله تعالى صغيرة؛ إجلالًا لله عز وجل، مع أنهم وافقوا في الجرح أنه لا يكون لمطلق المعصية، وإن من الذنوب ما يكون قادحًا في العدالة وما لا يقدح، وهذا مجمع عليه، وإنما الخلاف في التسمية والإطلاق".
(1) انظر: أقوالهم: جمع الجوامع وشرحه التشنيف (2/ 1002)، وكذا شرح المحلى على جمع الجوامع (2/ 153)، فتح الباري (2/ 153).
(2)
هو: الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني. انظر: شرح المحلى (2/ 153).
(3)
هو: عبد الرحيم بن عبد الكريم بن هوازن، النيسابوري، أبو نصر، المعروف بابن القشيري، كان إمامًا بارعًا في الأصول والتفسير والوعظ والفقه والخلاف، من مصنفاته: التيسير في التفسير، توفي سنة:(514 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (7/ 159)، شذرات الذهب (4/ 45).
(4)
هو: تقي الدين السبكي والد تاج الدين. انظر: شرح المحلى (2/ 153).
وهو: علي بن عبد الكافي بن علي بن تمام السبكي، أبو الحسن، تقي الدين، شيخ الإسلام في عصره، وأحد الحفاظ المفسرين المناظرين، كان محققًا بارعًا في العلوم، منصفًا في البحث، بلغت مصنفاته نحو مائة وخمسين كتابًا منها: تفسير القرآن الكريم، شرح المنهاج في الفقه، شرح جزء من منهاج البيضاوي، توفي سنة:(756 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (6/ 146 - 226)، الدرر الكامنة (3/ 63).
(5)
انظر: تشنيف المسامع (2/ 1002).
(6)
انظر: الفروق للقرافي (1/ 121).
والصحيح التغاير لقوله تعالى {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (1).
ثم: الأخبار في الصحاح (2) وغيرها مختلفة في عدد الكبائر، وكلام العلماء (3).
والكبيرة عند أحمد (4) -رحمهُ اللهُ تعالى-: ما فيه حد في الدنيا أو وعيد خاص في الآخرة، أو وعد الله مجتنبها بتكفير الصغائر.
ولأنه معنى قول ابن عباس (5)، ذكره أحمد وأبو عبيد (6).
وفي المعتمد (7) للقاضي: لا يعلمان (8) إلا بتوقيف.
(1) آية (31) من سورة النساء.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب المحاربين، باب رمي المحصنات، وفي كتاب الديات، باب قوله تعالى {وَمَنْ أَحْيَاهَا} . ومسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها برقم:(87)(88)(89)(90).
(3)
انظر: العدة (3/ 944)، أصول ابن مفلح (2/ 536)، تيسير التحرير (3/ 45)، قواعد الأحكام (1/ 24)، الكبائر للذهبي ص (8)، شرح المحلى على جمع الجوامع (2/ 153، 165)، زاد المسير (2/ 62 - 66).
(4)
انظر: العدة (3/ 946).
(5)
انظر: زاد المسير (2/ 66)، فتح الباري (10/ 503).
(6)
هو: القاسم بن سلام الهروي الخراساني البغدادي، من كبار العلماء بالحديث والأدب والفقه، من مصنفاته: الغريب المصنف في غريب الحديث، والأموال، والأمثال، توفي سنة:(224 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (12/ 403)، طبقات الشافعية (2/ 153).
(7)
كتاب في أصول الفقه للقاضي أبي يعلى، انظر: أصول ابن مفلح (2/ 536)، المدخل المفصل (2/ 942).
(8)
أي: الكبيرة والصغيرة.
والكذب من الصغائر، في رواية عن أحمد (1) رحمه الله، فلا تقدح كذبة واحدة للمشقة، وعدم دليله.
وذكر ابن عقيل (2) في الشهادة من الفصول (3)، أنه ظاهر مذهب أحمد -رحمهُ اللهُ تعالى- وعليه جمهور أصحابه.
وعن أحمد (4) ترد بكذبة واحدة. واحتج أحمد بأنه صلى الله عليه وسلم رد شهادة رجل في كذبه، وإسناده جيد (5)، لكنه مرسل، رواه إبراهيم الحربي (6)
(1) انظر: المسودة ص (262)، أصول ابن مفلح (2/ 536)، وقال في شرح الكوكب (2/ 396): إنه الصحيح من المذهب.
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 538)، شرح الكوكب (2/ 395).
(3)
هو: أحد مطولات كتب الفقه الحنبلي، ويسمى أيضًا "كفاية المفتي"، يقع في عشرة أجزاء، مصورتها في جامعة أم القرى (13، 110، 124، 264).
انظر: المدخل المفصل لأبي زيد (2/ 811).
(4)
انظر: العدة (3/ 926، 927)، المسودة ص (262).
(5)
أخرجه إبراهيم الحربي في كتاب النهي عن الكذاب؛ بإسناد عن موسى الجندي، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/ 196)، من حديث معمر عن موسى بن شيبة، ويقال ابن أبي شيبة.
قال ابن حجر في تهذيب التهذيب (10/ 349): قلت: ذكره العقيلي في الضعفاء، وأخرج من طريق عبد الرزاق عن معمر عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبطل شهادة رجل في كذبه. قال معمر: لا أدري، كذب على الله أو على رسوله.
قال العقيلي: لا يتابع عليه، ولا يعرف إلا به.
انظر: العدة (3/ 927)، الضعفاء للعقيلي (4/ 162، 163).
(6)
هو: إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم الحربي، فقيه حافظ، نقل عن أحمد، من مصنفاته: غريب الحديث، دلائل النبوة، توفي سنة:(285 هـ). =
والخلال (1)، وجعله في التمهيد (2) إن صح للزجر.
وفيه وعيد في منامه (3) صلى الله عليه وسلم في الصحيح. وفي الصحيحين (4) من حديث أبي بكرة (5) أنه صلى الله عليه وسلم ذكر شهادة الزور وقول الزور من الكبائر.
= انظر: طبقات الحنابلة (1/ 86)، تذكرة الحفاظ ص (584)، شذرات الذهب (2/ 190).
(1)
هو: أحمد بن محمد بن هارون، أبو بكر الخلال البغدادي، الفقيه، جمع مذهب الإمام أحمد وصنفه، كان واسع العلم شديد الاعتناء بالآثار، من مصنفاته: السنة والعلل، والجامع لعلوم الإمام أحمد وغيرها، توفي سنة:(311 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (2/ 12)، شذرات الذهب (2/ 261)، المنهج لأحمد (2/ 5).
(2)
انظر: التمهيد (3/ 111).
(3)
قلت: لعل مراده ما ورد في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام كما في صحيح البخاري وفيه: (رأيت رجلين أتياني، قال الذي رأيته يشق شدقه فكذاب يكذب بالكذبة فتحمل عنه حتى بلغ الآفاق إلى يوم القيامة). أخرجه البخاري في كتاب الأدب، باب قول الله تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119)} برقم: (20177).
(4)
وهو قوله عليه السلام: "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثًا، قلنا: نعم -يا رسول الله- قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت".
أخرجه البخاري، باب ما قيل في شهادة الزور برقم:(2653)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها برقم:(87).
(5)
هو الصحابي: نفيع بن الحارث بن كلدة، ويقال نفيع بن مسروح، الثقفي، مشهور بكنيته، كان من فضلاء الصحابة، تدلى إلى النبي صلى الله عليه وسلم من حصن الطائف ببكرة فاشتهر بأبي بكرة، وهو ممن اعتزل الفتنة يوم الجمل، وممن شهد على المغيرة بن شعبة بالزنا، فجلد لعدم اكتمال العدد، توفي سنة:(51 هـ).
انظر: الإصابة (3/ 572)، الاستعياب (3/ 567).
واختار ابن عقيل (1) في الواضح هذه الرواية (2).
فأما الكذبة الواحدة في الحديث، فتقدح وتقبل توبته، في ظاهر كلام جماعة من أصحابنا (3)، وقاله بعضهم (4)، وكثير من العلماء (5)؛ لكن في غير ما كذب فيه، كتوبته مما أقر بتزويره (6)، وقبلها الدامغاني (7)(8) الحنفي فيه، قال: لأن ردها ليس بحكم، ورد الشهادة حكم.
ونص أحمد (9) رحمه الله لا تقبل مطلقًا.
(1) انظر: الواضح (5/ 7).
(2)
كتاب الواضح في أصول الفقه مطبوع ضمن مطبوعات مؤسسة الرسالة بتحقيق د/ عبد الله بن عبد المحسن التركي.
(3)
انظر: المسودة ص (261، 262)، أصول ابن مفلح (2/ 538)، شرح الكوكب (2/ 395).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 538 - 539).
(5)
انظر: المصدر السابق.
(6)
انظر: المسودة ص (261 - 262).
(7)
ذكر القاضي في العدة (3/ 928) أنه سأل الدامغاني عن ذلك فأجابه بما ذكره الشارح.
(8)
هو: أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسين، فقيه محدث فاضل ببغداد، انتهت إليه الرئاسة في مذهب العراقيين، من مصنفاته: شرح مختصر الحاكم، توفي سنة:(478 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (3/ 109)، الفوائد البهية ص (182 - 183)، سير أعلام النبلاء (18/ 485).
(9)
انظر: العدة (3/ 928)، وقال المرداوي في شرح التحرير: إنه الصحيح من المذهب. انظر: شرح الكوكب (2/ 384).
قال القاضي (1): لأنه زنديق (2) فتخرَّج توبته على توبته.
والغيبة والنميمة من الكبائر، وذكرهما جماعة من علمائنا (3) من الصغائر.
وقال الشيخ تقي الدين (4): الكبيرة؛ ما فيه حد في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو لعنة، أو غضب أو نفي إيمان.
قال الإمام أحمد (5) رحمه الله: "من الكبائر أربعة في القلب؛ الشرك بالله، والإصرار على المعصية، والقنوط من رحمة الله عز وجل، والأمن من مكر الله. وأربعة في اللسان: شهادة الزور، وقذف المحصن، واليمين الكاذبة، والسحر. وثلاث في البطن: شرب الخمر، وأكل مال اليتيم، وأكل الربا. واثنان في الفرج: الزنا، واللواط. واثنان في البدن: القتل، والسرقة. وواحدة في الرجلين،
(1) انظر: العدة (3/ 929)، وقال: لأنه لا يقدم في الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم-مع ما فيه من الوعيد- إلا زنديق.
(2)
الزنديق هو: الملحد أو الدهري، فهو فارسي معرب من كلمة "زند كراي"، يقول بداوم بقاء الدهر، وقيل: هو من الثنوية، أو القائل بالنور والظلمة، أو من لا يؤمن بالآخرة، أو من يبطن الكفر ويظهر الإيمان.
انظر: لسان العرب (6/ 91 - 92) مادة (زندق)، والمجروحين لابن حبان (1/ 62)، توضيح الأفكار للشوكاني (2/ 74).
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 539)، شرح الكوكب المنير (2/ 384).
(4)
انظر: مجموع الفتاوى (11/ 650 - 651).
(5)
نسبها ابن حجر الهيثمي في الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 24) إلى أبي طالب المكي، وروى عن علي رضي الله عنه مثلها.
انظر: الواضح (5/ 25).
وهي: الفرار من الزحف؛ الواحد من اثنين، والعشرة من عشرين؛ إلا متحيزًا إلى فئة، ولا يعتقد الكرة. وواحدة في الجسد، وهي: العقوق؛ والعقوق: أن يقسما عليه بحق فلا يبرهما، أو يسألانه في حاجة، فلا يطيعهما، وأن يأتمناه فيخونهما، وأن يجوعا ويشبع، وأن يشبَّاه فيضربهما.
وفي الخبر (1): (من الكبائر استطالة الرجل في عرض أخيه المسلم بغير حق)، فهذه الكبائر الموبقات" انتهى.
وهذا الكلام يدل على أنها أكثر من سبع، ولهذا قيل لابن عباس (2): الكبائر سبع، فقال:"هي إلى السبعين أقرب".
وعن (3) ابن جبير (4): "هي إلى السبعمائة أقرب".
ولم يفرق علماؤنا (5)، وغيرهم في الصغائر، بل ذكر في
(1) أخرجه أبو داود في كتاب الأدب باب في الغيبة بلفظ: (إن من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق) برقم: (4877).
وانظر صحيح مسند أبي داود للألباني برقم: (4876).
(2)
انظر: تفسير الطبري (8/ 245 - 246).
(3)
في تفسير الطبري (8/ 245) عن سعيد بن جبير، أن رجلًا قال لابن عباس، كم الكبائر؟ أسبع هي؟ قال: إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع.
(4)
هو: سعيد بن جبير بن هشام الكوفي الأسدي مولاهم، أو عبد الله، من كبائر أئمة التابعين ومتقدميهم في التفسير والحديث والفقه، قتله الحجاج ظلمًا سنة (95 هـ).
انظر: تقريب التهذيب (1/ 292)، شذرات الذهب (1/ 108).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 540).
التمهيد (1): "أنها المستقبحات من المعاصي، والمباحات، كالتطفيف، وتكرار النظر إلى النساء المستحسنات".
قال الإمام أحمد (2) رحمه الله في اشتراط أخذ الأجرة على الحديث: "لا يكتب عنهم الحديث ولا كرامة".
قال القاضي (3): "هو على الورع؛ لأن هذا مما يسوغ فيه الاجتهاد".
قال أبو الخطاب (4): "وهذا غلط؛ لأن هذا أكثر دناءة من الأكل والشرب على الطريق".
قوله (5): والمبتدعة: هم أهل الأهواء، إن كانت بدعة أحدهم مغلظة، كالتجهم، ردت روايته مطلقًا، وإن كانت متوسطة، كالقدر، ردت إن كان داعية، وإن كانت خفيفة كالإرجاء، فهل تقبل معها مطلقًا، أو ترد عن الداعية؟ روايتان، هذا تحقيق مذهبنا.
المبتدعة: هم أهل الأهواء المضلة، وقسمهم المصنف ثلاثة أقسام:
أحدها: من بدعته مغلظة كالتجهم، فإن روايته ترد مطلقًا،
(1) انظر: التمهيد (3/ 109).
(2)
انظر: العدة (3/ 954)، التمهيد (3/ 109).
(3)
انظر: العدة (3/ 954).
(4)
انظر: التمهيد (3/ 109 - 110).
(5)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (85).
سواء كان داعية أو غير داعية، لأن الإمام أحمد، استعظم الرواية عن سعد العوفي (1) لجهميته، وقال (2):"ذاك جهمي امتحن فأجاب"، وأراد بلا إكراه.
الثاني: إن مَنْ بدعته متوسطة، كالقدري، فإن كان داعية، ردت روايته لذلك، وإلا فلا.
الثالث: من بدعته خفيفة كالإرجاء، فهل تقبل روايتهم مطلقًا لضعف بدعتهم أو ترد عن الداعية روايتان.
هذا تقسيم المصنف، وأما ابن مفلح فقال (3):"ولا تقبل رواية مبتدع داعية، عند جمهور العلماء، منهم: الشافعية (4)، وجزم به القاضي (5)، وأبو الخطاب (6) وغيرهما (7)، وعللوا بخوف الكذب لموافقة هواه".
قال أبو العباس (8): التعليل بخوف الكذب ضعيف؛ لأن
(1) هو: سعد بن محمد بن الحسن بن عطية بن سعد العوفي، ضعيف، قال عنه الإمام أحمد:"ولم يكن هذا أيضًا ممن يستأهل أن يكتب عنه، ولا كان موضعًا لذاك".
انظر: تاريخ بغداد (9/ 126)، لسان الميزان (3/ 18).
(2)
انظر: العدة (3/ 948).
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 518).
(4)
انظر: البحر المحيط (4/ 269).
(5)
انظر: العدة (3/ 948).
(6)
انظر: التمهيد (3/ 121).
(7)
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 402).
(8)
انظر: المسودة ص (264).
ذلك قد يخاف على الدعاة إلى مسائل الخلاف الفروعية، وعلى غير الدعاة، وإنما الداعي يستحق الهجران، فلا يشيخ في العلم.
وقبله بعض أصحابنا (1) وغيرهم (2)، وحكي عن الشافعي (3).
وقال ابن عقيل (4) في [الكفاءة](5) من الفصول: إن دعا كفر، قال: والصحيح لا كفر؛ لأن أحمد - رحمهُ اللهُ تعالى- أجاز الرواية عن الحرورية والخوارج.
وفي مبتدع غير داعية [روايات](6) عن أحمد:
القبول: اختاره أبو الخطاب (7)، وقاله أبو الحسين المعتزلي (8) وغيره (9)، وأطلقه الحنفية (10)، لعدم علة المنع، ولما في الصحيحين وغيرهما من المبتدعة، كالقدرية والخوارج والرافضة
(1) انظر: المسودة ص (262)، أصول ابن مفلح (2/ 518).
(2)
بشرط أن يعتقدوا حرمة الكذب، وأن لا يتعلق الخبر بعقيدتهم وهواهم.
قال الغزالي: "وقد قال الشافعي: أقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة، لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم في المذهب". انظر: المستصفى (1/ 300)، البحر المحيط (4/ 270).
(3)
انظر: المصدر السابق.
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 518).
(5)
في المخطوط [الكفاية] والتصويب من أصول ابن مفلح.
(6)
في المخطوط [روايتان] والتصويب من أصول ابن مفلح.
(7)
انظر: التمهيد (3/ 115، 121).
(8)
انظر: المعتمد (2/ 134).
(9)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 519).
(10)
انظر: تيسير التحرير (423)، فواتح الرحموت (2/ 140). =
والمرجئة، ورواية السلف والأئمة عنهم، فدل أنه إجماع (1).
واعترض بقول الله تعالى: {إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ} (2) الآية.
وأجيب: بمنع فسقه عند بعض علمائنا (3) وغيرهم (4)، وقاله ابن عقيل (5) في غير الداعية، وقاله القاضي (6) -في شرح الخرقي- في المقلد.
قال أبو العباس (7): نهى أحمد -رحمهُ اللهُ تعالى- عن الأخذ عنهم لهجرهم، وهو يختلف بالأحوال والأشخاص، ولهذا لم يروِ الخلال عن قوم لنهي المروذي، ثم روى عنهم بعد موته (8).
الثانية: لا يقبل، اختاره القاضي (9) وغيره (10)، وفاقًا
(1) قال أبو الخطاب (3/ 115 - 120): "إن جُلّ أصحاب الحديث قبلوا أخبار الخوارج والقدرية مثل: قتادة وهشام الدستوائي، وعبد الوارث
…
والمرجئة مثل: إبراهيم التيمي، وحماد بن أبي سليمان .. والشيعة مثل: الحارث الأعور وعطية العوفي
…
إلخ".
(2)
آية (6) من سورة الحجرات.
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 521).
(4)
انظر: الإحكام (2/ 95).
(5)
انظر: الواضح (5/ 27 - 28).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 521).
(7)
انظر: المسودة ص (264).
(8)
قال ابن مفلح: ولهذا جعل القاضي الدعاء إلى البدعة قسمًا غير داخل في مطلق العدالة.
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 521)، العدة (3/ 948).
(9)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 522).
(10)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 522).
لمالك (1)، وقاله ابن الباقلاني (2) والآمدي (3) وجماعة (4)، كما لو تدين بالكذب، كالخطابية (5) من الروافضة.
الثالث: يقبل مع بدعة مفسقة، لا مكفرة، وفاقًا للشافعي (6) وأكثر الفقهاء (7)، وبعض الحنفية (8)، لعظم الكفر، فيضحف العذر، ويقوى عدم الوثوق به.
قال أبو العباس (9): كلام أحمد يفرق بين أنواع البدع، وبين الحاجة إلى الرواية عنهم وعدمها.
(1) انظر: شرح تنقيح الفصول للقرافي ص (360).
(2)
انظر: التلخيص للجويني (2/ 378).
(3)
انظر: الإحكام (2/ 95).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 522).
(5)
هم: نسبة إلى أبي الخطاب محمد بن الأجدع، مولى بني أسد، كان ينسب نفسه إلى أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق، ولكن الصادق تبرأ منه، وأمر أصحابه بالبراءة منه لما اطلع على كفره بنسبته وآبائه إلى الألوهية، وقوله: إنهم أبناء الله وأحباؤه، وكان يدعي الألوهية لنفسه، وخرج على والي الكوفة في أيام المنصور، فبعث إليه المنصور بعيسى بن موسى في جيش كثيف فقتله، وقد تفرق أتباعه بعد قتله إلى فرق.
انظر: الملل والنحل (1/ 300)، الفرق بين الفرق ص (247)، مقالات الإسلامية (1/ 76).
(6)
انظر: الإحكام (2/ 95).
(7)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 523)، الإحكام (2/ 95).
(8)
انظر: تيسير التحرير (3/ 42)، فواتح الرحموت (2/ 140).
(9)
انظر: المسودة ص (264 - 265).
قال أحمد (1): "احتملوا من المرجئة الحديث، ويكتب عن القدري، إذا لم يكن داعية".
واستعظم الرواية عن رجل وقال (2): "ذاك جهمي امتحن فأجاب"، وأراد بلا إكراه.
تنبيه: الجهمية (3): ينتسبون إلى الجهم بن صفوان (4)، وهم الذين يزعمون أن القرآن مخلوق، وأن الله لم يكلم موسى، وأن الله لا يتكلم، ولا يرى، وليس لله تعالى عرش، ولا كرسي، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
والقدرية (5): هم الذين يزعمون أن إليهم الاستطاعة، والمشيئة، والقدرة، وأنهم يملكون لأنفسهم الخير والشر، والنفع والضر، وأن الأمر أنف (6) -بمعنى أن العباد يعملون من عند
(1) انظر: العدة (3/ 948).
(2)
انظر: العدة (3/ 948).
(3)
انظر: الفرق بين الفرق ص (199 - 200)، الملل والنحل (1/ 109 - 112)، مقالات الإسلاميين (1/ 214 - 338).
(4)
هو: الجهم بن صفوان السمرقندي، رأس الجهمية وإليه تنسب فرقة الجهمية. قال عنه الذهبي: "الضال المبتدع رأس الجهمية، هلك في زمان صغار التابعين، وما علمته روى شيئًا لكنه زرع شرًا عظيمًا، قتله سلم بن أحوز سنة (128 هـ).
انظر: ميزان الاعتدال (1/ 426).
(5)
انظر: الملل والنحل (1/ 108 - 109، 125)، مجموع الفتاوى (8/ 118 - 119، 128، 13/ 228).
(6)
قال ابن منظور: وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما: إنما الأمر أنفٌ، =
أنفسهم من غير أن يكون سبق لهم ذلك في علم الله تعالى.
والمرجئة (1): هم الذين يزعمون أن الإيمان قول بلا عمل، وأن الإيمان هو القول، والأعمال شرائع، وأن الإيمان مجرد، وأن الناس لا يتفاضلون في الإيمان، وأن إيمانهم وإيمان الملائكة والرسل واحد، وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص.
تتمة: ومن شروط الراوي أن يكون ضابطًا، لئلا يغير اللفظ والمعنى، فلا يوثق به.
قال الإمام أحمد (2): "لا ينبغي لمن لم يعرف الحديث، أن يحدث به، والشرط عليه ضبطه".
قوله (3): والفقهاء ليسوا من أهل الأهواء، عند ابن عقيل والأكثر، خلافًا لنقاضي وغيره، فمن شرب نبيذًا مختلفًا فيه، فالأشهر عندنا يحد ولا يفسق، وفيه نظر.
أما الفقهاء فذكرهم القاضي (4)
= أي: يستأنف استئنافًا من غير أن يسبق به سابق قضاء وتقدير، وإنما هو على اختيارك ودخولك فيه.
انظر: لسان العرب (1/ 238).
(1)
انظر: الملل والنحل ص (186 - 195)، الفرق بين الفرق ص (190 - 195)، مقالات الإسلاميين (1/ 213 - 234)، الفصل لابن حزم (1/ 112).
(2)
انظر: العدة (3/ 949).
(3)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (85).
(4)
انظر: العدة (3/ 952)، فرد رواية أهل الرأي من المتكلمين كالقدرية ونحوهم، واستدل بقول الإمام أحمد عن أصحاب الرأي:"لا يروى عنهم الحديث".
وغيره (1) في أهل الأهواء (2)، وخالفه ابن عقيل (3) وغيره (4)، وهو المعروف عند العلماء (5).
فمن شرب نبيذًا مختلفًا فيه، فالأشهر عندنا (6) يحد ولا يفسق، وفاقًا للشافعي (7)، وفيه نظر؛ لأن الحد أضيق.
ورد: الشهادة أوسع؛ ولأنه يلزم من الحد التحريم، فيفسق به، أو إن تكرر.
وعن أحمد (8) يفسق، اختاره (9) في "الإرشاد"(10)،
= وتعقبه في المسودة ص (265 - 266) بقوله: "قلت: ليس كذلك بل نصوصه في ذلك كثيرة، وهو ما ذكرته في المبتدع أنه نوع من الهجرة؛ فإنه قد صرح بتوثيق بعض من ترك الرواية عنه كأبي يوسف ونحوه، ولذلك لم يرو لهم في الأمهات كالصحيحين.
(1)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 524).
(2)
أهل الأهواء هنا لفظ يشمل المبتدعة، والذين ردوا السنن بالآراء، والفاسق المتأول.
انظر: الواضح (5/ 31)، الإحكام (2/ 95).
(3)
انظر: الواضح (5/ 31).
(4)
انظر: الإحكام (2/ 95).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 324).
(6)
انظر: المغني لابن قدامة (4/ 170).
(7)
انظر: الإحكام (2/ 95).
(8)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 525).
