الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْوَاحِدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ هَذَا فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادٍ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهَا التَّوَاتُرُ فَيُنَبَّهُ عَلَيْهِ لِيُحْفَظَ وَيُضَمَّ إلَيْهِ غَيْرُهُ
[فَائِدَةٌ إثْبَاتُ صَلَاتِهِ عليه السلام فِي الْكَعْبَةِ]
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إثْبَاتُ صَلَاتِهِ عليه الصلاة والسلام فِي الْكَعْبَةِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْبَيْتَ فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ «وَدَعَا وَلَمْ يُصَلِّ» وَإِنَّمَا تَلَقَّى ابْنُ عَبَّاسٍ ذَلِكَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَخَلَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ حَتَّى خَرَجَ فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ فِي قِبَلِ الْبَيْتِ رَكْعَتَيْنِ وَقَالَ هَذِهِ الْقِبْلَةُ» وَالْعَمَلُ عَلَى الْإِثْبَاتِ فَإِنَّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ الْآثَارُ أَنَّهُ صَلَّى أَكْثَرَ وَلَوْ تَسَاوَتْ فِي الْكَثْرَةِ لَكَانَ الْأَخْذُ بِالْمُثْبِتِ أَوْلَى مِنْ النَّافِي فَقَدْ رَوَى «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَلَّى فِي الْبَيْتِ غَيْرُ بِلَالٍ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَجَابِرٌ وَشَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ» مِنْ طُرُقٍ حِسَانٍ ذَكَرَهَا الطَّحَاوِيُّ كُلَّهَا وَفِي شَرْحِ مَعَانِي الْآثَارِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رِوَايَةُ أَنَّهُ صَلَّى أَوْلَى مِنْ رِوَايَةِ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مَقْبُولَةٌ وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ يَفْعَلْ بِشَهَادَةٍ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَجْمَعَ أَهْلُ الْحَدِيثِ عَلَى الْأَخْذِ بِرِوَايَةِ بِلَالٍ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ فَمَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ فَوَجَبَ تَرْجِيحُهُ وَكَذَا حَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ الْعُلَمَاءِ ثُمَّ قَالَ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ لَوْ كَانَ الْخَبَرُ عَنْ اثْنَيْنِ فَأَمَّا وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فَأَثْبَتَ مَرَّةً وَنَفَى أُخْرَى. وَقَوْلُ النَّفْيِ رِوَايَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَلَا أَدْرِي مَا هَذَا انْتَهَى وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ عَنْ وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ فَالْإِثْبَاتُ مُقَدَّمٌ وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ عَلَى وَاحِدٍ.
(الثَّانِي) أَنَّ ذِكْرَ ابْنِ عُمَرَ سَهْوٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْهُ النَّفْيَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ أُسَامَةَ فَسَبَقَ قَلَمُهُ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَأَمَّا نَفْيُ أُسَامَةَ فَقَدْ سَبَقَ وَأَمَّا إثْبَاتُهُ فَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ قَالَ: «خَرَجْت حَاجًّا فَجِئْت حَتَّى دَخَلْت الْبَيْتَ فَلَمَّا كُنْت بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ مَضَيْت حَتَّى لَزِمْت الْحَائِطَ فَجَاءَ ابْنُ عُمَرَ فَصَلَّى إلَى جَنْبِي فَصَلَّى أَرْبَعًا فَلَمَّا صَلَّى قُلْت لَهُ أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْبَيْتِ فَقَالَ أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّهُ صَلَّى هَهُنَا فَقُلْت كَمْ صَلَّى؟ فَقَالَ عَلَى هَذَا أَجِدُنِي أَلُومُ نَفْسِي. إنِّي مَكَثْت مَعَهُ عُمْرًا فَلَمْ أَسْأَلْهُ كَمْ صَلَّى»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَيُوَافِقُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لَفْظُ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَإِنَّ فِيهَا بَعْدَ ذِكْرِ أُسَامَةَ وَبِلَالٍ وَعُثْمَانُ «فَقُلْت أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا هَاهُنَا، قَالَ وَنَسِيت أَنْ أَسْأَلَهُمْ كَمْ صَلَّى» ، وَمُقْتَضَاهَا نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَى جَمِيعِهِمْ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أُسَامَةَ النَّفْيُ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: إنَّ أَهْلَ الْحَدِيثِ وَهَنُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ فَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَهَمَ ابْنُ عَوْنٍ هُنَا وَخَالَفَهُ غَيْرُهُ فَأَسْنَدُوهُ عَنْ بِلَالٍ وَحْدَهُ قَالَ الْقَاضِي وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي بَاقِي الطُّرُقِ إلَّا أَنَّ فِي رِوَايَةِ حَرْمَلَةَ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ فَأَخْبَرَنِي بِلَالٌ أَوْ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ هَكَذَا هُوَ عِنْدَ عَامَّةِ شُيُوخِنَا وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَعُثْمَانُ قَالَ وَهَذَا يَعْضُدُ رِوَايَةَ ابْنِ عَوْنٍ وَالْمَشْهُورُ انْفِرَادُ بِلَالٍ بِرِوَايَةِ ذَلِكَ {الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ} إنْ قُلْت كَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَ إثْبَاتِ بِلَالٍ وَنَفْيِ أُسَامَةُ مَعَ دُخُولِهِمَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ؟ (قُلْت) أُجِيبَ عَنْهُ بِأَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَأَمَّا نَفْيُ أُسَامَةَ فَسَبَبُهُ أَنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا الْكَعْبَةَ أَغْلَقُوا الْبَابَ وَاشْتَغَلُوا بِالدُّعَاءِ فَرَأَى أُسَامَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو ثُمَّ اشْتَغَلَ أُسَامَةُ بِالدُّعَاءِ فِي نَاحِيَةٍ مِنْ نَوَاحِي الْبَيْتِ وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى وَبِلَالٌ قَرِيبٌ مِنْهُ ثُمَّ صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَآهُ بِلَالٌ لِقُرْبِهِ وَلَمْ يَرَهُ أُسَامَةُ لِبُعْدِهِ وَاشْتِغَالِهِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ خَفِيفَةً فَلَمْ يَرَهَا أُسَامَةُ لِإِغْلَاقِ الْبَابِ مَعَ بُعْدِهِ وَاشْتِغَالِهِ بِالدُّعَاءِ وَجَازَ لَهُ نَفْيُهَا عَمَلًا بِظَنِّهِ وَأَمَّا بِلَالٌ فَتَحَقَّقَهَا فَأَخْبَرَ بِهَا.
(الثَّانِي) أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أُسَامَةُ غَابَ عَنْهُ بَعْدَ دُخُولِهِ لِحَاجَةٍ فَلَمْ يَشْهَدْ صَلَاتَهُ أَجَابَ بِهِ الشَّيْخُ مُحِبُّ الدِّينِ الطَّبَرِيُّ قَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَيَدُلُّ مَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْمُنْذِرِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى صُوَرًا فِي الْكَعْبَةِ فَكُنْت آتِيهِ بِمَاءٍ فِي الدَّلْوِ يَضْرِبُ بِهِ الصُّوَرَ» قَالَ فَقَدْ أَخْبَرَ أُسَامَةُ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ لِنَقْلِ الْمَاءِ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ يَوْمَ الْفَتْحِ.
(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ الْأَشْبَهُ عِنْدِي أَنْ يُحْمَلَ الْخَبَرَانِ عَلَى دُخُولَيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) يَوْمَ الْفَتْحِ وَصَلَّى فِيهِ وَالْآخَرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَلَمْ يُصَلِّ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَضَادٌّ وَكَذَا قَالَ الْمُهَلَّبُ شَارِحُ الْبُخَارِيِّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ دَخَلَ مَرَّتَيْنِ صَلَّى فِي إحْدَاهُمَا وَلَمْ يُصَلِّ فِي الْأُخْرَى قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَيَتَأَيَّدُ ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ «إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ قَالَ قُلْت لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْبَيْتَ فِي عُمْرَتِهِ؟ قَالَ لَا» ، قَالَ فَتَعَيَّنَ الدُّخُولُ فِي الْحَجِّ وَالْفَتْحِ قَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ مَا جَمَعَ بِهِ ابْنُ حِبَّانَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ كَوْنِ اخْتِلَافِ بِلَالٍ وَأُسَامَةَ إنَّمَا هُوَ فِي دُخُولٍ وَاحِدٍ وَهُوَ يَوْمُ الْفَتْحِ نَعَمْ الِاخْتِلَافُ الَّذِي عَنْ أُسَامَةَ فِي صَلَاتِهِ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ فِي دُخُولَيْنِ إمَّا فِي سُفْرَةٍ أَوْ فِي سُفْرَتَيْنِ (قُلْتُ) وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْفَائِدَةِ الثَّالِثَةِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَرَّةً وَاحِدَةً عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ حَجَّ فَلَمْ يَدْخُلْهَا» الرَّابِعُ أَنَّ الْمُرَادَ بِإِثْبَاتِ بِلَالٍ الصَّلَاةَ اللُّغَوِيَّةَ وَهِيَ الدُّعَاءُ لَا الصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ حَكَاهُ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ بَعْضِ مَنْ مَنَعَ الصَّلَاةَ فِي الْكَعْبَةِ قَالَ وَهُوَ جَوَابٌ فَاسِدٌ يَرُدُّهُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي الصَّحِيحِ وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى وَقَوْلُهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «أَنَّهُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ» وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ بَعْدَ ذَلِكَ {الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ} قَوْلُهُ «جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ» كَذَا فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد عَنْ الْقَعْنَبِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ مَالِكٍ وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ عَنْ مَالِكٍ «جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ» وَفِي رِوَايَةٍ مُسْلِمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ «عَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ» وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ عَنْ الْأَكْثَرِ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّإِ مِنْهُمْ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيُّ وَالْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَبُو مُصْعَبٍ وَابْنُ بُكَيْر وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ وَابْنُ مَهْدِيٍّ مِنْ رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ الْقَطَّانِ عَنْهُ وَالشَّافِعِيِّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي يَحْيَى مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْعَطَّارِ عَنْهُ وَنَقَلَ اللَّفْظَ الثَّانِي عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ الطَّبَّاعِ وَمَكِّيِّ بْنِ إبْرَاهِيمَ وَأَبِي قِلَابَةَ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ وَبُنْدَارٍ عَنْ ابْنِ مَهْدِيٍّ كُلُّهُمْ عَنْ مَالِكٍ وَنَقَلَ اللَّفْظَ الثَّالِثَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيِّ وَبُنْدَارٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ وَالرَّبِيعِ عَنْ الشَّافِعِيِّ كُلِّهِمْ عَنْ مَالِكٍ قَالَ وَرَوَاهُ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ فِيهِ «جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ» وَقَالَ وَلَمْ يُتَابِعْ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ قَالَ وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى أَوْلَى بِالصَّوَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَصَحَّحَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا هَذِهِ الرِّوَايَةَ قَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِكَوْنِهِ مُقَابِلَ الْبَابِ وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا «صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ» وَإِذَا تَقَرَّرَ تَرْجِيحُ الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَلَا يُنَافِيهَا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ لِأَنَّ مَعْنَاهَا صَلَّى بَيْنَ عَمُودَيْنِ وَإِنْ كَانَ بِجَانِبِ أَحَدِ الْعَمُودَيْنِ عَمُودٌ آخَرُ وَلَا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ فَإِنَّ الْعُمُدَ الثَّلَاثَةَ أَحَدُهَا يَمَانِيٌّ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالْآخَرُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْحَجَرِ شَامِيٌّ وَالْأَوْسَطُ بَيْنَهُمَا إنْ قُرِنَ بِالْأَوَّلِ قِيلَ الْيَمَانِيَّانِ وَإِنْ قُرِنَ بِالثَّانِي قِيلَ الشَّامِيَّانِ ذَكَرَهُ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ وَهُوَ وَاضِحٌ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الثَّالِثَةُ فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَى فَهِيَ ضَعِيفَةٌ لِشُذُوذِهَا وَمُخَالَفَتِهَا رِوَايَةَ الْأَكْثَرِينَ كَمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الرَّابِعَةُ فَهِيَ مَقْطُوعٌ بِوَهْمِهَا إذْ لَيْسَ هُنَاكَ أَرْبَعَةُ أَعْمِدَةٍ حَتَّى يَكُونَ عَنْ يَمِينِهِ اثْنَانِ وَعَنْ يَسَارِهِ اثْنَانِ {الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ} لَمْ يُفْصِحْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَنْ الْقَدْرِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ لَكِنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ كَوْنِهِ كَانَ بَيْنَ الْعَوَامِيدِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّ مِقْدَارَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجِدَارِ مَعْرُوفٌ وَقَدْ أَفْصَحَ عَنْ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْأَزْرَمِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ مَالِكٍ قَالَ فِيهَا «ثُمَّ صَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ» وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ ابْنَ عُفَيْرٍ وَابْنَ وَهْبٍ وَشَبَّابَةَ بْنَ سَوَّارٍ رَوَوْهَا عَنْ مَالِكٍ كَذَلِكَ وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَفِيهِ «وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ» وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ كَانَ إذَا دَخَلَ الْكَعْبَةَ مَشَى قِبَلَ وَجْهِهِ حِينَ يَدْخُلُ وَجَعَلَ الْبَابَ قِبَلَ ظَهْرِهِ فَمَشَى حَتَّى يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي قِبَلَ وَجْهِهِ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ صَلَّى يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِهِ بِلَالٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم صَلَّى فِيهِ، قَالَ وَلَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَأْسٌ إنْ صَلَّى فِي أَيِّ نَوَاحِي الْبَيْتِ شَاءَ وَفِي تَارِيخِ مَكَّةَ لِلْأَزْرَقِيِّ أَنَّ مُعَاوِيَةَ «سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهم أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ دَخَلَهَا؟ قَالَ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ اجْعَلْ بَيْنَك وَبَيْنَ الْجِدَارِ ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً» وَهَذِهِ الرِّوَايَاتُ مُوَافِقَةٌ فِي الْمَعْنَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لِلرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ فَإِنَّ بَيْنَ الْعَوَامِيدِ الْمُقَدَّمَةِ وَبَيْنَ الْجِدَارِ هَذَا الْقَدْرُ وَيَنْبَغِي تَحَرِّي هَذِهِ الْبُقْعَةُ لِلصَّلَاةِ فِيهَا، وَقَدْ يُقَالُ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا مِنْ بِقَاعِ الْكَعْبَةِ لِلِاتِّبَاعِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا فَعَلَ عليه الصلاة والسلام ذَلِكَ اتِّفَاقًا لَا أَنَّهُ مَقْصُودٌ، فَيَكُونُ كَالْأُمُورِ الْجِبِلِّيَّةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي إحْيَاءِ الْقَلْبِ الْمَيِّتِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ فَإِمَّا أَنْ يُصَادِفَ مُصَلَّاهُ أَوْ يَقَعَ وَجْهُهُ وَذِرَاعَاهُ فِي مَكَانِ قَدَمَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّقَدُّمِ عَنْهُ {الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ} إنْ قُلْت لِمَ لَمْ يَقْرَبْ عليه الصلاة والسلام مِنْ السُّتْرَةِ مَعَ أَمْرِهِ بِذَلِكَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ؟ (قُلْت) جَوَابُهُ مِنْ وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا إذَا خَشِيَ الْمُرُورَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ وَهَذَا هُنَا مَأْمُونٌ لِإِغْلَاقِ الْبَابِ وَانْحِصَارِ الْكَائِنِينَ فِي الْبَيْتِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ (ثَانِيهمَا) أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرْبِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ السُّتْرَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ فَمَا دُونَهَا وَقَدْ دَلَّتْ الرِّوَايَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ هَذَا الْمِقْدَارُ وَقَدْ اسْتَدَلَّ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ هُوَ حَدُّ الدُّنُوِّ مِنْ السُّتْرَةِ {السَّادِسَةَ عَشْرَةَ} لَمْ يُبَيِّنْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَدَدَ رَكَعَاتِ صَلَاتِهِ بَلْ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّهُ قَالَ وَنَسِيت أَنْ أَسْأَلَهُ يَعْنِي بِلَالًا كَمْ صَلَّى» لَكِنْ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ سَيْفٍ قَالَ سَمِعْت مُجَاهِدًا قَالَ «أُتِيَ ابْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما فَقِيلَ لَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ الْكَعْبَةَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَأَقْبَلْت وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَرَجَ وَأَجِدُ بِلَالًا قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ فَسَأَلْت بِلَالًا فَقُلْتُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْكَعْبَةِ؟ قَالَ نَعَمْ رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إذَا دَخَلْت ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ» وَمَا أَدْرِي مَا أَقُولُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ أَعَادَهَا الْبُخَارِيُّ فِي بَابِ مَا جَاءَ فِي التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى رَوَاهَا عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ سَيْفٍ وَلَيْسَ فِيهَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ وَهِيَ أَنَّ صَلَاتَهُ فِي الْكَعْبَةِ كَانَتْ رَكْعَتَيْنِ نَعَمْ رَوَاهَا النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ وَفِيهَا ذِكْرُ الرَّكْعَتَيْنِ وَرَوَى النَّسَائِيّ أَيْضًا عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ «دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْكَعْبَةَ» الْحَدِيثَ وَفِيهِ «فَسَأَلْت بِلَالًا هَلْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