الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: الزُّهد والورع
1467 -
وعن النُّعمانِ بن بشيرٍ رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول -وأَهوَى النَّعمانُ بإصْبَعَيهِ إلى أُذُنَيهِ-: "إنَّ الحلال بَيِّنٌ، وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ، وبينَهما مُشْتَبِهاتٌ، لا يَعلَمُهُنَّ كثيرٌ مِن الناس، فمن اتَّقَى الشبُّهاتِ، فقد استَبْرَأَ لدينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وَقَعَ في الشُّبُهاتِ، وَقَعَ في الحرامِ، كالراعي يرعَى حولَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يَقَعَ فيه، ألا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمىً، ألا وإنَّ حِمَى اللهِ مَحارِمُهُ، ألا وإنَّ في الجسدِ مُضْغَةً، إذا صَلَحَتْ صَلَحَ الجسدُ كلُّهُ، وإذا فَسَدَتْ فَسَدَ الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلبُ" متفق عليه.
رواه البخاري (52)، ومسلم 3/ 1219 - 1220، وأبو داود (3329)، والترمذي. (1205)، وابن ماجه (3984)، وأحمد 4/ 269 - 270 كلهم من طريق الشعبي، عن النعمان بن بشير، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: . . .
* * *
1468 -
وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله
- صلى الله عليه وسلم: "تَعِسَ عبدُ الدِّينارِ، والدرهمِ والقَطيفةِ، إنْ أُعطيَ رضيَ، وإنْ لم يُعطَ لم يَرْضَ" أخرجه البخاري.
رواه البخاري (6435)، وابن ماجه (4135) كلاهما من طريق أبي بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: . . . فذكره.
* * *
1469 -
وعن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: أَخَذَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبِي. فقال: "كُنْ في الدنيا كأنَّكَ غريبٌ، أو عابرُ سبيلٍ" وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيتَ فلا تَنتَظِرِ الصباحَ، وإذا أصبحتَ فلا تنتظرِ المساءَ، وَخُذْ مِن صِحَّتِكَ لِسَقَمِكَ، ومِن حياتِكَ لموتِكَ أخرجه البخاري.
رواه البخاري (6416) قال: حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا محمَّد بن عبد الرحمن أبو المنذر الطفاوي، عن سليمان الأعمش، قال: حدثني مجاهد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: . . . فذكره، ورواه الترمذي (2334) من طريق سفيان، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: . . . فذكره.
* * *
1470 -
وعن ابن عُمَرَ رضي الله عنهما. قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مَن تَشبَّهُ بقومٍ، فهو منهم" أخرجه أبو داود وصَحَّحه ابن حبَّان.
رواه أبو داود (4031)، وأحمد 2/ 50، كلاهما من طريق عبد الرحمن بن ثابت، ثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: . . . فذكره. زاد أحمد في أوله: "بعثتُ بينَ يَدَي الساعة بالسيف حتَّى يُعبَدَ اللهُ وحدَه لا شريكَ له. وجُعِل رِزقي تحت ظِلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذِّلَّةُ والصَّغارُ على مَن خالف أمري. ومن تَشَبَّهَ بقومٍ فهو منهم".
قلت: رجاله ثقات، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان اختلف فيه، قال الأثرم، عن أحمد: أحاديثه مناكير. أهـ.
وقال: محمَّد بن الوراق، عن أحمد: لم يكن بالقوي في الحديث. أهـ.
وقال المروزي عن أحمد: كان عابد أهل الشام. أهـ وقال إبراهيم بن الجنيد، عن ابن معين: صالح. أهـ. وقال مرة: ضعيف. أهـ. وقال الدوري عن ابن معين والعجلي وأبو زرعة الرازي: لين. أهـ. وضعفه أيضًا النسائي.
وقال يعقوب بن شيبة: اختلف أصحابنا فيه فأما ابن معين، فكان يضعفه، وأما عليّ، فكان حسن الرأي فيه، وقال: ابن ثوبان رجل صدق لا بأس به. وقد حمل عنه الناس. أهـ. وقال عثمان
الدارمي، عن دحيم: ثقة يرمى بالقدر. أهـ. وقال أبو حاتم ثقة، يشوبه شيء من القدر، وتغير عقله في آخر حياته وهو مستقيم الحديث أهـ.
