الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ لَمْ يُعَوَّلْ عَلَى خَبَرِهِ أَخَذَ بِمَا يَجِدُ عِنْدَ الْعَدَدِ، وَإِنْ عُوِّلَ عَلَيْهِ وَوَثِقَ فَهَاهُنَا لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ يُنْظَرُ إلَى مَا عُوِّلَ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى خَبَرِهِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَقْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَلَا يُلْتَفَتُ فِيهَا إلَّا إلَى الْمَوْجُودِ لَا إلَى خَبَرِ الْمَالِكِ.
وَالثَّانِي أَنَّهُ إنْ كَانَ وَاثِقًا بِقَوْلِهِ وَصِدْقِهِ فَقَالَ صَارَ حُكْمًا.
قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِصَاحِبِ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَنْزِلَ السُّعَاةُ عِنْدَهُ وَلَا يُعِيرُهُمْ دَوَابَّهُ يُرِيدُ خُفْيَةِ الْمُتَّهَمَةِ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ. وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمَعٍ» الْحَدِيثَ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا: هَلْ مَحْمَلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ؟ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.
وَفِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ.
وَلَوْ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْحَجَّ أَوْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ لِسُقُوطِ الصَّوْمِ عَنْهُ أَوْ أَخَّرَ صَلَاةَ حَضَرٍ عَنْ وَقْتِهَا لِيُصَلِّيَهَا فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَخَّرَتْ امْرَأَةٌ صَلَاةً بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا رَجَاءَ أَنْ تَحِيضَ فَحَاضَتْ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، فَجَمِيعُ هَذَا مَكْرُوهٌ وَلَا يَجِبُ عَلَى هَذَا فِي السَّفَرِ صِيَامٌ وَلَا أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا وَلَا عَلَى الْحَائِضِ قَضَاؤُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: احْتِجَاجُ اللَّخْمِيِّ بِهَذِهِ الْفُرُوعِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى النَّدْبِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ فِي الْحَجِّ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَالتَّأْخِيرُ وَالسَّفَرُ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُمَا وَالتَّفْرِيقُ وَالِاجْتِمَاعُ مَنْهِيٍّ عَنْهُمَا (وَأُخِذَ الْخَوَارِجُ بِالْمَاضِي إلَّا أَنْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا) اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ فِي خَوَارِجَ غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ ثُمَّ ظُفِرَ بِهِمْ قَالَ: تُؤْخَذُ زَكَوَاتُ تِلْكَ السِّنِينَ.
فَإِنْ قَالُوا أَدَّيْنَا فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ لَمْ يُصَدَّقُوا إذَا كَانَ امْتِنَاعُهُمْ لِئَلَّا يُؤَدُّوهَا، وَإِنْ كَانَ امْتِنَاعُهُمْ لِغَيْرِ ذَلِكَ صُدِّقُوا. ابْنُ يُونُسَ: وَرَوَى مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ قَوْمٌ غَلَبُوا عَلَى الْبِلَادِ فَأَخَذُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِمْ السُّلْطَانُ وَأَخْرَجَهُمْ عَنْهَا فَلَا يَأْخُذُ مِنْ النَّاسِ الزَّكَاةَ ثَانِيَةً وَهُوَ مِثْلُ الْخَوَارِجِ. وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رضي الله عنه يَرْفَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى الْمَدِينَةِ.
ابْنُ شَاسٍ.
[زَكَاةُ الْمُعَشَّرَاتِ]
النَّوْعُ الثَّانِي زَكَاةُ الْمُعَشَّرَاتِ (وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ) ابْنُ عَرَفَةَ: النِّصَابُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَمَا زَادَ مِثْلُهُ وَهُوَ مِنْ
عِنَبِ بَلَدِنَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ قِنْطَارًا تُونِسِيًّا لِأَنَّهَا يَابِسَةٌ اثْنَا عَشَرَ. ابْنُ يُونُسَ: تَجِبُ الزَّكَاةُ مِنْ أَوْسَطِ أَعْنَابِ بَلَدِنَا مِنْ ثَلَاثِمِائَةِ رِطْلٍ بِالْكَبِيرِ وَالثَّلَاثُمِائَةِ رِطْلٍ إذَا زُبِّبَتْ رَجَعَتْ سِتِّينَ رِطْلًا وَالسِّتُّونَ رِطْلًا فِيهَا أَلْفٌ وَمِائَتَا رِطْلٍ بِالصَّغِيرِ وَالرِّطْلُ الصَّغِيرُ فِي كَيْلِهِ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
الْقَبَّابُ: الصَّاعُ هُوَ كَيْلُ مَدِينَةِ فَاسَ فِي وَقْتِنَا هَذَا. وَرَأَيْت لِلشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيِّ رضي الله عنه أَنَّ الصَّاعَ هُوَ مُدٌّ مَمْسُوحٌ مِنْ أَمْدَادِ غَرْنَاطَةَ قَالَ: أَوْ يَغْرِفُ الْإِنْسَانُ أَرْبَعَ حَفَنَاتٍ بِكِلْتَا يَدَيْهِ.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ: اُخْتُلِفَ بِمَ يَكُونُ التَّقْدِيرُ؟ فَقِيلَ بِالْمَاءِ وَقِيلَ بِالْوَسَطِ مِنْ الْبُرِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الصَّاعُ أَرْبَعَةُ أَمْدَادٍ، وَالْمُدُّ اثْنَا عَشَرَ أُوقِيَّةً، وَالْأُوقِيَّةُ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَثُلُثَانِ وَزِنَةُ الدِّرْهَمِ خَمْسُونَ حَبَّةَ شَعِيرٍ وَخُمُسَانِ (وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) مِنْ
الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً فَزَرَعَهَا فَزَكَاةُ مَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ عَلَى الْمُكْتَرِي وَلَا يَضَعُ الْخَرَاجُ الَّذِي عَلَى الْأَرْضِ زَكَاةَ مَا خَرَجَ مِنْهَا عَنْ الزَّارِعِ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ الْخَرَاجَ كِرَاءٌ (أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةِ رِطْلٍ وَالرِّطْلُ مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا كُلُّ دِرْهَمٍ خَمْسُونَ
وَخُمُسَا حَبَّةٍ مِنْ مُطْلَقِ الشَّعِيرِ) اُنْظُرْ أَنْتَ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ (مِنْ حَبٍّ أَوْ تَمْرٍ فَقَطْ) ابْنُ عَرَفَةَ: مُتَعَلِّقُ الزَّكَاةِ مِنْ النَّبَاتِ أَجْنَاسٌ حَبٌّ غَيْرُ ذِي زَيْتٍ وَحَبٌّ ذُو زَيْتٍ وَثَمَرُ شَجَرِ التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَفِي غَيْرِهِمَا ثَالِثُهَا التِّينُ.
