المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: في العتق وفضله - التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام - جـ ١١

[خالد بن ضيف الله الشلاحي]

الفصل: ‌باب: في العتق وفضله

‌باب: في العتق وفضله

1418 -

عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيُّما امريٍ مُسلمٍ أَعْتَقَ امرأ مسلمًا، استنقَذَ اللهُ بكلِّ عُضْوٍ منهُ عضوًا منهُ مِن النَّارِ" متفق عليه.

رواه البخاري (2517)، ومسلم 2/ 1147، والنسائي في "الكبرى" كما في "الأطراف" 9/ 505، والترمذي (1541)، وأحمد 2/ 420 و 422 و 429 و 430 و 447 و 525، وابن الجارود في "المنتقى"(968)، والبيهقي 6/ 273 و 10/ 271 كلهم من طريق سعيد بن مرجانه، عن أبي هريرة مرفوعًا به.

وللحديث طرق أخرى.

* * *

1419 -

وللترمذيِّ وصَحَّحَهُ عن أبي أُمامةَ: "وأيُّما امرئٍ مُسْلمٍ أعتقَ امرأتين مسلمتين، كانتا فكاكَه مِن النارِ".

رواه الترمذي (1547) قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا عمران بن عُيينة -هو أخو سفيان بن عُيينة- عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد، عن أبي أُمامة وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيُّما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلمًا، كان فكاكه

ص: 227

من النار، يُجزَى كلُّ عُضوٍ منه عضوًا منه. وأيُّما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمين كانتا فكاكه من النار، يُجزَى كلُّ عضوٍ منهما عضوًا منه، وأيُّما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة، كانت فكاكها من النار، يُجزَى كلُّ عضو منها عضوًا منها".

قلت: رجاله لا بأس بهم، وإسناده قوي. قال الترمذي 5/ 266.

هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. اهـ.

وقال الألباني في "صحيح سنن الترمذي"(1252). صحيح. اهـ.

* * *

1420 -

ولأبي داودَ مِن حديثِ كعبِ بنِ مُرَّةَ: "وأيُّما امرأةٍ أَعتَقتْ امرأةً مسلمةً، كانت فكاكَها من النار".

رواه أبو داود (3967)، وابن ماجه (2522)، وأحمد 4/ 235 كلهم من طريق عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن شرحبيل بن السمط، أنه قال لكعب بن مرة أو مرة بن كعب: حدثنا حديثًا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر. قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعتق امرأ مسلمًا كان فكاكه من النار، يجزئ كلُّ عظمٍ منه بكلِّ عظم منه، ومن أعتق امرأتين مسلمتين، كانتا فكاكه من النار، يجزئُ بكل عظمين منهما عظمٌ منه" واللفظ لابن ماجه. وأحال أبو داود لفظه إلى حديث معاذ.

قلت: رجاله ثقات، وإسناده قوي ظاهره الصحة.

ص: 228

قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 5/ 147: وللنسائي من حديث كعب بن مرة .. إسناده صحيح. اهـ.

وقد رواه عن عمرو بن مرة؛ شعبة والأعمش. ورواه أحمد 4/ 321 قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا سفيان، عن منصور عن سالم، عن رجل، عن كعب. هكذا ولم يسم شرحبيل بن السمط.

وصحح الحديث الألباني كما في "صحيح سنن أبي داود"(3357).

وللحديث شواهد أخرى. منها ما رواه أبو داود (3966)، والنسائي 6/ 26 كلاهما من طريق بقية، قال. ثنا صفوان بن عمرو، قال حدثني سليم بن عامر، عن شرحبيل بن السمط، أنه قال لعمرو بن عبسة: حدثنا حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أعتق رقبةً مؤمنةً كانت فداءه من النار".

قلت: في إسناده بقية، وللحديث طرق أخرى جيدة. فقد رواه النسائي 7/ 26 قال. أخبر محمد بن عبد الأعلى، قال حدثنا خالد، قال: حدثنا هشام، قال: حدثنا قتادة، عن سالم بن أبي الجعد، عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي نجيح السلمي -عمرو بن عبسة مرفوعًا، وفيه:"من رمى بسهم في سبيل الله فهو عدل محرر".

