الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثَوَابٌ كَثِيرٌ جَاءَ أَنَّ اللَّهَ يُلْبِسُ الَّذِي عَزَّاهُ لِبَاسَ التَّقْوَى. «وَعَزَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً فِي ابْنِهَا فَقَالَ: إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَبْقَى وَلِكُلِّ أَجَلٍ مُسَمًّى وَكُلٌّ إلَيْهِ رَاجِعُونَ فَاحْتَسِبِي وَاصْبِرِي فَإِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» .
وَرُوِيَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي الْبَاقِي وَآجَرَك فِي الْفَانِي» .
وَرُوِيَ: «آجَرَكُمْ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِكُمْ وَأَعْقَبَكُمْ مِنْهَا خَيْرًا» . ابْنُ حَبِيبٍ: وَالتَّعْزِيَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ وَاسِعٌ فِي الدِّينِ وَأَمَّا فِي الْأَدَبِ فَيُعَزَّى الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَمَنْزِلِهِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَوُقُوفُ وَلِيِّ الْمَيِّتِ عِنْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ فَيُعَزَّى.
قَالَ النَّخَعِيُّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ لَكِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ. وَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: إنَّا لَا نُعَزَّى فِي النِّسَاءِ.
قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ فَبِالْأُمِّ. ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ غَيْرُهُ كُلٌّ وَاسِعٌ. قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي لِلْمَرْءِ أَنْ يُعَزِّيَ الْمُسْلِمَ إذَا هَلَكَ أَبُوهُ الْكَافِرُ. ابْنُ رُشْدٍ: لَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ لِأَنَّ التَّعْزِيَةَ بِالْمَيِّتِ تَجْمَعُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا تَهْوِينُ الْمُصِيبَةِ عَلَى الْمُعَزَّى وَتَسْلِيَتُهُ مِنْهَا، وَتَحْضِيضُهُ عَلَى الْتِزَامِ الصَّبْرِ وَاحْتِسَابِ الْأَجْرِ وَالرِّضَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ. وَالثَّانِي الدُّعَاءُ بِأَنْ يُعَوِّضَهُ اللَّهُ مِنْ مُصَابِهِ بِنَيْلِ الثَّوَابِ وَيُحْسِنَ لَهُ الْعُقْبَى وَالْمَآبَ. وَالثَّالِثُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فَيُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِأَبِيهِ الْكَافِرِ لِلْحَضِّ عَلَى الرِّضَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، إذْ لَا يَمْنَعُ أَنْ يُؤْجَرَ الْمُسْلِمُ بِمَوْتِ أَبِيهِ الْكَافِرِ إذَا سَلَّمَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَضِيَ بِقَضَائِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعَزِّيَ جَارَهُ الْكَافِرَ بِمَوْتِ أَبِيهِ الْكَافِرِ لِذِمَامِ الْجِوَارِ.
قَالَ سَحْنُونَ: يَقُولُ لَهُ أَخْلَفَ اللَّهُ لَك الْمُصِيبَةَ فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى بِالتَّعْزِيَةِ وَيُعَزَّى الْحُرُّ بِالْعَبْدِ
[صفة الْقَبْر]
(وَعَدَمُ عُمْقِهِ) ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعَمَّقَ الْقَبْرُ جِدًّا بَلْ قَدْرَ عَظْمِ الذِّرَاعِ فَقَبِلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ الشَّقَّ الَّذِي هُوَ نَفْسُ اللَّحْدِ وَأَمَّا نَفْسُ الْقَبْرِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ. ابْنُ عَاتٍ: مَنْ رَأَى تَعْمِيقَهُ الْقَامَةَ وَالْقَامَتَيْنِ رَآهُ فِي أَرْضِ الْوَحْشِ أَوْ تَوَقَّعَ النَّبْشَ. ابْنُ حَبِيبٍ: اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ إنْ أَمْكَنَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: كُلُّ ذَلِكَ وَاسِعٌ وَاللَّحْدُ أَحَبُّ وَهُوَ الْحَفْرُ فِي قِبْلَةِ الْقَبْرِ وَالشَّقُّ فِي وَسَطِهِ.
