المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر منام حمزة رضي الله عنه وشيء من فضائله - طبقات القراء السبعة وذكر مناقبهم وقراءاتهم

[ابن السلار]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمات التحقيق]

- ‌كلمة الناشر

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ترجمة المؤلف

- ‌[مقدمة المؤلف]

- ‌[ذكر جملة من الأسانيد]

- ‌ذكر أسانيد الكنديّ بما روي عنه

- ‌ذكر إسناد أبي الجود فيما ذكر عنه

- ‌ذكر أسانيد شجاع المدلجيّ فيما ذكر عنه

- ‌ذكر سند أبي القاسم الشّاطبيّ رحمه الله

- ‌ذكر سند عبد الغنيّ النّحاس في «العنوان» و «التّجريد»

- ‌ذكر سند ابن جبير في «التّيسير»

- ‌ذكر سند أبي الجود في «التّيسير»

- ‌ذكر سنده في «العنوان»

- ‌ذكر إسناد القراءات الخمس التي رواهن تاج الدين الكندي عن الشريف الخطيب، والروايات الثلاث اللواتي رواهن عن المحوّلي

- ‌ذكر الأسانيد [مفصلة]

- ‌[سند تقي الدين عن ابن فارس]

- ‌ذكر إسناد قراءة ابن كثير المكي

- ‌رواية قنبل، طريق ابن مجاهد عنه

- ‌طريق ابن شنبوذ عن قنبل

- ‌رواية البزّي طريق الخزاعي، طريق المطّوّعي عنه من كتاب «المبهج» و «الاختيار»

- ‌رواية أبي ربيعة عن البزّي من كتاب «الموضح»

- ‌ذكر إسناد قراءة نافع بن أبي نعيم رضي الله عنه

- ‌رواية أبي نشيط عن قالون

- ‌رواية إسماعيل بن جعفر عن نافع

- ‌رواية ورش عن نافع، بطريق الأصفهاني

- ‌إسناد قراءة عبد الله بن عامر اليحصبيّ

- ‌طريق ابن ذكوان

- ‌رواية هشام بن عمّار من كتاب «المبهج»

- ‌إسناد قراءة أبي عمرو بن العلاء البصريّ

- ‌رواية الدّوري عن اليزيدي عنه، طريق ابن فرح عن الدّوري

- ‌طريق السّوسيّ عن اليزيدي

- ‌إسناد قراءة عاصم بن أبي النّجود

- ‌رواية حفص عنه، طريق عبيد عن حفص

- ‌طريق هبيرة عن حفص

- ‌طريق القوّاس عن حفص

- ‌رواية العليمي عن أبي بكر عن عاصم

- ‌رواية يحيى بن آدم عن أبي بكر عن عاصم

- ‌إسناد قراءة الكسائي

- ‌رواية الدّوري عنه

- ‌طريق ابن فرح وعليّ بن سليم

- ‌رواية أبي الحارث اللّيث بن خالد عنه، طريق ابن الشفق عنه

- ‌إسناد قراءة حمزة بن حبيب الزّيّات

- ‌رواية خلف عن سليم عنه

- ‌رواية خلّاد عن سليم عنه

- ‌ذكر إسناد اختيار خلف

- ‌ذكر إسناد قراءة يعقوب الحضرمي

- ‌روى عن يعقوب روح ورويس

- ‌رواية رويس

- ‌طريق الشّطويّ عن التّمّار

- ‌ذكر قراءة ابن محيصن

- ‌طريق ابن شنبوذ

- ‌طريق البزّي عنه

- ‌ذكر إسناد قراءة أبي جعفر يزيد بن القعقاع

- ‌طريق ابن العلّاف

- ‌رواية النّهروانيّ

- ‌ذكر [إسناد] قراءة الأعمش

- ‌طريق المطوّعي عن إدريس

- ‌طريق ابن شنبوذ عنه

- ‌ذكر [إسناد] اختيار أبي محمد اليزيدي

- ‌[سند تقي الدين عن كمال الدين شجاع]

