الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْمَعْلُومِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام اعْتَمَرَ فِي سَنَةٍ أُخْرَى فَهَذَا قَادِحٌ فِيمَا نَفَاهُ مِنْ الْخِلَافِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: قَالَ النَّوَوِيُّ، وَحَاصِلُهُ تَرْجِيحُ الْإِفْرَادِ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام اخْتَارَهُ أَوَّلًا وَإِنَّمَا أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ لِمَصْلَحَةٍ وَهِيَ بَيَانُ جَوَازِ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَعْتَقِدُهُ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ انْتَهَى وَأَنْكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ هَذَا الْكَلَامَ. وَقَالَ «قَدْ اعْتَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِهِمْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ عَامًا بَعْدَ عَامٍ قَبْلَ الْفَتْحِ ثُمَّ اعْتَمَرَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ عَامَ الْفَتْحِ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فِي ذِي الْحُلَيْفَةِ مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ»
وَهَذَا كَافٍ فِي الْبَيَانِ.
[فَائِدَة أَفْضَلِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ]
1
" الرَّابِعَةُ " اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي أَفْضَلِ وُجُوهِ الْإِحْرَامِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِيمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ الْأَفْضَلَ الْإِفْرَادُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَأَبِي ثَوْرٍ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْهُمْ وَعَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَدَاوُد قَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ بَعْدَ الْإِفْرَادِ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْقِرَانُ.
(الثَّانِي) أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي وَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ اخْتِيَارُ التَّمَتُّعِ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَعَائِشَةَ وَالْحَسَنُ وَعَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ وَسَالِمٌ وَالْقَاسِمُ وَعِكْرِمَةُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ.
وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْهُ وَعَنْ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ قَالَ الْحَنَابِلَةُ ثُمَّ الْأَفْضَلُ بَعْدَ التَّمَتُّعِ الْإِفْرَادُ ثُمَّ الْقِرَانُ.
(الثَّالِثُ) أَنَّ الْقِرَانَ أَفْضَلُ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ ثُمَّ قَالَ لَا شَكَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام كَانَ قَارِنًا انْتَهَى وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ وَقَالَ بِهِ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُزَنِيّ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْأَفْضَلَ بَعْدَ الْقِرَانِ التَّمَتُّعُ ثُمَّ الْأَفْرَادُ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ مِنْ التَّمَتُّعِ.
(الرَّابِعُ) أَنَّهُ إنْ سَاقَ الْهَدْيَ فَالْقِرَانُ أَفْضَلُ وَإِنْ لَمْ يَسُقْهُ فَالتَّمَتُّعُ أَفْضَلُ.
حَكَاهُ الْمَرْوَزِيِّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
(الْخَامِسُ) أَنَّ الْأَنْوَاعَ الثَّلَاثَةَ سَوَاءٌ فِي الْفَضِيلَةِ لَا فَضِيلَةَ لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ، حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ.
(السَّادِسُ) أَنَّ التَّمَتُّعَ وَالْقِرَانَ سَوَاءٌ وَهُمَا أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ، حُكِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَرَجَّحَ الشَّافِعِيُّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَأَصْحَابُهُ الْإِفْرَادَ أَنَّهُ الْأَكْثَرُ فِي الرِّوَايَاتِ فِي حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبِأَنَّ رُوَاتَهُ أَخُصُّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْحَجَّةِ فَإِنَّ مِنْهُمْ جَابِرًا وَهُوَ أَحْسَنُهُمْ سِيَاقَةً لِحَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا مِنْ أَوَّلِ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى فَرَاغِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى ضَبْطِهِ لَهَا وَاعْتِنَائِهِ بِهَا، وَمِنْهُمْ «ابْنُ عُمَرَ. وَقَدْ قَالَ كُنْت تَحْتَ نَاقَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَمَسُّنِي لُعَابُهَا أَسْمَعُهُ يُلَبِّي بِالْحَجِّ» .