(وَضَجْعٌ فِيهِ عَلَى الْأَيْمَنِ مُقَبَّلًا) ابْنُ عَرَفَةَ: الزَّوْجُ أَحَقُّ بِإِدْخَالِ زَوْجِهِ قَبْرَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَقْرَبُ مَحَارِمِهَا. ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَأَهْلُ الْفَضْلِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَحَارِمُ فَالنِّسَاءُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَهْلُ الْفَضْلِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْبَغُ: إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ مَحَارِمُ فَقَوَاعِدُ النِّسَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَأَهْلُ الْفَضْلِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالزَّوْجُ أَوْلَى مِنْ الِابْنِ وَالْأَبِ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَلِلزَّوْجِ الِاسْتِعَانَةُ بِذِي مَحْرَمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَبِذِي الْفَضْلِ عِنْدَ أَعْلَاهَا وَالزَّوْجِ عِنْدَ أَسْفَلِهَا. قَالُوا: وَيَسْتُرُ قَبْرَهَا بِثَوْبٍ. أَشْهَبُ:
وَلَا أَكْرَهُهُ فِي الرَّجُلِ وَيَقُولُ إذَا وَضَعَهُ فِي لَحْدِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ تَقَبَّلْهُ بِأَحْسَنَ قَبُولٍ وَإِنْ دَعَا بِغَيْرِهِ أَوْ تَرَكَ فَوَاسِعٌ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَوَاسِعٌ أَنْ يَلِيَ إقْبَارَ الْمَيِّتِ الشَّفْعُ وَالْوَتْرُ وَيُلْحَدُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ إلَى الْقِبْلَةِ وَتُمَدُّ يَدُهُ الْيُمْنَى عَلَى جَسَدِهِ وَيُعْدَلُ رَأْسُهُ لِئَلَّا يَنْطَوِيَ وَتُعْدَلُ رِجْلَيْهِ وَيُرْفِقُ فِي ذَلِكَ وَيَحُلُّ عُقَدَ كَفَنِهِ إنْ عَقَدَ. ابْنُ حَبِيبٍ: إدْخَالُ الْمَيِّتِ مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ أَحَبُّ إلَيَّ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ أُدْخِلَ مِنْ نَاحِيَةِ الْقِبْلَةِ أُرْسِلَ مِنْ نَاحِيَةِ رَأْسِهِ مِنْ الشَّقِّ الْأَيْسَرِ مِنْك وَأَنْتَ فِي الْقَبْرِ فَوَاسِعٌ (وَتُدْرِكُ إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ) ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ وُضِعَ فِي قَبْرِهِ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ فَإِنْ كَانُوا لَمْ يُوَارُوهُ بِحِدْثَانِ ذَلِكَ وَأَلْقَوْا عَلَيْهِ شَيْئًا يَسِيرًا فَأَرَى أَنْ يُحَوَّلَ وَيُوَجَّهَ إلَى الْقِبْلَةِ وَإِنْ فَرَغُوا مِنْ دَفْنِهِ تُرِكَ وَلَا يُنْبَشُ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ وَضْعَهُ لِلْقِبْلَةِ مَطْلُوبٌ غَيْرُ وَاجِبٍ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: إنْ جَعَلُوا رَأْسَهُ مَكَانَ رِجْلَيْهِ وَاسْتَدْبَرُوا بِهِ الْقِبْلَةَ وَوَارَوْهُ وَلَمْ يَخْرُجُوا مِنْ قَبْرٍ. نَزَعُوا تُرَابَهُ وَحَوَّلُوهُ لِلْقِبْلَةِ، وَإِنْ خَرَجُوا مِنْ قَبْرِهِ وَوَارَوْهُ تَرَكُوهُ.
(وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ مَا لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ) ابْنُ رُشْدٍ:
تَرْكُ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ مَعًا أَوْ الْغُسْلِ دُونَ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّلَاةِ دُونَ الْغُسْلِ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْحُكْمِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْفَوَاتَ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ إخْرَاجِ الْمَيِّتِ مِنْ قَبْرِهِ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ هُوَ أَنْ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّغَيُّرُ. وَقَدْ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ نَصْرَانِيَّةٍ أَسْلَمَتْ حِينَ مَوْتِهَا فَدُفِنَتْ فِي قُبُورِ النَّصَارَى فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: اذْهَبُوا فَانْبُشُوهَا ثُمَّ اغْسِلُوهَا وَصَلُّوا عَلَيْهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قَدْ تَغَيَّرَتْ.
