الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الْحَجِّ
-
مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ
-
عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ» وَقَالَ مَرَّةً «مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَأَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ قَالَ وَذَكَرَ لِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمُ» وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مُهَلُّ
ــ
[طرح التثريب]
[كِتَابُ الْحَجِّ][مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ]
[حَدِيث أَنَّ النَّبِيَّ وَقَّتَ وَقَالَ مَرَّةً مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ]
(كِتَابُ الْحَجِّ مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ) عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ وَقَالَ مَرَّةً مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ مِنْ الْجُحْفَةِ وَأَهْلِ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ قَالَ وَذَكَرَ لِي وَلَمْ أَسْمَعْهُ وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمُ» وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فَذَكَرَهُ قَالَ وَبَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمُ» فِيهِ (فَوَائِدُ)" الْأُولَى " أَخْرَجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الْأُولَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَقَّتَ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ (يُهِلُّ) بِلَفْظِ الْفِعْلِ مِنْ الْإِهْلَالِ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ «مُهَلُّ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ، وَمُهَلُّ أَهْلِ الشَّامِ مَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ وَمُهَلُّ أَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ» .
«قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَزَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَلَمْ أَسْمَعْهُ وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ» وَأَخْرُجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ خَلَا التِّرْمِذِيَّ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ كَلَفْظِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَبَا دَاوُد فَإِنَّ لَفْظَهُ (وَقَّتَ) وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَالتِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ «إنَّ رَجُلًا قَامَ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ» فَذَكَرَهُ وَفِي
أَهْلِ الْمَدِينَةِ» فَذَكَرَهُ وَقَالَ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «وَمُهَلُّ أَهْلِ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمُ» وَوَصَلَ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ هُنَّ لَهُمْ وَلِمَنْ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ وَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ حَتَّى
ــ
[طرح التثريب]
آخِرِهِ «وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ لَمْ أَفْقَهْ هَذِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» لَفْظُ اللَّيْثِ وَالْآخَرُ قَرِيبٌ مِنْهُ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ طَرِيقٍ آخَرَ فَجَعَلَهُ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَرِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ انْفَرَدَ بِهَا مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ إسْمَاعِيلِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْهُ بِلَفْظِ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ» إلَى آخِرِهِ وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ زَيْدِ بْنِ جُبَيْرٍ «أَنَّهُ أَتَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي مَنْزِلِهِ وَلَهُ فُسْطَاطٌ وَسُرَادِقٌ فَسَأَلْته مِنْ أَيْنَ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِرَ؟ قَالَ فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنًا وَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ» قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَاتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَوْلَهُ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ مُرْسَلَ الصَّحَابَةِ صَحِيحٌ حُجَّةٌ (قُلْت) قَدْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فَذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَقَدْ وَرَدَ مِيقَاتُ الْيَمَنِ مَرْفُوعًا مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَمِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إلَّا أَنَّهُ قَالَ أَحْسِبُهُ رَفَعَهُ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ النَّسَائِيّ وَمِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ أَبِي دَاوُد {الثَّانِيَةُ} فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْمَوَاضِعَ الْأَرْبَعَةَ هِيَ مَوَاقِيتُ الْإِحْرَامِ لِأَهْلِ الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ فَلِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذُو الْحُلَيْفَةِ وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةُ وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنٌ وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ حَكَى الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَالنَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَمَعْنَى التَّوْقِيتِ بِهَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَرِيدِ النُّسُكِ
أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ أَحْسِبُهُ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْعِرَاقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمُ» وَصَرَّحَ ابْنُ مَاجَهْ بِرَفْعِهِ بِلَفْظٍ «وَمُهَلُّ أَهْلِ الْمَشْرِقِ مِنْ ذَاتِ عِرْقٍ» وَفِيهِ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَزِيدَ الْخُوزِيُّ مَتْرُوكٌ وَلِأَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عِرْقٍ» وَزَادَ النَّسَائِيّ فِيهِ «وَلِأَهْلِ الشَّامِ وَمِصْرَ الْجُحْفَةُ
ــ
[طرح التثريب]
أَنْ يُجَاوِزَهَا غَيْرَ مُحْرِمٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِ ذَلِكَ مِنْ أَوْجُهٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَعَلَهَا مِيقَاتًا لِلْإِحْرَامِ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ فَلَزِمَنَا الْوُقُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ (ثَانِيهَا) أَنَّهُ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ» إلَى آخِرِ الْحَدِيثِ فَأَتَى بِهِ بِلَفْظِ الْخَبَرِ وَهُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْأَمْرِ وَإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ الْأَمْرُ بِصِيغَةِ الْخَبَرِ لِتَأَكُّدِهِ وَالْأَمْرُ الْمُتَأَكِّدُ لِلْوُجُوبِ (ثَالِثُهَا) أَنَّهُ قَدْ وَرَدَ الْأَمْرُ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَيْنَ تَأْمُرُنَا أَنْ نُهِلَّ وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ وَبَيَّنَ لَهُ مَوَاضِعَ الْإِهْلَالِ الْمَأْمُورَ بِهَا وَفِي قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَنْ يُهِلُّوا مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ» الْحَدِيثَ (رَابِعُهَا) أَنَّ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَافْتِرَاضُ الْمَوَاقِيتِ صَرِيحٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ وَلِذَلِكَ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ (فَرْضُ مَوَاقِيتِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ) وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَقَالُوا لَوْ تَرَكَهَا لَزِمَهُ دَمٌ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَإِيجَابُ الدَّمِ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَكَأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُقَدِّمَةٍ أُخْرَى ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَآخَرُونَ مَتَى عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ التَّلَبُّسِ بِنُسُكٍ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ إذَا عَادَ إلَيْهِ مُلَبِّيًا فَإِنْ عَادَ غَيْرَ مُلَبٍّ اسْتَمَرَّ لُزُومُ الدَّمِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ
وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ» وَلِأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ عُمَرَ السَّهْمِيِّ «وَقَّتَ ذَاتَ عِرْقٍ لِأَهْلِ الْعِرَاقِ» وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَشْرِقِ الْعَقِيقَ» وَلِلْبُخَارِيِّ (أَنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ حَدَّ لَهُمْ عُمَرُ ذَاتَ عِرْقٍ) وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدَائِنِ الْعَقِيقَ وَلِأَهْلِ الْبَصْرَةِ ذَاتَ عِرْقٍ» .
ــ
[طرح التثريب]
وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَزُفَرُ: لَا يَسْقُطُ الدَّمُ بِعَوْدِهِ إلَيْهِ مُطْلَقًا وَقَالَ مَالِكٌ إنْ عَادَ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَبْعُدَ عَنْهُ وَهُوَ حَلَالٌ سَقَطَ وَإِنْ عَادَ بَعْدَ الْبُعْدِ وَالْإِحْرَامِ لَمْ يَسْقُطْ وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الشَّرِيفِ الْعُثْمَانِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَدَنِيَّ إذَا جَاوَزَ ذَا الْحُلَيْفَةٍ غَيْرَ مُحْرِمٍ وَهُوَ مَرِيدٌ لِلنُّسُكِ فَبَلَغَ مَكَّةَ غَيْرَ مُحْرِمٍ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا إلَى مِيقَاتِ بَلَدٍ آخَرَ كَيَلَمْلَمُ وَأَحْرَمَ مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ بِسَبَبِ مُجَاوَزَةِ ذِي الْحُلَيْفَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ وَفِيهِ نَظَرٌ انْتَهَى وَوَرَاءَ ذَلِكَ أَقْوَالٌ شَاذَّةٌ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعُدْ لِلْمِيقَاتِ حَتَّى تَمَّ حَجَّةً رَجَعَ لِلْمِيقَاتِ وَأَهَلَّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الزُّبَيْرِ (ثَانِيهَا) أَنَّهُ مَتَى تَرَكَ الْمِيقَاتَ لَمْ يَصِحَّ حَجُّهُ أَصْلًا قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ (ثَالِثُهَا) أَنَّهُ إذَا تَرَكَ الْمِيقَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ عَطَاءٍ وَرَوَيْنَاهُ عَنْ الْحَسَنِ وَالنَّخَعِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَهَذِهِ الْأَقَاوِيلُ الثَّلَاثَةُ شَاذَّةٌ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ لِأَنَّهَا لَا أَصْلَ لَهَا فِي الْآثَارِ وَلَا تَصِحُّ فِي النَّظَرِ.
