المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادس: (الضمان الثاني عشر) : أن الشريعة جعلت أمر الطلاق بيد الرجل - ضمانات حقوق المرأة الزوجية

[محمد يعقوب الدهلوي]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌المدخل

- ‌الفصل الأول: الصمانات العامة لحقوق المرأة الزوجية

- ‌المبحث الأول: (الضمان الأول) : أن حقوق المرأة الزوجية ثابتة بأحكام شرعية توعد الله من اعتدى عليها، أو قصر في أدائها

- ‌المبحث الثاني: (الضمان الثاني) : أن من الحقوق الزوجية، ما لا يمكن التنازل عنه شرعا

- ‌المبحث الثالث: (الضمان الثالث) : أن الشريعة أبطلت التنازل عن الحقوق الزوجية إذا كان مشتملا على الإكراه أو الغرر

- ‌المبحث الرابع: (الضمان الرابع) : أن الشريعة أبطلت التنازل عن الحقوق الزوجية مسبقا

- ‌المبحث الخامس: (الضمان الخامس) : أن الشريعة حرمت الأنكحة التي فيها ضرر مادي أو معنوي للمرأة

- ‌المبحث السادس: الضمان السادس) : أن الشريعة ألغت تصرفات الزوج الضارة بالمرأة مما كان سائداً في الجاهلية، وعاقبت عليها، كالظهار، والإيلاء

- ‌الفصل الثاني: الضمانات الخاصة لحقوق زوجية معينة

- ‌المبحث الأول: (الضمان السابع) : أن الشريعة منعت الولي من عضل موليته إن أرادت أن تنكح

- ‌المبحث الثاني: (الضمان الثامن) : أن الولاية تتحول من الولي الأقرب إلى الولي الأبعد

- ‌المبحث الثالث: (الضمان التاسع) : أن الشريعة جعلت لها الحق في أن تشترط من الحقوق المادية والمعنوية ما فيه مصلحتها

- ‌المبحث الرابع: (الضمان العاشر) : أن المرأة لو زوِّجت من غير رضاها كان لها حق الفسخ

- ‌المبحث الخامس: (الضمان الحادي عشر) : أن الشريعة الإسلامية ضمنت للمرأة مهرها، بأوجه عدة

- ‌المبحث السادس: (الضمان الثاني عشر) : أن الشريعة جعلت أمر الطلاق بيد الرجل

- ‌المبحث السابع: (الضمان الثالث عشر) : أن الشريعة جعلت أمر الطلاق بيدها بالاشتراط

- ‌المبحث الثامن: (الضمان الرابع عشر) : أن الشريعة جعلت لها الخيار، إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي من قبل الزوج

- ‌المبحث التاسع: (الضمان الخامس عشر) : أن الشريعة أباحت للمرأة طلب الخلع إن لم تطق العيش مع زوجها

- ‌المبحث العاشر: (الضمان السادس عشر) : أن الشريعة أمرت ببعث الحكمين للإصلاح بين الزوجين

- ‌المبحث الحادي عشر: (الضمان السابع عشر) : أن الشريعة فرضت لها الميراث ولو طلقت طلاقا بائنا، إذا اتهم زوجها بقصد حرمانها من الميراث

- ‌مصادر ومراجع

الفصل: ‌المبحث السادس: (الضمان الثاني عشر) : أن الشريعة جعلت أمر الطلاق بيد الرجل

‌المبحث السادس: (الضمان الثاني عشر) : أن الشريعة جعلت أمر الطلاق بيد الرجل

.

من ضمانات حقوق المرأة الزوجية، أن تدوم الحياة الزوجية، فتستمر في الحصول على مصالحها، إلا أن تلك الحياة قد يعتريها ما يوجب إنهاءها من نزاع وشقاق بين الزوجين، وأمور لا يمكن معالجتها إلا بذاك، فشرع الله سبحانه وتعالى لذلك الطلاق.

وبما أن الأصل لتحقيق مصالح المرأة - وكذلك الزوج - أن تستمر العلاقة الزوجية بينهما، فإن مما يضمن استمرارها، أن جعل الله سبحانه وتعالى أمر إنهائها في يد الرجل لحِكَم علمها العليم الحكيم، ولم تخف على العاقل البصير.

وسأذكر فيما يلي - بعون الله تعالى - مشروعية الطلاق وكونه في يد الزوج، وحكمة ذلك.