(9)
انظر: كتاب الإرشاد في المذهب لابن أبي موسى ص (476).
(10)
كتاب في الفقه الحنبلي، طبع ضمن مطبوعات الرسالة بتحقيق الدكتور/ عبد الله بن عبد المحسن التركي.
و "المبهج"(1)، وفاقًا لمالك (2)، عليه (3)، وللسنة المستفيضة (4).
وعن أحمد -رحمهُ اللهُ تعالى- نفيهما (5)، اختاره بعض علمائنا (6)، للخلاف فيه كغيره.
قوله (7): والمحدود في القذف، إن كان بلفظ الشهادة قبلت روايته، دون شهادته، عند أصحابنا، وفي التفرقة نظر.
قال علماؤنا (8): إن قذف بلفظ الشهادة قبلت روايته؛ لأن نقص العدد ليس من جهته.
(1) لأبي الفرج المقدسي، المتوفى سنة (486 هـ)، انظر: ذيل طبقات الحنابلة (1/ 71). ولم أعثر عليه.
(2)
انظر: شرح تنقيح الفصول ص (362).
(3)
أي: يجر إلى شرب المجمع عليه وهو الخمر.
(4)
أي: في تحريم هذا المختلف فيه.
انظر: البخاري كتاب الأشربة، باب من رأى أن لا يخلط البسر بالتمر إذا كان مسكرًا برقم:(5278).
ومسلم كتاب الأشربة، باب كراهة انتباذ التمر والزبيب مخلوطين برقم:(1986 - 1991).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 525).
(6)
أي: الحد والفسق.
(7)
كأبي ثور والشيخ تقي الدين. قال ابن النجار: وهو قوي للخلاف فيه كغيره، ولئلا يفسق بواجب، لفعله معتقدًا وجوبه في موضع، ولا أثر لاعتقاد الإباحة.
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 525)، شرح الكوكب (2/ 408).
(8)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (85).
وقد اختلفوا في الحد، زاد في العدة (1):"وليس بصريح في القذف، وقد اختلفوا في الحد (2) ويسوغ فيه الاجتهاد، ولا ترد الشهادة بما يسوغ فيه الاجتهاد"، وكذا زاد ابن عقيل، وقد قال (3): نص على الشهادة، فالخبر أولى.
قال بعضهم (4): وهو سهو.
وجزم صاحب المغني (5): برد شهادته (6)، وبفسقه، لقول (7) عمر لأبي بكرة: "إن تبت قبلت شهادتك (8)، احتج به أحمد وغيره (9).
واتفق الناس (10) على الرواية عن أبي بكرة، والمذهب عندهم: يحد.
(1) انظر: المسودة ص (258، 265، 266)، أصول ابن مفلح (2/ 530)، شرح الكوكب المنير (2/ 385).
(2)
انظر: العدة (3/ 948).
(3)
في العدة: "وقد اختلفوا في وجوب الحد".
(4)
انظر: الواضح لابن عقيل (4/ 395).
(5)
القائل هو ابن مفلح، انظر: أصول ابن مفلح (2/ 531).
(6)
انظر: المغني (14/ 191).
(7)
وبقبول روايته.
(8)
انظر: السنن الكبرى للبيهقي (10/ 152)، كتاب الشهادات باب شهادة القاذف، وعبد الرزاق في مصنفه (8/ 362) كتاب الشهادات باب شهادة القاذف، وترجم البخاري في صحيحه في كتاب الشهادات باب شهادة القاذف
…
وجلد عمر أبا بكرة. وقال: من تاب قبلت شهادته.
(9)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 531).
(10)
انظر: تهذيب التهذيب (10/ 469)، وخلاصة تهذيب الكمال ص (404).
وعن أحمد (1) والشافعي (2): لا.
[فيتوجه](3) منها بقاء عدالته، وقاله الشافعية (4)، وهو معنى ما جزم به الآمدي (5) ومن وافقه (6)؛ لأنه لم يصرح بالقذف.
وصرح (7) الإسماعيلي (8): بالفسق، وقد فرق بأن الرواية لا تهمة فيها، وبأنه لم يمتنع من قبوله أحد مع إجماعهم على منع الشهادة، فأجرى قبول خبره مجرى الإجماع، كذا قال.
قال بعض علمائنا (9): والأظهر العمل بالآية، وهذا رام، وإلا لم يحد، ولا وجه للتفرقة، كما قاله الحنفية (10) والمالكية (11)؛
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 531).
(2)
انظر: أحكام القرآن للشافعي (2/ 135).
(3)
في المخطوط [فوجّه] والتصويب من أصول ابن مفلح (2/ 531).
(4)
انظر: اللمع ص (165).
(5)
انظر: الإحكام للآمدي (2/ 101).
(6)
انظر: شرح العضد (2/ 66).
(7)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 532).
(8)
هو: أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني، كبير الشافعية بناحيته، إمام حافظ فقيه محدث، من مصنفاته: المسند، والمستخرج على الصحيح، والمعجم، توفي سنة:(371 هـ).
انظر: طبقات الشافعية للسبكي (3/ 7)، تذكرة الحفاظ (3/ 947).
(9)
القائل ابن مفلح، انظر: أصول ابن مفلح (2/ 532).
(10)
انظر: فواتح الرحموت (2/ 144).
(11)
انظر: بدائع الصنائع للكاساني (7/ 63).
لكن إن حد لم يقبله الحنفية (1) ولو تاب.
وقصة أبى بكرة واقعة عين، تاب منها، فلهذا روى عنه الناس، ومات بعد الخمسين، وكان من قصة أبي بكرة مع المغيرة بن شعبة، ما ذكره (2) أبو الفرج الأصبهاني (3) في كتاب "الأغاني" (4) وغيره عن أنس بن مالك (5) قال: إن المغيرة بن شعبة، كان يخرج من دار الإمارة وسط النهار، وكان أبو بكرة يلقاه، فيقول: إلى أين يذهب الأمير؟ ، فيقول: إلى حاجة. فيقول: حاجة ماذا؟ إن الأمير يزار ولا يزور! وكانت المرأة التي يأتيها جارة لأبي بكرة. قال: فبينما أبو بكرة في غرفة له مع أخويه نافع (6)
(1) هذه رواية عن أبي حنيفة، قال في فواتح الرحموت (2/ 144): وهو خلاف الظاهر من المذهب. وانظر: تيسير التحرير (3/ 46 - 47، 55).
(2)
انظر: الأغاني (16/ 54 - 58).
(3)
هو: علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم المعروف بالأصبهاني، الأخباري النحوي اللغوي الشاعر كان من الرواة المتشيعين، من مصنفاته:"الأغاني الكبير، ومقاتل الطالبين وأخبار الإماء الشواعر وغيرها"، مات سنة (357 هـ) وقيل سنة (356 هـ). انظر: إنباه الرواة للقفطي (2/ 251 - 253).
(4)
طبع عدة طبعات منها طبعة دار الثقافة ببيروت بتحقيق عبد الستار أحمد فراج.
(5)
هو: الصحابي أنس بن مالك بن النضر بن ضمضم الخزرجي الأنصاري خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد المكثرين من الرواية عنه وكان آخر الصحابة موتًا بالبصرة، مات سنة (91 هـ) وقيل (93 هـ).
انظر: الإصابة (1/ 71)، والاستيعاب (1/ 108).
(6)
هو: نافع بن الحارث بن كلدة الثقفي أخو أبو بكرة، لم تزد التراجم على ذلك.
انظر: الإصابة (6/ 229)، الاستيعاب (2/ 1489).
وزياد (1)، ورجل آخر، يقال له: شبل بن معبد (2)، وكانت غرفة جارته تلك بحذاء غرفة أبي بكرة، فضربت الريح باب المرأة، ففتحته، فنظر القوم، فإذا المغيرة ينكحها، فقال أبو بكرة: هذه بلية ابتليتم بها، انظروا، فنظروا حتى أُثبتوا، فنزل أبو بكرة، فجلس حتى خرج المغيرة عليه من بيت المرأة، فقال له: إنه كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا قال وذهب ليصلي بالناس فمنعه أبو بكرة، وقال: والله لا تصلي بنا وقد فعلت ما فعلت. فقال الناس: دعوه فليصلّ فإنه الأمير، واكتبوا ما بدا لكم إلى عمر رضي الله عنه، فكتبوا إليه، فورد كتابه بأنه يقدموا عليه جميعًا، المغيرة والشهود، فلما قدم على عمر رضي الله عنه، قال له: إنه قد شهد عليك بأمر إن كان حقًّا، فلأن تكون متَّ قبل ذلك خير لك، ثم دعا بالشهود، فقدّم أبو بكرة، فقال له: أرأيته بين فخذيها؟ قال: نعم. فقال له المغيرة: لقد ألطفت النظر. فقال: لم أك لأثبت ما يخزيك الله به. فقال عمر: لا والله، تشهد لقد رأيته يلج فيها كما يلج المرود في المكحلة. فقال: نعم، أشهد على ذلك. فقال له:
(1) هو: زياد بن أبي سفيان، ويقال زياد بن أبيه، وزياد بن أمه، وزياد بن سمية، وكان يقال له قبل الاستلحاق زياد بن عبيد الثقفي، وأمه سمية جارية للحارث بن كلدة أبو أبي بكرة فهو أخو أبي بكرة لأمه، ليست له صحبة ولا رواية، كان رجلًا عاقلًا في دينه، داهية خطيبًا، توفي سنة:(53 هـ).
انظر: الإصابة (3/ 4)، الإستيعاب (2/ 522).
(2)
هو: شبل بن معبد بن عبيد بن الحارث بن عمرو، وهو أخو أبي بكر لأمه، ويقال: أن له صحبة.
انظر: الإصابة (3/ 22) وتهذيب التهذيب (4/ 305) في ترجمة شبل بن حامد.
اذهب عنك، يا مغيرة، ذهب رُبعُك. ثم دعا الثاني، فقال: بم تشهد؟ قال: على مثل شهادة أبي بكرة. قال: لا، حتى تشهد رأيته يلج فيها كما يلج المرود في المكحلة. فقال: نعم، حتى بلغ قُذَذَه (1). فقال: اذهب عنك، يا مغيرة ذهب نصفك. ثم دعا الثالث، فقال: علام تشهد؟ قال: على مثل شهادة صاحبيّ. فقال عمر: ذهب عنك ثلاثة أرباعك. قال ودعا زيادًا، فلما رآه عمر مقبلًا، قال: إني أرى رجلًا، لن يخزي الله على لسانه رجلًا من المهاجرين.
قال (2) أبو عثمان النهدي (3): لما شهد عند عمر الشاهد الأول، تغير لذلك لون عمر، ثم جاء الآخر فشهد فانكسر انكسارًا شديدًا، ثم جاء الثالث، يخطِرُ بين يديه، فرفع عمر رأسه إليه، فقال: ما عندك؟ يا سلحَ العقاب فضيحة عظيمة. قال: فلما تقدم الرابع، وهو زياد، التفت إليه المغيرة، فقال: لا يجيء المعطر بعد عروس، ثم قال له: يا زياد، اذكر الله، واذكر موقف يوم القيامة، فإن الله، وكتابه، ورسوله،
(1) قال ابن منظور في لسان العرب (11/ 71)، القُذّة:"ريش السهم"، أي: حتى بلغ آخره عند منبت الشعر. والله أعلم.
(2)
انظر: الأغاني (16/ 57)، شرح المختصر للطوفي (2/ 171)، والمعجم الكبير (7/ 372 - 373) في مسند شبل بن معبد.
(3)
هو: عبد الرحمن بن ملّ بن عمرو بن عديّ بن وهب، أبو عثمان النهدي، أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدق ولم يلقه، هاجر إلى المدينة بعد موت أبي بكر الصديق، وهو معدود فيمن عاش في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام أكثر من ذلك، مات سنة (100 هـ).
انظر: تهذيب التهذيب (6/ 246، 247).
وأمير المؤمنين، قد حظروا [دمي إلا](1) أن تتجاوز إلى ما لم تعلم، [فلا](2) يحملنك سوء منظر رأيته عليّ، أن تتجاوزه إلى ما لم تره، فوالله لو كنت بين بطني وبطنها، ما رأيت أين سلك ذكري منها. قال: فدمعت عيناه، واحمرّ وجهه، وقال: يا أمير المؤمنين، أما أن أحقّ ما حقّ القوم، فليس ذلك عندي، ولكن رأيت مجلسًا قبيحًا، وسمعت نفسًا حثيثًا، ورأيته متبطنها. فقال له: أرأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟ فقال: لا. فقال عمر: الله أكبر، يا علي، قم إليهم فاضربهم الحد. فقام إلى أبي بكرة فضربه ثمانين سوطًا، وضرب الباقين، وأعجبه قول زياد، ودرأ الحد عن المغيرة. فقال أبو بكرة بعد أن ضُرب: فإني أشهد على المغيرة أنه فعل كذا وكذا، فهم عمر بضربه، فقال له علي رضي الله عنه: إن ضربته، رجمت صاحبك، ونهاه عن ذلك، يعني: إن ضربه جعل شهادته شهادتين، فوجب بذلك الرجم على المغيرة.
قال: فاستتاب عمر رضي الله عنه أبا بكرة، فقال: إنما تستتيبني لتقبل شهادتي. [فقال: أجل. فقال](3): لا أشهد ما بقيت بين اثنين أبدًا في الدنيا. وقال المغيرة لما ضربوا: الله أكبر، الحمد لله
(1) ما بين معقوفين ليست في المخطوط، والإكمال من الأغاني (16/ 57)، شرح المختصر للطوفي (2/ 172).
(2)
ما بين معقوفين ليست في المخطوط، والإكمال من الأغاني (16/ 57)، شرح المختصر للطوفي (2/ 172).
(3)
ما بين معقوفين ليست في المخطوط، وفي الأغاني (16/ 57)، شرح المختصر للطوفي (2/ 172).
الذي أخزاكم. فقال عمر: اسكت [أخزى](1) الله مكانًا رأوك فيه. قال: وأقام أبو بكرة على قوله، وتاب الإثنان، فكان أبو بكرة بعد ذلك، إذا دعي إلى شهادة قال: اطلب غيري، فإن زيادًا قد أفسد عليّ شهادتي.
وروى (2) صالح (3) في مسائله (4)، بإسناده عن أبي عثمان النهدي قال: جاء رجل إلى عمر فشهد على المغيرة بن شعبة، فتغير لون عمر، ثم جاء آخر فشهد، فتغير لون عمر، ثم جاء آخر فشهد فاستكبر ذلك عمر، ثم جاء شاب يخطو ببدنه، فقال عمر: ما عندك يا سلح العقاب، وصاح به عمر صيحة، فقال أبو عثمان: والله لقد كدت يغشى عليّ. فقال: يا أمير المؤمنين، رأيت أمرًا قبحًا. فقال: الحمد لله الذي لم يشمت الشيطان بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
قال: فأمرنا وكيلًا لنا فجلدوا.
(1) في المخطوط [أخزاك] والتصويب من الأغاني (16/ 58)، شرح المختصر للطوفي (2/ 172).
(2)
لم أجده في مسائل الإمام لابنه صالح المطبوع.
ورواه الطبراني في مسند شبل بن معبد (7/ 372، 373) وقال الحافظ في فتح الباري (5/ 256): إسناده صحيح.
(3)
هو: صالح بن الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، أبو الفضل، أكبر أولاده، سمع من أبيه مسائل كثيرة كان أبوه يحبه ويكرمه، ولي القضاء بأصبهان ومات بها سنة (266 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 173)، المقصد الأرشد (1/ 444 - 445).
(4)
طبع بتحقيق الدكتور فضل الرحمن دين محمد ضمن مطبوعات الدار العلمية - دلهي.
وفي رواية أن عمر لما شهد عنده على المغيرة شهد ثلاثة، وبقي زياد، فقال عمر: أرى شابًا حسنًا، وأرجو أن لا يفضح الله على لسانه رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فقال: يا أمير المؤمنين، رأيت إستًا تنبو (1)، ونفسًا يعلو، ورأيت رجليها فوق عنقه كأنهما أذنا حمار، ولا أدري ما وراء ذلك. فقال عمر: الله أكبر، وأمر بالثلاثة فضربوا.
وقول عمر: "يا سلح العقاب"، معناه أنه يشبه سلح العقاب الذي يحرق كل شيء أصابه، لذلك هذا يوقع العقوبة بأحد الفريقين لا محالة، إن كملت شهادته حد المشهود عليه، وإن لم يكمل حد أصحابه.
قال (2) الشعبي (3): وافت أم جميل بنت عمرو (4)؛ التي رمي
(1) أي: تعلو وترتفع. انظر: لسان العرب (14/ 30).
(2)
انظر: الأغاني (16/ 58)، شرح المختصر للطوفي (2/ 173).
(3)
هو: عامر بن شراحيل بن عبد، وقيل: عامر بن عبد الله بن شراحيل الشعبي الحميري، أبو عمر الكوفي من شعب همدان، كان كثير العلم عظيم الحكم، فقيهًا حافظًا للمغازي، قيل مات (3، 4، 5، 6، 7) وقيل عشرة ومائة.
انظر: تهذيب التهذيب (5/ 60 - 63).
(4)
هي: أم جميل بنت عمرو الأفقم امرأة من بني هلال وقيل من بني عامر بن صعصعة كان لها زوج هلك قبل ذلك من ثقيف يقال له الحجاج بن عبيد، كانت تغشى الأمراء والأشراف.
انظر: تاريخ الأمم والملوك للطبري (4/ 69 - 70)، والكامل لابن الأثير (2/ 384، 385).
بها المغيرة بن شعبة بالموسم، عمر رضي الله عنه والمغيرة، فقال له: أتعرف هذه؟ قال: نعم، هذه أم كلثوم بنت علي (1). فقال له: أتتجاهل علي؟ ! والله ما أظنُّ أبا بكرة كذب عليك، وما رأيتك إلا خفتُ أن أرمى بحجارة من السماء. انتهى.
ولعل خوفه لتعريضه للشاهد الرابع بأن لا يشهد (2).
وقول علي رضي الله عنه: "إن ضربته رجمت صاحبك"، لعله أقامه شبهة لدرء الحد الثاني عن أبي بكرة، وتغاضى عمر رضي الله عنه عن مناقشته (3) .. والله تعالى أعلم.
وقال (4) المدائني (5): لما شَخَصَ المغيرة إلى عمر- يعني في هذه القصة - رأى في طريقه جارية أعجبته، فخطبها إلى أبيها، فقال له: أنت على هذه الحالة؟ قال: وما عليك؟ إن
(1) هي: أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب الهاشمية، أمها فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، ولدت قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها عمر ابن الخطاب وولدت له ابنيه زيدًا ورقية ماتت وابنها زيد في يوم واحد.
انظر: الإصابة (8/ 275)، الاستيعاب (4/ 1954).
(2)
قال الطوفي في شرح المختصر (2/ 174): وذلك بقوله: إني أرى رجلًا لن يخزي الله على لسانه رجلًا من المهاجرين، وكان قصده بذلك خيرًا.
(3)
قال الطوفي أيضًا (2/ 173): أو أنه ظن صحة الشبهة المذكورة.
(4)
انظر: الأغاني (16/ 59)، شرح المختصر للطوفي (2/ 174).
(5)
هو: علي بن محمد بن عبد الله أبو الحسن المدائني، راوية مؤرخ، كثير التصانيف، بلغت مصنفاته أكثر من مئتي كتاب منها المغازي والسيرة النبوية، وتاريخ الخلفاء وتاريخ الوقائع والفتوح، توفي سنة:(225 هـ).
انظر: الوافي بالوفيات (22/ 41 - 47)، الإعلام (4/ 323).
أعفى، فهذا الذي تريد، وإن أقتل ترثني، فزوّجه، فلما قدم على عمر قال: إنك لفارغ القلب (1).
قوله (2): وإذا تحمل فاسقًا، أو كافرًا، وروى عدلًا مسلمًا، قبلت روايته ..
العبرة بحال الأداء، كما لو تحمل صغيرًا عاقلًا ضابطًا، وروى كبيرًا، فإنه يقبل كذلك هاهنا، وقرنها معها في المسودة (3)، فدل أنها مثلها.
قوله (4): لا تشترط روية الراوي، ولا ذكوريته، ولا عدم
(1) قال الشيخ الدكتور عبد الله التركي في تحقيقه لكتاب شرح مختصر الروضة (2/ 173) هامش (2): يؤخذ على المؤلف أي الطوفي عفا الله عنا وعنه- في هذا أمور:
1) تساهله فيما نقله من عبارات غير محققة، وأنه اعتمد في ذلك على كتاب "الأغاني" وهو كتاب غير موثوق في هذا المجال، مع توفر الكتب المعتمدة فيه.
2) كان ينبغي أن يسعه ما وسع غيره من العلماء المحققين في عدم التعرض لهذا الأمر الخطير، وبخاصة أنه لم يثبت على المغيرة رضي الله عنه ما يوجب الحد.
3) الاستطراد بهذه الكيفية ليس من فن الأصول، ولا يستدعيه المقام، وما استنتجه من الحادثة، وما ذكره من تعريض عمر رضي الله عنه للشاهد الرابع بعدم الشهادة .. إلخ استنتاج غير واضح، والله الهادي إلى الصواب.
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (86).
(3)
انظر: المسودة ص (258).
(4)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (86).
العداوة والقرابة، ولا معرفة نسبه، ولا إكثاره من سماع الحديث، ولا علمه بفقه، أو عربية، أو معنى الحديث ..
واعتبر مالك الفقه، ونقل عن أبي حنيفة مثله. وعنه أيضًا إن خالف القياس (1)، ولا البصر.
قال أحمد رحمه الله في رواية عبد الله، في سماع الضرير: إذا كان يحفظ من المحدث فلا بأس، وإذا لم يكن يحفظ فلا ..
(1) قال الزركشي في البحر المحيط (4/ 315 - 316): ولا يشترط أن يكون فقيهًا عند الأكثرين، سواء خالفت روايته القياس أم لا، وشرط عيسى بن أبان فقه الراوي لتقديم الخبر على القياس، ولهذا رد حديث المصراة، وتابعه أكثر متأخري الحنفية، ومنهم الدبوس؛ وأما الكرخي وأتباعه فلم يشترطوا ذلك، بل قبلوا خبر كل عدل إذا لم يكن مخالفًا للكتاب أو السنة المشهورة، ويقدم على القياس. قال أبو اليسر منهم: وإليه مال أكثر العلماء.
قال صاحب "التحقيق": وقد عمل أصحابنا بحديث أبي هريرة: (إذا أكل أو شرب ناسيا)، وإن كان مخالفًا للقياس، حتى قال أبو حنيفة: لولا الرواية لقلت بالقياس. وقد ثبت عن أبي حنيفة أنه قال: ما جاءنا عن الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين. واحتج أبو حنيفة في مواضع كثيرة على تقدير الحيض وغيره بمذهب أنس بن مالك مقلدًا له، فما ظنك بأبي هريرة مع أنه أفقه من أنس.
قال -أي أصحاب التحقيق-: ولم ينقل عن أحد من السلف اشتراط الفقه في الراوي، فثبت أنه قول محدث. أ. هـ.
قال الزركشي: وكذا قال بعض متأخري الحنفية قال: ولهذا قلت بحديث القهقهة، وأوجبنا الوضوء فيها وليست بحدث في القياس، ولهذا لم يوجبوا الوضوء على من قهقه في صلاة الجنازة، وسجود التلاوة، لأن النص لم يرد إلا في صلاة ذات ركوع وسجود. أ. هـ.
لا تشترط روية (1) الراوي، ولا ذكوريته؛ لقبول الصحابة رضي الله عنهم النساء كغيرهن، ولروايتهم عن عائشة رضي الله عنها من وراء حجاب، اعتمادًا على الصوت.
ولا عدم العداوة، ولا عدم القرابة، فتجوز رواية العدو، ورواية الولد، ورواية الوالد؛ لأن حكم الرواية عام للمخبر والمخبر فلا تهمة فيه.
ولا معرفة نسبه، لأن نسبه لا مدخل له في الرواية، ولا إكثاره من الراوية، لاتفاق الصحابة على خلافه.
ولا يعتبر علمه بالفقه، ولا بالعربية، ولا بمعنى الحديث، فتجوز رواية غير الفقيه عند الجماهير (2)، خلافًا لأبي حنيفة (3) ومالك (4).
لنا قوله صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرء سمع منا حديثًا فحفظه، حتى يبلغه غيره، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ورب حامل فقه ليس بفقيه" إسناده جيد، رواه أبو داود (5) والنسائي (6)
(1) أي: كثرة روايته. قال ابن منظور: وقيل: روية جمع راوية للرجل الكثير الرواية. انظر: لسان العرب (5/ 383).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 542)، فواتح الرحموت (2/ 144)، مختصر ابن الحاجب (2/ 68)، شرح التنقيح (369)، البحر المحيط (4/ 315).
(3)
انظر: فواتح الرحموت (2/ 144 - 145).
(4)
انظر: شرح تنقيح الفصول ص (369).
(5)
انظر: سنن أبي داود في كتاب العلم، باب فضل نشر العلم برقم:(3660).
(6)
لم أقف عليه في سنن النسائي الصغرى والكبرى، وهو متابع في ذلك لابن مفلح في أصوله (2/ 542).
والترمذي (1) وحسنه، رواه الأصمعي (2)(3) بتشديد الضاد، وأبو عبيد (4) بتخفيفها، أي: نعمه الله.
ولا يشترط البصر، لكن ما قاله الإمام أحمد (5) رحمه الله في رواية عبد الله (6) فإنه جيد؛ لأن الضرير إذا كان يحفظ فإنه يعتمد على حفظه، فيقبل، وأما إذا لم يحفظ، فإنه إنما يعتمد على قول غيره له، فلا يقبل قوله.
