الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ» زَادَ مُسْلِمٌ «إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ
ــ
[طرح التثريب]
رَوَى ضَارِي بِالْيَاءِ وَضَارٍ بِحَذْفِهَا وَضَارِيَا فَالْأَوَّلُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَاشِيَتِهِ، وَيَكُونُ مِنْ إضَافَةِ الْمَوْصُوفِ إلَى صِفَتِهِ كَمَاءِ الْبَارِدِ، وَمَسْجِدِ الْجَامِعِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ} [القصص: 44] وَ (كَدَارِ الْآخِرَةِ) وَيَكُونُ ثُبُوتُ الْيَاءِ فِي ضَارِي عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ فِي إثْبَاتِهَا فِي الْمَنْقُوصِ مِنْ غَيْرِ أَلْفٍ وَلَامٍ، وَالْمَشْهُورُ حَذْفُهَا وَقِيلَ إنَّ لَفْظَةَ ضَارٍ هُنَا لِلرَّجُلِ الصَّائِدِ صَاحِبِ الْكِلَابِ الْمُعْتَادِ لِلصَّيْدِ فَسَمَّاهُ ضَارِيًا اسْتِعَارَةً كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَائِدٍ وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ «إلَّا كَلْبَ ضَارِيَةٍ» . وَتَقْدِيرُهُ إلَّا كَلْبَ ذِي كِلَابٍ ضَارِيَةٍ وَالضَّارِي هُوَ الْمُعَلَّمُ لِلصَّيْدِ الْمُعْتَادِ لَهُ يُقَالُ مِنْهُ ضَرَى الْكَلْبُ يَضْرِي كَشَرِبَ يَشْرَبُ ضَرًا وَضَرَاوَةً وَأَضْرَاهُ صَاحِبُهُ أَيْ عَوَّدَهُ ذَلِكَ، وَقَدْ ضَرَّى بِالصَّيْدِ إذَا لَهِجَ بِهِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ رضي الله عنه إنَّ لِلَّحْمِ ضَرَاوَةً كَضَرَاوَةِ الْخَمْرِ.
[حَدِيث الْأَمَرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ]
(الْحَدِيثُ الثَّانِي) وَعَنْهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِزِيَادَةٍ «فَأَرْسَلَ فِي أَقْطَارِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُقْتَلَ» ، وَمِنْ طَرِيقِ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ بِزِيَادَةٍ «فَتَتَبَّعْت فِي الْمَدِينَةِ وَأَطْرَافِهَا فَلَا نَدَعُ كَلْبًا إلَّا قَتَلْنَاهُ حَتَّى إنَّا لَنَقْتُلُ كَلْبَ الْمُرِّيَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ يَتْبَعُهَا كُلُّهُمْ» عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ مَاشِيَةٍ فَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ إنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إنَّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ زَرْعًا» لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَمْ يَذْكُرْ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ قَوْلَهُ «أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ» وَلَمْ يَذْكُرْ النَّسَائِيّ قِصَّةَ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(الثَّانِيَةُ) فِيهِ الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، وَهِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
(أَحَدُهَا) : الْكَلْبُ الْعَقُورُ وَالْكَلْبُ قَدْ أَجْمَعَ
يَقُولُ أَوْ كَلْبَ زَرْعٍ فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ إنَّ لِأَبِي هُرَيْرَةَ زَرْعًا» وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْكِلَابِ وَفِيهِ ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْلِهَا» وَقَالَ «عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» ، وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ «أَمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلَابِ ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ، وَكَلْبِ الْغَنَمِ» زَادَ فِي رِوَايَةٍ «وَالزَّرْعِ» .
ــ
[طرح التثريب]
الْعُلَمَاءُ عَلَى قَتْلِهِ.
(الثَّانِي) مَا يُبَاحُ اقْتِنَاؤُهُ لِلْمَنَافِعِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى مَنْعِ قَتْلِهِ. وَ (الثَّالِثُ) مَا عَدَا هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهَا) قَتْلُهَا مُطْلَقًا تَمَسُّكًا بِهَذَا الْحَدِيثِ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قَدْ عَمِلَ أَبُو بَكْرٍ وَابْنُ عُمَرَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ فَصَارَ ذَلِكَ سُنَّةً مَعْمُولًا بِهَا عِنْدَ الْخُلَفَاءِ لَمْ يَنْسَخْهَا عِنْدَ مَنْ عَمِلَ بِهَا خَبَرٌ.
(الْقَوْلُ الثَّانِي) الْمَنْعُ مِنْ قَتْلِهَا وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ إبَاحَةُ اتِّخَاذِهَا لِمَنَافِعَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ «أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَتْلِ الْكِلَابِ ثُمَّ قَالَ مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلَابِ؟ ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ، وَكَلْبِ الْغَنَمِ» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «وَرَخَّصَ فِي كَلْبِ الْغَنَمِ وَالصَّيْدِ وَالزَّرْعِ» وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ كَمَا جَزَمَ بِهِ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَطْعِمَةِ وَالنَّوَوِيُّ فِي الْبَيْعِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَزَادَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا. قَالَ: وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: الْأَمْرُ بِقَتْلِ الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ كُلُّهُ مَنْسُوخٌ فَلَا يَحِلُّ قَتْلُ شَيْءٍ مِنْهَا الْيَوْمَ لَا الْأَسْوَدِ وَلَا غَيْرِهِ إلَّا الْكَلْبَ الْعَقُورَ لَكِنْ قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الْحَجِّ: إنَّ قَتْلَهَا مَكْرُوهٌ، وَذَكَرَ النَّوَوِيُّ أَنَّ مُرَادَهُ كَرَاهَةُ التَّنْزِيهِ، وَذَكَرَ الرَّافِعِيُّ فِي الْغَصْبِ وَالنَّوَوِيُّ فِي التَّيَمُّمِ أَنَّهَا غَيْرُ مُحْتَرَمَةٍ وَزَعَمَ