الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ انْتَهَى وَتَقَدَّمَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ خِلَافٌ فِي قَتْلِ مَا صَغُرَ مِنْ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبِ بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يُمْكِنُ مِنْهُ الْأَذَى وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرُهُمْ هَذَا الْخِلَافَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ أَيُّوبَ قُلْت لِنَافِعٍ الْحَيَّةُ؟ قَالَ الْحَيَّةُ لَا يُخْتَلَفُ فِيهَا وَأَصْلُهُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسُقْ لَفْظَهُ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِلَفْظٍ قَالَ الْحَيَّةُ لَا يُخْتَلَفُ فِي قَتْلِهَا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَ كَمَا قَالَ نَافِعٌ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي جَوَازِ قَتْلِ الْحَيَّةِ لِلْمُحْرِمِ لَكِنَّهُ شُذُوذٌ ثُمَّ حَكَى عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَلَا الْعَقْرَبَ رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْهُمَا قَالَ وَمِنْ حُجَّتِهِمَا أَنَّ هَذَيْنِ مِنْ هَوَامِّ الْأَرْضِ فَمَنْ قَالَ بِقَتْلِهِمَا لَزِمَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي سَائِرِ هَوَامِّ الْأَرْضِ، قَالَ وَهَذَا لَا وَجْهَ لَهُ وَلَا مَعْنَى لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَبَاحَ لِلْمُحْرِمِ قَتْلَهُمَا انْتَهَى وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ قَالَ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْحَيَّةَ وَلَا الْوَزَغَ وَلَا شَيْئًا غَيْرَ الْخَمْسِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا.
[فَائِدَة الْفَأْرَةُ إذَا قَتَلَهَا الْمُحْرِمُ]
1
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) الْفَأْرَةُ مَهْمُوزَةٌ وَجَمْعُهَا فَارٌ وَبِالْأَمْرِ بِقَتْلِهَا مَالَ الْجُمْهُورُ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إلَّا إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ فَإِنَّهُ مَنَعَ الْمُحْرِمَ مِنْ قَتْلِهَا حَكَاهُ عَنْهُ السَّاجِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُمَا وَزَادَ السَّاجِيُّ وَأَرَاهُ قَالَ فَإِنْ قَتَلَهَا فَفِيهَا فِدْيَةٌ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ وَقَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ خَارِجٌ عَنْ أَقَاوِيلِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَتَقَدَّمَ الْخِلَافُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي قَتْلِ مَا انْتَهَى صِغَرُهُ مِنْهَا إلَى حَدٍّ لَا يُمْكِنُ مِنْهُ الْأَذَى وَلَيْسَ هَذَا الْخِلَافُ عِنْدَ غَيْرِهِمْ.
[فَائِدَة الْمُرَادِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ الَّذِي يَحِلُّ لِلْمُحْرِمِ قَتْلُهُ]
1
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ هُنَا فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ هُوَ كُلُّ مَا عَقَرَ النَّاسَ وَعَدَا عَلَيْهِمْ وَأَخَافَهُمْ مِثْلُ الْأَسَدِ وَالنَّمِرِ وَالْفَهْدِ وَالذِّئْبِ قَالَ: فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ السِّبَاعِ لَا يَعْدُو مِثْلَ الضَّبُعِ وَالثَّعْلَبِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ السِّبَاعِ فَلَا يَقْتُلُهُ الْمُحْرِمُ وَإِنْ قَتَلَهُ فَدَاهُ.
