الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالتَّسْوِيفِ. وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا لِلْعِرَاقِيِّينَ، وَعَزَا لِابْنِ مُحْرِزٍ وَالْمَغَارِبَةِ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتَهُ.
[شَرَائِط الْحَجّ]
(وَصِحَّتُهُمَا بِإِسْلَامٍ) ابْنُ شَاسٍ: وَلَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحَجِّ إلَّا الْإِسْلَامُ ثُمَّ
قَالَ: وَتُسَاوِي الْعُمْرَةُ الْحَجَّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ خَلَا الْوُجُوبِ فَإِنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.
(فَيُحْرِمُ وَلِيٌّ عَنْ رَضِيعٍ وَجُرِّدَ قُرْبَ الْحَرَمِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَيَصِحُّ الْحَجُّ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَلِلْمَجْنُونِ وَيُحْرِمُ عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا بِتَجْرِيدِهِمَا نَاوِيهِ
وَلَا يُلَبِّي عَنْهُمَا وَيُجَرَّدُ الْمُنَاهِزُ مِنْ مِيقَاتِهِ، وَأَمَّا مَنْ لَا يَنْتَهِزُ كَابْنِ ثَمَانِ سِنِينَ فَيُجَرَّدُ قُرْبَ الْحَرَمِ. (وَمُطْبِقٍ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا: يُحْرِمُ عَنْ الْمَجْنُونِ وَلِيُّهُ. اللَّخْمِيِّ: الرَّضِيعُ كَالْبَهِيمَةِ وَأَمَّا ابْنُ الرَّضِيعِ كَالْبَهِيمَةِ وَأَمَّا ابْنُ أَرْبَعِ سِنِينَ فَيَخْتَلِفُ إذَا عَقَدَ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامَ وَكَذَلِكَ الْمُطْبِقُ وَالْمَجْنُونُ فَأَجَازَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِخِلَافِ الْمُغْمَى فَلَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ إحْرَامٌ.
(لَا مُغْمًى) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَحْرَمَ عَنْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَلَمْ يُفِقْ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ
مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ حَجُّهُ (وَالْمُمَيِّزُ بِإِذْنِهِ) . ابْنُ شَاسٍ: الْمُمَيِّزُ يُحْرِمُ بِإِذْنِ الْوَلِيِّ وَيُبَاشِرُ بِنَفْسِهِ (وَإِلَّا فَلَهُ تَحْلِيلُهُ) . ابْنُ عَرَفَةَ: شَكَّ أَنَّ ابْنَ عَبْدِ السَّلَامِ فِي جَوَازِ تَحْلِيلِ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ السَّفِيهِ وَلِيُّهُ قُصُورٌ لِقَبُولٍ. الشَّيْخُ وَالصَّقَلِّيُّ: قَوْلُ أَشْهَبَ لَوْ عَتَقَ أَوْ بَلَغَ عَقِبَ تَحْلِيلِهِ سَيِّدُهُ أَوْ وَلِيُّهُ فَأَحْرَمَ لِفَرْضِهِ، أَجْزَأَهُ.
وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إحْرَامُ الْمَوْلَى عَلَيْهِ لِسَفَهٍ اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ ". (وَلَا قَضَاءَ) اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلِلْوَلِيِّ مَنْعُ سَفِيهٍ ".
(بِخِلَافِ الْعَبْدِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: لِلسَّيِّدِ تَحْلِيلُ ذِي رِقٍّ أَحْرَمَ بِغَيْرِ إذْنِهِ. الْجَلَّابُ:
وَعَلَى الْعَبْدِ قَضَاؤُهُ بَعْدَ عِتْقِهِ. (وَأَمَرَهُ مَقْدُورَهُ وَإِلَّا نَابَ عَنْهُ إنْ قَبِلَهَا كَطَوَافٍ لَا كَتَلْبِيَةٍ وَرُكُوعٍ)
(وَأَحْضَرَهُمْ الْمَوَاقِفَ) الْقَرَافِيُّ: إنْ لَمْ يَقْوَ الصَّبِيُّ عَلَى الطَّوَافِ طَافَ بِهِ مَنْ طَافَ عَنْ نَفْسِهِ مَحْمُولًا عَلَى سُنَّةِ الطَّوَافِ وَلَا يَرْكَعُ عَنْهُ إنْ لَمْ يَعْقِلْ الصَّلَاةَ لِتَعَذُّرِ النِّيَابَةِ فِيهَا شَرْعًا، وَلَهُ أَنْ يَسْعَى عَنْهُ وَعَنْ الصَّبِيِّ سَعْيًا وَاحِدًا بِخِلَافِ الطَّوَافِ. إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَتَكَلَّمُ لُقِّنَ التَّلْبِيَةَ وَإِلَّا سَقَطَتْ كَمَا تَسْقُطُ عَنْ الْأَخْرَسِ وَإِذَا سَقَطَ وُجُوبُهَا سَقَطَ دَمُهَا، وَيَخْرُجُ بِهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَيَقِفُ بِهِ وَيَبِيتُ بِهِ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَإِنْ أَمْكَنَهُ الرَّمْيُ رَمَى وَإِلَّا رَمَى عَنْهُ وَلَا يَرْمِي عَنْهُ إلَّا مَنْ رَمَى عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ تَدَاخُلِ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ.
(وَزِيَادَةُ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ إنْ خِيفَ ضَيْعَتُهُ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَيْسَ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ إنْ بِحَجِّهِ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ ضَيْعَتِهِ بَعْدَهُ إذْ لَا كَافِلَ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ مَا أَكْرَى
وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ إلَّا قَدْرَ مَا يُنْفِقُ عَلَيْهِ فِي مُقَامِهِ.
(كَجَزَاءِ صَيْدٍ وَفِدْيَةٍ بِلَا ضَرُورَةٍ) . ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَ مَالِكٌ: مَا أَصَابَ الصَّبِيُّ مِنْ صَيْدٍ أَوْ مَا فِيهِ فِدْيَةٌ فَفِي مَالِ الْأَبِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ بِهِ نَظَرًا لِأَنَّهُ
لَوْ تَرَكَهُ ضَاعَ فَيَكُونُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ.