- ‌فصل: إسناد أهل مكّة، رواية البزّي

- ‌طريق أبي ربيعة

- ‌طريق اللهبيّ

- ‌طريق أخرى لأبي ربيعة

- ‌فصل

- ‌ومن كتاب «الهادي»

- ‌ومن إسناد «التّذكرة»

- ‌فصل وأمّا إسناد رواية قنبل، طريق ابن مجاهد

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل ومن كتاب «الهادي» وبالإسناد

- ‌فصل ومن كتاب «التّذكرة»

- ‌إسناد قراءة نافع [بن أبي نعيم]

- ‌رواية قالون، طريق الحلوانيّ

- ‌طريق أبي نشيط

- ‌فصل

- ‌ومن كتاب «الهادي» وبالإسناد

- ‌فصل وأمّا رواية ورش، طريق أبي يعقوب الأزرق

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌[إسناد قراءة عبد الله بن عامر اليحصبي

- ‌أمّا رواية ابن ذكوان]

- ‌فصل

- ‌طريق ابن الأخرم تلاوة

- ‌طريق أبي أحمد

- ‌طريق النّقّاش

- ‌فصل

- ‌طريق محمد/ بن موسى

- ‌فصل وأمّا رواية ابن هشام، طريق الحلوانيّ

- ‌وأمّا إسناد تلميذ عبد الرزاق

- ‌فصل

- ‌طريق الدّاجوني

- ‌إسناد قراءة أبي عمرو بن العلاء البصريّ

- ‌أما رواية أبي عمر الدوري عن اليزيدي عنه بالهمز والإظهار

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌ومن «التّذكرة»

- ‌فصل

- ‌وأمّا إسناد رواية السّوسي

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌وأمّا رواية شجاع عنه

- ‌إسناد عاصم في روايتيه

- ‌أمّا رواية أبي بكر

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌طريق يحيى بن أبي بكر وبالإسناد

- ‌فصل

- ‌وأمّا رواية حفص

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌طريق عمرو عنه وبالإسناد

- ‌إسناد قراءة حمزة بن حبيب الزّيّات

- ‌أمّا رواية خلف عن سليم عنه

- ‌فصل

- ‌وأمّا رواية خلّاد عن سليم عن حمزة

- ‌‌‌فصلوأمّا رواية الضّبّي عنه

- ‌فصل

- ‌طريق الأدميّ

- ‌رواية خلف طريق ابن مقسم

- ‌طريق المطّوّعي

- ‌إسناد قراءة عليّ بن حمزة الكسائي

- ‌أمّا رواية الدّوري عنه

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌طريق ابن بكّار

- ‌رواية نصير

- ‌طريق ابن رستم الطّبريّ

- ‌‌‌‌‌فصلوأمّا رواية أبي الحارث

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌ومن «التّذكرة»

- ‌وأمّا سند الشيخ تقيّ الدّين بن ناشرة رحمه الله [عن وحيد الدين الخلاطي]