أَبُو عُمَرَ: لَا زَكَاةَ فِي شَيْءٍ مِنْ الثِّمَارِ غَيْرُ النَّخِيلِ وَالْعِنَبِ دُونَ مَا سِوَاهُمَا مِنْ الرُّمَّانِ وَالتِّينِ وَاللَّوْزِ وَسَائِرُ ثِمَارِ الْفَوَاكِهِ غَيْرُهَا إذَا كَانَتْ لَا تُدَّخَرُ لِلْقُوتِ غَالِبًا، وَأَمَّا مَا اُدُّخِرَ مِنْهَا غَالِبًا لِلْقُوتِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْبَغْدَادِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمَالِكَيْنِ وَهُوَ تَحْصِيلُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عِنْدَهُمْ. فَعَلَى هَذَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي التِّينِ الْيَابِسِ لِأَنَّهُ مُقْتَاتٌ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَيُدَّخَرُ دَائِمًا، وَكَانَ ابْنُ حَبِيبٍ يَذْهَبُ إلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي التِّينِ. ابْنُ الْقَصَّارِ: تَرَجَّحَ مَالِكٌ فِي التِّينِ وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ عَلَى بَلَدِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يُجْلَبُ إلَيْهِ، أَمَّا بِالشَّامِ وَالْأَنْدَلُسِ فَفِي التِّينِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ يُقْتَاتُ غَالِبًا. اللَّخْمِيِّ: مَعْلُومٌ أَنَّ الِاسْتِعْمَالَ لِلتِّينِ وَالِاقْتِيَاتَ أَكْثَرُ مِنْ الزَّبِيبِ وَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ أَنَّ الزَّكَاةَ تَجِبُ فِي الزَّبِيبِ وَذَلِكَ فِي التِّينِ أَبْيَنُ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى نَفْيِهَا فِي اللَّوْزِ وَالتُّفَّاحِ وَشَبَهِهِمَا. ابْنُ زَرْقُونٍ: لَعَلَّهُ لَمْ يَعْرِفْ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا رِوَايَةَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَوْلَ الْقَاضِي وَأَوْجَبَهَا ابْنُ وَهْبٍ فِي الْعَسَلِ، فَقَوْلُ سَنَدٍ لَمْ يَخْتَلِفْ الْمَذْهَبُ فِي سُقُوطِهَا فِي الْعَسَلِ قُصُورٌ. (مُنَقَّى) ابْنُ رُشْدٍ: تَجِبُ زَكَاةُ الزَّرْعِ حَبًّا مُصَفًّى.
وَقَالَ الْقَرَافِيُّ: الْعَلَسُ يُخَزَّنُ فِي قِشْرِهِ كَالْأَرُزِّ فَلَا يُزَادُ فِي النِّصَابِ لِأَجْلِ قِشْرِهِ، وَكَذَلِكَ الْأَرُزُّ قِيَاسًا عَلَى نَوَى التَّمْرِ وَقِشْرِ الْفُولِ الْأَسْفَلِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ.
(مُقَدَّرَ الْجَفَافِ) أَبُو عُمَرَ: لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي التَّمْرِ وَالْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ وَلَا فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ التِّينِ عِنْدَ مَنْ أَوْجَبَهَا مِنْ
الْمَالِكِيِّينَ حَتَّى يَبْلُغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَعْدَ الْجُفُوفِ وَالْحَالِ الَّتِي يَبْقَى عَلَيْهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ انْتَهَى. اُنْظُرْ تَصْرِيحَهُ بِالزَّيْتُونِ مِثْلُهُ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ إلَى الزَّيْتُونِ فِي وَقْتِ رَفْعِهِ حَتَّى يَجِفَّ وَيَتَنَاهَى فِي حَالِ جَفَافِهِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ بَعْدَ التَّجْفِيفِ فَفِيهِ الزَّكَاةُ. وَهَذَا كُلُّهُ خِلَافُ مَا عَزَا اللَّخْمِيُّ لِلْمَذْهَبِ، وَانْظُرْ أَيْضًا بِمَ يُقَدَّرُ الزَّيْتُونُ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ بِأَنَّ التَّقْدِيرَ فِي الزَّبِيبِ يَكُونُ بِالْوَزْنِ وَالْمَنْصُوصُ فِي الزَّيْتُونِ أَنَّهُ يَكُونُ بِالْكَيْلِ حَسْبَمَا يَتَقَرَّرُ.
(وَإِنْ لَمْ يَجِفَّ) قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ رُطَبُ هَذَا النَّخْلِ لَا يَكُونُ تَمْرًا وَلَا هَذَا الْعِنَبِ زَبِيبًا فَلْيَخْرِصْ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِيهِ مُمْكِنًا، فَإِنْ صَحَّ فِي التَّقْدِيرِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ ثَمَنِهِ كَانَ ثَمَنُ ذَلِكَ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِينَارًا أَوْ أَكْثَرَ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ زَبِيبًا. الْبَاجِيُّ: وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْعِنَبَ لَا يَخْرُجُ فِي الزَّكَاةِ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ إخْرَاجُ الزَّكَاةِ مِنْ الْحَدِيقَةِ لِتَعَذُّرِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ صَاحِبِهَا وَجَبَ بَدَلُهَا وَهُوَ الْقِيمَةُ أَوْ الثَّمَنُ إنْ بَاعَ انْتَهَى. اُنْظُرْ
قَوْلُ الْبَاجِيِّ إنَّ الْعِنَبَ لَا يُخْرَجُ مَعَ مَا يَأْتِي لِابْنِ رُشْدٍ.
(نِصْفُ عُشْرِهِ) هَذَا هُوَ الْمُخْبَرُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: " وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ " قَالَ مَالِكٌ: فِيمَا سَقَتْهُ السَّمَاءُ أَوْ شَرِبَ سَيْحًا أَوْ بَعْلًا الْعُشْرُ، وَفِيمَا سَقَتْهُ السَّوَانِي بِغَرْبٍ أَوْ دَالِيَةٍ أَوْ غَيْرِهِ نِصْفُ الْعُشْرِ. ابْنُ حَبِيبٍ: الْبَعْلُ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ غَيْرِ سَقْيِ سَمَاءٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَالسَّيْحُ مَا يَشْرَبُ بِالْعُيُونِ، وَالْعَثَرِيُّ مَا تَسْقِيهِ السَّمَاءُ، وَالنَّضْحُ مَا سَقَتْهُ السَّوَانِي وَالزَّرَانِيقُ وَبِالْيَدِ وَبِالدَّلْوِ.
(كَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ مُتَعَلِّقِ الزَّكَاةِ حَبُّ ذِي زَيْتٍ. ابْنُ بَشِيرٍ: لَا خِلَافَ عِنْدَنَا فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الزَّيْتُونِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِالْمَدِينَةِ وَأَحْوَازِهَا. الْبَاجِيُّ: وَالِاعْتِبَارُ فِي نِصَابِهَا إنَّمَا هُوَ بِالْكَيْلِ وَالْكَيْلُ لَا يَتَهَيَّأُ إلَّا فِي الْحَبِّ فَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ مِنْ الزَّيْتِ إذَا بَلَغَ زَيْتُونُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ مَالِكٌ يَرَى الزَّكَاةَ فِي الزَّيْتُونِ وَالْجُلْجُلَانِ وَالْمَاشُ هُوَ حَبُّ الْفَحْلِ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ الْعُشْرَ مِنْ زَيْتِهَا بَعْدَ عَمَلِهِ (وَثَمَنِ غَيْرِ ذِي الزَّيْتِ وَمَا لَا يَجِفُّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَخْرِصُ الزَّيْتُونُ وَيُؤَمَّنُ عَلَيْهِ أَهْلُهُ كَمَا يُؤَمَّنُوا عَلَى الْحَبِّ. فَإِذَا بَلَغَ كَيْلُ حَبِّهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ زَيْتِهِ، فَإِنْ كَانَ لَا زَيْتَ لَهُ كَزَيْتُونِ مِصْرَ فَمِنْ ثَمَنِهِ عَلَى مَا فَسَّرْنَا فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ. اُنْظُرْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ:" نِصْفُ عُشْرِهِ ".
(وَفُولٍ أَخْضَرَ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: يَتَحَرَّى مَا يَأْكُلُ مِنْ فَرِيكِ زَرْعِهِ وَالْفُولِ وَالْحِمَّصِ أَخْضَرَ، فَإِنْ بَلَغَ مَا خَرَصَهُ عَلَى الْيُبْسِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ زَكَاةً أَخْرَجَ عَنْهُ حَبًّا يَابِسًا مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ. قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَإِنْ شَاءَ أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ قَالَ مَالِكٌ: فِي الْفُولِ وَالْحِمَّصِ زَكَّاهُ يَبِيعُهُ أَخْضَرَ إنْ شَاءَ أَخْرَجَ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ لِأَنَّ ثَمَرَ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ الْمُشْتَرِي لِيُيَبِّسَهُ فَهُوَ يَنْقُصُ فِي ثَمَنِهِ لِذَلِكَ، وَالْحِمَّصُ وَالْفُولُ لَمْ يُشْتَرَ لِلتَّيْبِيسِ فَلَا نَقْصَ فِي الثَّمَنِ، فَإِذَا أَعْطَى مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَنْبَخِسْ الْمَسَاكِينُ انْتَهَى.
اُنْظُرْ كَرْمَ غَرْنَاطَةَ أَكْثَرُهَا لَمْ تُشْتَرَ لِلتَّيْبِيسِ وَمِنْ أَعْنَابِهَا مَا يَتَعَذَّرُ تَيْبِيسُهُ وَمَا لَا يُضْبَطُ خَرْصُهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَبِيعُ عِنَبَهُ عَلَى يَدَيْهِ يَوْمًا بِيَوْمٍ. وَمُقْتَضَى الْمَنْصُوصِ أَنَّ هَذَا مُسَوِّغٌ لِإِخْرَاجِ
الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي الْفُولِ الْأَخْضَرِ وَزَيْتُونِ مِصْرَ وَالْعِنَبِ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إخْرَاجُ الزَّبِيبِ مِنْ الْحَدِيقَةِ لِتَعَذُّرِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ صَاحِبِهَا وَجَبَ بَدَلُهَا وَهُوَ الْقِيمَةُ أَوْ الثَّمَنُ إنْ بَاعَهُ.
وَمِنْ اللَّخْمِيِّ رَوَى مُحَمَّدٌ: إنْ بَاعَهُ عِنَبًا كُلَّ يَوْمٍ وَجَهِلَ خَرْصَهُ فَمِنْ ثَمَنِهِ.
وَفِي الرِّسَالَةِ: وَيُزَكِّي الزَّيْتُونَ إذَا بَلَغَ حَبُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ بَلَغَ ذَلِكَ أَجْزَأَهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ ثَمَنِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَصْحَابِنَا: مَنْ جَعَلَ الْإِخْرَاجَ مِنْ الثَّمَنِ رِوَايَةً فِي أَخْذِ الْقِيَمِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّلَهُ بِأَنَّ الْإِخْرَاجَ مِنْ عَيْنِ ذَلِكَ قَدْ فَاتَ بِبَيْعِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ لَمْ يَضْبِطْ خَرْصَهُ وَلَا أَنْ يَتَحَرَّاهُ فَلْيُؤَدِّ مِنْ ثَمَنِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْعِنَبِ الَّذِي لَا يَتَزَبَّبُ: إنْ عُمِلَ مِنْهُ رُبًّا إنْ شَاءَ أَعْطَى عُشْرَ الرُّبِّ أَوْ عُشْرَ قِيمَةِ الْعِنَبِ.
قَالَ: وَلَوْ أَعْطَى عِنَبًا لَأَجْزَأَهُ. وَانْظُرْ مِمَّا يُرَشِّحُ هَذَا مَا قَالَ مَالِكٌ فِي حَبِّ السِّمْسِمِ اُنْظُرْهُ بَعْدَ هَذَا فِي قَوْلِهِ: " السِّمْسِمِ " وَانْظُرْ هُنَا غَلَطًا لِبَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُمْ يُفْتُونَ أَرْبَابَ الْكَرْمِ بِأَنَّ الْعَصِيرَ الَّذِي يُجْعَلُ عَلَيْهِمْ مِنْ قِبَلِ الْجَانِبِ يَقْتَطِعُونَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَتَحَرَّوْا فِي كَرْمِهِمْ، وَالْمَنْصُوصُ أَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَبْرَأُ إلَّا مِنْ الْقَدْرِ الَّذِي عُلِمَ بِهِ الْجَانِبُ.
وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: الدَّرَاهِمُ الَّتِي تُغْرَمُ عَنْ زَكَاةِ الزَّرْعِ لِأَجْلِ الْحَزْرِ تُحْسَبُ عَلَى مَا رَمَوْهَا عَلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّا لَمْ يَغْرَمْ عَلَيْهِ شَيْئًا. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ: مَنْ جَحَدَ السَّاعِي نِصْفَ مَا عِنْدَهُ فَصَدَّقَهُ وَأَخَذَهُ بِزَكَاةِ ضِعْفِهِ لَمْ يُجْزِهِ عَمَّا جَحَدَهُ. وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: مَنْ سَقَى بِنَضْحٍ فَظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ الْعُشْرَ فَأَخْرَجَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَسِبُ بِمَا زَادَ جَهْلًا فِي زَرْعٍ آخَرَ لَهُ لَمْ يُخْرِجْ عُشْرَهُ وَلْيُخْرِجْ عُشْرَ هَذَا الثَّانِي كَامِلًا، لَكِنْ إنْ وَجَدَ مَا أَخْرَجَ زَائِدًا فِي الْأَوَّلِ بِأَيْدِي الْفُقَرَاءِ أَخَذَهُ كَمَا قَالُوهُ فِيمَنْ أَثَابَ عَلَى صِدْقِهِ وَمَنْ صَالَحَ مِنْ دَمِ خَطَأٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ عَلَى زَيْتُونِهِ يُلْقَطُ لَهُ بِالثُّلُثِ: إنَّ زَكَاةَ الْجَمِيعِ عَلَى رَبِّ الزَّيْتُونِ. ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُهُ: " إنَّ زَكَاةَ مَا يَأْخُذُهُ الْأُجَرَاءُ مِنْ الزَّيْتُونِ عَلَى رَبِّ الزَّيْتُونِ " صَحِيحٌ لِأَنَّ الْتِقَاطَ الزَّيْتُونِ كَحَصَادِ الزَّرْعِ وَجُذَاذِ التَّمْرِ وَذَلِكَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْهُ زَيْتًا. وَخَالَفَهُ فِي ذَلِكَ ابْنُ كِنَانَةَ وَابْنُ مَسْلَمَةَ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالُوا: تُؤْخَذُ مِنْهُ الزَّكَاةُ حَبًّا انْتَهَى. (إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ وَإِلَّا فَالْعُشْرُ) قَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ: " نِصْفُ
عُشْرِهِ ".
(وَلَوْ اُشْتُرِيَ السَّيْحُ أَوْ أُنْفِقَ عَلَيْهِ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَانَ يَشْرَبُ بِالسَّيْحِ لَكِنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَا يَمْلِكُ مَاءً وَإِنَّمَا يَشْتَرِيهِ بِالثَّمَنِ فَفِيهِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يُزَكِّي بِالْعُشْرِ إذْ فِيهِ نَصُّ الْحَدِيثِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: فِيمَا اُشْتُرِيَ أَصْلُ مَالِهِ الْعِشْرُونَ السَّقْيُ مِنْهُ عِلَّةٌ، وَفِيمَا سُقِيَ بِوَادٍ أَجْرَى إلَيْهِ النَّفَقَةَ نِصْفَ عُشْرِ أَوَّلِ عَامٍ وَعُشْرَ مَا بَعْدَهُ، وَرَدَّ ابْنُ بَشِيرٍ هَذَا قَالَ: وَالْعِلَّةُ الَّتِي تَعُودُ عَلَى النَّصِّ بِالْإِبْطَالِ بَاطِلَةٌ.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: سُئِلَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الزَّرْعِ يُعَجِّزُهُ الْمَاءُ فَيَشْتَرِي صَاحِبُهُ مَا يَسْقِيهِ بِهِ، كَيْفَ يُزَكِّيهِ؟ قَالَ: يُخْرِجُ عُشْرَهُ، وَسُئِلَ عَنْهَا ابْنُ الْحَسَنِ فَقَالَ: يُخْرِجُ الْعُشْرَ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: وَهَذَا عَدْلٌ لِأَنَّ الْحَدِيثَ إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ النَّضْحِ وَالسَّوَانِي مِنْ أَجْلِ إخْرَاجِ الثَّمَنِ لِلْأُجَرَاءِ وَمَنْ يَتَوَلَّى لَهُ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ. ابْنُ يُونُسَ: وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقِيَاسِ فِي عَمَلِ الْكُرُومِ وَمَشَقَّتِهَا أَنْ يُخْرِجَ فِيهَا نِصْفَ الْعُشْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ السَّقْيِ وَأَكْثَرُ تَعَبًا وَنَفَقَةً وَلَوْ قَالَهُ قَائِلٌ كَانَ صَوَابًا.
(وَإِنْ سُقِيَ بِهِمَا فَعَلَى حُكْمِهِمَا) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَالْمُغِيرَةُ وَعَبْدُ الْحَكَمِ: مَنْ لَهُ النَّخْلُ وَالْعِنَبُ فَيَسْقِي نِصْفَ السَّنَةِ بِالْعَيْنِ وَيَنْقَطِعُ فَيَسْقِي بَاقِيَهَا بِالسَّانِيَةِ فَلْيُخْرِجْ زَكَاةَ ذَلِكَ نِصْفَهُ عَلَى الْعُشْرِ وَنِصْفَهُ عَلَى نِصْفِ الْعُشْرِ. وَعِبَارَةُ الْبَاجِيِّ: إنْ كَانَ مَرَّةً يَسْقِي بِالنَّضْحِ وَمَرَّةً بِمَاءِ السَّمَاءِ فَإِنْ تَسَاوَى الْأَمْرُ فِيهِمَا كَانَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْعُشْرِ. (وَهَلْ يُغَلَّبُ الْأَكْثَرُ خِلَافٌ) الْبَاجِيُّ: إنْ كَانَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَكْثَرَ كَانَ حُكْمُ الْأَقَلِّ مِنْهُمَا تَبَعًا لِلْأَكْثَرِ لِأَنَّ التَّتَبُّعَ لَهُ يَشُقُّ وَالتَّقْدِيرُ لَهُ يَتَعَذَّرُ وَحَكَى أَبُو مُحَمَّدٍ
رِوَايَةً أَنَّ الْمُعْتَبَرَ مَا حَيِيَ بِهِ الزَّرْعُ وَتَمَّ. ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ غَالِبَ الْأَصْلِ أَنَّ الْأَقَلَّ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ كَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ إذَا اجْتَمَعَا فِي الزَّكَاةِ.
وَقَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: يَتَخَرَّجُ فِيهَا قَوْلٌ ثَالِثٌ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِحَسْبِهِ.
