الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَا أَتَمَّ سَنَتَيْنِ.
اللَّخْمِيِّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَعَزَاهُ الْبَاجِيُّ لِلْقَاضِي (وَمِائَةٍ وَعِشْرِينَ كَمِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ) ابْنُ بَشِيرٍ: فَإِذَا بَلَغَتْ الْبَقَرُ سِتِّينَ فَفِيهَا جَذَعَانِ ثُمَّ لَا زِيَادَةَ حَتَّى تَبْلُغَ سَبْعِينَ فَيَسْتَمِرُّ الْحِسَابُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةٌ وَفِي كُلِّ ثَلَاثِينَ تَبِيعٌ وَيَكُونُ الْحُكْمُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْإِبِلِ سَوَاءً وَكَمَا قَرَّبْنَاهُ فِي الْحِسَابِ. فَإِذَا بَلَغَتْ عِشْرِينَ وَمِائَةً فَهَاهُنَا يَتَّفِقُ الْعَدَدُ فَإِنْ عَدَدْت بِالْأَرْبَعِينَاتِ كَانَ فِيهَا ثَلَاثُ مُسِنَّاتٍ، وَإِنْ عَدَدْت بِالثَّلَاثِينَاتِ فِيهَا أَرْبَعُ تَوَابِعَ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَالسَّاعِي مُخَيَّرٌ فِي ثَلَاثِ مُسِنَّاتٍ وَأَرْبَعِ تَوَابِعَ كَإِنَاءٍ فِي الْبَقَرِ أَوْ لَمْ يَكُونَا، فَإِنْ كَانَ فِيهَا أَحَدُ السِّنِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُ كَالْمِائَتَيْنِ مِنْ الْإِبِلِ.
[زَكَاة الْغَنَم]
(الْغَنَمُ فِي الْأَرْبَعِينَ شَاةً) رَوَى ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ فِي الْغَنَمِ صَدَقَةٌ حَتَّى تَبْلُغَ أَرْبَعِينَ شَاةً فَإِذَا بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ فَفِيهَا شَاةٌ إلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ» . (جَذَعٌ أَوْ جَذَعَةٌ ذُو سَنَةٍ وَلَوْ مَعْزًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يُؤْخَذُ إلَّا الثَّنِيُّ أَوْ الْجَذَعُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ فَلْيَأْخُذْهُ، وَلَا يَأْخُذْ أَقَلَّ مِنْ الْجَذَعِ وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ فِي أَخْذِ الصَّدَقَةِ سَوَاءٌ، يُرِيدُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَحَدُهُمَا فِي الصَّدَقَةِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.
قَالَ أَشْهَبُ: وَكَذَلِكَ فِيمَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَنْ الْإِبِلِ. اُنْظُرْ سُكُوتَ خَلِيلٍ عَنْ الثَّنِيِّ وَهُوَ مِمَّا يَجُوزُ أَخْذُهُ، وَفَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الْأُنْثَى وَالذَّكَرِ وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الثَّنِيُّ فَيُؤْخَذُ مِنْ الضَّأْنِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَلَا يُؤْخَذُ الثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ إلَّا أُنْثَى لِأَنَّ الذَّكَرَ تَيْسٌ وَلَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ تَيْسًا وَالتَّيْسُ دُونَ الْعَمَلِ إنَّمَا يُعَدُّ مِنْ ذَوَاتِ الْعَوَارِ أَيْ مِنْ ذَوَاتِ الْعَيْبِ الَّتِي لَا يَأْخُذُهَا الْمُصَدِّقُ وَيُعِيدُهَا عَلَى رَبِّهَا كَالسَّخْلَةِ وَنَحْوِهَا.
ابْنُ عَرَفَةَ: فِي كَوْنِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْجَذَعِ وَالثَّنِيِّ لِلسَّاعِي أَوْ لِرَبِّهَا قَوْلَا أَشْهَبَ
وَابْنِ نَافِعٍ، ابْنُ يُونُسَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ: وَالْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ ابْنُ سَنَةٍ وَالثَّنِيَّةُ الَّتِي طَرَحَتْ ثَنِيَّتَهَا (وَفِي مِائَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ شَاتَانِ وَفِي مِائَتَيْنِ وَشَاةٍ ثَلَاثٌ وَفِي أَرْبَعِمِائَةٍ أَرْبَعٌ لِكُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ) فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: «وَإِذَا كَانَتْ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَمِائَةً فَفِيهَا شَاتَانِ إلَى مِائَتَيْ شَاةٍ فَإِذَا كَانَتْ مِائَتَيْ شَاةٍ وَشَاةً فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ إلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَمَا زَادَ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ» .
(وَلَزِمَ الْوَسَطُ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَا يُؤْخَذُ الْخِيَارُ كَذَاتِ اللَّبَنِ وَالرُّبَى وَالْأَكُولَةِ وَالْفَحْلِ قَالَهُ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ وَعَلِيٌّ. وَلَا الشِّرَارُ كَالسَّخْلَةِ وَالتَّيْسِ وَالْعَجْفَاءِ وَذَوَاتِ الْعَوَارِ (وَلَوْ انْفَرَدَ الْخِيَارُ أَوْ الشِّرَارُ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَانَتْ رَدِيئَةً كُلُّهَا أَوْ جَيِّدَةً كُلُّهَا فَرَابِعُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَيُخْرَجُ مِنْ غَيْرِهَا.
اُنْظُرْ نَصَّهَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَنِتَاجًا "(إلَّا أَنْ يَرَى السَّاعِي أَخْذَ الْمُعَيَّبَةَ لَا الصَّغِيرَةَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا رَأَى الْمُصَدِّقُ أَنْ يَأْخُذَ ذَاتَ الْعَوَارِ وَالتَّيْسَ وَالْهَرِمَةَ أَخَذَهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ خَيْرًا وَلَا يَأْخُذُ مِنْ هَذِهِ الصِّغَارِ شَيْئًا. قَالَ: وَكَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ إلَّا إبِلٌ كُلُّهَا اشْتَرَى لَهُ مِنْ السُّوقِ وَلَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ عِنْدَهُ لِدُونٍ اشْتَرَى مِنْ السُّوقِ مَا
يُجْزِيهِ.
(وَضُمَّ بُخْتٌ لِعِرَابٍ وَجَامُوسٌ لِبَقَرٍ وَضَأْنٌ لِمَعْزٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: تُضَمُّ الْبُخْتُ إلَى الْعِرَابِ فِي الزَّكَاةِ وَالْجَوَامِيسُ إلَى الْبَقَرِ وَالضَّأْنُ إلَى الْمَعْزِ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ لِأَنَّ الِاسْمَ وَالْجِنْسَ يَجْمَعُ ذَلِكَ كُلَّهُ (وَخُيِّرَ السَّاعِي إنْ وَجَبَتْ وَاحِدَةٌ وَتَسَاوَيَا وَإِلَّا فَمِنْ الْأَكْثَرِ) اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَتْ الْغَنَمُ أَرْبَعِينَ شَاةً وَهِيَ ضَأْنٌ وَمَعْزٌ أُخِذَتْ الشَّاةُ مِنْ أَكْثَرِهَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ. اللَّخْمِيِّ: وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْغَنَمُ أَرْبَعِينَ ضَأْنًا وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا فَالسَّاعِي مُخَيَّرٌ يَأْخُذُ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ. وَإِنْ كَانَتْ مِائَةً وَعِشْرِينَ وَكَانَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ دُونَ النِّصَابِ تِسْعَةً وَثَلَاثِينَ إلَى مَا دُونَ ذَلِكَ كَانَتْ الصَّدَقَةُ مِنْ النِّصَابِ، وَإِنْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا نِصَابٌ وَهِيَ مُتَسَاوِيَةٌ سِتُّونَ كَانَ الْمُصَدِّقُ بِالْخِيَارِ يَأْخُذُ شَاةً مِنْ أَيِّهِمَا أَفْضَلَ لِلْمَسَاكِينِ. وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَتْ ثَمَانِينَ وَأَرْبَعِينَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَأْخُذُ مِنْ الْأَكْثَرِ. (وَثِنْتَانِ مِنْ كُلٍّ إنْ تَسَاوَيَا) ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ وَجَبَتْ شَاتَانِ وَاسْتَوَيَا فَمِنْهُمَا.