وللحديث طرق أخرى عند النسائي وأحمد 4/ 113 و 386 وسعيد بن منصور (2419 - 2420) ولما ذكر المنذري في "مختصر السنن" 5/ 425 الإسناد الأول. قال: في إسناده بقية، وفيه مقال وقد أخرجه النسائي من طرق أخرى وفيها ما إسناده حسن. اهـ.

ص: 229

وروى أحمد 4/ 404، والحميدي (767) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة، ثنا شعبة الكوفي، قال: كنا عند أبي بردة بن أبي موسى فقال: أي بني ألا أحدثكم حديثًا حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من أعتق رقبة أعتق الله عز وجل بكل عضوٍ منها عضوًا منه من النار".

قلت: رجاله لا بأس بهم.

* * *

1421 -

وعن أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: سألتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: "إيمانٌ بالله، وجهادٌ في سبيلِهِ" قلت: فأيُّ الرِّقابِ أفضلُ؟ قال: "أغلاها ثمنًا، وأَنْفَسُها عندَ أهلها" متفق عليه.

رواه البخاري (2518)، ومسلم 1/ 86، والنسائي 6/ 19، وفي "الأطراف" 9/ 195، وابن ماجه (2523)، وأحمد 5/ 150 و 171، والدارمي 2/ 216، وابن أبي شيبة 5/ 285، والحميدي (131)، وابن الجارود في "المنتقى"(969) وابن حبان 7 / رقم (4577)، والبيهقي 10/ 273 كلهم من طريق هشام بن عروة وغيره، عن أبيه عروة، عن أبي مرواح، عن أبي ذر مرفوعًا به.

* * *

ص: 230

1422 -

وعن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "من أعتق شِرْكًا له في عبدٍ، فكان له مالٌ يبلغ ثمنَ العبدِ، قُوِّمَ قيمةَ عَدْلٍ، فأعطَى شركاءَه حِصَصَهُم، وعَتَقَ عليه العبدُ، وإلَّا فقد عَتَقَ منه ما عَتَقَ" متفق عليه.

رواه البخاري (2522)، ومسلم 2/ 1139، وأبو داود (2940) و (3941) و (3945)، والنسائي 7/ 319، والترمذي (1346)، وابن ماجه (2528)، وأحمد 2/ 2 و 15 و 77 و 105 و 112 و 142 و 156، وابن الجارود في "المنتقى"(970)، وابن حبان (1211)، والدارقطني 4/ 124، والبيهقي 6/ 96، كلهم عن طريق نافع، عن ابن عمر مرفوعًا به.

* * *

1423 -

ولهما عن أبي هُريرةَ رضي الله عنه: "وإلا قُوِّمَ عليه واستُسعِيَ غيرَ مشقوقٍ عليه" وقيل: إنَّ السعاية مدرجةٌ في الخبرِ.

رواه البخاري (2527)، ومسلم 2/ 1140، وأبو داود (3934 - 3935) و (3939)، والترمذي (1348)، وابن ماجه (2527)، وأحمد 2/ 347 و 426 و 472 و 531 والبغوي في "شرح السنة" 9/ 358 كلهم من طريق بشير بن نهيك، عن أبي هريرة - رضي الله

ص: 231

عنه-، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال:"من أعتق نصيبًا أو شقيصًا -في مملوكٍ فَخَلاصهُ عليه في ماله، إن كان له مال، وإلَّا قوِّم عليه فاستسعي به غير مشقوق عليه".

ولما رواه أبو داود (3939) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير به.

قال أبو داود عقبه: ورواه روح بن عبادة، عن سعيد بن أبي عروبة لم يذكر السعاية، ورواه جرير بن حازم وموسى بن خلف جميعًا عن قتادة؛ بإسناد يزيد بن زريع، وذكرا فيه السعاية. اهـ.

وقال الترمذي: روى شعبة عن قتادة هذا الحديث، ولم يذكر فيه أمر السعاية. اهـ. وصحح البخاري كما في "العلل الكبير" 2/ 547 الحديث وقال: الحديثان جميعًا صحيحان. اهـ. يعني باللفظين. وقال عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 2/ 12: ذكر الاستسعاء في هذا الحديث، يروى من قول قتادة، ذكر ذلك شعبة وهشام وهمام عن قتادة. اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 5/ 157: غفل عبد الحق فزعم أن هشامًا وشعبة ذكر الاستسعاء فوصلاه، وتعقب ذلك عليه ابن المواق فأجاد، وبالغ ابن العربي فقال: اتفقوا على أن ذكر الاستسعاء ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو من قول قتادة.