(1) انظر: سنن الترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع، برقم:(2656).
(2)
هو: أبو سعيد عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن أصمع البصري، إمام في اللغة، من مصنفاته: غريب القرآن، وغريب الحديث، والاشتقاق والأمثال، توفي سنة:(216 هـ) وقيل غير ذلك.
انظر: شذرات الذهب (2/ 36)، وفيات الأعيان (3/ 170)، طبقات النحويين واللغويين ص (167).
(3)
انظر: لسان العرب (14/ 177، 178).
(4)
قال ابن منظور في لسان العرب (14/ 177): وفي لغة ثالثة "نضِر" بالكسر؛ حكاها أبو عبيد وقال ابن الأثير في النهاية (5/ 71): يروى بالتخفيف والتشديد من النضارة وهي في الأصل حُسن الوجه، والبريق، وإنما أراد حسّن خُلقَه وقَدْره، ونضَره ونضّره وأنضره: أي نعّمه.
(5)
انظر: مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله (449).
(6)
هو: عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل، أبو عبد الرحمن، كان إمامًا بالحديث وعلله، ومن أروى الناس عن أبيه، رتب مسند والده، توفي سنة:(290 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 180)، شذرات الذهب (2/ 203)، تذكرة الحفاظ (2/ 665)، تاريخ بغداد (9/ 375).
قوله (1): مسألة، مجهولة العدالة: لا يقبل عند الأكثر (2)، خلافًا للحنفية (3). وعن أحمد (4): قبوله، واختاره بعض أصحابنا (5)؛ قال: وإن لم تقبل شهادته. وفي الكفاية (6): تقبل في زمن لم تكثر فيه الخيانة ..
اختلفت الرواية عن الإمام أحمد (7) -رحمه الله تعالى- في قبول مجهول العدالة، والذي عليه جمهور أصحابه (8) عدم القبول.
لنا: الدلائل النافية للعمل بالظن.
خولف: في ظاهر العدالة لأدلته، ولأن [مستند](9) قبول خبر الواحد الإجماع، والمجمع عليه رواية العدل، وليس المجهول في معناه. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (يحمل هذا الحديث من كل
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (86).
(2)
انظر: العدة (3/ 936)، تيسير التحرير (3/ 48)، شرح تنقيح الفصول ص (364)، التبصرة ص (337).
(3)
قال في تيسير التحرير (3/ 48): وعن أبي حنيفة في غير الظاهر من الرواية عنه قبول ما لم يردّه السلف.
(4)
انظر: المسودة ص (255)، أصول ابن مفلح (2/ 544).
(5)
انظر: المصدر السابق.
(6)
انظر: المسودة ص (253).
(7)
انظر: روضة الناظر (1/ 389)، أصول ابن مفلح (2/ 544).
(8)
انظر: العدة (3/ 536)، روضة الناظر (1/ 389)، أصول ابن مفلح (2/ 544).
(9)
في المخطوط [مستنده] والصواب ما أثبته.
خلف عدوله) (1) صححه أحمد (2)، وهو خبر بمعنى الأمر. ولأن الفسق مانع، كالصبا والكفر، فالشك فيه، كالشك فيهما، ولأن شهادته لا تقبل، فكذا روايته.
والرواية الثانية: تقبل؛ لأن الفسق سبب التثبت، إذا انتفى انتفى.
قلنا: إنما ينتفي [بالخبرة](3)، أو التزكية.
قالوا: الظاهر الصدق، كإخباره بذكاة، وطهارة ماء، ونجاسته، ورق جاريته.
(1) قال العراقي في التقييد والإيضاح ص (116): "هذا الحديث غير صحيح لأن أشهر طرق الحديث رواية معان بن رفاعة السلامي عن إبراهيم بن عبد الرحمن عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا رواه ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل وابن عدي في مقدمة الكامل والعقيلي في تأريخ الضعفاء في ترجمة معان بن رفعة وقال: إنه لا يعرف إلا به. وهذا إما مرسل أو معضل.
انظر: التمهيد لابن عبد البر (1/ 58 - 59)، وابن الجوزي في الموضوعات (1/ 31)، ابن عدي في الكامل (1/ 152)، والعقيلي في الضعفاء (1/ 9 - 10).
(2)
ذكره الخلال في العلل. انظر: التقييد والإيضاح ص (116)، شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص (29).
(3)
في المخطوط [بالخبر] والمثبت من أصول ابن مفلح، وذكر المحقق أدن لفظة [الخبر] في بعض النسخ، وفي البحر المحيط للزركشي (4/ 285): بالاختبار أو التزكية. أما الاختبار فهو الأصل، إذ التزكية لا تثبت إلا به، وهو إنما يحصل باعتبار أحواله، واختبار سره وعلانيته بطول الصحبة والمعاشرة سفرًا وحضرًا والمعاملة معه".
قلنا: ذلك مقبول مع فسقه، فمع جهالته أولى، ثم الرواية أعلى رتبة فلا قياس. هذا أظهر في غير الصحابة، وأما المجهول من الصحابة فيأتي الكلام عليه (1) - إن شاء الله تعالى-.
وقال القاضي (2): يقبل من عرف إسلامه، وجهلت عدالته، في الزمن الذي لم تكثر فيه [الخيانات](3)، فلا بد من معرفة العدالة.
قوله (4): مسألة مذهب أصحابنا والأكثرين أن الجرح والتعديل يثبت بالواحد في الرواية دون الشهادة. وقيل: لا فيهما. وقيل: نعم فيهما.
يكفي جرح الواحد وتعديله في الرواية عند أحمد (5) وأصحابه والجمهور وفاقًا (6).
واعتبر قوم (7) العدد (8)، وبعض المحدثين (9)، وبعض الشافعية (10): في الجرح.
(1) انظر: ص (73).
(2)
قاله في "الكفاية" انظر: المسودة ص (253).
(3)
في المسودة (253): [الجنايات] والتصويب من متن المختصر لابن اللحام (86)، وأصول ابن مفلح (2/ 544).
(4)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (86).
(5)
انظر: العدة (3/ 934، 935)، المسودة (271) ص، شرح الكوكب (2/ 424).
(6)
انظر: تيسير التحرير (583)، شرح التنقيح (365)، الإحكام (2/ 97).
(7)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 548)، الإحكام (2/ 97).
(8)
أي: اعتبر قوم العدد في الجرح والتعديل في الرواية.
(9)
انظر: الكفاية ص (160)، مقدمة ابن الصلاح ص (119).
(10)
انظر: الإحكام (2/ 97)، البحر المحيط (4/ 286).
ويعتبر في الشهادة (1) وفاقًا لمالك (2) والشافعي (3).
وعن أحمد (4): كالرواية (5)، واختاره أبو بكر (6) من (7) أصحابنا، وفاقًا لأبي حنيفة (8) وابن الباقلاني (9).
واعتبر قوم (10) فيهما العدد.
وبعض المحدثين (11): في الجرح، وقاله بعض الشافعية.
لنا: أن الشرط لا يزيد على مشروطه (12)، ويكفي في
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 548).
(2)
انظر: منتهى الأصول والأمل ص (79).
(3)
انظر: الإحكام (2/ 97).
(4)
انظر: العدة (3/ 935).
(5)
أي: أن الرواية كالشهادة يكفي الواحد فيها.
(6)
هو: عبد العزيز بن جعفر بن أحمد البغوي، غلام الخلال، مفسر، ثقة في الحديث، من مصنفاته: الشافي، والمقنع في الفقه، وتفسير القرآن، وزاد المسافر، والتنبيه، توفي سنة:(285 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (10/ 459)، طبقات الحنابلة (2/ 119).
(7)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 548).
(8)
انظر: تيسير التحرير (3/ 58 - 59).
(9)
انظر: التلخيص للجويني (2/ 362)، الإبهاج (2/ 321).
(10)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 549)، الإحكام (2/ 97).
(11)
انظر: الكفاية ص (174، 175).
(12)
أي: إن الرواية تثبت بخبر الواحد، وكل من الجرح والتعديل شرط الرواية، والشرط لا يزيد على مشروطه في طريق إثباته، كما في غير محل النزاع، فإن الشرط فيه لا يزيد على مشروطه في طريق إثباته.
الرواية واحد لا الشهادة (1).
قالوا: شهادة (2).
رد: بأنها خبر (3).
قوله (4): مسألة: مذهب الأكثرين يشترط ذكر سبب الجرح لا التعديل، وقيل عكسه.
وقال بعض أصحابنا وغيرهم: يشترط فيهما. وعن أحمد عكسه. والمختار وفاقًا لأبي المعالي والآمدي: إن كان عالمًا كفى الإطلاق فيهما، وإلا لم يكف.
المقدم (5): اشتراط ذكر سبب الجرح، لا التعديل، للاختلاف في سببه، بخلاف العدالة.
والقول الثاني: يشترط ذكر السبب في التعديل فقط، ونقل عن ابن الباقلاني (6) لالتباس العدالة، لكثرة التصنع.
(1) قال ابن السبكي في الإبهاج (2/ 321): قال الأكثرون إن العدد يشترط في التزكية في الشهادة دون التزكية في الرواية، وحجته أن الشهادة نفسها لا بد فيها من العدد فكذلك ما هو شرط فيها، والرواية لا يشترط فيها العدد فكذا شرطها وإليه أشار بقوله كالأصل
…
(2)
أي: أن التزكية شهادة بالعدالة، والشهادة لا بد فيها من التعدد.
(3)
أي: لم تخرج التزكية عن كونها خبرًا.
(4)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (86 - 87).
(5)
انظر: العدة (3/ 931)، المسودة ص (269)، تيسير التحرير (3/ 56، 61)، شرح التنقيح (365)، الإحكام (2/ 98).
(6)
قال في الإبهاج (2/ 321 - 322): وقال القاضي لا يجب ذكر السبب =
واشترط بعض العلماء (1) ذكر السبب فيهما، وقدمه ابن حمدان (2) في مقنعه، وأما الجرح، فللاختلاف في سببه، وإما العدالة فللمسارعة إلى التعديل، بناء على الظاهر.
وعن أحمد (3) عكسه، واختاره جماعة منهم ابن الباقلاني (4)، وحكي عن الحنفية (5)، حملًا لقول المعدل والجارح على الصحة، لأن المعدل لا يعدل إلا بسبب، وإن لم يذكره، وكذا الجارح، فلا يحتاج إلى ذكره فيهما.
والذي اختاره المصنف تبعًا لأبي المعالي (6) والآمدي (7):
= فيهما لأنه إن لم يكن بصيرًا بهذا الشأن لم يصلح للتزكية، وإن كان بصيرًا فلا معنى للسؤال- كذا نص عليه في مختصر التقريب.
ونقل عنه الآمدي والغزالي والإمام وأتباعه منهم المصنف -أي البيضاوي-.
وناقل إمام الحرمين في البرهان عنه المذهب الثاني وهو اشتراط بيان السبب في التعديل دون الجرح وقال: إنه أوقع في مأخذ الأصول.
انظر: البرهان (1/ 237)، والإحكام (2/ 98)، المستصفى (1/ 304)، منهاج الوصول للبيضاوي (120).
(1)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 550)، الإحكام (2/ 98).
(2)
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 423).
(3)
انظر: العدة (3/ 933).
(4)
قال: بشرط أن يكون ممن يوثق به في علم ما يجرح وعلم ما يعدل به.
انظر: التلخيص (2/ 366).
(5)
بشرط أن يكون من العالم لا من غيره، تنزيلًا لعلمه منزلة بيانه.
انظر: تيسير التحرير (633)، فواتح الرحموت (2/ 151).
(6)
انظر: البرهان (1/ 237).
(7)
انظر: الإحكام (2/ 98).
إن كان الجارح والمعدل عالمًا بالجرح والتعديل كفى إطلاقه، ولا يحتاج إلى ذكر السبب؛ لأنه خبير بما يقوله، وإن كان غير عالم فلا يكتفي بإطلاقه لأنه قد يعتقد الشيء جارحًا أو معدلًا، وليس كذلك.
قوله (1): ومن اشتبه اسمه باسم مجروح، رد خبره، حتى يعلم حاله.
لأن الجرح قد ثبت لصاحب هذا الاسم، ولا يدرى هل هذا الشخص، هو ذلك المجروح أم لا؟ فعدالته غير متحققة، فيرد خبره حتى يعلم حاله.
قوله (2): وتضعيف بعض المحدثين الخبر يخرج عندنا على الجرح المطلق (3)، قاله أبو البركات.
قال الشيخ مجد الدين (4): "إذا قال بعض أهل الحديث لم يصح هذا الحديث، أو لم يثبت، لم يمنع ذلك قبوله عند الشافعية (5)، خلافًا للحنفية (6). وعندنا هو على الروايتين في الجرح المطلق"، انتهى.
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (87).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (87).
(3)
الجرح المطلق هو الذي لم يبين سببه.
(4)
انظر: المسودة ص (272).
(5)
انظر: البحر المحيط (4/ 329).
(6)
انظر: فواتح الرحموت (2/ 152)، وقال: إلا أصحاب الكتب المعروفين، فإن إبهامهم كتفصيلهم.
وتقدم الكلام على الجرح المطلق (1)، وأن المقدم لا بد من ذكر سببه.
قوله (2): مسألة الجرح مقدم عند الأكثر. وقيل: التعديل، إذا كثر المعدلون، واختاره أبو البركات مع جرح مطلق إن قبلناه. أما عند إثبات معين ونفيه باليقين فالترجيح.
إذا تعارض الجرح والتعديل قدم الجرح مطلقا (3)، لأن فيه زيادة.
وقيل (4): يقدم المعدلون إذا كثروا؛ لأن الكثرة رجحت جانبهم.
قال الشيخ مجد الدين (5): "وعندي أن هذا لا وجه له مع بيان السبب، فأما إذا كان جرحًا مطلقًا وقبلناه فإن تعديل الأكثرين أولى منه"؛ لترجح جانبهم بالكثرة.
فإن عين الجارح السبب ونفاه المعدل بطريق يقيني، بأن يقول الجارح: رأيته وقد قتل فلانًا المسلم، ويقول المعدل: رأيت فلانًا المدعى قتله حيًّا بعد ذلك فهنا يتعارضان، ويصبح ترجيح أحدهما بكثرة العدد، وشدة الورع والتحفظ، إلى غير ذلك من صور الترجيح.
(1) انظر: ص (67).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (87).
(3)
انظر: المسودة ص (272)، أصول ابن مفلح (2/ 553)، منتهى الوصول ص (80)، جمع الجوامع مع شرحه التشنيف (2/ 1033 - 1034).
(4)
انظر: المسودة ص (272).
(5)
انظر: المصدر السابق.
أما غير هذه الصورة، وهي أن لا يعين الجارح السبب، أو يعينه ولم ينفه المعدل، أو نفاه بطريق ظني، فيقدم الجرح، والله أعلم.
قوله (1): مسألة: حكم الحاكم المشترط العدالة، بشهادته، أو روايته، تعديل باتفاق. وليس ترك الحكم بها جرحًا. وعمل العالم بروايته تعديل، إن علم أن لا مستند للفعل غيره، وإلا فلا عند الأكثر، قاله أبو المعالي والمقدسي، إلا، فيما العمل فيه احتياطيًّا.
وقال أبو البركات: يفرق بين من يرى قبول قول مستور الحال أو لا، أو يجهل مذهبه. وإذا قلنا هو تعديل، كان كالتعديل بالقول من غير ذكر السبب قاله في الروضة.
وفي رواية العدل عنه أقوال، ثالثها المختار وهو المذهب تعديل إن كانت عادته أنه لا يروي إلا عن عدل.
سبق التعديل بالقول (2).
وحكم الحاكم المشترط العدالة، شهادة إنسان (3) أن روايته تعديل إتفاقًا (4)،
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (87 - 88).
(2)
انظر: ص (66).
(3)
أي: أن حكم الحاكم الذي يرى العدالة شرطًا في قبول الشهادة.
(4)
انظر: شرح الكوكب المنير (2/ 431)، تيسير التحرير (3/ 50)، فواتح الرحموت (2/ 149)، مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد (2/ 66)، شرح المحلى على جمع الجوامع (2/ 164).
وهو أقوى من تعديله (1) بسبب الإلزام (2)، وأما ترك الحكم بها فليس جرحًا؛ لأن ترك الحكم قد يكون لأجل الراوي والشاهد، وقد يكون لشيء آخر، فلا يكون جرحًا بالاحتمال.
وأما إذا روى شخص خبرًا، وعمل عامل بذلك الخبر، فإن أمكن حمل العمل على الاحتياط، أو العمل بدليل آخر وافق الخبر، لم يكن تعديلًا لراوي الخبر، وإن علمنا أنه إنما عمل به فهو تعديل، إذ لو عمل بخبر غير العدل فسق، هذا معنى ما ذكره الشيخ في الروضة (3).
وقال أبو البركات (4): "وعندي أنه يفصل بين أن يكون الراوي ممن يرى قبول مستور الحال ولا يراه، أو يجهل مذهبه فيه".
وإذا قلنا هو تعديل فهو كالتعديل بالقول من غير ذكر السبب، ذكره الشيخ في الروضة (5).
وأما رواية العدل، فليست تعديلًا عند أكثر العلماء (6) من
(1) أي: أقوى من تعديله بالقول.
انظر: روضة الناظر (2/ 402).
(2)
أي: إلزام غيره بقبول الشاهد.
انظر: الإحكام (2/ 100).
(3)
انظر: روضة الناظر (2/ 402).
(4)
انظر: المسودة ص (272).
(5)
انظر: روضة الناظر (2/ 401).
(6)
انظر: العدة (3/ 934)، تيسير التحرير (3/ 50 ، 55)، منتهى الوصول والأمل ص (80)، التبصرة ص (339).
الطوائف وفاقًا لمالك (1) والشافعي (2).
وذكر القاضي (3) وأبو الخطاب (4) عن أحمد روايتين، واختار أنها تعديل، وفاقًا لأبي حنيفة (5) وبعض الشافعية (6)، عملًا بظاهر الحال.
رد: بالمنع؛ وبأنه خلاف الواقع، وبعدم الدليل.
وليس عن أحمد رحمه الله كلام مطلق في المسألة، فلهذا قال في المسودة (7): والصحيح في هذه المسألة الذي يوجبه كلام الإمام، أن من عرف من حاله الأخذ عن الثقات، كمالك وعبد الرحمن (8)(9)، كان تعديلًا دون غيره.
(1) انظر: أصول الفقه لابن مفلح (2/ 556) وقد روى الإمام مالك رحمه الله عن عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف.
انظر: ضوابط الجرح والتعديل ص (257).
(2)
لعله مأخوذ من قول الشافعي فيما يتقوى به المرسل، حيث قال في الرسالة ص (463):"ثم يعتبر عليه: بأن يكون إذا سمى من روى عنه لم يسم مجهولًا ولا مرغوبًا عن الرواية عنه فيستدل بذلك على صحته فيما روى عنه".
(3)
انظر: العدة (3/ 934 - 935).
(4)
انظر: التمهيد (3/ 129).
(5)
قالوا: إذا كان من عادته أن لا يروي إلا عن عدل.
انظر: تيسير التحرير (3/ 56)، فواتح الرحموت (2/ 150).
(6)
انظر: إرشاد طلاب الحقائق للنووي ص (111).
(7)
انظر: المسودة ص (254).
(8)
في المطبوع: "عبد الرحمن بن مهدي".
(9)
هو: عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن، أبو سعيد العنبري=
قوله (1): وإذا قال الراوي: حدثني الثقة، أو عدل، أو من لا أتهم، فإنه يقبل، وإن رددنا المرسل عند أبي البركات، وذكره القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل في صور المرسل، على الخلاف فيه.
وتزول جهالة الراوي المعين برواية واحد عنه، وقيل: بل باثنين.
قال الشيخ مجد الدين (2): "إذا قال العدل: حدثني الثقة، أو من لا أتهمه، أو رجل عدل، ونحو ذلك، فإنه يقبل، وإن رددنا المرسل والمجهول؛ لأن ذلك تعديل صريح عندنا، وذهب أبو الطيب إلى أنه لا يقبل"، وقال به بعض علمائنا (3) لاحتمال كونه مجروحًا عند غيره.
وأما القاضي (4) وأبو الخطاب (5) وابن عقيل (6)، فذكروه من صور المرسل على الخلاف فيه.
= مولاهم وقيل الأزدي مولاهم، الحافظ الإمام، عارف بالرجال والحديث، قال ابن المديني: ما رأيت أعلم منه، وقال الشافعي: لا أعرف له نظيرًا في الدنيا، مات سنة (198 هـ).
انظر: تهذيب التهذيب (6/ 247)، تذكرة الحفاظ (1/ 329).
(1)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (88).
(2)
انظر: المسودة ص (256 - 257).
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 567).
(4)
انظر: العدة (3/ 906).
(5)
انظر: التمهيد (3/ 131).
(6)
انظر: الواضح (4/ 421).
وأما مجهول العين (1) فهل تزول جهالته براو واحد أم لا؟
ذكر المصنف فيه قولين:
أحدهما: أنها تزول، وعزاه بعض الشافعية (2) إلى صاحبي الصحيح، لأن فيهما من ذلك جماعة، وكتعديل واحد، يؤيده أن عمرو بن بجدان (3) تفرد عنه أبو قلابة (4)، وقبله أكثرهم (5).
(1) قال الخطيب البغدادي في الكفاية ص (149): "المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه، ولا عرفه العلماء به، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد". وانظر: البحر المحيط (4/ 282).
(2)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (125).
قال النووي في إرشاد طلال الحقائق ص (113): "قلت والصواب ما ذكره الخطيب فهو لم يقله عن اجتهاد بل نقله عن أهل الحديث، ورد الشيخ -أي ابن الصلاح- عليه بما ذكره عجب، فإن مرداسًا وربيعة صحابيان معروفان، فمرداس من أهل بيعة الرضوان، وربيعة من أهل الصفة، والصحابة كلهم عدول ولا تضر الجهالة بأعيانهم لو ثبتت، ومع هذا فليسا بمجهولين على ما نقله الخطيب، لأنه شرط في المجهول أن لا تعرفه العلماء وهذان معروفان عند أهل العلم، بل مشهوران، فلا يردان على نقل الخطيب، وحصل مما ذكرناه أن البخاري ومسلمًا لم يخالفا نقل الخطيب عن أهل الحديث".
(3)
هو: عمرو بن بجدان -بضم الموحدة وسكون الجيم- العامري، بصري، تفرد عنه أبو قلابة، من الثانية، لا يعرف حاله. انظر: تقريب التهذيب ص (731).
(4)
هو: عبد الله بن زيد بن عمرو، ويقال: عامر بن نابل بن مالك بن عبيد، أو قلابة الجرمي البصري، أحد الأعلام كان ثقة كثير الحديث، وقال عنه عمر بن عبد العزيز: لن تزالوا بخير يا أهل الشام ما دام فيكم هذا، مات سنة (4) وقيل (5) وقيل (6) وقيل (7) ومائة.
انظر: تهذيب التهذيب (5/ 200 - 201).
(5)
كأصحاب السنن الأربعة وغيرهم.
انظر: تقريب التهذيب ص (731).
والثاني: لا تزول إلا باثنين، ذكره (1) الخطيب البغدادي (2) عن أهل الحديث.
قوله (3): مسألة الجمهور على أن الصحابة عدول، وهو الحق.
وقيل: إلى حين زمن الفتنة، فلا يقبل الداخلون؛ لأن الفاسق غير معين.
وقالت المعتزلة: عدول إلا من قاتل عليًّا.
وقيل: هم كغيرهم.
الذي عليه سلف الأمة وجمهور الخلف أن الصحابة رضي الله عنهم معلومة عدالتهم بتعديل الله عز وجل، وثنائه عليهم، قال سبحانه وتعالى:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ} (4)، وقال تعالى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ} (5)،
(1) قال الخطيب البغدادي في الكفاية ص (150): "وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعدًا من المشهورين بالعلم كذلك". ولم يعز الحديث وعزاه لجمهور أهل الحديث أبو الوليد الباجي.
انظر: البحر المحيط (4/ 283).
(2)
هو: أحمد بن علي بن ثابت، البغدادي، أبو بكر الحافظ المعروف بالخطيب، كان من الحفاظ المتقنين والعلماء المتبحرين صنف قريبًا من مائة مصنف منها: تاريخ بغداد، والجامع والكفاية والفقيه والمتفقه، توفي سنة:(463 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (4/ 29)، شذرات الذهب (3/ 311)، وفيات الأعيان (1/ 92).
(3)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (88).
(4)
آية (100) من سورة التوبة.
(5)
آية (18) من سورة الفتح.
وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ} (1)، وقال تعالى {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} (2)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(خير القرون قرني)(3)، وقال (إن الله اختارني واختار لي أصهارًا وأنصارًا)(4)، فأي تعديل أصح من تعديل علام الغيوب، وتعديل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن مفلح (5): "وقولهم الصحابة: مرادهم من جهل حاله فلم يعرف بقدح".
وقيل: كغيرهم.
وقيل: إلى حين الفتنة، فلا يقبل الداخلون.
وقالت المعتزلة (6): هم عدول إلا من قاتل عليًّا.
(1) آية (29) من سورة الفتح.
(2)
آية (110) من سورة آل عمران.
(3)
ذكره ابن حجر في التلخيص الحبير (4/ 204) وعزاه للصحيحين.
وقد أخرجه البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم برقم:(3450، 3451) بلفظ: "خير أمتي قرني"، وبلفظ:"خير الناس قرني".
ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم برقم:(2535) بلفظ: "إن خيركم قرني .. ".