(وَتُضَمُّ الْقَطَانِيُّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: الْقَطَانِيُّ كُلُّهَا الْفُولُ وَالْعَدَسُ وَالْحِمَّصُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبِيَا وَمَا ثَبَتَتْ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ مِنْ الْقَطَانِيِّ فَإِنَّهُ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ، فَمَنْ رَفَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَخْرَجَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقَدْرِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَالتُّرْمُسُ وَالْبَسِيلَةُ مِنْ الْقَطَانِيِّ. الْبَاجِيُّ: الْبَسِيلَةُ الْكِرْسِنَّةُ. (كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ صِنْفٌ وَاحِدٌ يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ وَلَا يُضَمُّ مَعَهَا غَيْرُهَا، فَمَنْ رَفَعَ مِنْ جَمِيعِهَا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَلْيُزَكِّ وَيُخْرِجُ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِقَدْرِهِ (وَإِنْ بِبُلْدَانٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ كُرُومُهُ مُفْتَرِقَةً فِي بُلْدَانٍ شَتَّى جَمَعَ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ وَكَذَا جَمِيعُ الْمَاشِيَةِ وَالْحَبِّ (إنْ زُرِعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ حَصَادِ الْآخَرِ فَيُضَمُّ الْوَسَطُ لَهُمَا لَا أَوَّلٌ لِثَالِثٍ) صَوَّرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا فِي الْقَطَانِيِّ فَقَالَ: مَا زُرِعَ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ بَعْدَ حَصَادِ غَيْرِهَا وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهَا فَلَا يَجْمَعُهَا مَعَهَا كَانَ زَرْعُهُ لَهَا فِي تِلْكَ الْأَرْضِ الَّتِي حَصَدَ مِنْهَا الْأُولَى أَوْ فِي
غَيْرِهَا لِأَنَّ مَا زُرِعَ بَعْدَ حَصَادِ الْأُولَى فَكَأَنَّهُ إنَّمَا زَرَعَهُ فِي سَنَةٍ أُخْرَى وَلَا يُضَمُّ زَرْعُ عَامٍ إلَى عَامٍ آخَرَ.
وَبَيَانُ هَذَا أَنَّهُ لَوْ زَرَعَ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ مِنْ الْقُطْنِيَّةِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ كُلَّ شَهْرٍ صِنْفًا فَزَرَعَ فِي مُحَرَّمٍ الصِّنْفَ الْوَاحِدَ ثُمَّ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ الصِّنْفَ الثَّانِيَ ثُمَّ فِي جُمَادَى الْأُولَى الصِّنْفَ الثَّالِثَ ثُمَّ حَصَدَهَا كُلَّهَا بَعْدَ شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى، فَإِنَّهُ يَضُمُّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ. فَإِنْ كَمَلَ لَهُ مِنْ جَمِيعِهَا النِّصَابُ وَجَبَتْ فِيهِ الصَّدَقَةُ وَأَخْرَجَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ بِحِسَابِهِ، وَلَوْ زَرَعَ الثَّانِيَ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ ثُمَّ زَرَعَ الثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي، يَجْمَعُ الثَّانِيَ مَعَ الْأَوَّلِ وَمَعَ الثَّالِثِ وَلَمْ يَجْمَعْ الْأَوَّلَ مَعَ الثَّالِثِ، فَإِنْ رَفَعَ مِنْ الْأَوَّلِ ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ وَمِنْ الثَّانِي وَسَقَيْنِ فَأَكْثَرَ زَكَّى الْجَمِيعَ إنْ كَانَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَوْسُقِ بَاقِيَةً عِنْدَهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ. ثُمَّ إنْ رَفَعَ مِنْ الثَّالِثِ ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ وَقَدْ كَانَ رَفَعَ مِنْ الثَّانِي وَسَقَيْنِ فَأَخْرَجَ زَكَاتَهُمَا مَعَ الْأَوَّلِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَوْسُقِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، إذْ لَا يَبْلُغُ مَا بَقِيَ مِنْ الْوَسْقَيْنِ بَعْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ.
وَلَوْ زَرَعَ الصِّنْفَ الثَّانِيَ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الصِّنْفَ الثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الثَّانِي وَقَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ إذْ مِنْ الْقَطَانِيِّ مَا يُتَعَجَّلُ وَمِنْهَا مَا يَتَأَخَّرُ لِجَمْعِ الْأَوَّلِ مَعَ الثَّانِي وَمَعَ الثَّالِثِ وَلَمْ يَجْمَعْ الثَّانِي مَعَ الثَّالِثِ، فَإِنْ رَفَعَ مِنْ الثَّانِي ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ انْتَظَرَ حَتَّى يَحْصُدَ الْأَوَّلَ، فَإِنْ حَصَدَ الْأَوَّلَ فَكَانَ فِيهِ وَسْقَانِ فَأَكْثَرُ وَالثَّلَاثَةُ الْأَوْسُقِ بَاقِيَةٌ بِيَدِهِ لَمْ يُنْفِقْهَا - عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ - زَكَّى الثَّلَاثَةَ الْأَوْسُقِ مَعَ هَذَيْنِ الْوَسْقَيْنِ.
ثُمَّ إنْ حَصَدَ الثَّالِثَ فَبَلَغَ مَا بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْ الْوَسْقَيْنِ اللَّذَيْنِ حَصَدَهُمَا مِنْ الْأَوَّلِ بَعْدَ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ مِنْهُمَا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّى مَا حَصَدَ مِنْ الثَّالِثِ خَاصَّةً وَلَمْ يُزَكِّ مَا كَانَ بَقِيَ بِيَدِهِ مِنْ الْوَسْقَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ زَكَّاهُمَا مَعَ مَا حَصَدَ مِنْ الثَّانِي انْتَهَى.
وَانْظُرْ لَوْ زَرَعَ الثَّانِيَ قَبْلَ حَصَادِ الْأَوَّلِ ثُمَّ زَرَعَ الثَّالِثَ بَعْدَ حَصَادِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ حَصَادِ الثَّانِي وَرَفَعَ مِنْ الْجَمِيعِ سِتَّةَ أَوْسُقٍ، وَسْقَانِ وَسْقَانِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ، فَنَصُّ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ زَكَاةٌ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْ أَنْتَ مِنْ أَيْنَ يُفْهَمُ هَذَا لِابْنِ رُشْدٍ، وَانْظُرْ لَفْظَ خَلِيلٍ مَعَ هَذَا وَعِبَارَةَ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْوَسَطِ مَعَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ نِصَابٌ وَفِيهِ عَلَى الْمَعِيَّةِ نِصَابٌ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ وَابْنُ رُشْدٍ: لَا
زَكَاةَ.
(لَا لِعَلَسٍ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَأَرُزٍّ وَهِيَ أَجْنَاسٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الدُّخْنُ وَالْأَرُزُّ وَالذُّرَةُ فَأَصْنَافٌ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَلَا تُضَمُّ إلَى غَيْرِهَا. وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ: فِي الْأَشْقَالِيَةِ الزَّكَاةُ. أَصْبَغُ: وَهُوَ رَأْيٌ وَهُوَ يُزْرَعُ بِالْأَنْدَلُسِ يَكُونُ فِي أَكْمَامٍ كَالزَّرْعِ وَيَكُونُ عَلُوفَةً لِلْبَقَرِ، وَبِمَا احْتَاجَ إلَيْهِ طَعَامًا إذَا أُجْهِدُوا وَهِيَ حَبَّةٌ مُسْتَطِيلَةٌ مُصَوَّفَةٌ فِي طُولِ الشَّعِيرِ وَلَيْسَ عَلَى خِلْقَتِهِ وَهِيَ إلَى خِلْقَةِ السُّلْتِ وَإِلَى الْقَمْحِ فِي فَلَقِهِ أَقْرَبُ وَهِيَ صِنْفٌ كَالذُّرَةِ وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: الْأَشْقَالِيَةُ صِنْفٌ مِنْ الْقَمْحِ يُقَالُ لَهُ الْعَلَسُ.
ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ أَنَّهَا تُضَمُّ إلَى الْقَمْحِ صَوَابٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ الَّذِي حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ إلَّا ابْنَ الْقَاسِمِ انْتَهَى. فَقَوْلُهُ: " لَا لِعَلَسٍ " هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَمُخْتَارِ ابْنِ يُونُسَ.
(وَالسِّمْسِمُ وَبَذْرُ الْفُجْلِ وَالْقُرْطُمِ كَالزَّيْتُونِ لَا الْكَتَّانِ) السِّمْسِمُ الْجُلْجُلَانُ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ
مَالِكٌ: فِي حَبِّ الْفُجْلِ الزَّكَاةُ إذَا بَلَغَ كَيْلُهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْ زَيْتِهِ، وَكَذَا الْجُلْجُلَانُ فَإِنْ كَانَ قَوْمٌ لَا يَعْصِرُونَ الْجُلْجُلَانَ إنَّمَا يَبِيعُونَهُ حَبًّا لَا زَيْتًا فَأَرْجُو إذَا أُخِذَ مِنْ حَبِّهِ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، الْبَاجِيُّ وَجْهُ أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ حَبِّ السِّمْسِمِ أَنَّهُ حَبٌّ يَبْقَى عَلَى حَالِهِ غَالِبًا وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي الزِّرَاعَةِ وَالْبَيْعِ بِخِلَافِ الزَّيْتُونِ فَإِنَّهُ لَا يُزْرَعُ وَلَا يُتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ غَالِبًا.
ابْنُ الْمَوَّازِ: وَحَبُّ الْقُرْطُمِ الْعُصْفُرِ كَذَلِكَ وَهُوَ مِثْلُ الزَّيْتُونِ إذَا بَلَغَ حَبُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ زُكِّيَ لِأَنَّ زَيْتَهُ إدَامٌ يُقْتَاتُ بِهِ. ابْنُ يُونُسَ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ فِي حَبِّ الْقُرْطُمِ الزَّكَاةَ وَلَا زَكَاةَ فِي بَذْرِ الْكَتَّانِ وَلَا فِي زَيْتِهِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي حَبِّ الْقُرْطُمِ. وَانْظُرْ قَوْلَهُ: " كَالزَّيْتُونِ " أَنَّهُ بِصَدَدِ أَنْ يَذْكُرَ مَا فِيهِ الزَّكَاةَ أَوْ مَا يُعَدُّ جِنْسًا وَاحِدًا وَهَذَا هُوَ الْأَلْيَقُ هُنَا لِأَنَّهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ ذَكَرَ مُتَعَلِّقَ الزَّكَاةِ فَقَالَ: مِنْ حَبٍّ وَتَمْرٍ مُنَقَّى وَزَيْتِ مَا لَهُ زَيْتٌ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: الزُّيُوتُ أَصْنَافٌ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ فَإِذَا أَصَابَ مِنْ الزَّيْتُونِ ثَلَاثَةَ أَوْسُقٍ وَمِنْ الْجُلْجُلَانِ وَسْقَيْنِ لَمْ تَجِبْ فِي ذَلِكَ زَكَاةٌ لِأَنَّ مَنَافِعَهَا مُتَبَايِنَةٌ وَالتَّفَاضُلُ بَيْنَهَا جَائِزٌ انْتَهَى. اُنْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْحُلْبَةِ وَفِي التَّفْرِيعِ وَالْمُخْتَصَرِ لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَانْظُرْ مَا يُجْنَى مِنْ الْجِبَالِ وَغَيْرِهَا مِنْ الزَّيْتُونِ وَالْعِنَبِ مِمَّا لَا مَالِكَ لَهُ قَالَ اللَّخْمِيِّ: لَا زَكَاةَ فِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَإِنْ قَامَ عَلَيْهِ وَخَدَمَهُ وَأَحْيَاهُ زَكَّى مَا
يَجْنِي بَعْدَ ذَلِكَ لِتَمَلُّكِهِ لَهُ بِالْإِحْيَاءِ (وَحُسِبَ قِشْرُ الْأُرْزِ وَالْعَلَسِ) تَقَدَّمَ النَّصُّ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " مُنَقَّى "(وَمَا تَصَدَّقَ بِهِ وَاسْتَأْجَرَ وَقَتًّا لَا أَكْلُ دَابَّةٍ فِي دَرْسِهَا) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا أَكَلَ النَّاسُ مِنْ زُرُوعِهِمْ وَمَا يَسْتَأْجِرُونَ بِهِ مِثْلُ الْقَتِّ الَّتِي تُعْطَى مِنْهَا حَمْلُ الْحِمْلِ بِقَتَّةٍ.
قَالَ: أَرَى أَنْ يَحْسِبُوا كُلَّ مَا أَكَلُوا أَوْ اسْتَجْمَلُوا بِهِ فَيُحْسَبُ عَلَيْهِمْ فِي الْعُشُورِ، وَأَمَّا مَا أَكَلَتْ الدَّوَابُّ وَالْبَقَرُ إذَا كَانَتْ فِي الدَّرْسِ فَلَا أَرَى فِيهِ شَيْئًا. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا أَفْرَكَ نُقِدَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ الْعُشْرُ أَوْ نِصْفُ الْعُشْرِ
حَبًّا مُصَفًّى تَكُونُ النَّفَقَةُ فِي ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، فَعَلَى صَاحِبِ الزَّرْعِ أَنْ يَحْسُبَ كُلَّ مَا أَكَلَ مِنْهُ أَوْ عَلَفَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ بِهِ فِي عَمَلِهِ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي عَمَلِهِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَكَذَلِكَ مَا تَصَدَّقَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كُلُّهُ يَسِيرًا تَافِهًا لَا قَدْرَ لَهُ.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْسُبَهُ مِنْ زَكَاتِهِ إذَا نَوَى بِهِ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ أَوْ أَعْطَاهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فِي تَطَوُّعٍ وَلَا زَكَاةٍ انْتَهَى. رَاجِعْ هُنَا مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ قَوْلِهِ: " إنْ سُقِيَ بِآلَةٍ " وَانْظُرْ مَا يُعْطِيهِ لِلشُّرْطَةِ وَخَدَمَةِ السُّلْطَانِ.
قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: لَا زَكَاةَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْجَائِحَةِ.
