الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَكَفَتْ نِيَّةٌ لِمَا يَجِبُ تَتَابُعُهُ ".
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّ مَنْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ قَدِمَ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَأْنِفَ التَّبْيِيتَ، وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ تَحِيضُ ثُمَّ تَطْهُرُ، وَالرَّجُلُ يَمْرَضُ ثُمَّ يُفِيقُ، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُعْتَكِفَةِ: إذَا خَرَجَتْ لِلْحَيْضَةِ ثُمَّ طَهُرَتْ نَهَارًا فَلَا تَعْتَدُّ بِيَوْمٍ تَطْهُرُ فِيهِ وَلَكِنْ تَرْجِعُ إلَى الْمَسْجِدِ إلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَتَنْوِيَ الصِّيَامَ وَتَدْخُلَ حِينَ تُصْبِحَ فَيَجْزِيهَا.
فَقَوْلُهُ: " وَتَنْوِي الصِّيَامَ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ مَنْ مَرِضَ ثُمَّ أَفَاقَ أَنْ يَسْتَأْنِفَ التَّبْيِيتَ.
[شُرُوطُ وُجُوبِ الصِّيَامِ وَصِحَّةِ فِعْلِهِ]
(وَبِنَقَاءٍ) ابْنُ رُشْدٍ: مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الصِّيَامِ وَصِحَّةِ فِعْلِهِ الطَّهَارَةُ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِأَنَّ الصِّيَامَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمَا وَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا لَكِنْ الْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا. (وَوَجَبَ إنْ طَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ حَاضَتْ امْرَأَةٌ وَطَهُرَتْ فِي رَمَضَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ أَوْ آخِرَهُ فَلْتُفْطِرْ بَقِيَّةَ يَوْمِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ رَأَتْ الطُّهْرَ بَعْدَ الْفَجْرِ، وَأَمَّا إنْ رَأَتْهُ قَبْلَ الْفَجْرِ اغْتَسَلَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ وَأَجْزَأَهَا صَوْمُهَا (وَإِنْ لَحْظَةً) ابْنُ يُونُسَ: الظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فَرَاغُهَا مِنْ الْغُسْلِ فِي الصَّوْمِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ الصَّوْمَ يَصِحُّ بِغَيْرِ غُسْلٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ الْفَرَاغِ مِنْهُ بَلْ بِارْتِفَاعِ الْحَيْضِ يَصِيرُ حُكْمُهَا حُكْمَ الْجُنُبِ (وَمَعَ الْقَضَاءِ إنْ شَكَّتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ اسْتَيْقَظَتْ بَعْدَ الْفَجْرِ فَشَكَّتْ أَطَهُرَتْ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ بَعْدَهُ، فَلْتَصُمْ يَوْمَهَا ذَلِكَ وَتَقْضِيهِ إذْ لَا يَزُولُ فَرْضٌ بِغَيْرِ يَقِينٍ، فَأَمَرْتهَا بِالْقَضَاءِ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ طُهْرُهَا بَعْدَ الْفَجْرِ، وَأَمَرْتهَا بِالصَّوْمِ خَوْفَ أَنْ يَكُونَ طُهْرُهَا قَبْلَ الْفَجْرِ انْتَهَى. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِمَنْ طَهُرَتْ أَنْ تُجَدِّدَ النِّيَّةَ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِذَا رَأَتْ الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبِهَا دَمَ حَيْضٍ فِي رَمَضَانَ لَا
تَدْرِي مَتَى أَصَابَهَا وَصَلَّتْ أَيَّامًا كَذَلِكَ فَلْتَتَطَهَّرْ وَتَقْضِي يَوْمًا وَاحِدًا مِنْ الصَّوْمِ وَتُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَحْدَثِ لِبْسَةٍ لَبِسَتْهُ. هَذَا إنْ كَانَتْ تَنْزِعُهُ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَنْزِعُهُ فَتُعِيدُ الصَّلَاةَ مِنْ أَوَّلِ مَا لَبِسَتْهُ. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَبِشَكٍّ فِي حَدَثٍ ".