وقال أبو داود كان فيه سلامة، وليس به بأس، وكان مجاب الدعوة أهـ.
لهذا قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 6/ 98 أبو منيب لا يعرف اسمه، وفي الإسناد عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان مختلف في توثيقه. أ. هـ.
وقال في "تغليق التعليق" 3/ 446 أبو منيب لا يعرف اسمه، وقد وثقه العجلي وغيره، وعبد الرحمن بن ثابت مختلف في الاحتجاج به وله شاهد بإسناد حسن لكنه مرسل.
وأعله الزيلعي في "نصب الراية" 4/ 347 بأن فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان.
وقد صحح الأئمة هذا الحديث قال أبو تيمة في "الاقتضاء" ص 39. وهذا إسناد جيد. فإن ابن أبي شيبة وأبا النضر وحسان بن عطية ثقات مشاهير أجلاء من رجال "الصحيحين" وهم أجل من أن يحتاجوا إلى أن يقال هم من رجال "الصحيحين" وأما عبد الرحمن أبو ثابت بن ثوبان، فقال يحيى بن معين وأبو زرعة وأحمد بن عبد الله العجلي ليس به بأس، وقال عبد الرحمن بن إبراهيم دحيم هو ثقة، وأما أبو منيب الجرشي فقال فيه أحمد بن عبد الله العجلي هو ثقة، وما علمت أحدًا يذكره بسوء وقد سمع منه حسان بن عطية
وقد احتج الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث أهـ وقال في "الفتاوى" 25/ 331 هو حديث جيد أهـ
وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" 1/ 342. سنده صحيح اهـ.
وقال الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" ص 203 - 204 هذا إسناد حسن، وفي عبد الرحمن بن ثابت كلام لا يضر وقد علَّق البخاري بعضه أهـ. ثمَّ ذكر ما رواه الطحاوي في "مشكل الآثار" 1/ 88 حدثنا أبو أميه، حدثنا محمَّد بن وهب بن عطية، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا الأوزاعي، عن حسان بن عطية به ثمَّ قال الألباني وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات معروفون، لولا أن الوليد بن مسلم يدلس تدليس التسوية، ولم يصرح بسماع الأوزاعي من حسان. والله أعلم. أهـ.
* * *
1471 -
وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال كنتُ خَلْفَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يومًا فقال: "يا غلامُ، احْفَظِ الله يَحْفَظْكَ، احْفظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجاهَكَ، وإذا سألتَ فاسأَلِ اللهَ، وإذا استعنتَ فاستَعِنْ بالله" رواه الترمذيُّ وقال: حسنٌ صحيحٌ.
رواه الترمذي (2516)، وأحمد 1/ 293، وأبو يعلى (2556)، والطبراني (12988)، وابن السني في "عمل اليوم والليلة"(425)،
والبيهقي في "شعب الإيمان"(195) كلهم من طريق الليث بن سعد، عن قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن عبد الله بن عباس به.
قلت: إسناده قوي. ورجاله أخرج لهم الشيخان غير حنش الصنعاني فهو من رجال مسلم، وأيضًا قيس بن الحجاج وهو الكلاعي، قال عنه أبو حاتم صالح وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" صدوق وذكره ابن حبان في "الثقات" وروي عنه جمع قال الترمذي.
هذا حديث حسن صحيح اهـ.
وللحديث طرق أخرى عند عبد بن حميد (236)، والآجري في "الشريعة" ص 198، وابن السني (317)، والحاكم 3/ 541، وأبو نعيم في "الحلية" 1/ 314، والبيهقي في "الشعب"(10000).