- ‌فأمّا إسناد قراءة نافع من رواية قالون عنه، من طريق الحلوانيّ

- ‌طريق أبي نشيط

- ‌وأمّا رواية ورش، طريق أبي يعقوب الأزرق

- ‌فصل

- ‌طريق يونس بن عبد الأعلى عن ورش

- ‌فصل

- ‌إسناد قراءة ابن كثير

- ‌وأما قراءة عبد الله بن كثير، رواية أبي الحسن البزّي عنه

- ‌طريق أبي ربيعة عن البزّي

- ‌طريق أخرى لأبي ربيعة

- ‌طريق اللهبيّ عن البزّي

- ‌إسناد قراءة أبي عمرو بن العلاء البصريّ

- ‌وأما قراءة أبي عمرو، رواية الدوري عن اليزيدي عنه بالهمز والإظهار

- ‌وأمّا رواية السّوسيّ عن اليزيدي عن أبي عمرو

- ‌إسناد قراءة عبد الله بن عامر الشّاميّ

- ‌رواية هشام بن عمار من طريق الحلوانيّ

- ‌وأمّا رواية ابن ذكوان

- ‌فصل

- ‌طريق ابن الأخرم عن الأخفش عن ابن ذكوان

- ‌طريق أبي أحمد البغداديّ عن ابن شنبوذ عن الأخفش

- ‌طريق النّقّاش عن الأخفش

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌إسناد قراءة عاصم بن أبي النّجود الكوفي

- ‌رواية أبي بكر بن عيّاش عنه

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌ رواية حفص عن عاصم

- ‌فصل

- ‌إسناد قراءة حمزة بن حبيب الزّيّات

- ‌رواية خلف عن سليم

- ‌وأمّا رواية خلّاد عن سليم عن حمزة

- ‌ذكر منام حمزة رضي الله عنه وشيء من فضائله

- ‌إسناد قراءة أبي الحسن الكسائي

- ‌رواية أبي الحارث اللّيث بن خالد عنه

- ‌وأمّا رواية أبي عمر الدّوري عن الكسائي

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌[سند تقي الدين عن مجير الدين الدمشقي]

- ‌وأمّا رواية ابن كثير رحمه الله

- ‌أمّا رواية البزّي

- ‌طريق أبي ربيعة

- ‌طريق اللهبي

- ‌فأمّا رواية قنبل من طريق ابن مجاهد

- ‌إسناد قراءة نافع رحمة الله عليه

- ‌أمّا رواية البزّي من طريق الحلواني

- ‌طريق أبي نشيط

- ‌وأمّا رواية ورش من طريق أبي يعقوب الأزرق

- ‌فصل

- ‌طريق يونس

- ‌إسناد قراءة ابن عامر

- ‌أمّا رواية ابن ذكوان

- ‌فصل

- ‌طريق ابن الأخرم

- ‌طريق أبي أحمد

- ‌طريق النّقّاش

- ‌‌‌فصلوأمّا رواية هشام، طريق الحلوانيّ

- ‌فصل

- ‌وأمّا إسناد تلميذ عبد الرزاق

- ‌إسناد قراءة أبي عمرو

- ‌أمّا رواية الدّوري عن اليزيدي عنه بالهمز والإظهار

- ‌فصل

- ‌أمّا رواية السّوسي عن اليزيدي

- ‌فصل

- ‌إسناد قراءة عاصم في روايتيه

- ‌أمّا رواية أبي بكر

- ‌‌‌فصلوأما رواية حفص

- ‌فصل

- ‌إسناد حمزة بن حبيب الزّيّات رحمه الله تعالى

- ‌أما رواية خلف عن سليم عنه

- ‌فصل

- ‌وأما/ رواية خلّاد عن سليم عنه

- ‌فصل

- ‌وأما رواية الضّبّي عنه

- ‌إسناد قراءة عليّ بن حمزة الكسائي رحمه الله

- ‌أما رواية الدّوري عنه

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل [سند تقي الدين عن بدر الدين بن بصخان]

- ‌[سند تقي الدين عن شهاب الدين الحراني]

- ‌الفهارس العامة

- ‌فهرس الآيات القرآنية

- ‌فهرس الأحاديث والآثار

- ‌فهرس‌‌ الأعلام

- ‌ ا

- ‌ ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ح

- ‌خ

- ‌د

- ‌ذ

- ‌ر

- ‌ز

- ‌س

- ‌ش

- ‌ص

- ‌ ط

- ‌ض

- ‌ع

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ل

- ‌م

- ‌ك

- ‌ن

- ‌و

- ‌ه

- ‌ي

- ‌فهرس الكتب الواردة في المتن

- ‌فهرس المراجع

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌ذكر منام حمزة رضي الله عنه وشيء من فضائله