(وَسَدُّهُ بِلَبِنٍ ثُمَّ لَوْحٍ ثُمَّ قُرْمُودٍ ثُمَّ آجُرٍّ ثُمَّ حَجَرٍ ثُمَّ قَصَبٍ وَسَنُّ التُّرَابِ أَوْلَى مِنْ التَّابُوتِ) ابْنُ رُشْدٍ: الْأَفْضَلُ فِيمَا يُجْعَلُ عَلَى الْمَيِّتِ فِي قَبْرِهِ اللَّبِنُ ثُمَّ الْأَلْوَاحُ ثُمَّ الْقَرَامِيدُ ثُمَّ الْآجُرُّ ثُمَّ الْحِجَارَةُ ثُمَّ الْقَصَبُ ثُمَّ سَنُّ التُّرَابِ وَسَنُّ التُّرَابِ خَيْرٌ مِنْ التَّابُوتِ. قَالَ ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ: اللَّبِنَةُ مَا يُعْمَلُ مِنْ الطِّينِ بِالتِّبْنِ وَرُبَّمَا عُمِلَ بِدُونِهِ. ابْنُ عَاتٍ: التَّابُوتُ مَكْرُوهٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ بَعْضُ الصَّالِحِينَ: مَا جَنْبِي الْأَيْمَنِ بِأَحَقَّ بِالتُّرَابِ مِنْ جَنْبِي الْأَيْسَرِ وَأَمَرَ أَنْ يُحْثَى عَلَيْهِ التُّرَابُ دُونَ غِطَاءٍ. اُنْظُرْ قِصَّةَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ.
(وَجَازَ غُسْلُ امْرَأَةٍ ابْنَ كَسَبْعٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَ النِّسَاءُ الصَّبِيَّ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ وَشَبَهَهُ.
وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَتِسْعٍ. اللَّخْمِيِّ: وَأَمَّا الْمُنَاهِزُ فَكَكَبِيرٍ (أَوْ رَجُلٌ كَرَضِيعَةٍ) ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَغْسِلُ الرَّجُلُ الصَّبِيَّةَ وَإِنْ صَغُرَتْ جِدًّا.
قَالَ عِيسَى: إذَا صَغُرَتْ جِدًّا فَلَا بَأْسَ أَنْ يُغَسِّلَهَا الْأَجْنَبِيُّ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ.
(وَالْمَاءُ السُّخْنُ) اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلِلْغُسْلِ سِدْرٌ " وَعَدَمُ الدَّلْكِ لِكَثْرَةِ الْمَوْتَى ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ عِنْدَ الْوَبَاءِ وَمَا يَشْتَدُّ عَلَى النَّاسِ مِنْ غُسْلِ الْمَوْتَى لِكَثْرَتِهِمْ أَنْ يَجْتَزِئُوا بِغَسْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِغَيْرِ وُضُوءٍ يُصَبُّ الْمَاءُ عَلَيْهِمْ صَبًّا، وَلَوْ نَزَلَ الْأَمْرُ الْفَظِيعُ بِكَثْرَةِ الْمَوْتَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُدْفَنُوا بِغَيْرِ غُسْلٍ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُغَسِّلُهُمْ وَيُجْعَلُ النَّفَرُ مِنْهُمْ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ وَقَالَهُ أَصْبَغُ وَغَيْرُهُ.
(وَتَكْفِينٌ بِمَلْبُوسٍ) أَشْهَبُ: الْكَفَنُ الْجَدِيدُ وَالْخَلِقُ سَوَاءٌ وَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ إلَّا لِنَجَاسَةٍ أَوْ وَسَخٍ (وَمُزَعْفَرٍ وَمُوَرَّسٍ) عِيسَى: سَأَلْت ابْنَ الْقَاسِمِ هَلْ تُكَفَّنُ الْمَرْأَةُ فِي الثِّيَابِ الْمَصْبُوغَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَتُكَفَّنُ فِي الْوَرْسِ وَالزَّعْفَرَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْوَانِ إلَّا أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ الْمُعَصْفَرَ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ كَرِهَ الْمُعَصْفَرَ لِلْمَرْأَةِ فَهُوَ لِلرَّجُلِ أَكْرَهُ لِأَنَّهُ مِنْ الزِّينَةِ، وَأَمَّا الْوَرْسُ وَالزَّعْفَرَانُ فَهُوَ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ مِنْ الطِّيبِ وَلَيْسَ مِنْ الزِّينَةِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَجَازَ مَالِكٌ الْكَفَنَ فِي الْعَصَبِ وَهُوَ الْحِبَرُ. ابْنُ حَبِيبٍ: الْحِبَرُ مُسْتَحَبٌّ لِمَنْ قَوِيَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: إنَّ أَحَدَ الْأَثْوَابِ الَّتِي كُفِّنَ فِيهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ حِبَرًا. الْحِبَرَةُ مِثْلُ عِنَبَةٍ بُرْدٌ يَمَانِيٌّ وَالْجَمْعُ حِبَرٌ وَالْعَصَبُ ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمْن.