(وَالْوُجُوبُ بِإِفْرَاكِ الْحَبِّ وَطِيبِ الثَّمَرِ) . اللَّخْمِيِّ: الزَّكَاةُ تَجِبُ عِنْدَ مَالِكٍ بِالطِّيبِ فَإِذَا أَزْهَى النَّخْلُ وَطَابَ الْكَرْمُ وَحَلَّ بَيْعُهُ أَوْ أَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَاسْوَدَّ الزَّيْتُونُ أَوْ قَارَبَ الِاسْوِدَادَ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَهُمْ وَالْوُجُوبُ إذَا أَفْرَكَ الزَّرْعُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِمَالِكٍ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَفُولٍ أَخْضَرَ " هَلْ
بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ؟ .
(فَلَا شَيْءَ عَلَى وَارِثٍ قَبْلَهُمَا لَمْ يَصِرْ لَهُ نِصَابٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ مَاتَ وَقَدْ أَزْهَى حَائِطُهُ وَطَابَ كَرْمُهُ وَأَفْرَكَ زَرْعُهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ وَقَدْ خُرِصَ عَلَيْهِ شَيْءٌ أَوْ مَا لَمْ يَخْرُصْ، فَزَكَاةُ ذَلِكَ عَلَى الْمَيِّتِ إنْ بَلَغَ مَا فِيهِ الزَّكَاةَ. وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِزْهَاءِ وَالطِّيبِ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَالزَّكَاةُ عَلَى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ دُونَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ حِصَّتُهُ ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ مَاتَ وَقَدْ أَوْصَى بِزَكَاةِ زَرْعِهِ الْأَخْضَرِ قَبْلَ طِيبِهِ أَوْ بِثَمَرِ حَائِطِهِ قَبْلَ طِيبِهِ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مِنْ الثُّلُثِ غَيْرَ مُبْدَأَةٍ
إذْ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَا تُسْقِطُ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ زَكَاةَ مَا بَقِيَ لَهُمْ لِأَنَّهُ كَرَجُلٍ اسْتَثْنَى عُشْرَ زَرْعِهِ لِنَفْسِهِ وَمَا بَقِيَ فَلِلْوَرَثَةِ. فَإِنْ كَانَ فِي حَظِّ كُلِّ وَارِثٍ وَحْدَهُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ زَكَّى عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا. قَالَ: وَإِنْ كَانَ فِي الْعُشْرِ الَّذِي أَوْصَى بِهِ لِلْمَسَاكِينِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرُ زَكَّاهُ الْمُصَدِّقُ وَإِنْ لَمْ يَقَعْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا مُدٌّ إذْ لَيْسُوا بِأَعْيَانِهِمْ وَهُمْ كَمَالِكٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَرْجِعُ الْمَسَاكِينُ عَلَى الْوَرَثَةِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُمْ الْمُصَدِّقُ وَإِنْ حَمَلَ ذَلِكَ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ كَشَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَوْصَى لَهُمْ بِهِ. فَاسْتُحِقَّ هُوَ أَوْ بَعْضُهُ.
. (وَالزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَهُمَا) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي زَرْعِ الْحِنْطَةِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا فِيهِ الزَّكَاةُ يَبِيعُهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ أَنْ يَيْبَسَ
وَيُسْتَحْصَدَ وَهُوَ قَائِمٌ قَبْلَ أَنْ يَحْصُدَهُ. فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْمَنَ مِنْ الْمُبْتَاعِ عَلَيْهِ، فَإِذَا فَرَغَ وَكَالَهُ أَخْبَرَهُ بِمَا وَجَدَ فِيهِ فَأَخْرَجَ الْبَائِعُ زَكَاةَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ نَصْرَانِيٍّ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يُعْلَمَ مَا خَرَجَ مِنْهُ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَمَا قَالَ لِأَنَّ الزَّرْعَ إذَا أَفْرَكَ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ فَقَدْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَكَذَلِكَ الثَّمَرَةُ إذَا أَزْهَتْ فَإِذَا بَاعَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِيهِ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَهَا، وَلَهُ أَنْ يَأْمَنَ الْمُبْتَاعَ فِي مَبْلَغِ مَا دَفَعَ فِيهِ إنْ كَانَ مَأْمُونًا وَإِلَّا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَخَّى قَدْرَ ذَلِكَ وَيَزِيدَ لِيَسْلَمَ.
قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَهُوَ صَحِيحٌ، كَمَنْ عَلَيْهِ صَلَوَاتٌ ضَيَّعَهَا لَا يَعْرِفُ مَبْلَغَهَا فَإِنَّهُ يُصَلِّي حَتَّى لَا يَشُكَّ أَنَّهُ قَدْ قَضَى أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ. (إلَّا أَنْ يُعْدِمَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ مِنْ الْبَائِعِ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ إلَّا إنْ أُعْدِمَ الْبَائِعُ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ وَوَجَدَ الْمُصَدِّقُ الطَّعَامَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الزَّكَاةَ مِنْهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا سَبِيلَ لَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي. ابْنُ يُونُسَ: وَهُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ الزَّكَاةَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْمَسَاكِينِ ثَابِتًا فِي عَيْنِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَقَوْلُ الْغَيْرِ هُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ لَهُ جَائِزًا. وَاخْتَارَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَهُوَ بَعِيدٌ إذْ لَوْ بَاعَ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ لَا تَبِعَ الْمُشْتَرِيَ بِالزَّكَاةِ مَلِيًّا كَانَ الْبَائِعُ أَوْ مُعْدِمًا.
(وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ الْمُعَيَّنِ بِجُزْءٍ لَا الْمَسَاكِينِ أَوْ بِكَيْلٍ فَعَلَى الْمَيِّتِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَوْصَى بِزَكَاةِ زَرْعِهِ قَبْلَ طِيبِهِ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ كَانَ كَأَحَدِ الْوَرَثَةِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَعَهُمْ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّهُ يَوْمَ مَاتَ الْمَيِّتُ وَالزَّرْعُ أَخْضَرُ وَالْمَسَاكِينُ لَا يَسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَسَقْيِهِ وَعَمَلِهِ، فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ حَتَّى يَقْبِضُونَهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا قَبْلَ وُجُوبِهَا كَوَارِثٍ وَالْمُؤْنَةُ عَلَيْهِ. وَفِيهَا لَوْ أَوْصَى بِزَكَاتِهِ زُكِّيَتْ وَلَوْ صَارَ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَسْتَحِقُّونَهَا بَعْدَ يُبْسِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: وَنَفَقَةُ حَظِّ الْمَسَاكِينِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ. الشَّيْخُ: مِنْ الثُّلُثِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَالْعَرِيَّةُ عَلَى مُعَيَّنِينَ كَالصَّدَقَةِ.