لهذا قال الحافظ ابن وجب في "جامع العلوم والحكم" 1/ 460 وقد روي هذا الحديث عن ابن عباس من طرق كثيرة من رواية ابنه علي ومولاه عكرمة وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار وعبيد الله بن عبد الله وعمر مولي غفرة وابن أبي مليكة وغيرهم، وأصح الطرق كلها طريق حنش الصنعاني التي خرجها الترمذي، كدا قاله ابن منده وغيره اهـ.
وذكر ابن أبي حاتم في "العلل"(1844) الاختلاف في حد عمر مولي غفرة بنت رباح عن ابن عباس وصحح الحديث الألباني كما في "المشكاة (5302) والسنة (316).
وفي الباب عن أبي سعيد الخدري رواه أبو يعلى (96) والآجري في "الشريعة" ص 199 كلاهما من طريق يحيى بن ميمون، قال: ثنا علي بن زيد عن أبي نضرة، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابن عباس: "يا غلام
…
" الحديث.
قلت: إسناده ضعيف جدًّا؛ لأن فيه يحيى بن ميمون التمار وهو متروك، وأيضًا علي بن زيد بن جدعان ضعيف.
* * *
1472 -
وعن سهْلِ بن سَعْدٍ قال: جاء رَبُلٌ إلي النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ اللهِ! دُلَّنِي علي عَمَلٍ إذا عَمِلْتُهُ أحبَّنِي اللهُ، وأحبَّني الناسُ. فقال:"ازْهَدْ في الدنيا يحِبُّكَ اللهُ، وازْهَدْ فيما عندَ الناسِ يحبُّكَ الناسُ" رواه ابن ماجه وسنده حسن.
رواه ابن ماجه (4102)، والحاكم 4/ 348، وأبو نعيم في "الحلية" 3/ 253 - 253 و 7/ 136، وابن عدي في "الكامل" 3/ 31، والعقيلي في "الضعفاء" 2/ 11، كلهم من طريق خالد بن عمرو القرشي، عن سفيان الثوري، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، قال:
…
فذكره.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ. وتعقبه الذهبي فقال: خالد بن عمرو وضاع.
قلت: إسناده واهٍ، لأن فيه خالد بن عمرو بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص الأموي السعيدي. وهو متهم. قال عنه الإمام أحمد: منكر الحديث. اهـ. وقال مَرَّة: ليس بثقة يروي أحاديث بواطيل. اهـ. وقال عباس، عن يحيى بن معين: ليس حديثه بشيء. اهـ. وقال الحسين بن حبان، عن يحيي: كان كذابًا. حدث عن شعبة أحاديث موضوعة. اهـ. وقال البخاري والساجي وأبو زرعة: منكر الحديث. اهـ.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث ضعيف. اهـ. وقال أبو داود: ليس بشيء. اهـ.
وقال النسائي: ليس بثقة. اهـ. وقال صالح بن محمد البغدادي: كان يضع الحديث. اهـ. وقال ابن حبان: كان ينفرد عن الثقات بالموضوعات، لا يحل الاحتجاج بخبره. اهـ. وذكره أيضًا في "الثقات".
وحسن الحديث النووي في "الأربعين" وفيه نظر.
قال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/ 174: وقد ذكر الشيخ رحمه الله أن إسناده حسن، وفي ذلك نظر، فإن خالد بن عمرو القرشي الأموي، قال فيه الإمام أحمد: منكر الحديث
…
اهـ.
وقال ابن قدامة في "المنتخب من العلل" للخلال ص 37: أخبرنا محمد بن علي، ثنا محمد بن موسى بن مشيش، أنه سأل أبا عبد الله عن حديث سهل بن سعد الساعدي، أن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ رجلًا فقال: "ازهد
…
" فقال: لا إله إلا الله! - تعجبًا منه- مَن يروي هذا؟ أو
عن من هذا؟ فقلت: خالد بن عمرو. فقال: وقعنا في خالد بن عمرو، ثم سكت. اهـ. ونقل هذا النص ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/ 176، وقال أيضًا ابن رجب. ومراده الإنكار علي من ذكر له شيئًا من حديث خالد هذا، فإنه لا يُشتغل به.
لهذا لما روي العقيلي الحديث في "الضعفاء" 2/ 11 قال: وليس له من حديث الثوري أصل، وقد تابعه محمد بن كثير الصنعاني، ولعله أخذ عنه ودلَّسه، لأن المشهور به خالد هذا اهـ.
وقال الخليلي في "الإرشاد" 2/ 479: لم يروه عن سفيان غير محمد بن كثير الشامي وخالد بن عمرو الأموي. اهـ.
وقد اختلف في إسناده.
قال ابن عدي في "الكامل" 3/ 31. وروي هذا الحديث أبو عبيد القاسم بن سلام، عن خالد هذا، وروي عن محمد بن كثير عن الثوري مثله ثناه ابن المرزبان، عن محمد بن أحمد بن برد عنه، ولا أدري ما أقول في رواية ابن كثير لهذا الحديث، فإن ابن كثير ثقة، وهذا الحديث عن الثوري منكر، وقد روي عن زافر، عن محمد بن عيينة، أخي سفيان بن عيينة، عن أبي حازم، عن سهل، وروي أيضًا هذا الحديث من حديث زافر، عن محمد بن عيينة، عن أبي حازم، عن ابن عمر. اهـ.
قلت: ورواية محمد بن كثير التي توقف فيها ابن عدي أنكرها أبو حاتم. فقد قال في "العلل"(1815): سألت أبي عن حديث رواه علي بن ميمون الرقي، عن محمد بن كثير، عن سفيان الثوري،
عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي، قال: جاء رجل
…
فقال أبي: هذا أيضًا حديث باطل -يعني بهذا الإسناد. اهـ.
وقال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 2/ 175: قال أبو بكر الخطيب: وتابعه أيضًا أبو قتادة الحراني ومهران بن أبي عمر الرازي، فرووه عن الثوري، قال: وأشهرها حديث ابن كثير. كذا قال، وهذا يخالف قول العقيلي: إن أشهرها حديث خالد بن عمرو، وهذا أصح، ومحمد بن كثير الصنعاني هو المصيصي، ضعفه أحمد، وأبو قتادة ومهران تُكلِّم فيهما أيضًا، لكن محمد بن كثير خير منهما، فإن ثقة عند كثير من الحفاظ. وقد تعجب ابن عدي من حديثه هذا، وقال. ما أدري ما أقول فيه. اهـ. ثم نقل قول أبي حاتم السابق، ثم قال: يشير إلي أنه لا أصل له عن محمد بن كثير عن سفيان. اهـ.
فالحديث مداره علي خالد بن عمرو القرشي، ومحمد بن كثير المصيصي. وقد عرفت حالهما. قال الدارقطني في "الأفراد" (2154): لم يروه عن الثوري، عن أبي حازم غير خالد بن عمرو القرشي ومحمد بن كثير المصيصي. اهـ.
* * *
1473 -
وعن سعدِ بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ اللهَ يُحِبُّ العبدَ التقيَّ، الغَنِيَّ الخَفِيَّ" أخرجه مسلم.
رواه مسلم 4/ 2277، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم وعباس بن عبد العظيم، حدثنا أبو بكر الحنفي، حدثنا بكير بن مسمار، حدثني عامر بن سعد، قال: كاد سعد بن أبي وقاص في إبله، فجاءه ابنُه عمرُ، فلما رآه سعد، قال: أعوذ بالله من شرِّ هذا الرَّاكب، فنزل، فقال له: أنزلتَ في إبلكَ وغنمِكَ وتركتَ الناسَ يتنازعون المُلْكَ بينَهُم؟ فضرب سعدٌ في صدره فقال: اسكُتْ. سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنَّ اللهَ يُحب العبد التقيَّ، الغنيَّ الخفي".
* * *
1474 -
وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مِن حُسْنِ إسلامِ المرءِ، تركُهُ ما لا يَعنِيهِ". رواه الترمذي وقال: حسن.
