الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
يُرِدْ بِهِ حُبَّ الطَّبْعِ بَلْ أَرَادَ بِهِ حُبَّ الِاخْتِيَارِ؛ لِأَنَّ حُبَّ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ طَبْعٌ وَلَا سَبِيلَ إلَى قَلْبِهِ قَالَ فَمَعْنَاهُ لَا تَصْدُقُ فِي حُبِّي حَتَّى تُفْنِيَ فِي طَاعَتِي نَفْسَك وَتُؤْثِرَ رِضَايَ عَلَى هَوَاك، وَإِنْ كَانَ فِيهِ هَلَاكُك.
(الرَّابِعَةُ) اسْتَنْبَطَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ لَهُ عليه الصلاة والسلام أَنْ يَأْخُذَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ مَالِكِهِمَا الْمُحْتَاجِ إلَيْهِمَا إذَا احْتَاجَ عليه الصلاة والسلام إلَيْهِمَا وَعَلَى صَاحِبِهِمَا الْبَذْلُ وَيُفْدِي بِمُهْجَتِهِ مُهْجَةَ رَسُولِ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام وَأَنَّهُ لَوْ قَصَدَهُ عليه الصلاة والسلام ظَالِمٌ وَجَبَ عَلَى مَنْ حَضَرَهُ أَنْ يَبْذُلَ نَفْسَهُ دُونَهُ، وَهُوَ اسْتِنْبَاطٌ وَاضِحٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَظِّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَا هُوَ عَلَيْهِ فَقَالَ: أَيُّكُمْ مَا تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيْعَةً فَادْعُونِي فَأَنَا وَلِيُّهُ وَتَرَكَ حَظَّهُ فَقَالَ: «وَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ مَالًا فَلْيُوَرَّثْ عَصَبَتُهُ مَنْ كَانَ» .
[فَائِدَة تَرَكَ أَوْلَادًا أَوْ عِيَالًا ذَوِي ضَيَاع أَيْ لَا شَيْءَ لَهُمْ]
1
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهُ فَأَيُّكُمْ مَا تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضَيْعَةً لَفْظَةُ " مَا " زَائِدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ وَالضَّيْعَةُ بِفَتْحِ الضَّادِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ تَحْتُ بَعْدَهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى ضَيَاعًا بِفَتْحِ الضَّادِ وَالْمُرَادُ بِهِمَا هُنَا عِيَالٌ مُحْتَاجُونَ ضَائِعُونَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الضَّيَاعُ وَالضَّيْعَةُ هُنَا وَصْفٌ لِوَرَثَةِ الْمَيِّتِ بِالْمَصْدَرِ أَيْ تَرَكَ أَوْلَادًا أَوْ عِيَالًا ذَوِي ضَيَاعٍ أَيْ لَا شَيْءَ لَهُمْ وَالضَّيَاعُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ مَا ضَاعَ وَجُعِلَ اسْمًا لِكُلِّ مَا يَعْرِضُ لَلضَّيَاعِ، وَكَذَا قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى «كَلًّا» وَهُوَ بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْعِيَالُ، وَأَصْلُهُ الثِّقَلُ.
(السَّادِسَةُ) قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ أَزَالَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْآيَةِ أَحْكَامًا كَانَتْ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ.
(مِنْهَا) أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُصَلِّي عَلَى مَيِّتٍ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ «أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَنْ تَرَكَ مَالًا فَلِوَرَثَتِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْنًا أَوْ ضِيَاعًا فَعَلَيَّ أَنَا وَلِيُّهُ اقْرَءُوا إنْ شِئْتُمْ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: 6] » . انْتَهَى.
وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ مِنْ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا «أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام فَعَلَ ذَلِكَ حِينَ فَتَحَ الْفُتُوحَ وَاتِّسَاعِ الْأَمْوَالِ» وَكَيْفَ كَانَ فَهَذَا الْحُكْمُ وَهُوَ «امْتِنَاعُهُ عليه الصلاة والسلام مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ» مَنْسُوخٌ بِلَا شَكٍّ فَصَارَ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَيُوَفِّي دَيْنَهُ كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَهَلْ كَانَ ذَلِكَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ أَمْ لَا فِيهِ خِلَافٌ لِأَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الرُّويَانِيُّ