ونقل الخلال في "العلل" عن أحمد أنه ضعف رواية سعيد في الاستسعاء، وضعفها أيضًا الأثرم، عن سليمان بن حرب، واستند

ص: 232

إلى أن فائدة الاستسعاء أن لا يدخل الضرر على الشريك، قال: فلو كان الاستسعاء مشروعًا للزم أنه لو أعطاه مثلًا كل شهر درهمين أنه يجوز ذلك، وفي ذلك غاية الضرر على الشريك. اهـ.

ثم قال الحافظ ابن حجر: وبمثل هذا لا تُرد الأحاديث الصحيحة قال النسائي: بلغني أن همامًا رواه فجعل هذا الكلام -أي الاستسعاء- عن قول قتادة.

وقال الإسماعيلي: قوله: "ثم استسعى العبد" ليس في الخبر مسندًا، وإنما هو قول قتادة مدرج في الخبر على ما رواه همام.

وقال ابن المنذر والخطابي: هذا الكلام الأخير من فتيا قتادة، ليس في المتن.

ثم نقل الحافظ ابن حجر عن الدارقطني أنه قال: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: ما أحسن ما رواه همام ضبطه، وفصل بين قول النبي صلى الله عليه وسلم وبين قول قتادة، هكذا جزم هؤلاء بأنه مدرج. وأبي ذلك آخرون منهم صاحبا "الصحيح" فصححا كون الجمح مرفوعًا، وهو الذي رجحه ابن دقيق العيد وجماعة، لأن سعيد بن أبي عروبة أعرف بحديث قتادة لكثرة ملازمته له، وكثرة أخذه عنه من همام وغيره. وهشام وشعبة وإن كانا أحفظ من سعيد لكنهما لم ينافيا ما رواه، وإنما اقتصرا من الحديث على بعضه، وليس المجلس متحدًا حتى يتوقف في زيادة سعيد، فإن ملازمة سعيد لقتادة كانت أكثر منهما، فسمع منه ما لم يسمعه غيره، وهذا كله لو انفرد، وسعيد لم ينفرد

اهـ.

ص: 233

وقال الزيلعي في "نصب الراية" 3/ 283: قال البيهقي: فقد اجتمع ها هنا شعبة مع فضل حفظه وعمله، بما سمع قتادة وما لم يسمع، وهشام مع فضل حفظه، وهمام مع صحة كتابته، وزيادة معرفته بما ليس من الحديث على خلاف ابن أبي عروبة، ومن تابعه من إدراج السعاية في الحديث، وفي هذا ما يضعف ثبوت الاستسعاء بالحديث.

ثم قال الزيلعي: وقال صاحب "التنقيح"(1): وقد تكلم جماعة من الأئمة في حديث سعيد هذا، وضعَّفوا ذكر الاستسعاء. وقالوا: الصواب أن ذكر الاستسعاء من رأى قتادة، كما رواه همام عنه؛ فجعله من قوله؛ وفي قول هؤلاء الأئمة نظر. فإن سعيد بن أبي عروبة من الأثبات في قتادة، وليس هو بدون همام، وقد تابعه جماعة على ذكر الاستسعاء، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهم جرير بن أبي حازم، وأبان بن يزيد العطار، وحجاج بن حجاج، وموسى بن خلف، وحجاج بن أرطاة، ويحيى بن صبيح الخراساني. اهـ.

وسئل الدارقطني في "العلل" 10 / رقم (2031) عن هذا الحديث. فقال: يرويه قتادة، واختلف عنه في إسناده ومتنه، فأما الخلاف في إسناده؛ فإن سعيد بن أبي عروبة، وحجاج بن حجاج، وجرير بن حازم، وأبان العطار، وهمامًا، وشعبة رووه عن قتادة، عن النضر بن أنس، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة. وخالفهم الحجاج

(1) راجع "التنقيح" 3/ 557.