رواه الترمذي (2318)، وابن ماجه (3976)، وابن حبان 1/ 266، والبيهقي في "شعب الإيمان" 2/ 181 كلهم من طريق أبي عمرو الأوزاعي، عن قرة بن عبد الرحمن المعافري، عن محمد بن مسلم الزهري، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا.
هكذا رواه إسماعيل بن عبد الله بن سماعة، ومحمد بن شعيب بن شابور، والوليد بن مزيد وغيرهم من أصحاب الأوزاعي.
قال الترمذي 7/ 77: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه اهـ
قلت: في إسناده قرة بن عبد الرحمن المعافري، وهو ضعيف كما سبق.
وقد تابعه عبد الرازاق بن عمر، عن الزهري به، كما عند الطبراني في "الأوسط" 1/ 22، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 4/ 308 - 359.
وعبد الرزاق متروك الحديث عن الزهري. وقد خولفا في وصل الحديث. فقد رواه جمع من الرواة عن الزهري، عن علي بن الحسين مرسلًا. منهم معمر بن راشد عند عبد الرزاق (20617)، ويونس بن يزيد الأيلي عند القضاعي في "مسند الشهاب"(193) ومالك بن أنس الأصبحي (1) عند الترمذي (2319)، والبخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 220 وهو في "الموطأ" 2/ 903.
وزياد بن سعد عند عبد الرزاق 11/ 307، والبيهقي في "الأربعين الصغري" ص 107، وعبد الله بن عمر العمري عند البيهقي في "الشعب" 3/ 449، وأخرجه ابن بطة في "الإبانة" 1/ 412 مقرونًا بمالك بن أنس.
قال البخاري في "التاريخ الكبير" 4/ 220 - 221: وقال لنا ابن يوسف، عن مالك، عن ابن شهاب، عن علي بن حسين، عن
(1) وروي عنه موصولًا من حديث علي بن أبي طالب وفيه بحث وهو منقطع.
النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أصح بانقطاعه، وقال بعضهم عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصح إلا عن علي بن حسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
وقال الترمذي 7/ 78: هكذا روي غير واحد من أصحاب الزهري، عن الزهري، عن علي بن حسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث مالك مرسلًا. وهذا أصح عندنا من حديث أبي سلمة، عن أبي هريرة. اهـ. وقال البيهقي في "الأربعين الصغري": وهذا أصح. اهـ. يعني المرسل.
وقد حسن الحديث النووي في "الأربعين النووية"(14)"والأذكار" ص 351 "ورياض الصالحين" ص 45، وقال ابن مفلح في "الفروع" 3/ 329: حديث حسن. اهـ. وقال ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" 1/ 287 - 288: قد حسنه الشيخ المصنف رحمه الله، لأن رجال إسناده ثقات، وقرة بن عبد الرحمن بن حيويل وثقه قوم وضعفه آخرون، وقال ابن عبد البر: هذا الحديث محفوظ عن الزهري بهذا الإسناد من رواية الثقات، وهذا موافق لتحسين الشيخ له.
وأما أكثر الأئمة. فقالوا: ليس هو بمحفوظ بهذا الإسناد، وإنما هو محفوظ عن الزهري، عن علي بن حسين، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا، كذلك رواه الثقات عن الزهري منهم: مالك في "الموطأ" ويونس ومعمر وإبراهيم بن سعد إلا أنه قال: من إيمان المرء تركه ما لا يعنيه.
وممن قال: إنه لا يصح إلا عن علي بن حسين مرسلًا الإمام أحمد ويحيى بن معين والبخاري والدارقطني، وقد خلط الضعفاء في إسناده علي الزهري تخليطًا فاحشًا، والصحيح فيه المرسل، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه أخر كُلّها ضعيفة. اهـ.
وذكر الدارقطني في "العلل" 8 / رقم (1389) ما ورد في إسناده من اختلاف ثم قال: والصحيح حديث الزهري، عن علي بن الحسين، مرسلًا. اهـ. ونحوه قال في "العلل" 3 / رقم (311).