(وَشَرْطُ وُجُوبِهِ كَوُقُوعِهِ فَرْضًا حُرِّيَّةٌ وَتَكْلِيفٌ وَقْتَ إحْرَامِهِ) . ابْنُ شَاسٍ: لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْحَجِّ إلَّا الْإِسْلَامُ إذْ يَصِحُّ حَجُّ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ وَلَا يُشْتَرَطُ لِوُقُوعِهِ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ إلَّا الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ وَالتَّكْلِيفُ، وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ حَجِّ الْإِسْلَامِ مَا عَدَا الْإِسْلَامَ مِنْ هَذِهِ الشَّرَائِطِ مَعَ الِاسْتِطَاعَةِ.
(بِلَا نِيَّةِ نَفْلٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: مَنْ نَوَى النَّفَلَ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ
الْفَرْضِ (وَوَجَبَ بِاسْتِطَاعَةٍ بِإِمْكَانِ الْوُصُولِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: يَجِبُ بِالِاسْتِطَاعَةِ وَالْأَشْهَرُ أَنَّهَا قُدْرَةُ الْوُصُولِ
(بِلَا مَشَقَّةٍ عَظُمَتْ) نَحْوُ هَذَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ (وَأَمْنٍ عَلَى نَفْسٍ وَمَالٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُعْتَبَرُ فِي
الِاسْتِطَاعَةِ الْإِمْكَانُ غَيْرُ الْمُضِرِّ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ وَيُعْتَبَرُ الْأَمْنُ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ (إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ لَا يَنْكُثُ عَلَى الْأَظْهَرِ) ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَنْ لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ إلَى الْحَجِّ إلَّا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ إلَى السُّلْطَانِ الْجَائِرِ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجِبُ الْحَجُّ عَلَيْهِ.
وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو بَكْرٍ الْأَبْهَرِيُّ: إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَّا بِإِخْرَاجِ الْمَالِ الْكَثِيرِ الَّذِي يَشُقُّ وَيَخْرُجُ عَنْ الْعَادَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ كَالثَّمَنِ فِي مَاءِ الطَّهَارَةِ وَالثَّمَنِ فِي رَقَبَةِ الْكَفَّارَةِ، وَإِنْ كَانَ شَيْئًا قَرِيبًا فَالْحَجُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، وَجْهُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا يُؤْمَنَ أَنْ يَخْفِرَهُمْ
وَيَأْخُذَ أَمْوَالَهُمْ فَيَصِيرُونَ قَدْ غَرُّوا بِأَنْفُسِهِمْ. وَوَجْهُ الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ يَغْلِبُ مِنْ غَالِبِ عَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَخْفِرُ مَا عَاهَدَهُمْ عَلَيْهِ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: وَهَذَا أَشْبَهُ انْتَهَى بِالْمَعْنَى ابْنُ يُونُسَ: وَلَمْ أَجِدْهُ لِابْنِ رُشْدٍ. (وَلَوْ بِلَا زَادٍ وَرَاحِلَةٍ) قِيلَ لِمَالِكٍ: الِاسْتِطَاعَةُ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ؟ قَالَ: لَا وَاَللَّهِ وَاحِدٌ يَجِدُ زَادًا وَرَاحِلَةً وَلَا يَقْدِرُ عَلَى السَّيْرِ، وَآخَرُ يَقْدِرُ أَنْ يَمْشِيَ رَاجِلًا وَرُبَّ صَغِيرٍ أَجْلَدُ مِنْ كَبِيرٍ وَلَا صِفَةَ فِي هَذَا أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ:{مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: 97] .
(كَذِي صَنْعَةٍ تَقُومُ بِهِ وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ) . ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ قَدَر عَلَى الْمَشْيِ وَمَا يَعِيشُ بِهِ فِي بَلَدِهِ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ فِي طَرِيقِهِ مِنْ صِنَاعَتِهِ لَا يَعْدَمُهَا أَوْ سُؤَالٍ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ فَالْحَجُّ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ.
(وَكَأَعْمَى بِقَائِدٍ) . ابْنُ عَرَفَةَ: قُدْرَةُ أَعْمَى عَلَى وُصُولِهِ بِقَائِدٍ اسْتِطَاعَةٌ (وَإِلَّا اُعْتُبِرَ الْمَعْجُوزُ عَنْهُ مِنْهُمَا) . رَاجِعْ أَوَّلَ تَرْجَمَةٍ مِنْ اللَّخْمِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ: إنَّ
الْحَجَّ تَارَةً يَجِبُ بِوُجُودِ الزَّادِ وَالْمَرْكَبِ وَتَارَةً يَجِبُ مَعَ عَدَمِهِمَا وَتَارَةً يَجِبُ بِوُجُودِ أَحَدِهِمَا.
(وَإِنْ بِثَمَنِ وَلَدِ زِنًا) . ابْنُ رُشْدٍ: مَذْهَبُ مَالِكٍ يَجُوزُ أَنْ يَحُجَّ بِثَمَنِ وَلَدِ الزِّنَا وَأَنْ يُعْتِقَ فِي الرِّقَابِ الْوَاجِبَةِ وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْبَابُ عِنْدَهُ خِلَافَ ذَلِكَ مِنْ رَسْمِ الْمُحْرِمِ.
قَالَ عُمَرُ: هُوَ خَيْرُ الثَّلَاثَةِ. الْقَرَافِيُّ: إنْ غَصَبَ مَالًا فَحَجَّ بِهِ أَجْزَأَهُ حَجُّهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَقَالَ ابْنُ حَنْبَلٍ: لَا يُجْزِئُهُ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي الدَّارِ
الْمَغْصُوبَةِ. وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّفَقَةَ حِينَئِذٍ عِنْدَ الْحَجِّ بَلْ هُوَ كَمَنْ غَرَّ بِنَفْسِهِ وَحَجَّ فَإِنَّهُ يُجْزِيهِ، وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَنْ غَصَبَ فَرَسًا وَقَاتَلَ عَلَيْهِ قَالَ اللَّخْمِيِّ: سَهْمَاهُ لَهُ لَا لِرَبِّ الْفَرَسِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي مَسَالِكِهِ: مَنْ قَاتَلَ عَلَى فَرَسٍ مَغْصُوبٍ فَلَهُ الشَّهَادَةُ وَعَلَيْهِ الْمَعْصِيَةُ فَلَهُ أَجْرُ شَهَادَتِهِ وَعَلَيْهِ إثْمُ مَعْصِيَةٍ.
(أَوْ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ) . ابْنُ شَاسٍ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ النَّاضِّ مَا يَحُجُّ بِهِ وَعِنْدَهُ عُرُوضٌ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَبِيعَ مِنْ
عُرُوضِهِ لِلْحَجِّ مَا يُبَاعُ عَلَيْهِ فِي الدَّيْنِ.