وَمِنْهُمْ عَائِشَةُ وَقُرْبُهَا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاطِّلَاعُهَا عَلَى بَاطِنِ أَمْرِهِ وَفِعْلِهِ فِي خَلْوَتِهِ وَعَلَانِيَتِهِ كُلُّهُ مَعْرُوفٌ مَعَ فِقْهِهَا وَعَظِيمِ فِطْنَتِهَا وَمِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَهُوَ بِالْمَحَلِّ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْفِقْهِ وَالْفَهْمِ الثَّاقِبِ مَعَ كَثْرَةِ بَحْثِهِ وَحِفْظِهِ أَحْوَالَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الَّتِي لَمْ يَحْفَظْهَا غَيْرُهُ، وَبِأَنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ رضي الله عنهم بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفْرَدُوا الْحَجَّ وَوَاظَبُوا عَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْأَفْضَلُ عِنْدَهُمْ وَعَلِمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ لَمْ يُوَاظِبُوا عَلَيْهِ وَكَيْفَ يُظَنُّ بِهِمْ الْمُوَاظَبَةُ عَلَى خِلَافِ فِعْلِهِ أَوْ أَنَّهُمْ خَفِيَ عَلَيْهِمْ جَمِيعِهِمْ فِعْلُهُ.
وَأَمَّا الْخِلَافُ عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ فَإِنَّمَا فَعَلُوهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَبِأَنَّ الْإِفْرَادَ لَا يَجِبُ فِيهِ دَمٌ بِالْإِجْمَاعِ لِكَمَالِهِ بِخِلَافِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ فَمَا لَا يَحْتَاجُ إلَى جَبْرٍ أَفْضَلُ وَبِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى جَوَازِ الْإِفْرَادِ بِلَا كَرَاهَةٍ، وَكَرِهَ عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمَا التَّمَتُّعَ وَبَعْضُهُمْ الْقِرَانَ أَيْضًا وَإِنْ جَوَّزُوهُ وَاحْتَجَّ مَنْ رَجَّحَ التَّمَتُّعَ بِكَوْنِهِ عليه الصلاة والسلام تَمَنَّاهُ بِقَوْلِهِ «لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْت لَمْ أَسُقْ الْهَدْيَ وَلَجَعَلْتهَا عُمْرَةً» .
وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ سَبَبَهُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ أُمِرُوا بِجَعْلِهَا عُمْرَةً فَحَصَلَ لَهُمْ حُزْنٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ فَيُوَافِقُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم الْبَقَاءَ عَلَى الْإِحْرَامِ فَتَأَسَّفَ عليه الصلاة والسلام حِينَئِذٍ عَلَى فَوَاتِ مُوَافَقَتِهِمْ تَطْيِيبًا لِنُفُوسِهِمْ وَرَغْبَةً فِيمَا فِيهِ مُوَافَقَتُهُمْ لَا أَنَّ التَّمَتُّعَ دَائِمًا أَفْضَلُ قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ أَصْحَابِنَا وَلِأَنَّ ظَاهِرَ هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرُ مُرَادٍ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ سَوْقَ الْهَدْيِ يَمْنَعُ انْعِقَادَ الْعُمْرَةِ.
وَقَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ وَاحْتَجَّ مَنْ رَجَّحَ الْقِرَانَ بِالْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: 196] وَاشْتُهِرَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّ إتْمَامَهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِك وَقَالُوا إنَّ الدَّمَ الَّذِي عَلَى الْقَارِنِ لَيْسَ دَمُ جُبْرَانُ بَلْ دَمُ عِبَادَةٍ وَالْعِبَادَةُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْبَدَنِ وَالْمَالِ أَفْضَلُ مِنْ الْمُخْتَصَّةِ بِالْبَدَنِ وَأَجَابَ أَصْحَابُنَا عَنْ أَحَادِيثِ