(أَوْ الْأَقَلُّ نِصَابًا غَيْرَ وَقْصٍ وَإِلَّا فَالْأَكْثَرُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ لَهُ سَبْعُونَ ضَائِنَةٍ وَسِتُّونَ مَعْزًا فَعَلَيْهِ شَاةٌ مِنْ الضَّأْنِ وَآخَرُ مِنْ الْمَعْزِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ عِشْرِينَ وَمِائَةَ ضَائِنَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَعْزًا أُخِذَ مِنْ الضَّأْنِ وَاحِدَةٌ وَمِنْ الْمَعْزِ أُخْرَى. عِيَاضٌ: لَا زَكَاةَ فِي الْأَوْقَاصِ وَهُوَ مَا بَيْنَ هَذِهِ الْأَعْدَادِ وَالنُّصُبِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَهِيَ مُلْغَاةٌ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ كَانَتْ عِشْرُونَ وَمِائَةُ ضَائِنَةٍ وَثَلَاثُونَ مَعْزًا أَخَذَ شَاتَيْنِ مِنْ الضَّأْنِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ وَجَبَتْ الشَّاتَانِ فِي الصِّنْفِ الْأَكْثَرِ وَكَانَ الصِّنْفُ الْأَقَلُّ وَقْصًا يَجِبُ فِي عَدَدِهِ الزَّكَاةُ، مِثْلُ أَنْ تَكُونَ الضَّأْنُ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ وَالْمَعْزُ أَرْبَعِينَ فَقِيلَ تُؤْخَذُ الشَّاتَانِ مِنْ الضَّأْنِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَعْزِ شَيْءٌ لِأَنَّهَا وَقْصٌ. وَهَذَا عَلَى قِيَامِ قَوْلِ
ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ ثَلَاثَمِائَةِ ضَائِنَةً وَتِسْعِينَ مَعْزًا ثَلَاثُ شِيَاهٍ مِنْ الضَّأْنِ وَلَا شَيْءَ فِي الْمَعْزِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهَا وَقْصٌ. (وَثَلَاثٌ وَتَسَاوَيَا فَمِنْهُمَا وَخُيِّرَ فِي الثَّالِثَةِ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِائَةٌ وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الثَّالِثَةَ مِنْ أَيِّهِمَا شَاءَ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ وَكَذَلِكَ الْقَلِيلَةُ كَوْنُهَا أَوْجَبَ زِيَادَةِ الْوَاحِدَةِ وَفِيهَا مَعَ ذَلِكَ عَدَدُ الزَّكَاةِ أَخَذَ الثَّالِثَةَ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجِبْ كَوْنَهَا زِيَادَةَ الْوَاحِدَةِ فَهِيَ وَقْصٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا وَإِنْ كَثُرَتْ (وَاعْتُبِرَ فِي الرَّابِعَةِ فَأَكْثَرَ كُلُّ مِائَةٍ) ابْنُ يُونُسَ: لَوْ كَانَ فِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ وَكَانَتْ الْقَلِيلَةُ وَجَبَتْ الشَّاةُ الرَّابِعَةُ ابْتَدَأَ الْحُكْمَ فِي الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ فَيَأْخُذُ الرَّابِعَةَ مِنْ أَكْثَرِ الْمِائَةِ الرَّابِعَةِ فَإِنْ اسْتَوَيَا خُيِّرَ فِي الرَّابِعَةِ، وَكَذَلِكَ يَصْنَعُ فِيمَا زَادَ يَبْتَدِئُ الْحُكْمَ فِي الْمِائَةِ الْآخِرَةِ.
(وَفِي أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً مِنْهُمَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ أَرْبَعِينَ جَامُوسًا وَعِشْرِينَ بَقَرَةً أَخَذَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ تَبِيعًا. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ يُجْعَلُ فِي
الثَّلَاثِينَ مِنْ الْجَوَامِيسِ تَبِيعٌ وَيَبْقَى عَشَرَةٌ مِنْهَا مَعَ عِشْرِينَ بَقَرَةً فَيَأْخُذُ تَبِيعًا مِنْ الْأَكْثَرِ وَهِيَ الْبَقَرُ. وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهَا فِيمَنْ لَهُ عِشْرُونَ وَمِائَةُ ضَائِنَةٍ وَأَرْبَعُونَ مَعْزًا، أَنَّ الثَّمَانِينَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ فِي الضَّأْنِ وَقْصٌ لَا شَيْءَ فِيهَا، وَالْعَشَرَةُ الزَّائِدَةُ عَلَى الثَّلَاثِينَ فِي الْبَقَرِ لَيْسَ فِيهَا وَقْصٌ لِأَنَّهَا أَحَالَتْ الْفَرِيضَةَ عَنْ حَالِهَا، وَلَوْ كَانَتْ الشِّيَاهُ مِائَةً وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ لَأَشْبَهَتْ مَسْأَلَةَ الْجَوَامِيسِ، مَعَ الْبَقَرِ لِأَنَّ الْأَحَدَ وَالثَّمَانِينَ الزَّائِدَةَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لَيْسَ بِوَقْصٍ فَوَجَبَ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ مِنْ الْكَثِيرَةِ.
(وَمَنْ هَرَبَ بِإِبْدَالِ مَاشِيَتِهِ أُخِذَ بِزَكَاتِهَا) ابْنُ بَشِيرٍ: مَنْ مَلَكَ مَاشِيَةً فَأَبْدَلَهَا بِمَاشِيَةٍ أَوْ بِعَيْنٍ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ فَأَنَّهُ يُؤْخَذُ بِزَكَاةِ الْأُولَى وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ قَصْدِهِ إلَى سُقُوطِ الزَّكَاةِ وَهَذَا بِلَا خِلَافٍ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ بَعْدَ الْحَوْلِ نِصَابَ إبِلٍ بِنِصَابِ غَنَمٍ هَرَبًا مِنْ الزَّكَاةِ أَخَذَ الْمُصَدِّقُ مِنْهُ زَكَاةَ مَا أَعْطَى وَإِنْ كَانَ زَكَاةُ مَا أَخَذَ أَفْضَلَ لِأَنَّ مَا أَخَذَ لَمْ يَجِبْ فِيهِ بَعْدُ زَكَاةٌ. قَالَ: وَلَوْ بَاعَهَا غَيْرَ فَارٍّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذْ حَوْلُهَا مَجِيءُ السَّاعِي وَيَسْتَقْبِلُ بِاَلَّذِي أَخَذَ حَوْلًا (وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلِ عَلَى الْأَرْجَحِ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي شَرْطِ الْفِرَارِ بِكَوْنِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ أَوْ قُرْبَهُ كَالْخَلِيطَيْنِ قَوْلَا ابْنِ الْكَاتِبِ وَالصَّقَلِّيِّ (وَبَنَى فِي رَاجِعَةٍ بِعَيْبٍ أَوْ فَلَسٍ) مِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: إنْ ابْتَاعَ غَنَمًا فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ حَوْلًا ثُمَّ رَدَّهَا بِعَيْبٍ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَزَكَاتُهَا عَلَى الْبَائِعِ. ابْنُ يُونُسَ: هَذَا عَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضُ بَيْعٍ، وَعَلَى أَنَّهُ بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ يَجِبُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا حَوْلًا؟ قَالَ: وَلَوْ رَدَّهَا بَعْدَ أَنْ أَدَّى مِنْهَا شَاةً فَلْيَرُدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الشَّاةِ الَّتِي أَخَذَ الْمُصَدِّقُ وَلَوْ فَلَّسَ الْمُشْتَرِي فَقَامَ الْغُرَمَاءُ وَجَاءَ السَّاعِي فَالزَّكَاةُ مُبْتَدَأَةٌ
وَمَا بَقِيَ لِلْغُرَمَاءِ وَلَوْ طَلَبَ بَائِعُ الْغَنَمِ أَخْذَ الْغَنَمِ فِي التَّفْلِيسِ، فَلْيَأْخُذْ الْمُصَدِّقُ رَدَّهَا بِعَيْبٍ أَوْ رَجَعَتْ لِفَلَسٍ، فَانْظُرْ أَنْتَ مَا يَقْتَضِيهِ هَذَا النَّقْلُ وَمَا يَقْتَضِيهِ لَفْظُ خَلِيلٍ.
(كَمُبْدِلِ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ بِعَيْنٍ) ابْنُ رُشْدٍ: إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ دَنَانِيرُ فَاشْتَرَى بِهَا مَاشِيَةً لِلتِّجَارَةِ تَجِبُ فِي رِقَابِهَا الزَّكَاةُ وَبَاعَهَا قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ رِقَابِهَا الزَّكَاةَ زَكَّى الثَّمَنَ عَنْ حَوْلِ الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ، وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ مِنْ رِقَابِهَا الزَّكَاةَ زَكَّاهَا إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ زَكَّى رِقَابَهَا بِلَا خِلَافٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْمَاشِيَةُ الَّتِي ابْتَاعَ بِالدَّنَانِيرِ لَا تَبْلُغُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْعُرُوضِ إنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِلتِّجَارَةِ وَهُوَ مُدِيرُ قَوْمِهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدِيرًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يَبِيعَهَا وَيَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهَا مِنْ يَوْمِ زَكَّى الْمَالَ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ، وَإِنْ كَانَ اشْتَرَاهَا لِلْقِنْيَةِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يَبِيعَهَا وَيَسْتَقْبِلَ بِالثَّمَنِ حَوْلًا مِنْ يَوْمِ بَاعَهَا (أَوْ نَوْعِهَا) ابْنُ رُشْدٍ: الذَّهَبُ وَالْوَرِقُ إذَا حُوِّلَ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ يُزَكِّيَ الثَّانِيَةَ عَلَى حَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ، وَأَمَّا الْمَاشِيَةُ فَإِنَّهَا ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: إبِلٌ وَبَقَرٌ وَغَنَمٌ، فَإِنْ بَاعَ صِنْفًا بِصِنْفِهِ بَاعَ عَلَى حَوْلِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ ذَلِكَ صِنْفٌ وَاحِدٌ يُضَمُّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ فِي الصَّدَقَةِ وَالْفَوَائِدِ إلَى أَنْ تَنْقُصَ الثَّانِيَةُ عَمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ، مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ أَرْبَعِينَ شَاةً لَهَا عِنْدَهُ أَشْهُرٌ بِثَلَاثِينَ شَاةً فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا لِتَمَامِ الْحَوْلِ وَإِنْ بَاعَهَا بِأَكْثَرَ زَكَّاهَا.