(وَحَمْلُ غَيْرِ أَرْبَعَةٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ حَمْلُ سَرِيرِ الْمَيِّتِ كَيْفَ تَيَسَّرَ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: حَمْلِ الْجِنَازَةِ مِنْ جَوَانِبِهَا الْأَرْبَعِ سُنَّةٌ وَاسْتَحَبَّ هَذَا ابْنُ حَبِيبٍ (وَبَدْءٌ بِأَيِّ نَاحِيَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِحَمْلِ الْجِنَازَةِ مِنْ أَيِّ جَوَانِبِ السَّرِيرِ شِئْت بَدَأْت وَلَك أَنْ تَحْمِلَ بَعْضَ الْجَوَانِبِ وَتَدَعَ بَعْضَهَا وَإِنْ شِئْت لَمْ تَحْمِلْ (وَالْمُعَيِّنُ مُبْتَدِعٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: قَوْلُ مَنْ قَالَ يُبْدَأُ بِالْيَمِينِ بِدْعَةٌ.
(وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ أَوْ شَابَّةٍ إنْ لَمْ يُخْشَ مِنْهَا الْفِتْنَةُ فِي كَأَبٍ
وَزَوْجٍ وَابْنٍ وَأَخٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: يُوَسَّعُ لِلنِّسَاءِ أَنْ يَخْرُجْنَ مَعَ الْجِنَازَةِ وَقَالَ لَا بَأْسَ أَنْ تَتْبَعَ الشَّابَّةُ جِنَازَةَ وَلَدِهَا وَوَالِدِهَا وَزَوْجِهَا وَأَخِيهَا. اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَخُرُوجُ مُتَجَالَّةٍ لِعِيدٍ وَاسْتِسْقَاءٍ "(وَسَبَقَهَا وَجُلُوسٌ قَبْلَ وَضْعِهَا) تَقَدَّمَ النَّصُّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتَقَدَّمَهُ.
(وَنَقْلٌ وَإِنْ مِنْ بَدْوٍ) ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُحْمَلَ الْمَيِّتُ مِنْ الْبَادِيَةِ لِلْحَاضِرَةِ وَمِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ. مَاتَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَا لِلْمَدِينَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ. وَرَوَى عَلِيٌّ: لَا بَأْسَ بِهِ لِلْمِصْرِ إنْ قَرُبَ.
(وَبُكَاءٌ عِنْدَ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقَوْلٍ قَبِيحٍ) ابْنُ حَبِيبٍ: الْبُكَاءُ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ مُبَاحٌ بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَلَا كَلَامٍ مَكْرُوهٍ وَلَا اجْتِمَاعِ نِسَاءٍ. «انْتَهَرَ عُمَرُ نِسَاءً يَبْكِينَ عَلَى مَيِّتٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: دَعْهُنَّ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَإِنَّ الْعَيْنَ دَامِعَةٌ وَالنَّفْسَ مُصَابَةٌ وَالْعَهْدَ حَدِيثٌ» . وَيُكْرَهُ اجْتِمَاعُهُنَّ لِلْبُكَاءِ وَلَوْ سِرًّا. وَنَهَى عُمَرُ فِي مَوْتِ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَبْكِينَ وَفَرَّقَ جَمْعَهُنَّ، «وَنَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ لَطْمِ الْخُدُودِ وَشَقِّ الْجُيُوبِ وَضَرْبِ
الصُّدُورِ وَالدُّعَاءِ بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَقَالَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ وَخَرَقَ وَذَلَقَ وَسَلَقَ» وَالْحَلْقُ حَلْقُ الشَّعْرِ، وَالذَّلْقُ ضَرْبُ الْخُدُودِ، وَالسَّلْقُ الصِّيَاحُ فِي الْبُكَاءِ وَقُبْحُ الْقَوْلِ.