(4)
انظر: المستدرك (3/ 732) برقم: (6656)، والمعجم الكبير (17/ 140) برقم:(349)، والأوسط (1/ 282) برقم:(349) كلهم بلفظ: "إن الله تبارك وتعالى اختارني واختار لي أصحابًا فجعل لي فيهم وزراء وأنصارًا وأصهارًا. وهو: ضعيف.
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 577).
(6)
هو قول جماعة من المعتزلة والشيعة.
انظر: إرشاد الفحول (1/ 277).
وهذه أقوال باطلة، بعضها منسوب إلى عمرو بن عبيد (1) وأحزابه.
وما وقع بينهم محمول على الاجتهاد، ولا قدح في مجتهد عند المصوبة (2) وغيرهم.
قوله (3): مسألة: والصحابي من رآه عليه الصلاة والسلام عند الأكثر، مسلمًا، أو اجتمع به.
وقيل: من طالت صحبته له عرفا.
وقيل: وروى عنه.
ولا يعتبر العلم في ثبوت الصحبة، خلافًا لبعض الحنفية، ولو قال معاصر عدل: أنا صحابي، قبل عند الأكثر.
الصحابي من رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا، عند أحمد وأصحابه (4)، وقاله البخاري (5) وغيره (6).
قال بعض الشافعية (7): هو طريقة أهل الحديث.
(1) هو: عمرو بن عبيد بن باب أبو عثمان البصري المعتزلي، متروك الحديث، كذاب، كان يشتم الصحابة، مات سنة (143 هـ).
انظر: ميزان الاعتدال (3/ 273)، وفيات الأعيان (3/ 460).
(2)
المصوبة: الذين يقولون بأن كل مجتهد مصيب.
(3)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (88 - 89).
(4)
انظر: العدة (3/ 987)، المسودة ص (292)، أصول ابن مفلح (2/ 578).
(5)
انظر: صحيح البخاري كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن صحب النبي أو رآه من المسلمين برقم:(3650).
(6)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (251).
(7)
انظر: البحر المحيط (4/ 303)، ومقدمة ابن الصلاح ص (251).
وقوله: "أو اجتمع به": يعني مسلمًا ليدخل الأعمى، فإن اجتماع الأعمى بالنبي صلى الله عليه وسلم لمنزلة دون البصير، والمراد بالاجتماع: الحضور عنده.
قال الإمام أحمد (1) في رواية عبدوس (2): من صحب النبي صلى الله عليه وسلم سنة أو شهرًا أو يومًا أو ساعة، أو رآه مؤمنًا به، فهو من أصحابه، له من الصحبة على قدر ما صحبه.
ونقل أبو سفيان السرخسي (3) عن بعض شيوخه: "أن اسم الصحابي إنما يطلق على من رآه واختص به اختصاص الصاحب بالمصحوب، سواء روى عنه الحديث أم لم يرو عنه، أخذ عنه العلم، أو لم يأخذ، فاعتبر تطاول الصحبة في العادة".
وجعل أبو الخطاب (4) اشتراط طول المكث، على وجه التبع قول أكثر العلماء.
وشرط الجاحظ (5) وغيره مع ذلك أن يأخذ عنه العلم أيضًا.
وجه الأول: أن الصحابي، اسم مشتق من الصحبة، فعم
(1) انظر: التمهيد (3/ 172، 173)، المسودة ص (292).
(2)
عبدوس بن مالك العطار، أبو محمد، من أصحاب الإمام أحمد رحمه الله كان يأنس به ويقدمه وله عنده منزلة، وروى عنه عدة مسائل لم يروها عنه غيره.
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 241).
(3)
انظر: المسودة ص (292)، ونقله الزركشي في البحر المحيط (4/ 302) عن القاضي أبي عبد الله الصيمري من الحنفية.
(4)
انظر: التمهيد (3/ 173).
(5)
انظر: التمهيد (3/ 173)، البحر المحيط (4/ 302).
القليل والكثير، كالضارب والشاتم، يقع على من وجد ذلك منه، وإن قل. واحتج بعضهم: لشرف منزلته صلى الله عليه وسلم.
وجه الثاني: أن هذا الاسم لا يطلق في العرف على من رأى النبي صلى الله عليه وسلم، أو أقام عنده يومًا، ألا ترى أن الرسل والوفود، لا يشملهم اسم الصحابة.
والجواب عنه: ما تقدم من أن الاسم يشمل القليل والكثير.
وأما أخذ العلم فليس بشرط في تسمية الصاحب، ولهذا من خدم إنسانًا، قيل: صاحب فلان، ولو لم يأخذ منه علما قط.
وطريقنا إلى معرفة الصحابي من وجهين:
أحدهما: يوجب العلم، وهو الخبر المتواتر بأن فلانًا صحب النبي صلى الله عليه وسلم.
والثاني: يوجب غلبة الظن، وهو إخبار الثقة، إما هو أو غيره، خلافًا لبعض الحنفية (1)، أنه لا طريق إلى ذلك إلا ما يوجب العلم إما ضرورة أو اكتسابا.
وقال بعضهم (2): لا يقبل منه، ويقبل من غيره، وإن كان واحدا. وجه المنع: التهمة، رد: بالمنع كروايته.
(1) هو قول أبي عبد الله الصيمري من الحنفية- كما نقله عنه صاحب البحر المحيط (4/ 306).
(2)
انظر: التمهيد (3/ 175)، شرح المختصر للطوفي (2/ 187).
تنبيه: قال (1) العراقي (2): العبارة السالمة من الاعتراض في حد الصحابي، أن يقال: هو من لقي النبي صلى الله عليه وسلم، يعني مسلما، ثم مات على الإسلام. ليخرج من ارتد ومات كافرًا، كابن خطل (3)، وربيعة بن أمية (4)، ومقيس بن صبابة (5)، ونحوهم.
(1) انظر: التقييد والإيضاح للعراقي ص (251، 252).
(2)
هو: أبو الفضل زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الواحد الكردي الرازاني الأصل المصري الشافعي المعروف بالعراقي قال العز بن جماعة: كل من يدعي الحديث بالديار المصرية سواه فهو مدع.
من تصانيفه: فهرست مرويات البياني، والمغني في حمل الأسفار، والألفية في علوم الحديث، والتقييد والإيضاح، توفي سنة:(806 هـ).
انظر: أنباء الغمر (5/ 170 - 176)، شذرات الذهب (7/ 55 - 57)، ذيل طبقات الحفاظ ص (543 - 544).
(3)
هو: عبد الله بن خطل من بني تيم بن غالب، كان قد أسلم ثم ارتد، وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان يوم الفتح أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه وأمر بقتله ولو كان متعلقًا بأستار الكعبة.
انظر: سيرة ابن هشام (2/ 409 - 410)، والنكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 659).
(4)
هو: ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي، وكان هو الذي يصرخ يوم عرفة تحت لبة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اصرخ أيها الناس- وكان صيتًا- هل تدرون أي شهر هذا .. " انظر: أسد الغابة (2/ 209)، تجريد أسماء الصحابة (1/ 178).
(5)
هو: مقيس -بكسر الميم وسكون القاف- ابن صبابة -بضم الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة- الليثي أحد الثلاثة الذين أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمهم يوم فتح مكة.
انظر: طبقات ابن سعد (2/ 136)، سيرة ابن هشام (2/ 410).
وفي دخوله (1) من لقيه مسلمًا، ثم ارتد، ثم أسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في الصحابة نظر كبير، لكون الردة محبطة للعمل عند أبي حنيفة (2)، ومن وافقه، كفرة بن هبيرة (3)، والأشعث بن قيس (4)، أما من رجع إلى الإسلام في حياته، كعبد الله بن أبي سرح (5)، فلا مانع من دخوله في الصحبة، بدخوله الثاني في الإسلام.
(1) أي: في الصحبة.
(2)
انظر: تيسير التحرير (3/ 66).
قال الزركشي في البحر المحيط (4/ 304): "يبنى هذا على أن المرتد هل تحبط أعماله بمجرد الردة، أم لا بد من الوفاة على الردة. والثاني هو المشهور عندنا، وعليه لا تحبط صحبته، والأول قول الحنفية، وعليه تحبط".
(3)
هو: قرة بن هبيرة بن عامر بن سلمة العامري ثم القشيري، قال البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان وابن السكن وابن منده له صحبة، ارتد مع من ارتد من بني قشير ثم أسره خالد بن الوليد وبعث به إلى أبي بكر فاعتذر له بأنه كان له مال وولد فخاف عليهم ولم يرتد في الباطن فأطلق.
انظر: أسد الغابة (4/ 402)، الاستيعاب (3/ 128).
(4)
هو: الأشعث بن قيس بن معديكرب بن معاوية الكندي، كان في الجاهلية رئيسًا مطاعًا في كنده، ارتد عن الإسلام بعد النبي عليه الصلاة والسلام ثم رجع إلى الإسلام في خلافة أبي بكر، أتي به أسيرًا فعفا عنه وزوّجه أخته مات سنة (42 هـ) وقيل (40 هـ).
انظر: الاستيعاب (1/ 133)، أسد الغابة (1/ 118 - 119).
قال الزركشي في البحر المحيط (4/ 304): "ويدل عليه إجماع المحدثين على عد الأشعث بن قيس من الصحابة، وجعل أحاديثه مسنده".
(5)
هو: عبد الله بن سعد بن أبي سرح بن الحارث القرشي العامري، أخو عثمان بن عفان من الرضاعة أسلم قبل الفتح، وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، =
والمراد برؤية النبي صلى الله عليه وسلم رؤيته في حال حياته، وإلا فلو رآه بعد موته قبل الدفن، أو بعده فليس بصحابي على المشهور، وإن كان ولد بعد موته فليست له صحبة بلا خلاف. ولو رآه كافرًا، ثم أسلم بعد وفاته، فليس بصحابي على المشهور، كرسول قيصر.
وقولهم: "من رأى النبي صلى الله عليه وسلم هل المراد رآه حال نبوته، أو أعم من ذلك، حتى يدخل من رآه قبل النبوة، ومات قبل النبوة على دين الحنفية، كزيد بن عمرو بن نفيل (1)، وقد ذكره (2) في الصحابة أبو عبد الله بن منده (3)، وكذلك لو رآه قبل النبوة، ثم
= وكان يكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ارتد مشركًا، وهو ممن أهدر الرسول صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح، تفرد عبد الله إلى عثمان فأخفاه حتى أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما اطمأن أهل مكة فاستأمنه له وأسلم ذلك اليوم فحسن إسلامه ولم يظهر منه بعد ذلك ما ينكر عليه توفي سنة:(36)(37) وقيل بقي إلى آخر أيام معاوية فتوفي سنة: (59 هـ) والأول أصح.
انظر: أسد الغابة (3/ 259)، الإصابة (4/ 76)، الاستيعاب (3/ 918).
(1)
هو: زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى من بني فهر بن مالك القرشي العدوي، والد سعيد بن زيد، وابن عم عمر بن الخطاب يجتمع معه في نفيل، كان يتعبد في الجاهلية ويطلب دين إبراهيم عليه السلام ويوحد الله وكان لا يأكل مما ذبح على النصب، اجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، توفي قبل بعث النبي صلى الله عليه وسلم.
انظر: أسد الغابة (2/ 295)، الإصابة (3/ 31).
(2)
انظر: الإصابة (3/ 31).
(3)
هو: محمد بن إسحاق بن محمد بن زكريا بن يحيى بن منده، أبو عبد الله، الإمام الحافظ، محدث العصر الأصبهاني مكثر الحديث مع الحفظ والمعرفة والصدق، من مصنفاته: معرفة أصحاب الحديث، توفي سنة:(395 هـ).
انظر: تذكرة الحفاظ (3/ 1031)، شذرات الذهب (3/ 146).
غاب عنه، وعاش إلى بعد زمن البعثة وأسلم، ثم مات ولم يره.
قال العراقي (1): "لم أر من تعرض لذلك، ويدل على أن المراد: "من رآه بعد نبوته"، أنهم ترجموا في الصحابة من ولد للنبي صلى الله عليه وسلم بعد النبوة كإبراهيم، وعبد الله، ولم يترجموا من ولد قبلها، كالقاسم.
وكذلك أيضًا: ما المراد بقولهم من رآه؟ هل المراد رؤيته له مع تميزه وعقله، حتى لا يدخل الأطفال الذين حنكهم، ولم يروه بعد التمييز. ولا من رآه وهو لا يعقل، أو المراد أعم من ذلك؟
ويدل على اعتبار التمييز ما قاله (2) الحافظ أبو سعيد العلائي (3)، في كتاب المراسيل (4)، في ترجمة عبد الله بن الحارث بن نوفل (5)، حنكه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له، ولا صحبة له،
(1) انظر: التقييد والإيضاح ص (254).
(2)
انظر: جامع التحصيل في أحكام المراسيل ص (208).
(3)
هو: الحافظ صلاح الدين أبو سعيد بن خليل بن كيكلدي العلاني، كان إمامًا في الفقه والأصول وغيرهما ذكيًّا، نظارًا، ذا رئاسة وحشمة، من مصنفاته: جامع التحصيل في أحكام المراسيل، وإجمال الإصابة في أقوال الصحابة وغيرها .. توفي سنة:(761) وقيل (762 هـ).
انظر: طبقات الشافعية لابن السبكي (6/ 104)، وطبقات الشافعية للأسنوي (2/ 109).
(4)
يسمى "جامع التحصيل في أحكام المراسيل" طبع ضمن مطبوعات عالم الكتب بتحقيق حمدي عبد المجيد السلفي في مجلد واحد.
(5)
هو: عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، أمه هند بنت أبي سفيان لما ولدته أرسلته إلى أختها أم حبيبة، =
بل ولا رؤية أيضًا، ولذلك قولهم:"من رآه"، هل المراد به في عالم الشهادة دون عالم الغيب؟
قال العراقي (1): الظاهر اشتراطه، حتى لا يطلق اسم الصحبة على من رآه من الملائكة، والنبيين في السموات ليلة الإسراء، أما الملائكة فلم يذكرهم أحد في الصحابة، واستشكل (2) ابن الأثير (3)، ذكر من ذكر منهم بعض الجن الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم[وذكرت أسماؤهم](4)، وأن جبريل وغيره ممن رآه من الملائكة أولى بالذكر من هؤلاء، وليس كما زعم، لأن الجن من جملة المكلفين الذين شملتهم الرسالة، والبعثة، فكان ذكر من عرف اسمه، ممن رآه حسنًا بخلاف الملائكة.
وأما الأنبياء الذين رآهم ليلة الإسراء، فالذين ماتوا منهم كإبراهيم، ويوسف وموسى، وهارون، ويحيى عليهم السلام
= فحنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له عند وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم سنتان، كان ثقة ظاهر الصلاح، توفي سنة:(84 هـ) وقيل غير ذلك.
انظر: الإصابة (4/ 144)، الاستيعاب (3/ 855).
(1)
انظر: التقييد والإيضاح ص (254 - 255).
(2)
انظر: أسد الغابة (2/ 267)(4/ 205).
(3)
هو: الإمام عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الشيباني الجزري المؤرخ الشافعي، كان إمامًا نسابة أخباريًا، أديبًا، من مصنفاته: التاريخ المشهور بالكامل، ومختصر الأنساب للسمعاني، وأسد الغابة في معرفة الصحابة، توفي سنة:(630 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (22/ 353 - 356)، شذرات الذهب (5/ 137)، وفيات الأعيان (3483 - 350).
(4)
ما بين معقوفين ليست في المخطوط والإكمال للمطبوع.
لا شك أنهم لا يطلق عليهم اسم الصحبة، لكون رؤيتهم له بعد الموت، مع كون مقاماتهم أجل وأعظم من رتبة أكبر الصحابة، وأما من هو حي إلى الآن لم يمت كعيسى عليه السلام فإنه سينزل إلى الأرض في آخر الزمان، فيراه خلق من المسلمين، فهل يوصف من رآه، بأنه من التابعين؟ لكونه رأى من له رؤية من النبي صلى الله عليه وسلم أم المراد بالصحابة من لقيه من أمته الذين أرسل إليهم، حتى لا يدخل فيهم عيسى، والخضر، وإلياس عليهم السلام على قول من يقول بحياتهم من الأئمة، هذا محل نظر. ولم أر من تعرض لذلك من أئمة الحديث، والظاهر أن من رآه منهم في الأرض، وهو حي له حكم الصحبة، فإن كان الخضر، أو إلياس حيين، أو كان قد رأى عيسى عليه السلام الأرض، فالظاهر إطلاق اسم الصحبة عليهم، فأما رؤية عيسى عليه السلام في السماء، فقد يقال: إن السماء ليست محلًا للتكليف، ولا لثبوت الأحكام الجارية على المكلفين، فلا يثبت بذلك اسم الصحبة لمن رآه منها. وأما رؤيته لعيسى في الأرض ففي صحيح مسلم (1) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لقد رأيتني في الحجر، وقريش تسألني عن مسراي، فتسألني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كربًا ما كربت مثله قط، [فرفعه الله لي، أنظر إليه، ما يسألونني عن شيء إلا أنبأتهم به])(2) وفيه (وقد رأيتني
(1) انظر: صحيح مسلم كتاب الإيمان باب ذكر المسيح ابن مريم والمسيح الدجال برقم: (172).
(2)
ما بين معقوفين سقطت من المخطوط والإكمال من صحيح الإمام مسلم، والتقييد والإيضاح ص (255).
في جماعة من الأنبياء)، وفيه (فإذا عيسى ابن مريم قائم يصلي) الحديث، وظاهر هذا أنه رآه ببيت المقدس. فإن كان كذلك فلا مانع من إطلاق اسم الصحبة عليه، لأنه حين ينزل يكون متعبدًا بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم لا شريعته المتقدمة، انتهى كلام العراقي.
قوله (1): مسألة: في مستند الصحابي الراوي، فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، حمل على سماعه منه عند الأكثر (2)، وعند ابن الباقلاني (3) وأبي الخطاب (4): لا يحمل.
أما كونه يحمل على السماع: فلأنه الظاهر؛ ولأنه لما قطع على الرسول صلى الله عليه وسلم دل على أنه سمعه منه.
وأما وجه الثاني ونسبه أبو الخطاب (5) إلى الأشعرية: فلأنه يجوز أن يكون بينهما واسطة، بأن يكون قد أخبره عدد كثير فثبت عنده، أو ثقة فغلب على ظنه، فلما احتمل هذا لم يجز القطع على أنه سمعه منه.
قوله (6): مسألة: إذا قال: أمر عليه السلام بكذا، أو أمرنا أو
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (89).
(2)
انظر: العدة (3/ 999)، المسودة (260)، تيسير التحرير (683)، شرح تنقيح الفصول ص (373)، التبصرة ص (335).
(3)
انظر: التلخيص (2/ 424).
(4)
انظر: التمهيد (3/ 185).
(5)
المصدر السابق.
(6)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (89).
نهانا، ونحوه، فهو حجة عند الأكثر (1)، خلافا لبعض المتكلمين (2)، ونقل (3) عن داود (4) قولان.
لنا: أنه الظاهر من حاله؛ لأنه عدل عارف، ومعرفة حقيقة ذلك من اللغة، وهم أهلها.
وعلى القول الآخر: لا حجة في ذلك حتى ينقل لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم فينظر فيه.
قوله (5): مسألة: إذا قال: أمرنا أو نهينا، فحجة عند الأكثر (6)، خلافًا لقوم، ومثل ذلك من السنة. واختار أبو المعالي (7): لا يقتضي سنته عليه السلام.
(1) انظر: العدة (3/ 991، 998)، المسودة ص (291 - 295)، تيسير التحرير (3/ 69)، شرح تنقيح الفصول (373)، التبصرة ص (743).
(2)
انظر: التمهيد (3/ 186)، تيسير التحرير (3/ 69).
(3)
انظر: العدة (3/ 1000 / 1001)، إرشاد الفحول (1/ 244).
(4)
هو: داود بن علي بن خلف، أبو سليمان الأصبهاني البغدادي، إمام أهل الظاهر، كان زاهدًا متقللًا كثير الورع، يحضر مجلسه العدد الكثير، من مصنفاته: الكافي في مقالة المطلبي وإبطال القياس، وغيرها كثير توفي سنة:(270 هـ).
انظر: طبقات الشافعية (2/ 284)، شذرات الذهب (2/ 158)، وفيات الأعيان (2/ 255).
(5)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (89).
(6)
انظر: العدة (3/ 99)، تيسير التحرير (3/ 69)، منتهى الوصول والأمل (82)، التبصرة ص (331).
(7)
انظر: التلخيص (2/ 138).
وذكر ابن عقيل "رخص"، حجة بلا خلاف.
المخالف في الأول: هو الكرخي (1)، وأبو بكر الرازي (2)، وابن الباقلاني (3)، والصيرفي (4)، وغيرهم.
وجه الأول: أن الظاهر من الصحابي إذا قال ذلك أنه يصرفه إلى أمر النبي صلى الله عليه وسلم وإلى نهيه، وحيث انصرف إليه صار حجة، وكذا قوله من السنة.
قال القاضي (5): "إذا قال الصحابي: من السنة كذا، كقول علي رضي الله عنه (6): "من السنة لا يقتل حر بعبد"، اقتضى سنة النبي صلى الله عليه وسلم".
وقال ابن عقيل (7): لا خلاف أنه لو قال قائل: أرخص أو رخص في كذا، لرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كذلك إذا قيل: أمرنا، أو نهينا.
(1) انظر: تيسير التحرير (3/ 69)، بديع النظام (1/ 369).
(2)
انظر: الفصول في الأصول (3/ 197).
(3)
انظر: التلخيص (2/ 136).
(4)
انظر: التبصرة ص (331).
(5)
انظر: العدة (3/ 991).
(6)
في البخاري عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: قلت لعلي: هل عندكم شيء من الوحي إلا ما في كتاب الله قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما أعلمه إلا فهمًا يعطيه الله رجلًا في القرآن وما في هذه الصحيفة، قلت: وما في الصحيفة، قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يُقتل مسلم بكافر.
أخرجه البخاري في كتاب الديات باب العاقلة برقم: (6903) وفي باب لا يقتل المسلم بالكافر برقم: (6915).
(7)
انظر: الواضح (3/ 223).
وقال أبو العباس (1): الخلاف في "أمرنا ونهينا" إنما يتوجه عند الإطلاق، وأما عند الاقتران -بأن الأمر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو زمنه فلا يتوجه- كقول (2) أنس في الأذان:(أمر بلال (3) أن يشفع الأذان وأن يوتر الإقامة) في السياق المعروف، وكقول عائشة (4):(فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة)، وقول (5) زيد بن أرقم (6):(فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام).
(1) انظر: المسودة ص (295).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب بدء الأذان برقم: (578)، وباب الإقامة واحدة إلا قوله قد قامت الصلاة برقم:(582). ومسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بشفع الأذان وإيتار الإقامة برقم:(378).
(3)
هو: الصحابي بلال بن رباح المؤذن من السابقين الأولين، شهد بدرًا مات بالشام سنة:(17)، وقيل:(18)، وقيل:(20 هـ).
انظر: الإصابة (1/ 183)، الاستيعاب (1/ 178).
(4)
من حديث معاذة أنها سألت عائشة رضي الله عنها: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: كان ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء .. الحديث. اللفظ لإحدى روايات مسلم، وهو متفق عليه إلا أنه ليس في رواية البخاري تعرض لقضاء الصوم.
أخرجه البخاري في كتاب الحيض باب لا تقضي الحائض الصلاة برقم: (321). ومسلم في كتاب الحيض باب وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة برقم: (. . .).
(5)
أوله: "إنا كنا لنتكلم في الصلاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يكلم أحدنا صاحبه بحاجته، حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} .
أخرجه البخاري في كتاب التفسير باب (وقوموا لله قانتين) برقم: (4260). ومسلم في كتاب المساجد مواضع الصلاة باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ كان من إباحة برقم: (539).
(6)
هو: زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان الأنصاري الخزرجي، =
قوله (1): مسألة: إذا قال "كنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نفعل كذا"، أو نحو ذلك فحجة عند أبي الخطاب (2) والمقدسي (3)، خلافًا للحنفية (4). وأطلق في الكفاية (5) احتمالين.
وقال الشافعي (6): إن كان مما يشيع، كان حجة، وإلا فلا.
وقوله: "كانوا يفعلون"، نقل للإجماع عند القاضي (7)، وأبي الخطاب، وليس بحجة عند آخرين.
فيه مسألتان: الأولى: إذا قال: "كنا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم نفعل"، وجه قول أبي الخطاب أنه في معرض الحجة، فالظاهر بلوغه وتقريره.
= استصغر يوم أحد وكانت أول مشاهده الخندق وقيل المريسيع، سكن الكوفة، وابتنى بها دارًا في كنده وتوفي سنة:(66 هـ)، وقيل (68 هـ).
انظر: أسد الغابة (2/ 276)، الإصابة (3/ 21)، الاستيعاب (2/ 535).
(1)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (89 - 90).
(2)
انظر: التمهيد (3/ 182).
(3)
انظر: روضة الناظر (1/ 345).
(4)
الصواب أن المخالف بعض الحنفية، لذا قال ابن الهمام في التحرير أنه لا يعلم خلافًا في هذه المسألة، وأنها من قبيل المرفوع إلا عند الإسماعيلي أبي بكر.
والذي ذهب إليه الأكثر أنه محمول على فعل الجماعة وتسوغ المخالفة فيه.
انظر: بديع النظام (1/ 369)، تيسير التحرير (3/ 69، 70)، فواتح الرحموت (2/ 162).
(5)
انظر: المسودة ص (297).
(6)
انظر: المسودة ص (297)، أصول الفقه لابن مفلح (2/ 584).
(7)
انظر: العدة (3/ 998 - 999).
