الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ طَوَافِ الْحَائِضِ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ «عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ
ــ
[طرح التثريب]
تَقْصِيرٌ.
[فَائِدَةٌ مَحَلُّ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ لِلْمُحْرِمِ شَعْرُ الرَّأْسِ]
{الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ} مَحَلُّ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ شَعْرُ الرَّأْسِ دُونَ بَقِيَّةِ شُعُورِ الْبَدَنِ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ مَعَ الْحَلْقِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَشَارِبِهِ وَأَظَافِرِهِ وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِعْلُ ذَلِكَ، رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ {السَّادِسَةَ عَشْرَةَ} يَسْقُطُ الْحَلْقُ، وَالتَّقْصِيرُ بِفَقْدِ شَعْرِ الرَّأْسِ فَإِذَا كَانَ أَصْلَعَ أَوْ مَحْلُوقًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا فِدْيَةَ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ إمْرَارُ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجُمْهُورِ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَنْكَرَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاوُد وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ فَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَعَ يُمِرُّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَلَوْ أَخَذَ مِنْ شَارِبِهِ أَوْ شَعْرِ لِحْيَتِهِ شَيْئًا كَانَ أَحَبَّ إلَيَّ لِيَكُونَ قَدْ وَضَعَ مِنْ شَعْرِهِ شَيْئًا لِلَّهِ تَعَالَى، قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَلَسْت أَرَى لِذَلِكَ وَجْهًا إلَّا أَنْ يَكُونَ أَسْنَدَهُ إلَى أَثَرٍ، وَقَالَ الْمُتَوَلِّي يُسْتَحَبُّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الشُّعُورِ الَّتِي يُؤْمَرُ بِإِزَالَتِهَا لِلْفِطْرَةِ كَالشَّارِبِ وَالْإِبِطِ وَالْعَانَةِ لِئَلَّا يَخْلُوَ نُسُكُهُ عَنْ حَلْقٍ، قَالَ أَصْحَابُنَا وَلَوْ نَبَتَ شَعْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ حَلْقٌ وَلَا تَقْصِيرٌ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ بِرَأْسِهِ شَعْرٌ وَبِهِ عِلَّةٌ تَمْنَعُ الْحَلْقَ فَيَصْبِرُ لِلْإِمْكَانِ وَلَا يَفْتَدِي وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَلْقُ
[بَابُ طَوَافِ الْحَائِضِ]
[حَدِيثُ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطَّهَّرِي]
{بَابُ طَوَافِ الْحَائِضِ} {الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ} عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ «عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرِي» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
{الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ
فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطَّهَّرِي» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «حَتَّى تَغْتَسِلِي» وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ «غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ» وَلَمْ يَقُلْهُ رُوَاةُ الْمُوَطَّإِ وَلَا غَيْرُهُمْ إلَّا يَحْيَى قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ
ــ
[طرح التثريب]
وَأَخْرَجَهُ بِمَعْنَاهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «حَتَّى تَغْتَسِلِي» وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ كُلِّهِمْ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَفِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى التَّمِيمِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ «غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى تَطَّهَّرِي» وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يَقُلْهُ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ وَلَا غَيْرِهِمْ إلَّا يَحْيَى، وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ.
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ حَتَّى تَطَّهَّرِي بِفَتْحِ الطَّاءِ وَتَشْدِيدِهَا وَفَتْحِ الْهَاءِ أَيْضًا وَهُوَ عَلَى حَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ وَأَصْلُهُ تَتَطَهَّرِي كَذَا ضَبَطْنَاهُ وَحَفِظْنَاهُ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «حَتَّى تَغْتَسِلِي» وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ أَنَّ رِوَايَةَ «حَتَّى تَغْتَسِلِي» رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ أَيْضًا وَلَمْ أَرَهَا فِيهِ. وَذَكَرَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «إنَّ النُّفَسَاءَ وَالْحَائِضَ تَغْتَسِلُ وَتُحْرِمُ. وَتَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَطْهُرَ» إنَّ الْمَشْهُورَ فِي الرِّوَايَةِ التَّخْفِيفُ وَضَمُّ الْهَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَتَّى تَطَّهَّرَ بِتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْهَاءِ اهـ وَمُقْتَضَى مَا ذُكِرَ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا كَذَلِكَ. وَالْمَعْرُوفُ مَا قَدَّمْته وَقَدْ يَكُونُ الْمَشْهُورُ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَدِيثَيْنِ عَنْهُ الْمَشْهُورُ فِي الْآخَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الثَّالِثَةُ}
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِيهِ نَهْيُ الْحَائِضِ عَنْ الطَّوَافِ حَتَّى يَنْقَطِعَ دَمُهَا وَتَغْتَسِلَ، وَالنَّهْيُ فِي الْعِبَادَاتِ يَقْتَضِي الْفَسَادَ وَذَلِكَ يَقْتَضِي بُطْلَانَ الطَّوَافِ لَوْ فَعَلَتْهُ وَفِي مَعْنَاهُ الْجَنَابَةُ وَكَذَا سَائِرُ الْأَحْدَاثِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الِاسْتِدْلَال ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلَاةٌ إلَّا أَنَّ اللَّهَ أَبَاحَ فِيهِ الْكَلَامَ» لَكِنَّ الصَّحِيحَ وَقْفُهُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ مَرْفُوعٌ حُكْمًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَرْفُوعًا لَفْظًا لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَيَدُلُّ لَهُ أَيْضًا مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَائِشَةَ «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوَّلُ شَيْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ أَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ مَعَ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم خُذُوا عَنَى مَنَاسِكَكُمْ» وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَأَبِي الْعَالِيَةِ وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقُ وَأَبِي ثَوْرٍ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. قَالَ وَانْفَرَدَ أَبُو حَنِيفَةَ فَقَالَ: الطَّهَارَةُ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ لِلطَّوَافِ فَلَوْ طَافَ وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ أَوْ مُحْدِثًا أَوْ جُنُبًا صَحَّ طَوَافُهُ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي كَوْنِ الطَّهَارَةِ وَاجِبَةً مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فَمَنْ أَوْجَبَهَا مِنْهُمْ قَالَ إنْ طَافَ مُحْدِثًا لَزِمَهُ شَاةٌ وَإِنْ طَافَ جُنُبًا لَزِمَهُ بَدَنَةٌ قَالُوا وَيُعِيدُهُ مَا دَامَ بِمَكَّةَ وَعَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ (إحْدَاهُمَا) كَمَذْهَبِنَا.