وذكر ابن أبي حاتم في "العلل" 2/ 132 (1888) طريقا آخر. فقال: سألت أبي عن حديث رواه عبد الرحمن بن عبد الله العمري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه لما لا يعنيه" قال أبي: هذا حديث منكر جدًّا بهذا الإسناد. اهـ.
* * *
1475 -
وعن المِقْدامِ بنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "ما مَلأَ ابنُ آدمَ وعاءً شَرًّا مِن بَطْنٍ" أخرجه الترمذيُّ وحَسَّنَهُ.
رواه الترمذي (2381)، وأحمد 4/ 132، وابن حبان 2 / رقم 6741)، والحاكم 4/ 135، والطبراني في "الكبير" 20 / رقم (644 - 645)، والبغوي في "شرح السنة"(4048)، والقضاعي
في "مسند الشهاب"(1340 - 1341)، كلهم من طريق يحيى بن جابر، عن المقدام بن معدي كرب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره وتمامه: "بحسب ابن آدم أكلات يُقمن صُلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه".
قلت: رجاله ثقات وقد رواه عن يحيى بن جابر كلٌّ من سليمان بن سليم، وحبيب بن صالح، ومعاوية بن صالح، لكن في إسناده انقطاع، قال ابن أبي حاتم في "المراسيل" (911): سألت أبي عن حديث معاوية بن صالح، عن يحيى بن جابر، عن المقدام ابن معدي كرب: هل لقي يحيى بن جابر المقدام بن معدي كرب؟ قال أبي: يحيي عن المقدام مرسل. اهـ.
ووقع عند أحمد 4/ 132 تصريح يحيى بن جابر بالسماع من المقدام وهو الموجود في "أطراف المسند" 5 / رقم (7417). لهذا قال الألباني في "الإرواء" 7/ 42: كلهم قالوا: عن المقدام، إلا أحمد فقال: سمعت المقدام بن معدي كرب الكندي، وإسناده هكذا: ثنا أبو المغيرة، قال: سليمان بن سُلَيم الكناني، قال ثنا يحيى بن جابر الطائي، قال: سمعتُ المقدامَ بن معدي كرب الكندي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وهذا إسناد صحيح متصل عندي، فإن رجاله ثقات كلهم، وسليمان بن سليم الكناني أعرف الناس بيحيى بن جابر الطائي وحديثه، فإنه كان كاتبه، والطائي قد أدرك المقدام، فإنه تابعي مات سنة ست وعشرين ومئة، ولذلك أورده ابن حبان في ثقات التابعين 1/ 254،
قال: مِن أهل الشمام، يروي عن المقدام بن معدي كرب، روي عنه أهل الشام، مات سنة يست وعشرين ومئة، والمقدام كانت وفاته سنة سبع وثمانين، فبين وفاتيهما تسع وثلاثون سنة، فمن الممكن أن يدركه، فإذا صَحَّ تصريحُه بالسماع منه، فقد ثبت إدراكه إياه، وإلى ذلك يشيرُ كلام ابن حبان المتقدم، وعليه جري في "صحيحه" حيث أخرج الحديث فيه كما سبقت الإشارة إليه، وكذلك الترمذي فإنه قال عقبه: هذا حديث حسن صحيح (1).
وأما الحاكم فسكت عليه خلافًا لدادته، فتعقبه الذهبي بقوله: صحيح إذا عرفت ما بَيَّنَّا، فقول ابن أبي حاتم في "كتابه" 4/ 2 / 133، وتبعه في "تهذيب التهذيب": روي عن المقدام بن معدي كرب، مرسل، فهو غير مسلم، وكأنه قائم علي عدم الاطلاع علي هذا الإسناد الصحيح المصرح بسماعه منه. والله أعلم. اهـ.
قلت: وبيان هذا أن أبا المغيرة رواه عن سليمان بن سليم الحمصي، ثنا يحيى بن جابر، قال: حدثنا المقدام به، هكذا صرح بذكر السماع عند أحمد 4/ 132، والحاكم 4/ 331 بين ابن جابر والمقدام. ولم يذكر السماع عند الطبراني في "الكبير" 20/ 272 - 273 وفي "الشاميين"(1375)، وخالف أبا المغيرة إسماعيلُ بن
(1) وكذا هو في "عارضة الأحوذي" لأبي بكر بن العربي و"تحفة الأحوذي" للمباركفوري. وقال المزي في "تحفة الأشراف" 8/ 512. وقال: حسن. وفي بعض النسخ: حسن صحيح. اهـ.