(وَجَمْعُ أَمْوَاتٍ بِقَبْرٍ لِضَرُورَةٍ وَوَلِيَ الْقِبْلَةَ الْأَفْضَلُ) رَوَى ابْنُ وَهْبٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ مِنْ قَتْلَى أُحُدٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ ثُمَّ يَقُولُ: أَيُّهُمْ كَانَ أَكْثَرَ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ» . فَإِذَا أُشِيرَ إلَى أَحَدِهِمَا قَدَّمَهُ فِي اللَّحْدِ. وَمِنْ
كِتَابِ الْغَصْبِ: وَإِذَا دُفِنَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ جُعِلَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ. قِيلَ: فَهَلْ يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ الصَّعِيدِ أَوْ يُدْفَنَانِ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا.
قَالَ أَشْهَبُ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ: يُفْعَلُ ذَلِكَ بِالرَّجُلَيْنِ لِلضَّرُورَةِ وَيُقَدَّمُ فِي اللَّحْدِ أَفْضَلُهُمَا وَلَا يُجْعَلُ بَيْنَهُمَا مِنْ الصَّعِيدِ حَاجِزًا وَكَفَى بِالْأَكْفَانِ بَيْنَهُمَا حَاجِزًا. وَكَذَلِكَ إنْ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِمَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ وَلِمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ حَظُّهُ مِنْ الْإِسَاءَةِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا بَأْسَ بِجَعْلِ مَنْفُوسِ النُّفَسَاءِ مَعَهَا إنْ اسْتَهَلَّ جُعِلَ لِنَاحِيَةِ الْأَمَامِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَإِلَّا أُخِّرَ عَنْهَا وَنُوِيَتْ بِالصَّلَاةِ دُونَهُ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُدْفَنَ مَعَهَا وَلَوْ اسْتَهَلَّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ جُمِعُوا فِي قَبْرٍ لِلضَّرُورَةِ فَالرَّجُلُ لِلْقِبْلَةِ ثُمَّ الصَّبِيُّ ثُمَّ الْمَرْأَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ: يُؤْخَذُ هَذَا التَّرْتِيبُ فِي تَعَدُّدِ قُبُورِهِمْ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ وَفِي تَقَدُّمِ إقْبَارِهِمْ (أَوْ بِصَلَاةٍ يَلِي الْإِمَامَ رَجُلٌ فَطِفْلٌ فَعَبْدٌ فَخَصِيٌّ فَخُنْثَى كَذَلِكَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا اجْتَمَعَتْ جَنَائِزُ لَمْ يَنْبَغِ لِلْإِمَامِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى بَعْضِهَا وَيُؤَخِّرَ بَعْضَهَا.
ابْنُ رُشْدٍ: إذَا قَلَّ عَدَدُ الْجَنَائِزِ فَكَانُوا دُونَ الْعِشْرِينَ فَكَانَ مَالِكٌ يَرَى الْأَحْسَنَ أَنْ يُجْعَلُوا وَاحِدًا أَمَامَ وَاحِدٍ، ثُمَّ رَأَى وَاسِعًا أَنْ يَجْعَلُوا سَطْرًا وَاحِدًا مِنْ الشَّرْقِ إلَى الْغَرْبِ وَلَمْ يُفَضِّلْ إحْدَى الصُّورَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى. وَأَمَّا إنْ كَثُرَتْ جَنَائِزُ الرِّجَالِ وَحْدَهُمْ أَوْ مَعَ النِّسَاءِ فَإِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ سَطْرَيْنِ سَطْرَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا. فَإِنْ كَانَتْ الْأَسْطُرُ وِتْرًا قَامَ الْإِمَامُ فِي وَسَطِ الْأَوْسَطِ مِنْهَا. وَإِنْ كَانَتْ شَفْعًا قَامَ فِيهَا بَيْنَ رَجُلَيْنِ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ وَيَسَارِ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ وَيَكُونُ الْأَفْضَلُ مِنْهُمْ الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيه فِي الْفَضْلِ يَلِي الَّذِي عَلَى يَمِينِهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ فِي الْفَضْلِ الَّذِي يَلِي الَّذِي عَلَى شِمَالِهِ ثُمَّ يَنْتَقِلُ إلَى الصَّفِّ الَّذِي أَمَامَهُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ أَبَدًا.
وَقَالَ