واحتج المخالف: بأنهم كانوا يفعلون ما لا يعلمه، ولهذا لما قالت الأنصار (1) لعمر في الإكسال أنه لا يوجب الغسل:(كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نغتسل)، فقال لهم عمر:"أوَ عَلِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك"، فقيل: لا. فقال: "فمه".
الجواب: إن التقاء الختانين كان لا يوجب الغسل في ابتداء الإسلام، ثم نسخ (2) ذلك، فلم يعلمه قوم، وعلمه آخرون، فكان من لم يعلم النسخ مستمرًا على الحكم الأول، حتى تبين له الناسخ، وهذا جائز. فأما الإقدام على ابتداء فعل يتعلق بالدين من غير استئذان الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يظن بالصحابة رضي الله عنهم فعله.
ووجه قول الشافعي رضي الله عنه ظاهر.
قال أبو العباس (3): هو حجة، لتقرير الله تعالى له، ولم
(1) قصة ذلك أن زيد بن ثابت كان يحدث الناس بأن الرجل إذا جامع ولم ينزل فلا غسل عليه، فسأله عمر عن ذلك، قال: حدثني أعمامي؛ أبي بن كعب، وأبو أيوب ورفاعة، وكان رفاعة عند عمر، فقال له: قد كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر: ورسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم؟ قال: لا علم له فجمع عمر المهاجرين والأنصار، فأشاروا إليه: أن لا غسل في ذلك إلا عليًّا ومعاذًا، قالا: إذا جاوز الختان فقد وجب الغسل. قال عمر: لا أسمع برجل يفعل ذلك إلا أوجعته.
انظر: المسند (5/ 115)، شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 59)، مجمع الزوائد (1/ 266) وقال الهيثمي ورجال إسناده رجال الصحيح، غير أن إسحاق -وإن كان ثقة- مدلس.
(2)
انظر: الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي ص (52 - 60)، شرح الزركشي على مختصر الخرقي (1/ 282).
(3)
انظر: المسودة ص (297، 298).
يذكره الأصوليون. واحتج بقول جابر: (كنا نعزل والقرآن ينزل، فلو كان شيء نهى عنه لنهانا عنه القرآن) متفق عليه (1).
الثانية: إذا قال: "كانوا يفعلون" قال أبو الخطاب (2): فإن قال الصحابي أو التابعي: "كانوا يفعلون"، حمل ذلك على جماعتهم، كقول (3) عائشة رضي الله عنها:"كانوا لا يقطعون اليد في الشيء التافه"، خلافًا لمن (4) أنكر أن يكون ذلك إجماعًا.
لنا: أن الراوي لا يقول ذلك إلا ويقصد به، إقامة الحجة، فيجب أن يحمل على قولهم حجة، وهو الإجماع.
واقتصر ابن حمدان على قوله (5): انصرف إلى فعل الأكثرين، وسوى بين "كنا" و"كانوا"، وكذا سوى الآمدي (6)، والشيخ في الروضة (7)، قال ابن مفلح (8): وهو متجه.
(1) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب العزل برقم:(4911).
ومسلم في كتاب النكاح، باب حكم العزل برقم:(1440).
(2)
انظر: التمهيد (3/ 184).
(3)
أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 466) في كتاب الحدود، من قال لا يقطع في أقل من عشرة دراهم، وكذا ابن عدي في كتابه الكامل (4/ 192) وفي إسناده عبد الله بن قبيصة الغزاري، قال ابن عدي:"لم يتابع عليه"، عبد الرزاق في مصنفه (10/ 234 - 235) في كتاب اللقطة، باب في كم تقطع يد السارق؟ عن عروة كلهم بلفظ:"لم يكن يقطع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الشيء التافه".
(4)
نسبه الآمدي إلى بعض الأصوليين. انظر: الإحكام (2/ 11).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 185) ذكره ولم يشر إلى ابن حمدان.
(6)
انظر الإحكام (2/ 111).
(7)
انظر: روضة الناظر (1/ 345).
(8)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 185).
قوله (1): مسألة: قول التابعي: "أمرنا أو نهينا، أو من السنة"، كالصحابي عند أصحابنا، لكنه مرسل. وقوله:"كانوا" كالصحابي، ذكره القاضي وأبو الخطاب وابن عقيل، ومال أبو البركات إلى أنه ليس بحجة، لأنه قد يعني به في إدراكه، كقول إبراهيم:"كانوا يفعلون"، يريد أصحاب عبد الله بن مسعود.
قول التابعي: "أمرنا، أو نهينا، أو من السنة" هل هو حجة أم لا؟ فيه وجهان أصلهما المرسل، فيكون حجة على الصحيح من الروايتين (2)، كما قال (3) سعيد بن المسيب (4):"من السنة، إذا عسر الرجل بنفقة امرأته أن يفرق بينهما".
وأما قولهم: "كانوا"، فهو كالصحابي، لكن قال في المسودة (5): فإن التابع قد يعني من أدركه، كقول إبراهيم - يعني النخعي (6) -:"كانوا يفعلون" يريد أصحاب عبد الله بن مسعود. وأشار أنه وجه لنا.
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (90).
(2)
انظر: العدة (3/ 992).
(3)
انظر: مصنف عبد الرزاق (7/ 96) في كتاب الطلاق، باب الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته.
(4)
هو: الإمام شيخ الإسلام فقيه المدينة أبو محمد سعيد بن المسيب المخزومي، أجل التابعين، كان واسع العلم فقيه النفس متين الديانة قوالًا بالحق، توفي سنة:(94 هـ) على الصحيح.
انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 54)، شذرات الذهب (1/ 102).
(5)
انظر: المسودة ص (296 - 297).
(6)
هو: أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس الكوفي، الفقيه، ثقة إلا أنه كان يرسل كثيرًا، توفي سنة:(96 هـ).
انظر: طبقات ابن سعد (6/ 188)، تذكرة الحفاظ (1/ 73)، وفيات الأعيان (1/ 25).
قال ابن مفلح (1): وذلك ممنوع.
قوله (2): مسألة: مستند غير الصحابي أعلاه قراءة الشيخ عليه، لا هو على الشيخ عند الأكثر، وقيل: عكسه. وقيل: هما سواء.
ثم: إن قصد إسماعه وحده، أو مع غيره، قال:"حدثنا، وأخبرنا، وقال، وسمعته". وإن لم يقصد قال: "حدّث، وأخبر، وقال، وسمعته"، وله إذا سمع مع غيره، قول:"حدثني"، وإذا سمع وحده:"حدثنا" عند الأكثر.
ونقل الفضل بن زياد، إذا سمع من الناس يقول:"حدثني؟ ". قال: ما أدري، وأحبُّ إليَّ أن يقول:"حدثنا" ..
مستند غير الصحابي على مراتب منهم من ذكرها عشرة، ومنهم من ذكرها ثمانية، ومنهم من ذكرها أربعة، واختلفوا في أعلاها، فالذي جزم به الشيخ في الروضة (3)، وقاله جمهور المحدثين وغيرهم (4): أنها قراءة الشيخ عليه.
وعن أبي حنيفة (5) رضي الله عنه القراءة عليه أعلى من السماع من
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 586).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (90 - 91).
(3)
انظر: روضة الناظر (2/ 406).
(4)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (140).
(5)
انظر: أصول البزدوي مع شرحه كشف الأسرار (583)، ونقل الخطيب في الكفاية (400) بسند إلى أبي حنيفة قوله: لأن أقرأ على المحدث أحب إليَّ من أن يقرأ عليّ.
لفظه، وذكره بعضهم (1) اتفاقًا. وعن مالك (2): مثله، والأشهر عنه: سواء، وعليه أصحابه (3)، وعلماء الكوفة والبخاري (4) وغيرهم (5).
وذكر (6) صاحب البديع (7): أن الأول قول المحدثين، وأن التسوية هو المختار، وخص الخلاف بما إذا قرأ الشيخ من كتاب، لأنه قد يسهو، فلا فرق بينه وبين القراءة عليه، أما إذا قرأ الشيخ من حفظه، فهو أعلى بالاتفاق.
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 587).
(2)
ونقله الخطيب بسنده في الكفاية (401) عن مالك، وانظر شرح التنقيح ص (367).
(3)
قال القاضي عياض: وهو مذهب مالك، وقال السخاوي: هذا هو المعروف عنه، بل الذي تقدم عن أبي حنيفة، قيل: إنما هو فيما إذا كان الشيخ يحدث من كتاب، أما حديث حدث من حفظه فلا. انتهى.
انظر: فتح المغيث للسخاوي (2/ 26)، إرشاد طلاب الحقائق للنووي ص (123).
(4)
انظر: صحيح البخاري باب القراءة والعرض على المحدث (1/ 148)(63)، إرشاد طلاب الحقائق ص (123).
(5)
انظر: إرشاد طلاب الحقائق ص (123).
(6)
انظر: بديع النظام (1/ 370).
(7)
هو: أحمد بن علي بن تغلب (أو ثعلب)، مظفر الدين ابن الساعاتي، عالم بفقه الحنفية، كان ثقة حافظًا متقنًا في الأصول والفروع، من مصنفاته:"مجمع البحرين في الفقه" وكتاب "بديع النظام" و"نهاية الوصول إلى علم الأصول"، توفي سنة:(694 هـ).
انظر: الجواهر المضيئة (1/ 80)، الفوائد البهية ص (26)، الفتح المبين (2/ 97 - 98).
وإذا قرأ الشيخ تارة بقصد الإسماع، وتارة لا بقصده، فإذا قصده، فلا فرق بين أن يقصد سماعه وحده أو مع غيره فإن له أن يقول:"حدثنا" و "أخبرنا"، و "قال" و "سمعته". وله إذا سمع مع غيره قول:"حدثني".
وإذا سمع وحده قول: "حدثنا" عند الإمام أحمد (1) والعلماء.
ونقل (2) الفضل بن زياد (3): إذا سمع مع الناس يقول: "حدثني"؟ قال: ما أدري، وأحب إلي أن يقول:"حدثنا".
وإن لم يقصد الإسماع قال: "حدث" و"أخبر" و"قال"، و "سمعته".
قوله (4): وإذا قرأ على الشيخ فقال: نعم، أو سكت بلا موجب من غفلة أو غيرها، فله الرواية عند الأكثر. ويقول:"حدثنا" و"أخبرنا قراءة عليه"، وبدون قراءة عليه روايات، ثالثها: جواز "أخبرنا لا حدثنا". ورابعها: جوازهما فيما أقر به لفظًا لا حالًا. وخامسها: جواز "أخبرنا" فقط، لفظًا لا حالًا ..
المرتبة الثانية: قراءته أو قراءة غيره على الشيخ، تجوز
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 588).
(2)
انظر: المصدر السابق.
(3)
هو: أبو العباس القطان البغدادي، من أصحاب أحمد المقدمين عنده، وممن نقلوا عنه مسائل كثيرة.
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 251).
(4)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (91).
الرواية بها، عند أحمد (1) والعلماء (2)، خلافًا لبعض العراقيين (3)، وكرهه (4) ابن عيينة (5) وغيره (6).
فإذا قرأ عليه، وقال: نعم، أو سكت عند القراءة عليه بلا موجب من غفلة، أو غيرها، فالظاهر أنه كإقراره، ذكره القاضي (7) وغيره (8)، وذكره ابن عقيل (9) عن علمائنا، وعليه جمهور الفقهاء والمحدثين (10). ويقول:"حدثنا، وأخبرنا قراءة عليه"، وأما إذا أسقط قراءة عليه فيجوز أن يقول:
"حدثنا وأخبرنا"، في رواية اختارها الخلال (11)، وصاحبه (12)،
(1) انظر: العدة (3/ 977) وما بعدها.
(2)
قال النووي في إرشاد طلاب الحقائق ص (122): بلا خلاف إلا ما حكي عن بعض ما لا يعتد به.
(3)
انظر: المسودة ص (286).
(4)
انظر: المسودة ص (286).
(5)
هو: أبو محمد سفيان بن عيينة الكوفي، ثم المكي، الهلالي بالولاء، من تابعي التابعين، إمام ثقة حافظ، تغير حفظه بآخره، توفي سنة:(198 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (9/ 174)، وفيات الأعيان (2/ 391)، تقريب التهذيب (1/ 312).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 589).
(7)
انظر: العدة (3/ 980).
(8)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 589).
(9)
انظر: الواضح (5/ 50).
(10)
انظر: إرشاد طلاب الحقائق ص (124).
(11)
انظر: المسودة ص (283).
(12)
هو: أبو بكر عبد العزيز، غلام الخلال، وقد سبقت ترجمته.
والقاضي (1) وغيرهم (2)، وقاله أبو حنيفة (3) ومالك (4) وعلما الحجاز والكوفة (5) والبخاري (6) وغيرهم (7)، وذكره القاضي (8) عن الشافعية (9)؛ لأنه معناه.
وعنه (10): لا تجوز، وقاله جماعة من المحدثين (11)؛ لأنه كذب، كما لا يجوز:"سمعت" عند الجمهور (12).
وعنه (13): يجوز "أخبرنا" لا "حدثنا، وقاله الشافعي (14)، وأصحابه (14)، وعلماء المشرق (14).
(1) انظر: العدة (3/ 978، 980).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 589).
(3)
انظر: تيسير التحرير (3/ 93)، فواتح الرحموت (2/ 165).
(4)
انظر: جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (2/ 214)، منتهى الوصول والأمل ص (83)، إرشاد طلاب الحقائق ص (123).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 589)، إرشاد طلاب الحقائق ص (123).
(6)
انظر: المصدر السابق.
(7)
انظر: المصدر السابق.
(8)
انظر: العدة (3/ 977).
(9)
انظر الإحكام (2/ 112).
(10)
انظر: المسودة ص (285، 286)، أصول ابن مفلح (2/ 590).
(11)
منهم الإمام مسلم وابن جريج والأوزاعي والنسائي، قال النووي في إرشاده ص (124):"وأحسن ما يوجه به أنه اصطلاح للتميز".
قال ابن الصلاح في مقدمته ص (143): "فيتخصص النوع الأول بقول: حدثنا لقوة إشعاره بالنطق والمشافهة".
(12)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 590).
(13)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 590).
(14)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (143)، إرشاد طلاب الحقائق للنووي ص (123).
قال أبو داود (1): "سألت أحمد فقلت: كأن "أخبرنا" أسهل من " حدثنا"، فقال: نعم، "حدثنا" شديد".
وعنه (2): جوازهما فيما أقر به لفظًا لا حالًا؛ لأن اللفظ أعلى لكونه صريحًا.
وعنه (3): جواز "أخبرنا" فقط لفظًا لا حالًا، لكون "أخبرنا" أسهل من "حدثنا".
قوله (4): وظاهر ما سبق، أن منع الشيخ للراوي من روايته عنه، ولم يسند ذلك إلى خطأ أو شك لا يؤثر، وصرح به بعضهم.
قد سبق (5) أنه إذا لم يقصد الإسماع، أنه يجوز للسامع أن يقول: حدث و"أخبر" و"قال" و"سمعته"، فظاهر هذا أنه إذا منع من الرواية عنه، ولم يسند المنع إلى خطأ أو شك، أنه لا يؤثر منعه، ويجوز للراوي الرواية.
قوله (6): ومن شك في سماع حديث لم تجز روايته مع الشك إجماعًا، ولو اشتبه بغيره لم يرو شيئًا مما اشتبه به فإن ظن أنه واحد منهما بعينه، أو أن هذا مسموع له، ففي جواز الرواية؛ اعتمادًا على غلبة الظن خلاف، والأصح المنصوص جوازه ..
(1) مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود ص (282).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 590).
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 590).
(4)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (91).
(5)
انظر: ص (86).
(6)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (91).
إذا شك في سماع حديث لم تجز روايته مع الشك إجماعًا (1)؛ لأنه شك هل سمعه أم لا، والأصل عدم السماع.
وأما إذا اشتبه الحديث المسموع بغيره، فمع التساوي لم يرو شيئًا؛ لأنه ليس أحدهما أولى من الآخر.
فإن ظن أن مسموعه هذا بعينه، أو أن هذا مسموع له، - وقد تقدم (2) أن الظن هو: الاحتمال الراجح - فالمنصوص العمل به عندنا (3) وعند الجمهور (4) اكتفاء بالظن الغالب، إذ هو مناط الأحكام.
وجه المنع: انتفاء العلم، بكونه حدثه فامتنعت الراوية، كالشهادة.
قوله (5): وهل يجوز للراوي إبدال قول الشيخ: أخبرنا بحدثنا، أو عكسه؟ فيه روايتان ..
(1) نقل الإجماع الآمدي في الإحكام (2/ 113).
ونقل الزركشي في البحر المحيط (4/ 328) عن ابن المواق قوله: تشكيك الراوي بعد اليقين عندي غير قادح فيما حدث به أولًا على اليقين، فإن شكه بعد ذلك محمول على النسيان وتغير الحفظ بالكبر وغيره، اللهم إلا أن يراجع الراوي أصوله، ويستريب فيما حدث به أولًا من محفوظه، فإنه حينئذ يلزم بيان ذلك لكل من حمله إياه، فيقبل ذلك عنه ويعرف.
(2)
انظر: ص (83)(آلة).
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 591).
(4)
انظر: منتهى الوصول والأمل ص (83)، الإحكام (2/ 114)، أصول ابن مفلح (2/ 591).
(5)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (91).
إحداهما (1): لا تجوز، لاحتمال أن الشيخ لا يرى التسوية بينهما (2).
الثانية (3): تجوز، جزم به في المسودة (4)، وقدمه ابن حمدان في مقنعه، واختاره الخلال (5)، وبناه على الرواية بالمعنى (6).
قوله (7): وتجوز الرواية بالإجازة في الجملة عند الأكثر، خلافًا لإبراهيم الحربي وغيره، وبجب العمل به؛ لأنه كالمرسل ..
المرتبة الثالثة: الإجازة (8)، وتجوز الرواية بها في الجملة
(1) انظر: العدة (3/ 980 - 981).
(2)
قال السخاوي في فتح المغيث (2/ 41): يعني: فيكون حينئذ وكأنه قوَّله ما لم يقل. قال: والتعليل بذلك يقتضي أنه عند علم عدمها من باب أولى، وهذا بلا خلاف.
(3)
انظر: العدة (3/ 981).
(4)
انظر: المسودة ص (283).
(5)
انظر: العدة (3/ 981).
(6)
قال النووي - بعد ذكر قول من قال بعدم الجواز -: لاحتمال أن الشيخ لا يرى التسوية بينهما، ولو عرفت من مذهب أصحاب هذا الإسناد التسوية بينهما، فإقامتك أحدهما مقام الآخر رواية بالمعنى.
انظر: إرشاد طلاب الحقائق ص (126).
(7)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (91).
(8)
قال ابن فارس في مقاييس اللغة (1/ 494): "معنى الإجازة في كلام العرب مأخوذ من جواز الماء الذي يسقاه المال من الماشية والحرث، يقال منه: استجزت فلانًا فأجازني، إذا أسقاك". =
عند أحمد وأصحابه (1) وعامة العلماء (2)، وذكره الباجي (3) المالكي إجماعًا، لكن قد خالف (4) فيها إبراهيم بن إسحاق الحربي من علمائنا، وجماعة من المحدثين (5)، منهم أبو الشيخ الأصبهاني (6)، وجماعة من الحنفية (7) والشافعية (8)، ونقله (9)
= قال الخطيب البغدادي في الكفاية ص (446): "كذلك طالب العلم، يسأل العالم أن يجيزه علمه، فيجيزه إياه، والطالب مستحيز والعالم مجيز".
انظر: الكفاية ص (446، 447).
قال الزركشي في بحره (4/ 396): "الإجازة بأن يقول أجزت لك أن تروي عني هذا الحديث بعينه، أو هذا الكتاب".
(1)
انظر: العدة (3/ 981)، أصول ابن مفلح (2/ 591).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 591).
(3)
انظر: إحكام الفصول ص (312)، مقدمة ابن الصلاح ص (151).
(4)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (152)، أصول ابن مفلح (2/ 591).
(5)
انظر: الكفاية ص (446، 449)، مقدمة ابن الصلاح ص (152).
(6)
هو: حافظ أصبهان ومسند زمانه الإمام أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأنصاري صاحب المصنفات السائرة، ويعرف بأبي الشيخ، توفي سنة تسع وستين وثلاث مائة.
انظر: تذكرة الحفاظ (3/ 945)، شذرات الذهب (693).
(7)
انظر: كشف الأسرار (3/ 396).
(8)
انظر: البحر المحيط (4/ 396).
(9)
قال الزركشي في البحر المحيط (4/ 397): "لأن الربيع قال: هم الشافعي بالخروج من مصر، وكان قد فاتني من البيوع من كتاب الشافعي ثلاث ورقات، فقلت له: أجزها لي. قال: فاقرأها علي كما قرئ علي وردد علي ذلك، حتى أذن الله، فجلس، وقرئ عليه". وانظر مقدمة ابن الصلاح ص (152).
الربيع (1) عن الشافعي؛ لأن معناها: أجزت كل ما لا يجوز شرعًا، لأن الشرع [لا يجيز](2) رواية ما لم يسمع، ولبطلان الرحلة، وخلافًا لبعض الظاهرية (3).
ويجب العمل به؛ لأنه كالمرسل.
وعند أبي حنيفة (4) ومحمد (5) إن علم المخبر ما في الكتاب، والمجاز له ضابط، جازت وإلا فلا، لما فيه من صيانة السنة وحفظها.
وأجازها (6) أبو يوسف (7)، وذلك تخريج من كتاب القاضي إلى مثله.
(1) هو: أبو محمد الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي المصري، صاحب الشافعي، الذي روى أكثر كتبه، توفي سنة:(270 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (2/ 291)، طبقات الشافعية للسبكي (2/ 132).
(2)
ما بين معقوفين ساقط من المخطوط والإكمال من أصول الفقه لابن مفلح (2/ 592).
(3)
انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (2/ 273).
(4)
انظر: بديع النظام (1/ 372)، فواتح الرحموت (2/ 165).
(5)
هو: أبو عبد الله محمد بن الحسن بن فرقد، من موالي بني شيبان، أصولي فقيه حنفي، صاحب اليد الطولى في نشر علم أبي حنيفة، من مصنفاته: الآثار، والأصل، والمخارج في الحيل، توفي سنة:(189 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (2/ 172)، وفيات الأعيان (4/ 184)، الجواهر المضيئة (2/ 42)، الفرائد البهية ص (163).
(6)
انظر: تيسير التحرير (3/ 94)، فواتح الرحموت (2/ 165).
(7)
هو: يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الكوفي البغدادي، صاحب أبي حنيفة وتلميذه، من مصنفاته: الخراج، والآثار، توفي سنة:(182 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (14/ 242)، وفيات الأعيان (6/ 378).
فإن علم ما فيه شرط عندهما دونه.
وحكى (1) السرخسي عن أبي حنيفة وأبي يوسف: المنع.
قوله (2): ثم الإجازة، معين لمعين، ويجوز أن يجيز جميع ما يرويه لمن أراده، قاله أبو بكر، وابن منده من أصحابنا، وغيرهما، خلافًا لآخرين.
ولا تجوز لمعدوم تبعا لموجود، كفلان، ومن يولد له، في ظاهر كلام جماعة من أصحابنا، وقاله غيرهم؛ لأنها محادثة، وإذن في الرواية، وأجازها أبو بكر بن داود وغيره، كما تجوز لطفل لا سماع له، في أصح قولي العلماء، وكما تجوز للغائب.
ولا تجوز لمعدوم أصلًا، كأجزت لمن يولد لفلان، وقاله الشافعية، كالوقف عندنا وعندهم، وأجازها القاضي، وبعض المالكية، ويقول: أجازني فلان، ويقول: حدثنا وأخبرنا إجازة.
وبدون إجازة لا تجوز عند الأكثر.
وحكى عن القاضي جواز أجزت لمن يشاء فلان، خلافًا للقاضي أبي الطيب وغيره.
هذه أقسام الإجازة، وكيفية التحديثما بها، أما أقسامها:
فمعين لمعين، نحو: أجزت لك هذا الكتاب.
(1) هو: أبو سفيان الحنفي.
انظر: العدة (3/ 983)، المسودة ص (287).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (92).
ومثلها (1) - وإن كان دونه -: غير معين: كجميع ما أرويه - لمعين.
وتجوز لمعين وغيره للعموم (2)، ذكره القاضي (3)، وقاله (4) أبو بكر (5) في جميع ما يرويه لمن أراده.
وقال (6) ابن منده: "أجزت لمن قال: لا إله إلا الله". وقاله جماعة من المالكية (7) والشافعية (8) خلافًا لآخرين.
هذا كله في الإجازة للموجود، وأما الإجازة للمعدوم، فتارة تكون على سبيل التبعية، وتارة على سبيل الاستقلال.
أما الأول: "فكأجزت لفلان، ومن يولد له"، فظاهر كلام جماعة من علمائنا (9)، وقاله غيرهم (10): لا تجوز؛ لأنها محادثة وإذن في الرواية، بخلاف الوقف.
(1) قال الزركشي في البحر المحيط (39914): والخلاف في هذا أقوى من الأول، والجمهور على تجويزه.
(2)
أي: بوصف العموم، كقوله: أجزت للمسلمين، أو لكل واحد، أو لمن أدرك زماني.
(3)
انظر: العدة (3/ 985).
(4)
المصدر السابق.
(5)
هو أبو بكر عبد العزيز غلام الخلال .. وقد سبقت ترجمته.
(6)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (153)، أصول ابن مفلح (2/ 593).
(7)
انظر: مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد (2/ 69).
(8)
انظر: البحر المحيط (4/ 400).
(9)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 593).
(10)
المصدر السابق.