عياش عند الترمذي، وابن المبارك، والبيهقي في "الشعب" كما سبق. فرواه عن سليمان بن سليم به بدود ذكر السماع. وتابعه بقية عند النسائي في "الكبرى" ومحمد بن حرب الأبرش عند البيهقي وهو المحفوظ، ورواه ابن حبان 12 / رقم (5236)، والبيهقي في "الآداب"(701) كلاهما من طريق محمد بن حرب، قال: حدثنا سليمان بن سليم الكناني، عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معدي كرب، عن أبيه، عن جده، به مرفوعًا.
قلت: في إسناده صالح بن يحيى بن المقدام، لم أجد من وثقه غير ابن حبان 6/ 459 وكذا أبوه 5/ 525.
لهذا قال الألباني في "الإرواء" 7/ 43: هذا إسناد لا بأس به في المتابعات والشواهد، فإن صالح بن يحيى لين، وأبوه مستور. اهـ. ثم ذكر طريقًا آخر عند ابن ماجه (3349) وفيه مجاهيل أيضًا.
* * *
1476 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "كُلُّ بَنِي آدمَ خَطَّاءٌ، وخيرُ الخَطَّائِينَ التوَّابونَ" أخرجه الترمذيُّ وابنُ ماجه وسندُه قويٌّ.
رواه الترمذي (2501)، وابن ماجه (4251)، وأحمد 3/ 198، كلُّهم مِن طريق زيد بن الحُباب، ثنا علي بن مسعدة، عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم
…
فذكره. زاد أحمد: "ولو
أنَّ لابن آدم واديين من مال لابتغي لهما ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب" قلت: رجاله لا بأس بهم غير علي بن مسعدة الباهلي اختلف فيه، فقد وثقه أبو داود الطيالسي، وقال أبو حاتم: لا بأس به. اهـ. وقال إسحاق بن منصور، عن ابن معين: صالح. اهـ.
وقال الدوري، عن ابن معين: ليس به بأس في البصريين. اهـ.
وقال البخاري: فيه نظر. اهـ.
وقال أبو داود: ضعيف. اهـ. وقال النسائي: ليس بالقوي. اهـ.
وقال ابن عدي: أحاديثه غير محفوظه. اهـ. وقال ابن حبان: لا يحتج بما لا يوافق فيه الثقات. اهـ. وذكره العقيلي في "الضعفاء" تبعًا للبخاري.
وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب". (5385): صدوق له أوهام. اهـ.
قال الترمذي 8/ 191: هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة، عن قتادة. اهـ.
وتعقبه ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 5/ 414 فقال لما ذكر كلام الترمذي: وهو عندي صحيح .. وعلي بن مسعدة صالح الحديث، قاله ابن معين، وغرابته هي أن علي بن مسعدة ينفرد به عن قتادة. اهـ.
وفي هذا نظر فقد تفرد علي بن مسعدة بالحديث دون أصحاب قتادة، ولا يُحتمل تفرده، فقد قال ابن قدامة كما في "المنتخب من علل الخلال" (37): قال أبو عبد الله: هذا حديث منكر. اهـ.
وساق ابن عدي هذا الحديث وحديثًا آخر في ترجمة علي بن مسعدة في "الكامل" 5/ 207 وقال: وله غير ما ذكرت عن قتادة، وكلها غير محفوظة.
وقال البيهقي في "شعب الإيمان" 5/ 420: تفرد به علي بن مسعدة. اهـ.
وقد حسن الحديث الألباني كما في "صحيح الجامع"(4516) وفيه نظر لما ذكرنا، والله أعلم.