(وَلَوْ لِاسْتِهْلَاكٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا اسْتَهْلَكَ الرَّجُلُ غَنَمًا فَأَخَذَ مِنْهُ بِهَا غَنَمًا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ بِالِاسْتِهْلَاكِ أَعْيَانُهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَسْتَقْبِلُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْغَاصِبِ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يُزَكِّيهَا عَلَى حَوْلِ الْأُولَى لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْمُبَادَلَةِ. انْتَهَى فَانْظُرْ هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِمَا تَبْقَى صُورَةٌ ثَالِثَةٌ هِيَ الَّتِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا قَوْلَانِ، وَهِيَ إذَا دَخَلَهَا عَيْبٌ يُوجِبُ لَهُ الْقِيمَةَ فَكَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَخْذِ قِيمَتِهَا أَوْ عَيْنِهَا فَتَارَةً يُعَدُّ أَخْذُهُ الْغَنَمَ عِوَضًا عَنْ الْعَيْنِ، وَتَارَةً عَنْ الْقِيمَةِ، وَلَمْ يُشْهِرُ ابْنُ يُونُسَ وَلَا ابْنُ رُشْدٍ مِنْهُمَا قَوْلًا.
(كَنِصَابِ قِنْيَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ وَرِثَ نِصَابَ غَنَمٍ أَوْ اشْتَرَاهَا لِقِنْيَةٍ ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ حَوْلٍ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي بِمَا فِيهِ الزَّكَاةُ، فَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ أَنَّهُ
يُزَكِّي الثَّمَنَ الْآنَ وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهَا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ ابْتَاعَهَا أَوْ وَرِثَهَا فَإِنَّهُ يُزَكِّي الثَّمَنَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى وَعَلَى هَذَا ثَبَتَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ الْقِنْيَةَ لَا تَقْدَحُ فِي الْمَاشِيَةِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَكَانَ الْقِيَاسُ إذَا لَمْ يَسْتَقْبِلْ بِالثَّمَنِ حَوْلًا أَنْ يُزَكِّيَهُ عَلَى حَوْلِ الْمَالِ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ زَكَّى رِقَابَهَا زَكَّى الثَّمَنَ لِتَمَامِ حَوْلٍ لَا يَوْمَ زَكَّى الرِّقَابَ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ أَنَّهُ يُزَكِّي الثَّمَنَ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ زَكَّى الرِّقَابَ كَانَتْ لِقِنْيَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ مِنْ تِجَارَةٍ، وَلَوْ كَانَتْ الْمَوْرُوثَةُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ وَبِيعَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَمْ لَا، أَوْ بِيعَتْ الَّتِي زُكِّيَتْ بِمَا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَلَا زَكَاةَ فِي ثَمَنِهَا وَيَسْتَقْبِلُ بِهِ حَوْلًا عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ إذَا كَانَتْ الْمُشْتَرَاةُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ ".
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ مَنْ بِيَدِهِ عَيْنٌ فَيَشْتَرِي بِهِ بَعْدَ أَشْهُرٍ مَاشِيَةً لِلْقِنْيَةِ أَنَّهُ يَأْتَنِفُ بِالْمَاشِيَةِ حَوْلًا وَبَيْنَ مَنْ زَكَّى مَاشِيَةً ثُمَّ بَاعَهَا بَعْدَ أَشَهْرَ بِعَيْنٍ أَنَّهُ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْأُولَى؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَنَا فِي كُلِّ مَنْ اشْتَرَى بِالْعَيْنِ شَيْئًا سِوَاهُ أَنَّهُ لِلْقِنْيَةِ فَقَدْ أَبْطَلَ حَوْلَ الْعَيْنِ. فَسَوَاءٌ كَانَ مَا اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ غَيْرَهَا، فَلِذَلِكَ اسْتَقْبَلَ بِالْمَاشِيَةِ حَوْلًا وَلَمْ يُبَيِّنْ عَلَى حَوْلِ الْعَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَطَلَ. وَالْأَصْلُ أَيْضًا فِيمَنْ بَاعَ شَيْئًا مُقْتَنَى أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهِ حَوْلًا فَلَمَّا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ لَا تَقْدَحُ فِيهَا الْقِنْيَةُ وَأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهَا الزَّكَاةُ إذَا حَلَّ حَوْلُهَا مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا أَوْ وَرِثَهَا فَارَقَتْ غَيْرَهَا مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَخَرَجَتْ عَنْ حَدِّ مَا يُقْتَنَى فَبَطَلَ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بِهَا حَوْلًا فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى حَوْلِهَا (لَا مُخَالِفِهَا) ابْنُ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ إنْ بَاعَ صِنْفًا بِصِنْفٍ غَيْرِهِ إبِلًا بِبَقَرٍ أَوْ بِغَنَمٍ أَوْ بَقَرًا بِإِبِلٍ أَوْ غَنَمٍ فَقِيلَ: إنَّهُ يَسْتَأْنِفُ بِالثَّانِي مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ قِيَاسًا عَلَى الْمَاشِيَةِ تُشْتَرَى بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَنَّهُ يَسْتَأْنِفُ بِهَا حَوْلًا لِأَنَّهُمَا صِنْفَانِ.
(أَوْ رَاجِعَةٍ بِإِقَالَةٍ) اُنْظُرْ هَذَا فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إذَا كَانَتْ لِلرَّجُلِ مَاشِيَةٌ وَرِثَهَا أَوْ وُهِبَتْ لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِهَا فَبَاعَهَا بِدَنَانِيرَ ثُمَّ أَخَذَ بِهَا مِنْهُ مَاشِيَةً قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا أَوْ اشْتَرَى بِهَا بَعْدَ أَنْ قَبَضَهَا مَاشِيَةً أُخْرَى مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ صِنْفِهَا، فَقِيلَ: إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالْغَنَمِ الثَّانِيَةِ حَوْلًا فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ غَنَمَهُ ثُمَّ
اسْتَقَالَ مِنْهَا وَرَدَّ الثَّمَنَ فَإِنَّهُ يَسْتَأْنِفُ بِهَا حَوْلًا وَسَوَاءٌ قَبَضَ ثَمَنَهَا أَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ حَادِثٌ. وَقِيلَ: إنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا حَوْلًا إنْ اشْتَرَى بِالثَّمَنِ مِنْ غَيْرِهِ وَيُزَكِّيهَا عَلَى حَوْلِ الْأُولَى إنْ أَخَذَهَا مِنْهُ فِي الثَّمَنِ أَوْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ. وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ حَاشَا ابْنِ الْقَاسِمِ.
(أَوْ عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ دَنَانِيرُ فَاشْتَرَى بِهَا مَاشِيَةً تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ مِنْ يَوْمِ اشْتَرَاهَا فَيُزَكِّيَهَا زَكَاةَ السَّائِمَةِ لِقِنْيَةٍ اشْتَرَاهَا أَوْ لِتِجَارَةٍ (وَخُلَطَاءُ الْمَاشِيَةِ) ابْنُ يُونُسَ: الْخُلْطَةُ فِي الْغَنَمِ الَّذِي لَا يُشَارِكُ صَاحِبَهُ فِي الرِّقَابِ وَهُوَ يُخَالِطُهُ بِالِاجْتِمَاعِ وَالتَّعَاوُنِ - قَالَ مَالِكٌ - وَغَنَمُهُ مَعْرُوفَةٌ مِنْ غَنَمِ صَاحِبِهِ. وَالشَّرِيكُ الْمُشَارِكُ فِي الرِّقَابِ وَلَا يَعْرِفُ غَنَمَهُ مِنْ غَنَمِ صَاحِبِهِ لَهُ حُكْمُ الْخَلِيطِ وَكُلُّ شَرِيكٍ خَلِيطٌ وَلَيْسَ كُلُّ خَلِيطٍ شَرِيكًا (كَمَالِكٍ فِيمَا وَجَبَ مِنْ قَدْرٍ) التَّلْقِينُ: لِلْخُلْطَةِ فِي الْمَاشِيَةِ تَأْثِيرٌ فِي الزَّكَاةِ وَتَأْثِيرُهَا أَنْ يَكُونَ لِلِاثْنَيْنِ ثَمَانُونَ شَاةً لِكُلِّ وَاحِدٍ أَرْبَعُونَ فَيَأْخُذُ مِنْهَا السَّاعِي شَاتَيْنِ إذَا كَانَا مُفْتَرِقَيْنِ، فَإِنْ اخْتَلَطَا أَخَذَ عَنْ الثَّمَانِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَتَأْثِيرُهَا فِي هَذَا الْمَوْضِعِ التَّخْفِيفُ، وَقَدْ تُؤَثِّرُ التَّثْقِيلَ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ لِلِاثْنَيْنِ مِائَتَانِ وَشَاةٌ فَيُؤْخَذُ مِنْهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ.
(وَسِنٍّ وَصِنْفٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَمِائَةٌ أَخَذَ السَّاعِي مِنْهَا حِقَّتَيْنِ وَيَتَرَادَّانِ قِيمَتَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا، وَعَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِ جُزْءٌ مِنْهَا وَهُوَ رُبْعُ السُّدُسِ، وَمَا بَقِيَ فَهُوَ عَلَى الْآخَرِ. وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يَخْتَلِطَا لِهَذَا ضَأْنٌ وَلِهَذَا مَعْزٌ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْهُمَا كَمَا يَأْخُذُ مِنْ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا شَاةٌ أَخَذَهَا مِنْ الْأَكْثَرِ ثُمَّ يَتَرَادَّانِ فِيمَا أَخَذَ (إنْ نَوَيْت) الْمَشْهُورُ إنْ فَرَّقَا
بَيْنَ مُجْتَمِعٍ أَوْ جَمَعَا بَيْنَ مُفْتَرِقٍ خَشْيَةَ الصَّدَقَةِ أَخْذَا بِالْأَوَّلِ وَلِلَّخْمِيِّ هُنَا تَخْرِيجٌ.
(وَكُلِّ حُرٍّ مُسْلِمٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَثَرَ لِخُلْطَةِ عَبْدٍ أَوْ ذِمِّيٍّ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ. (مَلَكَ نِصَابًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونَانِ خَلِيطَيْنِ حَتَّى يَكُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَاشِيَةِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ حَظُّهُ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَالزَّكَاةُ عَلَى مَنْ بَلَغَ حَظُّهُ ذَلِكَ خَاصَّةً لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ غَنَمُ خَلِيطِهِ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ حَظُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا مَا فِيهِ الزَّكَاةُ وَاجْتِمَاعُهُمَا عَدَدَ الزَّكَاةِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِمَا، فَإِنْ تَعَدَّى السَّاعِي فَأَخَذَ مِنْهُمَا شَاةً مِنْ غَنَمِ أَحَدِهِمَا فَلْيَتَرَادَّ فِيهَا عَلَى عَدَدِ غَنَمِهِمْ كَقَضَاءِ قَاضٍ بِقَوْلِ قَائِلٍ وَهُوَ قَوْلُ رَبِيعَةَ (بِحَوْلٍ) سَمِعَ
عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ زَكَّى غَنَمَهُ وَلَبِثَ بِهَا سِتَّةَ أَشْهُرٍ بِعُذْرِ زَكَاتِهَا ثُمَّ خَلَطَهَا مَعَ رَجُلٍ فَأَتَى السَّاعِي فِي هَذَا الشَّهْرِ الَّذِي خَلَطَ فِيهِ غَنَمَهُ وَقَدْ وَجَبَتْ عَلَى صَاحِبِهِ الزَّكَاةُ فِي غَنَمِهِ فَقَالَ: يُزَكِّي غَنَمَ صَاحِبِهِ وَلَيْسَ عَلَى هَذَا زَكَاةٌ حَتَّى يَحُولَ الْحَوْلُ عَلَى صَاحِبِهِ مِنْ يَوْمِ زَكَّى إلَّا أَنْ يُخْرِجَ غَنَمَهُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مِنْ أَفَادَ غَنَمًا أَوْ اشْتَرَاهَا فَلَبِثَتْ فِي يَدِهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ ثُمَّ أَتَاهُ السَّاعِي فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَهُ مِنْ سَنَةٍ قَابِلٍ.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ لَا يَكُونُ الرَّجُلَانِ خَلِيطَيْنِ وَيُزَكِّيَانِ زَكَاةَ الْخُلْطَةِ حَتَّى يَكُونَ الْحَوْلُ قَدْ حَالَ عَلَى مَاشِيَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. فَلَوْ كَانَتْ مَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا مِائَةً وَقَدْ حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَمَاشِيَةُ الْآخَرِ خَمْسِينَ لَمْ يَحُلْ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْهُمَا شَاتَيْنِ، فَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْمِائَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى صَاحِبِ الْخَمْسِينَ شَيْئًا لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِيَةَ مَظْلِمَةٌ، وَإِنْ أَخَذَهُمَا مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ رَجَعَ بِالْوَاحِدَةِ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ وَكَانَتْ الثَّانِيَةُ مَظْلِمَةً وَقَعَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْمِائَةِ وَوَاحِدَةً مِنْ غَنَمِ صَاحِبِ الْخَمْسِينَ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْخَمْسِينَ عَلَى صَاحِبِ الْمِائَةِ رُجُوعٌ بِالشَّاةِ الَّتِي أُخِذَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا مَظْلِمَةٌ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَلَا تَرَادَّ فِي هَذَا إذْ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ بِخِلَافِ إذَا زَكَّاهَا زَكَاةَ الْخُلْطَةِ وَمَاشِيَةُ أَحَدِهِمَا أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ (وَاجْتَمَعَا بِمِلْكٍ) اُنْظُرْ هَذَا هِيَ الشَّرِكَةُ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الشَّرِيكَانِ كَالْخَلِيطَيْنِ وَلَا تَرَادَّ بَيْنَهُمَا (أَوْ بِمَنْفَعَةٍ فِي الْأَكْثَرِ) هَذِهِ هِيَ مَسْأَلَةُ الْخُلَطَاءِ.
قَالَ مَالِكٌ: مِمَّا يُوجِبُ الْخُلْطَةَ أَنْ يَكُونَ الرَّاعِي وَالْفَحْلُ وَالدَّلْوُ وَالْمُرَاحُ وَالْمَبِيتُ وَاحِدًا. ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْأَوْجُهُ كُلُّهَا وَانْخَرَمَ بَعْضُهَا لَمْ يُخْرِجْهُمْ ذَلِكَ مِنْ الْخُلْطَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَكُونُونَ خُلَطَاءَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا فِي جُلِّ ذَلِكَ (وَمُرَاحٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُرَاحِ أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكَ الرَّقَبَةِ لِجَمِيعِهِمْ أَوْ مَمْلُوكَ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مَوَاضِعَ كَثِيرَةً فَتَفْتَقِرُ إلَى أَنْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ إلَى جَمِيعِهَا.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْمَبِيتِ. الْمُرَاحُ هُوَ حَيْثُ تَجْتَمِعُ الْغَنَمُ لِلْقَائِلَةِ، وَقِيلَ حَيْثُ تَجْتَمِعُ لِلْمَبِيتِ. عِيَاضٌ: حَقِيقَةُ الْمُرَاحِ الْمَبِيتُ وَجَعَلَهُ فِيهَا مَرَّةً نَفْسَهُ وَمَرَّةً غَيْرَهُ (وَمَاءٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: الدَّلْوُ مُوجِبَاتُ الْخُلْطَةِ وَمَعْنَاهُ السَّقْيُ، وَمُقْتَضَى لَفْظِهِ أَنْ يَسْقِيَ الْجَمِيعَ بِدَلْوٍ وَاحِدٍ وَلَكِنْ أُلْحِقَ بِذَلِكَ الِاشْتِرَاكُ فِي الْمَاءِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ مَمْلُوكًا أَوْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ مُشْتَرَكَةً (وَمَبِيتٍ) الْبَاجِيُّ: مِنْ الْمَعَانِي الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْخُلْطَةِ الْمَبِيتُ (وَرَاعٍ بِإِذْنِهِمَا) الْبَاجِيُّ: إنْ كَانَ الَّذِي يَرْعَى الْغَنَمَ وَاحِدًا فَقَدْ حَصَلَتْ الْخُلْطَةُ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ رَاعٍ يَأْخُذُ أُجْرَتَهُ مِنْ مَالِكِهَا وَكَانُوا يَتَعَاوَنُونَ بِالنَّهَارِ عَلَى جَمِيعِهَا وَكَانَ ذَلِكَ بِإِذْنِ أَرْبَابِهَا لِكَثْرَةِ الْغَنَمِ وَاحْتِيَاجِهَا إلَى ذَلِكَ فَهِيَ أَيْضًا خُلْطَةٌ لِأَنَّ جَمِيعَهُمْ رُعَاةٌ لِجَمِيعِ الْمَاشِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْغَنَمُ مِنْ الْقِلَّةِ بِحَيْثُ يَقُومُ رَاعِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِمَاشِيَتِهِ دُونَ عَوْنِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى حِفْظِهَا مِنْ صِفَاتِ الْخُلْطَةِ، وَكَذَا إنْ كَانَ تَعَاوُنُهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ أَرْبَابِ الْمَاشِيَةِ فَلَيْسَتْ بِخُلْطَةٍ (وَفَحْلٍ بِرِفْقٍ) الْبَاجِيُّ: الْفَحْلُ الَّذِي يَضْرِبُ الْمَاشِيَةَ إنْ كَانَ وَاحِدًا فَهُوَ مِنْ
صِفَاتِ الْخُلْطَةِ، وَإِنْ كَانَ لِكُلِّ مَاشِيَةٍ فَحْلُهَا فَإِنْ كَانُوا جَمَعُوا الْمَاشِيَةَ لِضِرَابِ الْفُحُولَةِ كُلِّهَا فَهِيَ مِنْ صِفَاتِ الْخُلْطَةِ لِارْتِفَاقِهِمْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْفُحُولِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَصَرَ فَحْلَهُ عَلَى مَاشِيَتِهِ إلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا خَرَجَ عَنْهَا إلَى مَاشِيَةِ غَيْرِهِ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ مِنْ الْخُلْطَةِ لِأَنَّ الِارْتِفَاقَ بِذَلِكَ لَمْ يُقْصَدْ انْتَهَى.
