الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَائِدَةٌ الْمُرَاد مِنْ قِسْمَة الْغَنَم فِي الْحَدِيث]
وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ
ــ
[طرح التثريب]
الْأُضْحِيَّةِ إمَّا مِنْ الضَّأْنِ عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ أَوْ مِنْ الْمَعْزِ عَلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ، عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ مَا أَكْمَلَ سَنَةً وَدَخَلَ فِي الثَّانِيَةِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ الْكِسَائِيّ وَالْأَصْمَعِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَابْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ وَقَالَهُ الْعُدَيْسُ الْكِلَابِيُّ وَأَبُو فَقْعَسٍ الْأَسَدِيُّ وَهُمَا ثِقَتَانِ فِي اللُّغَةِ وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَ.
(الثَّانِي) سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي مَذْهَبِ الْفُقَهَاءِ.
(الثَّالِثُ) سَبْعَةُ أَشْهُرٍ حَكَاهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ عَنْ الزَّعْفَرَانِيِّ.
(الرَّابِعُ) سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ سَبْعَةٌ حَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ.
(الْخَامِسُ) ثَمَانِيَةُ أَشْهُرٍ.
(السَّادِسُ) عَشْرَةُ أَشْهُرٍ.
(السَّابِعُ) التَّفْرِقَةُ بَيْنَ مَا تُولَدُ بَيْنَ شَاتَيْنِ فَيَصِيرُ جَذَعًا ابْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَبَيْنَ مَا تُولَدُ بَيْنَ هَرَمَيْنِ فَلَا يَصِيرُ جَذَعًا إلَّا إذَا صَارَ ابْنَ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ.
(الثَّامِنُ) أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنْ الضَّأْنِ حَتَّى يَكُونَ عَظِيمًا حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَقَالَ إنَّهُ بَاطِلٌ لَكِنَّهُ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ قَالُوا وَهَذَا إذَا كَانَتْ عَظِيمَةً بِحَيْثُ لَوْ خُلِطَتْ بِالثَّنِيَّاتِ تَشْتَبِهُ عَلَى النَّاظِرِ مِنْ بَعِيدٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ لَوْ أَجْذَعَ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ أَيْ سَقَطَتْ أَسْنَانُهُ أَجْزَأَ فِي الْأُضْحِيَّةِ كَمَا لَوْ تَمَّتْ السَّنَةُ قَبْلَ أَنْ يُجْذِعَ وَيَكُونَ ذَلِكَ كَالْبُلُوغِ بِالسِّنِّ أَوْ الِاحْتِلَامِ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ أَسْبَقُهُمَا وَهَكَذَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ فَقَالَ الْجَذَعَةُ مَا اسْتَكْمَلَتْ سَنَةً أَوْ أَجْذَعَتْ قَبْلَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا قَيْدًا عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ فَهُوَ قَوْلٌ (تَاسِعٌ) وَقَدْ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِهِمَا أَنَّهُ قَيْدٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث لَا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ]
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَعَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا يَأْكُلُ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثٍ» وَهُوَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَجَابِرٍ وَعَائِشَةَ وَبُرَيْدَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ
حَدِيثِ عَلِيٍّ أَيْضًا النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَعَائِشَةَ وَبُرَيْدَةَ وَجَابِرٍ وَأَبِي سَعِيدٍ فَإِنَّ فِيهَا كُلِّهَا بَعْدَ النَّهْيِ بَيَانَ النَّسْخِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ سَلَمَةَ «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَن بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَفِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ؛ فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا مِنْ الْعَامِ الْمَاضِي؟ قَالَ كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْت أَنْ تُعِينُوا فِيهَا» وَقَالَ مُسْلِمٌ «أَنْ تَفْشُوَ فِيهِمْ» .
وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «ادَّخِرُوا ثَلَاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ» الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقَالَ «إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ
ــ
[طرح التثريب]
بِالْإِذْنِ فِي ذَلِكَ وَكُلُّهَا فِي الصَّحِيحِ
(فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ وَمُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ «كُلُوا مِنْ الْأَضَاحِيِّ ثَلَاثًا؛ وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَأْكُلُ بِالزَّيْتِ حِينَ يَنْفِرُ مِنْ مِنًى مِنْ أَجْلِ لُحُومِ الْهَدْيِ» وَلَفْظُ الْآخَرِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَى أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ» زَادَ مُسْلِمٌ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ لَا يَأْكُلُ لُحُومَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَمُسْلِمٍ وَحْدَهُ مِنْ رِوَايَةِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «لَا يَأْكُلُ أَحَدُكُمْ مِنْ لَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
وَحَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ رِوَايَةِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلَا يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَفِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا الْعَامَ الْمَاضِي؟
أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا» لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ» وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ كُلُوا وَادَّخِرُوا» وَلِمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا تَأْكُلُوا لَحْمَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. فَشَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا وَحَشَمًا وَخَدَمًا، فَقَالَ: كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَاحْتَسِبُوا وَادَّخِرُوا» ..