(أَوْ بِافْتِقَارِهِ أَوْ تَرَكَ وَلَدَهُ لِلصَّدَقَةِ) سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْقَرْيَةُ لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا، أَيَبِيعُهَا فِي حَجَّةِ الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَيَتْرُكُ وَلَدَهُ فِي الصَّدَقَةِ (إنْ لَمْ يَخْشَ هَلَاكًا) ابْنُ رُشْدٍ: وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: " وَيَتْرُكُ وَلَدَهُ فِي الصَّدَقَةِ " هَذَا إنْ
أَمِنَ ضَيْعَتَهُمْ (لَا بِدَيْنٍ أَوْ عَطِيَّةٍ) . الْقَرَافِيُّ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَوْ بُذِلَ لَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ عِنْدَ الْجَمِيعِ
لِأَنَّ أَسْبَابَ الْوُجُوبِ لَا يَجِبُ عَلَى أَحَدٍ تَحْصِيلُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ أَسْلَفَ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ مِنْ الْحَجِّ. (أَوْ سُؤَالٍ مُطْلَقًا) . ابْنُ عَرَفَةَ: لَا يَجِبُ عَلَى فَقِيرٍ غَيْرِ سَائِلٍ بِالْحَضَرِ قَادِرٍ عَلَى سُؤَالِ كِفَايَتِهِ بِالسَّفَرِ اسْتِطَاعَةٌ.
وَقَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ إنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى مَنْ عَادَتُهُ السُّؤَالُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ
إعْطَاءَهُ وَيُكْرَهُ لَهُ الْمَسِيرُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ السُّؤَالَ أَوْ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ إعْطَاءَهُ سَقَطَ الْحَجُّ بِالِاتِّفَاقِ. (وَاعْتُبِرَ مَا يُرَدُّ بِهِ خَشِيَ ضَيَاعًا) نَصَّ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الِاسْتِطَاعَةِ مَا يُوَصِّلُ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ هُنَاكَ ضَاعَ وَخَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ فَيُرَاعِي مَا يُبْلِغُهُ وَيَرْجِعُ بِهِ إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ مِمَّا
يُمْكِنُهُ التَّمْعِيشُ.
وَنَقَلَ ابْنُ الْمُعَلَّى عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اعْتِبَارَ الذَّهَابِ وَالرُّجُوعِ وَهُوَ الظَّاهِرُ.
(وَالْبَحْرُ كَالْبَرِّ إلَّا أَنْ يَغْلِبَ عَطَبُهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْبَحْرُ الْآمِنُ مَعَ أَدَاءِ فَرْضِ الصَّلَاةِ كَالْبَرِّ وَإِلَّا سَقَطَ (أَوْ يُضَيِّعَ رُكْنَ صَلَاتِهِ لِكَمِيدِ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَ غَالِبُ رَاكِبِ الْبَحْرِ الْعَطَبَ أَوْ عَلِمَ مِنْ حَالِ نَفْسِهِ أَنَّهُ يَمِيدُ حَتَّى يُعَطِّلَ الصَّلَاةَ أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّكُوعَ أَوْ السُّجُودَ إلَّا عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ فَلَا يَرْكَبُهُ.
قَالَ مَالِكٌ:
أَيَرْكَبُ حَيْثُ لَا يُصَلِّي وَيْلٌ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ.
قَالَ سَنَدٌ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: وَإِذَا ذَكَرَ الْعِشَاءَ صَلَّاهَا وَإِنْ فَاتَ الْحَجُّ فَقَدَّمَ الصَّلَاةَ الْوَاحِدَةَ عَلَى الْحَجِّ.
(وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ) . ابْنُ شَاسٍ: الْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ إلَّا فِي اسْتِصْحَابِ الْوَلِيِّ. ابْنُ الْمَوَّازِ: لَيْسَ النِّسَاءُ كَالرِّجَالِ وَإِنْ قَوِينَ لِأَنَّهُنَّ عَوْرَةٌ فِي مَشْيِهِنَّ إلَّا الْمَكَانَ الْقَرِيبَ، مِثْلُ أَهْلِ مَكَّةَ وَمَا حَوْلَهَا أَقْرَبُ مِنْهَا إذَا أَطَقْنَ الْمَشْيَ. وَكَرِهَ مَالِكٌ حَجَّ الْمَرْأَةِ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهَا تَنْكَشِفُ. (إلَّا فِي بَعِيدِ مَشْيٍ وَرُكُوبِ بَحْرٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ وَكَرَاهَةُ مَالِكٍ حَجَّهَا فِي الْبَحْرِ (إلَّا أَنْ تُخَصَّ بِمَكَانٍ) . اللَّخْمِيِّ: رُكُوبُ النِّسَاءِ فِي الْبَحْرِ إذَا كَانَتْ فِي سَرِيرٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يُسْتَغْنَى بِهِ عَنْ مُخَالَطَةِ الرِّجَالِ عِنْدَ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ. وَمِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ إلَّا فِي
الْمَشْيِ مِنْ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ وَرُكُوبِ الْبَحْرِ وَاخْتُلِفَ فِي إلْزَامِهَا ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ عَدَمُ اللُّزُومِ فِيهَا.
قَالَ عِيَاضٌ: إلَّا فِي الْمَرَاكِبِ الْكِبَارِ الَّتِي تَخْتَصُّ فِيهَا بِمَكَانٍ.
(وَزِيَادَةِ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَعْرُوفُ شَرْطُهُ عَلَى الْمَرْأَةِ بِصُحْبَةِ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ (كَرُفْقَةٍ أُمِنَتْ) . الْبَاجِيُّ: لَا يُعْتَبَرُ صُحْبَةُ زَوْجٍ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ فِي كِبَرِ الْقَوَافِلِ وَعَامِرِ الطُّرُقِ الْمَأْمُونَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: جَمَاعَةُ النَّاسِ كَالْمَحْرَمِ (بِفَرْضٍ) .
