الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ اسْتِحْبَابُ الْوَصِيَّةِ لِمَنْ لَهُ مَالٌ مُطْلَقًا.
[فَائِدَة الْوَصِيَّةِ بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ]
(الْخَامِسَةُ) هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ حَمْلِ الْأَمْرِ بِالْوَصِيَّةِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ هُوَ فِي غَيْرِ الْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ أَمَّا إذَا كَانَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَدِيعَةٌ أَوْ فِي ذِمَّتِهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ دَيْنٍ لِآدَمِيٍّ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ كَانَ الْحَدِيثُ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى هَذَا النَّوْعِ وَوَقَعَ فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَصَايَا أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ فِي رَدِّ الْمَظَالِمِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَنْفِيذِ الْوَصَايَا وَأُمُورِ الْأَطْفَالِ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كَلَامِهِ وَكَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ وَحَمَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمَظَالِمِ وَقَضَاءِ الدُّيُونِ عَلَى مَا إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَيْهِمَا فِي الْحَالِ فَإِنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْهُمَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُوصِيَ بِهِمَا وَعِنْدِي أَنَّ الِاسْتِحْبَابَ الَّذِي فِي كَلَامِ الرَّافِعِيِّ هُنَا إنَّمَا مَرْجِعُهُ إلَى تَعْيِينِ شَخْصٍ يُسْنَدُ تَعَاطِي ذَلِكَ إلَيْهِ فَأَمَّا الْإِعْلَامُ بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ إشْهَادٌ مُتَقَدِّمٌ فَهُوَ وَاجِبٌ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُخَالِفُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّادِسَةُ) هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ وُجُوبِ الْوَصِيَّةِ بِالْحُقُوقِ الْوَاجِبَةِ مَحِلُّهُ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ فَأَمَّا إذَا عَلِمَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَا تَجِبُ كَذَا عَبَّرَ بِهِ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُرَادُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ مَنْ يَثْبُتُ بِقَوْلِهِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ إخْرَاجَ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي عِلْمُهُمْ مَعَ دُخُولِهِمْ فِي تَعْبِيرِ الرَّافِعِيِّ قَالَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْإِسْنَوِيُّ: وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ أَيْضًا فَإِنَّ قَوْلَ الْوَرَثَةِ كَافٍ فِي الثُّبُوتِ مَعَ أَنَّ الْمُتَّجَهَ أَنَّ عِلْمَهُمْ لَا يَكْفِي لِأَنَّهُمْ الْغُرَمَاءُ فَلَا بُدَّ مِنْ حُجَّةٍ تَقُومُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ إنْكَارِهِمْ.
قَالَ: وَأَيْضًا فَإِنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي فَإِنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِ وَحْدَهُ فَلَا نِزَاعَ لَكِنَّ الْقِيَاسَ يُخْرِجُهُ عَلَى مَا إذَا وَكَّلَهُ فِي قَضَاءِ دِينِهِ فَقَضَاهُ بِحَضْرَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ وَالصَّحِيحُ فِيهِ الِاكْتِفَاءُ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يَضْمَنَ الْوَكِيلُ عِنْدَ إنْكَارِ الْقَابِضِ وَدَعْوَاهُ عِنْدَ قَاضٍ لَا يَرَى الْحُكْمَ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ. قَالَ: وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَكِيلَ الْمَذْكُورَ لَوْ أَشْهَدَ عَلَى الْأَدَاءِ رَجُلَيْنِ ظَاهِرُهُمَا الْعَدَالَةُ فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ كَافٍ أَيْضًا فِي عَدَمِ الضَّمَانِ، وَقِيَاسُهُ أَنْ يَكُونَ هُنَا مِثْلُهُ أَيْضًا مَعَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَتِهِمَا فَهُوَ وَارِدٌ عَلَيْهِ. انْتَهَى.