أولا: مشروعية الطلاق:

الطلاق مشروع وثابت بالكتاب والسنة والإجماع.

فأما الكتاب فآيات منها:

ص: 108

قول الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِتَعْتَدُوا} 1.

وأما السنة، فأحاديث منها:

- ما رواه أبو داود عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَبْغَضُ الْحَلالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلاقُ "2.

- وما رواه ابن ماجه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ سَيِّدِي زَوَّجَنِي أَمَتَهُ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، قَالَ: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمِنْبَرَ فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا إِنَّمَا الطَّلاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ"3.

وأجمع المسلمون على جواز إيقاع الطلاق في الجملة4.

1 من الآية 231 من سورة النساء.

2 سنن أبي داود (2/ 631-632) وابن ماجه (1/650) . قال الألباني في الإرواء (7/106) : "ضعيف".

3 سنن ابن ماجه، (1/672)، قال في الزوائد: في إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف. وحسّن إسناده الألباني في الإرواء (7/108) بمجموع طرقه.

4 انظر: الإجماع لابن المنذر ص43، ومراتب الإجماع لابن حزم، ص 71.

ص: 109

كما اتفقوا أن طلاق المسلم العاقل البالغ الذي ليس سكراناً ولا مكرها ولا غضباناً ولا محجورا ولا مريضا، لزوجته التي قد تزوجها زواجا صحيحا جائز

الخ1.

ثانيا: حكمة كون الطلاق في يد الرجل، وأنه ضمان للمرأة.

جعل الشارع الطلاق علاجا نهائيا، لمشاكل الحياة الزوجية، "فالطلاق محظور نظرا إلى الأصل، ومباح نظرا إلى الحاجة"2.

ولسنا بصدد ذكر حكمة تشريع الطلاق، إذ ليس هذا مجاله، وإنما القصد بيان ما في الطلاق من ضياع للمرأة وحقوقها، وأن مصلحتها في استمرار الحياة الزوجية، ما بقيت قابلة للاستمرار، وأن الشارع جعل من أسباب ضمان استمرار الحياة الزوجية، ومن ثمَّ ضمان الحقوق الزوجية، أن جعل أمر الطلاق بيد الزوج، لا بيد الزوجة.

وبيان ذلك أن من مقاصد الشريعة أن تستمر الحياة الزوجية بين الزوج وزوجته مدى الحياة، ولا تنقطع هذه العلاقة الشرعية إلا بموت أحدهما، وفي ذلك مصلحة الزوجين، وضمان لحقوق المرأة الزوجية بصفة خاصة.

1 مراتب الإجماع لابن حزم، ص 71.

2 الفتاوى الهندية (1/348) .

ص: 110

إلا أن الحياة الزوجية لا يتوقع منها أن تدوم على نمط واحد، فيعتريها الدفء والبرودة في العلاقات، والحماس والفتور كذلك، كما يتخللها خلافات بين الزوجين، غيُر خافية.

وهذه الخلافات قد لا تكون عميقة، لدرجة يضطر فيها الزوجان إلى إنهاء حياتهما الزوجية، إلا أن طبيعة المرأة العاطفية، وقصر نظرها في إدراك الأمور، وأحاسيسها المرهفة _ والتي لا تكون في الغالب طويلة الأمد _ قد تعرض حياتها الزوجية للخطر والانتهاء، لو كان أمر إنهائها بيدها، فكان من حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل أمر الطلاق بيد الرجل الذي يتثبت من كل الأمور والعواقب، ويحسب كل حساباته، قبل الإقدام على الطلاق.

ذلكم أن الرجل قد تكلف من أمواله ومساعيه في دفع المهر، وتكاليف الزواج، وتأسيس بيت الزوجية الشيء الكثير، فهو يفكر مليًّا قبل تدمير ذلك البيت الذي كلفه كل ذاك، ويعلم أن الأمر لن يتوقف عند ذلك الحد، بل عليه بعد ذلك أن ينفق على زوجته أيام العدة، وأن يدفع لها ما تبقى من مهرها المؤجل، وأنه هو الذي يقع عليه العبء الأكبر لمعاناة الأطفال بسبب الفراق، مع يجب عليه من نفقتهم كاملة، فلا يقدم على الطلاق إلا إذا انسدت أمامه السبل الأخرى لحل مشاكله الزوجية.

وفي ذلك ضمان لحقوق المرأة ومصلحتها، وزوجها، بالمحافظة على بيت الزوجية.

ص: 111