ص: 234

ابن أرطاة، رواه عن قتادة، عن موسى بن أنس مكان النضر بن أنس. ووهم.

وأما هشام الدستوائي. فرواه عن قتادة، عن بشير بن نهيك، عن أبي هريرة، ولم يذكر بينهما أحدًا.

وأما الخلاف في متنه فإن سعيد بن أبي عروبة، وحجاج بن حجاج، وأبان العطار، وجرير بن حازم، وحجاج بن أرطاة اتفقوا في متنه، وجعلوا الاستسعاء مدرجًا في حديث النبي صلى الله عليه وسلم وأما شعبة وهشام فلم يذكرا فيه الاستسعاء بوجه وأما همام فتابع شعبة وهشاما على متنه، وجعل الاستسعاء من قول قتادة، وفصل بين كلام النبي صلى الله عليه وسلم ويشبه أن يكون همام قد حفظه. قال ذلك أبو عبد الرحمن المقرئ، وهو من الثقات عن همام. ورواه محمد بن كثير وعمرو بن عاصم عن همام، فتابعه شعبة على إسناده ومتنه ولم يذكر فيه الاستسعاء بوجه اهـ.

* * *

1424 -

وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لا يَجزِي ولا والِدَهُ، إلَّا أن يَجِدَهُ مَملوكًا فيَشتَرِتهُ فيُعْتِقَه" رواه مسلم.

رواه مسلم 2/ 1148، وأبو داود (5137) والترمذي (1907)، وابن ماجه (3659)، وأحمد 2/ 230 و 263 و 376 و 445،

ص: 235

والطيالسي (2405)، وابن الجارود في "المنتقى"(971)، وابن حبان 1 / رقم (425)، والبيهقي 10/ 289، وأبو نعيم في "الحلية" 6/ 345 كلهم من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا به.

* * *

1425 -

وعن سَمُرَةَ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَن مَلَكَ ذا رَحِم مَحْرَمٍ فهو حرٌّ" رواه أحمد والأربعة، ورجع جمع من الحفاظ أنه موقوف.

رواه أبو داود (3949)، والترمذي (1365)، والنسائي في "الكبرى" 3/ 173، وأحمد 5/ 15 و 20 والطيالسي (910)، وابن الجارود في "المنتقى"(973)، والطبراني في "المعجم الكبير" 7 / رقم (6852)، والحاكم 2/ 214، والبيهقي 10/ 289 كلهم من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة مرفوعًا به هكذا رواه عن حماد جمع من الرواة، منهم يزيد بن هارون، وموسى بن إسماعيل، وعبد الله بن معاوية الجمحي. وخالفهم محمد بن بكر البرساني، فقد رواه الترمذي 5/ 49 وابن ماجه (2524). والطبراني في "الأوسط" 2 / رقم (1461) كلهم من طريق محمد بن بكر البرساني، عن حماد، عن قتادة وعاصم الأحول، كلاهما عن الحسن، عن سمرة مرفوعًا به.

ص: 236

قال الترمذي 5/ 49: ولا نعم أحدًا ذكر في هذا الحديث عاصمًا الأحول عن حماد بن سلمة غير محمد بن بكر. اهـ.

وقال الطبراني: لم يَروِ هذا الحديثَ عن عاصم إلا حماد بن سلمة، ولا عن حماد إلا محمد، تفرد به محمد بن يحيى. اهـ.

قلت: ويظهر أن مخالفة محمد بن بكر البرساني لا تحتمل مخالفة الثقات الذين رووه بدون ذكر "عاصم" خصوصًا وأن محمد بن بكر البرساني صدوق يخطئ.

وقد تفرد برفع هذا الحديث حماد بن سلمة. قال الترمذي في "العلل" 1/ 561: سألت محمدًا عن هذا الحديث، فلم يعرفه عن الحسن إلا عن سمرة إلا من حديث حماد بن سلمة. قال. ويروى عن قتادة، عن الحسن، عن عمر هذا الحديث أيضًا. اهـ.

وقال أبو داود 2/ 420: ولم يحدث ذلك الحديث إلا حماد بن سلمة، وقد شك فيه. اهـ.