(وَإِنَّمَا يُخْرَصُ الثَّمَرُ وَالْعِنَبُ إذَا حَلَّ بَيْعُهُمَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُخْرَصُ إلَّا الْعِنَبُ وَالثَّمَرُ لِلْحَاجَةِ إلَى أَكْلِهِمَا رَطْبَيْنِ وَيُخْرَصُ الْكَرْمُ عِنَبًا إذَا طَابَ وَحَلَّ بَيْعُهُ، وَالنَّخْلُ إذَا أَزْهَتْ
وَطَابَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا لَا قَبْلَ ذَلِكَ (وَاخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِمَا) إنَّمَا هَذَا شَرْطٌ فِي الْقِسْمَةِ وَأَمَّا هُنَا فَمَا شَرَطَ أَحَدٌ هَذَا وَإِنْ كَانَ الْخَرْصُ - كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ. مِنْ أَجْلِ أَنْ يَأْكُلُوهُ كَيْفَ شَاءُوا رَطْبًا وَغَيْرَهُ فَقَدْ صَارَ حُكْمًا مُطَّرِدًا كَالْأَحْكَامِ الَّتِي تُضْبَطُ بِالْمَظِنَّةِ فَإِنَّهَا بَعْدَ ذَلِكَ تَطَّرِدُ لَكِنْ حَكَى ابْنُ بَشِيرٍ قَوْلَيْنِ فِي خَرْصِ غَيْرِ الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ إذَا احْتَاجَ أَهْلُهُ لِأَكْلِهِ (نَخْلَةً نَخْلَةً بِإِسْقَاطِ نَقْصِهَا) الْبَاجِيُّ: صِفَةُ الْخَرْصِ أَنْ يَخْرُصَ الْحَائِطُ نَخْلَةً نَخْلَةً فَإِذَا كَمُلَ خَرْصُهُ أَضَافَ بَعْضَهُ إلَى بَعْضٍ قَالَهُ مَالِكٌ. وَمَعْنَى الْخَرْصِ أَنْ يُحْزَرَ مَا يَكُونُ فِي هَذِهِ النَّخْلَةِ مِنْ التَّمْرِ الْيَابِسِ عِنْدَ الْجِذَاذِ، فَعَلَى حَسَبِ ذَلِكَ التَّمْرِ وَجِنْسِهِ وَمَا عُلِمَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَصِيرُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِثْمَارِ. فَإِنْ كَانَ لَا يُتْمِرُ فَإِنَّهُ يَخْرُصُهَا عَلَى مَا كَانَ يَكُونُ فِيهَا لَوْ كَانَتْ تَنْمُو. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَيُخْرَصُ الْعِنَبُ يُقَالُ فِي هَذَا الْكَرْمِ مِنْ الْعِنَبِ كَذَا وَكَذَا، ثُمَّ يُقَالُ مَا يَنْقُصُ هَذَا الْعِنَبُ إذَا تَزَبَّبَ وَمَا يَبْلُغُ إذَا كَانَ زَبِيبًا، فَإِنْ بَلَغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أُخِذَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَكَذَلِكَ النَّخْلُ (لَا سَقَطِهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَتْرُكُ الْخُرَّاصُ لِأَصْحَابِ الثِّمَارِ مِمَّا يَخْرُصُونَ شَيْئًا لِمَكَانِ الْأَكْلِ وَالْفَسَادِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُخَفَّفُ عَنْهُمْ كَذَلِكَ «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ بِالتَّخْفِيفِ لِلْوَاطِئَةِ وَالسَّاقِطَةِ وَاللَّاقِطَةِ وَمَا يَنَالُ الْعِيَالُ» . ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ.
(وَكَفَى الْوَاحِدُ) الْبَاجِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يُرْسِلَ الْخَارِصُ الْوَاحِدَ لِأَنَّ الْخَارِصَ حَاكِمٌ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَاحِدًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَكُونُ إلَّا عَدْلًا عَارِفًا. (وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَالْأَعْرَفُ وَإِلَّا فَمِنْ كُلٍّ جُزْءٌ) . ابْنُ بَشِيرٍ
الرِّوَايَةُ إذَا خَرَصَ ثَلَاثَةٌ فَاخْتَلَفُوا أُخِذَ ثُلُثُ مَا يَقُولُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَهَذَا إذَا تَسَاوَوْا فِي الْمَعْرِفَةِ، وَأَمَّا إذَا اخْتَلَفُوا فَيُؤْخَذُ بِقَوْلِ الْأَعْرَفِ مِنْهُمْ. ابْنُ عَرَفَةَ: رَوَى سَحْنُونَ إذَا اخْتَلَفَ ثَلَاثَةٌ زُكِّيَ ثُلُثُ مَجْمُوعِ مَا قَالُوا.
(فَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اُعْتُبِرَتْ) . الْبَاجِيُّ: إنْ أَصَابَتْ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ أَحَاطَتْ بِهَا قَبْلَ الْخَرْصِ فَلَا زَكَاةَ وَلَا خَرْصَ، وَإِنْ أَصَابَتْهَا بَيْنَ الْخَرْصِ وَالْجِذَاذِ ظَلَّ حُكْمُ الْخَرْصِ وَسَقَطَتْ الزَّكَاةُ لِأَنَّ الزَّكَاةَ إنَّمَا تَجِبُ بِالْخَرْصِ بِشَرْطِ وُصُولِ الثَّمَرَةِ إلَى أَرْبَابِهَا. اللَّخْمِيِّ: إنْ أُجِيحَ بَعْضُ الثِّمَارِ بَعْدَ الْخَرْصِ زَكَّى عَنْ الْبَاقِي إنْ كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ ثَمَرَةِ نَخْلٍ بِيعَ وَفِيهِ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَقَدْ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ فَإِنْ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ نَقَصَتْهُ عَنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَتْ الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ حَتَّى لَزِمَ الْبَائِعَ أَنْ يَضَعَ ذَلِكَ عَنْ الْمُشْتَرِي سَقَطَتْ الزَّكَاةُ، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ تَسْقُطْ لِأَنَّهُ بَاعَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَمْ يُرِدْ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا لِلْجَائِحَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ مَا تَلِفَ مِنْهُ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي.
(وَإِنْ زَادَتْ عَلَى تَخْرِيصِ عَارِفٍ فَالْأَحَبُّ الْإِخْرَاجُ وَهَلْ عَلَى ظَاهِرِهِ أَوْ الْوُجُوبِ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ خُرِصَ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَوْسُقٍ فَرَفَعَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ أَحْبَبْتُ لَهُ أَنْ يُزَكِّيَ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: لَفْظَةُ " أَحْبَبْتُ " هَاهُنَا عَلَى الْإِيجَابِ وَهُوَ صَوَابٌ كَالْحَاكِمِ يَحْكُمُ بِحُكْمٍ ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ خَطَأٌ صُرَاحٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: عَلَى هَذَا حَمَلَهَا الْأَكْثَرُ، وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ.
(وَأُخِذَ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ) ابْنُ عَرَفَةَ: يُؤْخَذُ مِنْ الْحَبِّ كَيْفَ كَانَ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ فَمِنْ كُلٍّ بِقَدْرِهِ.