وَكَذَا قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ هُوَ كُلُّ سَبُعٍ يَعْقِرُ وَلَمْ يَخُصَّ بِهِ الْكَلْبَ قَالَ وَفَسَّرَهُ لَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْحُمَيْدِيِّ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ (سَمِعْت زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ يَقُولُ وَأَيُّ كَلْبٍ أَعْقَرُ مِنْ الْحَيَّةِ؟) قَالَ الْحُمَيْدِيُّ كُلُّ شَيْءٍ يَعْقِرُك فَهُوَ الْعَقُورُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ قَدْ يَجُوزُ فِي الْكَلَامِ أَنْ يُقَالَ لِلسَّبُعِ كَلْبٌ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَرْوُونَ فِي الْمَغَازِي «أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي لَهَبٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
كَانَ شَدِيدَ الْأَذَى لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ كَلْبًا مِنْ كِلَابِك فَخَرَجَ عُتْبَةُ إلَى الشَّامِ مَعَ أَصْحَابِهِ فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَطَرَقَهُمْ الْأَسَدُ فَتَخَطَّى إلَيْهِ مِنْ بَيْنِ أَصْحَابِهِ فَقَتَلَهُ» .
فَصَارَ الْأَسَدُ هَاهُنَا قَدْ لَزِمَهُ اسْمُ الْكَلْبِ قَالَ وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] فَهَذَا اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنْ الْكَلْبِ ثُمَّ دَخَلَ فِيهِ صَيْدُ الْفَهْدِ وَالصَّقْرِ وَالْبَازِي فَلِهَذَا قِيلَ لِكُلِّ جَارِحٍ أَوْ عَاقِرٍ مِنْ السِّبَاعِ كَلْبٌ عَقُورٌ اهـ. وَقَدْ اعْتَرَضَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ عُتْبَةُ.
وَإِنَّمَا هُوَ عُتَيْبَةُ أَخُوهُ وَأَمَّا عُتْبَةُ فَإِنَّهُ بَقِيَ حَتَّى أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهُوَ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالنَّوَوِيُّ حَمْلَ الْكَلْبِ الْعَقُورِ هُنَا عَلَى كُلِّ سَبُعٍ مُفْتَرِسٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ الْكَلْبُ الْعَقُورُ الْأَسَدُ فَإِنْ أَرَادَ التَّخْصِيصَ دُونَ التَّمْثِيلِ فَهُوَ قَوْلٌ ثَانٍ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكَلْبُ الْمَعْرُوفُ خَاصَّةً إلَّا أَنَّهُمْ أَلْحَقُوا بِهِ فِي حُكْمِهِ الذِّئْبَ وَذَهَبَ زُفَرُ إلَى أَنَّ الْكَلْبَ الْعَقُورَ هُوَ الذِّئْبُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ وَحَكَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَمَّنْ فَسَّرَهُ بِالْكَلْبِ الْمَعْرُوفِ بِأَنَّهُ الْمَعْنَى الْعُرْفِيُّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى اللُّغَوِيِّ.
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) سَوَاءٌ حَمَلَ الْكَلْبَ عَلَى مَدْلُولِهِ الْمَعْرُوفِ أَوْ عَلَى كُلِّ سَبُعٍ مُفْتَرِسٍ فَتَقْيِيدُهُ بِالْعَقُورِ يُخْرِجُ غَيْرَهُ وَيَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَ الْعَقُورِ مِنْ الْكِلَابِ مُحْتَرَمٌ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْبَيْعِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَزَادَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا وَقَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ إنَّ قَتْلَهُ مَكْرُوهٌ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُنَاكَ مُرَادُهُ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ.
وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ أَنَّهُ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ وَكَذَا ذَكَرَ النَّوَوِيُّ فِي التَّيَمُّمِ وَهَذِهِ مَوَاضِعُ مُخْتَلِفَةٌ وَقَالَ شَيْخُنَا الْإِسْنَوِيُّ فِي الْمُهِمَّاتِ جَزَمَ بِالتَّحْرِيمِ الْقَاضِي الْحُسَيْنُ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ قَتْلِهِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْأُمِّ فِي بَابِ الْخِلَافِ فِي ثَمَنِ الْكَلْبِ انْتَهَى وَمَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ قَتْلِ غَيْرِ الْعَقُورِ يُجِيبُ عَنْ هَذَا التَّقْيِيدِ بِأَنَّهُ لِلِاسْتِحْبَابِ وَغَيْرُ الْعَقُورِ يَجُوزُ قَتْلُهُ وَلَا يُسْتَحَبُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) أَخْرَجَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِمَّنْ لَمْ يُقْصِرْ الْحُكْمَ عَلَى الْخَمْسِ مِنْ السِّبَاعِ الضَّبُعَ وَالثَّعْلَبَ وَمُدْرَكُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ كَوْنُهُمَا مَأْكُولَيْنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِمَا وَعِنْدَ مَالِكٍ كَوْنُهُمَا لَا يَعْدُوَانِ وَالْقَتْلُ خَاصٌّ بِاَلَّذِي يَعْدُو مِنْ السِّبَاعِ لَا بِجَمِيعِهَا وَقَالَ أَحْمَدُ بِإِبَاحَةِ الضَّبُعِ وَعَنْهُ فِي إبَاحَةِ الثَّعْلَبِ رِوَايَتَانِ وَأَنْكَرَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ إبَاحَةَ الثَّعْلَبِ وَقَالَ لَمْ يَرِدْ فِيهِ نَصٌّ.
(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) لَمْ يُذْكَرْ فِي ذَلِكَ الْوَزَغُ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَ أَيْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «لِلْوَزَغِ فُوَيْسِقٌ وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ» .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ «أُمِّ شَرِيكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا بِقَتْلِ الْأَوْزُغِ» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا» .
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْآثَارُ بِذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ وَقَدْ أَلْحَقَهُ أَصْحَابُنَا بِالْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ فِي نَدْبِ قَتْلِهِ وَوَرَدَ التَّرْغِيبُ فِي قَتْلِهِ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَشْهَبَ عَنْهُ لَا أَرَى أَنْ يَقْتُلَ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْخَمْسِ الَّتِي أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِهِنَّ وَقِيلَ لِمَالِكٍ فَأَنْ قَتَلَ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ فَقَالَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَأَرَى أَنْ يَتَصَدَّقَ إنْ قَتَلَهُ وَهُوَ مِثْلُ شَحْمَةِ الْأَرْضِ.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَهَا سِتًّا وَلَا سَبْعًا انْتَهَى قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَلَيْسَ قَوْلُ مَنْ قَالَ لَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ بِشَهَادَةٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ شَهِدَ أَنَّهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ (قُلْت) .
وَفِي سُنَنِ النَّسَائِيّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ وَبِيَدِهَا عُكَّازٌ فَقَالَتْ مَا هَذَا؟ فَقَالَتْ: لِهَذِهِ الْوَزَغِ لِأَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدَّثَنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ لَا يُطْفِئُ عَلَى إبْرَاهِيمَ عليه السلام إلَّا هَذِهِ الدَّابَّةُ فَأَمَرَنَا بِقَتْلِهَا» الْحَدِيثَ.
وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ قَتْلِ الْوَزَغِ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الطَّحَاوِيِّ لَا يَقْتُلُ الْمُحْرِمُ الْوَزَغَ.
(السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ «خَمْسٌ لَا جُنَاحَ فِي قَتْلِهِنَّ عَلَى مَنْ قَتَلَهُنَّ فِي الْحَرَمِ وَالْمُحْرِمُ» .
كَذَا فِي رِوَايَتِنَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ فَالْحَرَمُ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَهُوَ الْحَرَمُ الْمَشْهُورُ وَالْمُحْرِمُ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أَحْرَمَ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حَذْفٍ يَصِحُّ بِهِ الْمَعْنَى وَلَعَلَّ تَقْدِيرَهُ وَإِحْرَامُ الْمُحْرِمِ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامُ وَهُوَ يَدُلُّ لِلْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ الَّذِي قَدَّرْنَاهُ، وَبَيْنَ مُسْلِمٍ أَنَّ لَفْظَ شَيْخَيْهِ الرَّاوِيَيْنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ.
فَقَالَ أَحَدُهُمَا وَهُوَ ابْنُ أَبِي عُمَرَ الْحَرَمِ أَيْ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ كَمَا فِي رِوَايَتِنَا وَقَالَ الْآخَرُ وَهُوَ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ الْحُرُمِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ فِي الْمَوَاضِعِ الْحُرُمِ جَمْعُ حَرَامٍ كَمَا قَالَ {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1] .