على الإمام أبي على الأهوازي المقرئ قال: قرأت على [أبي عبيد الله محمد بن محمد بن فيروز الكرجي](1)، وأخبرني أنه قرأ على أبي الحسن علي بن محمد بن عمار الأبزاري، المعروف بالزريري (2)، وأخبره أنه قرأ على أبي عبد الله محمد بن يحيى الخنيسي بالكوفة، وأخبره أنه قرأ على أبي عبد الله خلّاد بن خالد الصيرفي، وأخبره أنه قرأ على أبي عيسى سليم بن عيسى الحنفي، وقرأ سليم على حمزة، وقرأ حمزة على جماعة، منهم يحيى بن وثاب الأسدي، وقرأ يحيى على جماعة، منهم أبو عبد الرحمن السّلمي، وقرأ السّلمي على علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقرأ عليّ على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

‌ذكر منام حمزة رضي الله عنه وشيء من فضائله

كان حمزة رحمه الله عظيم الشأن جليل القدر، وما وصف أحد من الأئمة السبعة رضي الله عنهم بما وصف به من الزهد والورع، وقد رأى ربه عز وجل في المنام.

قال الشيخ وحيد الدين: قال الشيخ صائن الدين: قال الشيخ منتجب الدين: أخبرني الشيخ الإمام أبو الجود رحمه الله بالقاهرة بقراءتي عليه في شعبان، سنة ست مائة قال: أخبرنا الشريف القاضي الخطيب فخر الدولة ومجدها أبو الفتح ناصر بن الحسن بن إسماعيل الحسيني/ الزيدي قال:

أخبرنا الشيخ أبو الحسين يحيى بن علي بن الفرج الخشاب المقرئ بقراءتي عليه قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أحمد القزويني قراءة عليه قال: أخبرنا أبو الطيب عبد المنعم بن عبد الله بن غلبون المقرئ قراءة عليه رحمه الله قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن نصر بن هارون السامرّي قراءة عليه

(1) في الأصل: (أبي عبيد الله محمد بن فيروز الكرخي)، وقد تقدم التعليق عليه (ص/ 142) تعليق (2 - 2).

(2)

في الأصل: (الذريري)، وقد تقدم التعليق عليه (ص/ 142) تعليق (3).

ص: 167

قال: أخبرنا أبو [بكر](1) محمد بن خلف، المعروف بوكيع قال: حدثنا ابن رشيد قال: أخبرنا مجاعة بن الزبير قال (2): دخلت على حمزة بن حبيب الزيات فوجدته يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ فقال: ألا أبكي، وقد رأيت ربي تبارك وتعالى الليلة في منامي، كأني عرضت على الله تبارك وتعالى فقال لي: يا حمزة اقرأ القرآن كما علمتك، فوثبت

قائما، فقال لي: يا حمزة اجلس فإني أحب أهل القرآن، ثم قال لي: اقرأ، فقرأت حتى بلغت سورة طه، فقلت: طُوىً (12) وَأَنَا اخْتَرْتُكَ، فقال لي: بيّن، فقلت: طوى وأنا اخترناك، ثم قال لي: اقرأ، فقرأت حتى بلغت سورة يس، فأردت أن أعطي فقلت: تنزيل العزيز الرحيم، بالرفع، فقال لي جلّ وعزّ: تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ يا حمزة، كذا قرأت، وكذا أقرأت حملة عرشي، وكذا يقرأ المقرءون، ثم دعا بسوار فسورني فقال عز وجل: هذا بقراءتك القرآن، ثم دعا بمنطقة فمنطقني فقال عز وجل: هذا بصومك النهار، ثم دعا بتاج فتوجني ثم قال جلّ وعزّ: هذا بإقرائك الناس القرآن، يا حمزة: لا تدع تنزيلا، فإني نزلته/ تنزيلا؛ أفتلومني أن أبكي؟.

