الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
بِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَفْلَحَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «فَتَلْتُ قَلَائِدَ بُدْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ ثُمَّ أَشْعَرَهَا وَقَلَّدَهَا ثُمَّ بَعَثَ بِهَا إلَى الْبَيْتِ» الْحَدِيثَ وَفِيهِ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ هَدْيَهُ أَشْعَرَهُ وَقَلَّدَهُ مِنْ بَلَدِهِ وَلَوْ أَخَذَهُ مَعَهُ أَخَّرَ التَّقْلِيدَ وَالْإِشْعَارَ إلَى حِينِ يُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ غَيْرِهِ.
[فَائِدَةٌ مَنْ أَرْسَلَ هَدْيًا إلَى الْكَعْبَةِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ]
{التَّاسِعَةُ} وَفِيهِ أَنَّ مَنْ أَرْسَلَ هَدْيًا إلَى الْكَعْبَةِ لَا يَصِيرُ مُحْرِمًا بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَلَا يُجْرَى عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِحْرَامِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَجْتَنِبَ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ وَسَوَاءٌ قَلَّدَ هَدْيَهُ أَمْ لَمْ يُقَلِّدْهُ وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ إنْ قَلَّدَ هَدْيَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيّ وَالشَّعْبِيُّ وَقَالَ عَطَاءٌ سَمِعْنَا ذَلِكَ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إذَا قَلَّدَ هَدْيَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيّ وَالشَّعْبِيُّ وَقَالَ عَطَاءٌ وَجَبَ عَلَيْهِ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ انْتَهَى.
وَحَاصِلُ كَلَامِهِ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا وَالثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ، وَعَدَّهُمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ فَحَكَى الْمَذْهَبَ الْمَشْهُورَ وَكَأَنَّ مُرَادَ الْأَخِيرَيْنِ وَجَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْإِحْرَامِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُحْرِمًا فَتَتَّحِدَ الْمَقَالَتَانِ حِينَئِذٍ وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ تَفْرِيعًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ نَقَلَهُ عَنْهُمْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ حَجٍّ وَعُمْرَةٍ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّهُ إذَا قَلَّدَ هَدْيَهُ فَقَدْ أَحْرَمَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالشَّعْبِيِّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَسَعْدِ بْنُ قَيْسٍ وَمَيْمُونِ بْنُ أَبِي شَبِيبٍ وَأَنَّهُ إذَا قَلَّدَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّأْوِيلِ الَّذِي قَدَّمْته وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِبَارَتَيْنِ شَيْءٌ وَاحِدٌ لِكَوْنِهِمَا مَعًا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّهُ إذَا قَلَّدَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ فَقَدْ أَحْرَمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ، وَأَنَّهُ إذَا قَلَّدَ وَهُوَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ وَكَذَا حَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ وَقَلَّدَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَهَذَا الْمَذْكُورُ آخِرًا فِيهِ التَّقْيِيدُ بِأَنْ يَكُونَ يُرِيدُ الْإِحْرَامَ فَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ الْإِطْلَاقُ الْأَوَّلُ عَلَى التَّقْيِيدِ الثَّانِي وَغَايَرْنَا بَيْنَ الْإِحْرَامِ وَإِيجَابِ الْإِحْرَامِ حَصَلَ قَوْلَانِ آخَرَانِ مَعَ الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَقَيَّدُ بِإِرَادَةِ الْإِحْرَامِ فِي قَوْلِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهُدَيْرِ أَنَّهُ رَأَى ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ أَمِيرٌ عَلَى الْبَصْرَةِ مُتَجَرِّدًا عَلَى مِنْبَرِ الْبَصْرَةِ فَسَأَلَ النَّاسَ عَنْهُ فَقَالُوا إنَّهُ أَمَرَ بِهَدْيِهِ أَنْ يُقَلَّدَ، فَلِذَلِكَ تَجَرَّدَ، فَلَقِيت ابْنَ الزُّبَيْرِ فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ بِدْعَةٌ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ وَابْنِ الْأَسْوَدِ قَالَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ وَلَا يُحْرِمُ إلَّا إنْ شَاءَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَهَذَا (مَذْهَبٌ خَامِسٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ بِالتَّقْلِيدِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ وَلَهُ تَأْخِيرُهُ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَجُّ وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ لَمْ يَجِبْ وَهَذَا (مَذْهَبٌ سَادِسٌ) وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ مَنْ بَعَثَ بِهَدْيِهِ لَا يُمْسِكُ عَنْ شَيْءٍ مِمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الْمُحْرِمُ إلَّا لَيْلَةَ جَمْعٍ فَإِنَّهُ يُمْسِكُ عَنْ النِّسَاءِ وَهَذَا (مَذْهَبٌ سَابِعٌ) وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ بَدَنَتَهُ أَمْسَكَ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الْمُحْرِمُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُلَبِّي وَهَذَا (مَذْهَبٌ ثَامِنٌ) لِأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالتَّقْلِيدِ وَلَمْ يَقُلْ إنَّهُ مُحْرِمٌ وَلَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ، وَإِنَّمَا قَالَ يُمْسِكُ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الْمُحْرِمُ وَهُوَ الَّذِي فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يَنْحَرَ الْهَدْيَ وَهَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إذَا أَرْسَلَ بَدَنَتَهُ وَاعَدَهُمْ يَوْمًا فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي وَاعَدَهُمْ أَنْ يُشْعِرَ؛ أَمْسَكَ عَمَّا يُمْسِكُ عَنْهُ الْمُحْرِمُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُلَبِّي، وَهَذَا مِثْلُ الَّذِي قَبْلَهُ فِي الْإِمْسَاكِ خَاصَّةً وَيُخَالِفُهُ بِأَنَّهُ لَا يُرَتِّبُهُ عَلَى مُجَرَّدِ الْإِرْسَالِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْإِشْعَارِ فَهُوَ (مَذْهَبٌ تَاسِعٌ) وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ إذَا بَعَثَ الرَّجُلُ بِالْهَدْيِ أَمَرَ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ مَعَهُ أَنْ يُقَلِّدَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ ثُمَّ يُمْسِكُ عَنْ أَشْيَاءَ مِمَّا يُمْسِكُ عَنْهَا الْمُحْرِمُ وَهَذَا (مَذْهَبٌ عَاشِرٌ) لِأَنَّهُ لَا يَطَّرِدُ الْمَنْعُ فِي كُلِّ مَا يَجْتَنِبُهُ الْمُحْرِمُ بَلْ يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي بَعْضِهَا دُونَ جَمِيعِهَا وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ رَتَّبَ هَذَا الْحُكْمَ عَلَى التَّقْلِيدِ رَتَّبَهُ عَلَى الْإِشْعَارِ أَيْضًا فَهُوَ فِي مَعْنَاهُ فَهَذِهِ عَشَرَةُ مَذَاهِبَ شَاذَّةٌ إنْ لَمْ تُؤَوَّلْ وَتُرَدَّ إلَى مَذْهَبٍ