(الثَّانِيَةُ) إنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ أَعَادَهُ وَإِنْ رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ جَبَرَهُ بِدَمٍ. وَقَالَ دَاوُد: الطَّهَارَةُ لِلطَّوَافِ وَاجِبَةٌ فَإِنْ طَافَ مُحْدِثًا أَجْزَأَهُ إلَّا الْحَائِضُ، وَقَالَ الْمَنْصُورِيُّ مِنْ أَصْحَابِ دَاوُد: الطَّهَارَةُ شَرْطٌ كَمَذْهَبِنَا انْتَهَى وَفِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ انْفِرَادِ أَبِي حَنِيفَةَ بِذَلِكَ نَظَرٌ: فَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَأَلْتُ الْحَكَمَ وَحَمَّادًا وَمَنْصُورًا وَسُلَيْمَانَ عَنْ الرَّجُلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ فَلَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ أَيْضًا عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: إذَا طَافَتْ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَ أَطْوَافٍ فَصَاعِدًا ثُمَّ حَاضَتْ أَجْزَأَ عَنْهَا وَذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى عَنْ عَطَاءٍ قَالَ: حَاضَتْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
امْرَأَةٌ وَهِيَ تَطُوفُ مَعَ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَأَتَمَّتْ بِهَا عَائِشَةُ بَقِيَّةَ طَوَافِهَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فَهَذِهِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ تَرَ الطَّهَارَةَ مِنْ شُرُوطِ الطَّوَافِ انْتَهَى وَفِي تَقْيِيدِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَحْمَدَ بِالْعَوْدِ إلَى بَلَدِهِ نَظَرٌ فَقَدْ حَكَى الْمَجْدُ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الطَّهَارَةَ وَاجِبَةٌ تُجْبَرُ بِالدَّمِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ قَوْلٌ يُوَافِقُ هَذَا فَحَكَى ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الْمُغِيرَةِ أَنَّهُ إنْ طَافَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ أَعَادَ مَا دَامَ بِمَكَّةَ فَإِنْ أَصَابَ النِّسَاءَ وَخَرَجَ إلَى بَلَدِهِ أَجْزَأَهُ، وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ: الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ جَائِزٌ وَلِلنُّفَسَاءِ وَلَا يَحْرُمُ إلَّا عَلَى الْحَائِضِ فَقَطْ لِلنَّهْيِ فِيهِ، وَهَذَا جُمُودٌ عَجِيبٌ. وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ذِكْرُ النُّفَسَاءِ مَعَ الْحَائِضِ وَسَكَتَ عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ لَا يَصِحُّ مِنْ الْحَائِضِ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ لَكِنْ اخْتَلَفُوا فِي عِلَّتِهِ عَلَى حَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي اشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ لِلطَّوَافِ. فَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ هِيَ شَرْطٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ وَبِهِ قَالَ دَاوُد فَمَنْ شَرَطَ الطَّهَارَةَ قَالَ الْعِلَّةُ فِي بُطْلَانِ طَوَافِ الْحَائِضِ عَدَمُ الطَّهَارَةِ وَمَنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا قَالَ الْعِلَّةُ فِيهِ كَوْنُهَا مَمْنُوعَةً مِنْ اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُصَحِّحُ الطَّوَافَ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ عَنْهُ وَكَمَا حَكَاهُ هُوَ عَنْهُ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ارْتِكَابِ الْمُحْرِمِ فِي اللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ بُطْلَانُ الطَّوَافِ وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَجْهٌ ضَعِيفٌ غَرِيبٌ مَرْدُودٌ مَحْكِيٌّ عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الْأَبِيوَرْدِيِّ أَنَّهُ يَصِحُّ طَوَافُ الْوَدَاعِ بِلَا طَهَارَةٍ وَتُجْبَرُ الطَّهَارَةُ بِالدَّمِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ هَذَا غَلَطٌ لِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا وَجَبَ جَبْرًا لِلطَّوَافِ لَا لِلطَّهَارَةِ {الرَّابِعَةُ} إنْ قُلْت فِي مَعْنَى الطَّوَافِ رَكْعَتَا الْإِحْرَامِ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَائِضِ فِعْلُهُمَا فَلِمَ لَا اسْتَثْنَاهُمَا بَلْ هُمَا أَوْلَى بِالْمَنْعِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَيْهِمَا (قُلْت) يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُمَا تَبَعٌ لِلطَّوَافِ فَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْمَتْبُوعِ عَنْ التَّابِعِ (ثَانِيهمَا) أَنَّ تَحْرِيمَ الصَّلَاةِ عَلَى الْحَائِضِ مَعْرُوفٌ مُقَرَّرٌ لَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِهِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ قَدْ يَخْفَى حُكْمُهُ {الْخَامِسَةُ} اشْتِرَاطُ الطَّهَارَةِ فِي صِحَّةِ الطَّوَافِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا الطَّهَارَةُ عَنْ النَّجَسِ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ وَالْمَكَانِ الَّذِي يَطَؤُهُ فِي الطَّوَافِ