ابْنُ حَبِيبٍ: لَهَا أَنْ تَخْرُجَ لِلْفَرْضِ بِلَا إذْنِ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ مَحْرَمًا وَلَا بُدَّ فِي التَّطَوُّعِ مِنْ إذْنِهِ وَالْمَحْرَمِ. وَقَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: لَيْسَ مِنْ شُرُوطِ اسْتِطَاعَةِ الْمَرْأَةِ وُجُودُ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ يَكْتَفِي بِالرُّفْقَةِ الْمَأْمُونَةِ. هَذَا فِي حَجِّ الْفَرِيضَةِ وَأَمَّا فِي النَّافِلَةِ فَلَا، وَسَوَاءٌ الشَّابَّةُ وَغَيْرُهَا. (وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ أَوْ رِجَالٍ أَوْ بِالْمَجْمُوعِ تَرَدُّدٌ) عِيَاضٌ: اُخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ مَالِكٍ: " تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ أَوْ نِسَاءٍ " هَلْ بِمَجْمُوعِ ذَلِكَ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ حَدِّ الْجِنْسَيْنِ؟ وَأَكْثَرُ مَا نَقَلَهُ أَصْحَابُنَا عَنْهُ
اشْتِرَاطُ النِّسَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: لَا تَخْرُجُ مَعَ رِجَالٍ لَيْسُوا مِنْهَا بِمَحْرَمٍ، وَأَمَّا الْمُتَجَالَّةُ فَتُسَافِرُ كَيْفَ شَاءَتْ لِلْفَرْضِ وَالتَّطَوُّعِ مَعَ الرِّجَالِ أَوْ ذِي مَحْرَمٍ. (وَصَحَّ بِالْحَرَامِ وَعَصَى) تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ مَذْهَبُ
الْجُمْهُورِ.
(وَفُضِّلَ حَجٌّ عَلَى غَزْوٍ) رَوَى ابْنُ وَهْبٍ: تَطَوُّعُ الْجِهَادِ أَفْضَلُ مِنْ تَطَوُّعِ الْحَجِّ.
وَنَقَلَ الْقَرَافِيُّ عَنْ سَنَدٍ قَالَ مَالِكٌ: الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ (وَإِلَّا لِخَوْفٍ) سَمِعَ عِيسَى ابْنُ الْقَاسِمِ: الْحَجُّ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ
الْغَزْوِ إلَّا فِي الْخَوْفِ، وَمِنْ الصَّدَقَةِ إلَّا فِي الْمُجَامَعَةِ وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ.
(وَرُكُوبٌ) رَوَى مُحَمَّدٌ:
الْحَجُّ عَلَى الْإِبِلِ وَالدَّوَابِّ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْمَشْيِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيِّ عَكْسَ هَذَا. (وَمُقَتَّبٌ) الْجَوْهَرِيُّ: الْقَتَبُ رَجُلٌ صَغِيرٌ عَلَى قَدْرِ السَّنَامِ وَاقْتَتَبَتْ الْبَعِيرَ أَقْتَابًا إذَا شَدَدْت عَلَيْهِ الْقَتَبَ.
قَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: الْمُقَتَّبُ أَفْضَلُ مِنْ الْمَحْمَلِ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ عليه السلام وَلِإِرَاحَةِ الدَّابَّةِ.
(وَتَطَوُّعُ وَلِيِّهِ عَنْهُ بِغَيْرِهِ كَصَدَقَةٍ وَدُعَاءٍ) . ابْنُ يُونُسَ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالْحَجِّ عَنْ مَيِّتٍ ضَرُورَةً وَلْيَتَطَوَّعْ عَنْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ يُهْدِي عَنْهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ أَوْ يُعْتِقُ. التَّلْقِينُ: مَنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ
يَحُجَّ لَمْ يَلْزَمْ الْحَجُّ عَنْهُ فِي رَأْسِ مَالِهِ وَلَا فِي ثُلُثِهِ إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِهِ. (وَإِجَارَةُ ضَمَانٍ عَلَى بَلَاغٍ) عَبْدُ الْوَهَّابِ: تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عِنْدَنَا عَلَى الْحَجِّ، الْقَرَافِيُّ: إنَّمَا صَحَّحْنَاهَا لِأَنَّهَا مَحِلُّ اجْتِهَادٍ فَلَا يُقْطَعُ بِالْبُطْلَانِ وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ وَهُوَ أَنْ لَا يُلْزِمَ نَفْسَهُ شَيْئًا وَلَكِنْ إنْ حَجَّ كَانَ لَهُ
كَذَا وَإِلَّا فَلَا
الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ تَكُونَ بِالنَّفَقَةِ وَتُسَمَّى الْبَلَاغُ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالًا لِيَحُجَّ بِهِ فَإِنْ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةٍ رَجَعَ بِهَا وَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ رَدَّهُ. الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَلَاغِ. (وَالْمَضْمُونَةُ كَغَيْرِهَا) الْجَلَّابُ: الْإِجَارَةُ الْمَضْمُونَةُ هُوَ أَنْ يَسْتَأْجِرَ
الرَّجُلُ عَلَى حَجَّةٍ مَوْصُوفَةٍ مِنْ مَكَان مَعْلُومٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَيَكُونَ الْفَضْلُ لَهُ وَالنُّقْصَانُ عَلَيْهِ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْحَجِّ كَانَ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَأَخَذَ الْبَاقِيَ مِنْ مَالِهِ. ابْنُ شَاسٍ: هِيَ كَالْإِجَارَةِ كُلِّهَا (وَتَعَيَّنَتْ فِي الْإِطْلَاقِ) مِنْ وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزَائِرِيِّ. الْإِجَارَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: اسْتِئْجَارٌ وَبَلَاغٌ وَمَضْمُونٌ. وَلَا يُعْرَفُ غَيْرُهُ الْمَضْمُونُ إذْ لَا يَضْمَنُ الْعَمَلَ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمَالَ وَلَوْ ضَمِنَ الْعَمَلَ لَوَجَبَ عَلَى وَرَثَتِهِ إكْمَالُ الْحَجِّ إنْ مَاتَ، وَكَانَ بَعْضُ الْقُضَاةِ يَقْضِي بِالْمَضْمُونِ.
وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّمَا يَضْمَنُ الْحَجَّةَ لَا الْإِجَارَةَ وَكَذَلِكَ سُنَّةُ السَّلَفِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِهِ وَاخْتَارَ بَعْضُهُمْ الْجُعَلَ وَاعْتَمَدَ فِي تَقْيِيدِ ذَلِكَ عَلَى مَا يَعْهَدُ بِهِ الْمُوصِي فَإِنْ لَمْ يُفَسِّرْ فَعَلَى عَادَةِ الْبَلَدِ.