وأجازها (1) أبو بكر بن أبي داود السجستاني (2) من علمائنا، وقاله غيره (3)، كما تجوز لطفل لا سماع له في أصح قولي العلماء (4)؛ لأنها إباحة للرواية، كما تجوز للغائب.
وأما الثاني: فلا تجوز لمعدوم أصلًا، نحو:"أجزت لمن يولد لفلان"، وقاله الشافعية (5)، كالوقف عندنا (6) وعندهم (7).
وأجازها القاضي (8)، وبعض المالكية (9) وغيرهم (10).
(1) انظر: الكفاية ص (465)، التقييد والإيضاح ص (157)، أصول ابن مفلح (2/ 594).
(2)
هو: عبد الله بن أبي داود سليمان بن الأشعث، إمام ابن إمام، من أكابر الحفاظ ببغداد، من مصنفاته: السنن، الناسخ والمنسوخ، توفي سنة:(316 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (2/ 51)، تذكرة الحفاظ (2/ 767).
(3)
انظر: الكفاية ص (466)، أصول ابن مفلح (2/ 594).
(4)
انظر: المسودة ص (291)، أصول ابن مفلح (2/ 594)، شرح الكوكب المنير (2/ 518)، الكفاية (466).
(5)
انظر: البحر المحيط (4/ 401، 402).
(6)
انظر: الإنصاف (7/ 23).
(7)
انظر: البحر المحيط (4/ 402).
(8)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 594)، مقدمة ابن الصلاح ص (155)، إرشاد طلاب الحقائق ص (130)، فتح المغيث (2/ 83).
(9)
المصدر السابق.
(10)
قال عياض رحمه الله: أجازها معظم الشيوخ المتأخرين، وبها استمر عملهم بعد شرقًا وغربًا.
انظر: فتح المغيث (2/ 83)، البحر المحيط (4/ 402).
واختار الشيخ موفق الدين (1): جواز الوقف.
قال بعضهم (2): فقد يتوجه منه احتمال تخريج.
وأما ما حكي عن القاضي من جواز الإجازة لمن يشاء فلان، فوافقه (3) عليه الإمام أبو الفضل بن عمروس (4) شيخ المالكية ببغداد.
وأما كيفية التحديث بها فيقول: "أجازني فلان". ويجوز: "حدثنا وأخبرنا إجازة"، عندنا (5) وعند عامة العلماء (6)، ومنعه قوم (7) في: حدثنا.
وأجازه قوم (8) مطلقًا سواء ذكره إجازة أو لم يذكره.
(1) انظر: المغني (8/ 195).
(2)
القائل ابن مفلح. انظر: أصول ابن مفلح (2/ 594).
(3)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (155)، إرشاد طلاب الحقائق ص (130)، البحر المحيط (4/ 401).
(4)
هو: أبو الفضل محمد بن عبيد الله بن أحمد بن عمروس البزار المالكي الفقيه، قال الخطيب: انتهت إليه الفتوى ببغداد على مذهب مالك، وكان من القراء المجودين، توفي سنة:(452 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (2/ 339)، شذرات الذهب (3/ 290).
(5)
انظر: العدة (3/ 981)، أصول ابن مفلح (2/ 594).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 594)، تيسير التحرير (3/ 95)، منتهى الوصول والأمل ص (83)، الإحكام للآمدي (2/ 112).
(7)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 594)، منتهى الوصول والأمل ص (83).
(8)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 594)، تيسير التحرير (3/ 95)، منتهى الوصول والأمل ص (83).
قوله (1): والمناولة والمكاتبة المقترنة بالإذن تجوز الرواية بها، كالإجازة.
المرتبة الرابعة: المناولة المقترنة بالإذن في الرواية (2)، مثل الإجازة، وإلا لم تجز عندنا (3)، وعند الجمهور (4).
قال في المسودة (5): "والمنصوص عن أحمد رحمه الله إنما هو في مناولة ما عرف المحدث".
المرتبة الخامسة: المكاتبة المقترنة بالإذن.
قال ابن مفلح (6): "والمكاتبة المقترنة بالإجازة كمناولة، وإن لم تقترن، فظاهر كلام بعض أصحابنا (7) مختلف، وظاهر ما نُقل عن أحمد (8): يجوز؛ فإن أبا مسهر (9)
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (92).
(2)
صورتها: أن يدفع الشيخ للتلميذ أصله أو فرعًا مقابلًا به، ويقول: هذا سماعي فاروه عني.
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 595).
(4)
انظر: العدة (3/ 981)، المسودة ص (287)، تيسير التحرير (933)، مختصر ابن الحاجب (2/ 69)، شرح التنقيح ص (378)، البحر المحيط (4/ 393).
(5)
انظر: المسودة ص (288).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 595).
(7)
انظر: المصدر السابق.
(8)
انظر: العدة (3/ 982).
(9)
هو: عبد الأعلى بن مسهر القساني الدمشقي، شيخ دمشق ومحدثها، حافظ عالم بالجرح والتعديل، توفي سنة:(218 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (11/ 72)، تذكرة الحفاظ (1/ 381).
وأبا توبة (1) كتبا إليه بأحاديث، وحدّث بها، وهو ظاهر ما ذكره الخلال (2)، وهو أشهر للمحدثين (3) - وللشافعية خلاف (4) - عملًا بالقرينة، فإنها تضمنت الإجازة".
قوله (5): ومجرد قول الشيخ للطالب: "هذا سماعي أو روايتي"، لا تجوز له روايته عنه عند الأكثر (6).
لا تجوز الرواية لعدم الإذن، واحتمال خلل.
وجوزها بعض المالكية (7) والشافعية (8) والظاهرية (9).
قوله (10): ولو وجد شيئًا بخط الشيخ، لم تجز روايته عنه، لكنه يقول:"وجدت بخط فلان"، وتسمى الوجادة.
(1) هو: الربيع بن نافع الحلبي الطرسوسي، حافظ حجة، توفي سنة:(241 هـ).
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 156)، تذكرة الحفاظ (2/ 472).
(2)
انظر: العدة (3/ 982).
(3)
انظر: الكفاية ص (477)، مقدمة ابن الصلاح ص (163، 166).
(4)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (166)، التبصرة ص (345)، الإحكام (2/ 113)، المحصول (4/ 451).
(5)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (93).
(6)
نقله ابن الصلاح عن كثيرين من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول وأهل الظاهر.
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (166)، إرشاد طلاب الحقائق ص (139).
(7)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (166).
(8)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (166)، البحر المحيط (4/ 395).
(9)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (166).
(10)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (93).
الوجادة: فعالة، من وجد الشيء يجده وجدانًا، إذا صادفه ولقيه، فلا يجوز لواجد أن يقول:"أخبرنا" و"حدثنا"؛ لأنه كذب.
قوله (1): ويجب العمل بما ظن صحته من ذلك، فلا يتوقف على الرواية عند الأكثر.
إذا ظن صحة شيء وجب عليه العمل بمقتضاه، ولا يتوقف العمل عندنا (2)، وعند الشافعية (3)، وغيرهم (4)، على الرواية؛ لعمل الصحابة رضي الله عنهم على كتبه صلى الله عليه وسلم.
وذكر بعض المالكية (5) أن أكثر المحدثين، والفقهاء من المالكية وغيرهم: لا يرون العمل به.
قوله (6): مسألة: الأكثر على جواز نقل الحديث بالمعنى، للعارف بمقتضيات الألفاظ الفارق بينها، خلافًا لابن سيرين، وعن أحمد مثله.
هذا إن أطلق، وإن بين النبي صلى الله عليه وسلم: أن الله تعالى أمر به، أو نهى عنه فكالقرآن.
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (93).
(2)
انظر: روضة الناظر (2/ 412)، المسودة ص (279)، أصول ابن مفلح (2/ 598).
(3)
انظر: البحر المحيط (4/ 391، 393).
(4)
انظر: المسودة ص (279)، أصول ابن مفلح (2/ 598).
(5)
القائل القاضي عياض. انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (169)، شرح الكوكب المنير (2/ 527 - 528).
(6)
انظر: المختصر في أصول الفقه (93).
وقال ابن أبي موسى وحفيد القاضي، وغيرهما ما كان خبرًا عن الله تعالى أنه قاله، فحكمه كالقرآن.
ومنع أبو الخطاب إبداله بما هو أظهر منه معنى، أو أخفى.
ويجوز للراوي إبدال قول الشيخ: قال النبي صلى الله عليه وسلم، بقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نص عليه إمامنا.
قال الإمام أحمد (1) رحمه الله: ما زال الحفاظ يحدثون بالمعنى.
وأطلق ابن حامد (2) في أصوله (3)، في جوازه روايتين عن أحمد.
فإن جاز فليس بكلام الله تعالى، وهو وحي، وإلا فكلامه.
هذا إن روي مطلقًا (4).
وحكي (5) عن ابن سيرين (6)، وجماعة من السلف (7)، يجب
(1) انظر: العدة (3/ 969).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 599).
(3)
أصول الفقه لابن حامد، من أوائل الكتب المصنفة في أصول الفقه على مذهب الحنابلة، ولم أعثر عليه.
(4)
أي: من غير أن يتبين أن الله أمر أو نهى، أو كان خبرًا عن الله تعالى.
انظر: شرح الكوكب (2/ 533).
(5)
انظر: العدة (3/ 969).
(6)
هو: محمد بن سيرين الأنصاري، أبو بكر بن أبي عمرة البصري، ثقة ثبت عابد كبير القدر، كان لا يرى الرواية بالمعنى، مات سنة (110 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (4/ 181)، تذكر الحفاظ (1/ 77).
(7)
انظر: الكفاية ص (300).
نقل اللفظ، واختاره أبو بكر الرازي (1). وعن الشافعية وجهان (2)، وكان يذهب هذا المذهب أحمد بن يحيى - ثعلب - (3)، ويقول (4): "ما من لفظة من الألفاظ المتواطئة في كلام العرب، إلا بينها وبين صاحبتها فرق، وإن لطفت ودقت كقولك: بلى ونعم، وأقبل وتعال.
وذكر ابن حمدان الأول عن الأئمة الأربعة (5) وغيرهم، قال: وشذ من خالفهم.
واستدل القاضي (6) للأول: "بأن المقصود حملها دون لفظها، فإذا أتى بمعناها جاز، ولأنه أتى بالمقصود، وصار ذلك بمنزلة الشهادة على الإقرار، لما كان القصد المعنى جاز الإخلال باللفظ، فلو سمع إقرار رجل بالفارسية، جاز له أن ينقل إقراره إلى الحاكم بالعربية، وكذلك المترجم يعبر بالمعنى".
(1) المشهور من مذهبه: أنه الأحوط.
انظر: الفصول في الأصول (3/ 211)، بديع النظام (1/ 374).
(2)
والراجح جواز رواية الحديث بالمعنى إذا كان عالمًا بمعنى الحديث.
انظر: الرسالة ص (370)، والتبصرة ص (346).
(3)
هو: أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد، إمام الكوفيين في النحو واللغة، من مصنفاته: الفصيح، ومجالس ثعلب. توفي سنة:(291 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (5/ 204)، طبقات الحنابلة (1/ 83)، ووفيات الأعيان (1/ 102).
(4)
انظر: المسودة ص (281).
(5)
انظر: العدة (3/ 969)، أصول ابن مفلح (2/ 599)، الرسالة ص (370، 371)، شرح التنقيح ص (380).
(6)
انظر: العدة (3/ 970).
وإن بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله أمر به، أو نهى عنه فكالقرآن.
وقال (1) حفيد القاضي (2)، وابن أبي موسى (3)، وغيره من علمائنا: ما كان خبرًا عن الله تعالى أنه قاله، فحكمه كالقرآن.
ومنع أبو الخطاب (4) إبداله بما هو أظهر منه معنى، أو أخفى، لجواز قصد الشارع التعريف (5) بذلك.
وذكر بعض علمائنا (6): يجوز بأظهر اتفاقًا، لجوازه [بغير عربية](7)، وهي أتم بيانًا.
وجوزه بعضهم (8) بلفظ مرادف.
(1) انظر: أصول ابن مفلح (59912).
(2)
هو: القاضي عماد الدين أبو يعلى الصغير بن القاضي أبي خازم ابن القاضي الكبير أبي يعلى، شيخ المذهب في وقته، برع في المذهب والخلاف والمناظرة، وأفتى ودرس وناظر في شبيبته، من تصانيفه "التعليقة" في مسائل الخلاف، والمفردات وكتاب شرح المذهب. مات سنة (560 هـ).
انظر: سير أعلام النبلاء (20/ 353)، ذيل طبقات الحنابلة (1/ 244)، المنهج الأحمد (3/ 173).
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 599).
(4)
انظر: التمهيد (3/ 162).
(5)
قال أبو الخطاب (3/ 162): "لأنه قد يجوز أن يكون مقصود الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرف الحكم باللفظ الجلي تارة، وبالخفي أخرى.
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 602).
(7)
في المخطوط [بعربية] وهو متابع في ذلك ابن مفلح، والتصويب من شرح الكوكب (2/ 533).
(8)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 602).
هذا كله للعارف، أما غيره فلا تجوز إجماعًا (1).
قال بعضهم (2): المراد بالخلاف غير الكتب المصنفة، لما فيه من تغيير تصنيفه.
ويجوز إبدال لفظ النبي بالرسول، وعكسه، نص عليه الإمام أحمد (3).
وأجاب (4) عن حديث (5) البراء بن عازب (6) في ذكر المنام، بأن الرسالة طرت على النبوة، ولم يكن رسولًا وأرسل، كشعيب رحمه الله.
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 601)، مقدمة ابن الصلاح ص (189).
(2)
قال النووي في إرشاده ص (156): لا يجوز لأحد أن يغير شيئًا في كتاب مصنف، وإن كان بمعناه، لأن الرواية بالمعنى رخص فيها للحرج في التقيد باللفظ، وهذا منتف في المصنف.
وانظر: مقدمة ابن الصلاح ص (189)، أصول ابن مفلح (3/ 603).
(3)
انظر: العدة (3/ 973)، المسودة ص (282، 283).
(4)
أي: أحمد.
انظر: العدة (3/ 973).
(5)
الحديث متفق عليه. رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب فضل من بات على وضوء برقم:(247).
ورواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع برقم: (2710).
وفيه: "آمنت بكتابك الذي أنزلت وبنبيك الذي أرسلت". قال: "ورسولك". قال: "لا، ونبيك".
(6)
هو: الصحابي أبو عمارة البراء بن عازب بن الحارث الأنصاري، أول غزوة شهدها الخندق، نزل الكوفة ومات بها سنة (71 هـ) وقيل (72 هـ).
انظر: الاستيعاب (1/ 155)، الإصابة (1/ 141).
قوله (1): مسألة: إذا كذَّب الأصل الفرع، سقط العمل به، لكذب واحد غير معين.
فإن قال: لا أدري، عمل به عند الأكثر، خلافًا لبعض الحنفية وعن أحمد مثله.
أما إذا كذب الأصل الفرع، لم يعمل به إجماعًا، ذكره جماعة (2)، لكذب أحدهما.
وهما على عدالتهما، لا تبطل بالشك.
وإن لم يكذبه لكنه قال: "لا أدري"، عمل به عند الأكثر (3).
وقال ابن حمدان: إن أنكره إنكار نسيان، أو قال: لا أذكره،
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (93 - 94).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 606)، بديع النظام (1/ 375)، منتهى الوصول والأمل ص (85)، الإحكام (2/ 118). وفي الإجماع نظر لوجود المخالف. قال ابن السبكي في جمع الجوامع (2/ 138):"والمختار وفاقًا للسمعاني وخلافًا للمتأخرين أن تكذيب الأصل الفرع لا يسقط المروي".
وقال الجويني في البرهان (1/ 252): "والذي اختاره فيها أن ينزل قول الشيخ القاطع بتكذيب الراوي عنه مع رواية الثقة العدل منزلة خبرين متعارضين على التناقض، فإذا اتفق ذلك، فقد يقتضي الحال سقوط الاحتجاج بالروايتين، وقد يقتضي ترجيح رواية على رواية بمزيد العدالة في إحدى الروايتين، أو غير ذلك من وجود الترجيح، فلا فرق بين ذلك، وبين تعارض قولين من شيخ وراو عنه".
(3)
انظر: العدة (3/ 959)، أصول ابن مفلح (2/ 607)، تيسير التحرير (3/ 107)، شرح تنقيح الفصول ص (369)، التبصرة ص (341)، جمع الجوامع بشرح المحلى (2/ 138).
أو لا أعرفه، جاز العمل به، وعنه لا، كقول الحنفية (1).
قال أبو العباس (2): "قلت، وضع المسألة يقتضي أنه لا يشمل إذا جحد المروي عنه، وعموم كلامه - يعني الإمام أحمد - يقتضي العموم لهذه الصورة؛ لأن الإنكار يشمل القسمين.
وقول ابن عيينة (3): "ليس من حديثي" نفي، وعلله القاضي (4): بأن المروي عنه غير عالم ببطلان روايته، والراوي عنه (5) ثقة، فالمروي عنه كسائر الناس (6).
قال (7): وهذا القيد قد اعتبره أصحابنا فيما إذا سبح به اثنان (8)، وفي الحاكم (9).
(1) انظر: بديع النظام (1/ 376).
قال ابن الساعاتي: "وإن لم يكن تكذيبًا فالأكثر: يعمل به، وهو قول محمد، خلافًا لأبي حنيفة وأبي يوسف".
(2)
انظر: المسودة ص (279).
(3)
انظر: العدة (3/ 960).
(4)
انظر: العدة (3/ 962).
(5)
في المطبوع: "عنده".
(6)
أي: يجب تصديقه والعمل بخبره.
(7)
انظر: المسودة ص (279)، أصول ابن مفلح (2/ 608).
(8)
في المطبوع: "إنسان" ولعل المقصود سبح به في الصلاة ويستدل لذلك بقصة ذي اليدين لما نسي النبي صلى الله عليه وسلم فسلم من ركعتين فقام إليه ذو اليدين، فقال له: أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال: (كل ذلك لم يكن) ثم سأل أبا بكر وعمر فصدقا ذا اليدين، فقام يقضي ما أخبراه بأنه نسيه.
انظر: الواضح (5/ 35).
(9)
إذا ادعى رجل أنه حكم له، فقال الحاكم: لا أذكر ذلك، فأقام عنده شاهدين بأنه حكم له بما ادعاه فإنه يقبل.
وقال ابن الباقلاني (1): إن كذبه، أو غلطه، لم يعمل به وحكاه عن الشافعي.
وقال الجويني (2): إن قطع بكذبه، أو بغلطه، تعارضا، ووقف الأمر على مرجح، كخبرين.
لنا: عدل جازم غير مكذب، كموت الأصل، أو جنونه.
وروى (3) سعيد (4) عن الدراوردي (5) عن ربيعة (6) عن
(1) قال الجويني في البرهان (1/ 252): "وادعى القاضي على الشافعي أنه قال: ترد الرواية في مثل هذه الصورة".
(2)
انظر: التلخيص (2/ 392 - 394)، والبرهان (1/ 252).
(3)
أخرجه أبو داود في الأقضية باب القضاء باليمين والشاهد برقم: (3610).
والترمذي في الأحكام باب ما جاء في اليمين مع الشاهد برقم: (1343)، وقال: حديث حسن غريب.
وابن ماجة في الأحكام باب القضاء بالشاهد واليمين برقم: (2368).
(4)
هو: سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني، أبو عثمان المروزي ويقال: الطالقاني طاف البلاد وسكن مكة ومات بها، قال ابن حبان كان ممن جمع وصنف وكان من المتقنين الأثبات، من تصانيفه السنن، مات سنة (227 هـ).
انظر: تهذيب التهذيب (4/ 79، 80).
(5)
هو: أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن عبيد المدني، أصله من (دراورد) قرية من خراسان، ثقة فقيه، كثير الحديث، توفي سنة:(187 هـ). انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 269)، شذرات الذهب (1/ 316)، تهذيب التهذيب (6/ 310).
(6)
هو: أبو عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ القرشي التميمي - بالولاء - المدني شيخ مالك، ويقال له:(ربيعة الرأي)، تابعي، فقيه حافظ ثقة ثبت، توفي سنة:(136 هـ). =
سهيل بن أبي صالح (1) عن أبيه (2) عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم (قضى باليمين مع الشاهد)، ونسبه لسهيل، وقال حدثني ربيعة عني. ورواه الشافعي (3) عن الدراوردي قال: فذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة وهو عندي ثقة - أني حدثته إياه، ولا أحفظه؛ فكان سهيل يحدثه بعد عن ربيعة (4) عنه عن أبيه.
قال: كالشهادة لو نسي شاهد الأصل.
رد: بأنها أضيق (5).
قالوا: كما لا يعمل حاكم بحكمه لو شهد به شاهدان ونسي.
= انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 157)، تاريخ بغداد (8/ 420)، وفيات الأعيان (2/ 288).
(1)
هو: أبو يزيد سهيل بن أبي صالح ذكوان السمان، محدث، صدوق تغير حفظه بآخره، توفي سنة:(140 هـ).
انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 137)، تقريب التهذيب (1/ 338).
(2)
هو: أبو صالح ذكوان السمان المدني، تابعي ثقة ثبت، توفي سنة:(101 هـ).
انظر: ميزان الاعتدال (4/ 539)، وتقريب التهذيب (1/ 238).
(3)
انظر: المسند للشافعي (2/ 179) برقم: (632).
(4)
انظر: الكفاية ص (542، 543).
(5)
قال ابن عقيل في الواضح (5/ 37): "أما الشهادة فإنها أضيق طريقًا، وأكثر شروطًا، بدليل أنه لا يقبل فيها الواحد، ولا يقنع فيها بالعدالة الظاهرة، ولا يقبل في العقوبات بشهادة النساء، ولا من ظاهره العدالة، وتقبل الأخبار الواردة، بالحدود والقود من النساء، ولا تقبل فيها العنعنة، ولا من وراء حجاب.
رد: يحمل به وفاقًا لمالك (1)، وعند ابن عقيل (2): لا (3)، وفاقًا للشافعي (4)؛ لأنه أضيق ويجب على غيره من الحكام.
قوله (5): مسألة: الزيادة من الثقة، المنفرد بها مقبولة، لفظية كانت أو معنوية، لإمكان انفراده، بأن عُرض راوي الناقص شاغل، أو دخل في أثناء الحديث، أو ذكرت الزيادة في أحد المجلسين.
فإن علم اتحاد المجلس، فإن كان غيره لا يغفل مثلهم عن مثلها عادة، لم تقبل، وإلا قدم قول الأكثر، ثم الأحفظ، والأضبط، ثم المثبت.
وقال القاضي: فيه مع التساوي روايتان.
والتحقيق في كلام أحمد: أن راوي الزيادة إن لم يكن مبرَّزًا في الحفظ والضبط على غيره ممن لم يذكر الزيادة، ولم يتابع عليها، فلا يقبل تفرده، وإن كان ثقة مبرزًا في الحفظ والضبط على من لم يذكرها فروايتان.
إذا انفرد الثقة الضابط بزيادة في حديث لفظًا كقوله: "ربنا ولك الحمد"(6) بالواو، فإن الواو زيادة في اللفظ لا في المعنى.
(1) انظر: منتهى الوصول والأمل ص (85).
(2)
انظر: الواضح (5/ 37).
(3)
أي: لا يعمل بحكم الحاكم، بل يلزمه الرجوع إلى قول الشاهدين.
(4)
انظر: الإحكام للآمدي (2/ 119).
(5)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (94).
(6)
أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب إنما جعل الإمام ليؤتم به برقم: (689).
ومسلم في كتاب الصلاة باب ائتمام المأموم بالإمام برقم: (411).
أو معنى، أي: يفيد معنى زائدًا، كقوله (1) عليه السلام:(إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تحالفا وترادّا)، فإن الأكثر (2) لم يذكروا:"والسلعة قائمة"، وكرواية من روى (3): ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت وصلى، فإن فيها زيادة الصلاة.
(1) قال الزيلعي في نصب الراية (4/ 107): "قد روي عن هذا الحديث من طرق عن عبد الله بن مسعود كلها لا تثبت، وقد وقع في بعضها: إذا اختلف البيعان، المبيع قائم بعينه، وفي لفظ: والسلعة قائمة، وهو لا يصلح، فإنها من رواية ابن أبي ليلى، وهو ضعيف، وقيل: إنه من قول بعض الرواة، والله أعلم.
وانظر: سنن ابن ماجة كتاب التجارات باب البيعان يختلفان برقم: (2186).
(2)
انظر: سنن أبي داود في كتاب البيوع والإجارات، باب إذا اختلف البيعان والمبيع قائم برقم:(1/ 35).
والترمذي في كتاب البيوع، باب إذا اختلف البيعان برقم:(1270).
والنسائي في كتاب البيوع، باب اختلاف المتابعين في الثمن برقم:(4652).
(3)
كما ورد من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل البيت ومعه بلال وعثمان بن طلحة وأسامة فأغلقوا عليهم الباب، فلما فتحوا كنت أول من ولج فلقيت بلالًا فسألته: هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة؟ قال: ركعتين بين الساريتين عن يسارك إذا دخلت ثم خرج فصلى في وجه الكعبة ركعتين".
أخرجه البخاري كتاب الصلاة باب الصلاة بين السواري في غير جماعة برقم: (504).
ومسلم وكتاب الحد باب استحباب دخول الكعبة للحاج وغيره والصلاة فيها برقم: (1329).
وروى مسلم عن ابن عباس قال: أخبرني أسامة وزيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم ركع في قبل البيت ركعتين. برقم: (1330).
فإن تعدد المجلس قبلت هذه الزيادة إجماعًا (1).