(وَبِعَقْلٍ) ابْنُ رُشْدٍ: مِنْ شُرُوطِ الصِّيَامِ وَصِحَّةِ فِعْلِهِ الْعَقْلُ (وَإِنْ جُنَّ وَلَوْ سِنِينَ كَثِيرَةً أَوْ أُغْمِيَ يَوْمًا أَوْ جُلَّهُ أَوْ أَقَلَّهُ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فَالْقَضَاءُ) أَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ جُنَّ سِنِينَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَلَغَ وَهُوَ مَجْنُونٌ مُطْبَقٌ فَمَكَثَ سِنِينَ ثُمَّ أَفَاقَ فَلْيَقْضِ صَوْمَ تِلْكَ السِّنِينَ وَلَا يَقْضِي الصَّلَاةَ كَالْحَائِضِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْقَوْلُ، فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ كَالْقَوْلِ فِي الْمَجْنُونِ وَهُوَ بِخِلَافِ النَّائِمِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ لَيْلًا فِي رَمَضَانَ وَقَدْ نَوَى صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَمْ يُفِقْ إلَّا عِنْدَ الْمَسَاءِ وَبَعْدَمَا أَضْحَى لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيَقْضِيهِ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ جُلَّ الْيَوْمِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَأَفَاقَ عِنْدَ الْغُرُوبِ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ لِأَنَّهُ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ النَّهَارِ. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ الْيَوْمِ وَلَمْ يَسْلَمْ أَوَّلَهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ نَوَى صَوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلَمْ يُفِقْ إلَّا بَعْدَمَا أَضْحَى لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَلَمْ يُفِقْ إلَّا بَعْدَهُ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ بِخِلَافِ النَّائِمِ لَوْ نَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَانْتَبَهَ قَبْلَ الْغُرُوبِ أَجْزَأَهُ صَوْمُهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْإِغْمَاءُ لِمَرَضٍ بِهِ لَمْ يُجْزِهِ صَوْمُهُ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ الْمُغْمَى عَلَيْهِ غَيْرُ مُكَلَّفٍ فَلَمْ تَصْلُحْ لَهُ نِيَّةٌ وَالنَّائِمُ مُكَلَّفٌ لَوْ نُبِّهَ انْتَبَهَ (لَا إنْ سَلِمَ وَلَوْ نِصْفَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ أَصْبَحَ وَنِيَّتُهُ الصَّوْمُ فَأَفَاقَ نِصْفَ النَّهَارِ وَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَقَدْ مَضَى أَكْثَرُ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ صَوْمُ ذَلِكَ الْيَوْمِ.
(وَبِتَرْكِ جِمَاعٍ
وَإِخْرَاجِ مَنِيٍّ وَمَذْيٍ وَقَيْءٍ) أَمَّا مَسْأَلَةُ الْجِمَاعِ وَإِخْرَاجِ الْمَنِيِّ فَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا خِلَافَ أَنَّ الْجِمَاعَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ اسْتِدْعَاءِ الْمَنِيِّ مُحَرَّمٌ فِي الصَّوْمِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: يَجِبُ الْإِمْسَاكُ عَنْ الْجِمَاعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إنْزَالٌ أَوْ عَنْ الْإِنْزَالِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِمَاعٌ كَاَلَّذِي يَسْتَمْتِعُ خَارِجَ الْفَرْجِ وَلَا يَفْسُدُ بِالْإِنْزَالِ عَنْ الِاحْتِلَامِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمَذْيِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْمَذْيُ عَنْ تَذَكُّرٍ أَوْ نَظَرٍ دُونَ قَصْدِ اللَّذَّةِ إنْ تُوبِعَ نَاقِضٌ، وَأَمَّا إنْ نَظَرَ عَلَى غَيْرِ قَصْدٍ أَوْ تَذَكَّرَ فَأَمْذَى دُونَ أَنْ يُتَابِعَ النَّظَرَ أَوْ التَّذَكُّرَ فَقِيلَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَسَمِعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي النَّظَرِ وَالتَّذَكُّرِ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: إنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُتَابِعَ ذَلِكَ وَهَذَا الْقَوْلُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي التَّذَكُّرِ وَالنَّظَرُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الْمَذْيَ لَا يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَدْ قَالَ الْبَغْدَادِيُّونَ: إنَّ الْقَضَاءَ عَلَى مَنْ قَبَّلَ أَوْ أَمْذَى فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ إنَّمَا هُوَ اسْتِحْبَابٌ. اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمُقَدِّمَاتِ جِمَاعٍ ". وَأَمَّا مَسْأَلَةُ إخْرَاجِ الْقَيْءِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فِي رَمَضَانَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَقَيَّأَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْفَرِيضَةُ وَالنَّافِلَةُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ. ابْنُ يُونُسَ: عَلَّلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا هَذَا بِأَنَّ الَّذِي ذَرَعَهُ الْقَيْءُ يَأْمَنُ أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ مِنْهُ إلَى حَلْقِهِ لِأَنَّهُ يَنْدَفِعُ انْدِفَاعًا وَلِأَنَّهُ لَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ الِاحْتِلَامَ بِخِلَافِ