(كَمِيقَاتِ الْمَيِّتِ) فِي الْعُتْبِيَّةِ: مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَجِّ عَنْ مَيِّتٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ (وَلَهُ
بِالْحِسَابِ إنْ مَاتَ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْجَلَّابِ: كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِحَسَبِ مَا عَمِلَ حَتَّى فَاتَهُ الْحَجُّ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا بَلَغَ وَانْفَسَخَ الْبَاقِي عَنْ الَّذِي اسْتَأْجَرَهُ ثُمَّ يَرْجِعُ الْأَمْرُ إلَى حُكْمِهِ فِي نَفْسِهِ، فَإِنْ صَدَّهُ عَدُوٌّ وَحَلَّ مَكَانَهُ وَإِنْ مَرِضَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ رَجَعَ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ أَقَامَ حَتَّى مَكَانِهِ وَيَحِلُّ
بِعُمْرَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي تَمَادِيهِ.
وَكَذَلِكَ إنْ فَاتَهُ الْحَجُّ بِخَطَأِ الْعَدَدِ وَلَا شَيْءَ لَهُ بِتَمَادِيهِ لِأَنَّ الْعَامَ الَّذِي اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ ذَهَبَ أَوْ فِي مَعْنَى الذَّاهِبِ، وَإِنَّمَا تَمَادِيهِ لِحَقِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِيمَا يَنْحَلُّ بِهِ مِنْ الْإِحْرَامِ. وَلَوْ أَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ حَلَّ مِنْ إحْرَامِهِ قَضَى قَابِلًا وَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَجَّةٍ مَضْمُونَةٍ فَصَدَّهُ عَدُوٌّ حَلَّ ثُمَّ يَنْظُرُ. فَإِنْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ لِقَابِلٍ لَمْ تُفْسَخْ الْإِجَارَةُ، وَإِنْ كَانَ يَشُقُّ عَلَيْهِ كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَصْبِرَ أَوْ يَفْسَخَ.
وَكَذَلِكَ إنْ مَرِضَ وَفَاتَهُ الْحَجُّ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ هُوَ بِالْخِيَارِ إذَا كَانَ عَلَى بُعْدٍ، وَلَا خِيَارَ لَهُ إذَا لَمْ تُدْرِكْهُ مَشَقَّةٌ فِي الصَّبْرِ. وَإِنْ كَانَ أَحْرَمَ وَأَقَامَ عَلَى إحْرَامِهِ لِقَابِلٍ وَحَجّ أَجْزَأَهُ وَاسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ الْبَاقِي مِنْ مَكَّةَ إلَى عَرَفَةَ وَمَا يُقِيمُ لِأَعْمَالِهِ حَتَّى يَقْضِيَ الْحَجَّ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَأْخُذُ الْأُجْرَةَ كُلَّهَا لِأَنَّهُ بَلَغَ مَكَّةَ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ عُمْدَةَ مَا اُسْتُؤْجِرَ لَهُ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَغَيْرِهِ. فَإِنْ اُسْتُؤْجِرَ بِنَفَقَتِهِ عَلَى عَامٍ بِعَيْنِهِ فَصَدَّهُ عَدُوٌّ حَلَّ وَرَجَعَ وَلَهُ نَفَقَةُ رُجُوعِهِ، وَإِنْ تَمَادَى وَأَقَامَ بِمَكَّةَ حَتَّى حَجَّ لَمْ تَكُنْ لَهُ نَفَقَةٌ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي صُدَّ فِيهِ حَتَّى رَجَعَ إلَيْهِ وَلَهُ النَّفَقَةُ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي صُدَّ فِيهِ حَتَّى رَجَعَ.
وَكَذَلِكَ إنْ مَرِضَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ لَهُ نَفَقَتُهُ مَا أَقَامَ مَرِيضًا وَلَا شَيْءَ فِي رَجْعَتِهِ وَلَهُ فِي تَمَادِيهِ إلَى مَكَّةَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ قَدْ أَحْرَمَ تَمَادَى وَلَهُ نَفَقَتُهُ فِي تَمَادِيهِ وَفِي رَجْعَتِهِ عَلَى الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ لِيَحُجَّ بِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَحْرَمَ لَمْ يَسْتَطِعْ الرُّجُوعَ، وَإِنْ مَاتَ وَكَانَ الْحَجُّ عَلَى الْإِجَارَةِ كَانَ لَهُ بِقَدْرِ مَا سَارَ وَاسْتَرْجَعَ مِنْهُ الْبَاقِيَ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِنَفَقَتِهِ كَانَ لَهُ مَا أَنْفَقَ وَاسْتَرْجَعَ الْفَاضِلَ، وَإِنْ كَانَتْ جُعْلَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيمَا سَارَ مِنْ؛ الطَّرِيقِ شَيْءٌ.
وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَيْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحَجَّةُ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ اُسْتُؤْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يُتِمُّ مِنْ بَقِيَّةِ الطَّرِيقِ.
(وَلَوْ بِمَكَّةَ) الْقَرَافِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: فِي الْأَجِيرِ إذَا مَاتَ بَعْدَ دُخُولِ مَكَّةَ لَهُ جُمْلَةُ الْأَجْرِ وَهُوَ ضَعِيفٌ ثُمَّ أَتَى بِعِبَارَةِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمَةِ (أَوْ صُدَّ) تَقَدَّمَ نَصُّ اللَّخْمِيِّ: مَنْ اُسْتُؤْجِرَ
عَلَى حَجِّ عَامٍ بِعَيْنِهِ فَصَدَّهُ عَدُوٌّ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا بَلَغَ (وَالْبَقَاءُ لِقَابِلٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَجَّةٍ مَضْمُونَةٍ فَصَدَّهُ عَدُوٌّ حَلَّ وَصَبَرَ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ وَإِلَّا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَبَرَ لِقَابِلٍ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ.
فَانْظُرْ أَنْتَ إنْ كَانَ خَلِيلٌ عَنَى هَذَا أَوْ يَكُونُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ مَضْمُونِهِ وَالْمُعَيَّنَةُ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَعَيَّنُ كَإِجَارَةٍ عَلَى سَوْقِ قُلَّةِ مَاءِ الْيَوْمِ إنْ لَمْ يَسْقِهَا وَجَبَ خَلَفُ مَاءٍ بِالْغَدِ.
وَقَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: وَلَوْ صُدَّ الْأَجِيرُ أَوْ مَاتَ سَوَاءٌ عَلَى الضَّمَانِ وَعَلَى الْبَلَاغِ فَفِي الضَّمَانِ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ بِقَدْرِ صُعُوبَةِ الطَّرِيقِ وَسُهُولَتِهَا وَأَمْنِهَا وَخَوْفِهَا لَا بِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ. فَقَدْ يَكُونُ رُبْعُهَا يُسَاوِي ثُلُثَ الْكِرَاءِ. وَفِي الْبَلَاغِ يَرُدُّ مَا فَضَلَ ثُمَّ يَسْتَأْجِرُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. إنْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَتْ النِّيَابَةُ إلَيْهِ. فَإِنْ أَرَادَ بَقَاءَ إجَارَتِهِ إلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ جَازَ فِي الْبَلَاغِ.