وَانْظُرْ مِنْ صُوَرِ الْخُلْطَةِ أَنْ يَكُونَ فَحْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مَقْصُورًا عَلَى مَاشِيَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ قَوْلِهِ: " إنْ نَوَيْت "(وَرَاجَعَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ شَرِيكَهُ بِنِسْبَةِ عَدَدَيْهِمَا) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَسِنٍّ وَصِنْفٍ ".
(وَلَوْ انْفَرَدَ وَقْصٌ لِأَحَدِهِمَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ لِأَحَدِهِمَا تِسْعٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلِلْآخَرِ خَمْسٌ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ شَاةٌ، ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ: يَتَرَادَّانِ فِي الشَّاتَيْنِ لِلْخُلْطَةِ. ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَلَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا سِتَّةٌ وَلِلْآخَرِ تِسْعَةٌ فَلَا يَخْتَلِفُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا يَتَرَادَّانِ لِأَنَّ اجْتِمَاعَهُمَا أَوْجَبَ عَلَيْهِمَا ثَلَاثَ شِيَاهٍ بِالْقِيمَةِ. تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَسِنٍّ ". وَصَنَّفَ الْبَاجِيُّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّ أَحَدَ الْخَلِيطَيْنِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ مَا أَخَذَ مِنْهُ إنْ كَانَ شَاةٌ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الِاسْتِهْلَاكِ فَالْوَاجِبُ فِيهِ الْقِيمَةُ دُونَ الْعَيْنِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ. وَإِنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ جُزْءًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ اتِّفَاقًا
مِنْهُمَا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذِهِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَخْذِ. وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: هَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْأَخْذِ أَوْ يَوْمَ الْوَفَاءِ؟ قَوْلَانِ مَأْخَذُهُمَا أَنَّهُ كَالْمُسْتَهْلِكِ أَوْ كَالْمُتَسَلِّفِ (كَتَأَوُّلِ السَّاعِي الْأَخْذَ مِنْ نِصَابٍ لَهُمَا) سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَرْبَعَةِ نَفَرٍ خُلَطَاءَ بِأَرْبَعِينَ شَاةً لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ فَأَخَذَ السَّاعِي مِنْهَا شَاةً قَالَ: يَتَرَادُّونَهَا عَلَى عَدَدِ مَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ قُوِّمَتْ الشَّاةُ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ رَجَعَ الَّذِي أُخِذَتْ الشَّاةُ مِنْ غَنَمِهِ عَلَى كُلِّ وَحْدٍ مِنْ خُلَطَائِهِ بِدِرْهَمٍ دِرْهَمٍ وَلَا كَلَامَ فِي هَذَا الْوَجْهِ. فَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي شَاتَيْنِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِم: إنَّ الشَّاةَ الْوَاحِدَةَ تَكُونُ مَظْلِمَةً وَيَتَرَادَّانِ الشَّاةَ الْأُخْرَى بَيْنَهُمْ وَهَذَا بَيِّنٌ إنْ كَانَتْ الشَّاتَانِ مُسْتَوِيَتَيْنِ فِي الْقِيمَةِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ تَسْتَوِيَا فِي الْقِيمَةِ فَيَكُونُ نِصْفُ كُلِّ شَاةٍ مِنْهُمَا مَظْلِمَةً وَيَتَرَادَّانِ النِّصْفَيْنِ الْآخَرَيْنِ. (أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَزَادَ لِلْخُلْطَةِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مُرَاعَاةٌ لِقَوْلِ رَبِيعَةَ اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ:" مَلَكَا نِصَابًا "(لَا غَصْبًا) . ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا نِصَابٌ وَلِلْآخَرِ دُونَهُ فَخَالَفَ السَّاعِي وَأَخَذَ مِنْهُمَا بِتَأْوِيلٍ تَرَاجَعَا وَإِنْ قَصَدَ إلَى الْغَصْبِ فَتَكُونُ مُصِيبَةً مِمَّنْ أُخِذَ مِنْ نَعَمِهِ (أَوْ لَمْ يَكْمُلْ لَهُمَا نِصَابٌ) ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا اجْتَمَعَا وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابٌ وَالْمُجْتَمِعُ مِنْهُمَا أَيْضًا غَيْرُ نِصَابٍ فَأَخْذُ السَّاعِي غَصْبٌ مَحْضٌ تَكُونُ مُصِيبَتُهُ مِمَّنْ أُخِذَ مِنْ نَعَمِهِ.
(وَذُو ثَمَانِينَ خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا ذَوِي ثَمَانِينَ أَوْ بِنِصْفٍ فَقَطْ ذَا أَرْبَعِينَ كَالْخَلِيطِ الْوَاحِدِ عَلَيْهِ شَاةٌ وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفٌ
بِالْقِيمَةِ) اُنْظُرْ هَذَا هَلْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَعَلَى غَيْرِهِ نِصْفٌ هَذَا مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ؟ وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ: " أَمَّا ذُو ثَمَانِينَ خَالَطَ بِنِصْفَيْهَا ذَوِي ثَمَانِينَ " فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، لَمْ يُشْهِرْ اللَّخْمِيِّ وَلَا ابْنُ بَشِيرٍ مِنْهَا قَوْلًا وَهُوَ الَّذِي اخْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ خُلَطَاءُ.
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: فَيُزَكُّونِ شَاتَيْنِ وَاحِدَةٌ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ وَنِصْفُ نِصْفٍ عَلَى صَاحِبَيْهِ.
وَعَزَا ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ، وَعَزَاهُ ابْنُ يُونُسَ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: الَّذِي آخُذُ بِهِ أَنَّ صَاحِبَ الثَّمَانِينَ خَلِيطٌ لَهُمَا وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا خَلِيطًا لِصَاحِبِهِ فَيَقَعُ عَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ شَاةٌ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ ثُلُثُ شَاةٍ اهـ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ. وَنَصُّ الْعُتْبِيَّةِ قَالَ بَعْضُ الْمِصْرِيِّينَ: لَوْ أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَلِثَلَاثَةِ نَفَرٍ ثَلَاثُونَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ وَكَانَ خَلِيطًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَشَرَةٍ مِنْ إبِلِهِ، فَإِنَّ السَّاعِيَ يَبْدَأُ بِأَحَدِ الثَّلَاثَةِ نَفَرٌ يَقُولُ لَهُ إنَّ لَك عَشَرَةً مِنْ الْإِبِلِ وَلِفُلَانٍ صَاحِبِك مَعَك عَشَرَةٌ أُخْرَى هُوَ لَك خَلِيطٌ بِهَا فَهَذِهِ عِشْرُونَ، وَلَهُ عِنْدَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ عِشْرُونَ فَهَذِهِ أَرْبَعُونَ، فَلَا بُدَّ أَنْ أَجْمَعَهَا عَلَيْك كُلَّهَا فَأَعْرِفُ مَا يَصِيرُ عَلَيْك يَا صَاحِبَ الْعَشَرَةِ إذَا جَمَعْتهَا فَآخُذُهُ مِنْك فَأَرْبَعُونَ فِيهَا ابْنَةُ لَبُونٍ، وَعَلَيْك يَا صَاحِبَ الْعَشَرَةِ مِنْ ابْنَةِ اللَّبُونِ الَّتِي تَجِبُ فِي إبِلِك الرُّبْعُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَيَفْعَلُ مِثْلَ مَا فَعَلَ بِالْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ رُبْعَ قِيمَةِ ابْنَةِ اللَّبُونِ الَّتِي وَجَبَتْ عَلَيْهِمْ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى صَاحِبِ الثَّلَاثِينَ فَيَقُولُ إنَّ لَك ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ وَلِأَصْحَابِك ثَلَاثِينَ أُخْرَى فَأَنْتَ لَهُمْ بِإِبِلِك خَلِيطٌ فَلَا بُدَّ أَنْ أَحْسُبَ عَلَيْك مَا لِأَصْحَابِك فَأَعْرِفُ مَا يَصِيرُ عَلَيْك إذَا جَمَعْتهَا عَلَيْك كُلَّهَا وَآخُذُهُ مِنْك فَجَمِيعُ إبِلِكُمْ إذَا جَمَعْتهَا سِتُّونَ وَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْفَحْلِ. فَعَلَيْك يَا صَاحِبَ الثَّلَاثِينَ نِصْفُهَا فَهَاتِهَا.
وَإِنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ النِّصْفِ الَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَاعْرِفْ هَذَا فَإِنَّهُ بَابٌ حَسَنٌ
ابْنُ رُشْدٍ: مَعْنَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الَّذِي لَهُ ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ هُوَ خَلِيطٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ خُلَطَائِهِ بِعَشَرَةٍ عَشَرَةٍ وَلَيْسَ بَعْضُ خُلَطَائِهِ خَلِيطًا لِبَعْضٍ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ جَيِّدَةٌ حَسَنَةٌ كَمَا قَالَ جَارِيَةٌ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ ذِي ثَمَانِينَ خَالَطَ أَرْبَعِينَ مِنْهَا بِأَرْبَعِينَ لِغَيْرِهِ وَبَقِيَتْ الْأَرْبَعُونَ بِغَيْرِ خَلِيطٍ فَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: حَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْوَلِيدِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْبَعِينَ نِصْفَ شَاةٍ وَعَلَى صَاحِبِ الثَّمَانِينَ شَاةً كَامِلَةً انْتَهَى.
وَهَذَا النَّقْلُ مُوَافِقٌ لِمَا اخْتَصَرَ عَلَيْهِ خَلِيلٌ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ وَلَا اتَّفَقَ النَّقْلُ بِهِ عَنْ سَحْنُونٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَإِنَّمَا الْمَشْهُورُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ بِهِ الْفَتْوَى هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا: قَالَ مَالِكٌ: مَنْ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً وَلِخَلِيطِهِ مِثْلُهَا وَلَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ أَوْ بِبَلَدِهِ أَرْبَعُونَ لَا خَلِيطَ لَهُ فِيهَا. فَلْيَضُمَّ ذَلِكَ إلَى غَنَمِ الْخُلْطَةِ فَيَأْخُذُ السَّاعِي لِلْجَمِيعِ شَاةً ثُلُثَاهَا عَلَى رَبِّ الثَّمَانِينَ وَثُلُثُهَا عَلَى رَبِّ الْأَرْبَعِينَ. هَكَذَا يَتَرَاجَعَانِ فِي هَذَا الْوَجْهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيْنَا وَعَلَيْهِ جُلُّ أَصْحَابِنَا انْتَهَى.
وَانْظُرْ أَنْتَ لَفْظَ خَلِيلٍ وَالشَّيْءُ يُذْكَرُ بِالشَّيْءِ.
حَكَى ابْنُ خِلِّكَانَ عَنْ بَعْضِ النَّحْوِيِّينَ قَالَ: أَنَا لَا أَفْهَمُ الْمُقَدِّمَةَ فِي النَّحْوِ لِلْجُزُولِيِّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنِّي لَا أَعْرِفُ النَّحْوَ (بِالْقِيمَةِ) تَقَدَّمَ فِي
مَسْأَلَةِ الْعُتْبِيَّةِ إنَّمَا يَأْخُذُ قِيمَةَ النِّصْفِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ.
(وَخَرَجَ السَّاعِي وَلَوْ بِجَدْبٍ طُلُوعَ الثُّرَيَّا بِالْفَجْرِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْمُنْتَقَى قَالَ مَالِكٌ: سُنَّةُ السُّعَاةِ أَنْ يَبْعَثُوا قَبْلَ الصَّيْفِ وَحِين تَطْلُعَ الثُّرَيَّا مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ. ابْنُ عَرَفَةَ: تَعَقَّبَ هَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ مَلْزُومٌ لِإِسْقَاطٍ عَامٍّ بَعْدَ نَحْوِ ثَلَاثِينَ سَنَةً.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُرَدُّ هَذَا لِأَنَّ الْبَعْثَ حِينَئِذٍ لِمَصْلَحَةِ الْفَرِيقَيْنِ لَا لِأَنَّهُ حَوْلٌ لِكُلِّ النَّاسِ بَلْ كُلٌّ عَلَى حَوْلِهِ الْقَمَرِيِّ، فَاللَّازِمُ فِيمَنْ بَلَغَتْ أَحْوَالُهُ مِنْ الشَّمْسِيَّةِ مَا تَزِيدُ عَلَيْهِ الْقَمَرِيَّةُ حَوْلًا كَأَنَّهُ فِي الْعَامِ الزَّائِدِ كَمَنْ تَخَلَّفَ سَاعِيهِ لَا سُقُوطُهُ انْتَهَى. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ وَلَمْ يَأْتِهِ الْمُصَدِّقُ بَعْدَ الْحَوْلِ بِأَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهَا.
ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ بَاعَهَا بِعِشْرِينَ دِينَارًا كَانَ عَلَيْهِ نِصْفُ دِينَارٍ سَاعَتَئِذٍ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ. وَانْظُرْ هَذَا أَيْضًا مَعَ قَوْلِهِمْ إتْيَانُ السُّعَاةِ شَرْطٌ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَانْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَقَبْلَهُ يَسْتَقْبِلُهُ الْوَارِثُ " وَعِنْدَ قَوْلِهِ:
كَمُرُورِهِ بِهَا نَاقِصَةً " وَعِنْدَ قَوْلِهِ: " بِحَوْلٍ " وَعِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمَنْ هَرَبَ بِإِبْدَالِ مَاشِيَتِهِ ". (وَهُوَ شَرْطُ وُجُوبٍ إنْ كَانَ وَبَلَغَ) ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّ إتْيَانَ السُّعَاةِ إنْ كَانُوا شَرْطًا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سُعَاةٌ أَوْ كَانُوا وَلَكِنَّهُمْ لَا يَصِلُونَ إلَى قَوْمٍ فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ مَجِيئُهُ.
(وَقَبْلَهُ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ لَهُ مَاشِيَةٌ تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ فَمَاتَ بَعْدَ حَوْلِهَا قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي وَأَوْصَى بِزَكَاتِهَا فَهِيَ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرَ مُبْدَأَةٍ وَعَلَى الْوَرَثَةِ أَنْ يُفَرِّقُوهَا فِي الْمَسَاكِينِ الَّذِينَ تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ، وَلَيْسَ لِلسَّاعِي قَبْضُهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَجِبْ عَلَى الْمَيِّتِ وَكَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حَوْلِهَا إذْ حَوْلُهَا مَجِيءُ السَّاعِي بَعْدَ مُضِيِّ عَامٍ.
ابْنُ يُونُسَ: وَكَمَا لَوْ مَاتَتْ الْمَاشِيَةُ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ قُدُومِ السَّاعِي فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا فَكَذَلِكَ مَوْتُهُ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حَوْلِهَا. (وَلَا تُبَدَّأُ إنْ أَوْصَى بِهَا) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: هِيَ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرَ مُبَدَّأَةٍ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: إنَّمَا يَبْدَأُ فِي الثُّلُثِ مَا فَرَّطَ فِيهِ مِنْ زَكَاةِ الْعَيْنِ وَأَوْصَى بِهِ فَإِنَّهُ يُبْدَأُ عَلَى مَا سِوَاهُ مِنْ الْوَصَايَا مِنْ الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ فِي الْمَرَضِ وَغَيْرِهِ إلَّا الْمُدَبَّرَ فِي الصِّحَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ بِإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْعَيْنِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَرَثَةِ إخْرَاجُهَا إلَّا أَنْ يَشَاءُوا، وَلَوْ حَلَّ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ زَكَاةُ الْعَيْنِ وَأَتَاهُ مَالٌ غَائِبٌ فَأَمَرَ بِزَكَاتِهِ فَذَلِكَ فِي رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ لَمْ يُوصِ بِهَا أَمَرَ الْوَرَثَةَ بِذَلِكَ لَمْ يُجْبَرُوا.