كَذَا بَيَّنَ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ الضَّبْطَيْنِ فَقَالَ وَفِي رِوَايَةٍ فِي الْحَرَمِ وَالْإِحْرَامُ أَيْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ وَجَاءَ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فِي الْحُرُمِ وَالْإِحْرَامِ أَيْ فِي الْمَوَاضِعِ الْحُرُمِ جَمْعُ حَرَامٍ كَمَا قَالَ {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1] انْتَهَى.
وَلَمْ يَفْهَمْ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ اخْتَلَفُوا فِي ضَبْطِ الْحَرَمِ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ فَضَبَطَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ أَيْ الْحَرَمِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ حَرَمُ مَكَّةَ وَالثَّانِي بِضَمِّ الْحَاءِ وَالرَّاءِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ غَيْرَهُ قَالَ وَهُوَ جَمْعُ حَرَامٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} [المائدة: 1] .
قَالَ وَالْمُرَادُ بِهِ الْمَوَاضِعُ الْمُحَرَّمَةُ وَالْفَتْحُ أَظْهَرُ انْتَهَى وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ اخْتِلَافٌ وَاَلَّذِي ضَبَطَهَا بِهِ الْقَاضِي مُتَعَيَّنٌ وَلَوْ كَانَتْ بِالْفَتْحِ لَاتَّحَدَتْ مَعَ رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَرَ وَقَدْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ رحمه الله الْمُغَايِرَةَ بَيْنَهُمَا وَكَأَنَّ الشَّيْخَ رحمه الله لَمْ يَتَأَمَّلْ لَفْظَ مُسْلِمٍ وَلَا أَوَّلَ كَلَامَ الْقَاضِي وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ ضَبَطَ رِوَايَةَ زُهَيْرٍ الْحَرَمِ بِفَتْحِهِمَا فَيَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي عُمَرَ الْحُرُمِ بِضَمِّهِمَا فَإِنَّ مُسْلِمًا رحمه الله قَدْ صَرَّحَ بِالْمُغَايَرَةِ بَيْنَ لَفْظَيْ شَيْخَيْهِ وَأَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ بِفَتْحِهِمَا وَالْآخَرُ بِضَمِّهِمَا فَرِوَايَةُ ضَمِّهِمَا وَاقِعَةٌ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِلَا شَكٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ «فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» فَهُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ بِلَا شَكٍّ.
(الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «خَمْسُ فَوَاسِقَ» .
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هُوَ بِإِضَافَةِ خَمْسٍ لَا بِتَنْوِينِهِ وَذَكَرَ فِيهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ الْوَجْهَيْنِ وَاسْتَدَلَّ عَلَى التَّنْوِينِ بِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الصَّحِيحِ «خَمْسٌ مِنْ الدَّوَابِّ كُلِّهِنَّ فَوَاسِقُ» .
وَقَالَ إنَّ رِوَايَةَ الْإِضَافَةِ رُبَّمَا تُشْعِرُ بِالتَّخْصِيصِ وَمُخَالَفَةَ حُكْمِ غَيْرِهَا لَهَا بِطَرِيقِ الْمَفْهُومِ وَرِوَايَةُ التَّنْوِينِ تَقْتَضِي وَصْفَ الْخَمْسِ بِالْفِسْقِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَقَدْ تُشْعِرُ بِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ الْقَتْلُ مُعَلَّلٌ بِمَا جُعِلَ وَصْفًا وَهُوَ الْفِسْقُ فَيَقْتَضِي ذَلِكَ التَّيَمُّمُ لِكُلِّ فَاسِقٍ مِنْ الدَّوَابِّ وَهُوَ ضِدُّ مَا اقْتَضَاهُ الْأَوَّلُ مِنْ الْمَفْهُومِ وَهُوَ التَّخْصِيصُ انْتَهَى.
(التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ) قَالَ النَّوَوِيُّ وَأَمَّا تَسْمِيَتُهُ هَذِهِ