وبالإسناد قال الشيخ أبو الجود: وبالإسناد المذكور عن أبي الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون المقرئ قال (3): أخبرنا أبو بكر محمد بن نصر بن هارون السامرّي قراءة عليه قال: حدثنا سليمان بن حبلة قال: حدثنا إدريس الحداد قال: حدثنا خلف بن هشام البزار قال: قال سليم بن عيسى:

دخلت على حمزة بن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه في الأرض ويبكي، فقلت أعيذك بالله، فقال: يا هذا استعذت في ماذا؟ رأيت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت، وقد دعي بقراء القرآن، فكنت فيمن حضر، فسمعت قائلا يقول بكلام عذب: لا يدخل عليّ إلى من عمل بالقرآن، فرجعت القهقرى، فهتف باسمي: أين حمزة بن حبيب الزيات؟ فقلت: لبيك داعي الله

(1) ليست في الأصل، والمثبت من مصدر التخريج، وانظر ترجمته في «غاية النهاية» (2/ 137).

(2)

تقدم تخريج هذه القصة (ص/ 92) تعليق (2).

(3)

أورد هذه القصة أيضا ابن الجوزي في «صفة الصفوة» (3/ 156 - 158)، والمزي في «تهذيب الكمال» (7/ 318 - 320).

ص: 168

لبيك، فبدرني ملك (1)، فقال: قل لبيك الله لبيك، فقلت: كما قال، فأدخلني دارا سمعت فيها ضجيج (2) القرآن، فوقفت أرعد، فسمعت قائلا يقول: لا بأس عليك، ارق واقرأ، فأدرت وجهي [فإذا أنا بمنبر من درّ أبيض، دفتاه من ياقوت أصفر، مراقيه من زبرجد أخضر، فقال لي: ارق واقرأ](3)، فأرقيت، فقيل لي: اقرأ سورة الأنعام، فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ، حتى بلغت الستين آية، فلما بلغت: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ (4) قال لي: يا حمزة، ألست القاهر فوق عبادي؟ فقلت: بلى، قال: صدقت، اقرأ، فقرأت حتى أتممتها، ثم قال لي: اقرأ، فقرأت الأعراف، حتى بلغت آخرها، فأومأت بالسجود، فقال لي: حسبك ما مضى، لا تسجد يا حمزة، من أقرأك هذه القراءة؟ قلت: سليمان، قال: صدقت، من أقرأ سليمان؟ / قلت: يحيى، قال: صدق يحيى، على من قرأ يحيى؟ قلت: على أبي عبد الرحمن السّلمي، قال: صدق أبو عبد الرحمن السّلمي، على من قرأ؟

فقلت: على ابن عم نبيك، علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: صدق عليّ، على من قرأ عليّ؟ قلت على نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قال: من أقرأ نبيي محمدا صلى الله عليه وسلم؟ قلت: جبريل عليه السلام، قال: فمن أقرأ جبريل عليه السلام؟

فسكتّ، فقال لي: يا حمزة: قل: أنت، فقلت: ما أجسر أن أقول: أنت، قال: قل: أنت، فقلت: أنت، فقال: صدقت يا حمزة، وحقّ القرآن لأكرمن أهل القرآن، سيما إذا عملوا بالقرآن، يا حمزة: القرآن كلامي، وما أحببت أحدا كحبي لأهل القرآن، ادن يا حمزة، فدنوت فغمر يده في الغالية، ثم ضمخني بها، ثم قال: ليس أفعل هذا بك وحدك، قد فعلت ذلك بنظرائك من فوقك، ومن دونك، ومن أقرأ القرآن كما أقرأته لم يرد به غيري، وما أخبأت لك يا حمزة عندي أكثر، فأعلم أصحابك بمكاني من حبي لأهل القرآن وفعلي بهم، فهم المصطفون الأخيار، يا حمزة: وعزتي وجلالي لا أعذب لسانا تلا القرآن بالنار، ولا قلبا وعاه، ولا أذنا سمعته، ولا عينا

(1) في الأصل: (مالك)، والمثبت من مصادر التخريج.