ابْنُ يُونُسَ: مَا حَلَّ عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ قَدْ بَانَ صِدْقُهُ فِيهِ فَلِذَلِكَ
كَانَ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ بِخِلَافِ مَا فَرَّطَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ فِيهِ لَكِنْ قَوِيَ الْأَمْرُ فِيهِ وَجُعِلَ مُبْدَأً فِي الثُّلُثِ، وَلَوْ عُلِمَ صِدْقُهُ يَقِينًا لَكَانَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ. وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِنَا فِيمَنْ كَانَ بِبَلَدٍ لَا سُعَاةَ فِيهِ فَيَحِلُّ حَوْلُهُ ثُمَّ يَمُوتُ فَيُوصِي بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ أَنَّهَا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ لِأَنَّهُ سَاعِي نَفْسِهِ وَإِنْ لَمْ يُوصِ لَمْ يَلْزَمْ وَرَثَتَهُ إخْرَاجُهَا كَزَكَاةِ الْعَيْنِ تَحِلُّ فِي مَرَضِهِ وَهِيَ بِخِلَافِ زَكَاةِ الثِّمَارِ تَطِيبُ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَا يُوصِي بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهَا تِلْكَ فِي رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ انْتَهَى.
وَبِنَقْلِ هَذَا الْفَصْلِ هَكَذَا مَجْمُوعًا تَبَيَّنَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَسَائِلِهِ وَسَأُحِيلُ عَلَيْهِ حَيْثُ يَتَعَرَّضُ الْمُؤَلِّفُ لَهَا.
(وَلَا تُجْزِئُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ أَخْرَجَ زَكَاةَ. نَعَمِهِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَمْ تُجْزِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ مَرَّ بِهِ السَّاعِي وَفِي مَاشِيَتِهِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ صَدَقَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَلَا يُخْرِجُ أَحَدٌ زَكَاتَهُ حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمُصَدِّقُ. فَإِنْ أَتَاهُ فَقَالَ قَدْ أَدَّيْتهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَلْيَأْخُذْهُ بِهَا. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِمَنْعِ الزَّكَاةِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ فَلْيَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا إنْ خَفِيَ لَهُ ذَلِكَ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَهْرُبَ بِهَا عَنْهُمْ إنْ قَدَرَ، فَإِنْ خَافَ أَنْ يَأْتُوهُ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُخْفِيَهَا عَنْهُمْ فَلْيُؤَخِّرْ ذَلِكَ حَتَّى يَأْتُوهُ فَإِنْ أَخَذُوهَا مِنْهُ أَجْزَأَهُ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: تَفْرِيقُ الزَّكَاةِ الْمَاشِيَةِ وَالْعَيْنِ وَالْحَرْثِ إلَى أَئِمَّةِ الْعَدْلِ دُونَ أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ. فَإِنْ كَانَ قَوْمٌ لَيْسَ لَهُمْ إمَامٌ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ
كَانَ إنْفَاذُهَا إلَى أَصْحَابِ الْأَمْوَالِ وَإِنْ مَكَّنُوا مِنْهَا الْإِمَامَ إذَا كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إخْفَائِهَا عَنْهُ لَمْ تَجُزْ وَوَجَبَ إعَادَتُهَا (كَمُرُورِهِ بِهَا نَاقِصَةً ثُمَّ رَجَعَ وَقَدْ كَمَلَتْ) رَوَى مُحَمَّدٌ: لَوْ مَرَّ بِهِ السَّاعِي وَغَنَمُهُ دُونَ نِصَابٍ فَرَجَعَ فَوَجَدَهَا بَلَغَتْهُ بِوِلَادَةٍ لَا يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا وَلَا يَنْبَغِي لِلْمُصَدِّقِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: وَوَجْهُ هَذَا أَنَّهُ كَحُكْمِ حَاكِمٍ بِعَدَمِيٍّ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: اُخْتُلِفَ أَنَّ تَرْكَ الْقَاضِي الْحُكْمَ بِمَسْأَلَةِ كَرَأْيِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِفِقْهِهِ أَنَّهُ يَمْضِي حُكْمِهِ بِالتَّرْكِ فَإِنَّهُ حُكْمٌ صَحِيحٌ.
(فَإِنْ تَخَلَّفَ وَأُخْرِجَتْ أَجْزَأَ عَلَى الْمُخْتَارِ)
اللَّخْمِيِّ: إذَا تَخَلَّفَ السُّعَاةُ لِشُغْلٍ أَوْ أَمْرٍ لَمْ يَقْصِدُوا فِيهِ إلَى تَضْيِيعِ الزَّكَاةِ فَأَخْرَجَ رَجُلٌ زَكَاةَ مَاشِيَتِهِ فَالْأَحْسَنُ الْإِجْزَاءُ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ.
(وَإِلَّا عَمِلَ عَلَى الزَّيْدِ وَالنَّقْصِ لِلْمَاضِي بِتَبْدِئَةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُنَقِّصَ الْأَخْذُ النِّصَابَ أَوْ الصِّفَةَ فَيُعْتَبَرُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ السَّاعِي سِنِينَ ثُمَّ أَتَاهُ فَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ زَكَاةَ مَا وَجَدَ بِيَدِهِ لِمَاضِي السِّنِينَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُنَقِّصَ بِأَخْذِهِ عَنْ عَدَدِ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهَا لَوْ هَلَكَتْ فِي غَيْبَتِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا.
قَالَ: وَإِنْ غَابَ عَنْهُ السَّاعِي خَمْسَ سِنِينَ وَغَنَمُهُ فِيهَا أَلْفُ شَاةٍ ثُمَّ نَقَصَتْ فِي غَيْبَتِهِ بِبَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ فَوَجَدَهَا حِينَ أَتَى ثَلَاثَةً وَأَرْبَعِينَ شَاةً أَخَذَ مِنْهَا أَرْبَعَ شِيَاهٍ لِأَرْبَعِ سِنِينَ وَسَقَطَ عَنْ رَبِّهَا سَنَةٌ لِأَنَّهَا صَارَتْ بِأَخْذِهِ أَقَلَّ مِمَّا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَإِنْ وَجَدَهَا قَدْ رَجَعَتْ إلَى مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُصَدِّقِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَتْ غَنَمُهُ فِي أَوَّلِ عَامٍ غَابَ عَنْهُ السَّاعِي وَفِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ أَرْبَعِينَ شَاةً ثُمَّ صَارَتْ فِي الْعَامِ الْخَامِسِ أَلْفًا فَلْيُزَكِّ هَذِهِ الْأَلْفَ لِلسِّنِينَ الْمَاضِيَةِ كُلِّهَا وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى يَوْمِ أَفَادَهَا، وَكَذَلِكَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ إذَا كَانَتْ فِي أَوَّلِ سَنَةٍ غَابَ
عَنْهَا نِصَابًا عَرَفَ عَدَدَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِذَا غَابَ عَنْ أَرْبَعِينَ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ صَارَتْ فِي الْعَامِ الْخَامِسِ أَلْفَ شَاةٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ لِأَوَّلِ سَنَةٍ عَشْرَ شِيَاهٍ وَعَنْ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ تِسْعًا تِسْعًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ: وَانْظُرْ قَوْلَهُ: " أَوْ الصِّفَةَ ". قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا غَابَ السَّاعِي عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ أَتَى فَلْيَأْخُذْ عَنْ السَّنَةِ الْأُولَى بِنْتَ مَخَاضٍ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ وَسَوَاءٌ أَخَذَ بِنْتَ الْمَخَاضِ مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ بِنْتُ مَخَاضٍ وَفِي بَاقِي السِّنِينَ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ أَرْبَعُ شِيَاهٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ غَابَ عَنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ خَمْسَ سِنِينَ أَخَذَ مِنْهَا عَشْرَ حِقَاقٍ وَلَوْ كَانَتْ إحْدَى وَتِسْعِينَ أَخَذَ حِقَّتَيْنِ وَثَمَانِ بَنَاتِ لَبُونٍ.
(كَتَخَلُّفِهِ مِنْ أَقَلَّ فَكَمُلَ وَصُدِّقَ) قَالَ مُحَمَّدٌ: وَلَوْ تَخَلَّفَ عَنْ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً فَنَمَتْ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ بِوِلَادَتِهَا فَلَا يَأْخُذُهُ السَّاعِي إلَّا بِشَاةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَنَاسَلَتْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَأْخُذْهُ إلَّا بِزَكَاةِ عَامِهِ. هَذَا حَتَّى لَوْ غَابَ عَنْ
نِصَابٍ ثُمَّ نَقَصَتْ عَنْ النِّصَابِ ثُمَّ نَمَتْ قَبْلَ مَجِيئِهِ بِوِلَادَتِهَا أَوْ بِبَدَلِ قَلِيلٍ بِكَثِيرٍ فَصَارَتْ أَلْفًا وَقَدْ غَابَ خَمْسَ سِنِينَ لَزَكَّاهَا عَمَّا يَجِدُ لِكُلِّ سَنَةٍ غَابَ فِيهَا، وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ رَبِّ الْغَنَمِ بِلَا يَمِينٍ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ غَابَ مِنْ أَقَلَّ مِنْ نِصَابٍ فَصَارَتْ أَلْفًا بِفَائِدَةٍ زَكَّاهَا عَلَى حَوْلِ الْفَائِدَةِ، وَإِنْ زَادَتْ بِوِلَادَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: يُزَكِّيهَا مِنْ يَوْمِ تَمَّتْ نِصَابًا إلَى يَوْمِ يَأْتِيهِ السَّاعِي.