وقال الترمذي 5/ 49: هذا حديث لا نعرفه مسندًا إلا من حديث حماد بن سلمة، وقد روى بعضهم هذا الحديث عن قتادة، عن الحسن، عن عمر شيئًا من هذا. اهـ.

فقد رواه أبو داود (3950) من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال من ملك ذا رحم محرم فهو حرٌّ. ثم قال أبو داود: سعيد أحفظ من حماد. اهـ.

وروي أيضًا مرسلًا وهو الذي رجحه الأئمة. قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" 4/ 233: قال أبو داود والترمذي: لم

ص: 237

يروه إلا حماد بن سلمة عن قتادة، عن الحسن، ورواه شعبة عن قتادة، عن الحسن مرسلًا، وشعبة أحفظ من حماد. وقال علي بن المديني: هو حديث منكر، وقال البخاري: لا يصح اهـ.

وأعلَّ الحديثَ المرفوع عبد الحق في "الأحكام الوسطى" 4/ 15 فقال: لا يصح هذا، لأنَّ سماع الحسن من سمرة لا يصح إلا في حديث العقيقة. أهـ. وقال المنذري في "مختصر السنن" 5/ 408 باختلاف الأئمة في سماع الحسن، من سمرة (1) ثمَّ قال: قال أبو داود: شعبة أحفظ من حماد بن سلمة. يعني أن شعبة رواه مرسلًا. وقال الخطابي: أراد أبو داود من هذا: أن الحديث ليس بمرفوع، أو ليس بمتصل، إنما هو عن الحسن، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال البيهقي: والحديث إذا انفرد به حماد بن سلمة ثمَّ شك فيه ثمَّ يخالفه فيه من هو أحفظ منه - وجب التوقف فيه. وقد أشار البخاري إلى تضعيف هذا الحديث. وقال علي بن المديني. هذا عندي منكر. أهـ.

وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 5/ 407 - مع المختصر -: هذا الحديث له خمس علل.

إحداها. تفرد حماد بن سلمة به، فإنَّه لم يحدث به غيره.

العلة الثانية: أنَّه اختلف فيه حماد وشعبة عن قتادة، فشعبة أرسله، وحماد وصله، وشعبه هو شعبة.

(1) راجع بحث هذه المسألة في كتاب الطهارة باب استحباب غسل يوم الجمعة.

ص: 238

العلة الثالثة. أن سعيد بن أبي عروبة خالفهما، فرواه عن قتادة، عن عمر بن الخطّاب: قوله.

العلة الرابعة: أن محمَّد بن يسار رواه عن معاذ، عن أبيه، عن قتادة، عن الحسن: قوله، وقد ذكر أبو داود هذين الأثرين.

العلة الخامسة: الاختلاف في سماع الحسن من سمرة. أهـ.

وأعله ابن الملقن في "البدر المنير" 9/ 708 بالاختلاف في سماع الحسن من سمرة.

وقال الألباني في "الإرواء" 6/ 170: وعلة الحديث عندي اختلافهم في سماع الحسن من سمرة، لا سيما وهو -أعني الحسن. مدلس وقد رواه بالعنعنة. أهـ.

وللحديث شاهد من حديث ابن عمر. فقد رواه النسائي كما في "الأطراف" 5/ 451، وابن ماجه (2525)، وابن الجارود في "المنتقى"(972)، والبيهقيُّ 10/ 279، كلهم من طريق ضمرة بن ربيعة، عن سفيان الثوري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر بنحوه.

قال النسائي في "الكبرى" 3/ 173: لا نعلم أن أحدًا روى هذا الحديث عن سفيان غير ضمرة. وهو حديث منكر. والله أعلم. أهـ.

وقال الترمذي 5/ 49: ولم يتابع ضمرة على هذا الحديث وهو حديث خطأ عند أهل الحديث أهـ.

وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" 5/ 409: قال الإمام أحمد عن ضمرة: إنه ثقة، إلا أنَّه روى حديثين ليس لهما أصل، أحدهما هذا الحديث. أهـ.

ص: 239

وقال البيهقي 10/ 289 - 290: المحفوظ بهذا الإسناد حديث نهى عن بيع الولاء وعن هبته.