(الثَّالِثَةُ) قَدْ بَيَّنَّا أَنْ مَعْنَى التَّوْقِيتِ بِهَذِهِ الْمَوَاقِيتِ مَنْعَ مُجَاوَزَتِهَا بِلَا إحْرَامٍ إذَا كَانَ مُرِيدًا لِلنُّسُكِ أَمَّا الْإِحْرَامُ قَبْلَ الْوُصُولِ إلَيْهَا فَلَا مَانِعَ مِنْهُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَنَقَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ بَلْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى تَرْجِيحِ الْإِحْرَامِ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ عَلَى التَّأْخِيرِ إلَى الْمِيقَاتِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ وَرَجَّحَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَالرُّويَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالرَّافِعِيُّ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَرَوَى عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّهُمَا قَالَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِك وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَهَلَّ مِنْ إيلِيَاءَ يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَكَانَ الْأَسْوَدُ وَعَلْقَمَةُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَبُو إِسْحَاقَ يُحْرِمُونَ مِنْ بُيُوتِهِمْ، انْتَهَى لَكِنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ النَّوَوِيِّ مِنْ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ، وَنُقِلَ تَصْحِيحُهُ عَنْ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُحَقِّقِينَ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَحَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ فِعْلَهُ عَنْ عَوَامِّ أَهْلِ الْعِلْمِ بَلْ زَادَ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ فِكْرَةَ تَقَدُّمِ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ.
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَرَوَيْنَا عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ إحْرَامَهُ مِنْ الْبَصْرَةِ وَكَرِهَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَمَالِكٌ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمَكَانِ الْبَعِيدِ انْتَهَى وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رِوَايَةٌ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْ الْوُقُوعِ فِي مَحْظُورٍ فَالْإِحْرَامُ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَمِنْ الْمِيقَاتِ، وَبِهِ قَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ وَشَذَّ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فَقَالَ إنْ أَحْرَمَ قَبْلَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ وَهُوَ يَمُرُّ عَلَيْهَا فَلَا إحْرَامَ لَهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ إذَا صَارَ إلَى الْمِيقَاتِ تَجْدِيدَ إحْرَامٍ وَحَكَاهُ عَنْ دَاوُد وَأَصْحَابِهِمْ وَهُوَ قَوْلٌ مَرْدُودٌ بِالْإِجْمَاعِ قَبِلَهُ عَلَى خِلَافِهِ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْمِيقَاتَ فَهُوَ مُحْرِمٌ وَكَذَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ {الرَّابِعَةُ} قَوْلُهُ (وَقَّتَ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَيْ حَدَّدَ وَجَعَلَ لَهُمْ مِيقَاتًا وَحَدَّ الْحَدَّ الَّذِي يُحْرِمُونَ مِنْهُ وَمِنْهُ الْوَقْتُ وَالْمَوَاقِيتُ كُلُّهَا حُدُودٌ لِلْعِبَادَاتِ وَيَكُونُ وَقَّتَ بِمَعْنَى أَوْجَبَ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامَ مِنْهُ وَمِنْهُ {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103] وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: التَّوْقِيتُ وَالتَّأْقِيتُ أَنْ يُجْعَلَ لِلشَّيْءِ وَقْتٌ يُخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ بَيَانُ مِقْدَارِ الْمُدَّةِ يُقَالُ وَقَّتَ الشَّيْءَ يُوَقِّتُهُ وَوَقَّتَهُ يَقِتُهُ إذَا بَيَّنَ مُدَّتَهُ ثُمَّ اتَّسَعَ فِيهِ فَأَطْلَقَ عَلَى الْمَكَانِ فَقِيلَ لِلْمَوْضِعِ مِيقَاتٌ وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْهُ وَأَصْلُهُ مِوْقَاتٌ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِكَسْرِ مَا قَبْلَهَا وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قِيلَ إنَّ التَّوْقِيتَ فِي اللُّغَةِ التَّحْدِيدُ لِلشَّيْءِ مُطْلَقًا لِأَنَّ التَّوْقِيتَ تَحْدِيدٌ بِالْوَقْتِ فَيَصِيرُ التَّحْدِيدُ مِنْ لَوَازِمِ التَّوْقِيتِ فَيُطْلَقُ عَلَيْهِ تَوْقِيتٌ وَقَوْلُهُ هُنَا وَقَّتَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّحْدِيدُ أَيْ