الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سند أبي القاسم الشّاطبيّ رحمه الله
قال الإمام أبو القاسم الشاطبي رحمه الله: إنه عرض «التيسير» حفظا على ظهر قلبه وتلا بما فيه على الشيخ الإمام المقرئ أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن هذيل بالأندلس عن رواية أبي داود سليمان بن نجاح مولى المؤيد بالله هشام أمير المؤمنين الحكم المستنصر بن أمير المؤمنين أبي عبد الرحمن الناصر الأموي سماعا وتلاوة بما فيه عن مصنفه الداني الحافظ رحمهم الله أجمعين، ومما وجد مكتوبا بخط ابن رشيد المقرئ رحمه الله ما نصه: أبو محمد قاسم بن فيرة الرّعيني المقرئ الضرير من أهل شاطبة، روى القراءة بالأندلس على أبي الحسن بن هذيل، وأبي/ عبد الله محمد بن أبي العاص النفزي، وأبي عبد الله بن سعادة، وأبي محمد [بن](1) عاشر، وأبي الحسن بن النعمة، وأبي الحسن عليم (2)، ورحل فاستوطن قاهرة مصر وأقرأ بها القرآن، وبها ألف قصيدته المشهورة، وذكر أنه ابتدأ أولها بالأندلس إلى قوله:
جعلت أبا جاد (3)
ثم أكملها بالقاهرة المحروسة: فجزاه الله عن الأمة أفضل الجزاء، لقد أتقنها وأبدع فيها على صغر حجمها، فما أحسن ما قيل:
جلا الرّعينيّ لنا مبدعا
…
عروسه البكر ويا ما جلا
لو رامها مبتكر غيره
…
قالت قوافيها له الكلّ: لا
(1) ليست في الأصل، والمثبت من «معرفة القراء الكبار» (ص/ 574)، و «غاية النهاية» (2/ 22).
(2)
في الأصل: (علم)، والمثبت من «معرفة القراء الكبار» (ص/ 574)، و «غاية النهاية» (2/ 22)، وفيه ذكر ابن الجزري بعض كلام أبي عبد الله محمد بن رشيد السبتي.
(3)
وتمام البيت:
جعلت أبا جاد على كلّ قارئ
…
دليلا على المنظوم أوّل أوّلا
لقد أجرين على الناس ما كان شاردا بحرز الأماني، وهناهم نيل مقصودهم بوجه التهاني، فيا لها من تهنئة شرفت بها النفوس وبركت، واهتزت طربا عند سماعها وسمت، ألحقت الصغار بالكبار في حفظ مذاهب أئمة الأمصار، فالشكر لله على هذه المنة، فقد ضمن مصنفها لقارئها الجنة، وضمان الصالحين عند الله مضمون مقبول.
قال ابن رشيد: رواها الناس عنه واستعملوها، وهي لمن ألفها وأنس بها من أنفع شيء وأيسره في ذكر خلاف السبعة، مع تنبيهات ونكت ضمنها إياها، وإشارات إلى اختيارات الأئمة، وما انفرد به إمام من المصنفين عن غيره جزالة ألفاظها وغرابة مقاصدها، وكان أديبا بارعا خاشعا ورعا، روى عنه/ الخطيب أبو بكر محمد بن الخطيب الحاج أبي القاسم بن وضاح، لقيه في رحلته إلى الحج، والأستاذ أبو القاسم بن الحداد التونسي وغيرهما، وذكره الحافظ أبو عمرو بن عات وأثنى عليه، وكان قد صحبه بمصر، وروى عنه كتابه المحدث المفيد أبو العباس العزفي السبتي، ونقل من خطه. ذكر أبو محمد (1) القاسم اللّورقي في شرح القصيد أن أبا القاسم بن فيّره نظم «المقنع في خط المصحف» في قصيدة شهرت «بالرائية» .
قال: وكان رجلا صالحا صدوقا في القول مجدا في الفعل، ظهرت عليه كرامات الصالحين كسماع الأذان بجامع مصر وقت الزوال من غير المؤذنين، وكان يعذل أصحابه في أشياء لم يطالعوه عليها.
ولد سنة ثمان وثلاثين وخمس مائة، ومات يوم الأحد بعد صلاة العصر الثامن والعشرين من جمادى الأولى، سنة تسعين، ودفن في مقبرة البيساني، وذكر الشيخ الإمام العلامة علم الدين السخاوي أنه دفن يوم الاثنين بالمقبرة المذكورة.
قال: وتعرف تلك الناحية بسارية، وصلى عليه أبو إسحاق المعروف بالعراقي إمام جامع مصر يومئذ رضي الله عنه وأرضاه، هذا آخر كلام ابن رشيد رحمه الله.
(1) ليست في الأصل، والمثبت من «معرفة القراء الكبار» (ص/ 660)، و «غاية النهاية» (2/ 15).