ومال عبد الحق الإشبيلي إلى تقوية الحديث فقال في "الأحكام الوسطى" 4/ 15: عللوا هذا الحديث بأن ضمرة تفرد به ولم يتابع عليه. وقال بعض المتأخرين: ليس انفراد ضمرة بهذا علة فيه، لأنَّ ضمرة ثقة، والحديث صحيح إذا أسنده ثقة، ولا يضره انفراده، ولا إرسال من أرسله، ولا توقيف من أوقفه. أهـ.

وتبع عبد الحق ابن القطان، كما في "نصب الراية" 3/ 279، وتبعهما ابن التركماني كما في "الجوهر النقي" 10/ 290 ونقل عن ابن حزم تصحيح الخبر. وأقره الألباني كما في "الإرواء" 6/ 170 - 171.

وقال ابن دقيق في "الإلمام" 2/ 596: خرجه النسائي وابن ماجه من حديث ضمرة وقد خطئ فيه ولم يلتفت لذلك لكون ضمرة ثقة لا يضر انفراده به، أهـ.

* * *

1426 -

وعن عِمرانَ بنِ حُصَين رضي الله عنهما: أنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ سِتَّةَ مَملُوكِينَ له، عندَ مَوْتِهِ، لم يَكُنْ له مالٌ غيرُهم، فدَعا بهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فجزَّأهم أَثْلاثًا، ثمَّ أقرعَ بينهُم، فأعتَقَ اثنينِ، وأرَقَّ أرْبَعَةً، وقال لَهُ قولًا شديد. رواه مسلم.

ص: 240

رواه مسلم 3/ 1288، وأبو داود (3958)، والترمذي (1364) كلهم من طريق أيوب، عن أبي قلابة، عن عمران بن حصين بمثله.

وللحديث طرق أخرى عند مسلم 3/ 1289، والنسائيُّ 4/ 64.

* * *

1427 -

وعن سَفِينةَ رضي الله عنه قال: كنتُ مملوكًا لأُمِّ سَلَمَةَ. فقالت: أُعْتِقُكَ، وأشترِطُ أنْ تَخْدِمَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ما عِشْتَ. رواه أحمد وأبو داود والنسائيُّ والحاكم.

رواه أبو داود (3932)، وابن ماجه (2526)، والنسائيُّ في "الكبرى" 3/ 190، وأحمد 5/ 221، وابن الجارود في "المنتقى"(976)، والحاكم 2/ 213 - 214، والبيهقيُّ 10/ 291، كلهم من طريق سعيد بن جمهان عن سفينة به.

قال الحاكم: صحيح الإسناد. ووافقه الذهبي.

قلت: سعيد بن جمهان الأسلمي أبو حفص البصري. اختلف فيه والأكثر على توثيقه. وثقه أحمد وقال الدوري عن ابن معين: ثقة. أهـ. وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به. أهـ.

وقال ابن معين أيضًا: روى عن سفينة أحاديث لا يرويها غيره، وأرجو أنَّه لا بأس به. أهـ. وقال أبو داود: ثقة. أهـ. وقال النسائي: ليس به بأس. أهـ. وقال البخاري في حديثه عجائب: وقال الساجي: لا يتابع على حديثه. أهـ.

ص: 241

وقال المنذري في "مختصر السنن" 5/ 394. قال النسائي لا بأس بإسناده. أهـ. ثمَّ قال المنذري. وسعيد بن جمهان أبو حفص الأسلمي البصري وثقة يحيى بن معين وأبو داود السجستاني. وقال أبو حاتم الرازي شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به أهـ

وقال الألباني في "صحيح سنن أبي داود"(3328) حسن أهـ.

* * *

1428 -

وعن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّما الولاءُ لمن أعتقَ".

متفق عليه في حديث سبق تخريجه في أول كتاب البيوع. رقم الحديث (785).

* * *

1429 -

وعن أبو عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الولاءُ لُحْمَةٌ كلحمةِ النَّسَبِ، لا يُباعُ ولا يُوهَبُ".

رواه الشافعي، وصححه ابن حبان والحاكم وأصله في "الصحيحين" بغير هذا اللفظ.

سبق تخريج حديث ابن عمر في باب: الفرائض رقم الحديث (953) وأما أصله الذي في "الصحيحين" فقد سبق تخريجه في كتاب البيوع. رقم الحديث (791).

ص: 242