الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
هَذَا الْوَجْهِ، الْبُخَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ، وَهُوَ ابْنُ يَحْيَى الذُّهْلِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ نَافِعٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي، وَأَمَتِي كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَكُلُّ نِسَائِكُمْ إمَاءُ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ غُلَامِي وَجَارِيَتِي وَفَتَايَ وَفَتَاتِي» ، وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي فَإِنَّ كُلُّكُمْ عَبِيدُ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَقُلْ فَتَايَ وَلَا يَقُلْ أَحَدُكُمْ مَوْلَايَ فَإِنَّ مَوْلَاكُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ لِيَقُلْ سَيِّدِي» ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ عَبْدِي وَأَمَتِي وَلَا الْمَوْلَى رَبِّي وَرَبَّتِي وَلَكِنْ لِيَقُلْ الْمَالِكُ فَتَايَ وَفَتَاتِي وَالْمَمْلُوكُ سَيِّدِي وَسَيِّدَتِي فَإِنَّكُمْ الْمَمْلُوكُونَ وَالرَّبُّ اللَّهُ» .
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ نَهْيُ الْمَمْلُوكِ أَنْ يَقُولَ لِسَيِّدِهِ رَبٍّ وَكَذَلِكَ نَهْيُ غَيْرِهِ فَلَا يَقُلْ أَحَدٌ لِلْمَمْلُوكِ رَبَّك وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ قَدْ يَقُولُ اسْقِ رَبَّك فَيَضَعُ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ لِنَفْسِهِ بَلْ هَذَا أَوْلَى بِالنَّهْيِ مِنْ قَوْلِ الْعَبْدِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ ذَلِكَ عَنْ السَّيِّدِ وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ أَنَّ الرُّبُوبِيَّةَ حَقِيقَتُهَا لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الرَّبَّ هُوَ الْمَالِكُ أَوْ الْقَائِمُ بِالشَّيْءِ وَلَا يُوجَدُ هَذَا حَقِيقَةً إلَّا فِي اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ السَّيِّدِ يُوسُفَ عليه السلام {اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ} [يوسف: 42] وَ {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوسف: 50]{إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف: 23] وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أَشْرَاطِ السَّاعَةِ «أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا أَوْ رَبَّهَا.» قُلْت أُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِجَوَابَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ الثَّانِيَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَأَنَّ النَّهْيَ فِي الْأَوَّلِ لِلْأَدَبِ وَالتَّنْزِيهِ دُونَ التَّحْرِيمِ. (ثَانِيهِمَا) أَنَّ الْمُرَادَ النَّهْيُ عَنْ الْإِكْثَارِ مِنْ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَاِتِّخَاذِهَا عَادَةً شَائِعَةً، وَلَمْ يَنْهَ عَنْ إطْلَاقِهَا فِي نَادِرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْجَوَابَ الثَّانِيَ.
(الثَّالِثَةُ) ذِكْرُ السَّقْيِ وَالْإِطْعَامِ وَالْوُضُوءِ أَمْثِلَةٌ وَالْمَقْصُودُ بِالنَّهْيِ اسْتِعْمَالُ لَفْظِ الرَّبِّ وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ لِغَلَبَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الْمُخَاطَبَاتِ وَيَجُوزُ فِي هَمْزَةِ اسْقِ الْوَصْلُ وَالْقَطْعُ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ ثُلَاثِيًّا وَرُبَاعِيًّا.