وإن اتحد - وكان غيره جماعة لا يتصور غفلتهم عادة -: لم تقبل، ذكره بعضهم (2): إجماعًا. واختار في التمهيد (3): تقبل، وذكره عن علمائنا. وهو ظاهر ما ذكره القاضي (4) وجماعة (5)، وذكروه عن أحمد وجماعة من الفقهاء والمتكلمين (6).
وإن تصورت غفلتهم، قبلت، وقاله الجمهور (7).
وقال أبو الخطاب (8): "إن كان ناقل الزيادة جماعة كبيرة،
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 611)، منتهى الوصول والأمل ص (85). قال الزركشي في البحر المحيط (4/ 329): وزعم الأبياري وابن الحاجب والهندي وغيرهم أنه لا خلاف في هذا القسم - هو أن يعلم تعدد المجلس -، ثم قال: وليس كذلك.
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 611).
(3)
انظر: التمهيد (3/ 153) الذي في التمهيد خلاف ذلك حيث قال: "وإن رويا ذلك عن مجلس فهو خبر واحد، فإن كان الذي نقل الزيادة واحدًا، والذي نقل الخبر جماعة، لا يجوز عليهم الوهم سقطت الزيادة؛ لأنه لا يجوز أن تسمع جماعة كلامًا واحدًا فيحفظ الواحد وتنسى الجماعة، بل تطرق النسيان إلى الواحد أولى".
(4)
انظر: العدة (3/ 1004).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 611).
(6)
المصدر السابق.
(7)
انظر: العدة (3/ 1004)، أصول ابن مفلح (2/ 611)، تيسير التحرير (1093)، شرح تنقيح الفصول ص (381)، منتهى الوصول والأمل ص (85)، الإحكام (2/ 121).
(8)
انظر: التمهيد (3/ 153).
قبلت، وإن كان راوي الزيادة واحدًا، والنقصان واحدًا قدم أشهرهما، وأوثقهما في الحفظ والضبط، وإن استويا في ذلك فذكر شيخنا (1) - يعني القاضي أبا يعلى - روايتين".
ثم: ضعف أبو الخطاب (2)، مأخذ رواية عدم القبول (3).
وأطلق في العدة (4): أن زيادة ثقة في حديث تقبل، وأن أحمد نص على الأخذ بالزائد في مواضع.
وردها جماعة من المحدثين (5)، وعن أحمد نحوه (6).
وخص بعضهم (7) رواية عدم قبولها عن أحمد؛ لمخالفتها ظاهر المزيد عليه، وبعضهم (8): بمخالفة رواية الجمهور.
وفي الواضح (9): إن خالفت المزيد عليه، ردت، وليست مسألة الخلاف.
(1) انظر: العدة (3/ 1004 - 1005).
(2)
انظر: التمهيد (3/ 155).
(3)
قال أبو الخطاب: "وليس هذه الرواية في هذه الصورة، وإنما قالها أحمد في جماعة رووا حديثًا انفرد أحدهم بزيادة فرجح رواية الجماعة، فأما فيما ذكرنا من هذه الصورة، فلا أعلم عنه ما يدل على اطراح الزيادة".
(4)
انظر: العدة (3/ 1004).
(5)
مقدمة ابن الصلاح ص (92).
(6)
انظر: العدة (3/ 1007).
(7)
انظر: المسودة ص (299)، أصول ابن مفلح (2/ 613).
(8)
المصدر السابق.
(9)
انظر: الواضح (5/ 67).
وصورتها: كما في الصحيح (1) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شركًا له في عبد فكان له من المال، ما يبلغ ثمنه بقيمة العدل، فهو عتيق، وإلا فقد عتق منه ما عتق)؛ مع ما في الصحيح (2) أيضًا من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من أعتق شقصًا أو شقيصًا في مملوك، فخلاصه عليه، في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال قوم قيمة عدل، ثم يستسعى في نصيب الذي لم يعتق غير مشقوق عليه)، فإن زيادة الاستسعاء مخالف قوله في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ) (وإلا فقد عتق منه ما عتق)، وهكذا مذاهب - الفقهاء (3) بعضهم ينفي الاستسعاء، وبعضهم يثبته.
وذهب القاضي (4) وغيره، إلي التعارض في هذه الصورة، وطلب الترجيح.
وعند أبي الحسين البصري (5): إن غيرت المعنى، لا الإعراب قبلت، وإلا فلا.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الشركة باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل برقم: (2359).
والترمذي في كتاب الأحكام باب ما جاء في العبد يكون بين الرجلين فيعتق أحدهما نصيبه برقم: (1346) واللفظ له.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب العتق باب إذا أعتق نصيبًا في عبد وليس له مال استسعى العبد .. الخ برقم: (2527)، وفي كتاب الشركة باب تقويم الأشياء بين الشركاء بقيمة عدل برقم:(2360).
ومسلم في كتاب العتق باب ذكر سعاية العبد برقم: (1503).
(3)
انظر: المغني لابن قدامة (14/ 359).
(4)
انظر: العدة (3/ 1009).
(5)
انظر: المعتمد (2/ 129).
مثال المُغيِّرة للمعنى والإعراب، أن يروي أحدهما (1) في صدقة الفطر:(أو صاعًا من بر)، ويروي الآخر (2):(أو نصف صاع من بر)؛ فإنهما عنده يتعارضان كخبرين منفردين.
ومثال المُغيِّرة للمعنى، لا الإعراب، لو روى أحدهما:"صاعًا من بر"، وروى الآخر:"صاعًا من برين اثنين"، ففي هذا تقدم الزيادة عنده.
وإن جهل حال المجلس، فكما لو اتجد، في ظاهر كلام القاضي (3) وغيره، وصرح به أبو العباس (4).
وظاهر الروضة (5)، وغيرها: تقبل. قال ابن مفلح (6): وهو أولى.
لنا على قبولها مطلقًا: أنه عدل جازم، ولا نسلم مانعًا، والأصل عدمه، ومن تركها يحتمل أنه لتشاغل، أو سهو، أو نسيان.
(1) أخرجه النسائي في كتاب الزكاة، مكيلة زكاة الفطر برقم:(2509).
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب صدقة الفطر على الحر والمملوك برقم:(1511).
ومسلم في كتاب الزكاة باب زكاة الفطر على المسلمين من التمر والشعير برقم: (984) بلفظ: (قال ابن عمر: فعدل الناس به نصف صاع من بر).
(3)
انظر: العدة (3/ 1004).
(4)
انظر: المسودة ص (300).
(5)
انظر: روضة الناظر (2/ 419).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 613).
وقاس القاضي (1) على الشهادة: لو شهد ألف أنه أقر بألف، واثنان بألفين، ثبتت الزيادة. وجعله محل وفاق، وذكر أن المقومين إذا اختلفوا في القيمة، تعارضت شهادتهم في الزيادة، فلم تقبل، جعله محل وفاق؛ لأن أحدهما ينفيها، والزيادة في الخبر لا ينفيها الآخر.
قالوا: ظاهر الغلط بتفرده، مع احتمال ما سبق فيه.
رد: قولنا أرجح، بدليل انفراده بخبر (2).
ولا شك أنه إذا كان راوي الزيادة مبرَّزًا على غيره في الحفظ والضبط، فإنه يقوى بذلك، ويحصل له مزية، فيقدم بها بخلاف إذا لم يكن بتلك المثوبة.
قوله (3): مسألة: حذف بعض الخبر جائز عند الأكثر، إلا في الغاية والاستثناء ونحوه، مثل:"حتى تزهي"، و"إلا سواء بسواء"، فإنه ممتنع اتفاقًا.
يستحب نقل الحديث بكماله، فإن ترك بعضه، وليس له تعلق بالمذكور فهو جائز عند أحمد (4) ومالك (5) والشافعي (6)
(1) انظر: العدة (3/ 1010)، المسودة ص (304).
(2)
فيعمل به مع انفراده.
(3)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (94).
(4)
انظر: العدة (3/ 1015).
وروى عنه أيضًا الكراهة أخذًا من قوله: ينبغي أن يحدث بالحديث كما سمع، ولغيره. انظر: الكفاية ص (295).
(5)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (191).
(6)
انظر: الإحكام (2/ 123).
وجمهور العلماء (1)، كأخبار متعددة.
وإن كان له تعلق به لم يجز إجماعًا (2)؛ لبطلان المقصود به، كقوله:"نهى عن بيع النخل"(3)، فإنه إذا سكت أوهم أنه نهى عن بيع النخل مطلقًا، والحاصل أنه إنما نهى عنه إلى غاية وهي الزهو. وكذلك في الربويات، فإنه أخبر أن بيعها بجنسها ربا (إلا سواء بسواء)(4)، فلو سكت على قوله (الورق بالورق ربا)، لدخل في ذلك المساواة، وهي غير مقصودة بدليل استثنائها.
قوله (5): مسألة: خبر الواحد فيما تعم به البلوى، كرفع
(1) انظر: أصول ابن مفلح (2/ 616)، الكفاية ص (294)، مقدمة ابن الصلاح ص (191).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 616).
(3)
أخرجه البخاري في كتاب البيوع باب بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها بلفظ: "نهى أن تباع ثمرة النخل حتى تزهو"برقم: (2195)، وفي باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها بلفظ:"وعن النخل حتى يزهو" برقم: (2197)، وفي باب إذا باع الثمار قبل أن يبدو صلاحها ثم أصابته عاهة فهو من البائع بلفظ:"ونهى عن بيع الثمار حتى تزهي" برقم: (2198).
ومسلم في كتاب المساقاة باب وضع الجوائح برقم: (1555) بلفظ: "نهى عن بيع ثمر النخل حتى تزهو"برقم: (1555) وبلفظ: "نهى عن بيع النخل حتى يزهو" برقم: (1535)، وبلفظ:"نهى عن بيع الثمرة حتى تزهى".
(4)
أخرجه البخاري باب بيع الذهب بالورق يدًا بيد برقم: (2182).
ومسلم في كتاب المساقاة، باب النهي عن بيع الورق بالذهب دينا برقم:(1590).
والنسائي في كتاب البيوع، باب بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحها برقم:(4562) بلفظ نهى عن بيع النخل حتى يطعم".
(5)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (94، 95).
اليدين في الصلاة (1)، ونقض الوضوء بمس الذكر (2)، ونحوها، مقبول عند الأكثر (3)، خلافًا لأكثر الحنفية (4).
لنا: ما سبق في خبر الواحد (5)، وقبول الزيادة (6)، وقبولهم للقياس فيه، وهو دونه.
قالوا: البلوى به تستلزم شياعه، لتوفر الدواعي على نقله، والعادة تقتضي بتواتره.
(1) أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب رفع اليدين إذا كبر وإذا رفع برقم: (736).
ومسلم في كتاب الصلاة باب استحباب رفع اليدين حذو المنكبين برقم: (21، 22)، كلاهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
(2)
كحديث بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من مس ذكره فليتوضأ".
أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة باب الوضوء من مس الذكر برقم: (181).
والنسائي في كتاب الطهارة باب الوضوء من ص الذكر برقم: (163).
والترمذي في أبواب الطهارة باب الوضوء من مس الذكر برقم: (82)، وقال هذا حديث حسن صحيح.
وابن ماجة في كتاب الطهارة وسننها باب الوضوء من مس الذكر برقم: (479).
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 618)، منتهى الوصول والأمل ص (85)، الإحكام (2/ 124).
(4)
انظر: بديع النظام (1/ 380)، تيسير التحرير (3/ 112).
(5)
انظر: ص (30).
(6)
انظر: ص (101).
رد: بالمنع (1). ويلزمهم في وجوب الوتر (2)، ونقض الطهارة بنجاسة من غير السبيل (3)، وتثنية الإقامة (4)، والمشي خلف الجنازة (5).
(1) أي: منع قضاء العادة بتواتره.
(2)
كحديث بريدة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا) قالها ثلاثًا.
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب فيمن لم يوتر برقم: (1419).
وغيره من الأحاديث التي استدل بها الأحناف في وجوب الوتر. انظر: مسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب صلاة الليل مثنى مثنى والوتر ركعة من آخر الليل برقم: (754)، وأبو داود برقم:(1418)، وابن ماجة في الوتر باب ما جاء في الوتر برقم:(1168)، والترمذي أبواب الوتر باب ما جاء في فضل الوتر (452).
(3)
كالرعاف والقيء كما ورد في حديث عائشة مرفوعًا (من أصابه قيء أو رعاف فليتوضأ .. ) أخرجه ابن ماجة في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء في البناء على الصلاة برقم: (1221).
كحديث أبي الدرداء (أن رسول الله قاء فتوضأ) أخرجه الترمذي في كتاب أبواب الطهارة باب ما جاء في الوضوء من القيء والرعاف برقم: (87).
قال الترمذي: "وقد جود حسين المعلم هذا الحديث وحديث حسين أصح شيء في هذا الباب".
(4)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة باب كيف الأذان برقم: (507) من حديث معاذ، والترمذي في أبواب الصلاة باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى برقم:(194) من حديث عبد الله بن زيد. وغيرهم من حديث أبي محذورة.
انظر: أبو داود برقم: (501)، والترمذي برقم:(192)، والنسائي في كتاب الأذان باب تثنية الأذان برقم:(630)، وابن ماجة في كتاب الأذان والسنة فيها باب الترجيع في الأذان برقم:(709).
(5)
أخرجه أبو داود من حديث ابن مسعود في كتاب الجنائز باب الإسراع =
وقول المصنف.: "تعم به البلوى"، أي: يكثر التكلف به.
وقوله: "ونحوها"، الذي رأيته في النسخ هكذا بغير تثنية، ولعل الضمير عائد إلى الأخبار، فإن مسألة رفع اليدين، ومس الذكر، ورد فيهما أخبار، فالضمير عائد إلى الأخبار لا إلى المسألتين. والله تعالى أعلم.
قوله (1): مسألة: خبر الواحد في الحد مقبول، عند الأكثر (2) خلافًا للكرخي (3) والبصري (4).
أي: خبر الواحد فيما يوجب الحد، قالا (5): خبر الواحد مظنون إنما يفيد الظن فينهض شبهة بدرء الحد، لقوله عليه السلام:(ادرؤوا الحدود بالشبهات)(6).
= بالجنازة برقم: (3184) وضعفه، والترمذي في كتاب الجنائز باب ما جاء في المشي خلف الجازة برقم:(1011) وقال: حديث غريب لا نعرفه من حديث عبد الله بن مسعود إلا من هذا الوجه.
وأخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة بلفظ: (لا تتبع الجنائز بصوت ولا نار) في كتاب الجنائز باب في النار يتبع بها الميت برقم: (3171).
(1)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (95).
(2)
انظر: العدة (3/ 886)، فواتح الرحموت (2/ 136)، منتهى الوصول والأمل ص (86)، الإحكام للآمدي (2/ 129).
(3)
انظر: فواتح الرحموت (2/ 137).
(4)
انظر: المعتمد (2/ 96).
(5)
أي: الكرخي والبصري.
(6)
قال الشوكاني في نيل الأوطار (7/ 110): وفي الباب عن علي مرفوعًا: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" وفيه المختار بن نافع قال البخاري: وهو منكر الحديث، قال: وأصح ما فيه حديث سفيان الثوري عن عاصم =
وما ذكراه باطل بالقياس والشهادة؛ فإنهما يفيدان الظن، ومع ذلك يقبلان في الحد. وليس كل شبهة يدرأ بها الحد، فالحديث مخصوص بصور كثيرة.
ثم ما ذكروه من درء الحد بالشبهة معارض بالحكم بالظاهر، فإن خبر الواحد ظاهر، يغلب على الظن ثبوت الحد به، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(نحن نحكم بالظاهر)(1)، ولو اعتبرت
= عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال: "ادرؤوا الحدود بالشبهات ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم" وروي عن عقبة بن عامر ومعاذ أيضًا موقوفًا، وروي منقطعًا وموقوفًا على عمر. ورواه ابن حزم في كتاب الاتصال عن عمر موقوفًا عليه. قال الحافظ: إسناده صحيح. وفي مسند أبي حنيفة للحارثي من طريق مقسم عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "ادرؤوا الحدود بالشبهات" وما في الباب وإن كان فيه المقال المعروف فقد شد من عضده ما ذكرناه، فيصلح بعد ذلك للاحتجاج به على مشروعية درء الحد بالشبهات المحتملة لا مطلق الشبهة". وذكره الألباني رحمه الله في الإرواء برقم:(2316) وضعفه.
وقد أخرج الترمذي في كتاب الحدود باب ما جاء في درء الحدود برقم: (1424) بلفظ: "ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم"، وابن ماجة في كتاب الحدود باب الستر على المؤمن ودفع الحدود بالشبهات برقم:(2545) بلفظ: "ادفعوا الحدود ما وجدتم له مدفعا".
(1)
قال الحافظ ابن كثير في تحفة الطالب ص (174): "هذا الحديث كثيرًا ما يلهج به أهل الأصول ولم أقف له هل على سند، وسألت عنه الحافظ أبا الحجاج المزي فلم يعرفه"، وقال الحافظ العراقي في تخريج الإحياء (4/ 264):"لم أجد له أصلًا، وقال السيوطي في الدرر المنتثرة ص (20): "لا يعرف بهذا اللفظ"، وقال السخاوي في المقاصد ص (91): "لا وجود له في كتب الحديث المشهورة ولا الأجزاء المنثورة". =
القواطع لتعطلت (1)، وكثر وقوعها وطمع مواقعوها.
قوله (2): مسألة: يجب العمل، بحمل ما رواه الصحابي على أحد محمليه، عند الأكلثر، فإن حمله على غير ظاهره، فالأكثر على الظهور.
وعند أحمد رحمه الله رواية: يعمل بقوله (3).
وإن كان نصًّا - لا يحتمل التأويل -، وخالفه، فالأظهر عندنا، لا يرد الخبر، وفاقًا للشافعي (4).
وعن أحمد: لا يعمل به، وفاقًا للحنفية.
وإن كان الظاهر عمومًا، فسيأتي في التخصيص.
إذا روى الصحابي مسألة محملان، وحمله على أحدهما، وجب العمل به عندنا (5)، وعند عامة العلماء (6) عملًا بالظاهر.
= ويمكن أن يشهد له بحديث أم سلمة المرفوع "إنما أنا بشر، وأنه يأتيني الخصم فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صدق فأقضي له بذلك فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها" رواه البخاري في كتاب الشهادات باب الشهداء العدول، وقول الله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} برقم: (2641).
(1)
أي: الحدود.
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (95 - 96).
(3)
أي: بقول الراوي.
(4)
في المطبوع: "الشافعية" وما في المخطوط موافق لما في أصول ابن مفلح (2/ 626).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 623).
(6)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 623)، منتهى الوصول والأمل ص (86)، الإحكام (2/ 128).
وقال الآمدي (1): لا يبعد أن لا يجب، فيعمل باجتهاده، فإن لم يظهر شيء وجب.
وحكى السرخسي (2) عن أبي بكر الرازي: لا يعمل به.
وإن حمله الصحابي - بتفسيره، أو عمله - على غير ظاهره عمل بالظاهر في رواية، واختارها القاضي (3) وغيره (4) - ولو قلنا قوله حجة (5) - وأكثر الفقهاء، منهم الشافعي (6) وأكثر الحنفية (7) لاحتمال تركه لما توهمه دليلًا ليس كذلك.
وفي رواية: يعمل بقوله، وقاله بعض الحنفية وغيرهم.
وللمالكية (8) خلاف؛ لأنه عدل عالم بالخبر، فلولا أنه اطلع على دليل آخر لما ترك ظاهر هذا، وإن كان الظاهر عمومًا، فسيأتي في التخصيص (9).
وإن كان الخبر نصًّا، لا يحتمل تأويلًا - وخالفه - فالخلاف
(1) انظر: الإحكام (2/ 128).
(2)
هو: أبو سفيان. انظر: العدة (2/ 591).
(3)
انظر: العدة (2/ 589).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 625).
(5)
إشارة إلى مبنى الخلاف في المسألة: هل قول الصحابي حجة أم لا؟ انظر: المسودة ص (129).
(6)
انظر: الإحكام (2/ 128)، شرح المحلى على جمع الجوامع (2/ 146).
(7)
انظر: تيسير التحرير (3/ 71).
(8)
انظر: مختصر ابن الحاجب (2/ 72)، شرح تنقيح الفصول ص (371).
(9)
انظر: ص (301).
عندنا (1)، لا يرد به الخبر، ولا ينسخ، وفاقًا للشافعي (2)، لاحتمال نسيانه.
ثم: لو عرف ناسخه لذكره، ورواه ولو مرّة؛ لئلا يكون كاتمًا للعلم.
وعن أحمد (3): لا يعمل به وفاقًا لأبي حنيفة (4).
وقال الآمدي (5): يتعين ظهور ناسخ عنده، وقد لا يكون ناسخًا عند غيره، فلا يترك النص باحتمال. وبعض من تبع الآمدي خالفه، وقال (6): في العمل بالنص نظر.
فائدة: في وجوب الرجوع إلى التابعي عن أحمد، ذكرها أبو الخطاب (7) وغيره (8)، وتأول القاضي (9) رواية الوجوب. واختار ابن عقيل (10): لا تجب.
(1) انظر: العدة (2/ 589)، أصول ابن مفلح (2/ 626).
(2)
انظر: الإحكام (2/ 129).
(3)
انظر: العدة (2/ 590).
(4)
انظر: تيسير التحرير (3/ 72)، فواتح الرحموت (2/ 163).
(5)
انظر: الإحكام (2/ 129).
(6)
القائل ابن الحاجب. انظر: منتهى الوصول والأمل ص (86).
(7)
انظر: التمهيد (3/ 193).
(8)
انظر: المسودة ص (176 - 177).
(9)
في العدة (2/ 582) - عن أحمد في رواية المروذي - أنه قال: "يوجد العلم بما كان عن النبي، فإن لم يكن فعن أصحابه، فإن لم يكن فعن التابعين". قال القاضي: وإنما قال هذا لأن غالب أقوالهم لا تنفك عن أثر.
(10)
انظر: الواضح (3/ 399).
قوله (1): وإن عمل بخلاف خبر أكثر الأمة لم يرد إجماعًا (2).
واستثنى بعضهم: إجماع المدينة بناء على أنه إجماع.
عمل الأكثر ليس إجماعًا حتى يرد الخبر لأجله، فإن كان في العاملين أهل المدينة النبوية - على ساكنها أفضل الصلاة والسلام - فعند من يقول (3): إن اتفاقهم إجماع، فإنه يرد الخبر بعلمهم، لأن الإجماع ينسخ ولا ينسخ.
وعند من يقول (4): ليس بإجماع، فحكمهم حكم غيرهم.
قوله (5): مسألة: خبر الواحد المخالف للقياس من كل وجه، مقدم عليه عند الأكثر.
وعند المالكية: القياس.
وقال الحنفية: يرد خبر الواحد، إن خالف الأصول، أو معنى الأصول، لا قياس الأصول.
فأما إن كان أحدهما أعم من الآخر، خص بالآخر على ما يأتي - إن شاء الله تعالى.
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (96).
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 627)، الإحكام (2/ 129).
(3)
هو الإمام مالك ومن تبعه بشرط أن يكون فيما طريقه التوقيف.
انظر: شرح تنقيح الفصول ص (334)، منتهى الوصول والأمل ص (86).
(4)
الجمهور خلافًا للمالكية.
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 410)، بديع النظام (1/ 291)، الإحكام (1/ 302).
(5)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (96).
لنا على تقديم الخبر: ما سبق في خبر الواحد، من قول عمر رضي الله عنه:"لولا هذا لقضينا فيه برأينا"(1). ورجوعه إلى توريث المرأة من دية زوجها (2)، وعمل جماعة من الصحابة به، كمعاذ (3) لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال (4):(بم تحكم؟ قال: بكتاب الله. قال: "فإن لم تجد"، قال: بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال "فإن لم تجد"، قال: أجتهد رأيي ولا آلو. فقال صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لما يرضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم) فرتب العمل بالقياس على السنة، وهذا خبر اشتهر، وتلقته الأمة بالقبول فجرى مجرى التواتر.
(1) انظر: ص (40).
(2)
انظر: ص (40).
(3)
هو الصحابي: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي أبو عبد الرحمن من أعيان الصحابة، وكان إليه المنتهى في العلم بالأحكام والقرآن، مات بالشام سنة:(18 هـ).
انظر: الإصابة (3/ 426).
(4)
أخرجه أبو داود في كتاب الأقضية، باب اجتهاد الرأي في القضاء برقم:(3592).
والترمذي في كتاب الأحكام باب ما جاء في القاضي كيف يقضي برقم: (1327)، قال ابن حجر في التلخيص الحبير (4/ 182):"قال ابن طاهر في تصنيف له مفرد في الكلام على هذا الحديث: اعلم أنني فحصت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار، وسألت عنه من لقيته من أهل العلم بالنقل، فلم أجد له غير طريقين، أحدهما طريق شعبة، والأخرى عن محمد بن جابر عن أشعث بن أبي سفيان بن أبي الشعثاء عن رجل من ثقيف عن معاذ، وكلاهما لا يصح". وانظر: سلسلة الأحاديث الضعيفة للشيخ الألباني رحمه الله: (2/ 273 - 286).
ولأن الخبر أقوى من غلبة الظن؛ لأنه يجتهد فيه في العدالة والدلالة، ويجتهد في القيالس في ثبوت حكم الأصل، وكونه معللًا، وصلاحية الوصف للتعليل، ووجوده في الفرع، ونفي المعارض في الأصل والفرع.
