الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اُقْتُلُوهُ. قَالَ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ» .
ــ
[طرح التثريب]
[فَائِدَة الطِّيبِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الطَّوَافِ]
التَّاسِعَةُ) فِيهِ اسْتِحْبَابُ الطِّيبِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ قَبْلَ الطَّوَافِ لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ كَانَ مِنْ تَكْرِيرِ ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَتَابَعَهُ أَصْحَابُهُ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الطِّيبِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ إذَا فَعَلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا الشُّعْثُ فَغَيْرُهَا أَوْلَى.
(الْعَاشِرَةُ) وَفِيهِ طَهَارَةُ الْمِسْكِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ إلَّا فِي قَوْلٍ شَاذٍّ لَا يُعْتَدُّ بِهِ.
[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]
[حَدِيث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ]
(بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْنُ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اُقْتُلُوهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمًا» (فِيهِ) فَوَائِدُ.
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ لَا نَعْرِفُ كَبِيرًا قَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا يَثْبُتُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إسْنَادٌ غَيْرُ حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَاحْتَاجَ إلَيْهِ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ وَمِنْ أَجْلِ مَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ جُرَيْجٍ انْتَهَى وَقَالَ وَالِدِي رحمه الله وَرَدَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ غَيْرِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
طَرِيقِ مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَأَبِي أُوَيْسٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ وَمَعْمَرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ كُلِّهِمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ فَرِوَايَةُ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ رَوَاهَا أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ وَرِوَايَةُ أَبِي أُوَيْسٍ رَوَاهَا ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ وَابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ فِي تَرْجَمَةِ أَبِي أُوَيْسٍ وَرِوَايَةُ مَعْمَرٍ ذَكَرَهَا ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ وَرِوَايَةُ الْأَوْزَاعِيِّ ذَكَرَهَا الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ قَالَ وَقَدْ يَثْبُتُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ قَالَ وَرَوَى ابْنُ مُسْدِي فِي مُعْجَمِ شُيُوخِهِ أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ الْعَرَبِيِّ قَالَ لِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْمُرَخِّي حِينَ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَدْ رَوَيْتُهُ مِنْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ طَرِيقًا غَيْرِ طَرِيقِ مَالِكٍ فَقَالُوا لَهُ أَفِدْنَا هَذِهِ الْفَوَائِدَ فَوَعَدَهُمْ وَلَمْ يُخْرِجْ لَهُمْ شَيْئًا، ثُمَّ تَعَقَّبَ ابْنُ مُسْدِي هَذِهِ الْحِكَايَةَ بِأَنَّ شَيْخَهُ فِيهَا وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْعَشَّابُ كَانَ مُتَعَصِّبًا عَلَى ابْنِ الْعَرَبِيِّ لِكَوْنِهِ كَانَ مُتَعَصِّبًا عَلَى ابْنِ حَزْمٍ فَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو دُرٍّ عَبْدُ بْنُ أَحْمَدَ الْهَرَوِيُّ لَمْ يَرْوِ حَدِيثَ الْمِغْفَرِ عَنْ الزُّهْرِيِّ إلَّا مَالِكٌ وَحْدَهُ قَالَ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ وَلَيْسَ صَالِحٌ بِذَاكَ، وَزَادَ فِيهِ «وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ» اهـ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَوَاهُ رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ عَنْ مَالِكٍ وَزَادَ فِيهِ «وَطَافَ وَعَلَيْهِ الْمِغْفَرُ» وَلَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ قَالَ وَرَوَاهُ عَنْهُ جَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَدَنِيُّ وَزَادَ فِيهِ «وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِمِحْجَنٍ» وَهَذَا أَيْضًا لَمْ يَقُلْهُ عَنْ مَالِكٍ غَيْرُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ «فِيهِ مِغْفَرٌ مِنْ حَدِيدٍ» رَوَاهُ بُسْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْ مَالِكٍ انْتَهَى.
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ «وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا» كَذَا فِي الْمُوَطَّإِ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي الْمَغَازِي عَقِبَ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ مَالِكٌ وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا نَرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ يَوْمَئِذٍ مُحْرِمًا وَهُوَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ ثَمَّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ عَنْهُ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ» .
(الثَّالِثَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ وَذَلِكَ مِنْ كَوْنِهِ عليه الصلاة والسلام كَانَ مَسْتُورَ الرَّأْسِ بِالْمِغْفَرِ وَالْمُحْرِمُ يَجِبُ عَلَيْهِ كَشْفُ رَأْسِهِ وَمِنْ تَصْرِيحِ جَابِرٍ رضي الله عنه وَالزُّهْرِيِّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَمَالِكٍ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُحْرِمًا وَأَبْدَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ فِي سَتْرِ الرَّأْسِ احْتِمَالًا فَقَالَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِعُذْرٍ انْتَهَى وَيَرُدُّهُ تَصْرِيحُ جَابِرٍ وَغَيْرِهِ وَهَذَا الِاسْتِدْلَال فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْخِلَافِ الْمَشْهُورِ مِنْ وَجْهَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ خَائِفًا مِنْ الْقَتْلِ مُتَأَهِّبًا لَهُ وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلَهُ الدُّخُولُ بِلَا إحْرَامٍ بِلَا خِلَافٍ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَ أَحَدٍ نَعْلَمُهُ وَقَدْ اسْتَشْكَلَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ذَلِكَ بِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَكَّةَ فُتِحَتْ صُلْحًا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِي قَوْلِهِ إنَّهَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا خَوْفَ ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ «بِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام صَالَحَ أَبَا سُفْيَانَ وَكَانَ لَا يَأْمَنُ غَدْرَ أَهْلِ مَكَّةَ فَدَخَلَهَا صُلْحًا وَهُوَ مُتَأَهِّبٌ لِلْقِتَالِ إنْ غَدَرُوا» (ثَانِيهِمَا) أَنَّ أَصْحَابَنَا عَدُّوا مِنْ خَصَائِصِهِ عليه الصلاة والسلام جَوَازُ دُخُولِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ فَأَمَّا غَيْرُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ خَائِفًا فَقَالَ أَصْحَابُنَا إنْ لَمْ يَكُنْ يَتَكَرَّرُ دُخُولُهُ فَفِي وُجُوبِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَقَطَعَ بِهِ بَعْضُهُمْ فَإِنْ تَكَرَّرَ دُخُولُهُ كَالْحَطَّابِينَ وَنَحْوِهِمْ فَفِيهِ خِلَافٌ مُرَتَّبٌ وَأَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ بِوُجُوبِ الْإِحْرَامِ إلَّا عَلَى الْخَائِفِ وَأَصْحَابِ الْحَاجَاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ وَلَمْ يُوجِبْهُ بَعْضُهُمْ وَعَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَأَوْجَبَهُ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَوِي الْحَاجَاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ وَلَمْ أَرَهُمْ اسْتَثْنَوْا الْخَائِفَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ لَا يُنَازِعُونَ فِي اسْتِثْنَائِهِ فَهُوَ أَوْلَى بِعَدَمِ الْوُجُوبِ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ وَذَهَبَ أَبُو مُصْعَبٍ إلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مِثْلُ رِوَايَةِ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِهِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَأَوْجَبَهُ الْحَنَفِيَّةُ مُطْلَقًا وَلَمْ أَرَهُمْ اسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ فَلَمْ يُوجِبُوا عَلَيْهِ الْإِحْرَامَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمْ أَيْضًا لَا يُنَازِعُونَ فِي الْخَائِفِ بَلْ وَلَا فِي ذَوِي الْحَاجَاتِ الْمُتَكَرِّرَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِاسْتِثْنَائِهِمْ فَإِنَّهُمْ عَلَّلُوا مَنْعَ الْوُجُوبِ فِيمَنْ هُوَ دَاخِلُ الْمِيقَاتِ بِأَنَّهُ يَكْثُرُ دُخُولُهُمْ مَكَّةَ وَفِي إيجَابِ الْإِحْرَامِ كُلَّ مَرَّةٍ حَرَجٌ بَيِّنٌ فَصَارُوا كَأَهْلِ مَكَّةَ حَيْثُ يُبَاحُ لَهُمْ الْخُرُوجُ مِنْهَا ثُمَّ دُخُولُهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ لَكِنْ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي مُنَازَعَتُهُمْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