الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ ابْنَةِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي» قَالَ النَّسَائِيُّ
ــ
[طرح التثريب]
فِيهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي قَوْلِهِ إنَّ طَوَافَ الْقُدُومِ إذَا وُصِلَ بِالسَّعْيِ يُجْزِئُ عَنْ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَنْ تَرَكَهُ جَاهِلًا أَوْ نَسِيَهُ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ قَالَ وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ غَيْرُهُ وَغَيْرُ أَصْحَابِهِ (قُلْت) هُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ نَافِعٍ وَرَأَى أَنْ قَدْ قُضِيَ طَوَافُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ بَلْ مُقْتَضَاهُ الْإِجْزَاءُ بِدُونِ الْجَهْلِ وَالنِّسْيَانِ فَيَحْتَاجُ الْمَالِكِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ فَإِنَّ أَعْمَالَ الْعُمْرَةِ قَدْ انْدَرَجَتْ فِي الْحَجِّ عِنْدَ الْقَائِلِ بِذَلِكَ وَطَوَافُ الْحَجِّ لَا يَجِيءُ وَقْتُهُ إلَّا يَوْمَ النَّحْرِ فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَقُولُ إنَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ يَقُومُ مَقَامَ طَوَافِ الْحَجِّ وَيَكُونُ الطَّوَافُ الْمَأْتِيُّ بِهِ أَوَّلًا لَمْ يُقْصَدْ بِهِ الْقُدُومُ وَإِنَّمَا قُصِدَ بِهِ طَوَافُ الرُّكْنِ لِلْعُمْرَةِ وَسَدٌّ عَنْ طَوَافِ الْحَجِّ اسْتَقَامَ ذَلِكَ وَإِلَّا أُشْكِلَ جِدًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فِي قَوْلِهِ عِنْدَهُ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ مِنْهُمَا حَتَّى حَلَّ مِنْهُمَا بِحَجَّةٍ يَوْمَ النَّحْرِ - مَعْنَاهُ حَتَّى أَحِلَّ مِنْهُمَا يَوْمَ النَّحْرِ بِعَمَلِ حَجَّةٍ مُفْرَدَةٍ انْتَهَى وَهُوَ حَسَنٌ وَلَعَلَّ قَوْلُهُ فِي تِلْكَ الرِّوَايَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ أَرَادَ بِهِ السَّعْيَ فَهُوَ طَوَافٌ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَهُوَ الَّذِي اكْتَفَى بِالْإِتْيَانِ بِهِ أَوَّلًا أَمَّا الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِهِ يَوْمَ النَّحْرِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «لَمْ يَطُفْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابُهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ إلَّا طَوَافًا وَاحِدًا طَوَافُهُ الْأَوَّلُ» وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ «وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا» أَرَادَتْ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي رِوَايَةِ جَابِرٍ يُؤَيِّدُ الْحَدِيثَ الَّذِي قَدَّمْته وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[حَدِيث حُجِّي وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي]
(الْحَدِيثُ الثَّانِي) عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَقَالَتْ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ وَأَنَا شَاكِيَةٌ؛ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حُجِّي
لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ مَعْمَرٍ) وَقَالَ الْأَصِيلِيُّ لَا يَثْبُتُ فِي الِاشْتِرَاطِ إسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَهَذَا غَلَطٌ فَاحِشٌ مِنْ الْأَصِيلِيِّ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ أَنْ رَوَاهُ مُرْسَلًا " لَوْ ثَبَتَ لَمْ أَعْدُهُ إلَى غَيْرِهِ " وَقَدْ ثَبَتَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَالشَّافِعِيُّ قَائِلٌ بِهِ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فَأَدْرَكْت» وَزَادَ النَّسَائِيُّ «فَإِنَّ لَك عَلَى رَبِّك مَا اسْتَثْنَيْت» وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيِّ مِنْ حَدِيثِ ضُبَاعَةَ «قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَكَيْفَ أُهِلُّ بِالْحَجِّ؟ قَالَ قُولِي: اللَّهُمَّ إنِّي أُهِلُّ
ــ
[طرح التثريب]
وَاشْتَرِطِي أَنَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ فُضَيْلٍ وَوَكِيعٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ضُبَاعَةَ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا وَقَالَ لَوْ ثَبَتَ حَدِيثُ عُرْوَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ أَعْدُهُ إلَى غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ عِنْدِي خِلَافُ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ مَوْصُولًا بِذِكْرِ عَائِشَةَ فِيهِ، وَثَبَتَ وَصْلُهُ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ أَبِي أُسَامَةَ حَمَّادِ بْنِ أُسَامَةَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَثَبَتَ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ عَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَطَاوُسٍ وَعِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُخَرَّجٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ انْتَهَى وَأَخْرَجَ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ
بِالْحَجِّ إنْ أَذِنْت لِي بِهِ وَأَعَنْتنِي عَلَيْهِ وَيَسَّرْته لِي، وَإِنْ حَبَسْتنِي فَعُمْرَةٌ، وَإِنْ حَبَسْتنِي عَنْهُمَا جَمِيعًا فَمَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتنِي» لِلتِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ وَالنَّسَائِيُّ.
«عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ الِاشْتِرَاطَ فِي الْحَجِّ وَيَقُولُ: أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ؟» زَادَ النَّسَائِيُّ (أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ) وَلَمْ يَذْكُرْ الْبُخَارِيُّ أَوَّلَهُ وَقَالَ: «أَلَيْسَ حَسْبُكُمْ سُنَّةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنْ حُبِسَ أَحَدُكُمْ عَنْ الْحَجِّ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ؛ ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى يَحُجَّ عَامًا قَابِلًا فَيُهْدِي أَوْ يَصُومَ إنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا» ..
ــ
[طرح التثريب]
عَائِشَةَ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ قَدْ صَحَّ وَبَالَغَ فِي الصِّحَّةِ فَهُوَ قَوْلُهُ وَفِي الْبَابِ أَيْضًا عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ أَوْ سُعْدَى بِنْتِ عَوْفٍ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَلَى الشَّكِّ هَكَذَا وَجَابِرٍ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِي الْمُحَلَّى بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ سِوَى حَدِيثِ أَسْمَاءَ أَوْ سُعْدَى فَهَذِهِ آثَارٌ مُتَظَاهِرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ لَا يَسَعُ أَحَدًا الْخُرُوجُ عَنْهَا وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَسْنَدَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ مَعْمَرٍ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يُسْنِدْهُ عَنْ مَعْمَرٍ غَيْرُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ فِيمَا أَعْلَمُ وَأَشَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إلَى تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ قَالَ قَالَ الْأَصِيلِيُّ لَا يَثْبُتُ فِي الِاشْتِرَاطِ إسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَقَالَ قَالَ النَّسَائِيُّ قَالَ لَا أَعْلَمُ أَسْنَدَهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ غَيْرُ مَعْمَرٍ.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَذَا الَّذِي عَرَّضَ بِهِ الْقَاضِي وَقَالَهُ الْأَصِيلِيُّ مِنْ تَضْعِيفِ الْحَدِيثِ غَلَطٌ فَاحِشٌ جِدًّا نَبَّهْتُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ: لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَشْهُورٌ فِي صَحِيحَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَسَائِرِ كُتُبِ الْحَدِيثِ الْمُعْتَمَدَةِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ بِأَسَانِيدَ كَثِيرَةٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَفِيمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ تَنْوِيعِ طُرُقِهِ أَبْلَغَ كِفَايَةٍ وَقَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