وَقَالَ أَشْهَبُ: يُزَكِّي مَا وَجَدَ بِيَدِهِ لِلسِّنِينَ كُلِّهَا. رَاجِعْ ابْنَ يُونُسَ فَكَلَامٌ فِيهِ أَطْوَلُ.
(لَا إنْ نَقَصَتْ هَارِبًا وَإِنْ زَادَتْ لَهُ فَلِكُلٍّ مَا فِيهِ) ابْنُ شَاسٍ: الْهَارِبُ عَنْ السُّعَاةِ يُزَكِّي لِكُلِّ عَامٍ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ زَادَتْ عَلَى عَدَدِ الْعَامِ الْحَاضِرِ أَوْ نَقَصَتْ عَنْهُ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إذَا زَادَتْ فَهُوَ كَمَنْ غَابَ عَنْهُ السُّعَاةُ لَا يَكُونُ أَحْسَنَ حَالًا مِنْهُ الْبَاجِيُّ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِنَا إلَّا أَشْهَبَ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ لِلزَّكَاةِ بِتَعَدِّيهِ فَيَضْمَنُ فِي كُلِّ عَامٍ عَلَى حَسَبِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (بِتَبْدِئَةِ الْأَوَّلِ) ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الْحِسَابَ مِنْ أَوَّلِ سَنَةٍ فَيُؤَثِّرُ
الْمَأْخُوذُ فِي زَكَاةِ مَا بَعْدَهُ سُقُوطَ قَدْرٍ أَوْ سِنٍّ.
ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ كَانَ مِنْ نَوْعِ مَا بَعْدَهُ. اللَّخْمِيِّ: إنْ هَرَبَ بِمَاشِيَتِهِ وَهِيَ أَرْبَعُونَ شَاةً خَمْسَ سِنِينَ ثُمَّ جَاءَ السَّاعِي وَهِيَ بِحَالِهَا لَمْ تَزِدْ وَلَمْ تَنْقُصْ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُؤْخَذُ مِنْهَا شَاةٌ خَاصَّةً لِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ بِأَوَّلِ عَامٍ وَالْبَاقِي تِسْعَةٌ وَثَلَاثُونَ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا. اللَّخْمِيِّ: وَهَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّ الشَّاةَ الَّتِي كَانَ الْحُكْمُ أَنْ تُؤْخَذَ أَوَّلَ عَامٍ مَوْجُودَةٌ وَهِيَ الَّتِي غُصِبَتْ وَلَا تَكُونُ فِي الذِّمَّةِ إلَّا بِالتَّلَفِ. اللَّخْمِيِّ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَبْتَدِئُ بِآخِرِ عَامٍ فَتُؤْخَذُ مِنْ الْأَرْبَعِينَ خَمْسُ شِيَاهٍ.
ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ كُلِّ سَنَةٍ مَا كَانَ فِيهَا وَلَا يُبَالِي بِالسَّنَةِ بَدَأَ بِالْأُولَى أَوْ بِالْآخِرَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُخَلَّدٌ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يُسْقِطُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاةَ شَيْءٍ مِمَّا وَجَبَ بِيَدِهِ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً يَبْتَدِئُ بِأَوَّلِ سَنَةٍ وَقَالَ مَرَّةً بِآخِرِ عَامٍ انْتَهَى. فَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ الْبُدَاءَةَ بِأَوَّلِ عَامٍ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ. ابْنُ بَشِيرٍ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافُ مُخْتَارِ ابْنِ يُونُسَ وَرِوَايَةِ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلِ أَصْبَغَ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَعَبْدِ الْحَكَمِ وَأَشْهَبَ. (وَهَلْ يُصَدَّقُ قَوْلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ فَرَّ بِأَكْثَر مِمَّا
وُجِدَ لَهُ لَمْ يُصَدَّقْ فِي نَقْصِهِ بِغَيْرِ عَامِ بُلُوغِهِ.
ابْنُ بَشِيرٍ: لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ فِي الْهُرُوبِ. وَقَوْلُهُ غَيْرُ مَوْثُوقٍ بِهِ وَالْأَصْلُ الْكَمَالُ. وَإِنْ فَرَّ بِأَرْبَعِينَ ثُمَّ انْثَنَى بِأَلْفٍ فَقَالَ إنَّمَا اسْتَفَدْتهَا قَرِيبًا فَهَلْ يُصَدَّقُ تَعْوِيلًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَوْ لَا يُصَدَّقُ تَعْوِيلًا عَلَى مَا وُجِدَ فِي يَدِهِ الْآنَ؟ فِي الْمَذْهَبِ قَوْلَانِ انْتَهَى. اُنْظُرْ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ قَالَهُ سَحْنُونَ قَالَ: يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ تَثْبُتُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ فِسْقُهُ بِاَلَّذِي يَمْضِي عَلَيْهِ الدَّعَاوَى دُونَ بَيِّنَةٍ. اللَّخْمِيِّ: وَهَذَا حَسَنٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ: لَا يُصَدَّقُ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ صَدَقَةُ سَائِرِ الْأَعْوَامِ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآنَ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ كَذِبُهُ وَتَبَيَّنَ فِرَارُهُ عَنْ الزَّكَاةِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ بِقَوْلِهِ.
(وَإِنْ سَأَلَ فَنَقَصَتْ أَوْ زَادَتْ فَالْمَوْجُودُ) ابْنُ يُونُسَ: لَوْ نَزَلَ بِهِ السَّاعِي مَعَ الْمَسَاءِ فَسَأَلَهُ عَنْ غَنَمِهِ فَقَالَ مِائَتَيْنِ فَقَالَ غَدًا آخُذُ مِنْك شَاتَيْنِ. ثُمَّ نُتِجَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ وَاحِدَةٌ وَكَانَتْ مِائَتَا شَاةٍ وَشَاةٍ فَمَاتَتْ وَاحِدَةٌ فَلَا يُنْظَرُ إلَّا إلَى عِدَّتِهَا عِنْدَ وُقُوفِهِ عَلَيْهَا لِعَدَدِهَا وَالْأَخْذِ مِنْهَا لَا قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَعَزَاهُ اللَّخْمِيِّ لِمَالِكٍ ثُمَّ قَالَ: فَأَسْقَطَ عَنْهُ زَكَاةَ مَا هَلَكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَدَّقَهُ فِي الْعَدَدِ لِأَنَّ كُلَّ مَا هَلَكَ مِنْ الْمَالِ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ تَسْقُطُ زَكَاتُهُ.
وَكَذَلِكَ لَوْ عَدَّ عَلَيْهِ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى هَلَكَ بَعْضُهَا سَقَطَتْ زَكَاتُهَا وَزَكَّى عَنْ الْبَاقِي، وَتَصْدِيقُهُ وَعَدَدُهُ سَوَاءٌ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الزَّكَاةُ مِنْ عَيْنِ تِلْكَ الْمَاشِيَةِ، وَلَوْ كَانَتْ إبِلًا فَسَأَلَهُ عَنْ عَدَدِهَا فَقَالَ عِشْرُونَ فَصَدَّقَهُ وَقَالَ نُصْبِحُ وَنَأْخُذُ أَرْبَعَ شِيَاهٍ فَأَصْبَحَ وَقَدْ هَلَكَتْ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ زَكَاتُهَا لِأَنَّهُ سَلَّمَ ذَلِكَ إلَيْهِ لِيَأْخُذَ الزَّكَاةَ فِي الذِّمَّةِ (إنْ لَمْ يُصَدَّقْ أَوْ صَدَقَ وَنَقَصَتْ
وَفِي الزَّيْدِ تَرَدُّدٌ) تَقَدَّمَتْ عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ وَطَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ وَعَبَّرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ذَلِكَ بِمَا نَصُّهُ: خَبَرُ رَبِّهَا عَنْ قَدْرِهَا إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ لَغْوٌ. الْأَكْثَرُ: وَكَذَا أَيْضًا إنْ صَدَّقَهُ. اللَّخْمِيِّ: إلَّا فِي الشَّنَقِ وَفِي الزِّيَادَةِ طَرِيقَانِ انْتَهَى.
وَالشَّنَقُ مِنْ الْإِبِلِ مَا لَا يُؤَدَّى فِيهِ إلَّا الْغَنَمَ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ بَعِيرًا فَدُونَ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَتْ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَلَيْسَتْ بِشَنَقٍ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ مَرَّ بِهِ السَّاعِي فَيَسْأَلُهُ عَمَّا عِنْدَهُ ثُمَّ يُصْبِحُ فَيَعُدُّ عَلَيْهِ فَيَجِدُ بَعْضَهَا قَدْ مَاتَ فَالْمَنْصُوصُ أَنَّهُ يَحْتَسِبُ بِمَا يَجِدُ لَا بِمَا أَخْبَرَهُ. فَإِنْ وَجَدَهَا قَدْ زَادَتْ بِوِلَادَةٍ