[فَائِدَة قَوْلَ الْمَمْلُوكُ عَنْ مَالِكِهِ سَيِّدِي]
1
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَقُولَ الْمَمْلُوكُ عَنْ مَالِكِهِ سَيِّدِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَفْظَةَ السَّيِّدِ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
بِاَللَّهِ تَعَالَى اخْتِصَاصَ الرَّبِّ، وَلَا مُسْتَعْمَلَةٍ فِيهِ كَاسْتِعْمَالِهَا حَتَّى نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ كَرِهَ الدُّعَاءَ بِسَيِّدِي وَلَمْ يَأْتِ تَسْمِيَتُهُ تَعَالَى بِالسَّيِّدِ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي حَدِيثٍ مُتَوَاتِرٍ، وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» وَقَالَ «قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ يَعْنِي سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ» وَقَالَ «اسْمَعُوا مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ يَعْنِي سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ» قَالَ النَّوَوِيُّ: فَلَيْسَ فِي قَوْلِ الْعَبْدِ سَيِّدِي إشْكَالٌ وَلَا لَبْسٌ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ غَيْرُ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: إنَّمَا فَرَّقَ بَيْنَ الرَّبِّ وَالسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الرَّبَّ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى بِالِاتِّفَاقِ وَاخْتُلِفَ فِي السَّيِّدِ هَلْ هُوَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَمْ لَا؟ . فَإِذَا قُلْنَا: لَيْسَ مِنْ أَسْمَائِهِ فَالْفَرْقُ وَاضِحٌ إذْ لَا الْتِبَاسَ وَلَا إشْكَالَ يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ كَمَا يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِ الرَّبِّ. وَإِذَا قُلْنَا: إنَّهُ مِنْ أَسْمَائِهِ فَلَيْسَ فِي الشُّهْرَةِ وَالِاسْتِعْمَالِ كَلَفْظِ الرَّبِّ فَيَحْصُلُ الْفَرْقُ بِذَلِكَ، وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ اللُّغَةُ فَالرَّبُّ مَأْخُوذٌ مِنْ " رَبَّ الشَّيْءَ وَالْوَلَدَ يُرَبِّهِ وَرَبَّاهُ يُرَبِّيهِ إذَا قَامَ عَلَيْهِ بِمَا يُصْلِحُهُ وَيُكْمِلُهُ فَهُوَ رَبٌّ وَرَابٌّ " وَالسَّيِّدُ مِنْ السُّؤْدُدِ وَهُوَ التَّقَدُّمُ يُقَالُ سَادَ قَوْمَهُ إذَا تَقَدَّمَهُمْ وَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِ السَّيِّدِ عَلَى غُلَامِهِ فَلَمَّا حَصَلَ الِافْتِرَاقُ جَازَ الْإِطْلَاقُ. انْتَهَى.
(الْخَامِسَةُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقَوْلِهِ مَوْلَايَ أَيْضًا وَيُعَارِضُهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ النَّهْيِ عَنْهُ، وَقَدْ بَيَّنَ مُسْلِمٌ رحمه الله الِاخْتِلَافَ فِي ذَلِكَ عَلَى الْأَعْمَشِ، وَأَنَّ أَبَا مُعَاوِيَةَ وَوَكِيعًا ذَكَرَاهَا عَنْ الْأَعْمَشِ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ لَمْ يَذْكُرْهَا عَنْهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: وَحَذْفُهَا أَصَحُّ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ: رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ مَشْهُورَةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِيهَا فَظَهَرَ أَنَّ اللَّفْظَ الْأَوَّلَ أَرْجَحُ، وَإِنَّمَا صِرْنَا لِلتَّرْجِيحِ لِلتَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا، وَالْجَمْعُ مُتَعَذِّرٌ وَالْعِلْمُ بِالتَّارِيخِ مَفْقُودٌ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا التَّرْجِيحُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ. انْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَوْجِيهِهِ جَوَازَ ذَلِكَ: أَنَّ الْمَوْلَى يَقَعُ عَلَى سِتَّةَ عَشَرَ مَعْنًى سَبَقَ بَيَانُهَا مِنْهَا النَّاظِرُ وَالْمَالِكُ (قُلْت) وَقَدْ رَأَيْت مِنْ شُيُوخِنَا مَنْ يَتَوَقَّفُ فِي التَّقْرِيظِ وَتَعْظِيمِ الْأَقْرَانِ فِي كِتَابَةِ سَيِّدِنَا وَيَكْتُبُ مَوْلَانَا وَسَبَبُهُ أَنَّ السَّيِّدَ وَصْفُ تَرَجُّحٍ بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا الْمَوْلَى فَقَدْ يُطْلَقُ خَالِيًا عَنْ الرُّجْحَانِ كَمَا فِي الْعَتِيقِ وَنَحْوِهِ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ مَوْلَايَ أَسْهَلُ، وَأَقْرَبُ إلَى عَدَمِ الْكَرَاهَةِ مِنْ سَيِّدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ فَإِنْ