(2)

في الأصل: (صحيح)، والمثبت من مصادر التخريج.

(3)

ليست في الأصل، والمثبت من مصادر التخريج.

(4)

سورة الأنعام، الآية:61.

ص: 169

نظرته، فقلت: سبحانك أي رب، فقال: يا حمزة، أين نظار المصاحف؟

فقلت: يا رب أحفاظهم؟ قال: ولكني أحفظه لهم حتى يلقوني يوم القيامة، فإذا لقوني رفعت لهم بكل آية درجة؛ أفتلومني أن أبكي وأتمرغ في التراب؟

قال الشيخ وحيد الدين: قال شيخي صائن الدين: قال الشيخ منتجب الدين: أخبرنا الشيخ أبو الجود/ بقراءتي عليه في سنة ست مائة، وبالإسناد عن ابن غلبون، عن إسماعيل بن زياد أنه قال: قال حمزة رضي الله عنه (1):

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي، فقلت: يا رسول الله، قد رويت ألف حديث بإسناد عنك، أقرأها عليك؟ قال: نعم، فقرأتها عليه كلها بإسنادها عنه، فزوّرها كلها إلا أربعة أحاديث، فإنه لم يقرّ منها إلا بتلك الأربعة، وقال: لم أتكلم بها، فقلت: يا رسول الله، قد قرأت القرآن، أقرأه عليك؟ فقرأت عليه القرآن من أوله إلى آخره، فقال: كما أنزل عليّ، كما أنزل عليّ.

قال ابن غلبون (1): فدل هذا على صحة قراءة حمزة، وجهل من يلحنه فيها، ويرد عليه؛ لأنه كان متبعا لمن أخذ عنه كما تقدم ممن قد اتصل إسناده برسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ردّ عليه فإنما يرد على من قرأ عليه، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكفى بذلك إثما عظيما، وجهلا مبينا.

قال الحافظ أبو عمرو رحمه الله: وأجمعت العامة والخاصة من أهل الكوفة إلى اليوم على الائتمام بحمزة، والاقتداء بمذاهبه، والتمسك باختياره.

وكان رحمه الله متصدرا في حياة الأعمش، إذا رآه مقبلا يقول: هذا حبر القرآن.

وقال فيه شريك: ما علمت بالكوفة أقرأ منه ولا أفضل منه، ومن مثل حمزة.

وقال فيه سفيان الثوري رحمه الله: هذا أقرأنا للقرآن.

(1) هذه القصة بتمامها مذكورة في «التذكرة» (1/ 48 - 49)، بتغيير في بعض ألفاظها، وأخرجها مختصرة مسلم في مقدمة «صحيحه» (ص/ 17).

ص: 170

وقال أيضا: غلب حمزة الناس على القرآن والفرائض.

وقال فيه عبد الله بن موسى: ما رأيت أحدا أقرأ من حمزة، قرأ على الأئمة.

وكان شعيب بن حرب/ رحمه الله يقول لأصحاب الحديث: تسألوني عن الحديث ولا تسألوني عن الدرّ؟ فقيل له: وما الدرّ؟ قال: قراءة حمزة.

وقال أيضا: دخلت الكوفة فرأيت سفيان الثوري، وشريك بن عبد الله قاعدين قدام حمزة يقرءان، فقلت في نفسي: أكون الثالث، فقرأت، ولم يلقه أحد قط إلا وهو يقرأ، وكان رحمه الله يختم في كلّ شهر خمسا وعشرين ختمة، وكان إذا فرغ من إقراء القرآن صلى أربع ركعات، وكان يصلي بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، وكان لا ينام الليل كلّه، وكان جيرانه يسمعونه يرتل القرآن ترتيلا.

ص: 171