[فَائِدَة هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى]
1
(السَّابِعَةُ)
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قَالَ سَأَلْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي أَوْفَى هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْصَى فَقَالَ لَا، فَقُلْت كَيْفَ كَتَبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةَ أَوْ أُمِرُوا بِالْوَصِيَّةِ قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ» فَذَكَرَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يُوصِ فَلَمَّا أَوْرَدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَيْفَ تَرَكَ الْوَصِيَّةَ وَهُوَ مَأْمُورٌ بِهَا أَجَابَ بِأَنَّهُ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ فَعَلِمَ أَنَّهُ أَرَادَ أَوَّلًا وَصِيَّةً خَاصَّةً وَهِيَ إمَّا وَصِيَّتُهُ فِي أَمْرِ الْأَمْوَالِ، وَإِمَّا وَصِيَّتُهُ لِعَلِيٍّ بِالْخِلَافَةِ كَمَا ادَّعَتْهُ الشِّيعَةُ، وَقَدْ أَنْكَرَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ لَمَّا ذَكَرُوا عِنْدَهَا أَنَّ عَلِيًّا كَانَ وَصِيًّا فَقَالَتْ مَتَى أَوْصَى إلَيْهِ، وَقَدْ كُنْت مُسْنِدَتُهُ إلَى صَدْرِي فَدَعَا بِالطَّسْتِ فَلَقَدْ انْخَنَثَ فِي حِجْرِي فَمَا شَعَرْت بِهِ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ، فَمَتَى أَوْصَى إلَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ، وَقَدْ أَوْصَى بِأُمُورٍ.
(مِنْهَا) أَنَّهُ كَانَتْ عَامَّةُ وَصِيَّتِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ «الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» . وَ (مِنْهَا)«أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ وَأَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ» وَأَمَّا الْأَمْوَالُ «فَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُبْقِي عَلَى مَالٍ مِنْ النُّقُودِ وَالْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَنَحْوِهَا حَتَّى يُوصِيَ فِيهِ بَلْ كَانَ يُؤْثِرُ بِمَا يَمْلِكُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَمَا كَانَ عَلَى مِلْكِهِ مِنْ الْأَرْضِ وَنَحْوِهَا فَقَدْ وَقَفَهُ» وَأَعْلَمَ بِأَنَّهُ لَا يُوَرَّثُ وَأَنَّ جَمِيعَ أَمْوَالِهِ صَدَقَةٌ فَفِي.
صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ خَتْنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخِي جُوَيْرَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ رضي الله عنهما قَالَ «مَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ مَوْتِهِ دِرْهَمًا وَلَا دِينَارًا وَلَا عَبْدًا وَلَا أَمَةً وَلَا شَيْئًا إلَّا بَغْلَتَهُ الْبَيْضَاءَ وَسِلَاحَهُ وَأَرْضًا جَعَلَهَا صَدَقَةً» . وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَصِيَّةِ أَنْ تَكُونَ فِي الْمَرَضِ بَلْ الْقَوِيُّ الِاسْتِعْدَادِ يُوصِي بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الصِّحَّةِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي الْمَرَضِ إلَى تَجْدِيدِ وَصِيَّةٍ، وَقَدْ كَانَ وَالِدِي رحمه الله يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَمْ يَحْتَجْ فِي مَرَضِهِ إلَى تَجْدِيدِ وَصِيَّةٍ بِشَيْءٍ أَصْلًا فَكَيْفَ بِمَنْ هُوَ أَعْلَى رُتْبَةً مِنْهُ مِنْ صُلَحَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَعُلَمَائِهِمْ وَسَلَفِهِمْ الْأَوَّلِ فَكَيْفَ بِالسَّيِّدِ الْكَامِلِ الْمُفَضَّلِ عَلَى جَمِيعِ الْخَلْقِ صلى الله عليه وسلم فَإِنْ قُلْت قَدْ «تُوُفِّيَ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِيَهُودِيٍّ» فَكَيْفَ لَمْ يُوصِ بِهِ، وَقَدْ قَرَّرْتُمْ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالدُّيُونِ وَاجِبَةٌ (قُلْت)«كَانَتْ دِرْعُهُ عليه الصلاة والسلام مَرْهُونَةً عِنْدَ ذَلِكَ الْيَهُودِيِّ» فَكَانَ الرَّهْنُ حُجَّةً لِلْيَهُودِيِّ، وَلَمْ يَحْتَجْ لِلْوَصِيَّةِ بِهِ مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا بِهِ فَقَدْ عَلِمَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَلِهَذَا أَخْبَرَتْ بِهِ عَائِشَةُ