ــ
[طرح التثريب]
قَالَ كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا فَإِنَّ ذَلِكَ الْعَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَقَالَ مُسْلِمٌ «أَنْ تَفْشُوَ فِيهِمْ» وَحَدِيثُ جَابِرٍ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْهُ قَالَ «كُنَّا لَا نَأْكُلُ مِنْ لُحُومِ بُدْنِنَا فَوْقَ ثَلَاثِ مِنًى فَرَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا فَأَكَلْنَا وَتَزَوَّدْنَا» قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي رِوَايَتِهِ قُلْتُ لِعَطَاءٍ قَالَ حَتَّى جِئْنَا الْمَدِينَةَ قَالَ لَا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ نَعَمْ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّهُ نَهَى عَنْ أَكْلِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا» .
، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ادَّخِرُوا ثَلَاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الْأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ وَيَحْمِلُونَ فِيهَا الْوَدَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ؛ فَقَالَ إنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ فَكُلُوا وَادَّخِرُوا مِنْهَا وَتَصَدَّقُوا» وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «الضَّحِيَّةُ كُنَّا نُمَلِّحُ مِنْهُ فَنُقَدِّمُ بِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ لَا تَأْكُلُوا إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» وَلَيْسَتْ بِعَزِيمَةٍ وَلَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُطْعَمَ مِنْهُ؛ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي عَزْوِ الشَّيْخِ رحمه الله فِي النُّسْخَةِ الْكُبْرَى مِنْ الْأَحْكَامِ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ لِلْبُخَارِيِّ نَظَرٌ فَلَمْ أَقِفْ عِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ إلَّا عَلَى هَذَا اللَّفْظِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ ثَانِيًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحَدِيثُ بُرَيْدَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَأَمْسِكُوا مَا بَدَا لَكُمْ» .
وَحَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ لَا تَأْكُلُوا لَحْمَ الْأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَشَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ لَهُمْ عِيَالًا وَحَشَمًا وَخَدَمًا فَقَالَ كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَاحْبِسُوا وَادَّخِرُوا» .
(الثَّانِيَةُ) قَوْلُهُ لَا يَأْكُلُ أَيْ الْمُضَحِّي فَحَذَفَهُ لِلْعِلْمِ بِهِ وَقِيَامُ الْقَرِينَةِ عَلَيْهِ.
(الثَّالِثَةُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا النَّهْيِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) أَنَّهُ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالْأَحَادِيثِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا فِي الْفَائِدَةِ الْأُولَى وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ قَالَ وَهَذَا مِنْ نَسْخِ السُّنَّةِ بِالسُّنَّةِ قَالَ وَتَصْحِيحُ نَسْخِ النَّهْيِ مُطْلَقًا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ تَحْرِيمٌ وَلَا كَرَاهَةٌ فَيُبَاحُ الْيَوْمَ الْإِدْخَارُ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ وَالْأَكْلُ إلَى مَتَى شَاءَ كَصَرِيحِ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ وَغَيْرِهِ وَكَذَا قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الصَّوَابُ الْمَعْرُوفُ أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْإِدْخَارُ الْيَوْمَ بِحَالٍ وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ الرَّافِعِيُّ فَقَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تَحْرِيمَ الْيَوْمَ بِحَالٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا خِلَافَ بَيْنَ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي إجَازَةِ أَكْلٍ لُحُومِ الْأَضَاحِيِّ بَعْدَ ثَلَاثٍ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ ذَلِكَ مَنْسُوخٌ.
(الْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّ هَذَا لَيْسَ نَسْخًا وَلَكِنْ كَانَ التَّحْرِيمُ لِعِلَّةٍ فَلَمَّا زَالَتْ زَالَ وَلَوْ عَادَتْ لَعَادَ وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ وَاسْتَدَلَّ بِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ قَالَ «صَلَّيْتُ مَعَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَصَلَّى لَنَا قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ نَهَاكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا لُحُومَ نُسُكِكُمْ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَلَا تَأْكُلُوا» ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ هَذَا كَانَ عَامَ حَضْرَةِ عُثْمَانَ وَكَانَ أَهْلُ الْبَوَادِي قَدْ أَلْجَأَتْهُمْ الْفِتْنَةُ إلَى الْمَدِينَةِ وَأَصَابَهُمْ جَهْدٌ فَأَمَرَ بِذَلِكَ بِمِثْلِ مَا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ جَهِدَ النَّاسُ وَدَفَّتْ الدَّافَّةُ انْتَهَى وَلِلشَّافِعِيِّ رحمه الله نَصٌّ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ تَرَدَّدَ فِيهِ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ وَاَلَّذِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
قَبْلَهُ؛ قَالَ بَعْدَ ذِكْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ يَجِبُ عَلَى مَنْ عَلِمَ الْأَمْرَيْنِ مَعًا أَنْ يَقُولَ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ لِمَعْنًى فَإِذَا كَانَ مِثْلَهُ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلَهُ لَمْ يَكُنْ مَنْهِيًّا عَنْهُ أَوْ يَقُولَ نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَقْتٍ ثُمَّ أَرْخَصَ فِيهِ بَعْدَهُ وَالْآخَرُ مِنْ أَمْرِهِ نَاسِخٌ لِلْأَوَّلِ وَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْإِسْنَوِيُّ رحمه الله: الصَّحِيحُ أَنَّ النَّهْيَ كَانَ مَخْصُوصًا بِحَالَةِ الضِّيقِ وَالصَّحِيحُ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا حَدَثَ ذَلِكَ فِي زَمَانِنَا أَنْ يَعُودَ الْمَنْعُ عَلَى خِلَافِ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ فَقَالَ فِي الرِّسَالَةِ فِي آخِرِ بَابِ الْعِلَلِ فِي الْحَدِيثِ مَا نَصُّهُ فَإِذَا دَفَّتْ الدَّافَّةُ ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ وَإِنْ لَمْ تَدِفَّ دَافَّةٌ فَالرُّخْصَةُ ثَابِتَةٌ بِالْأَكْلِ وَالتَّزَوُّدِ وَالِادِّخَارِ وَالصَّدَقَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ مَنْسُوخًا فِي كُلِّ حَالٍ انْتَهَى وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ حَدِيثُ سَلَمَةَ وَعَائِشَةَ نَصٌّ عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ كَانَ لِعِلَّةٍ وَلَمَّا ارْتَفَعَتْ ارْتَفَعَ لِارْتِفَاعِ مُوجِبِهِ لَا لِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ فَتَعَيَّنَ الْأَخْذُ بِهِ وَيَعُودُ الْحُكْمُ لِعَوْدِ الْعِلَّةِ فَلَوْ قَدِمَ عَلَى أَهْلِ بَلْدَةٍ نَاسٌ مُحْتَاجُونَ فِي زَمَانِ الْأَضْحَى وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ سَعَةٌ يَسُدُّونَ بِهَا فَاقَتَهُمْ إلَّا الضَّحَايَا لَتَعَيَّنَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَدَّخِرُوهَا فَوْقَ ثَلَاثٍ.
(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ نَسْخًا وَلَكِنَّ التَّحْرِيمَ لِعِلَّةٍ فَلَمَّا زَالَتْ زَالَ وَلَكِنْ لَا يَعُودُ الْحُكْمُ لَوْ عَادَتْ وَهَذَا وَجْهٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ وَهُوَ بَعِيدٌ.
(الْقَوْلُ الرَّابِعُ) أَنَّ النَّهْيَ الْأَوَّلَ لَمْ يَكُنْ لِلتَّحْرِيمِ وَإِنَّمَا كَانَ لِلْكَرَاهَةِ وَهَذَا ذَكَرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ صَاحِبُ الْإِفْصَاحِ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ كَمَا حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فَقَالَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رحمه الله فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: يُشْبِهُ أَنَّهُ يَكُونُ نَهْيُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ إمْسَاكِ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ إذَا كَانَتْ الدَّافَّةُ؛ عَلَى مَعْنَى الِاخْتِيَارِ لَا عَلَى مَعْنَى الْفَرْضِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْبُدْنِ {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا} [الحج: 36] وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي الْبُدْنِ الَّتِي يَتَطَوَّعُ بِهَا أَصْحَابُهَا، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ هَؤُلَاءِ وَالْكَرَاهَةُ بَاقِيَةٌ إلَى الْيَوْمِ وَلَكِنْ لَا يَحْرُمُ، قَالُوا وَلَوْ وَقَعَ مِثْلُ تِلْكَ الْعِلَّةِ الْيَوْمَ فَدَفَّتْ دَافَّةٌ وَاسَاهُمْ النَّاسُ، وَحَمَلُوا عَلَى هَذَا مَذْهَبَ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ انْتَهَى وَإِلَى هَذَا