الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْحَوَالَةِ)
. عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَطْلُ الْغَنِيِّ
ــ
[طرح التثريب]
النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَرَّرَ هَذَا اللَّفْظَ ثَلَاثَ مِرَارٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ التَّخَايُرَ يَكُونُ ثَلَاثَ مِرَارٍ وَعَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي فَهُوَ احْتِيَاطٌ وَاسْتِظْهَارٌ فَإِنَّ التَّخَايُرَ يَحْصُلُ بِمَرَّةٍ وَاحِدَةٍ لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي فِي قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ يَخْتَارُ ثَلَاثَ مِرَارٍ وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ وَهُوَ عِنْدَ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا وَيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْبَيْعِ مَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ أَنَّ قَوْلَهُ وَيَأْخُذَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَتَفَرَّقَا وَتَقْدِيرُ إدْخَالِ حَتَّى عَلَيْهِ مُمْكِنٌ لَكِنْ يَكُونُ مَدْلُولُهَا غَيْرَ مَدْلُولِهَا عِنْدَ الدُّخُولِ عَلَى قَوْلِهِ يَتَفَرَّقَا فَهِيَ فِي دُخُولِهَا عَلَى قَوْلِهِ يَتَفَرَّقَا لِلْغَايَةِ وَفِي دُخُولِهَا عَلَى قَوْلِهِ يَأْخُذَ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ إنَّ الْخِيَارَ ثَابِتٌ إلَى غَايَةِ التَّفَرُّقِ وَأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِهِ أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْبَيْعِ مَا هَوِيَ، وَإِذَا اخْتَلَفَ مَدْلُولُ حَتَّى تَعَذَّرَ عَطْفُ أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَيُقَدَّرُ لَهُ حِينَئِذٍ فِعْلٌ تَقْدِيرُهُ الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَأْخُذَ إلَى آخِرِهِ وَدَلَّ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ حَتَّى الدَّاخِلَةُ عَلَى قَوْلِهِ يَتَفَرَّقَا.
وَقَوْلُهُ (وَيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْبَيْعِ) أَيْ مِمَّا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ عَقْدُ الْبَيْعُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْمُثَمَّنِ فَالْبَائِعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْإِجَازَةِ فَيَأْخُذُ الثَّمَنَ. وَالْفَسْخَ فَيَأْخُذُ الْمُثَمَّنَ وَالْمُشْتَرِي بِعَكْسِهِ.
وَقَوْلُهُ (مَا هَوِيَ) بِكَسْرِ الْوَاوِ وَفِي لَفْظٍ آخَرَ لِلنَّسَائِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَيَأْخُذَ أَحَدُهُمَا مَا رَضِيَ مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ هَوِيَ) وَقَوْلُهُ (وَيَتَخَايَرَانِ ثَلَاثَ مِرَارٍ) نَدَبَ إلَى تَكْرِيرِ التَّخَايُرِ ثَلَاثَ مِرَارٍ؛ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لِلْقَلْبِ وَأَحْوَطُ وَهُوَ اسْتِحْبَابٌ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا نَعْلَمُ وَلَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ الْأَمْرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَدَّ ابْنُ حَزْمٍ حَدِيثَ سَمُرَةَ بِالْإِرْسَالِ فَإِنَّ الْحَسَنَ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ إلَّا حَدِيثَ الْعَقِيقَةِ، وَحَدِيثَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ بِأَنَّ هَمَّامًا لَمْ يُحَدِّثْ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ وَجَدَهَا فِي كِتَابِهِ وَلَمْ يَرْوِهَا وَلَا أَسْنَدَهَا وَقَدْ رَوَاهُ هَمَّامٌ مَرَّةً أُخْرَى فَتَرَك ذِكْرَهَا قَالَ: وَلَوْ ثَبَتَ هَمَّامٌ عَلَيْهَا أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الثِّقَاتِ لَقُلْنَا بِهَا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ.
[بَابُ الْحَوَالَةِ]
[حَدِيث مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ]
(بَابُ الْحَوَالَةِ)(الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ) عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَطْلُ
ظُلْمٌ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّ مِنْ الظُّلْمِ» فَذَكَرَهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ «وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ» ..
ــ
[طرح التثريب]
الْغَنِيِّ ظُلْمٌ، وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (إنَّ مِنْ الظُّلْمِ) فَذَكَرَهُ.
(فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الْأُولَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ (وَإِذَا أُحِيلَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَحْتَلْ) أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ وَعِيسَى بْنِ يُونُسَ كِلَاهُمَا عَنْ مَعْمَرٍ وَأَحَالَ بِهِ عَلَى الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ فَقَالَ إنَّهُ مِثْلُهُ وَلَفْظُهُ عِنْدَ الْبَيْهَقِيّ «إنَّ مِنْ الظُّلْمِ مَطْلُ الْغَنِيِّ وَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِيءٍ فَلْيَتْبَعْ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى فَقَطْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ مَعْمَرٍ.
(الثَّانِيَةُ) الْمَشْهُورُ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام (مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ) أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى الْفَاعِلِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْغَنِيِّ الْقَادِرِ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ أَنَّهُ يَمْطُلُ بِهِ وَيَمْتَنِعُ مِنْ قَضَائِهِ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِ بِخِلَافِ الْعَاجِزِ عَنْ الْوَفَاءِ فَإِنَّهُ غَيْرُ ظَالِمٍ بِالِامْتِنَاعِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجِبُ وَفَاءُ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقُّهُ غَنِيًّا غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فَمِنْ طَرِيقِ الْأَوْلَى وُجُوبُ وَفَائِهِ فِيمَا إذَا كَانَ مُسْتَحِقُّهُ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فَهُوَ مِنْ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ هُوَ مِنْ مَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ. وَقَالَ وَالِدِي فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ إنَّ هَذَا الثَّانِي تَعَسُّفٌ وَتَكَلُّفٌ.
(الثَّالِثَةُ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغِنَى الْقُدْرَةُ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَبِضِدِّهِ الْعَجْزُ عَنْ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ غَنِيًّا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الْأَدَاءِ لِغَيْبَةِ الْمَالِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