أَمَّا إجَارَتُهُ فِي الْبَلَاغِ فَلِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْأَجِيرُ فِيهَا لَيْسَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. وَفِي جَوَازِهِ فِي الْمَضْمُونَةِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ. فَمَنْ رَأَى لَمَّا تَعَذَّرَ الْحَجُّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَصَارَ لَهُ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّ فِيهِ فَسْخَ دَيْنٍ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا، وَمَنْ رَأَى أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهَا وَأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَجُّ أَجَازَ، وَمَتَى
لَمْ تَتَعَيَّنْ السُّنَّةُ فَفِي الْبُطْلَانِ قَوْلَانِ وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ الصِّحَّةُ.
(وَاسْتُؤْجِرَ مِنْ الِانْتِهَاءِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ مَاتَ أَجِيرٌ بِالطَّرِيقِ فَلَهُ بِقَدْرِ مَا بَلَغَ. الْقَابِسِيُّ: يَسْتَأْجِرُ مِنْ مَوْضِعِ مَوْتِ الْأَوَّلِ أَوْ صَدِّهِ.
(وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ كَهَدْيِ تَمَتُّعٍ عَلَيْهِ وَصَحَّ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامَ وَتَعَيَّنَ الْأَوَّلُ) . ابْنُ الْحَاجِبِ: وَمَتَى لَمْ يُعَيِّنْ السَّنَةَ فَفِي الْبُطْلَانِ قَوْلَانِ وَعَلَى الصِّحَّةِ تَتَعَيَّنُ أَوَّلُ سَنَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَجَّةٍ وَلَمْ يُسَمِّ فِي أَيِّ سَنَةٍ فَتَكُونُ الْحَجَّةُ عَلَى الْحُلُولِ، فَإِنْ أَفْسَدَهَا فِي أَوَّلِ سَنَةٍ أَوْ حُصِرَ حَتَّى فَاتَتْهُ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا.
قَالَ سَنَدٌ: يَجِبُ اتِّصَالُ الْعَمَلِ بِالْعَقْدِ فِي الْإِجَارَةِ الْمُعَيَّنَةِ كَسَائِرِ الْإِجَارَاتِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْحِجَازِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ لِيَشْرَعَ فِيهَا عَقِبَ الْعَقْدِ، وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ فِي الْمَضْمُونَةِ السِّنِينَ. ابْنُ يُونُسَ:
حُكِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ: مَنْ اُسْتُؤْجِرَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ مَيِّتٍ وَلَمْ يُذْكَرْ لَهُ مَتَى يَخْرُجُ أَنَّهَا إجَارَةٌ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّهُ مَتَى شَاءَ خَرَجَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ الشُّرُوعَ فَيَجُوزُ. (وَعَلَى عَامٍ مُطْلَقٍ) ابْنُ شَاسٍ: حُكْمُ الْأَجِيرِ أَنْ يَنْوِيَ الْحَجَّ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ فَإِنْ نَوَى لِنَفْسِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اُسْتُؤْجِرَ لِعَامٍ لَا بِعَيْنِهِ (وَعَلَى الْجَعَالَةِ) ابْنُ عَرَفَةَ: النِّيَابَةُ بِعِوَضِ إجَارَةٍ إنْ كَانَ عَنْ مُطْلَقِ الْعَمَلِ وَجُعْلٍ إنْ كَانَ عَلَى
تَمَامِهِ وَبَلَاغٍ إنْ كَانَتْ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ. اُنْظُرْ عِبَارَةَ غَيْرِهِ قَبْلَ هَذَا (وَحَجَّ عَلَى مَا فُهِمَ وَجَنَى إنْ وَفَى دَيْنَهُ وَمَشَى) اللَّخْمِيِّ: فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ: لَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَخَذَ الْحِجَّةَ أَنْ يَرْكَبَ مِنْ الْجَمَالِ وَالدَّوَابِّ إلَّا مَا كَانَ الْمَيِّتُ يَرْكَبُهُ لِأَنَّهُ كَذَلِكَ أَرَادَ الْمَيِّتُ أَنْ يُوصِيَ، وَلَا يَقْضِي بِهِ دَيْنَهُ وَيَسْأَلُ النَّاسَ وَهَذِهِ خِيَانَةٌ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْمَيِّتُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ بِمَالِهِ وَالْعَادَةُ الْيَوْمَ خِلَافُ ذَلِكَ وَأَنَّهُ يَصْنَعُ مَا أَحَبَّ وَيَحُجُّ مَاشِيًا وَكَيْفَ تَيَسَّرَ. (وَالْبَلَاغُ إعْطَاءُ مَا يُنْفِقُهُ بَدْءًا وَعَوْدًا) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَإِجَارَةُ ضَمَانٍ "(بِالْعُرْفِ) فِيهَا: مَنْ أَخَذَ عَلَى الْبَلَاغِ فَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ مَالًا بَدَلَهُ مِنْهُ مِمَّا يَصْلُحُهُ مِنْ الْكَعْكِ وَاللَّحْمِ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَالْوِطَاءِ وَاللِّحَافِ فَإِذَا
رَجَعَ رَدَّ مَا فَضَلَ.