* * *
1477 -
وعن أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "الصَّمْتُ حكمٌ، وقليلٌ فاعلُهُ" أخرجه البيهقي في "الشعب" بسندٍ ضعيف. وصحَّحَ أنَّه موقوف من قول لقمان الحكيم.
رواه ابن عدي في "الكامل" 5/ 169 وعنه البيهقي في "الشعب"(5027) قال: ثنا الساجي، قال: ثنا إبراهيم بن غسان الغلابي، قال: ثنا أبو عاصم، عن عثمان بن سعد الكاتب، عن أنسٍ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الصمتُ حكم وقليلٌ فاعلُه".
قلت: إسناده ضعيف، لأن فيه عثمان بن سعد الكاتب المعلم، ضعَّفه ابن معين والنسائي، وقال أبو حاتم، شيخ. اهـ. وقال أبو زرعة لين اهـ. وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به. اهـ.
ولما نقل ابن القطان في كتابه "بيان الوهم والإيهام" 3/ 604 تحسين عبد الحق للحديث، تعقبه فأعله بعثمان بن سعد. وقال ابن مفلح في "الفروع" 2/ 95: إسناده ضعيف. اهـ.
وقد خولف في إسناده، فقد رواه ابن حبان في "روضة العقلاء" ص 41 والبيهقي في "الشعب"(5026) كلاهما من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس: أن لقمان كان عند داود وهو يسرد الدرع، فجعل يفتله هكذا بيده، فجعل لقمان يتعجب ويريد أن يسأله، فتمنعه حكمته أن يسأل. فلما فرغ منها ضَمَّها علي نفسِه. وقال: نِعم درع الحرب هذه. فقال لقمان: إن الصمت من الحكم وقليل فاعله. كنت أُريد أن أسألك فسكتُّ حتَّى كفيتني.
قلت: هذا إسناد قوي.
قال البيهقي عن إسناد عثمان بن سعد الكاتب: غلط في هذا عثمان بن سعد. اهـ. ثم قال عن رواية ثابت: هذا هو الصحيح عن أنس أن لقمان. قال: الصمت حكم وقليل فاعله.
ونحوه قال في "شعب الإيمان" 4/ 264.
وقال العراقي في "تخريج الإحياء" 3/ 108: أخرجه أبو منصور الديلمي في "مسند الفردوس" من حديث ابن عمر بسندٍ ضعيف، والبيهقي في "الشعب" من حديث أنس بلفظ:"حكم" بدل "حكمة" وقال: غلط فيه عثمان بن سعد. والصحيح رواية ثابت. والصحيح عن أنس أن لقمان قال. ورواه كذلك هو وابن حبان في "روضة العقلاء" بسندٍ صحيح إلي أنس. اهـ.
وللحديث طريق آخر عن أنس مرفوعًا. فقد رواه القضاعي (240) من طريق زكريا بن يحيى المنقري، ثنا الأصمعي، ثنا علي بن مسعدة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصمتُ حكم وقليل فاعله".
قلت: علي بن مسعدة هو الباهلي مختلف فيه، وهو إلى الضعف أقرب. فهو وإن وثقه الطيالسي وابن معين وأبو حاتم، فقد قال البخاري عنه: فيه نظر. اهـ. وقال النسائي: ليس بالقوي. اهـ.
وقال ابن عدي في "الكامل" 5/ 207: ولعلي بن مسعدة غير ما ذكرت عن قتادة، وكلها غير محفوظة. اهـ.
والأرجح أنه من قول لقمان كما سبق. فقد روي ابن المبارك في "الزهد"(841)، وابن أبي عاصم في "الزهد"(46) عن ابن عيينة، قال: حدثني ابن أبي نجيح، قال: سمعت طاووسًا يسأل أبي عن حديث، فرأيت طاووسًا كأنه يعقد بيده، وقال أبي يا أبا عبد الرحمن، إن لقمان قال: إنَّ مِن الصمت حكمًا، وقليل فاعله. فقال له طاووس: يا أبا نجيح إنه من تكلم واتقي الله خير ممن صمت واتقي الله.
قلت: رجاله ثقات أخرج لهم مسلم.
* * *