وقول الحنفية (1): لا يقبل خبر الواحد إذا خالف الأصول، أو معنى الأصول (2)، لا قيالس الأصول، فإنهم قد ناقضوا مذهبهم في قياس الأصول، فإن أبا حنيفة قال (3): القياس فيمن أكل ناسيًا في رمضان أن يفطر، ولكن تركت القياس، لحديث (4) أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي أكل ناسيًا:(الله أطعمك، وسقاك).
وعمل بخبر (5)
(1) تبع المؤلف القاضي أبا يعلى (3/ 889) وابن مفلح في أصوله (2/ 628) في نقل مذهب الحنفية، وقد جاء في تيسير التحرير (3/ 116): عن أبي حنيفة أنه يقول بتقديم خبر الآحاد على القياس مطلقًا.
وقال السرخسي في أصوله (1/ 352): "وما خالف القياس، فإنه تلقته الأمة بالقبول فهو معمول به، والا فالقياس الصحيح شرعًا مقدم على روايته فيما ينسد باب الرأي فيه".
(2)
كالاستصحاب والاستحسان. انظر: شرح المختصر للطوفي (3/ 238).
(3)
انظر: شرح فتح القدير (2/ 254).
(4)
أخرجه أبو داود في كتاب الصوم باب من أكل ناسيًا برقم: (2398).
وأخرجه البخاري ومسلم بلفظ: "فإنما أطعمه الله وسقاه" انظر: البخاري في كتاب الصوم باب الصائم إذا أكل ناسيًا برقم: (1933). ومسلم في كتاب الصوم باب أكل الناسي وشربه وجماعة لا يفطر برقم: (1155).
(5)
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن: ("ما في أدواتك" قال: نبيذ. قال: "ثمرة طيبة وماء طهور") زاد الترمذي: فتوضأ منه وقال: =
ابن مسعود (1) في النبيذ، وهو مخالف لقياس الأصول، وهي جميع المائعات، وكذلك نقض الوضوء بالقهقهة في الصلاة (2) بخبر الواحد، وخالف القياس فيه، وكذلك في القسامة (3) حلف المدعي عليهم خمسين يمينًا، وألزمهم الدية، وذلك مخالف لسائر الدعاوي.
وأما الأصول فهي الكتاب والسنة والإجماع، وخبر الواحد
= لم يروه غير أبي زيد، وهو مجهول ولا يعرف عنه غير هذا الحديث.
أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة باب الوضوء بالنبيذ برقم: (84).
والترمذي في أبواب الطهارة باب ما جاء في الوضوء بالنبيذ برقم: (88).
وابن ماجة في كتاب الطهارة وسننها باب الوضوء بالنبيذ برقم: (384).
(1)
هو الصحابي: عبد الله بن مسعود بن غافل أبو عبد الرحمن الهذلي من السابقين الأولين ومن كبار العلماء من الصحابة، أمّره عمر رضي الله عنه على الكوفة، مات سنة (32 هـ) وقيل (33 هـ).
انظر: الإصابة (2/ 368)، تذكرة الحفاظ (1/ 13).
(2)
من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس إذ دخل رجل فتردى في حفرة كانت في المسجد وكان في بصره ضرر فضحك كثير من القوم وهم في الصلاة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء ويعيد الصلاة. أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، انظر: مجمع الزوائد (1/ 246).
وانظر: سنن الدارقطني في باب أحاديث القهقهة في الصلاة وعللها (1/ 161 - 175)، والبيهقي في كتاب الطهارة باب الوضوء من القهقهة (1/ 146 - 148).
(3)
وفيه (أتحلفون خمسين يمينًا فتستحقون صاحبكم؟ " (أو قاتلكم) قالوا: وكيف تحلف ولم تشهد؟ قال: تبرئكم يهود بخمسين يمينًا؛ ، قالوا: كيف تقبل أيمان قوم كفار؛ فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى عقله).
أخرجه البخاري في كتاب الديات باب القسامة برقم: (6899).
ومسلم في كتاب القسامة باب القسامة برقم: (1669).
إذا خالف هذه لم يقبله، فإنما يردون خبر الواحد في المصرَّاة (1) والتغليس (2)، والقرعة (3) ولا شيء فيها من الأصول.
فإن قيل: خبر المصراة يخالف الأصل المجمل عليه (4)؛ بأن اللبن لا يضمن إلا بمثله، أو بقيمته عند التعذر، وقد ضمنتم اللبن بغير مثله ولا قيمته، وإنما ضمنتم بصاع من تمر، وذلك خلاف الإجماع.
قيل: الإجماع إنما حصل في اللبن الذي أتلف وعرف قدره، وهذا لا طريق إلى معرفة قدره، فإنه اختلط بالذي حدث
(1) عن أبي هريرة مرفوعًا: (لا تصرّوا الإبل والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين من بعد أن يحلبها، فإن رضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعًا من تمر).
أخرجه البخاري في كتاب البيوع باب النهي للبائع أن لا يحفِّل الإبل والبقر والغنم برقم: (65).
ومسلم في كتاب البيوع باب حكم بيع المصراة برقم: (1524).
(2)
من حديث جابر: "كان يصلي الصبح بغلس" متفق عليه، ومن حديث عائشة المتفق عليه "أن نساء المؤمنات كن يصلين الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يرجعن متلفعات بمروطهن لا يعرفهن أحد من الغلس".
أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة باب وقت الفجر برقم: (578). ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها، وهو التغليس
…
برقم: (645).
(3)
ورد من حديث عمران بن حصين أن رجلًا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله فجزأهم أثلاثًا، ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرقَّ أربعة وقال له قولًا سديدًا.
أخرجه مسلم في كتاب الأيمان، باب من أعتق شركًا له في عبد برقم:(1668).
(4)
وهو أن ضمان الشيء يكون بمثله.
انظر: شرح المختصر للطوفي (2/ 238).
على ملك المشتري بعد العقد، فورد الشرع بتقدير عوضه لتعذر مماثلته وتقويمه، للمصلحة وقطع الخصومة، ثم أكثر ما فيه أن يكون اللبن المأخوذ من الضرع كاللبن المأخوذ من الإناء، والخبر ورد بخلاف هذا القياس، فأما أن يكون خلاف الإجماع فلا.
فأما إن كان أحدهما أعم من الآخر، فإنه يخص بالآخر على ما يأتي - إن شاء الله تعالى - في العموم والخصوص (1).
قوله (2): مسألة: مرسل غير الصحابي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أطلق جماعة في قبوله، قولين.
واعتبر الشافعي لقبوله في الراوي، أن لا يعرف له رواية إلا عن مقبول، وأن لا يخالف الثقات إذا أسند الحديث فيما أسندوه، وأن يكون من كبار التابعين.
وفي المتن، أن يسند الحفاظ المأمونون عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجه آخر معنى ذلك المرسل أو يرسله غيره، وشيوخهما مختلفة، أو يعضده قول صحابي، أو قول عامة الفقهاء.
وكلام أحمد في المرسل، قريب من كلام الشافعي رضي الله عنهما.
وقال السرخسي: يقبل في القرون الثلاثة.
وابن أبان: ومن أئمة النقل أيضًا.
غير الصحابي يشمل التابعي، وتابع التابعي، وهلم جرا، في سائر الأعصار، هذا قول الأصوليين.
(1) انظر: ص (306).
(2)
انظر: المختصر في أصول الفقه ص (96).
قال الشيخ مجد الدين (1): "ومرسل أهل عصرنا، وغيره سواء عند أصحابنا".
قال ابن عقيل (2): هو ظاهر كلام أحمد.
قال أبو العباس (3): "قلت ما ذكره القاضي (4)، وابن عقيل، من أن مرسل أهل عصرنا، مقبول كغيره، ليس مذهب أحمد، فإنا نجزم أنه لم يكن يحتج بمراسيل محدثي وقته وعلمائهم، بل يطالبهم بالإسناد". إلى أن قال (5): "وبحث القاضي يدل على أنه أراد بالمرسل من أهل عصرنا ما أرسله عن واحد، فهذا قريب، بخلاف ما أرسله عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن سقوط واحد أو اثنين ليس كسقوط عشرة، وحجته لا تتناول إلا ما سقط منه وأحدا".
أما المحدثون (6) فيخصونه بالتابعي على المشهور عندهم، كسعيد بن المسيب، فإن سقط أحد قبل الصحابي، فهو منقطع عند المحدثين (7)، مرسل عند الأصوليين (8)، وإن سقط أكثر سمي معضلًا [](9).
(1) انظر: المسودة ص (251).
(2)
انظر: الواضح (4/ 431).
(3)
انظر: المسودة ص (251).
(4)
انظر: العدة (3/ 917).
(5)
انظر: المسودة ص (251، 252).
(6)
انظر: مقدمة ابن الصلاح ص (55).
(7)
انظر: إرشاد طلاب الحقائق للنووي ص (79).
(8)
انظر: العدة (3/ 906)، أصول ابن مفلح (2/ 642).
(9)
ما بين معقوفين كلمة لم أستطع قراءتها، لعلها:(إذا انفرد).
هذا ففي قبول المرسل روايتان (1) إحداهما: يقبل، وهي الأصح عن أحمد، وعليها أصحابه، وفاقًا لأبي حنيفة (2) ومالك (3) والمعتزلة (4)، وحكاه بعضهم (5) عن الأكثر.
قال (6) ابن جرير (7) وأبو الوليد الباجي (8): إنكار كونه حجة بدعة حدثت بعد المائتين.
والأخرى: لا يقبل، قال الشيخ في الروضة (9): "وهو قول الشافعي (10)، وبعض أهل الحديث (11)، وأهل الظاهر (12)، ولهم دليلان.
(1) انظر: العدة (3/ 906، 909)، أصول ابن مفلح (2/ 635).
(2)
انظر: تيسير التحرير (3/ 102)، فواتح الرحموت (2/ 174).
(3)
انظر: إحكام الفصول ص (349)، شرح تنقيح الفصول ص (379).
(4)
انظر: المعتمد (2/ 143).
(5)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 635).
(6)
انظر: التمهيد لابن عبد البر (1/ 4).
(7)
هو: أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري، كان إمامًا في فنون كثيرة كان من الأئمة المجتهدين، من مصنفاته: كتاب التفسير والتاريخ واختلاف العلماء وغيرها كثير، مات سنة (315 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (4/ 191)، تذكرة الحفاظ (2/ 710)، طبقات الشافعية للسبكي (3/ 120).
(8)
انظر: إحكام الفصول ص (349).
(9)
نظر: روضة الناظر (2/ 429 - 435).
(10)
نسبته للشافعي مطلقًا فيه نظر كما سيبين الشارح. وانظر هامش (2) ص (116).
(11)
انظر: التمهيد لابن عبد البر (1/ 5).
(12)
انظر: الإحكام في أصول الفقه لابن حزم (1/ 145).
أحدهما: أنه لو ذكر شيخه ولم يعدله، وبقي مجهولًا عندنا: لم نقبله، فإذا لم يسمه، فالجهل أتم، إذ من لا تعرف عينه كيف تعرف عدالته؟
الثاني: أن شهادة الفرع لا تقبل، ما لم يعين شاهد الأصل.
فكذا (1): الرواية، وافتراق الشهادة والرواية في بعض التعبدات، لا توجب فرقا في هذا المعنى، كما لا توجب فرقًا في قبول رواية المجروح والمجهول.
ووجه الرواية الأول: أن الظاهر من العدل الثقة، أنه لا يستجيز أن يخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بقول، ويجزم به إلا بعد أن يعلم ثقة ناقله، وعدالته. ولا يحل له إلزام الناس عبادة، أو تحليل حرام، أو تحريم مباح بأمر مشكوك فيه، فيظهر أن عدالته مستقرة عنده، فهو: بمنزلة قوله: "أخبرني فلان، وهو ثقة عدل". ولو شك في الحديث: ذكر من حدثه؛ لتكون العهدة عليه دونه".
وما قاله المصنف عن الشافعي، ذكره ابن مفلح (2)، وأخذ على الشافعي بأنه إذا أسنده غيره، أن العمل إنما هو بالمسند، وإذا اقترن به مرسل آخر، أو غيره، انضم باطل إلى مثله، لا يقبل.
(1) قوله: "فكذا الرواية" ليست في روضة الناظر.
(2)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 637، 638) حيث قال: "وقال الشافعي: إن أسنده غيره أو أرسله - وشيوخهما مختلفة - أو عضده قول صحابي أو أكثر العلماء أو عرف أنه لا يرسل إلا عن عدل: قبل وإلا فلا". وانظر: الرسالة ص (461 - 467)، الإحكام (2/ 136).
رد الأول: بأن المرسل صار حجة، والمسند قوي به، فترجح على مسند عارضه. وبأن الانضمام يحصل به الظن، أي: يقوى.
وحجة الذي قيده بالقرون الثلاثة (1): أن النبي صلى الله عليه وسلم أثنى عليهم.
وقول (2) عيسى بن أبان (3)، اختاره ابن الحاجب (4)، وصاحب البديع (5)، وهو أنه إذا أرسل من أهل عصرنا أحد الأئمة الذين يحمل عنهم العلم: قبل مرسله، ومن حمل عنه الناس المسندون المرسل: وقف مرسله.
وقيل: مرسل القرون الثلاثة مطلقًا. أما القرون الثلاثة فلما تقدم (6).
وأما أئمة النقل: فلأنه إذا ثبت أنه من أئمة النقل، فالاعتماد على قوله قوي، بخلاف ما إذا لم يكن من أئمة النقل.
(1) هو: أبو سفيان السرخسي كما في العدة (3/ 918).
(2)
انظر: بديع النظام (1/ 390 - 391).
(3)
هو: أبو موسى عيسى بن أبان بن صدقة، فقيه حنفي مشهور، كان من أصحاب الحديث ثم غلب عليه الرأي، من مصنفاته: إثبات القياس، وخبر الواحد، توفي سنة:(221 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (11/ 157)، الجواهر المضيئة (1/ 401)، الفوائد البهية ص (151).
(4)
انظر: منتهى الوصول والأمل ص (88).
(5)
انظر: بديع النظام (1/ 391).
(6)
أي من ثناء النبي صلى الله عليه وسلم. انظر: ص (116).
وأما الذي نقل المصنف عن الإمام أحمد من أن كلامه قريب من كلام الإمام الشافعي، فإن الإمام أحمد فرق بين مرسل من يعرف أنه لا يروى إلا عن ثقة، وبين غيره، فإنه قال (1):"مرسلات سعيد بن المسيب أصحها، ومرسلات إبراهيم لا بأس بها، وأضعفها مرسلات الحسن (2) وعطاء (3) كانا يأخذان عن كل، ومرسلات ابن سيرين صحاح، ومرسلات عمرو بن دينار (4) أحب إلي من مرسلات إسماعيل بن أبي خالد (5)، إسماعيل لا يبالي عمن حدث، وعمرو لا يروي إلا عن ثقة، ولا يعجبني مرسل يحيى بن كثير (6)؛ لأنه روى عن ضعاف".
(1) انظر: العدة (3/ 907، 920، 924).
(2)
هو: الحسن بن أبي الحسن يسار البصري الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، كان يرسل كثيرًا ويدلس، وكان يروي عن جماعة لم يسمع منهم فتجوز ويقول: حدثنا وخطبنا، يعني قومه الذين خطبوا وحدثوا بالبصرة، مات سنة:(110 هـ). انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 71)، تهذيب التهذيب (2/ 263).
(3)
هو: عطاء بن أبي رباح أسلم أبو محمد القرشي بالولاء، المكي، أحد أعلام التابعين، كان مفتي مكة ومحدثها، سمع من بعض الصحابة، مات بمكة المكرمة سنة (114 هـ). انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 98)، تهذيب التهذيب (7/ 199).
(4)
هو: أبو محمد الجمحي - بالولاء - المكي، أحد التابعين روى عن بعض الصحابة، كان ثقة ثبتا، عالم الحجاز، مات سنة (126 هـ).
انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 113)، ميزان الاعتدال (3/ 260).
(5)
هو: أبو عبد الله البحلي الأحمسي - بالولاء - الكوفي، حافظ ثقة ثبت، توفي سنة:(146 هـ).
انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 153)، تهذيب التهذيب (1/ 291).
(6)
هو: أبو النضر يحيى بن أبي كثير صالح بن المتوكل الطائي - بالولاء - اليماني، =
وقيل (1) له: لم كرهت مرسلات الأعمش (2)، قال: لا يبالي عمن حدث.
وقيل (3) له عن مرسلات سفيان (4)، فقال: لا يبالي عمن روى.
ونقل (5) مهنا (6): مرسل الحسن صحيح. قاله ابن المديني (7).
= قال فيه أحمد: "من أثبت الناس، إنما كان يعد مع الزهري ويحيى بن سعيد"، مات سنة:(129 هـ).
انظر: تذكرة الحفاظ (1/ 128)، تهذيب التهذيب (1/ 268).
(1)
انظر: العدة (3/ 922).
(2)
هو: سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي أبو محمد الكوفي الأعمش، ثقة حافظ عارف بالقراءة ورع لكنه يدلس، مات سنة (147 هـ) وقيل (148 هـ).
انظر: وفيات الأعيان (2/ 400)، وتذكر الحفاظ (1/ 154).
(3)
انظر: العدة (3/ 924).
(4)
هو: سفيان بن سعيد بن مسروق، أبو عبد الله، الثوري، الكوفي، قال فيه شعبة:"أمير المؤمنين في الحديث" مات سنة (161 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (9/ 157)، تذكرة الحفاظ (1/ 203)، تهذيب التهذيب (4/ 111).
(5)
انظر: العدة (3/ 924).
(6)
هو: مهنا بن يحيى الشامي، أبو عبد الله السلمي، من أكثر أصحاب الإمام أحمد ملازمة له، حيث لازمه ثلاثًا وأربعين سنة، وروى عنه خلالها الكثير من المسائل.
انظر: طبقات الحنابلة (1/ 345).
(7)
انظر: تهذيب التهذيب (2/ 266).
قوله (1): أما مرسل الصحابي فحجة عند الجمهور (2)، وخالف بعض الشافعية (3)، إلا أن يعلم بنصه أو عادته أنه لا يروي إلا عن صحابي.
لنا أن الصحابي عدل، والظاهر أنه لا يرسل إلا عن مثله فكان حجة، أشبه ما لو صرح بالسماع (4).
وزعم (5) الصيمري (6) الحنفي أن الصحابي إذا قال: "هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مرسل، حتى يقول: "حدثني بما فيه"؛ لأنه يحتمل: "هذا كتابه دفعه إلي، وقال: اعمل بما فيه أو اروه عني"، وهو مرسل لا يختلف أهل الأصول في ذلك.
وذكر بعض علمائنا خلافه إجماعًا (7)، وسبقت المناولة (8).
(1) انظر: المختصر في أصول الفقه ص (97).
(2)
انظر: التمهيد (3/ 134)، روضة الناظر (2/ 425)، المسودة ص (259)، تيسير التحرير (3/ 102)، فواتح الرحموت (2/ 174)، أحكام الفصول ص (349)، شرح اللمع (2/ 621)، الإحكام للآمدي (2/ 136).
(3)
انظر: الإحكام (2/ 136).
(4)
قال ابن حجر رحمه الله: وقد تتبعت روايات الصحابة رضي الله عنه عن التابعين وليس فيها من رواية صحابي عن تابعي ضعيف في الأحكام شيء يثبت، فهذا يدل على ندور أخذهم عن من يضعف من التابعين - والله أعلم.
انظر: النكت على كتاب ابن الصلاح (2/ 570).
(5)
انظر: المسودة ص (260)، أصول الفقه لابن مفلح (2/ 641).
(6)
هو: أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد، إمام الحنفية ببغداد، ثقة صاحب حديث، من مؤلفاته: مسائل الخلاف في أصول الفقه، وأخبار أبي حنيفة وأصحابه، توفي سنة:(436 هـ).
انظر: تاريخ بغداد (8/ 78)، تذكرة الحفاظ ص (1109)، الفوائد البهية ص (67).
(7)
انظر: المسودة ص (260).
(8)
انظر: ص (94).
قوله (1): الأمر (2): حقيقة في القول المخصوص اتفاقًا (3)، وعند الأكثر (4) مجاز في الفعل، وفي الكفاية مشترك بينه وبين الشأن والطريقة ونحو ذلك واختار الآمدي متواطئ.
المراد بالمخصوص هو الطالب للفعل وهو "افعل"(5)، والجمهور منهم أحمد وأصحابه (6)، على أن الأمر حقيقة في القول، فوجب أن لا يكون حقيقة في غيره دفعًا للاشتراك.
وفي الكفاية (7) للقاضي أبي يعلى: هو مشترك بين القول والشأن والطريقة ونحو ذلك، وقاله أبو الحسين البصري (8).
(1) المختصر في أصول الفقه لابن اللحام ص (97).
(2)
المراد هنا لفظ الأمر وهو [أ، م، ر] كما يقال: زيد اسم، وضرب فعل ماض، ومن حرف جر، ولا يعني بالأمر مدلوله كما هو المتعارف في الأخبار عن اللفظ إن تلفظ به.
انظر: تشنيف المسامع (2/ 572)، شرح الكوكب المنير (3/ 5).
(3)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 643)، المحصول (912).
(4)
انظر: أصول ابن مفلح (2/ 645)، بديع النظام (1/ 394)، منتهى الوصول والأمل ص (89)، المحصول (2/ 9).
(5)
لتحرير محل النزاع نقول: اتفق الأصوليون على أن استعمال الأمر في القول الطالب للفعل حقيقة. واختلفوا في استعماله في غير الطالب للفعل، كاستعماله في الشيء أو الصفة أو الفعل، هل يكون حقيقة كذلك أو يكون مجازًا على أقوال.
(6)
انظر: القواعد والفوائد الأصولية ص (158)، شرح الكوكب (3/ 5).
(7)
انظر: المسودة ص (16)، وقد أنكر ذلك في العدة (1/ 223) فقال: الفعل لا يسمى أمرًا
…
حقيقة.
(8)
انظر: المعتمد (1/ 45).
قال في المسودة (1) وهذا (2) هو الصحيح لمن اتصف، ونصره ابن برهان (3) وأبو الطيب كقوله تعالى {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} (4).
وكقول الشاعر (5):
لأمر ما يسود من يسود ....
أي لصفة من صفات الكمال.
وكقولنا تحرك كذا الخصم لأمر أي: لشيء.
وعلى القول بالتواطؤ، تكودن موضوعًا للقدر المشترك بين الفعل والقول دفعًا للاشتراك والمجاز.
قال في تشنيف المسامع (6) عن القول بالتواطئ (7): "واعلم
(1) وهو قول الشيخ عبد الحليم والد الشيخ تقي الدين. انظر: المسودة ص (16).
(2)
أي أن الفعل يسمى أمرًا حقيقة. قاله في المسودة ص (16).
(3)
انظر: البحر المحيط (2/ 342)، تشنيف المسامع (2/ 573).
(4)
آية (97) من سورة هود. ووجه الاستدلال أنه سمى فعل فرعون أمرًا. وقيل: وصف الأمر بالرشد والمراد به الفعل، لأن القول لا يوصف بالرشد وإنما يوصف بالشداد.
وقد ناقشهم الرازي في ذلك وأجاد.
انظر: المحصول (2/ 14).
(5)
وهو أنس بن مدركة الخثعمي. وصدره: عزمت على إقامة ذي صباح .. انظر: الحيوان (3/ 81)، شرح المفصل (3/ 12).
(6)
انظر: تشنيف المسامع (2/ 573).
(7)
المتواطئ: هو الكلي الذي استوت أفراده في معناه كالإنسان والرجل والمرأة. فإن حقيقة الإنسانية والذكورية والأنوثة مستوية في جميع الأفراد، وإنما التفاضل بينها بأمور أخر زائدة عن مطلق الماهية.
انظر: آداب البحث والمناظرة ص (19)، حاشية الباجوري على متن المسلم ص (41).
أن هذا القول لا يعرف قائله، وإنما ذكره صاحب الإحكام (1) على سبيل الفرض والإلزام (2)، أي لو قيل: فما المانع منه، ولهذا حكاه ابن الحاجب (3)، ثم قال في آخر المسألة: وأيضًا فإنه قول [حادث هنا](4) انتهى.
وصدق فيما ذكره عن الإحكام، فإن الآمدي في الإحكام (5) قال بعد أن ذكر الحجج:"وفي [هذه] (6) نظر، أما الأول: فلقائل أن يقول: لا نسلم أنه يلزم من كونه حقيقة في الفعل أن يكون مشتركًا، إذا أمكن أن يكون حقيقة فيهما، باعتبار معنى مشترك بين القول المخصوص والفعل (7)، فيكون متواطئًا (8) ".
وفي المسألة قول آخر (9): وهو أنه مشترك بين القول والفعل (10)، وهو مأخوذ من قول المصنف: "وعند الأكثر مجاز
(1) انظر: الإحكام (2/ 149).
(2)
في المطبوع (والالتزام)، والصواب ما ذكره المؤلف، لأنه مرادف الفرض.
(3)
انظر: منتهى الوصول لابن الحاجب مع شرح العضد (2/ 75).
(4)
ما بين معقوفين بياض في المخطوط، والإكمال من منتهى الوصول لابن الحاجب (2/ 75)، والتشنيف (2/ 573).
(5)
انظر: الإحكام (2/ 149).
(6)
في المخطوط [هذا] والتصويب من الإحكام.
(7)
في المطبوع "العقل" وهو خطأ. انظر: الإحكام (2/ 358) طبعة دار الكتب العلمية.
(8)
انظر: الإحكام (2/ 149).
(9)
انظر القواعد والفوائد الأصولية (ص 158)، شرح الكوكب (3/ 8).
(10)
بالاشتراك اللفظي. انظر: شرح الكوكب (3/ 8)، وتشنيف المسامع (2/ 573).