(وَفِي هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَهُمَا) فِيهَا: مَنْ حَجَّ عَنْ مَيِّتٍ فَتَرَكَ مِنْ الْمَنَاسِكِ شَيْئًا. فَإِنْ كَانَتْ الْحَجَّةُ لَوْ كَانَتْ عَنْ نَفْسِهِ أَجْزَأَتْهُ فَهِيَ تُجْزِئُ عَنْ الْمَيِّتِ، وَكُلُّ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مِنْ ذَلِكَ أَوْ فَعَلَهُ لِضَرُورَةٍ فَوَجَبَ بِهِ عَلَيْهِ هَدْيٌ أَوْ أَصَابَهُ أَذًى فَأَمَاطَهُ فَلَزِمَهُ فِدْيَةٌ كَانَتْ الْفِدْيَةُ وَالْهَدْيُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. وَهَذَا كُلُّهُ فِي أَخْذِ الْمَالِ عَلَى الْبَلَاغِ وَمَا وَجَبَ فِي ذَلِكَ بِتَعَمُّدِهِ فَهُوَ فِي مَالِهِ (وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِالسَّرَفِ وَاسْتَمَرَّ إنْ فَرَغَ) قَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: وَأَمَّا الْبَلَاغُ فِي الثَّمَنِ فَأَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مَا يُنْفِقُهُ، فَإِنْ فَضَلَ وَلَهُ شَيْءٌ رَدَّهُ، وَإِنْ عَجَزَ الْمَالُ وَجَبَ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ تَمَامُ نَفَقَتِهِ وَلَهُ أَنْ يُنْفِقَ بِالْمَعْرُوفِ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ مِنْ كَعْكٍ وَزَيْتٍ وَلَحْمٍ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ وَالْوِطَاءِ وَاللِّحَافِ وَالثِّيَابِ. وَإِذَا رَجَعَ رَدَّ مَا فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ وَرَدَّ الثِّيَابَ وَيَكُونُ لَهُ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ مَا لَزِمَهُ مِنْ هَدْيٍ وَفِدْيَةٍ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ مُوجِبَ ذَلِكَ فَإِنْ تَعَمَّدَ وَزَادَ
الْمَعْرُوفُ أَوْ اشْتَرَى شَيْئًا لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِالْحَجِّ كَهَدِيَّةٍ لِأَصْحَابِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَلْزَمْهُمْ.
(أَوْ أَحْرَمَ وَمَرِضَ) اللَّخْمِيِّ: إنْ مَرِضَ أَجِيرُ الْبَلَاغِ بَعْدَ إحْرَامِهِ تَمَادَى وَنَفَقَةُ تَمَادِيهِ وَرَجْعَتِهِ عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ (وَإِنْ ضَاعَتْ قَبْلَهُ رَجَعَ) مُقْتَضَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ يُونُسَ أَنَّ مَنْ أَخَذَ مَالًا لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ مَيِّتٍ عَلَى الْبَلَاغِ فَتَلِفَ مَا قَبَضَهُ لِنَفَقَتِهِ قَبْلَ إحْرَامِهِ رَجَعَ وَنَفَقَةُ رَجْعَتِهِ عَلَى آجِرِهِ، وَفِي لُزُومِ الْحَجِّ مِنْ بَقِيَّةِ الثُّلُثِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ تَمَادَى هَذَا الَّذِي سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ وَلَمْ يَرْجِعْ فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ فِي ذَهَابِهِ. قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ: وَلَا فِي رُجُوعِهِ إلَى مَوْضِعِ سُقُوطِهِ مِنْهُ وَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ إلَى بُلُوغِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ تَسْقُطَ نَفَقَتُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ فَلْيَمْضِ لِأَنَّهُ أَحْرَمَ وَلَمْ يَسْتَطِعْ الرَّحِيلَ وَيُنْفِقُ فِي ذَهَابِهِ وَرَجْعَتِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ الْمَالَ لِيَحُجَّ بِهِ عَنْ الْمَيِّتِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَخَذَهُ عَلَى الْإِجَارَةِ فَسَقَطَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْحَجِّ، أَحْرَمَ أَوْ لَمْ يُحْرِمْ. انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ.
وَفِي مَنَاسِكِ خَلِيلٍ: فَإِنْ تَلِفَ الْمَالُ فِي الْمَضْمُونَةِ فَهُوَ مِنْ الْأَجِيرِ، وَإِنْ تَلِفَ فِي الْبَلَاغِ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَجِيرِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَيَخْتَلِفُ الْحُكْمُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الرُّجُوعِ وَالتَّمَادِي وَالنَّفَقَةِ لِأَنَّهُ إمَّا
أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ الْإِحْرَامِ أَوْ بَعْدَهُ. فَإِنْ تَلِفَ قَبْلَهُ وَرَجَعَ وَنَفَقَتُهُ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِمْ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ فَإِنْ تَمَادَى فَلَا شَيْءَ لَهُ فِي ذَهَابِهِ وَرُجُوعِهِ إلَى مَكَانِ السُّقُوطِ.
قَالَ ابْنُ اللَّبَّادِ: وَلَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (وَإِلَّا فَنَفَقَتُهُ عَلَى آجِرِهِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
ثُمَّ قَالَ خَلِيلٌ فِي الْمَنَاسِكِ: وَإِنْ تَلِفَ بَعْدَ الْإِحْرَامِ تَمَادَى إذْ الْإِحْرَامُ لَا يَرْتَفِضُ. ثُمَّ إنْ لَمْ يَكُنْ بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: النَّفَقَةُ أَيْضًا عَلَى مُسْتَأْجِرِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: بَلْ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يَحُجُّوا عَنْهُ بِالْبَلَاغِ، وَأَمَّا إنْ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ فَرَجَعَ فِي بَقِيَّةِ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يُقَسَّمْ الْمَالُ بِاتِّفَاقٍ.
قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَإِنْ كَانَ قَدْ قُسِّمَ فَعَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الَّذِي يُوصِي أَنْ يُشْتَرَى عَبْدٌ مِنْ ثُلُثِهِ فَيَعْتِقُ فَاشْتَرَى وَلَمْ يُنْفِذْ لَهُ الْعِتْقُ حَتَّى مَاتَ وَقَدْ اقْتَسَمَ الْوَرَثَةُ الْمَالَ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يُشْتَرَى عَبْدٌ آخَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. وَقِيلَ: لَا. (إلَّا أَنْ يُوصِيَ بِالْبَلَاغِ فَفِي بَقِيَّةِ ثُلُثِهِ وَلَوْ قُسِمَ) تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا مِنْ مَنَاسِكِ خَلِيلٍ
(وَأَجْزَأَ إنْ قُدِّمَ عَلَى عَامِ الشَّوْطِ) مِنْ مَنَاسِكِ الْمُصَنِّفِ رحمه الله: وَلَوْ قُدِّمَ الْحَجُّ
عَلَى الْعَامِ الْمُشْتَرَطِ فَقَالَ بَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ: يُجْزِئُهُ كَمَا لَوْ قَدَّمَ دَيْنًا قَبْلَ مَحِلِّهِ (أَوْ تَرَكَ الزِّيَارَةَ وَرَجَعَ بِقِسْطِهَا) مِنْ مَنَاسِكِهِ رحمه الله: وَلَوْ اُسْتُؤْجِرَ وَشُرِطَتْ عَلَيْهِ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَعَذَّرَتْ عَلَيْهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: يَرُدُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ الزِّيَارَةِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ ثَانِيَةً حَتَّى يَزُورَ (أَوْ خَالَفَ إفْرَادًا لِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمَيِّتُ وَإِلَّا فَلَا) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ الْإِفْرَادُ بِوَصِيَّةِ الْمَيِّتِ فَقَرَنَ أَوْ تَمَتَّعَ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ بِغَيْرِ وَصِيَّةٍ فَخَالَفَ فَفِي الْإِجْزَاءِ خِلَافٌ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَإِنْ قُلْنَا ثُمَّ بِالْإِجْزَاءِ فَهَاهُنَا أَوْلَى، وَإِنَّ قُلْنَا بِعَدَمِهِ فَفِي ثُبُوتِ الْإِجْزَاءِ هَاهُنَا وَنَفْيِهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، يُفَرَّقُ فِي الثَّالِثِ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ بِالْعُمْرَةِ الْمُوصِي فَيُجْزِئَهُ، وَبَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ بِهَا نَفْسَهُ فَيُجْزِئَهُ. ثُمَّ إنْ تَمَتَّعَ أَعَادَ الْحَجَّ ثَانِيًا، وَإِنْ قَرَنَ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ لِأَنَّهُ خَائِنٌ وَلَا تُؤْمَنُ عَوْدَتُهُ (كَتَمَتُّعٍ بِقِرَانٍ) الْقَرَافِيُّ: لَوْ اسْتَأْجَرَ لِيَتَمَتَّعَ فَقَرَنَ لَمْ يُجْزِهِ (أَوْ عَكْسِهِ) خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: وَلَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْقِرَانُ فَأَفْرَدَ فَلَا يُجْزِئُهُ لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ. وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَأْجَرَ عَلَى الْقِرَانِ فَتَمَتَّعَ أَوْ بِالْعَكْسِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْفَرْعِ قَبْلَهُ: لَمْ يُجْزِهِ لِغَيْرِ الْقَرَافِيُّ.
(أَوْ هُمَا بِإِفْرَادٍ) أَمَّا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَتَمَتَّعَ
فَأَفْرَدَ فَقَالَ الْقَرَافِيُّ: لَا يُجْزِئُهُ وَأَمَّا لَوْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَقْرُنَ فَأَفْرَدَ فَقَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: لَوْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْقِرَانُ فَأَفْرَدَ فَلَا يُجْزِيهِ لِإِتْيَانِهِ بِغَيْرِ الْمَقْصُودِ. (أَوْ مِيقَاتًا شُرِطَ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ
شَرَطُوا إحْرَامَهُ مِنْ الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ مِنْ غَيْرِهِ فَعَلَيْهِ الْبَدَلُ (فُسِخَتْ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ وَعُدِمَ) أَمَّا فَسْخُ الْإِجَارَةِ إذَا عُيِّنَ الْعَامُ وَخَالَفَ إفْرَادًا لِغَيْرٍ فَفِي مَنَاسِكِهِ وَحُكْمُ الْأَجِيرِ أَنْ يَنْوِيَ لِمَنْ حَجَّ عَنْهُ، فَإِنْ نَوَى لِنَفْسِهِ انْفَسَخَتْ إنْ عُيِّنَ الْعَامُ وَإِلَّا لَمْ يَنْفَسِخْ.
قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ أَحْرَمَ عَنْ الْمَيِّتِ ثُمَّ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يُجْزِ عَنْهُمَا وَلَمْ يَسْتَحِقَّ الْأُجْرَةَ، وَإِنْ اعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ حَجَّ وَكَانَ الْعَامُ مُعَيَّنًا انْفَسَخَتْ. وَقِيلَ: بَلْ
يُجْزِئُ. وَقِيلَ: إنْ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ أَجْزَأَهُ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ هَذَا الثَّالِثَ تَفْسِيرًا لِلْأَوَّلِ. (كَغَيْرِهِ) الْجَلَّابُ: مَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى أَنْ يَحُجَّ عَنْ غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ فِي ذَلِكَ غَيْرَهُ إلَّا بِإِذْنِ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ (أَوْ قَرَنَ) اُنْظُرْ هَلْ يَتَنَزَّلُ عَلَى كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ قَبْلَ هَذَا.
(أَوْ صَرَفَهُ لِنَفْسِهِ) ابْنُ شَاسٍ: حُكْمُ الْأَجِيرِ أَنْ يَنْوِيَ الْحَجَّ لِمَنْ حَجَّ عَنْهُ وَإِنْ نَوَى لِنَفْسِهِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى عَامٍ لَا بِعَيْنِهِ (وَأَعَادَ إنْ تَمَتَّعَ) هَذَا لَفْظُ ابْنِ شَاسٍ قَبْلَ هَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ: " كَتَمَتُّعٍ بِقِرَانٍ " فَانْظُرْ هَلْ يَتَنَزَّلُ كَلَامُهُ عَلَيْهِ.
(وَهَلْ يَنْفَسِخُ إنْ اعْتَمَرَ لِنَفْسِهِ فِي الْمُعَيَّنِ أَوْ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ لِلْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ عَنْ الْمَيِّتِ فَيُجْزِئَهُ تَأْوِيلَانِ) الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَجِّ فَاعْتَمَرَ عَنْ نَفْسِهِ وَحَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ لَمْ يُجْزِهِ عَنْ الْمَيِّتِ وَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى عَنْهُ كَمَا اُسْتُؤْجِرَ. ابْنُ يُونُسَ: وَاَلَّذِي أَرَى أَنَّهُ إنْ رَجَعَ فَأَحْرَمَ مِنْ مِيقَاتِ الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ مِنْهُ تَعَدَّى فَأَحْرَمَ عَنْ نَفْسِهِ. وَلَمَّا نَقَلَ الْقَرَافِيُّ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ: وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى عَامٍ بِعَيْنِهِ وَقُلْنَا لَا يُجْزِئُهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ أَجْزَأَهُ كَمَنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى مَتَاعٍ فَقَبَضَهُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ضَمِنَهُ وَلَا كِرَاءَ لَهُ لِأَنَّ الْغَيْبَ كَشَفَ أَنَّهُ إنَّمَا حَمَلَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ رَدَّ الْمَتَاعَ ثُمَّ كَمَّلَ الْحُمُولَةَ كَانَتْ لَهُ جُمْلَةُ الْأُجْرَةِ.